يبدو اليوم أن وجودها في السينما الإيرانية بات غير مرغوب فيه، ليس من
جماهير المتفرجين بالطبع بل من قبل من ينصَب نفسه وصياً عليهم وعلى أذواقهم
ومداركهم. هي الممثلة التي يحبها كل أفراد العائلة في إيران. متنوعة في
أدوارها، عملت مع كبار المخرجين الإيرانيين كما مع مخرجي السينما التجارية.
شاركت في أكثر من خمسين فيلماً خلال ثلاثين عاماً. صورها كانت تتصدر
إعلانات الأفلام في شوارع طهران، لكن دوام الحال...
منذ ثلاثة أشهر، مثُلت أمام المحكمة في قضية مراجعة تاريخها الفني، في
عملية نبش
كل ما «لا يلائم» منه. لم تكن المرة الأولى. هذا النوع من المحاكمات تعرضت
له فاطمة
معتمد آريا أيضاً قبل ستة عشر عاماً، حينها منعت من التمثيل. فقررت مغادرة
إيران
وبقيت أشهراً عدة في باريس قبل أن تعود إلى بلدها مع انتخاب
خاتمي رئيساً. منذ ذلك
الحين نعمت بتواجد سينمائي حافل على شاشات وطنها إلى أن عاودت المضايقات
ظهورها بعد
الانتخابات الرئاسية 2009 وبعد أن جهرت بتأييدها لمرشح الإصلاحيين مير
موسوي ولبست
الإسوارة الخضراء في مهرجان كان. توالت المضايقات، منعت فترة من السفر، ثم
ومنذ عام
لا يسمح لها بالظهور «الفني»، ليس ثمة «قانون» ما يمنعها من التمثيل، لكن
أفلامها
لا تعرض بحكم «عرف» ما. هي لا تجد بداً من الانتظار، انتظار
قرار شفهي يلغي آخر.
فاطمة معتمد داريا كانت في باريس، التقيناها لنسألها عن كل ما سمعناه
بشأنها،
هنا في العاصمة الفرنسية التي تتحول إلى صالة انتظار للسينمائيين
الإيرانيين.
·
في لقائنا الذي مضت عليه ثلاث
سنوات في طهران، كنت في أوج العطاء، الآن ثمة
متغيرات... ما الذي حدث؟
- (مبتسمة) أشياء كثيرة! كنت أمثل حينها في «طهي»، وهو مسلسل
تلفزيوني نال
نجاحاً وافراً. ثم طرأ من الأمور السياسية ما جعلني في حال من عدم التوازن
في عملي.
العمل السينمائي الذي طالما كنت أرغب في
ممارسته لم يعد متاحاً... تغير الناس في
«الإرشاد»
(وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي)، وبات من العسير التعامل مع القادمين
الجدد. كان عليّ البدء من جديد والتعريف بنفسي وشرح من أنا؟ وكان من الصعب،
بعد
ثلاثين عاماً من العمل السينمائي، الرجوع إلى البدايات من
جديد. حاولت أن أجد ما
يحقق لي التوازن في عملي وحياتي، البحث في العلاقة التي تربطني بعملي...
فكان
المخرج بالعمل في المسرح، المسرح هو الأساس الذي انطلقت منه. مثلت في مسرح
تجديدي
خلال سنتين، ثم في السنة الماضية عدت إلى السينما في فيلمين ينتميان إلى
نوعين من
السينما مختلفين.
رؤى جديدة للمرأة
·
مختلفان بالنسبة للشكل أم
المضمون؟ من أخرجهما وما قصتهما؟
-
أحدهما «هنا، بدوني»، عن امرأة عاملة. قصته مأخوذة عن مسرحية
لتينسي وليامز
أخرجها بهرام توكلي. والعمل الثاني عن امرأة متدينة وعازبة. الاثنان
يتمحوران حول
المرأة ولكن الأول ينتمي إلى السينما الواقعية، علاقة أم عاملة مع ولديها
ومع مشاكل
الحياة. فيما يقدم الثاني «باريناز» الذي أخرجه بهرام
بهراميان، نظرة أو فكرة خاصة
حول الحياة. هما مخرجان شابان يعملان لطرح رؤاهما بوسائل جديدة.
·
ثمة العديد من المشاكل التي
سببها لك هذان العملان!.
-
لم يسمحوا في الفيلم الأول «هنا، بدوني» بوضع صورتي في
الإعلانات، ولا أن أعرض
وجهي في دعايات التلفزيون وأحـرقت اللافـتات الدعـائية التـي عليها صورتي
علـى
الـطـريق السريع. أمـا الفـيلم الثاني فمـنـع خـلال عام كامل ورفضوا برمجته
في
مهرجان فجر الحالي (الدورة الثلاثين التي تعقد حالياً في طهران).
·
ولكن، لم كل هذا؟ وأنت كما نعرف
الممثلة المحبوبة من الجميع؟
- «
ثمة مشكلة أساسية ضخمة في الفيلم» هكذا أعلنوا. ربما لأنه
يتطرق للدين،
للمرأة وعلاقتها مع الدين، لاسيما تلك التي تلبس التشادور وتضع الحجاب، فلا
يجب
إظهار أنه يمكن لهذا النوع من النساء أن يكنّ سيئات. إذ ماذا سيظن حينها
الآخرون عن
ديننا؟! إنها امراة مؤمنة مهووسة بالنظافة، حين تجلس يجب أن تضع على المكان
قطعة
قماش نظيفة. لديها وسواس، وهم لا يرغبون في وجود أدنى وسواس
لدى النساء المتديّنات.
