الشائع أن محفوظ كتب للسينما عندما توقف عن كتابة الأدب بعد ثورة
يوليو ١٩٥٢، وحتى ١٩٥٧، والشائع أنه كتب للسينما لأنها تحقق عائدات مالية
أكبر من عائدات الأدب، وكلا الأمرين من الأخطاء الشائعة. فقد بدأ الكتابة
للسينما عام ١٩٤٦ أثناء كتابته للأدب، واستمر فى الكتابة للسينما بعد أن
عاد إلى الأدب، وكتب «أولاد حارتنا» التى أتمها فى أبريل ١٩٥٨، مما يؤكد أن
السينما بالنسبة إليه لم تكن بديلاً عن الأدب، وإنما موازية للأدب.
ولعله فى الكتابة للسينما كان يستجيب لدعوة طه حسين فى مقاله عام ١٩٤٦
بمجلة «الكاتب المصرى» الذى تناول فيه كتابة جان بول سارتر للسينما، ووجه
الدعوة إلى كبار الأدباء فى مصر للكتابة لها، وقال إن عدم اهتمامهم بها
يؤدى إلى نتيجة واحدة، وهى ترك الأفلام بين أيدى كتاب لا يرتفعون بمستواها
رغم تأثيرها الكبير على جمهورها الذى يفوق عدد جمهور قراء الأدب.
ومن ناحية أخرى، فالمؤكد أن الكتابة للسينما تحقق عائدات مالية أكبر
من عائدات الأدب، ولكن المؤكد أيضًا أن محفوظ لم يسع إلى حياة الرفاهية
طوال حياته، وكان أجره عن الكتابة للسينما أو مقابل إعداد أحد أعماله
الأدبية للسينما الأقل بين أجور الكتاب المعروفين حتى بعد فوزه بجائزة نوبل
للأدب عام ١٩٨٨.
سنوات السينما
هناك خلاف حول سبب توقف محفوظ عن كتابة الأدب بعد ثورة يوليو ١٩٥٢،
وتفرغه للكتابة للسينما طوال ست سنوات. وكان قد أتم كتابة الثلاثية (بين
القصرين- قصر الشوق- السكرية) فى أبريل ١٩٥٢ قبل ثلاثة شهور من الثورة،
وكان ذلك من حسن حظ الأدب العربى، فربما لم يكن يستطيع إتمامها بعد الثورة.
الناصريون يقولون إنه توقف لأن الثورة «حققت أحلامه»، وغير الناصريين
يرون أنه توقف لأن الثورة أوقعته فى حيرة شديدة، وهو خلاف أيديولوجى سقيم.
فالمؤكد أن نجيب محفوظ كان ديمقراطيًا فى السياسة، وكان طوال حياته
«وفديًا» من دون أن ينضم إلى حزب الوفد، ويؤمن بثورة ١٩١٩ الشعبية التى
قادها زعيم الوفد سعد زغلول والتى أدت إلى استقلال مصر السياسى عام ١٩٢٢،
وصدور دستور ١٩٢٣ لترسيخ الحكم الملكى الدستورى الذى يقوم على تداول السلطة
بين أحزاب سياسية متعددة عبر الانتخابات.
اللقاء التاريخى بين محفوظ وأبوسيف
لم يكن عام ١٩٣٩ هو عام صدور أولى روايات محفوظ «عبث الأقدار» فقط،
واكتشاف صلاح أبوسيف (١٩١٥/١٩٩٦) للعناصر السينمائية فى أدب محفوظ فى تلك
الرواية، وإنما كان أيضًا عام إنتاج وعرض فيلم «العزيمة» إخراج كمال سليم
(١٩١٣/١٩٤٥) الذى أسس للواقعية فى السينما المصرية، وكان أبوسيف من مساعدى
سليم فى إخراج الفيلم.
كان عنوان فيلم سليم «فى الحارة»، ولكن إدارة الإنتاج فى ستديو مصر،
ورغم أنه كان المركز الرئيسى لإنتاج الأفلام ذات المستوى المتميز، لم توافق
على العنوان، واستبدلته بـ«العزيمة».
كانت الأفلام المصرية الروائية الطويلة منذ عام ١٩٢٧ تدور فى أى مكان
إلا «الحارة» والمقصود الشوارع الضيقة للقاهرة الفاطمية، والتى أصبح أغلب
سكانها من الفقراء بعد إنشاء القاهرة الخديوية. ورغم أن جمهور السينما كان
من الطبقة الوسطى التى أعلنت عن وجودها فى ثورة ١٩١٩، وأغلب أصول هذه
الطبقة من حوارى القاهرة ومن الريف، إلا أن هذا الجمهور اعتاد على ألا تدور
الأفلام فى الحوارى. وعندما يعتاد الجمهور على شىء
يصبح عند شركات السينما رافضًا لكل شىء آخر، بينما الواقع أن الإنسان
يكره ما لا يعرفه.
والمؤكد أن محفوظ شاهد «العزيمة»، وهو العاشق للسينما، وشاهد فيه
جوانب من الحياة التى عاشها فى طفولته وحتى شبابه المبكر، ولكنه كان
مستغرقًا فى كتابة ثلاثيته عن التاريخ المصرى القديم. وعندما كتب أولى
رواياته الواقعية «خان الخليلى» التى نشرت عام ١٩٤٥ كانت تحمل اسم أشهر
شوارع القاهرة الفاطمية مثل «زقاق المدق» عام ١٩٤٧، والثلاثية بعد ذلك.
ولكن هذه الروايات لم تكن تدور فى الحوارى تحديدًا، وإنما فى الأحياء
بكاملها، ما عدا «زقاق المدق»، والزقاق هو الحارة المسدودة.
