جولة في سينما العالم
* نقد متكامل يواكب النقد عموما النشاطات والفعاليات الثقافية على
اختلاف أنواعها ومشاربها. وبالتالي هو ليس مادة قائمة في حد ذاتها عارية من
الأسس. فالفعل يتسبب في رد الفعل وليس العكس. وكل فعل يتكون من عدة عناصر،
وبالتالي فإن رد الفعل عليها أن تستجيب لبعض هذه العناصر أو لجميعها.
نموذجيا، من مسؤولية الناقد التفاعل علما ومعرفة وبالتالي نقدا، مع كل
عناصر العمل المنقود. مثلا، هل من الممكن الاكتفاء بنقد البناء الروائي لأي
من أعمال إحسان عبد القدوس أو نجيب محفوظ؟ هل من الممكن الاكتفاء بالقراءة
الذاتية لجبران خليل جبران أو مي زيادة؟ هل يصح نقد الأوزان واللسانيات في
الشعر العربي القديم وحده؟ وهل المادة المرسومة هي عبارة عن إبداع مجزأ
يقدم الناقد على تناول جزئياته حسب علمه ومداركه فيتحدث عن اللون ويترك
الموضوع، أو عن الأسلوب ويترك التقنيات؟
سينمائيا، هل من الممكن التعرض بالحديث لفيلم «أفاتار» من حيث ما
يطرحه من مواقف سياسية (كما فعل العديد من الذين كتبوا النقد)، فقط، أم من
نواحي العمل بأسره مما يشمل حتى المسائل التقنية وحقول التصاميم الإنتاجية
والفنية خصوصا أن الفيلم إنجاز كبير في هذا الحقول؟
ما أود الوصول إليه هنا هو أن العمل، أي عمل، متعدد الشرائح والطبقات
والجوانب بحيث لا يمكن للناقد إلا أن يستجيب بسواسية لها جميعا. رواية «بين
القصرين» لنجيب محفوظ مثلا لا يمكن أن يُكتب عن بعض جوانبها أو طبقاتها،
عمودية كانت أو أفقية، وإغفال الجوانب الأخرى. إنها تتطلب إدراكا كثيفا
بملكية الكتابة ثم بملكيتها عند نجيب محفوظ.. بالواقع ثم بالواقع كما يرسمه
ويراه نجيب محفوظ.. بالشخصية المصرية وبالشخصية المصرية عند نجيب محفوظ..
ثم بأسلوبه اللغوي والفني الخاص كما بالإلمام بالفترة التي يتناولها.. كل
هذا وما يتفرع عن أي فعل إبداعي من قضايا ومسائل لا يمكن للعمل أن يتم من
دونها، وبالتالي لا يمكن للنقد المتكامل أن يتم من دونها أيضا.
ترشيحات جمعية المخرجين الأميركيين تشي بالنيات المبيتة
مؤشرات مهمة في موسم الجوائز
* كل شيء يتمحور حول الأوسكار الأميركي نصف عدد أشهر السنة. مهرجان «بالم
سبرينغ» أقام حفلة وُصفت بأنها «بروفة مسبقة لحفلة الأوسكار»، وهو المهرجان
الذي يعرض العدد الأكبر من الأفلام الأجنبية التي توجهت للاشتراك في سباق
الأوسكار. «البافتا» البريطانية باتت بدورها نوعا من رمي الكرات في اتجاه
ملعب أكاديمية العلوم والفنون السينمائية في لوس أنجليس، الأكاديمية
المشرفة على حفلة الأوسكار. الـ«غولدن غلوب»، لها تاريخ سجل حضورا متزايدا
لعدد الأفلام والشخصيات التي انتقلت من فوزها في هذه المسابقة إلى الفوز
بالأوسكار ذاته.
لكن كل هذه المناسبات، وسواها، ليست أكثر تنبؤا من جوائز تنطلق بدورها
قبل حفلة الأوسكار وتشي بالنيات المبيتة للمقترعين. ذلك لأن المؤسسات التي
تمنحها هي مؤسسات المهن السينمائية التي ينتمي إليها معظم الستة آلاف عضو
الذين يصوتون للأوسكار. وهي مؤسسات وجمعيات الكتاب، المخرجين، المصورين،
الممثلين، المنتجين على الأخص.