أيضاً هي انسانة جلفة لا تتكلم بأسلوب فرح أو لطيف مع الناس، غير محبوبة
تعامل ابنة
أختها، وهي ابنة حرام، معاملة قاسية وثمة الكثير من الجدال والخصام بينهما.
إنما هي
تندم في نهاية الفيلم على ما حصل للفتاة وتدرك خطأها.
·
تبدو النهاية ملائمة!
-
كانت بناء على طلبهم، نفذناها إنما لم ينفع هذا في رفع المنع
عن الفيلم.
·
ولماذا أحرقت صورك في الإعلانات؟
وأنت التي كنا نراك في إعلانات الأفلام في
كل مكان في طهران؟ ما سر هذا التغيير؟
-
لا يريدون أن أكون «نموذجاً» لأحد، ولا يرغبون لصورتي أن تظهر
من جديد. يعود
الأمر لأسباب سياسية، إنهم يهتمون بالموقف السياسي وليس الثقافي. ويجب أن
نشرح
للقوى السياسية الجديدة بأننا لسنا سياسيين ولكن فنانين.
·
ربما يعود هذا إلى موقفك من
الانتخابات الرئاسية؟
-
استدعوني إلى احد المكاتب. وسألتهم لما أنا بالذات؟ّ! لقد كنت
أعمل بإخلاص
وطرحت أفكاراً جديدة في عملي. أجابوا بأنهم لا يرغبون بتركي كي أكون ما
أريد وأفعل
ما أشاء، وأن ثمة اتفاقاً يجب أن يعقد بيننا وأن عليَ الحذر أثناء الكلام
داخل
إيران وخارجها. قالوا «لا نهتم بالآخرين بل بك». وأضافوا بأنني
«نموذج» ويمكن أن
اكون القدوة للجيل الجديد. وأخبرتهم أنهم مخطئون فلست نموذجاً يحتذى للجيل
الجديد.
لأنني لم أغير شكلي ولم أجر أي عملية تجميل
ولا طليت شعري بشتى الألوان... إن قدوة
الجيل الجديد هن مغنيات تركيا والعالم العربي وكل ما يراه
الإيراني في الفضائيات
وليست أنا التي لاشيء لديها ولو صغير يجعلها نموذجاً. وتحديتهم بأن يجدوا
واحدة
مثلي في شكلها البسيط. فردّوا أنهم يعرفون هذا وهو ليس مهماً لهم ولكن ما
يهمهم
العقلية والأفكار.
جابهتني مشاكل عديدة قاسية، لا أود الحديث عنها. ولكنني لا أرغب بعد
ثلاثين سنة
من العمل السينمائي في أن يأتي شاب صفير ليقول لي ما علي فعله. لهذا السبب
لا أعمل
في السينما منذ عام ولكن في المسرح.
·
ألا يضايقونك في المسرح؟
-
أؤدي دوراً في مسرحية مستوحاة من الأساطير الإغريقية. لا
يتدخلون كثيراً في
المسرح ولا فيّ. للمسرح حدوده ولا يشاهده الكثير من الناس.
تباً للأسباب السياسية
·
لم تتركي إيران إذاً؟ لمَ أنت في
باريس؟
-
لا لم اتركها. أنا في باريس لاستلام جائزة تكريمية في مهرجان
فنسين جائزة «هنري
لانغلوا»، التي تمنح في العادة لكل من يسعى ليكون بارزاً في مجاله ويحاول
تطوير عمله والسمو به. نال الجائزة من قبل كيارستمي ورخشان بني
اعتماد وفي السنة
الماضية رومان بولانسكي. إنها المرة الأولى التي تمنح فيها لممثلة إيرانية،
كما أن
إيران هو البلد الوحيد الذي نال الجائزة ثلاث مرات.
·
أليس لهذا من وجهة نظرك علاقة
بالأحداث السياسية؟
-
أبغض الأسباب السياسية! وأمقت النظرة إلى الفن الآتية من خلفية
سياسية. لا
يتعلق الأمر بإيران وحدها بل إنه متواجد في العالم اجمع. أسعى باستمرار كي
ينظر
الآخرون نظرة نقية إلى الفن، نظرة فنية، ثقافية غير سياسية.
من جهة أخرى إنها لمسالة رائعة أن يحمي السينمائيون انفسهم ويتضامنون
في ما
بينهم. ولكن من المؤسف أن تكون الأفكار السياسية هي الدافع لاختيار الأعمال
السينمائية. حين كنت صغيرة سمعت أن يلماز غوناي، السينمائي التركي، فكر
بفيلم له في
السجن ثم قام مساعده بتحقيقه. كان يؤمن بأن الإنسان يستطيع العمل حتى في
السجن. كان
الفيلم جيداً حقاً ولكننا كنا دائماً نذكر أنه» الفيلم» الذي حققه مخرجه في
السجن.
على المهرجانات أن تفكر بالفن قبل السياسة. بمقدورهم بالطبع الـوقـوف
مع
الســيـنمائـيين علـى ألا يــقوموا باخــتيار أفـلام ســيئة خـدمة لهذا
الغرض.
لـقـد تسبب هذا التوجه في حـجـب الـسيـنما الأخـرى فـي إيران وهذا مؤسف
حقاً. وفي
اعتقادي أن قيامهم بذلك لا يساعد أحداً. بعضهم يقطن خارج إيران، نراه
عائداً فقط
لتصوير مشاهد من أفلام ذات توجه سياسي، والنتيجة سينما متدنية
المستوى حول المشاكل
في إيران، حول وضع المرأة... ثم يعرضون هذه الأعمال في الخارج كما لو كانت
سينما
ذات مستوى! هذا مثير للأسف.
