قدم السيناريست أحمد أبوزيد مسلسل «العار» رمضان الماضي وتبعه بـ«آدم»
هذا العام ليحجز له مساحة مميزة علي شاشة التليفزيون، ورغم تعرض المسلسل
لحملات مقاطعة بسبب البطل إلا أنه لم يخش ذلك لتعوده علي الهجوم منذ عمله
الأول مؤكداً ثقته بذوق الجمهور وقدرته علي التمييز بين العمل الجيد
والرديء"فكان معه هذا الحوار:
·
قصة «آدم» كان من المقرر تقديمها
كفيلم فلماذا تم تحويله لمسلسل؟
- فكرة العمل كانت لدي منذ 2003 حيث حاولت إيجاد طريقة لتسويقه لكن
للأسف طبيعة المنتجين تبحث عن الشيء التجاري وكان الموضوع بالنسبة لهم غير
جاذب فلم تتحمس له إلا شركة واحدة ثم حدثت الأزمة الاقتصادية العالمية عام
2005 فتوقفت الفكرة وعندما جاءت الفكرة للعمل مع تامر حسني بحثت عما يناسبه
فوجدته في هذا المسلسل وفوجئت بإعجابه به رغم أن قصته بها العديد من
الأحداث، حيث قال إنه يريد تقديم شيء مهم لأنه سيدخل كل بيت ولابد أن أحترم
هذا فقدمت معالجة تليفزيونية تناسبه كمسلسل.
·
ولماذا إذن تم تغيير الاسم من
«ابن بلد» إلي «آدم»؟
- في المرحلة الماضية قدم المطرب محمد فؤاد أغنية بعنوان «ابن بلد»
فطلب تامرحسني تغيير الاسم لأن الجمهورطالبه علي الفيس بوك بتغيير الاسم
حتي لا يكون هناك تقليد، كما سرت إشاعة بأن المسلسل قريب من قصة محمد فؤاد.
التجربه الأولي
·
لكن ألم تشعر بالقلق من خوض
تامرحسني التجربة الأولي في الدراما من خلال «آدم»؟
- علي العكس تماماً فقد كنت سعيداً لأنه له جماهيرية وعندما يقدم
الفيديو لأول مرة سيجد جمهوره مما يتيح لي فرصة مشاهدة العمل من أكبر عدد
من المشاهدين، كما وضعت في اعتباري أن أضع له شكلاً جديداً عليه لم يعتده
الجمهورلأنه ربما يتوقع أن يقدم عملاً كوميدياً أو رومانسياً ولكنه فوجئ
بدور جاد.
حملات المقاطعة
·
ولكن بطل المسلسل تعرض لحملات
مقاطعة بسبب موقفه من الثورة في بدايتها، فماذا فعلت إزاء ذلك؟
- لم أشعر بالقلق مطلقاً وإن كان البعض نقل عني كلاماً خطأ، ولكن أي
إنسان لابد أن يشعر بالقلق الطبيعي، حيث إن لي تجربة سابقة من خلال مسلسل
«العار» قبل نزوله والهجوم الذي طاله قبل عرضه والاتهام بالإفلاس الفكري
وهذا الهجوم يعطي للجمهور وجهة نظر مغايرة تماماً للحقيقة وعندما يتم عرض
العمل يتلاشاه في الأسبوع الأول، ولكن اذا كان العمل جيداً يحقق صدي فيجذب
الجمهور، حيث ارتفعت كثافة المشاهدة منذ الأسبوع الثاني وهو ما حدث مع
«العار» ومن هنا كان النجاح، وقد كان لدىّ أمل أن يحدث هذا مع «آدم» حتي
ولو تجاهله الناس في الفترة الأولي، حيث إن طبيعة العمل وجديته ستجذبانهم
لاحقاً، لذا لم أشعر بالقلق.
·
تمت الاستعانة بعدد كبير من
النجوم الشباب ومعظمهم من «العار»، فهل تعمدت ذلك؟
- أي عمل ناجح يكون ببطولة جماعية وليس بنجم واحد وهذه بطولة جماعية،
عندما يكون لدينا نجم كبير ونضع بجواره نجوماً أخري يخدم العمل ويعطيه ثقلا
وهؤلاء النجوم لهم معجبوهم أيضاً، ربما لا يفضل المشاهد نجم العمل بينما
يفضل النجوم الأخري، كما أحاول أن أعطي الفرصة ليس للنجم فقط لكن للأدوار
الثانوية أيضاً، حيث أصنع لها حدوتة يعرف لها الجمهور بداية ووسطاً ونهاية
فيشعر أنها شخصية من لحم ودم وأري أنها بطلة القصة، وفي النهاية يكون
الجمهور ربط بين الشخصية.