وعندما بدأ محفوظ يشترك فى كتابة القصة السينمائية والسيناريو
السينمائى مع أبوسيف (قصة «مغامرات عنتر وعبلة» عام ١٩٤٧، وسيناريو
«المنتقم» عام ١٩٤٨، وإن عرض الثانى قبل الأول). كان أبوسيف يبحث عن نفسه
كمخرج حيث لا يعدو أن يكون الفيلمان من الأفلام التجارية السائدة، بل ولم
يكن «مغامرات عنتر وعبلة» إلا استغلالاً للنجاح التجارى الكبير لفيلم «عنتر
وعبلة» عام ١٩٤٥ إخراج نيازى مصطفى (١٩١١/١٩٨٦)، والذى أسس نوع «الأفلام
البدوية» فى السينما المصرية. وكان نجيب محفوظ فى نفس الوقت قد وجد نفسه فى
الواقعية منذ «خان الخليلى»، وكان عمله فى الفيلمين ممارسة لمهنة جديدة،
وأشبه بالتمرينات الحرفية.
ولكن مع الفيلم الثالث «لك يوم يا ظالم» عام ١٩٥١ حيث اشترك محفوظ مع
أبوسيف فى كتابة السيناريو بدأ تبلور مفهوم الواقعية عند أبوسيف، أو
بالأحرى تأثير واقعية محفوظ فى الأدب على واقعية أبوسيف فى السينما، وذلك
رغم أن السيناريو إعداد لرواية «تريز راكان» للكاتب الفرنسى إميل زولا مؤسس
الطبيعية فى الأدب، والتى تناقض الواقعية من الناحية الفكرية. ومع الفيلمين
التاليين لأبوسيف «ريا وسكينة» ١٩٥٣، «الوحش» ١٩٥٤، حيث كتب محفوظ القصة
واشترك فى السيناريو، تبلور مفهوم الواقعية عند أبوسيف، وفى السينما
المصرية عمومًا، وأصبح محفوظ مرتبطًا عند العامة والخاصة بالواقعية فى
الأدب كما ارتبط أبوسيف بالواقعية فى السينما.
كان محفوظ قد توقف عن كتابة الأدب، وأصبح كاتبًا محترفًا للسينما.
وكان كلا الفيلمين عن واقعة حقيقية، «ريا وسكينة» عن القضية التى هزت مصر
فى العشرينيات حيث تم الكشف عن عصابة إجرامية تقودها الأختان ريا وسكينة
لاستدراج النساء وقتلهن بعد سرقة حليهن ودفنهن أسفل المنزل، و«الوحش» عن
سفاح الصعيد الذى عرف باسم «الخط»، وفيه وصل أبوسيف إلى أولى ذرا النضج فى
مسيرته، وعرض الفيلم فى مسابقة مهرجان كان ١٩٥٤. وبينما ظل الخلط بين
الطبيعية والواقعية قائمًا فى «ريا وسكينة»، حيث يبدو الإجرام أقرب إلى
الطبيعة البشرية، جاء «الوحش» واقعيًا بالمعنى المذهبى للكلمة، يربط السلوك
بالواقع الاجتماعى.
هنا لم تعد الواقعية مجرد التصوير فى «الحارة»، أو مجرد البعد عن
التصوير فى القصور أو الأكواخ، وإنما التعبير عن الواقع الاجتماعى فى زمان
ومكان محددين، ومرتبطين بالتاريخ والجغرافيا أو البيئة. وفى الفيلم التالى
الذى اشترك فيه محفوظ كاتبًا للسيناريو، وكان فى الوقت نفسه أول أفلامه مع
مخرج آخر غير صلاح أبوسيف، وهو «جعلونى مجرمًا» إخراج عاطف سالم، بدت
الواقعية مباشرة من العنوان إلى المضمون الأحادى الذى يجعل الإجرام نتيجة
ميكانيكية للظلم الاجتماعى. وقد عبر محفوظ أكثر من مرة عن عدم إعجابه
بالفيلم، وهو أمر نادر بالنسبة إليه. فأغلب الأفلام التى أعدت عن أعماله
الأدبية كان أغلب النقاد «يشوهون» هذه الأعمال، خاصة ثلاثية «بين القصرين»،
ولكن موقف محفوظ كان حاسمًا فى أنه مسؤول عن العمل الأدبى فقط، والمخرج هو
المسؤول عن الفيلم، ولذلك أيضًا لم يشترك فى كتابة أى فيلم فى أى من أعماله
الأدبية.
ومن اللافت أن محفوظ كتب أو اشترك فى كتابة القصص والسيناريوهات
السينمائية، لكنه لم يكتب أو يشترك فى كتابة حوار أى فيلم، ويرجع هذا إلى
أن الحوار فى السينما المصرية بالعامية المصرية إلا فى الأفلام التاريخية
أو الدينية، وأن محفوظ لم يكتب قط حوارًا بالعامية فى أى من أعماله
الأدبية. وقد سألته عام ١٩٦٥ عن قضية الحوار بين العامية والفصحى، وقلت له
على سبيل المثال كيف يقول تاجر الغلال فى الجمالية فى نهاية «بين القصرين»
لزملاء ابنه «علام» عندما يقول له أحدهم لقد جئنا لك بخبر لم نكن نحب أن
يكون، وهو استشهاد الابن فى ثورة ١٩١٩، وكان رد محفوظ: تاجر الغلال فى عالم
الواقع لا يقول «علام»، ولكنه يقول ذلك فى عالمى الذى لا ينقل الواقع،
وإنما يصنع عالمًا موازيًا يعبر عنه.
وعن الحوار فى أدب نجيب محفوظ كتب الدكتور زكى نجيب محمود «كان نجيب
محفوظ فى كل ما كتبه واضح العبارة رصين الأسلوب، يجىء عنده اللفظ على قدر
المعنى، فلا إسهاب فى غير داعٍ، ولا اقتضاب فى غير موجب، ولا يستخدم إلا
الصورة الفصحى من اللغة العربية، دون أن تنشأ مشكلة الفصحى والعامية، التى
نشأت لكثيرين فأربكتهم وحيرتهم، فالرجل قد قرأ العربية فى فصيحها، فامتلأ
بها وسهل أمامه الطريق، مما يدل على أن مشكلة اللغة لم تنشأ إلا لمن لم
يقرأ، وخرج وإناء اللغة عنده فارغ».
