«لماذا يكون الثمن غالياً بهذا الشكل ؟».
يقولها
«دانيال» .. العامل البوليفي الفقير، الذي قاد ثورة من الفقراء
ضد جشع شركات المياه
هناك، التي لا هم لها سوي فرض الضرائب أو
بالأصح «إتاوات».. نجحت ثورة «دانيال»،
لكن الثمن هو إصابة ابنته بجرح خطير .
يقولها «دانيال».. في وجه المُنتج
الأسباني البخيل «كوستا»، الذي جاء مع صديقه المُخرج الأسباني المُتحمس «سباستيان»،
فقط ليُصوروا فيلماً عن قدوم «كريستوفر كولومبس» للعالم الجديد «أمريكا»،
ومُعاملته
للهنود الحُمر علي أنهم مُجرد عبيد، بلا روح أو عقل، ليُواجهه الكاهن «لا
كاساس»،
فقط ليستبدل بعدها الأفارقة مكان الهنود الحُمر كعبيد للمُكتشف العظيم!.
يقولها «دانيال»..
أمام الظُلم، الفقر، الجشع، الاستعباد، التعالي، الدونية .. ومع أن
الصرخة بوليفية، وفي فيلم أسباني بعنوان «حتي المطر» أوTambién
la lluvia
، إلا أن
الصرخة يتردد صداها في كافة الدول، حتي في مصر، فالرموز تتغير،
سواء كان صاحب
الصرخة عاملاً بوليفيًا فقيرًا، أو مواطنًا
بسيطًا كادحًا، وسواء كان العدو هو
شركات المياه أو حاكم، فالمعني واحد.
أكثر من 20 فيلمًا من 8 دول أوروبية
هي «ألمانيا»، «فرنسا»، «أسبانيا»، «إنجلترا»، «هولندا»، «دنمارك»،
«سلوفينيا»، «صربيا»،
إلي جانب مصر، تم عرضها في الدورة الرابعة لبانوراما الفيلم الأوروبي هذا
العام 2011 والذي أُقيمت فعالياتها من 23 إلي 29 نوفمبر الماضي، وهي
البانوراما
التي قامت بتأسيسها وتقوم بإطلاقها سنويا شركة أفلام مصر العالمية «يوسف
شاهين»،
بالتعاون مع المركز القومي للسينما والمعهد الفرنسي والمجلس الثقافي
البريطاني وعدد
من السفارات الأوروبية.
البانوراما بدأت عروضها بفيلم حفل الافتتاح الذي
عرض الفيلم الفرنسي «إيد واحدة» أو
Les Mains En
،
Lair
،وكانت معظم العروض تفوح
منها رائحة الثورة فلقبت بـ«بانوراما الثورة»، الأفلام أسترجعت وحللت
الثورات
القديمة، التي ميزة معظم الأفلام التسجيلية المختارة للعرض والتي كانت تدور
حول
فكرة «التغيير»، وهو المعني الذي يغزل شكل أي ثورة في أي بلد في العالم.
فالفيلم الأسباني «حتي المطر» أو También la lluvia
مِن تلك الأفلام التي
لا يختلف أحد عليها لتناوله للثورة بشكل مُبتكر، ففي حين
نُشاهد المُخرج «سباستيان»
مع المُنتج «كوستا» يعرضان قدوم «كريستوفر كولومبس» للعالم
الجديد «أمريكا» مِن
خلال فيلم يُصورانه في بوليفيا لقُرب طبيعة
المكان والسُكان البوليفيين الفُقراء
مِن الهنود الحُمر، خاصةً «دانيال»، الذي يختاره «سباستيان» ليكون زعيم
الهنود
الحُمر، وبتطبيق نظرية «التاريخ يُعيد نفسه»، نجد أن ما فعله «كريستوفر
كولومبس»
مِن مجازر في حق الهنود الحُمر، لا يختلف كثيراً عما تفعله شركات المياه
الأجنبية
الآن في فقراء بوليفيا مِن فرض ضرائب تصل إلي 300 %!