·
وما الهدف الذي حاولت إيصاله من
خلال هذا العمل؟
- الهدف واضح وقد ذكرته في العمل بصورة مباشرة وهو"ويلاً لمن لايريد
أن يحيا مرفوع الرأس في عصر انحنت فيه الرءوس"نتحدث في هذا المسلسل عن
الشرف والكرامة فالإنسان بمقدار كرامته وشرفه وليس أمواله، هذا هو الإنسان
الذي نحلم به، ولكن المشكلة أن الإنسان صاحب الكرامة والشرف أصبح يجد صعوبة
في التعايش مع الناس وعليه أن يعيش في جزيرة منعزلة.
ثورة 25يناير
·
كيف تري ثورة 25يناير وتأثيرها
علي الحركة الفنية؟
- لقد أثرت بالفعل علي الحركة الفنية وهناك موضوعات معينة لابد من
الكف عن الحديث فيها، للفن دور مهم فعن طريقه يتم تشكيل وعي الجمهور، حيث
يشاهد النجم ويقلده لذا لابد من وضعه في نمط جيد، لقد قدمت تامر حسني في
دور جيد لأن الجمهور سيتأثر به حيث قال لي إن له جمهوره يبدأ من عمر
المراهقين لذلك لابد من إعطائهم رسائل إيجابية، تراكم مثل هذه الأعمال يخلق
جيلا صاحب قيم يتأثر بها لقد أخذنا فترة زمنية طويلة استهلكنا خلالها
شخصيات سلبية مما ساهم في خلق جيل «فهلوي» فكان الفن في ذلك الوقت من
العوامل التي رسخت لهذا الجانب السلبي.
·
إذن ما قراءتك للثورة بعد عدة
شهور، وهل تعتقد أننا نسير في طريق الحرية؟
- بالفعل نسير في الطريق الصحيح ولكننا نسير ببطء ولكن الهدف واضح وفي
النهاية سنصل إليه، كما أننا أقل الثورات خسائر المهم أن ننتبه، ولدينا
مرحلة جديدة لابد أن نفكر فيها ونحدد هدفنا فحتي الآن مازلنا نفكر في
الماضي لابد أن ننظر للمستقبل وهذا دور الفن لأنه صاحب خيال يسبق العلم،
مثلما نري أسلحة معينة في الفيلم غير حقيقية وإنما من خيال المبدع، الفن هو
الخيال والعلم يمثل جانب الحقيقة التي تحول الخيال إلي واقع وبالتالي الفن
سابق العلم، لذا علي الفنان تخيل مجتمع أفضل من خلال التركيز علي بناء
الإنسان وتعامله مع الآخر ووظيفة الفن حالياً بناء الإنسان. لابد من الحرص
علي نشر القيم والمبادئ والتأكيد علي أهميتها لأن الفن رسالة سوف نُحاسب
عليها والكتابة أمانة لابد أن يكون صاحبها علي قدر كبير من المسئولية
تجاهها.
·
هناك العديد من الأعمال التي
أقحمت الثورة فيها، فهل من المناسب تقديمها حالياً أم علينا الانتظار؟
- هذا يتوقف علي طبيعة العمل والمعالجة، لست ضد الثورة فهي حدث له
احترامه ومن حقها الظهور في العمل، ولكن الحديث عن الثورة وتفاصيلها يحتاج
لمزيد من الوقت لمعرفة كل شيء عنها ونتائجها وحتي الآن لم نصل لنتيجة لها
لأن الحدث لم ينته فكيف نتحدث عما بعده، التاريخ لم يكتب الثورة بعد فهل
سنكتبها قبله؟!علينا الانتظار لما سيكتبه التاريخ ثم نقدمه فنياً لأن نتنبأ
بالمستقبل، لكن أن نظهرها في نهاية العمل كنتيجة للظلم والفساد فهذا أمر
طبيعي وقد فضلت الاأفعل ذلك حتي لاأتُهم بركوب الموجة ونحن لسنا في حاجة
للحديث عن الثورة لأن الموضوع ككل من مسبباتها.
تقلص الأعمال الفنية
·
ساهمت الظروف الأخيرة في تقلص
الأعمال الرمضانية مما ساهم في ارتفاع مشاهدة المعروض بصورة أكبر، فهل تؤيد
ذلك؟
- علي العكس تماماً أنا ضد تخفيض المسلسلات وأعتبر التليفزيون بمثابة
سوبر ماركت وعلي المشاهد أن يختار ما يناسبه يختار عملين أو أكثر والباقي
يتابعه بعد رمضان، الجميع قدم أعماله وعُرضت في رمضان وهذه مشكلة التوزيع
الذي يفضل العرض في هذا التوقيت بالذات .