فتوات الحسينية
يمكن تقسيم الأفلام التى كتبها محفوظ أو اشترك فى كتابتها للسينما إلى
أفلام محفوظية تعبر عن فكرة، وهى الغالبية منها، وأخرى تعبر عن فكر المخرج،
وعمل فيها كمحترف أو بالأحرى كحرفى، أو اضطر إلى الموافقة على كتابة اسمه
بين أسماء كتابها نتيجة وضعه الوظيفى كما فى فيلمى الدعاية السياسية اللذين
أخرجهما يوسف شاهين (١٩٢٦/٢٠٠٨)، وهما «جميلة الجزائرية» ١٩٥٨، و«الناصر
صلاح الدين» ١٩٦٣.
وأول الأفلام المحفوظية «فتوات الحسينية» إخراج نيازى مصطفى عام ١٩٥٤،
وكان أول وآخر فيلم اشترك فى كتابته (قصة وسيناريو) من إخراج نيازى مصطفى
الذى اشترك معه فى الكتابة. وكان نيازى مصطفى (١٩١١/١٩٨٦) أكبر مخرجى
الأفلام المصرية التجارية، ولايزال صاحب العدد الأكبر من الأفلام بين كل
مخرجى السينما المصرية فى كل تاريخها.
بالنسبة إلى نيازى مصطفى كان الفيلم من أفلام «الحركة» التى برع فى
إخراجها، وكان ترسيخًا لنمط «وحش الشاشة» الذى عرف به النجم فريد شوقى
(١٩٢٠/١٩٩٨) والذى ينتصر دائمًا على «شرير الشاشة» النجم محمود المليجى
(١٩١٠/١٩٨٣)، كما كان استخدامًا لقصة الحب التى ربطت بين فريد شوقى والنجمة
هدى سلطان (١٩٢٥/٢٠٠٦) فى الحقيقة، وزواجهما، كما فى الفيلم. ولكن بالنسبة
إلى نجيب محفوظ كان الأمر يختلف تمامًا، فقد كان الفيلم بداية ما أصبح بعد
ذلك نوعاً كاملاً فى السينما المصرية يمكن أن نطلق عليه «الفتوة»، مثل «الكاوبوى»
فى سينما الغرب الأمريكية، والتى كان محفوظ معجبًا بها إلى درجة الوله فى
طفولته وصباه كما قال، ومثل «الساموراى» فى السينما اليابانية. وكان الفيلم
بداية استخدام محفوظ نمط «الفتوة» فى قصصه ورواياته الأدبية بعد ذلك، بل
فور عودته إلى الأدب عام ١٩٥٧ عندما بدأ يكتب «أولاد حارتنا».
تقول الناقدة السينمائية مى التلمسانى فى مقالها «صورة الواقع أم واقع
الصورة»: التيار الواقعى أحد أهم تيارات السينما المصرية، ونجده بتنويعات
مختلفة فى النوع السينمائى الذى نطلق عليه «فيلم الحارة» أى الذى تدور
أحداثه كليًا أو جزئيًا فى حارة (مصر الفاطمية- إمبابة- شبرا)، والذى عادة
ما يصور الحارة بوصفها المعادل الرمزى للوطن (مصر). وفى هذا الإطار يبرز
اسم نجيب محفوظ روائيًا وكاتبًا للسيناريو كواحد من أهم ممثلى هذا التيار،
وتبرز أفلام الحارة التى كتب قصتها، أو اقتبست عن إحدى رواياته، ضمن أفضل
نماذج «فيلم الحارة» على مدار تاريخ النوع فى السينما المصرية».
ويتمثل نوع الحارة فى مئات الأفلام المصرية التجارية والفنية، والعديد
منها عن أعمال أدبية لمحفوظ، ولكنه ككاتب للسينما لم يكتب سوى فيلمين
متواليين من نوع الحارة، وهما «فتوات الحسينية»، ثم «درب المهابيل» إخراج
توفيق صالح عام ١٩٥٥. أما النوع الذى ابتدعه فى السينما ثم بعد ذلك فى
الأدب، فهو نوع الفتوة الذى يدور فى الحوارى بدوره، ولكنه لا يستهدف
التعبير عن الواقع الاجتماعى، وإنما عن القضية التى شغلته أكثر من أى قضية
أخرى، وهى الصراع بين القوة والعدل، أو بين القوة والقانون الذى يحقق
العدل، ويتجاوز فيه التعبير الرمزى مصر إلى العالم كله والتاريخ كله.
«الفتوة» حسب «المنجد فى اللغة» تعنى الشباب، وفى دراسته «الفتوات عند
نجيب محفوظ» يذكر المستشرق الهولندى كورنيس نيلاند أن تاريخ اللفظ «فتوة»
يعود إلى القرن الثالث الهجرى حسب «دائرة المعارف الإسلامية»، وأن «بعض
الكتاب يصورون (الفتوات) بأنهم صبيان يعيشون جماعات قوامها التضامن والصحبة
والتكريس، وآخرين يرون أنهم يسببون الفوضى ويثيرون الشغب» وأن «المستشرق
الإنجليزى مارجليوت فى كتابه «القاهرة- بيت القدس- دمشق» عام ١٩٠٧ يذكر أن
السلطان قلاوون أوصى من يخلفه بأن يرصد قاعات الفتوات فى حى الحسينية لأن
الاستفزاز من طبيعتهم».
