لن تهدأ التحرّكات
الشعبية الحاصلة في مدن عربية عدّة. تأثيراتها لم تظهر كلّها بعد. أما تلك
الظاهرة
حالياً، فلا تزال في بداية الطريق الطويلة، التي يُفترض بها أن تؤدّي إلى
تأسيس
«استقلال»
جديد وحقيقي ومتين. «استقلال» مبنيّ على الديموقراطية والمجتمع المدنيّ
والتقنيات الحديثة والفكر العصريّ المنفتح والمتسامح. «استقلال» مبنيّ على
قبول
الآخر، كل آخر. وعلى مناقشته. السينما العربية، بدورها، باتت
تتحمّل مسؤولية أكبر.
أو هكذا يُفترض بها أن تكون عليه. باتت أكثر انتباهاً للحراك الشعبي المقيم
في
الشارع، وللغليان الحاصل في نفوس وعقول وانفعالات. أو هكذا يُفترض بها أن
تكون
عليه. السينما مُطالَبة بالتنبّه إلى الآنيّ، لقراءة المقبل من
الأيام. أو هكذا
يُفترض بها أن تكون عليه. مطالَبة، أيضاً، بتقديم شهادات حيّة عمّا جرى
ويجري،
تمهيداً لإنتاج صُوَر، وطرح أسئلة، وتحريض ثقافي وفني على مزيد من الفهم
والوعي
والإدراك. السينما العربية هذه موجودة. نتاجها القليل، نسبةً
إلى الإنتاجات السنوية
كلّها، مرآة حيّة لوقائع وتفاصيل وحكايات حقيقية. مخرجوها واجهوا الفوضى
والخلل.
قالوا إن هناك شيئاً عفناً في المجتمع. في
بعض العقول
والقلوب.
مواجهة
السينما العربية في حالة مواجهة. صناعة السينما
العربية لم تتوقّف يوماً عن تسليط الضوء على ما يجري داخل
المجتمعات العربية. هذا
ما أدّى إلى صدام، اتّخذ شكلاً عنيفاً في بعض الأحيان، بين سينمائيين لا
يتهاونون
في تفكيك المجتمع وقراءة مضامينه وتحوّلاتها ومساراته، ومتسلّطين باسم دين
وسياسة
وأخلاق على المجتمع وناسه. قبل انطلاق الربيع العربي أواخر
العام الفائت، خاضت
سينمات عربية عدّة معارك ضد السلطات الحاكمة، وضد التحالف الأعمى بين رجال
الدين
والسياسة والمال والأعمال والأمن. لم يخضع سينمائيون وسينمائيات عرب، وإن
كان عددهم
قليلاً، لابتزاز السلطات هذه. أو لقمع السلطة الناتجة من التحالف المذكور.
الحيلة
أداة. المواجهة المباشرة أداة أخرى أيضاً. الحريات معدومة، أو
شبه معدومة. مع هذا،
أبدع سينمائيون وسينمائيات عرب في ابتكار الجديد والمختلف، شكلاً ومضموناً.
في طرح
أسئلة ملحّة. في استشراف بعض المقبل من الأيام.
الربيع العربي مستمرّ. وضعه
الآنيّ صعب، لكنه مستمرّ. السينما العربية المشرقية والمغاربية
معاً، قدّمت نماذج
حيّة عن معارك فكرية وثقافية وأخلاقية واجتماعية حاصلة داخل المجتمعات
العربية تلك،
بأشكال سينمائية بديعة وجميلة. أو أقلّ إبداعاً وجمالاً أيضاً. أفلام
إيرانية عدّة
عكست وقائع العيش في ظلّ نظام ديني متشعّب المصالح والتحالفات.
غربيون عديدون
تنبّهوا إلى اللحظة التاريخية المهمّة، وإن كانت لحظة مفتوحة على احتمالات
متناقضة:
انتصار الحقّ، أو استعادة القمع حيويته
وجبروته.