السبب في تميز جوائزها هو أن أعضاء كل جمعية هم أعضاء في الأوسكار
أيضا، وحين تعلن جمعية ما عن مرشحيها فإن ذلك التصويت على هؤلاء المرشحين،
ولاحقا على الفائز من بينهم، سيتكرر حين يأتي الأمر إلى مسابقة الأوسكار
ذاتها.
* نوستالجيا في مطلع هذا الأسبوع قامت جمعية المخرجين بالإعلان عن
مرشحيها لجوائزها الخاصة، فإذا بالقائمة تتألف من وودي ألن، ديفيد فينشر،
ميشال ازانيفيشوس، ألكسندر باين، ومارتن سكورسيزي، ولتشعل بالتالي حملة
توقعات من قبل المتابعين بأن معظم هؤلاء هم من سيزينون قائمة الأوسكار في
مسابقة أفضل مخرج التي ستعلن في غضون أسابيع قليلة.
ويعد وودي ألن المخرج الوحيد بين المذكورين الذي أمّن لجمهوره فيلما
كوميديا. فهو نال ترشيح جمعية المخرجين الأميركيين عن فيلمه «منتصف الليل
في باريس» الذي يتحدث عن رجل يتوجه مع خطيبته في رحلة سياحية إلى باريس
وبصحبتهما عائلتها التي دفعت فواتير الرحلة. هناك، وهربا من خامة اجتماعية
معينة، يمضي ليلا في أزقة المدينة القديمة ليجد نفسه، على حين غرة، وقد
أصبح في الفترة الواقعة بعد الحرب العالمية الأولى وقبل الحرب العالمية
الثانية.. الفترة التي عايشها فنانون أوروبيون كثيرون من بينهم بابلو
بيكاسو، سلفادور دالي، لوي بونييل، تي إس إيليوت، وسواهم. الفكرة جيدة،
وعلى الرغم من شغل ألن الدائم حول حبكة عاطفية لا تتغير (ما يبدو حبا بين
اثنين يتبدى عن جاذبية كل منهما لشخص آخر)، فإن عربة الزمن التي تأخذ
الفيلم إلى رحاب عالم آخر تنقذ الفيلم بأسره.
هذا الفيلم، وإلى حد ما، يشابه فيلمين آخرين في التوجه نفسه، كلا
منهما لمخرج مرشح لهذه الجائزة التي تنبع قيمتها من أن مخرجين هم الذين
يقترعون فيها، وليس أي آخر. فـ«منتصف الليل في باريس» بالحنين إلى الأمس
يلتقي، وحنين فيلم مارتن سكورسيزي «هيوغو»، وحنين الفرنسي ميشال ازانيفيشوس
في «الفنان».
هذان الفيلمان يسعيان، كل بطريقة مختلفة، إلى تعميق وجداننا صوب
السينما في أول بزوغها. «هيوغو» يأخذ ناصية الحديث عن المخرج الفرنسي جورج
ميلييس ودوره وتأثيره من خلال قصة تقود إلى إعادة اكتشافه في أحداث تقع في
الثلاثينات من القرن الماضي، و«الفنان» يقوم على تقديم شخصية خيالية لممثل
دهمه العصر الناطق للسينما فلم يعد يستطيع مجاراته وانتهى معتزلا ومنسيا،
تماما - لا بد من التذكير - حال المخرج ميلييس.
المخرجان الآخران المرشحان لنيل جائزة «جمعية المخرجين» هما ألكسندر
باين عن فيلمه «الأحفاد» وديفيد فينشر عن «الفتاة ذات الوشم التنين»: باين
يقدم نموذجا للفيلم المستقل القادر على الوصول إلى جماهيرية كبيرة (ولو أن
هذا لا يعني أنه وصل بالفعل) وفينشر يستفيد من موقعه كمخرج معروف («سبعة»،
«شبكة اجتماعية»، إلخ..) لتحقيق فيلم بوليسي عن عالم موحش يحسه ويعتبر أنه
يعيشه أيضا.