·
لكن بعض من يقطن إيران يفعل هذا
أيضاً!.
-مع هؤلاء يختلف الوضع، إذ عليهم مواجهة ظروف عمل مختلفة، والاطلاع على
الكثير
من المسائل ومراعاة الأجواء كي يستطيعوا العمل في إيران. إن عليهم التحلي
بحد أدنى
من المعرفة ومن التدبير كي يتمكنوا من تحقيق أعمالهم.
·
ومتى ستعودين إلى إيران؟
-
بعد مهرجان برلين. أنا مدعوة كضيفة، دون أن يعرض لي فيلم فيه.
لقد طلبوا فيلم «باريناز»
لعرضه في أحد الأقسام ولكن لم نستطع إخراجه من إيران.
·
تستطيعين وضعه في قالب من الحلوى
كما فعل البعض!
- (مبتسمة) هذا شيء مضحك حقاً. لم يخرج فيلم باناهي في قالب
الحلوى كما صرحوا في
كان على ما أظن وإنما في مفتاح يو أس بي. لا أعرف من قال هذا!
·
وما هو وضع جعفر باناهي الآن في
إيران؟
-
إنه يعيش كأي شخص عادي، لكنه لا يمتلك جواز سفر. مثله في هذا
مثل العديدين في
إيران كبهمن فرمنارا ومجتبى تهماسب وبعض الشباب الذين يحققون أفلاماً
وثائقية...كل
هؤلاء لا جواز سفر لديهم.
·
ما هي نظرتك إلى السينما
الإيرانية الحالية؟
-
بدأت موجة جديدة في سينمانا. سنوات قبل الآن، ثمانية تقريباً،
كان شيء ما
يمور، الجيل القديم على درب المغادرة والجديد على طريق القدوم، كان ثمة
لقاء بين
الطريقين، جسر... الآن عبر الجيل الجديد وأنا جد متفائلة.
·
وكيف ترين الفرق بين الجيلين؟
-
كنا أكثر جدية في المواضيع التي نتناولها وكنا نظن أنه
بإمكاننا تغيير العالم.
هم أكثر بساطة منا. لا يحبذون معالجة كل القضايا في عمل واحد، يكتفون
بمسألة واحدة.
مثلاً، مثلت سابقاً في فيلم» مرة للجميع»
لسيروس الوند. إنه أحد أفضل الأفلام التي
مثلت فيها وقد نجح كثيراً حينها. كانت سينما بسيطة عن زوجين
ومشاكلهما التي تمنعهما
من العيش معاً. هو يريد الهجرة إلى اليابان للعمل وهي من جنوب إيران حيث
فقدت كل
عائلتها في الحرب. في فيلم كهذا تم التطرق إلى الحرب، مشاكل المجتمع،
الهجرة،
الظروف بعد الحرب، الهجرة من الريف إلى المدينة... كل هذه
القضايا في فيلم واحد «بسيط».
الآن نشهد سينما لا تحكي عن جملة قضايا دفعة واحدة كفيلم فرهادي «انفصال
نادر وسيمين» الذي ركز على قضية «الكذب». هذا يلقى نجاحاً كبيراً. هذا هو
الجيل
الجديد وأنا معجبة به.
·
أتشتاقين إلى السينما؟
-
جداً. جداً... أعشق السينما إنها «الشيء السحري» في حياتي.
مثلت في أكثر من
خمسين فيلماً... مع كل فيلم كنت أشعر بأنه عملي الأول. إنه سحر حياتي،
أفتقد اليوم
هذا السحر في حياتي.
الحياة اللندنية في
10/02/2012
خيري بشارة:
الجنوبي عاشق السينما، صاحب
الأقدار الدامية
القاهرة - أمل الجمل
من أصل جنوبي. قضى الأعوام الستة الأولى من طفولته في قرية سيدي سالم
في محافظة
كفر الشيخ حيث لا وجود للكهرباء، أو لوسائل اللهو والترفيه فارتبط بعلاقة
حميمة مع
الطبيعة بأضوائها وألوانها الثرية. معطيات الريف مثل «الكلوبات» ومصابيح
الكيروسين
المتوهجة في قلب القرى البعيدة تحولت إلى مؤثرات بصرية في أفلامه فيما بعد.
عندما
انتقل إلى القاهرة أقامت أسرته في حي شبرا الشعبي المتفجر
بالحياة والدفء، بالزخم
الإنساني، بالتراث الثقافي والديني المتنوع، فتشَّبع بالعالم المحيط به،
بمعاناة
الناس اليومية، بصخب الضجيج، والأجواء الفولكلورية. لا يزال يذكر المدرّس
العجوز
الذي كان ينتظره بشغف لكي يأتي إلى مقهى القرية، ويرسم على ورق
أبيض أشكالاً هندسية
جميلة ملونة. يستعيد واقعة اعتدائه بالسكين على حقيبة خاله كامل يوسف
ليُطالع ما
بها من مجلات أجنبية تعني في شؤون السينما والمسرح. وكيف صنع ثقباً في جدار
إحدى
الغرف، فتسلل منه ضوء باهر كان بداية الطريق لاكتشاف الفن
السابع. يعترف أنه سرق
بعض النقود من جده من أجل الذهاب إلى السينما وشراء بعض الكتب، وأن ذائقته
تفتحت
على التلفزيون والأفلام السينمائية.