ويذكر نيلاند أن كلمة «فتوة» الآن ليست إلا مرادفاً لكلمة «بلطجى» أو
«قبضاى»، وأن أقدم وصف للفتوة المعاصر نجده فى كتاب يوسف بن حجاج «مذكرات
فتوة» عام ١٩٢٦. ويروى هذا الفتوة فى كتابه أنه «شارك فى مظاهرات الطلاب
التى خرجت احتجاجًا على قرار نفى سعد زغلول من دون أن يعلم غاية
المظاهرات».
وفى أدب محفوظ كان أول فتوة حسب نيلاند هو حسن فى رواية «بداية
ونهاية» التى صدرت فى القاهرة عام ١٩٥١. ولكن حسن لم يكن «فتوة»، وإنما
أصبح كذلك بالصدفة عندما تصدى لشخص يثير الرعب فى أحد البارات، فاستخدمه
مالك البار لحمايته.
وقد أتم محفوظ الثلاثية فى أبريل ١٩٥٢، ولكنها صدرت فى ثلاثة كتب عامى
١٩٥٦ و١٩٥٧. وفى الجزء الأول «بين القصرين» لا نجد كلمة «فتوة» حسب نيلاند
«إلا مرة واحدة، وذلك عندما يسوق الجنود الإنجليز أحمد عبدالجواد، إثر
عودته من سهرة مع أصدقائه، إلى إحدى الحفر التى حفرها فتوات الحسينية بغية
عرقلة مرور عربات الجنود».
«الفتوة» إذن لم يكن يشغل محفوظ فى أدبه أو أفلامه قبل ثورة يوليو
١٩٥٢، بينما أصبح محورًا أساسيًا فى أدبه بعد ذلك، وكانت البداية فى فيلم
«فتوات الحسينية». وقصة الفيلم عن زقلط فتوة حى الحسينية الذى نراه يسلم
عصاه إلى ابنه بيومى بعد أن أصبح شابًا، ويوصيه بالعناية بشقيقه أحمد،
والعمل على استرداد بيتهم الذى استولت عليه «شطة» بعد أن سجن الفتوة جعلص.
وينجح بيومى فى استرداد البيت، ويحول الشيخ إبراهيم دون نشوب صراع بين
بيومى وجعلص بعد خروجه من السجن. يتبادل بيومى الحب مع زبيدة العالمة
ويتزوجان، ولكن جعلص الذى يشتهى زبيدة يدبر لاتهام بيومى بالسرقة، فيُحكم
عليه بالسجن خمس سنوات. وفى غيابه تقاوم زبيدة رغبة جعلص بالتعاون مع أحمد
شقيق بيومى، وربيبتها زنوبة. وعندما يخرج بيومى من السجن، يتمكن من إثبات
براءته، ويقبض على جعلص، ويتفق أهل الحى على أن تصبح السلطة للشرطة دون
غيرها.
واللافت أن الفتوة فى الفيلم يحمل اسم بيومى الذى أشار إليه محفوظ فى
ذكرياته عن الفتوات فى طفولته، وأن العالمة فى الفيلم تحمل نفس اسم العالمة
فى ثلاثية «بين القصرين» (زبيدة)، بل وكذلك اسم ربيبتها (زنوبة). والعالمة
فى العامية المصرية هى المرأة التى كانت ترقص وتغنى فى السهرات الخاصة فى
بيتها وفى حفلات الزفاف قبل أن تعرف المدن المصرية الملاهى الليلية فى
العشرينيات. وكلمة «العالمة» ليس لها تعريف فى قاموس اللغة العربية، ولكن
الأرجح أن المقصود بها أنها المرأة التى تشكل عالماً قائماً بذاته تدعوك
إليه، فكلمة العالم فى «المنجد» هى «جمع عوالم وعالمون وعلاليم: الخلق
كله». وقد انتقدت بعنف فيلم «قصر الشوق» إخراج حسن الإمام (١٩١٩/١٩٨٨) عام
١٩٦٧، لتركيز المخرج على زبيدة وزنوبة ودنيا العوالم، وعقب محفوظ بقوله إن
هذا هو عالم حسن الإمام الذى عاشه بنفسه، والفيلم يعبر عن رؤيته للرواية.
لقد استخدم نجيب محفوظ سلاح الدهاء، كما وصفه جويس، فى التعبير عن
موقفه المناهض للحكم العسكرى فى مصر بعد ثورة يوليو ١٩٥٢، ووجد فى «الفتوة»
ضالته من حيث تمثيله للسعى إلى تحقيق العدل عن طريق «القوة» بدلاً من
تحقيقه عن طريق «القانون العادل». والقضية المركزية فى عالم محفوظ كما
ذكرنا هى قضية العدل بين الناس فى الحياة. وبحكم إيمانه بالديمقراطية وحكم
القانون يرفض تمامًا «القوة» سواء قوة العضلات أم القوة المسلحة كأسلوب
لتحقيق العدل، وتترسب فى أعماقه مقولة سعد زغلول «الحق فوق القوة، والأمة
فوق الحكومة».
أفلام صلاح أبوسيف
من بين الأفلام الـ٢٩ التى تحمل اسم نجيب محفوظ كاتباً للسينما هناك
١٢ فيلماً من إخراج صلاح أبوسيف، وهو أكبر عدد لمخرج واحد، يليه يوسف شاهين
٣ أفلام، وعاطف سالم (١٩٢٧/٢٠٠٢) ٣ أفلام، وحسام الدين مصطفى (١٩٢٦/٢٠٠٢)
فيلمان، وفيلم واحد لكل من نيازى مصطفى، وتوفيق صالح، وفطين عبدالوهاب
(١٩١٣/١٩٧٢)، وحسن رمزى (١٩١٢/١٩٧٧)، وإبراهيم السيد، ونور الدمرداش
(١٩٢٥/١٩٩٤)، وكمال الشيخ (١٩١٨/٢٠٠٤)، وحسين كمال (١٩٣٢/٢٠٠٣)، وحسن
الإمام.