في الإطار هذا، وبالتزامن مع
الحراك الشعبي العفوي والسليم، أو عشية اندلاعه المدوّي
والصادم والمفاجئ، أنجز
سينمائيون وسينمائيات عربٌ وإيرانيون وأوروبيون أفلاماً حديثة الإنتاج، في
العامين 2010
و2011، جمعتها نقطتان اثنتان: الأولى كامنةٌ في أن المرأة شخصية رئيسة فيها
كلّها (في مقابل كونها تقود عملية تحقيق الفيلم وراء الكاميرا
أحياناً). الثانية
مرتكزة على أن الغالبية الساحقة منها على الأقلّ وُلدت كمشاريع سينمائية أو
كبدايات
تنفيذ ميدانيّ قبل بداية الربيع العربي هذا بوقت قصير. أفلام مُصوَّرة في
دول
عربية، تناولت الأوضاع الاجتماعية والإنسانية والثقافية للمرأة
العربية. أفلامٌ
مُصوَّرة عن مجتمعات عربية ونساء عربيات. أفلام إيرانية ذهبت بعيداً في
تحدّيها
شمولية النظام وسطوته على المجتمع وحراكه، وعلى الناس وحيويتهم المقموعة.
أفلام
لقبت نجاحاً جماهيرياً وانتباهاً نقدياً لافتاً للنظر. أفلام
خرجت إلى الصالات
التجارية من داخل مهرجانات سينمائية دولية منتمية إلى الفئة الأولى، كبرلين
مثلاً.
أفلام لم تُطلق عروضها التجارية الغربية
بعد. أفلامٌ متنوّعة الأساليب والأشكال
والهواجس والتوجّهات، وإن بدا الهمّ الإنساني والواقع
الاجتماعي المرتبطين بالمرأة
الجامع الأول والأبرز لها: «انفصال: نادر وسيمين» (2010) للإيراني أصغر
فرهادي («الدبّ الذهبي» من مهرجان برلين الـ61).
«وهلأ لوين؟» (2011) للّبنانية نادين
لبكي. «الغريبة» (2010) للنمساوية فيو ألاداك. «نبع النساء»
(2011) للروماني رادو
ميهياليانو. «في الخفاء» (2011) للإيرانية الأميركية مريم كشافارز. «على
الحافة» (2010)
للمغربية ليلى كيلاني. «إلى اللقاء» (2011) للإيراني محمد رسولوف. «لا ربّي
لا سيدي» (2011) للتونسية ناديا الفاني.
تنويعات
إنها تنويعات
متمحورة حول المرأة: نساء منتميات إلى أديان مختلفة يتّحدن معاً لمنع
اندلاع حرب
أهلية جديدة في بلد عربي. إيرانية تنفصل عن زوجها لرفضه السفر معها إلى
الغرب.
تُركيّة تهرب من استنبول إلى ألمانيا لحماية ابنها من زوجها العنيف. نساء
يُضرِبْن
عن ممارسة الحبّ لاكتساب احترام الرجال لهنّ. مراهقان إيرانيان يعشقان
بعضهما
البعض، على الرغم من النواهي المحيطة بهما. أربع عاملات شابات
مغربيات يذهبن إلى
أقصى تمرّدهنّ، بل عصيانهنّ. محامية إيرانية حامل ممنوع عليها ممارسة
مهنتها، تعيش
وحيدة لأن زوجها الصحافي مقيم في الخفاء منعاً لاعتقاله، فإذا بها تبحث عن
منفذ
للهرب من بلدها. مخرجة تونسية تُعلن إلحادها على الملأ أثناء
شهر رمضان. بهذه
العناوين المختصرة، يُمكن القول إن الأفلام المذكورة أعلاها بدت انعكاساً
للغليان
الحاصل في بلدان تعاني مأزقاً وجودياً حقيقياً: الحريات والتقدّم والتحرّر
من بطش
أنظمة وسلطات. في مقالة بعنوان «النساء والربيع العربي»، كتب
تييري شاز في المجلة
السينمائية الفرنسية الشهرية «استديو/ سيني لايف» (تشرين الأول 2011) أن
«الثورات
العربية الراهنة سلّطت الضوء على مكانة المرأة»، مضيفاً أن السينما استحوذت
على
الموضوع هذا، قبل أن تداهم الوقائع الآنيّة السينما والموضوع
معاً. رأى شاز أنه لا
يُمكن لـ«الثورة» هذه «إلاّ أن تكون نسائية»، مشيراً إلى أن الأفلام
المذكورة أعلاه «باحت بهذا الأمر، وإن ضمنياً في بعض
الحالات». المخرج الروماني رادو ميهياليانو
(مقيم
في فرنسا منذ أعوام طويلة) انتقد حال الرجل. شكَّك بقدرته على صناعة
التطوّر
وإحداث الارتقاء في المجتمعات تلك. شكَّك بقدرته على جلب السعادة والهناء
والسلام: «إذاً، لماذا لا نثق بالنساء أكثر فأكثر؟».