الرحلة الطويلة
إنه المخرج خيري بشارة الذي وُلد في 30 حزيران (يونيو) 1947، وبدأ
عشقه للفن
السينمائي منذ صغره ما جعله يلتحق بالمعهد العالي للسينما في القاهرة والذي
تخرج
فيه عام 1967. قطع رحلة طويلة مع السينما المصرية بدأها بأفلام تسجيلية
تنبئ بمخرج
واعد. حصد الكثير من الجوائز. عندما انتقل إلى السينما
الروائية صار من أبرز أبناء
جيله، وأحد صناع الواقعية الجديدة في السينما المصرية.
عقب تخرجه عمل مساعداً للمخرج عباس كامل في «أنا الدكتور» 1967، ومع
توفيق صالح
في «يوميات نائب في الأرياف» 1969. سافر إلى وارسو عاصمة بولندا في منحة
تدريبية في
السينما لمدة عام ونصف العام. هناك التقى بشريكة حياته «مونيكا كووالتشيك»،
وعمل
مساعداً للإخراج بفيلم «في الصحراء والأحراش». عندما عاد إلى
مصر واصل العمل في
السينما كتابة وإخراجاً وتدريساً وتمثيلاً.
ينتمي خيري بشارة إلى جيل تربى على الأفكار الناصرية والاشتراكية، جيل
تفتح وعيه
على صدمة هزيمة 1967. جيل من المخرجين كان يُصارع لصنع فيلم في ظل تقنيات
متدنّية
تعوق طموحاته، مع ذلك أسس تياراً سينمائياً جديداً ومهماً في السينما
المصرية. منذ
أن خاض أولى تجاربه رفض خيري بشارة أن تكون أفلامه بوقاً
دعائياً، أراد لها أن تكون
سينما مغايرة تهتم بالناس، تنحاز للفقراء والمهمشين والمطحونين من دون أن
تُغفل
الجماليات وأدق التفاصيل الشاعرية التي ينظمها على وقع موسيقي بالغ
الدلالة. لم يكن
يشغله الموضوع بمقدار ما يشغله الإيقاع والضوء وأسلوب السرد
ورسم الشخصيات،
فالسينما في رأيه هي وسيلة ثقافية وطليعية.
في أعماله قد يبدو متشائماً، ويبدو الأسود أكثر حضوراً من الأبيض،
لكنه في
النهاية سعيد بها لأنه يُعبر فيها عن قناعاته، يرصد من خلالها الواقع كما
يراه
بعينيه، يمزج فيها الروائي بالتسجيلي. يقول: «أنا مدين للسينما التسجيلية
بكل
المخزون الهائل الذي أخذته معي للسينما الروائية، فجيلنا لم
يكن يقيم حدوداً بين
التسجيلي والروائي».
خير دليل على كلامه هذا فيلمه «الأقدار الدامية» المأخوذ عن رواية
«الحداد يليق
بإلكترا» لـ «يوجين أونيل» والذي ظلمه النقاد وقت عـرضـه. بـدأ تـصويره عام
1976
وتم إنجازه عام 1980 بسبب صعوبات في الإنتاج وتم عرضه جماهيرياً عام 1982.
هو
التجربة الرابعة في مجال التعاون السينمائي المصري - الجزائري
المـشترك، وأول خطوة
لـ «خيري بشارة» على طريق السينما الروائية الطويلة بعد أن قدم أفلاماً
تسجيلية
حققت نجاحاً نقدياً ونالت الجوائز في المهرجانات المحلية ومنها: «صائد
الدبابات»
1974، و«طبيب في الأرياف» 1975، و «طائر النورس» 1977، و «تنوير»
1978.
صراعات
تدور أحداث «الأقدار الدامية» بين عالمين متصارعين، عالم الحكام
والأثرياء
بقصورهم، وعالم المحكومين والفلاحين الفقراء في الصعيد. يحكي الشريط
السينمائي عن
الحرب المُعلنة بين الجميع، عن الخيانة والخداع على مستويات متباينة، سواء
على
مستوى الفرد والجماعة، الأسرة الصغيرة والوطن، أو على المستوى
القومي والعالمي،
وذلك من خلال الحرب الدائرة في فلسطين عام 1948.
على رغم أن إطار الأحداث هو حرب 1948، مع ذلك لا نرى مشهداً واحداً
حيّاً للحرب.
نراها فقط من خلال المصابين والضحايا، من خلال توثيق عناوين الأخبار
وإعلانات الصحف
التي ترصد تلك الفترة التاريخية لتُلـقـي في وجـوهنا برؤية واضحة حول تلك
التمثيلية
التي أحاطت بمأساة فلسطين.
اعتمد السرد السينمائي في الفيلم على المونتاج المتوازي، على المزج
بين الروائي
والتسجيلي في محاولة لكشف وتحليل ما وراء الأخبار والربط بينها لفضح
السياسة
الدولية، فمثلاً ينتقل المخرج من لقطة مقربة جداً لوجه الأم (إحسان
القلعاوي)
مليئاً بالحزن أثناء وداع ابنها «خير» (أحمد زكي) في محطة القطار، إلى
إعلان صحافي
عن فيلم «وجه امرأة». ومن محاولة «عاليّة» إغواء «كمال» في المعبد في لقطة
مقربة،
إلى إعلان عن فيلم «فتنة». ومن إعلان عن فيلم «بلبل أفندي» إلى
«اللواء حلمي».