·
قدمت في رمضان الماضي «العار» ثم
«آدم» هذا العام، فهل معني ذلك أنك حجزت لك مساحة علي خريطة العرض
الرمضاني؟
- ليس شرطاً فقد سمح الوقت بالعرض في رمضان وإن كنت لا أهتم بتوقيت
العرض ولكني مع الدعاية المناسبة خلال أي شهر، علي العكس تماماً أري أن
رمضان شهر عبادة وأنا مسلم أصلي وأصوم وأتابع البرامج الدينية وطبيعة عملي
تفرض علي متابعة أعمال الآخرين كما يكون لدي عامل خوف أن أكون أحد العوامل
التي تشتت انتباه الناس عن العبادة، ولكني أقدم السلعة وليس لي شأن بميعاد
العرض.
·
ىُقال إنك فرضت كريم أبوزيد علي
المسلسل لكونه شقيقك؟
- لم أفرضه وكان هناك أكثر من ترشيح ولكن بطل العمل هو الذي طرح أسمه
وأيده الإنتاج، كما كان مناسباً في دوره، وقد عمل في الدراما من قبل ونجح.
·
ما أكثر الأعمال التي لفتت
انتباهك مؤخراً؟
- كنت أركز علي الموضوعات التي تتشابه مع موضوعي وقد جذبني «الريان»
و«المواطن إكس» و«دوران شبرا».
·
«الريان» سيرة ذاتية فكيف تري
انتشارها مؤخراً وهل بدورك ستقدم هذه النوعية قريباً؟
- لي وجهة نظر في السير الذاتية فلابد من تقديم الشخصية الجيدة وليس
السلبية، لا ينبغي أن نشهر بشخصية سلبية بعد وفاتها وما الفائدة أو العظة
التي تعود علينا من تقديم شخصية مطرب أو فنان طالما نمتلك العديد من
الشخصيات الثرية، لقد أحب الكثيرون رأفت الهجان وعشقوا المخابرات من أجله،
ولكن للأسف نقدم مؤخراً بعض الأعمال التي تُغىّب المشاهد، عندما أسعي
لتقديم سيرة ذاتية سوف أكتب عن مثل أو قدوة يحتذي بها المشاهد مثل «موسي بن
نصير» أو «طارق بن زياد» و«جمال حمدان» وغيرهم من الرموز.
·
تنبأت العديد من الأعمال الفنية
بالثورة، فكيف تري ذلك وهل علي المبدع أن يتمتع برؤية مستقبلية؟
- الفنان ضمير المجتمع بمعني أنه يشعر بالظواهر التي تحدث ويحاول لفت
النظر إليها، ولكنه في نفس الوقت ليس ساحراً، من الممكن أن تتوافق
استنتاجاته مع ما يحدث مستقبلاً، وقد كنا جميعاً في انتظار ثورة وعلي العكس
جميعاً رد الكثيرون بأن الثورة قد تأخرت ولكن المهم أنها حدثت.
·
بعيداً عن الدراما كيف تري
السينما الحالية وأين أنت منها؟
- السينما هي عشقي الأول والأخير ولكنها ليست في أفضل أحوالها، أتمني
أن أقدم السينما التي أريدها وليس التي يتم فرضها علي حيث إن هناك بعض
القائمين علي صناعتها دائماً ما يرددون بأن الجمهور يريد هذا وذاك، عندما
أكتب أقيم عملي، حيث إنني المشاهد الأول له لذا أسعي إلي التجويد فيه ومن
ثم تقديمه بصورة جيدة، صحيح أنه سيتدخل فيه عناصر عديدة ولكن لابد من حسن
الاختيار.
·
أخيراً ما الذي استفدته من والدك
السيناريست محمود أبوزيد؟
- استفدت الكثير منه فهو أستاذي ووالدي الذي أثر في تكويني بشكل كبير
بحكم التربية. كما استفدت منه علي مستوي الحرفة والمستوي الإنساني، أدين له
بالفضل فقد توجهت للعمل الفني من خلاله لأنه كان يصطحبني معه في كل مكان
مما جذبني للفن، علمني أن أقدم ما أقتنع به فقط وأن أحترم المشاهد حتي
أجبره علي احترامي والابتعاد عن الأعمال التي تغيبه، في النهاية أنا نتاج
محمود أبوزيد.