* مستبعدون
* المسألة، في أبعادها، ليست في إطار من تم ترشيحهم فقط، بل من تم
استبعادهم أيضا، لأنه إذا ما كان المرشحون لجائزة جمعية المخرجين هم،
بالتالي، الأقرب لترشيح مسابقة أفضل مخرج في الأوسكار المقبل، فإن أولئك
المستبعدين هم الأقرب، بالتالي، للاستبعاد من الأوسكار ذاته. هذا يدعو
للتذكير بأنه في مرة واحدة فقط حدث أن تم فوز مخرج ما بجائزة الجمعية لكنه
خسر الترشيحات الأوسكارية في المقابل. هذه المرة كانت عندما نال رون هوارد
سنة 1995 جائزة المخرجين عن «أبوللو 13»، لكن ترشيحات الأوسكار تجاوزته
تماما. والجدير الثاني بالذكر هنا هو أن أربعة من المخرجين المرشحين لجائزة
جمعية المخرجين موضوعون على قائمة مسابقة «غولدن غلوب» لأفضل مخرج، وهؤلاء
هم ازانيفيشوس، سكورسيزي، ألن، وباين. أما فينشر فليس واردا على قائمة
الـ«غولدن غلوب». بدلا له هناك المخرج جورج كلوني عن فيلمه «منتصف شهر
مارس».
لكن مرة أخرى، من هم بعض المخرجين الذين قدموا أفلاما لافتة وتم
استبعادهم من قبل زملائهم في المهنة؟ الاسم الأول الذي قد يخطر على البال
قبل سواه هو ستيفن سبيلبرغ الذي حشد فيلمين جديدين له في شهر واحد هما
«مغامرات تان تان» و«حصان حرب»، وإذا ما كان الأول فعل خدع ورسوم كومبيوتر،
مما لن يمنحه حظوة بين موزعي الجوائز عموما، فإن الثاني كان مطروحا بقوة
وإن لم يكن على نحو شامل. كلينت ايستوود في الوضع نفسه، ففيلمه «ج. إدغار»
وجد مؤيدين ومعارضين وربما معارضين أكثر من مؤيدين، خصوصا في الولايات
المتحدة (سيبقى وضعه مطروحا في جوائز أخرى).
كذلك تم تجاوز الفيلم الرائع لترنس مالك «شجرة الحياة» الذي هو فعل من
الصعب تخيل أسبابه. لكن عدم ترشيحه دلالة على أن المطروح في عرف غالب
المقترعين ربط التنفيذ بالقدرة على الاستيعاب، وفيلم مالك، كما عرفناه،
أعمق من أن يُستوعب على ما يبدو.
بين الأفلام
* (Wuthering Heights) (4*)
بريطانيا - 2011 إخراج: أندريا أرنولد (Andrea Arnold)
ممثلون رئيسيون: كايا سكودلاريو، جيمس هاوسون، لي شو النوع: اقتباس أدبي
كثيرة هي الاقتباسات التي أقدمت عليها السينما منذ أيامها الصامتة وحتى
اليوم لرواية إميلي برونتي القاسية «وذرينغ هايتس»، بما في ذلك الاقتباس
المصري الممتاز سنة 1956 الذي قام به كمال الشيخ تحت عنوان «الغريب». معيار
الامتياز ليس نسبة للأمانة في نقل الوقائع كما وردت في الرواية، بل في منح
الرواية على الشاشة شخصية سينمائية وهوية منفصلة تجسد الأصل الأدبي وتتحرر
منه في وقت واحد. هذا أيضا ما نراه في فيلم المخرجة أندريا أرنولد الجيد في
معظمه.