اتسم المزج بين الروائي والتسجيلي بالانسيابية، بأن كل منهما يستكمل
كثيراً من
معاني الآخر، ومن خلال ترتيب اللقطات التوثيقية يطرح المخرج رؤيته للواقع
السياسي
والإنساني والاجتماعي. فمثلاً ينتقل من إعلان عن مسرحية «البوسطجي»، إلى
خبر:
«يُعلن
الانتداب البريطاني على فلسطين انتهاءه ليلة غد». ثم يقطع من إعلان: «وصلت
البضاعة الصيفية من إنكلترا»، إلى خبر: «إعلان الدولة اليهودية اليوم»، ثم
إلى
التاريخ 16 أيار (مايو) 1948، ومنه إلى خبر: مصر تحتل غزة
وسلاح الطيران يدمر مطار
تل أبيب. ومن إعلان يقول: آخر حفلة في الموسم التمثيلي «بنات الريف» لـ
«يوسف
وهبي»، إلى خبر: غارات مصرية شديدة على تل أبيب وضرب مستعمرات وادي الأردن
ومطار
يهودي، إلى خبر ثانٍ: اليهود يحتفلون بمولد دولتهم في جو من
القلق والتوتر، إلى
إعلان صحافي عن فيلم «طريد القانون»، إلى «مانشيت»: أثر حادث 4 شباط
(فبراير) في
نفوس المتهمين، إلى خبر: إعلان الأحكام العرفية في كامل أنحاء المملكة. ومن
خبر:
«تأجيل
فرنسا الاعتراف بدولة إسرائيل يرجع إلى رغبة بعض رجال الحكومة الفرنسية في
مجاملة رعاياها المسلمين»، إلى لقطة لكلب يرقد في سلام على شاطئ البحر.
ما يُؤخذ على الفيلم هو تلك السرعة في طرح الوثائق المتتالية فتعذر
على العين
ملاحقة جميع الأخبار والإعلانات ما شكل صعوبة أحياناً في تكوين المعنى الذي
يرمي
إليه المخرج. مع ذلك يُحسب له توظيفه للموسيقى، وبراعة التصوير ومهارة
اختيار
الكادرات التي أظهرت جماليات الفقر المدقع التي تُعانيه القرية
بالصعيد، فجاءت جميع
لقطاتها كأنها لوحات تشكيلية جميلة ومثيرة للشجن.
البداية الثانية
لم يلق «الأقدار الدامية» النجاح النقدي على عكس فيلمه الروائي الثاني
«العوامة 70»
الذي هو أيضاً مزيج بين التسجيلية والواقعية الجديدة، والذي دان فيه جيل
السبعينات من خلال النماذج السلبية للشخصيات التي اختارها بمشاكلها
وهمومها. ثم
توالى نجاحه مع «الطوق والإسورة» الذي تناول حياة الجنوب
القاسية وفقره وعاداته
وتقاليده البالية منتقداً ذلك التخلف والعجز، كاشفاً العلاقة الوثيقة بين
الخرافة
والدين في ظل مجتمع مجدب عاجز عن الإخصاب. أعقبه بفيلمه الاستثنائي «يوم مر
يوم
حلو» مع فاتن حمامة.
قدم خيري بشارة ما يزيد على اثني عشر فيلماً روائياً كانت كلها ذات هم
اجتماعي،
متأثرة بالعوامل السياسية والاقتصادية المحيطة به، تنوعت في مضامينها
ونوعياتها،
فمن الدراما الاجتماعية إلى الكوميديا الغنائية إلى التجريب والفانتازيا
الساخرة
مثل فيلميه «أمريكا شيكا بيكا» و «إشارة مرور».
على رغم شجاعته وجسارته في صناعة أفلام قد تكون ضد الأعراف السائدة
أحياناً، أتى
على بشارة وقت احتجب خلاله عن السينما فظل بعيداً منها ما يقرب من عشرة
أعوام قبل
أن يُعود إليها مُجدداً، متجهاً أيضاً إلى الدراما التلفزيونية. ولا يزال
في جعبته
الكثير من المشاريع السينمائية الطموحة. أنجز بعضها من خلال
«الديجيتال» ولا يزال
البعض الآخر في الانتظار مثل مشروع فيلم عن كتاب «الجنوبي» لعبلة الرويني
حول حياة
أمل دنقل، وآخر عن قصيدة «عيون» من الشعر المقدوني المعاصر، وثالث فلسفي
بعنوان
«أصل
الأشياء» عن نص مسرحية لبريخت حول غاليليو ومحكمة التفتيش، ومشروع رابع
لتحويل
رواية صنع الله إبراهم «اللجنة» إلى فيلم سينمائي، وخامس بعنوان «توم
كينسكي» عن
مجتمع الأجانب، أبطاله أميركي وآخر إيطالي وآخر روسي، ثم فيلم
«كيميا عاطفية» عن
الباراسيكولوجي أو الضوء الداخلي.
الحياة اللندنية في
10/02/2012
كتاب - استعراض بانوراميّ من داخل
الصورة
بغداد - علاء المفرجي
يقول الناقد السينمائي إبراهيم العريس في مقدمة كتاب ندى الأزهري
«السينما
الإيرانية الراهنة» الصادر حديثاً عن «دار المدى»: «لا شك في أنه سيكون
فريداً في
المكتبة العربية، للتعرف عبر نظرة عربية، إنما من الداخل، إلى سينما
مجاورة، غنية،
متنوعة، إنسانية، لم يعد ممكناً لنا أن ننظر إليها، فقط عبر
المرشح الأوروبي، كما
فعلنا حتى الآن».