توقّف عند التقدّم الذي عرفته المرأة
العربية، كانتسابها إلى الجامعات وحصولها على شهادات عالية،
أكثر مما يفعله الرجل
في المجال هذا: «حتّى لو تطلّب الأمر جهداً أكبر، فهي باتت تحتلّ مكاناً
متفوّقاً
في المجتمع». فيلمه الأخير «نبع النسا» طريفٌ وقاس: اعتادت النساء، منذ
«فجر
التاريخ»، جلب المياه إلى القرية الواقعة في مكان ما بين
أفريقيا الشمالية والشرق
الأوسط (اقرأ: المغرب)، سواء أكانت الحرارة مرتفعة جداً، أم متدنية جداً.
طفح الكيل
بهنّ. أردن التمرّد على الحالة هذه، فاتّفقن على تنفيذ إضراب غريب:
الامتناع عن
ممارسة الحبّ والمداعبة والملاطفة مع رجالهنّ، ريثما ينتبه
هؤلاء إلى ضرورة قيامهم
بمهمّة جلب المياه إلى بيوتهم وعائلاتهم. ريثما ينتبهون إلى الأهم:
احترامهم النساء
هؤلاء.
استكمالاً لما قاله ميهياليانو، رأت مريم كشافارز أن جيلها «يريد
تحريك
الأشياء»، لأن كثيرين من أبنائه سافروا إلى الخارج، وعاشوا في مجتمعات
مختلفة،
وباتوا قادرين على إحداث فسحة بينهم وبين بلدهم «تتيح لهم رؤية أوضح
للأمور». إنها
وممثلاتها (نيكول بوشيري وساره كازيمي وريزا سيكسو سافاي
وغيرهنّ) يُدركن تماماً
أنهنّ لن يستطعن العودة إلى بلدهنّ، بعد إنجازهنّ معاً «في الخفاء» (ثنائي
إيراني
ثري يواجه التمرّد الجنسي لابنته، والهوس الخطر الذي تملّك ابنه): «صوّروا
الحوارات
كلّها التي أُجريت معي في مهرجان ساندانس. صورة إثر صورة. أرادوا التلاعب
بهذا كي
يضعوا على لساني كلاماً بذيئاً أو مغايراً لما يريدون، للإيقاع
بي».
تساؤلات
حاولت نادين لبكي، في «وهلأ لوين؟»، الغوص في الواقع
المعقَّد للعلاقة الصدامية بين أبناء قرية واحدة، منتمين إلى الديانتين
المسيحية
والإسلامية. لم يُواجه الفيلم رفضاً رقابياً من أي سلطة قائمة: «أنا مفعمة
بالأمل.
كان على هذا (الربيع العربي) أن يندلع ذات يوم. لهذا كلّه، مهمومة أنا
بمعرفة كيف
ستُدار الأحداث هذه، خصوصاً عند مشاهدتي النزاع الديني الحاصل في مصر.