جريدة القاهرة في
06/12/2011
«إكس
لارج».. فيلم كبير بتفاصيل
صغيرة
بقلم : د.وليد سيف
يكاد يكون الاختيار في أفلامنا منحصرا بين نوعين من التوجهات إحداهما
ذات طموحات كبيرة وتطرح أفكارا جادة دون الالتفات كثيرا للفرجة والأخري لا
تقدم سوي افلاما صغيرة لا تهدف إلا للإضحاك أو التسلية بأي وسيلة حتي ولو
زعمت أو تضمنت بعضا من الوعظ المباشر أو الخطب اللاذعة. ولكن ومما لا شك
فيه أيضا أن النجم أحمد حلمي يجتهد في أن يصنع من أفلامه تيارا جديدا ثالثا
بتقديم أعمال قادرة علي إبهارنا وإمتاعنا وتستطيع في نفس الوقت أن تطرح
افكارا جادة باسلوب فني وبلغة سينمائية جيدة. وإذا كانت الأفلام من المفترض
أن تنتسب إلي مخرجيها إلا أن واقع الأمر لدينا غير ذلك.. والشاهد أن حلمي
عموما لا يتواني عن الاستعانة بأفضل فنانينا وهو هنا خصوصا في (إكس لارج)
يعتمد علي مخرجنا الكبير شريف عرفة إضافة إلي الكاتب أيمن بهجت قمر الذي
علي الرغم من محدودية سيناريوهاته من حيث الكم إلا ان اسمه ارتبط عادة
بأفلام راقية المستوي. ولكن هل كان هذا التلاقي في صالح صناعة فيلم يعبر عن
قدرات فنانيه الكبار أم جاءت النتيجة ايضا لتصب في صالح سينما النجم
الأوحد. ترهل جسماني يناقش الفيلم مشكلة النهم المفرط في الطعام وما ينتج
عنه من سمنة وترهل جسماني.. وهو يطرح هذا الموضوع من خلال شخصية بطله
الرئيسي الذي يلعبه أحمد حلمي بالماسك الجسدي الكامل المتقن، إلي حد كبير،
لولا الدرجة اللونية للبشرة التي تفصلنا عن التصديق بعض الشيء، كما يعبر عن
ذات الموضوع أيضا من خلال شخصية الخال وهو المربي الحقيقي للبطل بعد وفاة
والديه، وهو يشكل النموذج ونمط السلوك الذي تربي عليه الطفل وأودي به إلي
نفس المصير في الشراهة والسمنة والبدانة. يلعب دور الخال الفنان إبراهيم
نصر بمظهره وأدائه الطبيعي وفي عودة محمودة بعيدا عن كوميديا التهريج
والتقليد والمسخ وإنما اعتمادا علي الموقف ومعايشة الشخصية بمختلف جوانبها.
يسيطر شريف عرفة كعادته علي عناصر الفيلم البصرية والسمعية ويصنع إيقاعا
محكما ومنضبطا لكل مشهد وينجح إلي حد كبير في تحقيق البعد الإنساني
والتأثير الكوميدي اعتمادا علي سيناريو قائم علي اللوحات الدرامية المنفصلة
المتصلة. فالدراما التي كتبها ايمن بهجت قمر تتعامل مع شخصية البدين بفهم
وتعمق وبعيدا عن الاكليشيهات والمواقف التقليدية.. وهو يركز بشكل أساسي علي
الجانب العاطفي في الشخصية .. وبالتحديد في محنة الشخص البدين في البحث عن
شريكة حياته وفي التمكن من التواصل مع من يحبها. الحدث الدرامي تنطلق
الأحداث متأخرا وبعد مقدمة طويلة بعض الشيء. فالحدث الدرامي يبدأ من الكذبة
التي يصطنعها البطل حين يزعم علي حبيبته العائدة للوطن أنه ليس هونفس الشخص
الذي عرفته في أيام الطفولة والصبا وإنما هو صديقه، خوفا من اهتزاز الصورة
الجميلة في مخيلتها. وتتوالي سلسلة الاكاذيب المترتبة علي هذه الكذبة
الصغيرة حتي يضطر إلي اعتراف متاخر. ولكن الغريب ان كل هذا الخط العاطفي لا
يلعب أي دور في التحول الدرامي وإنما يتحول البطل بإصرار عن النهم والشراهة