وليس من الغريب أن يكون العدد الأكبر من الأفلام التى كتبها محفوظ
للسينما من إخراج «أبوسيف» الذى كان اللقاء بينهما فى نهاية الأربعينيات
«تاريخيا» كما أسلفنا. وبعد الأفلام الخمسة الأولى كان الفيلم السادس مع
أبوسيف «الفتوة» عام ١٩٥٧، وهو من روائع السينما المصرية فى كل عصورها.
و«الفتوة» هنا ليس بيومى فتوة الحسينية، وإنما حسن فتوة «بداية ونهاية»
الذى يجد نفسه مدفوعًا إلى استخدام قوته البدنية رغمًا عنه. ومن اللافت أن
أبوسيف أسند الدور إلى فريد شوقى الذى قام بدور بيومى فى «فتوات الحسينية»،
وبدور حسن فى الفيلم الذى أخرجه أبوسيف عن رواية «بداية ونهاية» عام ١٩٦٠،
وكان أول عمل أدبى لمحفوظ يعد للسينما.
مثل «ريا وسكينة» و«الوحش»، يستند سيناريو «الفتوة» الذى اشترك محفوظ
فى كتابته على وقائع حقيقية عن أحد كبار محتكرى تجارة الفاكهة فى أسواق
القاهرة، ويحلل الفيلم آليات السوق الرأسمالية على نحو غير مسبوق، وفى
نهايته تتكرر البداية مرة أخرى بمجىء «فتوة» آخر يبشر بإعادة إنتاج نفس
الأحداث، مما يعنى أن التغيير الحقيقى يكون فى آليات السوق، وليس فى تغيير
الأشخاص. وكان الفيلم يعبر عن النزعة الاشتراكية لمخرجه، والذى تولى إدارة
مؤسسة السينما عقب القرارات الاشتراكية التى أعلنها الرئيس عبدالناصر عام
١٩٦١.
وفى العام التالى مباشرة اشترك محفوظ مع أبوسيف فى كتابة سيناريو
«مجرم فى إجازة» ١٩٥٨، وهو أقل أفلامهما شأنا، ويذكر بفيلم «جعلونى مجرماً»
من حيث تعبيره المباشر عن أن المجرم لا يولد مجرمًا، وإنما تصنعه البيئة
التى نشأ فيها. ولكن فى نفس العام بدأ أبوسيف ما يعرف بمرحلته الإحسانية
نسبة إلى الأديب إحسان عبدالقدوس (١٩١٩/١٩٩٠)، حيث أخرج عدة أفلام عن
رواياته، منها فيلمان كتب لهما محفوظ السيناريو، وهما «الطريق المسدود»
١٩٥٨، و«أنا حرة» ١٩٥٩، وكانا أول فيلمين يكتب لهما محفوظ السيناريو
منفردًا، وفيهما احترم الأصل الأدبى احترامًا كبيرًا.
هاجم نقاد اليسار أفلام أبوسيف المأخوذة عن روايات عبدالقدوس
باعتبارها روايات تدور فى أوساط الشرائح العليا من الطبقة الوسطى، وكان
عنوان إحدى مقالاتهم «عد إلى بولاق يا مخرج الواقعية»، وكأن الواقعية تعنى
فقط أن تدور الأحداث فى الأحياء الفقيرة. وقد ظلم نقاد اليسار فى مجال
النقد الأدبى عبدالقدوس أيضًا لنفس السبب، ولأن رواياته كانت رائجة،
فاعتبرت فى مرتبة أدنى، بينما يتميز عبدالقدوس باقتحام محرمات الجنس والدين
والعائلة، كما يعتبر أكبر من دافع عن حقوق المرأة فى الأدب.
وتعتبر روايتا «الطريق المسدود» و«أنا حرة»، وكذلك الفيلمان المأخوذان
عنهما، من أهم الأفلام التى دافعت عن حقوق المرأة فى السينما المصرية. ففى
«أنا حرة» تدور الأحداث قبل ثورة يوليو، وتعبر عن ثورة المرأة وانتزاعها حق
التعليم وحق العمل وحق اختيار زوجها، وإن بدا الجانب «المحافظ» عند أبوسيف
فى نهاية الفيلم. ومثلت الدور الرئيسى لبنى عبدالعزيز التى كانت من أيقونات
الحركة النسائية فى السينما نهاية الخمسينيات. وفى «الطريق المسدود» تمثل
فاتن حمامة التى طالما دافعت عن حقوق المرأة، ولاتزال، والمشاكل التى تواجه
المرأة العاملة من خلال مدرسة تعمل فى قرية، لمجرد أنها غير متزوجة.
وكان الفيلم التالى مع أبوسيف «بين السماء والأرض» فى نفس العام ١٩٥٩،
وجاء فيلمًا محفوظيًا خالصًا عن قصة سينمائية خالصة من تأليفه، ومن روائع
أفلام أبوسيف وأكثرها تجديدًا حيث تدور أغلب الأحداث فى مصعد معطل بين
طابقين فى عمارة كبيرة، وتتنوع الشخصيات: المرأة الحامل، الممثلة الفاتنة،
الزوجة الخائنة، الفتاة اليائسة التى تستعد للانتحار مع حبيبها من أعلى
السطح، واللص المحترف، والعجوز الذى يريد الزواج من فتاة صغيرة، والمهووس
الجنسى، بل الهارب من مستشفى الأمراض العقلية. ويبدو المصعد مصغراً للحياة
حيث تلد المرأة الحامل، ويموت العجوز من قلة الهواء النقى، وتتراوح مشاعر
الناس بين اليأس واللجوء إلى الله، والتوبة عما كان ينوى البعض منهم فعله،
وبين الأمل فى الخروج من المحنة. وعندما يعود المصعد إلى العمل يعود كل
منهم إلى سيرته الأولى من دون أن يتعلم شيئًا. إننا فى نفس العام الذى نشر
فيه محفوظ «أولاد حارتنا» عن تاريخ البشرية، وكرر فيما مأثورته «ولكن آفة
حارتنا النسيان».