ألدينا
الحكمة للإمساك بزمام الأمور؟ لا أعرف جواباً. لذا، يجب أن
نكون جميعنا يقظين
ومتنبّهين» («استديو/ سيني لايف، تشرين الأول 2011). اليقظة والتنبّه هذان
لا
يختلفان كثيراً عمّا أسرّت به التونسية ناديا الفاني، التي أنجزت فيلماً
وثائقياً
عرّى رجالاً يحتالون على أنفسهم والآخرين في شهر رمضان، معلنة
إلحادها: أثناء
توليفها الفيلم في فرنسا، اندلعت «ثورة الياسمين» في بلدها. عادت إليه،
لتصوير
لقطات إضافية عن تظاهرات نهاية العام 2010، حيث ذكّرت صُوَر نساء مرفوعات
على أكتاف
الرجال بتلك التي ظهرت في أيار 1968. من اللقطات الصادمة
للمجتمع التونسي، الموصوف
في الغرب بكونه أكثر اعتدالاً وعلمانية من دول المغرب العربي، واحدةٌ أثارت
غضباً
وتهديداً بالقتل: تجوّلت الفاني في مقاه ممتلئة بالرجال أثناء شهر الصيام.
الرجال
هؤلاء يتناولون الطعام. أرادت كسر مبادئ التقليد هذا وتعاليمه
بشكل سرّي، فدخلت
اللعبة، طالبةً كأس جعة، وصارخة بإلحادها على الملأ. ردود الفعل الفظيعة لم
تتأخّر:
اقتحم إسلاميون متزمّتون الصالة التي تعرض
الفيلم، في السادس والعشرين من حزيران
2011، وانهالوا بالضرب على مديرها، مهدّدين بإراقة
الدماء إذا عُرض الفيلم مجدّداً
(«السفير»، 14 تموز 2011).
قالت ناديا الفاني إن هناك أمراً آخر بدا كأنه
مُكمِّل أو مترافق لثنائية اليقظة والتنبّه: «اليوم، كل شيء
بات على المحكّ. كل شيء
هشّ في اللحظة هذه في تونس. الشباب متقلّبون، والإسلاميون متربّصون. لذا،
يُفترض
إثارة نقاشات جدّية للوصول إلى الاقتناع بأن أسئلة عدّة، كالعلمانية مثلاً،
يجب
طرحها بشكل عصريّ». أضافت، بعد إصرارها على الدور المهمّ جداً
للتربية: «أدركت
النساء أن الوسيلة الوحيدة للتحرّر والاستقلال بالرأي كامنةٌ في (ضرورة)
تلقّي
العلم، وفي الاستقلال اقتصادياً». وافق ميهياليانو على هذا: «الثورة
الذاهبة إلى
الديمقراطية يجب أن تكون مُرفقة بثورة داخل المنزل. لا يُمكن
للديمقراطية أن تتمركز
عميقاً ودائماً، إذا لم تحصل المرأة، داخل الدائرة العائلية، على حقوقها
كلّها، وهي
حقوق مذكورة في القرآن. من دون هذا، ينتابني خوفٌ من إقامة شكل آخر للحكم
التوتاليتاري».