وفي حين نتصور أن
«سباستيان» سيتعاطف مع «دانيال» علي عكس «كوستا»، نجد
أن العكس هو الصحيح، ففي حين
أن «سباستيان» هو المُفترض به أن يُدافع عن
الفقراء والقيم المُطلقة، باعتباره
مُخرجًا مُتحمسًا، لا يرضي بأي شئ بسيط
لتنفيذ فيلمه علي أكمل ما يكون، وفي حين أن «كوستا»
المُنتج هو شخص بخيل، لا يهتم سوي بنفسه وبفيلم «سباستيان»، لا يعنيه
الفقراء، لدرجة أنه يرفض تصوير ثورتهم ضد شركات المياه، بحجة أنه لا توجد
ميزانية،
لكن الوضع يُصبح معكوساً، حينما نُفاجأ بأن «كوستا» يُحاول إنقاذ ابنة
«دانيال» من
خطر الموت، لدرجة أن يقود سيارته علي طُرق القتال والصراع بين الجيش والشعب
الفقير،
في حين «سباستيان» يهرب بحياته وحياة مُمثليه لمكانٍ آخر، لاستكمال فيلمه،
غير عابئ
سوي بإنجاز مُهمته قبل أن يتخلي عنه المُنتجون الأمريكيون، وهو المعني الذي
لا
يختلف كثيراً حول موقف «لا كاساس» مِن الهنود الحُمر، ففي حين يطلب من
«كريستوفر
كولومبس» أن يعفوا عنهم، إلا أنه يستبدلهم في أحد آرائه بالأفارقة،
مُستخدماً نفس
المُصطلحات العُنصرية التي رفضها مِن قبل! يأتي تناول معني الثورة بشكل
مُباشر أكثر
في فيلمين تسجيليين، المُدهش أن الاثنين عن ثورة الإيرانيين عام 2009 بعد
واقعة
تزوير الانتخابات الرئاسية لصالح «محمود أحمدي نجاد» ليكون رئيساً لفترة
جديدة،
بدلاً مِن «مير حسين موسوي».
في حين يأتي الفيلم الفرنسي «يوميات إيرانية»
أو Chroniques d un Iran interdit
في تناوله لهذه الأحداث بالشكل التسجيلي
التقليدي، مُستعرضاً العديد من الأحداث والمجازر التي اقترفها العسكر
الإيراني في
حق شعبه، مازجاً لقطات تسجيلية للعديد مِن الشُهداء مثل «سُهراب عربي»
و''ندا» -
وهي الأشهر مِن بين الشُهداء، بالإضافة إلي الشهادات الحية للذين تعرضوا
للتعذيب
وما زالوا أحياء مثل «إبراهيم مهيتاري».
أما الفيلم الثاني فهو الألماني «الموجة
الخضراء» أو
The Green Wave
الذي يدور في فلك الثورة الإيرانية، لكن بشكل
أكثر فنية واحترافية، حيث يغلب عليه الطابعان التسجيلي والدرامي الـAnimation
وهو
ما يُذكرنا بفيلم المُخرجة الإيرانية «مارجان سترابي» عام 2007 وعُرضَ في
مهرجان «كان»
وحمل عنوان «بلاد الفُرس» أوPersepolis .
«الموجة الخضراء» يعرض مِن
خلال تدوينات لشخصيتين، نتتبع خيط كُل
مِنهما، ما يحدث داخل إيران، حيث نري الأعلام
والأوشحة الخضراء المُساندة لـ«موسوي» التي كانت أقرب للموجة الخضراء التي
سُرعان
ما اصطدمت بصخور الواقع وحُكم القوة والعسكر، ومِن خلال التدوينات، وطرق
العرض التي
هي أشبه برسائل «تويتر»، بجانب الطابع التسجيلي، نُتابع ما حدث، عالقاً في
أذِهاننا
صور ما حدث هناك لأنها لا تختلف كثيراً عما يحدث هنا.