وبعد عشرة أفلام من ١٩٤٧ إلى ١٩٥٩، وعشر سنوات من انقطاع التعاون فى
الكتابة للسينما بين محفوظ وأبوسيف من ١٩٥٩ إلى ١٩٦٩، عاد اسم الكاتب
ليشترك فى إعداد القصة السينمائية لفيلم «شىء من العذاب» مع مؤلفها أحمد
رجب، وهو فيلم تجارى عن مسلسل للراديو لقى نجاحًا كبيرًا، يدور حول علاقة
بين فتاة شابة قامت بدورها سعاد حسنى (١٩٤٢/٢٠٠١) فى ذروة تألقها، ورجل
يكبرها فى العمر قام بدوره النجم يحيى شاهين (١٩١٧/١٩٩٤). أما الفيلم
الثانى عشر والأخير الذى جمع علم الواقعية فى الأدب والسينما «المجرم» عام
١٩٧٨، فكان إعادة إخراج لسيناريو «لك يوم يا ظالم» عام ١٩٥١، ولكن بنجمين
جديدين، هما حسن يوسف وشمس البارودى بعد زواجهما فى الواقع.
هناك عشرة محاور للعلاقة بين نجيب محفوظ (١٩١١/٢٠٠٦) والسينما، هى:
١ - الأفلام التى كتبها أو اشترك فى كتابتها للسينما، ولم تنشر كأعمال
أدبية.
٢ - كتاباته وحواراته المنشورة عن السينما.
٣ - تأثير اللغة السينمائية على أسلوبه الأدبى.
٤ - السينما فى عالمه الأدبى.
٥ - الأفلام الطويلة السينمائية والتليفزيونية التى أعدت عن أعماله
الأدبية.
٦ - الأفلام القصيرة السينمائية والتليفزيونية التى أعدت عن أعماله
الأدبية.
٧ - أفلام طلبة معاهد السينما التى أعدت عن أعماله الأدبية.
٨ - الأفلام التسجيلية والبرامج التليفزيونية التى أنتجت عنه، أو
اشترك فيها.
٩ - عمله فى إدارة العلاقة بين الدولة والسينما.
١٠ - عمله كرقيب على الأفلام.
ويتمثل المحور الأول فى ٢٩ فيلمًا مصريًا روائيًا طويلاً عُرضت فى الفترة
من ١٩٤٧ إلى ١٩٧٨، وهى:
1.
١٩٤٧ - المنتقم ـ إخراج صلاح
أبوسيف ـ اشتراك فى السيناريو
2.
١٩٤٨ - مغامرات عنتر وعبلة ـ
إخراج صلاح أبوسيف ـ اشتراك فى القصة
3.
١٩٥١ - لك يوم يا ظالم ـ إخراج
صلاح أبوسيف ـ اشتراك فى السيناريو
4.
١٩٥٣ - ريا وسكينة ـ إخراج صلاح
أبوسيف ـ القصة واشتراك فى السيناريو
5.
١٩٥٤ - الوحش ـ إخراج صلاح
أبوسيف ـ القصة واشتراك فى السيناريو
6.
١٩٥٤ - جعلونى مجرمًا ـ إخراج
عاطف سالم ـ اشتراك فى السيناريو
7.
١٩٥٤ - فتوات الحسينية ـ إخراج
نيازى مصطفى ـ اشتراك فى القصة والسيناريو
8.
١٩٥٥ - درب المهابيل ـ إخراج
توفيق صالح ـ القصة واشتراك فى السيناريو
9.
١٩٥٦ - النمرود ـ إخراج عاطف
سالم ـ اشتراك فى السيناريو
10.
١٩٥٧ - الفتوة ـ إخراج صلاح
أبوسيف ـ اشتراك فى السيناريو
11.
١٩٥٨ - مجرم فى إجازة ـ إخراج
صلاح أبوسيف ـ اشتراك فى السيناريو
12.
١٩٥٨ - ساحر النساء ـ إخراج فطين
عبدالوهاب ـ القصة
13.
١٩٥٨ - الطريق المسدود ـ إخراج
صلاح أبوسيف ـ السيناريو
14.
١٩٥٨ - الهاربة ـ إخراج حسن رمزى
ـ اشتراك فى السيناريو
15.
١٩٥٨ - جميلة الجزائرية ـ إخراج
يوسف شاهين ـ اشتراك فى السيناريو
16.
١٩٥٩ - أنا حرة ـ إخراج صلاح
أبوسيف ـ السيناريو
17.
١٩٥٩ - الله أكبر ـ إخراج
إبراهيم السيد ـ السيناريو
18.
١٩٥٩ - إحنا التلامذة ـ إخراج
عاطف سالم ـ السيناريو
19.
١٩٥٩ - بين السماء والأرض ـ
إخراج صلاح أبوسيف ـ القصة
20.
١٩٦٣ - الناصر صلاح الدين ـ
إخراج يوسف شاهين ـ اشتراك فى القصة
21.
١٩٦٤ - ثمن الحرية ـ إخراج نور
الدمرداش ـ القصة
22.
١٩٦٩ - شىء من العذاب ـ إخراج
صلاح أبوسيف ـ اشتراك فى القصة
23.
١٩٦٩ - بئر الحرمان ـ إخراج كمال
الشيخ ـ القصة
24.
١٩٧٠ - دلال المصرية ـ إخراج حسن
الإمام ـ القصة
25.
١٩٧١ - الاختيار ـ إخراج يوسف
شاهين ـ اشتراك فى القصة
26.
١٩٧٢ - إمبراطورية ميم ـ إخراج
حسين كمال ـ القصة
27.
١٩٧٣ - ذات الوجهين ـ إخراج حسام
الدين مصطفى ـ القصة
28.
١٩٧٦ - توحيدة ـ إخراج حسام
الدين مصطفى ـ القصة
29.