أسئلة عدّة طرحها المخرجون والمخرجات هؤلاء، سواء في أفلامهم أم
في تعليقاتهم. أسئلة جوهرية، مرتبطة بواقع المرأة ودورها وحراكها، لكن
أيضاً بالحدث
الراهن. المجتمعات منهارة. الثورات الحاصلة (الانتفاضات. الحراك الشعبي
العفوي)
نتيجة أولى لكبت مزمن. لانفجار كبت مزمن. المعركة بدأت. غالب الظنّ أنها لن
تتوقّف
بسهولة. لكن، ماذا عن النتيجة؟ ماذا عن السينما ودورها؟ ماذا عن الدفق
الحاصل
حالياً، على مستوى الاشتغال البصريّ لتوثيق اللحظة، وللبدء
بمعاينة المسار
والتبدّل؟
السفير اللبنانية في
14/11/2011
زوم
عقارات تدعم صندوق السينمائيين من عقود إيجاراتها···
محمد حجازي
تتّجه نقابة السينمائيين في مصر إلى طرح استدراج عروض لتأجير صالتَيْ:
<كريم 1> و <كريم 2>، في شارع عماد الدين، في محاولة من النقيب مسعد فودة
لدعم صندوقها كي يتمكّن من تقديم مساهمات مقبولة للأعضاء حين الحاجة إلى
ذلك، فكيف والحال اليوم تضع نسبة عالية من الفنيّين في خانة العوز نظراً
لقلة المشاريع المنفّذة، وانسداد الأفق أمام العديد من المشاريع التي كانت
تُنجر على مدار العام وها هي في واقع لا تُحسد عليه بفعل التطوّرات
الميدانية التي عاشتها مصر طوال الأشهر الماضية ولا تزال بعض تداعياتها
حاضرة إلى الآن·
هذا باب رزق للنقابة يمكن استغلاله والبناء عليه، لكن في مثل واقع
البلاد والاستوديوهات وحذر المنتجين كأي صاحب مال يحتّم عليه خوفه على
ثروته من أي خسارة، يمكن اللجوء إلى أبواب أخرى حيناً من داخل النقابة
وحيناً من خارجها· وإنْ يكن حال السينمائيين غير حال المنتمين إلى النقابات
الفنية الأخرى مثل الممثلين والموسيقيين، إلا أنّ هناك إمكانية لزيادة
اشتراكات الأعضاء أولاً، ثم دخول باب المساهمات ذات الرقم المرتفع من بعض
الميسورين الذين عملوا في مهن درّت عليهم أرباحاً إلى جانب السينما·
والحال هذه الأيام أشبه بالطوارئ وما هو موعود للغد ليست محسومة
إيجابياته، فالسينما في مصر صناعة وليست مهنة عابرة عادية يمكن التعامل
معها باستخفاف أو بعدم اهتمام، فالذي يدرك أنّ آلافاً مؤلّفة من العاملين
يعانون الأمرّين هذه الأيام سيجد أنّ جميع الطرق المتاحة يجب اعتمادها لمنع
الفاقة عن الأعضاء، على الأقل في الفترة الانتقالية الفاصلة بين حال الجمود
حالياً، وما بين استرجاع النشاط العادي في وقت لاحق·
كما إنّ اقتراحاً كان طُرِحَ سابقاً يدعو لاستقطاع ضريبة على كل بطاقة
سينمائية يقطعها أحد روّاد الصالات، تذهب إلى النقابة، لكن أين هي الصالات
العاملة هذه الأيام؟، وأين حركتها الواسعة؟، فالعمل يجري في العيد مثلاً
على ثلاثة أفلام: سيما علي بابا لـ أحمد مكي، إكس لارج لـ أحمد حلمي، وكف
القمر للمخرج خالد يوسف، وكل شريط يقدّم في عدد من الصالات الموزّعة في
القاهرة وضواحيها، إذاً أي بطاقات ستؤخذ عليها ضريبة من بين هذه القليلة·
والواضح في السياق أنّ الخيارات قليلة جداً، وليست سهلة، بحيث إنّ