من الواضح أن الناقد العريس يكثف بهذا فكرة أو مضمون الكتاب، الذي
يمثّل مسحاً
لواقع سينما فرضت حضوراً قوياً في المشهد السينمائي العالمي، نظرة من
الداخل نقف
معها عند أساليب ورؤى وانشغالات ورموز، لهذا الفن.
الكتاب لا يدّعي «الإحاطة بكل شيء» ومضمونه أقرب إلى مشاهدات رحالة
منه إلى بحث
جغرافي أو إحصائي... فمثلما يتوقف الكتاب عند تجربة مخرجين يتمتعون بسمعة
عالمية،
نراه بالقدر نفسه يولي اهتماماً بمخرجين لم يحظوا بالاهتمام العالمي نفسه
وإن كانت
أعمالهم لا تقل قيمة عن أعمال النجوم... إضافة إلى إضاءات على
تجارب مخرجات ملتزمات
بقضايا اجتماعية، وعن علاقة السينما الإيرانية بالمتغيرات السياسية
والاجتماعية في
إيران، ومتابعة لآراء نقاد على معرفة وثيقة بالسينما الإيرانية.
في الفصل الأول من الكتاب والمعنون «مخرجون على حدة» ألقت الأزهري
الضوء على
اثنين من المخرجين المخضرمين أسهما بدور كبير في صنع مجد السينما الإيرانية
الحديثة، عباس كياروستامي، وأمير نادري، من خلال حوارين تتجلى بهما
تجاربهما في
السينما على مدى العقود الثلاثة الأخيرة فصاحب «طعم الكرز»، و»أين منزل
الصديق؟»
الذي استقبل «بأذرع مفتوحة في الغرب.. وكان مصدر فخر وإعجاب من الشباب في
إيران»
قوبل بشيء من التحفظ في بلده، يرى أن النقد
يقف ضده «ولكن ليس الجمهور». بينما يرى
أمير نادري المقيم في أميركا منذ أكثر من ثلاثين عاماً، أنه
أحضر تجربته معه من
إيران، «واستغرق مني العبور زمناً طويلاً، لأكون نيويوركياً في كل شيء».
سيرة نادري
الذاتية لخصتها أفلامه «الأعداء»، و «ماء ، ريح ، تراب» وغيرها... وهو من
يقول عن
بطل «العداء» «إنها طفولتي أنا، لقد عشت في سفينة مهجورة».
في فصل «نساء في السينما الإيرانية» تقف الأزهري عند اثنتين من الجيل
الثاني من
المخرجات الإيرانيات، رخشان بني اعتماد، وتهمينة ميلاني، والأخيرة تعد
الأكثر
نجاحاً وشهرة داخل بلادها وخارجها، ولأفلامها حماسة جماهيرية داخل إيران.
ويكفي أن
فيلمها «امرأتان» شارك في أربعة وثلاثين مهرجاناً.. ومن خلال تجربة نيكي
كريمي
ومانيا اكبري في الفصل نفسه، يستعرض الكتاب تجربة المخرجة/
الممثلة. وتلخص نيكي
كريمي هذه التجربة بالقول: «لم أكن أرى في التمثيل عملاً خلاقاً.. أردت
تحقيق
الفيلم الذي يمنحني أنا شخصياً الرغبة في رؤيته» .. وفي هذا الفصل أيضاً
تقف
الأزهري عند ممثلة مثل ليلى حاتمي التي فازت أخيراً بجائزة
أفضل ممثلة في مهرجان
برلين الأخير تحت إدارة المخرج أصغر فرهادي في فيلم «انفصال نادر وسيمين»
وكذلك
الممثلة فاطمة معتمد آريا.
وتـخـتار المؤلـفة المخـرجـيـن جعـفـر بـانـاهـي، وأبـو الفضل جليلي،
كمخـرجين «خـارج
الـسرب» وهو عنوان الفصل الثالث من الكتاب، فالأول يقضي عقوبة السجن والمنع
من ممارسة العمل السينمائي لأكثر من عشرين عاماً، فيما الثاني
عرضت غالبية أفلامه
في إيران.
وفي الفصل المعنون «مخرجون شباب» يستعرض الكتاب من خلال مقابلتين،
تجربتي
المخرجين رفيع بيتز، وأصغر فرهادي... والأخير كان ممثلاً بارزاً للسينما
الإيرانية
في المهرجانات الدولية خلال عام 2011، حيث استطاع فيلمه «انفصال نادر
وسيمين» أن
يعتلي منصات الفوز في غير مهرجان سينمائي وأهمها كان فوزه
بجائزة لجنة التحكيم في
البرلينالة الأخير، وهو سبق لم يحققه أي فيلم إيراني من قبل...
ويمضي الكتاب في فصوله الأخرى في متابعة آراء نقاد على اطلاع على شؤون
هذه
السينما وكذلك علاقة هذه السينما بالمتغيرات الاجتماعية والسياسية، ولا
سيما من
خلال مهرجان فجر وهو المهرجان الرئيس للسينما في إيران... وأيضاً علاقة
السينما
بالرقابة والمؤسسات السينمائية...
وأخيراً تختار المؤلفة ثلاثة أفلام تشكل علامات بارزة في مسيرة هذه
السينما وهي «المطرودون»
لمسعود ده نمكي، و «كتاب قانون» لمزيار ميري و «باسيج» لمهران تمدن...
لتعتبرها أفلاماً تمثل تعبيراً حقيقياً عن خواص هذه السينما في العقود
الثلاثة
الأخيرة.