ويقاوم البدانة من أجل تجنب مصير خاله أو الوصول إلي حال شحات بدين يتعرف
عليه مصادفة وبصورة عابرة. وبالطبع تاتي النتيجة السعيدة بعد هذا التحول
اللادرامي. وهكذا تأتي العناية بالتفاصيل وبالمشاهد المنفصلة علي حساب
الإحكام العام للبناء الدرامي الذي من المفترض أن تتضافر فيه التفاصيل
لخدمة المضمون العام أوالقيمة التي يسعي العمل لطرحها، وهي تتصل بالتأكيد
بفكرة الإرادة وبقدرة الإنسان علي مقاومة شهواته وتحقيق اهدافه والتغلب علي
ضعفه أمام المغريات التي تقهره في سبيل متعة لحظية صغيرة وزائلة. في
اعتقادي ان صناع الفيلم لو وضعوا أيديهم علي هذه القيمة واخلصوا لها
لأمكنهم أن يحققوا فيلما عظيما وان يركزوا علي كل ما من شأنه أن يضيف إلي
قيمة الفيلم، دون أن يحيدوا عن هدفهم في صناعة فيلم كوميدي عاطفي بالدرجة
الأولي. خدمة النجم ولكن من المؤكد أن الفيلم ورغما عن أي مزايا أو أهداف
نبيلة يسعي إليها يظل مشروعه الأول هو خدمة النجم الذي تحتشد كل مفردات
الصناعة من أجله. فاللعبة الأساسية التي قام عليها العمل بأكمله هي رغبة
النجم في ملاعبة جمهوره. فإذا كان حلمي قد اشتهر برشاقته ونحافته المفرطة
فها هو يلوح لهم علي طريقة الحاوي علي هيئة مختلفة تماما كشاب بدين للغاية
ثقيل الحركة ولكنه قادر علي الإضحاك أيضا. هذا هو التحدي الذي قرر الممثل
أن يخوضه والذي قرر أن يحشد من أجله فريق عالي المستوي بدءا من الإستايليست
مي جلال التي كانت حريصة في ملابسها علي إبراز التناقض الدرامي الاساسي بين
الشخصيات الرشيقة ونقيضتها البدينة وكذلك في ديكورات فوزي العوامري التي
اتسقت تماما مع البناء الحركي للممثل والسينمائي للصورة وكذلك موسيقي هشام
نزيه التصويرية بتنويعاتها التي تشكلت مع المواقف بمنتهي النعومة والاتساق
سواء كانت عاطفية أو كوميدية أو شجنية أو حزينة مغرقة في المأساة. ولكن
غياب الوجه الحقيقي للنجم طوال أحداث الفيلم بإستثناء المشهد الأخير هي
المغامرة التي لم يسجل براءة اختراعها سوي أحمد حلمي. وهي مخاطرة كبيرة بلا
شك مع المشاهد دافع التذكرة الذي جاء لمشاهدة نجمه فلم يجد له أثرا طوال
أحداث الفيلم. ولا شك أن المغامرة تحسب لأحمد حلمي والنجاح لا يضيف إلا
لرصيده هو. وهو بلا شك قد أبدع في ادائه الصوتي المتميز وأيضا في أدائه
الحركي المدروس والمنضبط بدرجة أقرب للامتياز . صناعة الفيلم تقوم أساسا
لإرضاء نجم الشباك بالدرجة الأولي وتتميز إلي حد ما طبقا لمستوي ذكاء هذا
النجم وثقافته وموهبته. ولكن السيناريو أيضا قد يحيد عن هدفه إرضاء لنجم
آخر يشاركه، قد يبدو الدور غير محفز له وفي حاجة إلي مزيد من التدعيم
ليتناسب مع مكانته وإمكانياته. لم تقنعني مسألة أن تتواطأ البطلة دنيا سمير
غانم مع خال البطل في خطة من أجل إجباره علي عمل ريجيم. ولم يقدم
السيناريوأي مبررات لقبول هذه المفاجأة الصادمة التي لا أجد أي داع لها إلا
لإضافة مساحة مفتعلة من التأثير للبطلة وكما لو كان دافع الحب وحده غير كاف
لتوجيه البطل نحوالطريق الصحيح، ولكن هذه المساحة الزائدة لم تضف اي شيء