في حين يأتي تناول
معني الثورة في أفلام أخري من خلال تحليل
الثورات القديمة، ففي الفيلم البرتغالي
«بلد آخر» أو
Outro Pais
عن ثورة القُرنفل الأحمر في البرتغال عام ,1974
يقوم
مُخرجه «سيرجيو تريفو» باستعراض شهادات مُراسلين ومصورين
وسينمائيين حتي الفلاحين
بعد مرور أكثر من 20 عاماً علي هذه الثورة،
وما إذا كانت أحلام التغيير قد حدثت،
إلا أن ضعف الفيلم أخرج البعض غير راضٍ عن مستواه، بل وبرؤية مشوشة حول
التغيير
الذي تم هناك
.
هذا علي العكس من الفيلم الألماني «مشاهد من الثورة
الرومانية» أو
Videogramme Einer Revolution
الذي يُحلل الثورة الرومانية في عام
1989
ضد حُكم الرئيس «نيكولا تشاوتشيسكو»، وذلك مِن
خلال استعراض اللقطات
التليفزيونية الرسمية أو غير الرسمية التي
جاءت عقب أحداث الثورة.
الفيلم
الإنجليزي «مُشاغبون» أو Neds
لا يقبل بفكرة التصالح أو حتي التغيير، مؤكداً علي
أنه مهما يكُن ما بدواخلنا، إلا أن الظروف هي التي ستنتصر في النهاية،
فيُحاول «جون
ماكجيل» النجاح في دراسته، خاصةً وهو موهوب ومتفوق، إلا أن الظروف التي
تُحيطه من
أب سكير وأم سلبية وشقيق مُجرم بجانب أصدقاء السوء، يجعلونه ينحرف عن
المسار الذي
رسمه، لتأتي النتيجة في النهاية لأن يكون «جون ماكجيل» ذاته مُجرما!
أيضاً
النظرة التشاؤمية نجدها في إحدي روائع
المُخرج الدنماركي «لارس فون ترير» بعنوان «ميلونكوليا»
أو
Melancholia
، فأياً كانت مُحاولات التغيير حتماً ستنتهي بالفشل
لأن العالم ذاته سينتهي،ويشير المخرج في الفيلم إلي أن حلول
مشاكل كوكبنا الشرير لا
تأتي سوي بالدمار الشامل لنبدأ صفحة من
جديد ومن أول السطر!.
لكن يختلف مع
هذا الفيلم الفرنسي «إيد واحدة» أو Les Mains En Lair
، الذي يعود ليؤكد أن التغيير
لا يزال مُمكناً، حتي ولو مِن خلال مجموعة من الأطفال، ففي حين يُقرر «بلاز»
وأصدقاؤه أن يختبئوا مع صديقتهم الشيشانية «ميلانا» حتي لا تقوم الشُرطة
بترحيلها
من فرنسا، إلا أن تعقيدات الحياة وعوالمنا كِكبار هي التي تقف في وجه طريق
التغيير
الحقيقي للأفضل، ومثلما يلجأ الكِبار إلي التغيير بالعُنف أو بالأوامر أو
حتي
بالوصاية، يتخذ الأطفال من مكان مُظلم، أسفل المسرح، ليختبئوا فيه، معن آخر
للتغيير، حيث قد يبدأ بطرق ومن أماكن أبسط.
التغيير العُنف، وهو المعني
الذي أراد إيصاله الفيلم الفرنسي «كارلوس» أو
Carlos
الذي يتناول سيرة الفنزويلي «إليتش
رامبريز سانشيز» أو «كارلوس» الذي أسس مُنظمة إرهابية في جميع أنحاء العالم
والتي داهمت مقر الأوبك في عام 1975 قبل أن يُقبض عليه مِن قِبل الشُرطة
الفرنسية،
ورغم أن الفيلم يتميز بتنوع أماكنه، وأيضاً بثراء معلوماته ومُحاولاته
التقرب مِن
حياة «كارلوس»، إلا أن إصراره علي تقديم شخصياته- خاصةً «كارلوس»- وكأن
لديها هوسًا
جنسيًا طوال الوقت ساهم في عدم تفهم تحولات شخصياته علي هذا النحو، إن لم
يكُن
المقصود هو النفور من «كارلوس» وهو ما لم يتم!.. إلا أن رسالة الفيلم
المُسلحة- إن
جاز التعبير- بأن العالم يتغير بمُنظمات لا هدف لها سوي تنفيذ عمليات
انتحارية هنا
أو هناك هو الأقرب للمنطق.