إنها الحكاية الكاشفة عن مجتمع قام على بنية أفراد قرأوا الحياة من
زوايا عنصرية. وعن حب لم يُتح له أن يتبلور في اتجاه صحي فسقط كل من تعامل
معه إلى حضيض من المشاعر المرة. الرواية هي الوحيدة التي وضعتها إميلي
برونتي (نشرت سنة 1847) وكتبتها قبل عدة سنوات لكن، على ما يبدو، لم تجد
قبولا بين الناشرين حتى ذلك العام الذي نشرت فيه. وهي تقوم تحديدا على وضع
ثلاثي. نعم هناك شخصيات أخرى، لكن الوضع المذكور هو الثابت والمتواصل: كاثي
(سكودلاريو) تحب هيثكليف (هاوسون) الذي يبادلها الحب لكن أخاها هيدلي (شو)
يكن له البغضاء. المخرجة ليست بحاجة للإفصاح كثيرا عن خلفيات الوضع:
هيثكليف غريب كان والد كاثي وهيدلي عاد به من رحلة عمل ومنحه الرعاية كأحد
أفراد العائلة. كاثي أحبته وهيدلي غار منه حين اعتبر أن وجوده أثر على
استئثاره بحب أبيه. لكن بالطبع اللون والعنصر يلعبان الدور الأول. في
الرواية هيثكليف غجري.. في الفيلم هو أسود (من جمايكا) وكان يمكن له أن
يكون عربيا من الجزائر أو أفريقيا من تشاد أو لاتينيا من كولومبيا. أكثر من
ذلك، كان يمكن له أن يكون إنجليزيا أبيض البشرة. المهم في الرواية والفيلم
معا هو أن الجزء الآخر من الحقد ناتج عن التفاوت الطبقي. عائلة إيرنشو تملك
الأرض والبناء (المسمى بوذرينغ هايتس) ولو أنها ليست عائلة ثرية. هيثكليف
لا يملك شيئا. المراد قوله في هذا الإطار هو أن القصور البشري سيجد دائما
تبريرا لكره الآخر حين يخفق هو في التصالح مع ذاته. إذا أضفنا إلى هذا قضية
اللون، فإن حجم الرغبة في التفريق يعلو مستفيدا من حجة أخرى.
تبتعد المخرجة أرنولد عن الناصية الأدبية، تلك التي تستلهم معطيات
العمل الكلاسيكية، ومثل أبطالها تماما، تغوص في الوحل منذ البداية.. ترمي
نظرتها إلى ذلك المجتمع من دون مسحات جمالية أو تبريرية أو تعاطفية. الأمور
كما هي على الشاشة: المساحة الطبيعية موحشة. الجمال محدود جدا والكاميرا
محمولة ومعايشة للبيئة.. والفيلم لا يحاول أن يرسم حول المشهد أي إمارات
غير واقعية. ذلك يمنح الرواية، لمن قرأها، إضافة محسوبة. الرواية تمسكت
بأهداب الأسلوب الأدبي الذي كان شائعا آنذاك، وكانت من أسمائه شارلوت
برونتي، الأخت الأشهر لإميلي، ولو أن المضمون كان جريئا ومختلفا لدرجة أن
الحكاية وجدت منتقدين كثيرين في الوسط الأدبي. الفيلم يتجاوز الرواية من
هذه الناحية، ويضفي عليها الصورة التي تناسب مضمونها وتناسب الواقع المحيط
بها أكثر مما فعله أي فيلم تم اقتباسه من قبل. أكثر من ذلك، يُلغي سلطتها
الأدبية ويستبدل سلطة الصورة بها.
شباك التذاكر
* البعض يفضله مرعبا 1 (-)
The Devil Inside: $33.732.515 (1*) جديد - فيلم رعب كما يكشف عنوانه من دون موهبة 2 (1)
Mission: Impossible- Ghost Protocol: $19.868.059 (2*) تراجع - فيلم توم كروز الرابع في السلسة جمع للآن 170 مليون دولار
3 (2)
Sherlock Holmes: A game of Shadows: $13.689.321
(2*) تراجع - روبرت داوني في شخصية هولمز 4 (4)
The Girl With the Dargon Tattoo: $11.364.714 (4*) ثبات - فيلم ديفيد فينشر البوليسي مع دانيال كريغ 5 (3)
Alvin and the Chipmunks: Chip-wrecked: $9.496.913 (1*) تراجع - أنيميشن للصغار من دون جهد الكبار 6 (5)
War Horse: $8.603.976 (3*)
تراجع - فيلم ستيفن سبيلبرغ الدرامي عن صبي وحصانه 7 (6)
We Bought a Zoo: $8.305.004 (2*) تراجع - دراما عاطفية واجتماعية من
بطولة مع مات دامون وسكارليت جوهانسون 8 (7)
The Adventures of Tin Tin: $6.727.740 (2*)
تراجع - الفيلم الآخر لسبيلبرغ حقق نجاحا محدودا بدوره 9 (17)
Tinker Tailor Soldier Spy: $5.676.288 (4*)
تقدم - من المركز السابع عشر مباشرة.. جاسوسي جيد مع غاري أولدمان 10 (8)
New Year›s Eve: $3.265.073(2*) تراجع - كوميديا عاطفية مع ميشيل فايفر بدأ
جيدا ثم انحدر
الشرق الأوسط في
13/01/2012
غلين كلوز تتقمص شخصية رجل
فيلم «ألبرت نوبس».. هل الهوية الذكورية ملاذ آمن؟!