هناك طرحاً بتأجير المبنى القديم للنقابة علّه يجبي بعض المال لزوم تغذية
صندوق النقابة بما يجعله يواجه هذه الفترة الحسّاسة، مع ذلك فإن هناك في
الغالب بروتوكولات تعاون وتنسيق وتشاور تعقدها النقابات، مع اتحادات
سينمائية عالمية، تؤمن من وقت لآخر حالات دعم تدفع بالعملية صوب التعويم،
بحيث لا تكون هناك إحراجات كما هو حاصل حالياً في مهمة تأمين الميزانية
اللازمة لسد الفراغ الحاصل، ومثل هذه التحرّكات تكون خلال انعقاد الدورات
المهرجانية محلياً وعالمياً بحيث يأتي التعاون بعد جلسات نقاش، وتعرّف على
المناخات المشتركة بين الطرفين خدمة للسينما والسينمائيين·
وحتى لو أنّ النقابة ابتكرت جائزة سينمائية تمنحها سنوياً إلى
العاملين في السينما ممَّن برزوا أو تميّزوا استناداً إلى معطيات ونتاج
ميداني، وبالتالي الاعتماد على رعاة للجائزة يقدّمون الدعم وتؤخذ بدلات
مشاركة من العناصر الذين يريدون دخول السباق كل هذا سيؤدي إلى حالة متحرّكة
غير ثابتة تؤمن بقاء النقابة في أجواء نشاط وحضور أما السينمائيون فلا يجوز
أن يشعروا ولو للحظة أنّ هناك ما يضاف إلى مشاكلهم في وقت مطلوب دعم أكبر
رسمي لهذه الشريحة من المبدعين الذين تقع على عاتقهم مسؤولية النتاج
السينمائي الذي يمثل مصر في أكثر من مهرجان في العالم، لذا مطلوب تحرّك
سريع ومدروس للمعالجة الواقعية·
عروض
<ستيلر> و<مورفي> في كوميديا رتيبة غير جاذبة إلا بإسميهما
<باركر> أوجدت حلاً للمرأة العاملة·· بأن تختار عائلتها
محمد حجازي
تستمر مفاعيل أفلام العيد حاضرة في برمجة الصالات لكن كثرة الأفلام
الجديدة تُحتّم إضافات أسبوعية، تلوّن وتنوّع وتستقطب روّاد الصالات في
الأيام العادية وليس في المناسبات فقط، وهو ما يوجب الإضاءة على عدد منها
كنوع من رصد الحالة العامة للفن السابع على الشاشات، وخصوصاً أنّ جامعة
سيدة اللويزة (NDU) قد اختتمت مساء أمس الدورة الخامسة من مهرجان أفلام الطلاب الذي
شاركت فيه عشر جامعات، ووزّعت الدروع والشهادات على الأكاديميين الفائزين،
وهو ما نُضيء عليه في مقالة مستقلة ترصد حيثيات هذه التظاهرة السنوية التي
باتت تتوسّع وتكبر مع استمرار الاهتمام الجامعي بها مع رعاية رسمية من
وزارة الثقافة·
Tower Heist
كوميديا رتيبة مع إسمين لامعين في مجالهما بن ستيلر في شخصية جوش كوفاكس،
وإيدي ميرفي ساهم في الإنتاج مع برايان غرازر، ويقدّم شخصية غير رئيسية:
سلايد، تاركاً اللعبة المتبقية لزميله ستيلر الذي يكرّر هنا معظم ما عرفناه
من حركات وردّات فعل من دون جديد لافت·
إنّه الشخصية البسيطة، النشيطة القابلة لكل أنواع الانكسار لكن في
الوقت المناسب تخدمه الصدفة والخط، وما يؤديه في ثوب جوش هنا، وهو مسؤوليته
عن أحد الأبراج الشهيرة مع ثناء دائم من سيد المكان آرثر شاد الذي يتبيّن
أنّه فاسد، ويقوم بأعمال غير نظيفة تضعه في واجهة الاهتمام ويعتقل على هذه
الخلفية، لكن جوش يرفض سقوط الامبراطورية التجارية هذه ويضع خطة إنقاذية
لوضعها على سكة إصلاح جديدة مغايرة·