إلي دنيا، بل إن الشخصية بوجه عام قد شابها الارتباك مما أثر سلبا علي اداء
الممثلة التي لم تعرف إن كانت تؤدي بصدق أم بطريقة مخادعة حتي نصدق في
النهاية أنها كانت متواطئة ضد البطل. علي النقيض يأتي دور إيمي شقيقتها -
في الحقيقة وليس الفيلم - في صالحها رغم صغر مساحته وبساطته، فهي مجرد
واحدة من صاحبات البطل اللاتي يخلص لهن النصيحة ويساعدهن في حل المشاكل
العاطفية بينما تفشل هي في مساعدته لحل مشكلته مع حبيبته، وقد ادت إيمي
الدور برشاقة وطبيعية وبأسلوب مناسب لطبيعة العلاقة. نفس ما جري مع دنيا
أراه قد تكررمع خالد سرحان بصورة أو بأخري . فهو قد لا يكتفي بدور غريم
البطل التقليدي في حب البطلة، وهو أيضا صاحب الصورة الوهمية التي صنعها
البطل ذاته في ذهن البطلة ثم عاد لتدميرها بالادعاء الساذج بأنه مدمن،
فتهتز صورته في نظرها . ولكن يمتد دوره أيضا إلي حد ان يصبح هوالمنقذ لمصير
ومستقبل البطل بأن يؤسس له مجلة كوميكس أو قصص مصورة وليس كاريكاتير كما
يذكر حوار الفيلم علي سبيل الخطأ. أداة المقاومة لا يعيب أيمن بهجت قمر
استفادته من حبكة الفيلم الأمريكي
American Splendor الذي يحكي قصة الرسام هارفي باركر الذي تمكن من التغلب علي مرض
السرطان بتأسيس مجلة مصورة ليصنع من إبداعه أداة مقاومة، ولكن المؤكد أن
أيمن استطاع في نسج الكثير من تفاصيله أن يوظف بذكاء خبراته الحياتية
الشخصية وتجربته القصيرة مع البدانة وكذلك علاقته الجميلة بوالده البدين
الشهير الأكول أحد ظرفاء عصره الفنان الراحل بهجت قمر وكذلك من شخصية
المبدع الجميل الأشهر صاحب القصة المعروفة مع البدانة والريجيم صلاح جاهين،
جاءت شخصية مجدي التي لعبها أحمد حلمي كوكتيلا من كل هؤلاء الظرفاء لهذا
جاءت الكثير من مواقفها ناطقة بالصدق ومعجونة بخفة الدم المصرية الخالصة،
كما تجدر الإشادة بالحوار الرائع الذكي المكثف والمختزل إلي أقصي حد دون أن
يفقد القدرة علي إثارة الضحك. وبمهارة لا يملكها سوي أيمن وكأنه يحقق
الإفيه علي طريقة اللاعب الذي يعرف أقصر الطرق للوصول إلي المرمي. والجميل
أن قدرة الكاتب علي حوار المشاهد العاطفية لا تقل عن مهارته في الكوميدية.
لا شك في أن فيلم (إكس لارج) يمتلك الكثير من مواطن الجمال في تفاصيله التي
حققت له نجاحا جماهيريا كبيرا ولكن تظل المشكلة دائما في البناء الذي يعاني
الترهل خاصة في بدايته وبالأخص في نهايته والأهم من كل هذا في افتقاده
للرؤية الكاملة التي تضم كل هذه التفاصيل في إطار محكم ومعبر ومؤثر. وهكذا
تظل أفلام أحمد حلمي هي الأكثر تعبيرا عن سينما يصنعها النجم الأكثر ذكاء
ووعيا ولكنها تظل دائما سينما النجم التي يخضع فيها الجميع لمشروعه بمن
فيهم المؤلف والمخرج حتي ولو كان شريف عرفة بكل خبراته وإمكانياته التي
أصبح من السهل عليه الآن يقدمها علي طبق من ذهب لخدمة النجم وليس الفن وإن
كان هنا لا يفقد كثيرا من فنه كما فقده سابقا مع محمد هنيدي في (فول الصين
العظيم) الذي يبدوهزيلا جدا أمام (إكس لارج).
جريدة القاهرة في
06/12/2011
نصف في المائة فقط للسينما في
برنامج الإخوان و3,7% للثقافة!