١٩٧٨ - المجرم ـ إخراج صلاح
أبوسيف ـ اشتراك فى السيناريو
المصري اليوم في
11/12/2011
مصر تحتفل ببدء سنة مئوية
«محفوظ»
بقلم
سمير فريد
١٣/
١٢/
٢٠١١
بدأت احتفالات مصر ببدء سنة مئوية ميلاد نجيب محفوظ (١١ ديسمبر ٢٠١١-
١١ ديسمبر ٢٠١٢) يوم الجمعة ٩ ديسمبر بإصدار ملحق خاص مع جريدتى «الأهرام»
و«الأخبار»، وفى يوم الأحد ١١ ديسمبر، وهو يوم عيد ميلاده، صدر ملحق خاص فى
«المصرى اليوم»، وعدد خاص من جريدة «أخبار الأدب» التى تصدر عن دار «أخبار
اليوم»، وعدد خاص من مجلة «الثقافة الجديدة» التى تصدر عن الهيئة العامة
لقصور الثقافة فى وزارة الثقافة.
ونحن نقول بدء سنة المئوية، لأن كل الاحتفالات المئوية فى كل بلاد
العالم تستمر لمدة سنة، ويعد لها فى سنوات قبل ذلك، وفى ٧ فبراير المقبل
٢٠١٢ تبدأ احتفالات بريطانيا بمرور مائتى سنة على مولد كاتبها الروائى
الأشهر شارلز ديكنز (١٨١٢- ١٨٧٠)، وقد أعد لها منذ سنوات بحيث تستمر لمدة
سنة، وتشمل إصدار طبعات فاخرة وأخرى شعبية من كل أعماله، وترميم وطبع نسخ
جديدة من كل الأفلام التى صنعت عن رواياته، إلى جانب المؤتمرات العلمية
والندوات وإصدار كتب جديدة، وإعادة طبع كتب أساسية سبق صدورها عن حياته
وأدبه. ومكانة نجيب محفوظ فى الأدب العربى مثل مكانة «ديكنز» فى الأدب
الإنجليزى، وقد كنا نتمنى أن يعد لمئويته الأولى كما أعد لمئوية «ديكنز»
الثانية، ومع ذلك لايزال هناك وقت لتقوم المؤسسات الحكومية وغير الحكومية
بواجبها.
صندوق التنمية الثقافية فى وزارة الثقافة يشارك فى الاحتفالات منذ
الأحد بعرض فنون تشكيلية من وحى أعمال «محفوظ» فى قصر الأمير «طاز» فى
شبرا، وورشة فنوق تشكيلية عن شخصيات «محفوظ» فى مركز طلعت حرب الثقافى فى
السيدة زينب، وورشة كاريكاتير عن الموضوع نفسه فى مركز الحرية للإبداع
بالإسكندرية، وإلى جانب برنامج مركز الفنون فى مكتبة الإسكندرية، والذى بدأ
الأحد، ويستمر حتى الأحد، ويتضمن عرض الفيلمين اللذين أعدا عن روايتى
«بداية ونهاية» و«زقاق المدق» فى المكسيك، ومعرضاً «فوتوغرافياً»، تنظم
المكتبة فى بيت السنارى بالقاهرة برنامجاً حافلاً تحت عنوان «إعادة اكتشاف
نجيب محفوظ» يستمر حتى ٣١ ديسمبر، ويشمل ثلاث معارض للكتب والفوتوغرافياً
وملصقات الأفلام وعروض أفلام وندوات.
وتحت عنوان «مائة كاتب وروائى فى مئوية نجيب محفوظ» نظم «ائتلاف
الثقافة المستقلة، وجماعة «الفن ميدان» ثلاث احتفاليات بدأت فى القاهرة يوم
الأحد، وفى الإسكندرية يوم الاثنين، وفى الأقصر غداً الأربعاء، كما بدأت
الأحد فى المجلس الأعلى للثقافة حلقة بحث لجنة السينما عن نجيب محفوظ،
السينما والتليفزيون، والتى تختتم أعمالها غداً».
١٢
كتاباً عن نجيب محفوظ
والسينما
بقلم
سمير فريد
١٤/
١٢/
٢٠١١
تختتم اليوم حلقة بحث «نجيب محفوظ فى السينما والتليفزيون»، التى
نظمتها لجنة السينما فى المجلس الأعلى للثقافة، تحت إشراف الباحث والناقد
ومخرج الأفلام التسجيلية الكبير هاشم النحاس.
وأبحاث الحلقة هى حسب ترتيب الجلسات:
- نجوم السينما فى سفينة محفوظ (كمال رمزى).
- تجربتى فى أداء شخصية شوكت فى الثلاثية (د.فاروق الرشيدى).
- السيناريو كمرحلة انتقالية فى أدب محفوظ (د.محمد كامل القليوبى).
- بين نهايات الأفلام ونهايات الروايات (محمود قاسم).
- رواية «الطريق» بين فيلمين (مصطفى محرم).
- الواقع والميتافيزيقاً عند محفوظ (محمد أبوالعلا السلامونى).
- تجربتى مع إبداعات الأستاذ (عاطف بشاى).
- مدخل لقراءة سينما محفوظ (د.أحمد عبدالحليم).
- أدب محفوظ فى السينما (هاشم النحاس).
- نجيب محفوظ والتليفزيون (ماجدة موريس).
أخرج هاشم النحاس فيلمين تسجيليين عن نجيب محفوظ، الأول «نجيب محفوظ
ضمير عصره»، من إنتاج المركز القومى للسينما، بعد فوز «محفوظ» بجائزة نوبل
للآداب عام ١٩٨٨، والثانى «رموز مصرية» عام ٢٠٠٣ من إنتاج شبكة «دريم»
التليفزيونية عن الاحتفال بعيد ميلاد محفوظ ذلك العام، ويعتبر هاشم النحاس
رائد الدراسات المحفوظية السينمائية، من دون جدال، فهو صاحب كتاب «يوميات
فيلم القاهرة ٣٠» عام ١٩٦٧، عن فيلم صلاح أبوسيف، الذى أخرجه عن رواية
«القاهرة الجديدة»، وتابع «هاشم» تصويره يوماً بيوم فى ذلك الكتاب الممتع
والفريد.