أسماء أخرى مساهمة في المشروع الذي صُوِّر في استوريا، كوينز نيويورك،
ونيويورك سيتي، ومدته 104 دقائق ووزّعته شركتا يونيغ سال وايماجين، وتولّى
إخراجه برايت راتنر، مع كايزي آفلك، ماثيو بروديريك، ستيففف هاندرسون، جود
هيرش، تيا ليوني، مايكل بينا·
النص لـ تيد غريفين، وجف ناتانسون، عن قصة لـ غريفين، ومعه: آدم كوبر،
وبيل كولاج، وساعد في الإخراج 13 متدرّباً·
I Don`t Now How She Does It
شريط اجتماعي مئة في المئة للمخرج دوغلاس ماك غراث، صوّره في نيويورك،
ونيويورك سيتي في 89 دقيقة بميزانية 24 مليون دولار مع ثلاثة أسماء
ارتكازية: سارة جيسيكا باركر (في دور كايت) غيريغ كينير (الزوج ريتشارد)
وبيرس بروسنان (جاك) والمحور يتناول المرأة العاملة في المجتمع الغربي
ومحاولتها المواءمة بين عملها ومنزلها ويدعوها النص الذي كتبته الين بروش
ماكينا مع كاتبت الرواية ليسون بارسون، إلى الاختيار بين الموقّعين أو
الإعلان عن الأفضل وإعطاؤه الحيّز الأكبر من الوقت والاهتمام وجعل الثاني
في مرتبة أدنى·
إنّها قضية يعاني منها المجتمع في الغرب، فمن خلال كايت نراها لا تهدأ
تريد الإشراف على تغذية ولديها مارلا (حين كورتن) ولو (مارك بلوم)
ومساعدتهما في فروضهما المدرسية، وهندامهما، والالتفات الى الزوج الذي
يراعي كثيراً ما تقوم به زوجته، ويحل محلها في العديد من المناسبات حتى لا
يشعر الولدان بأن هناك نقصاً في حياتهما، الى حد أنّها تعد ابنتها بأن
يصنعا رجلاً ثلجياً في أقرب مناسبة تُثلج فيها السماء·
كايت تبدو مصابة بالشيزوفرينيا لكثرة انسلاخها عن عائلتها حين تكون في
عملها كمستشارة اقتصادية ترسم خططاً متنوّعة، وتعمل بإدارة جاك الذي يحترم
مواهبها، ويطلبها ان تكون معه في كل الصفقات التي تشتغل عليها الشركة ما
يأخذها اكثر من عائلتها خصوصاً في المناسبات المهمة لإلتئام الجميع، واكثر
من مرة اضطرت لقطع اجازاتها والالتحاق بعملها نظراً لحاجة جاك الملحة اليها·
وتنتبه جيداً الى حجم ما ترتكبه من خطأ بحق عائلتها عندما تنقل مارلا
الى المستشفى بعد اصابتها بعارض تسمّم، وفي هذه اللحظة تواجه نفسها بضرورة
حسم امرها، وتبلغ ادارتها بأنّها لا تستطيع ان تترك عائلتها على هذه الصورة
لصالح العمل، ويتم التعامل معها بكثير من الطواعية لتمرير الفترة العصيبة
التي تمر بها ما يُعيد التوازن الى عائلتها، وبعدما اثبت الزوج مدى تفهّمه
وتقديره، ثم كان سعيداً حين انتبهت في الوقت المناسب، وصحّحت الخطأ الذي
كان موجوداً·
الفيلم درس فعلي وميداني في كيفية حل هذه الإشكالية التي لطالما تسببت
في حالات طلاق مختلفة، لأنّ المرأة فضّلت العمل، ونرجسية المناصب على مناخ
حياة عائلية هادئة ومتميّزة، لكن الخيار الذي اعتمدته كايت في الفيلم اوجد
حالة نموذجية لمواجهة هذا التحدي الذي يعترض المرأة العاملة في الغالب
فأوجد لها مخرجاً يجنّبها هدم عائلتها على حساب عملها·
نقد
The Ides of March
لـ كلوني أمام وخلف الكاميرا