طريق التغيير قد يتخذ منعطفا آخر إن رغبنا وإن
فتحنا أبواب عقولنا وقلوبنا علي العالم وعلي تقبل الآخر وعلي التصالح،
فالفيلم
الفرنسي- الكندي «حرائق» أو
Incendies
الذي يستعرض قصة «نوال» المسيحية، والتي كانت
نتيجة حُبها لأحد المُسلمين هو قتله وقتل الحُب معه بل وأخذ طفلها ليتربي
في
ملجأ!.. ورغم أن الفيلم يعمد إلي تهميش سرد المكان الذي تدور فيه الأحداث،
إلا أن
كُل المؤشرات تقودك إلي لبنان، حيث الجنوب، الصراع، القتل، لمُجرد أنك لست
علي
الدين الذي أنتمي إليه والعكس!.. في حين تبعث «نوال» بعد وفاتها برسالة
لابنتها «جان»
وابنها «سايمون» بضرورة البحث عن طفلها الذي تربي في الملجأ، نستعرض مِن
خلال
رحلة «جان» و«سايمون» مع رحلة «نوال» القديمة ما حدث للمكان وللشخصيات.
التصالح أو طريق التغيير الآخر يتخذ معني في الفيلم الألماني الرائع
«بينا»
أوPina
الذي يدور حول حياة مُصممة الرقصات الألمانية
«بينا بوش» التي توفيت في عام
,2009
ومِن خلال استعراض لرقصاتها التي تُمثل فصول السنة
الأربعة، نستعرض حياتها،
تأثيرها بالرقص علي تغيير دواخل عوالم
راقصيها، لدرجة الاستشهاد بجُملها حينما
يتذكرونها.
لكن ليس كُل طريق للتغيير ينتهي دائماً بالتصالح، فالفيلم
الفرنسي «القاهرة .. أم وابن» أو
Le Caire, Mere Et Fils
في إطار تكريم مُخرجه
«مُصطفي
حسناوي» يأتي بأن طريق التغيير ليس دائماً للأفضل، ففي حين يعود ابن لأمه «فاطمة»
لمصر، بعد غيابٍ طويل عن المنزل، نستعرض مع الاثنين التحولات التي مرت
بمصر، بدايةً من قرار «جمال عبد الناصر» بتقسيم الأراضي الزراعية بعد ثورة
,1952
ففي حين تجده «فاطمة» الإقطاعية مُستبداً، يجده الابن عادلاً، وفي حين يري
الابن
بأنه من الطبيعي أن ينزل للحُسين، ترفض «فاطمة» هذا، بل إنها تتقبل ثقافة
التيار
الديني المظهري- المُتمثل في الحِجاب- في حين أن الابن يندهش من هذا لأن
أمه كان
تدينها فطرياً ليس مثلما هو الآن.
مجلة روز اليوسف في
03/12/2011
الوسط الفني والفرز الطائفي!!
كتب
طارق
الشناوي
لاشك أن أكثر دوائر المجتمع تحسبا لصعود الإخوان وسيطرتهم علي
مجلس الشعب هم الوسط الفني ويزداد الإحساس بالاضطهاد عند الفنانين
الأقباط.. الوسط
الفني الذي كان بمنأي عن تلك العنصرية يخشي الآن الفرز الطائفي.