الحياة اللندنية في
10/02/2012
«مختار»
ادانة للسلطة الأبوية والطفولة
المغتصبة
مونتريال - علي حويلي
يـقـدم بـعض الـكنـدييـن الـعرب بـين الـحـين والآخـر أعمالاً
سـينـمائيـة
مـتـنوعة تعـكـس احـد الجوانب الأساسـية من واقـع بـلدانـهم الاجـتمـاعي او
الـسـياسي او الانساني وهي بغالبيتها ذات طابع درامي. الى هذا الرعيل
الشاب، تنتمي
حليمة الورديغي (مولودة في سـويسـرا وكـنديـة من اصـول
مغـربـية وجـزائريـة)
الحائزة شهادتين في العلوم السياسية من جامعة مونتريال والفنون السينمائية
من جامعة
كونكورديا، والتي مدّت الشاشة الكندية للمرة الأولى بفيلم قصير «يسلط
الضوء» كما
تقول في مقابلة مع «الحياة» «على وطأة الموروثات الشعبية
والمعتقدات التشاؤمية
السائدة في الارياف المغربية والتي ترقى الى مرتبة القداسة وتتحكم بحياة
الافراد
والعائلات وتخلّف تداعيات مأسوية».
«مختار» نموذجاً
«مختار» هو عنوان لباكورة اعمال الورديغي السينمائية تأليفاً وإخراجاً
وإنتاجاً،
مدته حوالى 20 دقيقة، وهو ناطق باللغة البربرية ومترجم الى العربية
والفرنسية،
ومستقى من قصة حقيقية تدور أحداثها حول طفل في العاشرة من عمره يرعى الماعز
في احدى
القرى المغربية النائية. وذات يوم يعثر الطفل بالصدفة على طير صغير من
البوم، فيفرح
به ويحتضنه ويعود به الى المنزل ظناً منه انه سيلقى من اهله
الإعجاب والتقدير على
رقة مشاعره الانسانية.
وبكل براءة الاطفال، ما إن يضع «مختار» طيره أمام اهـله ويـتـعهد
بالإبـقاء عليه
والاعتناء به، حتى يفروا من اماكنهم ويـستشـيطون غـضـباً وتنهال عليه
لعناتهم.
ويسقط الطفل من فوره ضـحـية عنـف والـده
الـذي يــقوده بقـسـوة الى داخل غرفـة
مظلمة ويقـفل عليه الـبـاب مردداً: «تريد ان تـدخـلـنا
النار!». ومـن داخل «زنزانـته»
تـتعالى صـيـحات الطفل واسـتـغاثاته المتكررة ومنـاشـدتـه افـراد
الـعائـلة للإفـراج عنـه... فتـستـجيب جدته لندائه وتـلقـنه مـن بين ثـقوـب
الباب
بعض التـعـويذات التي «تـحـمـيه شـر الـبـوم وشؤمه»... وتناوله بعض الطعام
الذي راح
يتقاسمه مع سجينه الطائر برفق وحنان. وأمام إلحاحه المتواصل للخروج من
محنته، يصاب
مختار بنوبات عصبية فيضرب رأسـه بالـحـائط ويـتـلـوى مـن الألم
ويـصرخ بـأعـلى
صـوته، فيما يتجاهل ابوه صيحاته ويهمّ بأداء الصلاة. وهنا تتحرك مشاعر الأم
خـشـيـة
ان يـصـاب ولـدها بالـجـنون او ان تتعرض حياته للخطر. وتطلب من زوجها
الرأفة به
والإفراج عنه، فيبادرها بالقول: «عليه ان يقتل البوم ويتوب الى الله ويطلب
الصفح
والغفران كي لا يعرضنا لدخول النار».
إذّاك وأمام اصـرار الأب على معـاقـبـة ابنه، يـقـدم هـذا الاخـير
مـرغـمـاً
عـلـى قـتـل طـائـره وإغـراقه بالماء ويداه ترتجفان والـدمـوع تـذرف مـن
عينيـه.
وبهذا المشـهد الدرامـاتيـكـي تنتهي حياة
الطائر ويعود مختار خائباً الى رعي
الماشية.
على رغم اصرار حليمة الورديغي وتركيزها في الفيلم على اظهار قساوة
السلطة
الابوية وجبروتها وتطبيق ما تختزنه من موروثات بالية على جميع افراد
الاسرة، لا
سيما «اغتصابها لبراءة الطفولة»، إلا ان ثمة مشاهد اخرى، تبدو على قصرها،
مثقلة
بالتساؤلات والتأويلات. فبعضها يوحي بارتباطه في شكل او في آخر
ببعض المفاهيم او
الطقوس الدينية (تلازم صلاة الاب مع عذاب ابنه) او ببعض الخرافات كاستعانة
الأم
بنصب تعويذة على مدخل المنزل (تعليق رأس عنزة) درءاً للأذى وحماية لأهله من
كل شر،
وبعضها الآخر يهدد الطفولة البريئة ويعوّدها على القتل العبثي
البارد، علماً ان بعض
النقاد الكنديين يرى في الفيلم «مؤشراً لتمرد الأبناء على آبائهم ومقدمة
لنزعة
استقلالية مبكرة».
أما لجهته الفنية، فثمة من رأى ان «مختار» مؤهل لمنافسة الفيلم
الروائي او
التسجيلي سواء في دقة تصويره او جمالية نصه الادبي او متانة حبكته
الدرامية.