وفى عام ١٩٧١ أصدر هاشم النحاس أول كتاب عن أفلام نجيب محفوظ بعنوان
«نجيب محفوظ على الشاشة»، وبعد عشرين سنة كاملة صدرت الكتب العشرة التالية
حتى عام ٢٠١١:
- نجيب محفوظ والسينما (سمير فريد) ١٩٩٠.
- نجيب محفوظ فى السينما المصرية (هاشم النحاس) ١٩٩٧.
- عالم نجيب محفوظ السينمائى (د.وليد سيف) ٢٠٠١.
- السينما فى عالم نجيب محفوظ (مصطفى بيومى) ٢٠٠٢.
- نجيب محفوظ فى السينما المكسيكية (د.حسن عطية) ٢٠٠٢.
- السينما فى أدب نجيب محفوظ (د.عبدالتواب حماد) ٢٠٠٣.
- بصمة محفوظ السينمائية (هاشم النحاس) ٢٠٠٦.
- موسوعة نجيب محفوظ والسينما (د.مدكور ثابت) ٢٠٠٦.
- نجيب محفوظ بين الفيلم والرواية (محمود قاسم) ٢٠١١.
وفى احتفال مهرجان أبوظبى السينمائى الدولى فى أكتوبر الماضى بمئوية
محفوظ، صدر الكتاب الـ١١ بعنوان «نجيب محفوظ سينمائياً»، واشترك فيه بترتيب
نشر الأبحاث: سمير فريد، وإبراهيم العريس، وباث جارسيا، وكمال رمزى، ووائل
عبدالفتاح، ومع حلقة بحث المجلس الأعلى للثقافة فى احتفالات المئوية صدر
الكتاب الـ١٢، ويتضمن أبحاث الحلقة.
اليوم مخطوطات «محفوظ» فى مزاد بلندن
بقلم
سمير فريد
١٥/
١٢/
٢٠١١
كلمة عالمى تعنى ما يعرف فى كل العالم أو أغلب دول العالم على الصعيد
الشعبى، وفى مجالات الآداب والفنون لا تنطبق هذه الصفة إلا على ثلاثة
مصريين، وهم الراحلان الكاتب نجيب محفوظ، والمخرج السينمائى يوسف شاهين،
والممثل عمر الشريف -أطال الله عمره ومتعه بالصحة والعافية.
وقد حقق نجيب محفوظ العالمية بهذا المفهوم بعد فوزه بجائزة نوبل
للآداب عام ١٩٨٨، وكان، ولايزال الأديب العربى الوحيد الذى فاز بها، فقد
ترجمت رواياته وقصصه إلى كل اللغات «الحية»، والكثير من اللغات محدودة
الانتشار أيضاً، وصدرت فى طبعات «شعبية»، وأصبح من الممكن أن ترى من يقرأون
كتبه وهم فى القطارات أو الطائرات.
ولا شك أنه من دون ترجمات الجامعة الأمريكية فى القاهرة لأعمال محفوظ
إلى اللغة الإنجليزية ما فاز بجائزة نوبل، وهذه الجامعة والجامعة الأمريكية
فى بيروت لهما دور كبير فى تحديث العالم العربى لا يقل عن دور جامعة
القاهرة التى كانت أول جامعة فى العالم الإسلامى منذ بداية الدعوة
الإسلامية، أى منذ ألف وأربعمائة سنة، تدرس العلوم «المدنية ولا تقتصر على
تدريس العلوم الدينية»، ومفهوم الجامعة الحديث الذى تعبر عنه الجامعة
الأمريكية فى القاهرة بامتياز، ليست المؤسسة التعليمية التى يدرس فيها من
يدرس ويحصل على شهادة عند التخرج، وإنما أن يكون لها دور فاعل فى تقدم
الأمة على جميع المستويات، ويتمثل ذلك فى نشر الكتب والدوريات العلمية، وفى
ترجمة الأدب العربى إلى الإنجليزية، وفى إقامة المتاحف واقتناء المجموعات
الخاصة مثل أرشيف الفوتوغرافى «فان ليو»، ومكتبة المعمارى حسن فتحى،
وغيرهما من المقتنيات النادرة.
وبمناسبة بدء سنة مئوية محفوظ أطلقت الجامعة الأمريكية فى القاهرة
أرشيفاً كبيراً على الإنترنت موقعه:
http:/www.aucpress.com/t-NM.aspx، كما أصدرت «مكتبة المئوية الفريدة» المكونة من
عشرين مجلداً فى تسعة آلاف صفحة تتضمن ٣٥ رواية وثلاث مجموعات قصصية
ومقالات الكاتب المصرى العالمى الكبير.
ومما يؤكد عالمية نجيب محفوظ المزاد الذى يقام فى لندن اليوم فى صالة
«سوزبيز» للمزادات على مجموعة من مخطوطات كأحد أعلام القرن العشرين، والذى
من المتوقع أن يبدأ بـ٧٠ ألف جنيه إسترلينى، وتتضمن المجموعة قصصاً لم تنشر
مثل «البحث عن زوج» عام ١٩٣٧، وقصص مجموعة «همس الجنون» عام ١٩٣٨، وحتى آخر
أعماله «الأحلام». وقد صرح جابرييل هبتون، كبير المتخصصين فى المخطوطات لدى
«سوزبيز»: بأنه «لشرف عظيم أن نقدم مخطوطات (محفوظ) التى تعرض لأول مرة فى
مزاد علنى».
المصري اليوم في
15/12/2011 |