بقلم : أسامة عبد الفتاح
بعد تفوق حزب "الحرية والعدالة"، الذراع السياسية لجماعة الإخوان
المسلمين، في المرحلة الأولي من انتخابات مجلس الشعب، التي شهدت إجراء جولة
الإعادة أمس الاثنين، ووسط التوقعات باستمرار هذا التفوق في المرحلتين
الثانية والثالثة، المقرر إجراؤهما في 14 و15 ديسمبر الجاري و3 و4 يناير
المقبل علي الترتيب، حان وقت القراءة المتأنية للبرنامج الانتخابي للحزب
الذي من المتوقع أن يفوز بالأغلبية في برلمان 2012، وبالتالي تكون له اليد
العليا في التشريع في مصر ما بعد الثورة بدءا من منتصف يناير المقبل.. وسوف
أتناول ما يتعلق بالثقافة والفنون - خاصة السينما - في البرنامج، تاركا
النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية لأهلها. يتكون البرنامج
الانتخابي لحزب "الحرية والعدالة" من 12 ألفا و860 كلمة، منها 481 كلمة فقط
مخصصة للثقافة والفنون، تحت عنوان "الريادة الثقافية"، بنسبة 3,7% فقط من
إجمالي البرنامج.. ويقع البند الثقافي في آخر البرنامج، حيث لا يعقبه سوي
بندي "الريادة الإعلامية" و"الريادة الدينية"، غير أن وضع الشئون الدينية
في الختام لا يعني شيئا، لأن الطابع الديني يسود البرنامج كله، وأحيانا
بشكل غير مفهوم، كما هي الحال في الجزء الخاص بالسينما، كما سأوضح في
السطور المقبلة. اهتمام محدود من الكلمات الـ481، هناك 165 كلمة مخصصة
للكتاب، و107 للمسرح والفنون الشعبية، و96 للترجمة والنشر، و68 فقط للسينما
والإنتاج الدرامي، بنسبة نصف في المائة فقط من إجمالي البرنامج.. وأعتقد أن
ذلك لا يتناسب إطلاقا مع جماعة كانت - رغم انشغالها برسالتها الدعوية
السامية - قد أسست شركة للإنتاج الفني باسم "الرحاب" تسببت في جدل واسع
وقلق في الوسط السينمائي قبل شهور قليلة، خاصة بعد تصريحات مديرها والقيادي
الإخواني محسن راضي بأن الجماعة وحزب "الحرية والعدالة" ينويان دعم إنتاج
أفلام دينية واجتماعية ووثائقية، لتوسيع دائرة التثقيف داخل المجتمع، ودعم
فنانين ذوي اتجاهات دينية من أبرزهم عبد العزيز مخيون ووجدي العربي،
وتأكيده أن "عصر أفلام العري" انتهي إلي غير رجعة لأن الشعب المصري لن يقبل
الاستمرار في إنتاج مثل هذه الأفلام.. كما لا يتناسب هذا الاهتمام المحدود
بالثقافة مع تصريحات سابقة لمرشد الإخوان العام الدكتور محمد بديع، قال
فيها إن الجماعة ستؤسس فرق مسرح وأناشيد لتقديم أغان راقية لا تثير
الغرائز. وبصرف النظر عن الاهتمام المحدود، هناك العديد من النقاط التي تجب
مناقشتها في الجزء الثقافي من برنامج الإخوان، ومنها مقدمة هذا الجزء،
والتي تنص علي الآتي: "تتأسس ثقافة المجتمع علي الهوية الحضارية التي ينتمي
إليها الشعب، وتعد الحضارة الإسلامية العامل الرئيسي في تشكيل عقل الإنسان
المصري ووجدانه، بما يؤهله للتعامل الذكي مع مختلف الثقافات الأخري، دون
إقصاء أو ازدراء أو الذوبان فيها". بوتقة الصهر ومبدئيا، أختلف مع مقولة إن
الحضارة الإسلامية هي المكون الرئيسي لعقل الإنسان المصري ووجدانه،
فالمعروف أن الشخصية المصرية، بل مصر كلها، كانت - ولا تزال - بوتقة لصهر
مختلف الحضارات والثقافات، سواء تلك التي أنتجتها أو التي مرت عليها
وتفاعلت معها، بدءا بالحضارة الفرعونية وانتهاء بالحضارة الإسلامية، من دون
إغفال الحضارة الأوروبية التي تفاعل معها المصريون - خاصة في المدن
الساحلية - من خلال الأجانب الذين عاشوا في مصر لسنوات طويلة استمرت حتي
بداية عقد الستينات من القرن الماضي.. وظني أن هذا التنوع هو ما يعطي
الشخصية المصرية بريقها وتركيبتها الفريدة التي يصعب أن تتكرر في التاريخ
الإنساني. المهم أن ما يذهب إليه برنامج الإخوان في هذه النقطة يتناقض مع
الجزء الثاني من المقدمة، فكيف يكون المصري مؤهلا "للتعامل الذكي مع مختلف
الثقافات الأخري، دون إقصاء أو ازدراء أو الذوبان فيها"، بينما يتشكل