بمجرد أن
أطلق «سيد درويش» بكلمات بديع خيري أغنية: «أنا المصري كريم العنصرين» ونحن
نرسخ -
ومع توفر حسن النية - للعنصرية البغيضة بل
الأدهي أننا نغني لها ونباركها معتقدين
أننا نواجهها.. ورغم ذلك فلقد كانت الحياة في مصر لا تعرف
التعصب وربما لهذا السبب
تغني «سيد درويش» بعنصري الأمة ولم يكن يقصد سوي الغناء للمصريين جميعاً..
الزمن
كان يمنحنا إحساساً آخر لم تكن هناك فتنة طائفية ولكن محاولات قام بها
المستعمر
الإنجليزي في محاولة منه للنيل من مصر ولكن ظل المصريون صامدون
لأن التربة نفسها لم
تكن تسمح إلا بالوحدة والتغاضي عن تلك الصغائر البغيضة التي لا تخلو منها
التعاملات
في الحياة.. كان ضمير المصريين لا يعرف التعصب، ولكن من الممكن أن تحدث
تجاوزات في
العلاقة ولكنها لا تصل أبداً إلي التناحر.. سوف أروي لكم من
الزمن القديم هذه
الحكاية.
أرجو أن نفكر ونسأل معاً: ما الذي من الممكن أن يحدث لو أن هذه
الحكاية الواقعية حدثت هذه الأيام.. أعتذر بداية عن الإفصاح مباشرة عن
الأسماء
لأنني بصراحة لم أستأذن وأخشي لو استأذنت بالنشر أن يطلب مني
عدم النشر.. الحكاية
الأولي بطلتها إعلامية كبيرة هذه الرواية عمرها ربما تجاوز الـ 55 عاماً
عندما كانت
هذه الإعلامية في مرحلة الطفولة وهذا في حد ذاته سبب كافٍ لكي تطلب مني
الإعلامية
الكبيرة ألا أنشر اسمها.
التقينا في لجنة تحكيم أحد مهرجانات الإذاعة
والتليفزيون وقالت وكانت تنظر إلي صديقنا الفنان القبطي: «علي
فكرة أنا في الحالتين
داخلة الجنة» لم نفهم بالطبع ماذا تقصد بالحالتين، وأضافت أنها وشقيقها قد
تم
تعميدهما في الطفولة وروت الحكاية وهي أنها كانت تقطن بجوار دير وكثيراً ما
ذهبت مع
شقيقها إلي الكاهن وشعرا بحب وأبوة وسكينة في تلك العلاقة ولم تكن الأسرة
تمانع في
ذلك وكانا يمرحان ويأكلان الفاكهة مع الكاهن.
رجل الدين من خلال أفكاره
ومعتقداته الدينية وقناعته استشعر أن كل هذا الحب الذي يمنحه
للطفلين لن يدخلهما
الجنة لأنهما لم يتم تعميدهما فقام بتعميدهما.. وكانت المذيعة تشارك هي
وشقيقها في
الغناء مع الأطفال في الأكاليل الكنسية.. مع الأيام اكتشف الأب ما حدث
لابنيه ولم
يخبر أحداً وتفهم الموقف بكل أبعاده ولهذا منع ابنيه من الذهاب
للدير ورغم ذلك كانا
يتسللان إليه.. ما تبقي في ذاكرة الإعلامية الكبيرة أن الكاهن كان يحبها هي
وشقيقها
وما أقدم عليه كان أسلوباً خاطئاً في التعبير، ولكنه فعل ذلك بدافع الحب..
ماذا لو
حدث هذا الموقف الآن بالتأكيد سوف تشتعل فتنة طائفية تحصد الأخضر واليابس..
أري
دائماً أن الأمر ينبغي أن نتفهمه وننظر بزاوية الآخر!