<ريان غوسلنغ> يقطف الفوز من جميع زملائه في الفيلم
محمد حجازي
الممثل ريان غوسلنغ، ومنذ شريطه (Drive) والناس لا تنسى هذا الحضور القوي والواثق، وكان اختيار جورج كلوني
له لبطولة الشريط الذي أخرجه ولعب فيه دوراً قصيراً أمام الكاميرا (The Ides of March)
نوعاً من المباركة لهذه الموهبة، العميقة والقادرة والتي سيكون لصاحبها يد
طولى فنياً في هوليوود ومنها في العالم·
ستيفان مايرز، هي الشخصية التي يجسّدها غوسلنغ، وهي صعبة ومحورية
وأولى في سياق النص الذي كتبه كلوني مع غرانت هيسلوف، وبو ويليمون عن
سيناريو كان وضعه بعنوان (Farragut North)
ويدخل ليوناردو دي كابريو على الخط من خلال مهمة المنتج المنفذ، بعمل يهتم
بموضوع الحملات الانتخابية التي يخوضها المرشّحون للرئاسة، وبعض الكواليس
التي تسودها، من خلال القيّمين على الحملات ومديريها المتنافسين·
صُوّر الشريط في آن آربور ميتشيغان، بميزانية 12 مليون ونصف المليون
دولار، وجاء في ساعة و41 دقيقة، لكنها دقائق محسوبة، مضغوطة وجميلة، وفيها
وضع للأحداث في اتجاهات واضحة، وفيما تبدو الأمور عادية تروح تتطوّر في
اتجاه تصاعدي يصل حتى الذروة عندما يصل سيد لعبة الحملة الانتخابية لأن
يكون هو الحاكم وهو الذي يقول كلمته ليقلب كل شيء رأساً على عقب·
الحاكم مايك موريس (كلوني) مرشّح للانتخابات الرئاسية ويقود حملته بول
زارا (فيليب سايمور هوفمان) ويعاونه ميدانياً مايرز بديناميكية مشهود لها،
ويحصل أنّ إحدى المتدرّبات في الحملة وتدعى موللي ستارنز (إيفان راشل وود)
تتقرّب من هذا الشاب، وإذا بها تبلغه بسر لا أحد يعرفه، عندما يلاحظ أنّ
رقم الحاكم على لائحة من اتصلت بهم من هاتفها، وعن السبب قالت بأنّها كانت
تريد أن تطلب منه 900 دولار بدل عملية إجهاض تريد القيام بها للتخلص من
حملها نتيجة علاقة معه فيقوم مايرز بالعمل على جعل الأمر سريّاً ويدفع لها
المال ويرافقها إلى العيادة لإجراء العملية، ووفق هذا الوفاء للحاكم، أبلغ
مايرز قائد الحملة زارا بأن توم دافي (بول جياماني) المشرف على حملة خصمه
في السباق اتصل به طالباً منه الانضمام إليه لاستغلال مهاراته، وإذا بـ
زارا يتّخذ قراراً بطرد مايرز، فيقرّر في لحظة الذهاب إلى دافي الذي أبلغه
بأنّه الآن وهو مطرود لا يريده، لأنه الآن ضعيف وكان يفضّله قوياً عندما
كان لا يزال تحت جناحي الحاكم·
هنا يقرّر مايرز الانتقام ويضع عينه في عين موريس ويبلغه بأنه يعرف كل
شيء عن علاقته بـ موللي، وحملها منه، وبعد تمنّع وافق موريس على شرط رئيس
وهو طرد زارا من رئاسة حملته وتعيينه مكانه، ففعل، وإذا بـ مايرز يدعو إبرز
محطة تلفزيون مبلغاً إياها بأنّ بحوزته ما هو مهم لإعلانه، وطبعاً عن موريس
لقد أعاد السيطرة وأمسك بالزمام جيداً·
فيلم قوي وفاعل، يفوز بكل مناخه الإيجابي الممثل <غوسلنغ> حتى أنّ
الكاريزما التي يتمتع بها هيمنت على كلوني وباقي الفريق، وكان بحق سيد
الشريط·
اللواء اللبنانية في
14/11/2011 |