عبدالستار ناجي
تذهب الممثلة الأميركية المقتدرة غلين كلوز في جملة تجاربها الى نقاط
مثيرة للجدل، عميقة بالمعاني، تتطلب لياقة عالية، وحالة من التقمص، لا
يبلغها، لا القلة، وفي تجربتها الجديدة المتمثلة في فيلم «البرت نوبس» تذهب
الى منطقة قصية صعبة المنال، بل انها تمثل درساً رفيع المستوى في حرفة
التمثيل.
الحركة الابداعية، التي تقدمها غلين كلوز، تتمحور تحت عنوان اساسي هل
الهوية الذكورية تمثل ملاذاً آمنا للمرأة!؟
حيث تقوم غلين بتقديم شخصية امرأة، قررت التنازل عن هويتها الانثوية،
الى الهوية الذكورية، حيث ترتدي ازياء الرجال، وتقدم نفسها على انها رجل،
وبعد ثلاثين عاماً، تجد نفسها أنها حبيسة ذلك السجن وتلك الزنزانة التي
ذهبت اليها طوعياً فراراً من لحظة ضعف.. إلى سجن حرمها من احاسيسها
والتعبير عن هويتها الانثوية.
عاشت تلك المرأة، في رداء عامل الفندق «النادل» البرت نوبس، في مدينة
دبلن بايرلندا.
امرأة تعيش سنوات حياتها وهي متنكرة، حذرة.. خائفة.. مرعوبة.. غير
قادرة على التعبير عن احاسيسها ونبضها وخلجاتها.. خوف من الرعب الذكوري.
ثلاثة عقود من الاحتيال، والارتباط.. والقلق.. والرعب الداخلي..
والتخفي، فاذا بها تجد نفسها امام سجن كبير تحس به ذاتها وأحاسيسها وجسدها
ورغباتها.
في اللحظة الأولى ينتاب المشاهد شعور بالكوميديا، للالتباسات في
الشخصية والمواقف، وسرعان ما تذهب الى الشعور بالشفقة، لتلك الشخصة التي
فقدت هويتها.. وحسها.. واحاسيسها.. ومعاني الحياة وقيمتها.. سجن كبير، كلما
مر يوم ارتفعت اسواره وتعطلت بذلك احاسيسها.. وغرقت في اللاهوية..
واللااحساس.. فقد لانها ارادت ان تبحث عن الملاذ الامن، بعيداً عن التحرش..
فاذا بها تفقد كل شيء.. حتى الاحساس بالانوثة.
شخصية شاحبة الملامح، ترتدي قبعة، معطف داكن لا تفارقها مظلتها في شتا
ومطر دبلن الذي لا يتوقف طيلة العام، يتحدث.. في رتابة منخفضة.. يتصرف
بدافع محاكاة ساخرة للرجولة.. دون ان يصلها.. او تصلها.
الفيلم يعتمد اصلاً، على قصة قصيرة كتبها جورج مور وسرعان ما تلقفها
غلين كلوز قبل اكثر من «30 عاماً» لتحولها الى عمل مسرحي ادهش برودداي..
وتعود بعد ثلاثة عقود لتحويل ذلك الفعل القصصي والمسرحي، الى انتاج سينمائي
تصدى لاخراجه رودريغو غارسيا، الذي تعاون مع الروائي الايرلندي جون بانفيل
في كتابة السيناريو، مركزين على مفردات البحث عن الملاذ وفقدان الهوية..
والسجن الكبير الذي حبست به تلك السعيدة نفسها، لتتحول الى البرت نوبس
النادل المسكين.
وتمضي تلك الشخصية، لتعيش تفاصيل الحياة الذكورية، حتى انها ترتبط
بعلاقة عاطفية مع فتاة تعمل معها في الفندق.