الفتنة تسكن بداخل
قطاع من المصريين لا نرفع في وجهها هذا الشعار «لعن الله من أيقظها»، ولكن
علينا أن
نبحث عن أسباب استيقاظها لا نتركها تتوغل وتنمو وتكبر وكل دورنا هو أن نطفئ
الحريق
فور اشتعاله ونترك دائماً النيران تحت الرماد.. أروع ما قدمته
ثورة يناير هو هذا
التلاحم بين المسلمين والأقباط وتوافقهم علي إزاحة «مبارك».. كانت مظاهرات
الأقباط
قبل الثورة لا تتجاوز حدود المطالب الدينية النظام كان سعيداً فهم لا
يعترضون علي
«الكبير
قوي»، بل يستجيرون به لبناء كنيسة أو لرفع ظلم والبابا كان مسيطراً أيضاً
علي توجه الأقباط السياسي ولم يرحب أبداً باشتراكهم في المظاهرات بل أعلن
أنه لا
يريدهم أن يطالبوا بإسقاط «مبارك» ورغم ذلك شارك الأقباط في تلك الملحمة
المصرية
وأصبح الهدف المصيري الذي توحدنا جميعاً عليه هو تحرر مصر من الطاغية!
المطلوب أن نعود إلي الهدف الأكبر وأن نواجه من يريد أن يشغل الوطن
بمعارك
طائفية فما الذي يضير المسلم ببناء كنيسة بجوار منزله أليست بيتاً من بيوت
الله..
نعم المشوار طويل وليس أمامنا كمصريين سوي
أن نقطعه معا ويبقي السؤال هل الوسط
الفني سيدفع ثمن سيطرة الإخوان علي مجلس الشعب أنا أري أن أول حائط صد
يواجه تزمت
الإخوان هو الوسط الفني وأول جدار يظل صامدا هو أن نردد هذا الشعار الفني
هو لا فرق
بين مسلم ومسيحي إلا بالموهبة ولا مجال للفرز الطائفي!
مجلة روز اليوسف في
03/12/2011
المرأة في السينما.. رجس من عمل الشيطان
كتب
سمر فتحى
في الوقت الذي هادنت فيه جماعة الإخوان المسلمون وأعلنت تضامنها
مع المجتمع في تقبل الفنون بمختلف اشكالها وألوانها، وخاصة فيما يتعلق
بالسينما
والغناء، جاءت الجماعة الإسلامية والسلفيون لرفضهما تماما
واعتبار أن السينما وظهور
المرأة فيها عارية تتبادل القبلات مثيرة وما هو إلا رجس من عمل الشيطان
وبعيد كل
البعد عما تنادي به الشريعة الإسلامية التي يريدون تطبيقها علي كل من
يتجاوز، كذلك
رفضهم استخدام الآلات الموسيقية في الغناء والاكتفاء بآلة الدف باعتبارها
آلة شرعية
محل إباحة !! د. ( عصام دربالة ) رئيس مجلس شوري الجماعة الإسلامية يقول
:
نحن لسنا ضد الترفيه المباح ( الذي يخفف من ضغوط الحياة ) علي الإنسان
ولكن
في إطار لا يصل به إلي التأثير السلبي مثل مشاهدة أفلام أو مسلسلات أو
مسرحيات بها
رقص وعري تثير الغرائز الجنسية أو أعمال تساعد علي تشكيك الناس في عقائدهم
أو تثير
الأحقاد بين الأديان أو أي أعمال من الممكن أن تؤدي إلي إثارة
الصراعات الدينية بين
المسلمين والمسيحيين هذه النوعية من الأعمال يجب أن نطرحها جانبا دون
الالتفات
إليها أو ضمها إلي قاموس أعمالنا الفنية التي نريدها خالصة لوجه الله بلا
أي شوائب
وتكون ذات قيمة وذات رسالة هادفة. نحن لن نسمح بأن تكون هناك
أعمال ضد الدين أو
القيم أو الأخلاقيات أو المبادئ، ولن نسمح بتكرار ما حدث في إحدي كنائس
الإسكندرية
عندما قدموا مسرحية تتطاول علي الرسول «صلي الله عليه وسلم» والتي أحدثت
كثيرا من
الاضطرابات. هذه المسألة سيتم تنظيمها من خلال فتح حوار مع الهيئات