وجدانه من حضارة واحدة معروفة بأيديولوجياتها الصارمة التي لا تقبل النقاش
أو الجدل.. الأصح والأدق أن المصري - وغيره - يكون مؤهلا لذلك عندما يكون
وجدانه نتاجا لانصهار واندماج العديد من الثقافات والحضارات. خمس نقاط
وفيما يتعلق بالسينما، أو بند النصف في المائة في برنامج "الحرية
والعدالة"، هناك خمس نقاط يذكرها البرنامج بإيجاز شديد وسطحية، من دون أي
تفسير أو شرح أو توضيح.. فالنقطة الأولي تنص علي "تشجيع صناعة السينما علي
المستوىَىْن المعنوي والمادي"، لكن لا توجد كلمة واحدة عن كيفية تحقيق ذلك،
علما بأن دعم السينما ماديا تعبير مطاطي من الممكن تأليف الكتب في تفسيراته
وسبل تطبيقه.. هل المقصود مثلا أن تعود الدولة إلي الإنتاج - عندما يصل
الإخوان إلي الحكم - وتنفذ مشروعات الأفلام الجادة، أم أن تدعم المنتجين
المستقلين، أم ماذا؟ أما اللغز الحقيقي، فهو تشجيع السينما معنويا.. أتحدي
أن يكون لدي أي من الإخوان - أو غيرهم - تفسير لهذا التعبير العجيب الذي لا
يوجد مثيل له في أي مكان بالعالم.. هل سيصفق الإخوان للسينمائيين "الشطار"
الذين يلتزمون بتعليمات وقواعد الجماعة، أم يذهبون إلي مواقع التصوير
لتشجيعهم علي طريقة مباريات الكرة؟ غزل إيراني وتنص النقطة الثانية علي
"توسيع نطاق عملية الإنتاج المشترك في المجال الدِّرامي التِّليفزيوني
والسِّينمائي، وخاصة مع البلدان العربىَّة والإسلامىَّة"، وهو شيء محمود،
إلا أن فهمه هنا لا يمكن أن يكون بمعزل عن زيارة وفد سينمائي مصري لإيران
قبل شهور قليلة، وتلويح الجانب الإيراني بنفس "جزرة" الإنتاج المشترك مع
مصر.. وهذا بدوره أمر لا غبار عليه، إلا أنني أتمني ألا يكون قصد - أو هدف
- الإخوان النهائي أن تتحول السينما المصرية، من فرط التعاون وتلبية شروط
الإنتاج المشترك، إلي نسخة من السينما الإيرانية، بكل القيود الرقابية
المفروضة عليها. ويعود البرنامج إلي مسألة الدعم الغامضة في النقطة الثالثة
التي تنص علي "دعم صناعة الفيلم الديني والوطني والوثائقي والتاريخي الذي
يتناول هموم وتاريخ مصر وقضاياها"، من دون أي توضيح كالعادة.. غير أن
المشكلة الحقيقية في هذه النقطة أنها تتعارض في رأيي مع النقطة الأولي التي
تعد كل السينمائيين بالدعم المادي، حيث تثير المخاوف من أن يقتصر ذلك الدعم
علي الأفلام الدينية والتاريخية والأنواع التي ترضي الإخوان باتجاهاتهم
المعروفة، ويكون علي كل من يرغب في عمل شيء مختلف أن ينتجه "علي حسابه"
وعلي مسئوليته الخاصة أيضا! مبادرات في الهواء وأتفق تماما، ومن دون أي
تحفظات، علي النقطة الرابعة التي تنص علي "تشجيع المبادرات الشبابية في
الإنتاج السينمائي وتبني المواهب الشبابية الجديدة وإتاحة الفرصة لها"، إلا
أنني كنت أتمني أن يذكر البرنامج فكرة واحدة من الأفكار المقترحة لتشجيع
هؤلاء الشباب، وما إذا كان التشجيع متاحا لجميع الشباب من جميع الاتجاهات
أم مشروطا! أما ما توقعت أن أجده في برنامج "الحرية والعدالة" ولم يخيب
ظني، فهو "دعم ونشر الاتجاه لإنتاج سينمائي نظيف، يعتمد معايير الفن لا
الإثارة"، كما تنص النقطة الخامسة والأخيرة من الجزء الخاص بالسينما في
البرنامج.. من الطبيعي والمفهوم تماما أن يستخدم الإخوان تعبير "السينما
النظيفة" ويعيدونه إلي الحياة مرة أخري، من دون أن ينتبهوا إلي أنه مات في
مهده، تحاصره اتهامات معظم السينمائيين والنقاد بأنه "كلام فارغ" ليس له
علاقة بالفن السابع، وليس له مثيل في العالم كله، فلا توجد سينما نظيفة
وأخري قذرة، بل يوجد فيلم جيداً وآخر رديئاً. باختصار، لا يبدو "حزب
الأغلبية" المنتظر مهتما بالسينما، ولا بالفنون بشكل عام، رغم كل ما ورد في
برنامجه وفي تصريحات قادته، ويبدو أن كل ما يسعي إليه هو "تحجيب" السينما،
تماما كما يسعي لتحجيب كل شيء في مصر.
جريدة القاهرة في
06/12/2011 |