فهل يخبرها انه كان امرأة قبل الزوج.. او بعد؟ سؤال يظل يحاصره.. وهو
يحاصر تلك الصبية الجميلة باحساسيه وعواطفه الذكورية المقنعة.
كم من الاكتشافات عن الاحاسيس.. وفي الرغبة في العودة الى الذات
الحقيقية، ولكن زنزانة السجن كانت قد ضاعفت.. وارتفعت جدرانها.. ما يجعل
الشخصية تصرخ من الداخل.. تدمرها احاسيس الفقدان.. والعزلة الداخلية، وتعطل
الاحاسيس والرغبات.. والاحتياجات.
ولا نريد ان نذهب الى مزيد من التفاصيل، فهكذا نوعية من الاعمال
السينمائية، تتطلب من الناقد ألا يتحول الى حكواتي، بل يبحث عن القيم
ليؤكدها، فنحن امام فضاء شذى بالاحاسيس.. وفعل من الالم والشفقة على تلك
الشخصية التي سحقت ذاتها ومشاعرها، خوفاً من شيء ما، فاذا بها امام كارثة
اكبر.. هي فقدان الهوية.. والشخصية.. والذات.
يدهشنا المخرج رودريغو غارسيا في سيطرته على التداعي الدرامي والتطور
في بقاء الشخصيات، والبحث عن ادق التفاصيل في التعامل مع الاحاسيس، التي
تلد في المرحلة الاولى، كمفارقات ولكنها تذهب بنا من حيث لا ندري الى لجة
الالم.. وعنف الشفقة.. وقسوتها.
ومساهمة غلين كلوز مع ثنائي السيناريو رودريغو غارسيا وجون بانغيل،
عمل على منحها القدرة في فهم ودراسة استيعاب دلالات النص.. والشخصية..
والتجربة.
في الفيلم كم اخر من الاشراقات، من بينها مدير التصوير ماكيل ماكدونو،
والموسيقى التصويرية التي صاغها بيرن بريان، والازياء التي تمثل المرحلة
وابعاد الشخصيات التي حسمها بيرايف غيرو.. وايضاً الاداء المذهل بغلين
كلوز، الذي سيجعلها قريبة من الاوسكار في العام المقبل، لتأخر عرض الفيلم
في الاسواق الاميركية في نهاية العام الماضي، وهو الموعد النهائي للترشيحات،
ومعها في الفيلم باداء متميز كل من الجميلة مياديسكادتس «بدور الحبيبة ميا،
وكم اخر من الوجوه السينمائية الايرلندية البريطانية والأميركية.
في ذلك الفيلم.. كل شيء كان يمضي على ما هو عليه، وتظل تلك المرأة،
الرجل» حبيسة ذلك الملاذ الوهمي.. حتى يصل رسام شاب.. عندها تتفجر الاحاسيس..
وتكون الرغبة بالعودة الى الهوية الاصل.. فكيف ستكون تلك العودة؟.
سؤال نتركه للمشاهد.. حيث المتعة في الفن السينمائي الذي يناقش..
ويتحاور.. ويفجر الاحاسيس الداخلية.
anaji_kuwait@hotmail.com
النهار الكويتية في
13/01/2012
صُنَّاع السينما يحلمون بالإيرادات وشبح العنف يهدد
بالخسائر
القاهرة - حسن أحمد
يأتي موسم اجازة منتصف العام السينمائي في مصر وسط أجواء شديدة التوتر
وانفلات أمني واشتباكات ومصادمات مستمرة بمنطقة ميدان التحرير بالقاهرة وهو
ما يشير إلى فشل كبير لهذا الموسم خاصة أن موعده سيتزامن مع قرب الاحتفالات
بالعيد الأول لثورة 25 والتي يتوقع كثير من المراقبين أن تشهد أحداث عنف.
ورغم أن صناع السينما في مصر كانوا يحلمون بموسم سينمائي ناجح إلا أن
كل الشواهد تؤكد أن إيرادات الأفلام ستستمر في الانخفاض في ظل انشغال أغلب
شرائح المجتمع المصري بالأحداث السياسية ، لكن صناع السينما قرروا عدم
الاستسلام و«رفع الراية البيضاء» لذلك ستخوض مجموعة من الأفلام الجديدة
سباق موسم أجازة منتصف العام آملا في تحقيق إيرادات مرضية.