والمؤسسات
المعنية بالدولة وتحديدا الدينية لوضع ضوابط لها بما لا يهدر
الحريات، ورغم صعوبة
تطبيق هذه المعادلة في البداية ؟ إلا أننا بالصبر سنصل في النهاية إلي
نتائج مرضية،
وخاصة فيما يتعلق بالسينما، فكيف نقبل بوجود امرأة عارية أو مشهد فيه قبلات
كيف
نسمح بهذه الأعمال أن يراها أبناؤنا وبناتنا من المسلمين فهذا رجس من عمل
الشيطان،
وكثير من أولياء الأمور لا يرضون بمثل هذه التجاوزات التي تغزو
حياتهم من خلال
شاشات التليفزيون وقنواته الفضائية بالقوة الجبرية، ومثل هذه الأعمال
الدرامية
المتجاوزة سواء السينمائية أو التليفزيونية أو المسرحية لابد أن يكون لنا
موقف منها
ومنعها من العرض حتي لا يكون تأثيرها السلبي ضارا علي أولادنا في وقت نحتاج
فيه
لحمايتهم وبناء شخصيتهم وتقويم أخلاقهم. ويضيف د. ( دربالة ) :
نحن نريد من الفن أن
يقوم بدور تربوي، ثم أنه ما المانع أن نري فنا ليس فيه اختلاط الأجناس، فهل
العمل
الفني عندما يقدمه رجال فقط يعجز عن توصيل
الرسالة المطلوبة ؟! أم أن الرسالة لن
تصل إلا بوجود جنس النساء في العمل الفني ؟! أنا أتصور أن العمل الفني
الهدف منه هو
القيمة التي يقدمها والكلمة التي يقولها، وليس بالأداء التمثيلي المثير
للغرائز
!!
فنحن نريد تنظيم حياتنا من خلال الضوابط الشرعية التي تقر ما هو مسموح
وما
هو ممنوع في كل جوانبها سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو فنية أو أدبية،
وهدفنا في
النهاية تحسين صورة الشخصية المصرية أخلاقيا ودينيا دون تشويه.
نحن لن نجبر
أحدا علي الاختيار، ولن نفرض علي أحد شيئا، ولكننا ننبه وبعد ذلك الحساب
يكون
متروكا لله سبحانه وتعالي، هكذا بدأ ( م.عاصم عبدالماجد ) المتحدث الإعلامي
باسم
الجماعة الإسلامية كلامه عن موقف الجماعة من الفن سواء التمثيل أو الغناء،
وأضاف
:
نحن في الجماعة لسنا ضد الفن ؟ ولكن أي فن الذي تتحدث عنه، فن العري
والهلس
والابتذال ؟! أم فن الرقي والقدوة والاحترام ؟ ! أنا مع النوع الثاني، ونحن
ننتج
أعمالا فنية في هذا الإطار سواء تمثيلية من خلال أعمال مسرحية هادفة تدعو
إلي قيم
التسامح والمحبة والإيمان أو أغان في إطار الإنشاد الديني تستخدم معها الدف
كآلة
موسيقية شرعية محل إباحة دون الدخول في تفاصيل استخدام آلات موسيقية أخري
موضع
شبهة، أما الفن الذي يثير الغرائز والذي تتعري فيه المرأة
وتظهر مفاتنها، فهذا
يعتبر رجسا من عمل الشيطان لا نقترب منه ولا نقره ولا نسمح به، وإن كان هذا
لن
يجعلنا نفرض عقوبة علي أحد، وإنما هذا متروك للجهات التنفيذية التي ستدير
البلاد
وتقر شكل النهوض بها أخلاقيا وتربويا ودينيا ووضع ضوابط لكل
مواطن الشبهات والمحرضة
علي انحراف الأخلاقيات، فنحن لسنا ضد التمثيل بما لا يخالف الشريعة
الإسلامية وبما
يتوافق مع أمور ديننا، وهذا من أساس النظام الذي نريده لمجتمعنا في المرحلة
القادمة
بحثا عن التوافق القيمي والأخلاقي، فلا يوجد مجتمع دون نظام،
فهذا معناه فوضي، وهو
ما عانينا منه طوال السنوات السابقة.