أفلام جديدة (10-02-2012)
} «
في بلاد الدم والعسل»
إخراج آنجيلينا جولي
-
تمثيل: زانا مارجانوفيتش، غوران كوستيتش
>
هذا الفيلم ما كان من شأنه أن يلتفت إليه أحد لولا أن إخراجه
يحمل توقيعاً
مفاجئاً: آنجيلينا جولي، وإن هذه النجمة الآسرة الفاتنة ما كان من شأنها أن
تجازف
بتحقيقه لولا أنها تحمل على كاهلها اضافة إلى النجومية، مهمة إنسانية
أممية. هذه
المهمة هي التي أثارت بالتأكيد حماسة النجمة للتحوّل من أمام
الكاميرا إلى ورائها
لتقديم حكاية تذكّر بروميو وجولييت ...ولكن في يوغوسلافيا السابقة. يتعلق
الأمر
بحكاية حب بين فتاة بوسنية وشاب صربي. تعاهدا وتحابّا قبل الحرب. لكن الحرب
حطمت
الحب محوّلة الصبية إلى أسيرة لدى الصربيين فيما حوّلت الحبيب
إلى قائد للمعسكر
الذي أسرت فيه الفتاة. ولنا أن نتخيّل بقية الأحداث، إنما من دون أن نتخيّل
ما الذي
سيكون عليه الفيلم التالي من إخراج جولي...إن قررت المواصلة بعد الفشل الذي
كان من
نصيب عملها الأول هذا!
} «حصان
الحرب»
إخراج: ستيفن سبيلبرغ
-
تمثيل: جيريمي ايرفين، بيتر مولان
>
في هذا الفيلم الذي يلقى منذ عروضه الأولى نجاحاً كبيراً
ويعتبر من بين
المرجحين لأوسكار أو اكثر، يعود سبيلبرغ إلى هواه الأول: السينما الجادة
إنما
الموجهة إلى العائلات وربما صغارها أيضاً. وكذلك إلى موضوعة البراءة
الأولية في
مواجهة العالم القاسي. الحكاية الأساس تدور هنا من حول حصان
يطالعنا عند بداية
القرن العشرين وقد ربطته صداقة عميقة مع فتى مزارع يعيش في الريف
الإنكليزي. وتكاد
تمضي الحياة هادئة هانئة بين الإثنين لولا اندلاع الحرب العالمية الأولى
التي تجعل
الحصان يباع إلى سلاح الفرسان البريطاني الذي يكون خائضاً في
معمعة واحدة من اكثر
المجازر وحشية في تاريخ البشرية حتى ذلك الحين...ومن البديهي أن ذلك الواقع
الجديد
يلقي بثقله على الصديقين: الفتى والحصان في وقت واحد. مهما يكن فإن هذه
العلاقة
تأتي هنا لتذكر بعلاقات مماثلة في أفلام سابقة لسبيلبرغ بالطبع.
} «زرافة»
إخراج: ريمي بيزانسون وجان كريستوف لي
-
تمثيل: (أصوات) سيمون أبكاريان وآخرين.
>
عندما وصلت أول زرافة إلى فرنسا عام 1927 مهداة إلى ملكها شارل
العاشر،
سميّت باسمها العربي الحقيقي الذي سرعان ما تحوّل في الفرنسية إلى «جيراف»
كاسم
للنوع كله. وهذا الفيلم التحريكي الذي حمل كعنوان له الاسم الذي أطلق على
تلك
الزرافة، يروي - في شكل موفق - حكاية تلك الزرافة «الفرنسية»
الأولى التي يتخيل
الفيلم أنها ارتبطت بصداقة مع الصغير مكي الذي منذ طفولتها اليتيمة هي
الأخرى، تعلق
بها وصار من غير الممكن له مفارقتها. وهكذا، كما تقول لنا الحكاية في
الفيلم على
الأقل، حين تشب الزرافة اليتيمة عن الطوق، يقرر «باشا مصر» أن
يبعثها هدية إلى
الملك الفرنسي عبر قافلة يقودها الأمير الشاب حسن. وبالتالي يجد هذا الأخير
نفسه
مجبراً على اصطحاب الفتى مكي في القافلة ما يقود هذا الأخير إلى مغامرة لن
ينساها
أبداً.
} «يوم
سعيد آخر»
إخراج: سام ليفنسون
-
تمثيل: إيلين باركن، إزرا ميللر
>
انه، وفق تعبير واحد من متفرجيه « فيلم تعيس آخر»... وهو في
الوقت نفسه
واحد من تلك الأفلام التي باتت تعرف في السينما الأميركية المستقلة بأفلام «ساندانس» حتى وإن لم يعرض بعضها في
المهرجان الطليعي الشهير الذي يحمل هذا الاسم.
تدور حكاية هذا الفيلم «العائلي» من حول لين، السيدة التي تصل ذات يوم إلى
منزل
والديها كي تحتفل معهما ومع بقية أفراد الأسرة بزواج ابنها الأكبر
دايلان...وإلى
جانبها ولداها الآخران بن وإليوت. في البداية يبدو أن الأمور
ستجري على ما
يرام...غير أن حقائق المواقف والأوضاع والعواطف المتضاربة سرعان ما تقفز
إلى السطح
زارعة الصراعات وبالتالي الذكريات المؤلمة، من ناحية بين الأبناء ثم،
بخاصة، بين
لين وزوجها السابق الذي سوف نعرف بسرعة انه كان يذلها ويضربها
يوم كانا معاً. أما
الجديد الآن فهو أن الزوجة الحالية لطليق لين سيدة قاسية مستبدة لا يسلم من
شرها
أحد.
الحياة اللندنية في
10/02/2012 |