وفي مقدمة الأفلام التي تدخل سباق المنافسة «واحد صحيح» تأليف تامر
حبيب وإخراج هادي الباجوري وبطولة هاني سلامة وبسمة ورانيا يوسف والسورية
كندة علوش وتدور أحداثه حول شاب يبحث عن يبحث عن فتاة ليتزوجها ، فيتم
ترشيح ثلاثة فتيات ليختار من بينهن عروسه لكنه يختار الثلاثة ، وسبق أن
شارك الفيلم مؤخرا في مسابقة المهر العربي بمهرجان دبي السينمائي وخرج بلا
جوائز.
كما يدخل المنافسة فيلم «رد فعل» إخراج حسام الجوهري وبطولة محمود
عبدالمغني وحورية فرغلي وتدور أحداثه في إطار من التشويق حول جريمة قتل
غامضة يسعى طبيب شرعي شاب للكشف عن تفاصيلها.
وبعد سلسلة من التأجيلات قرر المنتج محمد السبكي عرض الجزء الثالث من
فيلم «عمر وسلمى» بطولة تامر حسني ومي عزالدين ويأمل السبكي في تحقيق الجزء
الثالث إيرادات كبيرة مثلما حقق الجزئين السابقين ، وتدور أحداث الجزء
الثالث من «عمر وسلمى» حول مشاكل الزوجين عمر وسلمى خاصة أن الزوج يدخل في
أكثر من مغامرة عاطفية.
ومن الأفلام المرشحة للعرض في موسم أجازة منتصف العام فيلم «ريكلام»
بطولة غادة غادة عبدالرازق ورانيا يوسف وعلا رامي وإخراج علي رجب وتدور
أحداثه حول ثلاثة سيدات يعملن في أحد الملاهي الليلية وتتشابه ظروفهن
الصعبة مما يجعلهن فريسة سهلة للوقوع في الرذيلة ، كما يدخل المنافسة أيضا
فيلم «برتيتة» تأليف خالد جلال وإخراج شريف مندور وبطولة كندة علوش وأحمد
السعدني ويدور حول شاب من أسرة غنية ترفض عائلته زواجه من فتاة فقيرة ،
وكذلك فيلم «بنات العم» تأليف وبطولة هشام ماجد وشيكو وأحمد فهمي وإخراج
أحمد سمير فرج ويدور حول ثلاثة فتيات يتحولن إلى رجال.
ويسعى الفنان الشاب أحمد عز للانتهاء من تصوير فيلمه الجديد «حلم
عزيز» ليلحق بالعرض في موسم أجازة منتصف العام ، والفيلم تأليف نادر صلاح
الدين وإخراج عمرو عرفة ويشارك في بطولته شريف منير ومي كساب وتدور أحداثه
في قالب كوميدي اجتماعي حول رجل أعمال يسعى لتحقيق المكاسب المادية بأي
وسيلة ، كما يسابق الفنان أحمد عيد الزمن للانتهاء من تصوير فيلمه «حظ
سعيد» الذي يغلب عليه الطابع الكوميدي السياسي تأليف أشرف توفيق وإخراج
طارق عبدالمعطي ويشارك في بطولته نشوى مصطفى ومي كساب وأحمد صفوت وتدور
أحداثه حول بائه بسيط يواجه العديد من المواقف الكوميدية أثناء ثورة 25
يناير.
في الوقت نفسه مازال موقف بعض الأفلام غامضا ولم يتحدد بشكل نهائي
إمكانية عرضها رغم الانتهاء من تصويرها مثل فيلم «جدو حبيبي» تأليف زينب
عزيز وإخراج علي إدريس وبطولة محمود يس ولبنى عبدالعزيز وبشرى ، وفيلم
«مؤنث سالم» تأليف لؤي السيد وإخراج أحمد البدري وبطولة رامز جلال وإدوارد
وحسن حسني وإيمي سمير غانم وفيلم «جيم أوفر» تأليف محمد القوشطي وإخراج
أحمد البدري وبطولة يسرا ومي عزالدين وعزت أبوعوف.
النهار الكويتية في
13/01/2012 |