ويقول د. ( يسري حماد ) المتحدث
الرسمي باسم حزب ( النور ) السلفي وعضو الهيئة العليا للحزب !
نحن كحزب سلفي لن
نفرض وجهة نظرنا علي المجتمع، ولكن هذا متروك للمؤسسة الدينية في الدولة
وهي الأزهر
ومجمع البحوث الإسلامية المنتخب.
؟ وقد يتشكل المجمع من أعضاء التيار
السلفي الذين يطبقون ما يريدون تطبيقه وفرضه علي مؤسسة الأزهر ؟
أيا كان
الوضع، المهم ألا تخرج المسألة عن إطار تشريعها وتطبيقها عن طريق مؤسسة أو
كيان
رسمي بالدولة وليس من خلال حزب أو تيار، حتي يكون للتنفيذ قوة آليته، ومن
خلال هذه
الآلية يتم وضع ضوابط للحلال والحرام، والحرص في جميع القرارات
التي يتم اتخاذها
علي الحث علي التأدب بآداب الإسلام وما شرعه الله سبحانه وتعالي في الكتاب
والسنة،
ويضيف د. ( حماد ) نحن حريصون علي وضع قواعد عامة لحماية المجتمع و افراده
من
الآثار السلبية التي تفرضها عليهم الأعمال الفنية الرديئة
المثيرة للغرائز ولن نسمح
بوجود أي شيء يصطدم مع الله عز وجل، أو أن نترك التشريع للأفراد أنفسهم بلا
وعي، أو للحاكم بأن يقول هذا حلال وهذا حرام، فهذه مسئولية المؤسسات
الدينية بالدولة ولذلك
نحن نطالب بضم الأوقاف إلي الأزهر مرة أخري لتكون له استقلاليته المادية
والإدارية
بعيدا عن الدولة حتي لا يتحكم الحاكم في شئونه وآرائه ورسالته
ويضيف د.حماد ثم أنه
ما المانع من أن يتم تطبيق عقوبات علي من يخالف هذه الضوابط الشرعية، ألم
تكن هناك
من قبل عقوبة بالسجن سنة لمن يضبط في نهار رمضان وهو يفطر؟ إلا أن النظام
الفاسد
غيب هذا القانون وسمح بمخالفته!
ورغم اختلاف د.محمد إمام أحد الكوادر
المهمة بحزب «الفضيلة» السلفي مع حزب «النور» السلفي أيضا في
بعض وجهات النظر
السياسية إلا أنه يتفق معهم في تحريم الفن الفاسد واعتبار وجود المرأة
عارية تثير
الغرائز وتقبيلها في السينما رجس من عمل الشيطان ويقول: الفن من الممكن أن
يكون
عملا كريما وشيئا نبيلا لو كان الهدف منه نبيلا، ومن الممكن أن
يكون مفسدة للمجتمع
لو أصبحت المسألة مجرد ابتذال وانحراف وهلس وعري، نحن في حياتنا لابد أن
نتعامل
بميزان المصالح والمفاسد، والفن لا ينفصل عن حياتنا كذلك الأدب الذي أطل
علينا
بنوعياته الإباحية والمتجاوزة التي تتطاول علي الذات الإلهية، فهذه النوعية
سواء من
الفنون أو الآداب تجرئ الناس علي الضلال ولن نعترف بها مهما كانت الضغوط
ولكن قبل
أن نطبق الشريعة في مثل هذه الأمور يجب أن نعلم الناس أولا
فالناس تعاني من جهل
شديد وهو ما يظهر في إطار التدين الشكلي الهش الضعيف والذي لا يدل علي أن
الناس (فاهمة حاجة).
مجلة روز اليوسف في
03/12/2011 |