محمد العسلي، فوزي بن سعيدي وليلى كيلاني... ثلاثة مخرجين مغاربة
يمضون في العوالم السفلية لمدنهم، حيث الدعارة والمخدرات والجريمة... عوالم
منسوجة بقسوة وإحكام وكائنات متآكلة ومهزومة
الفساد يطاول الجميع بلا رحمة بدءاً بحلاّق في الدار البيضاء وصولاً
إلى شبان وشابات يواجهون حياة تفرض إيقاعها عليهم. تتبّع أدوات التأقلم في
هذا الخصوص، سيكون حاضراً في ثاني أفلام محمد العسلي «أياد خشنة». بينما
نمضي في «موت للبيع» لفوزي بن سعيدي، نحو العوالم السفلية لمدينة تطوان.
هذه العوالم تتواصل في طنجة مع فيلم ليلى كيلاني «على الحافة» في أولى
تجاربها الروائية الطويلة.
بعد سبع سنوات على فيلمه المميز «الملائكة لا تحلّق فوق الدار
البيضاء»، يمضي محمد العسلي (1957) في الرهان على شخصية تبني جمالياتها من
واقع لا يَعد بالجمال. بالإضافة إلى شخصية الحلاق مصطفى (محمد بسطاوي)،
يؤسّس السينمائي المغربي «أياد خشنة» على عنوان الفيلم نفسه المستوحى من
قصة جارة الحلاق (هدى الريحاني) ومسعاها لجعل يديها خشنتين، مما سيسمح لها
بالسفر إلى إسبانيا. حياة مصطفى وطرق تحصيل عيشه تسيران مع محيطه وما يمليه
عليه. هكذا، يسير النبل والفهولية جنباً إلى جنب، فيما التواطؤ مع الفساد
ليس سوى حالة اضطرارية يلجأ إليها، ولو شملت كل حياته.
مصطفى يحلق لعليّة القوم (وزراء وقضاة ومسؤولون كبار). يمضي بسيارته
الصغيرة برفقة عازف قانون كهل ومساعد يكون مخبراً وجامع اتاوات ممن يغسلون
السيارات في المواقف. حالما يصلون إلى وجهتهم، يبدأ مصطفى بالحلاقة للوزير
السابق المقعد، بينما مساعده يقلّم أظافره. كل ذلك برفقة تقاسيم على
القانون! تمضي قَصّة الشعر بالتناغم مع التقاسيم. لكن حين ينتهي مصطفى من
ذلك، فإنّ عمله مع زوجة الوزير سيكون مفتاح حياته. الخدمات التي تقدمها
إليه ستكون في الحقيقة مصدر رزقه وسلطته على محيطه.
الصراع في الفيلم يأتي من جارة مصطفى (هدى الريحاني) التي تحتاج إلى
الأخير كي يصدر لها شهادتي زواج وولادة مزيّفتين لتتمكن من الذهاب إلى
إسبانيا. لكن لتحقيق ذلك، عليها أن تجعل يديها خشنتين تماماً، مزارعة، هي
التي تعمل مدرّسة في روضة أطفال. هذا الشرط ينبع من مسعى اسبانيا إلى
استقدام العمالة الموسمية للعمل في الزراعة. هكذا، ستسعى لجعل يديها
خشنتين، عبر اللجوء إلى مستحضرات شعبية. لكنّ ذلك لن ينجح، وستدفعها
الهزيمة إلى أحضان مصطفى.
هزائم الأيادي الناعمة ستكون أشد وطأة مع ليلى كيلاني (1970). في «على
الحافة»، تستدعي أدوات التأقلم مع الواقع كل شيء. سيُفتح الباب على مصراعيه
أمام حيوات تنسج وفق رغبات المحيط. نشاهد بادية (صوفيا عصامي) التي تسعى
إلى مغادرة معمل القريدس الذي تشتغل فيه في طنجة القديمة، ومعها رفيقتها
إيمان المختلفة بطباعها عن بادية. ستنضم إليهما فتيات أخريات تتعرّفان
إليهن في ليل طنجة، ليمضين جميعاً في ترتيب حيواتهن بما يجعل الدعارة تمضي
بالتناغم مع السرقة، في استباحة لكل شيء من دون أن يكون ذلك إلا شكلاً من
أشكال الحياة المتاحة.
بادية مثال ساطع على البطولة المضادة. الفيلم منسوج بإحكام وجمال
وقسوة. سننتقل إلى مشاهد ليلية معتمة بعد البياض الذي احتلّ الشاشة في
المشاهد المصوّرة في معمل القريدس حيث بادية وإيمان لا تفعلان سوى تنظيفه.
المسعى إلى الخروج من بياض المعمل واللباس الأبيض للعاملات الكثيرات، لن
ينجح إلا من خلال الغرق في هذا الليل الحالك. بادية تفرك نفسها بالصابون
بجنون للتخلص من الزنخ، ثم تعود إلى غرفتها المتآكلة، وتكذب على كل من
حولها بالقول إنّها تشتغل في معمل للألبسة. ثم تتورّط أكثر في التهريب
والسرقة كلّما أصرت على كذبها. طوال الشريط، سنراها ـــ كما وقعنا عليها في
المشهد الافتتاحي ـــ تركض صوب جدار ترتطم به ثم تعود منه مكررة ذلك.
مع فوزي بن سعيدي (1967)، لن نفارق العوالم السفلية التي نقع عليها في
تطوان، لكن مع الاستسلام لغوايات كثيرة ألحقت في الفيلم الذي تأسست بنيته
على ثلاثة شبان محاصرين بالبطالة والضياع والتمزق، وصولاً إلى الوقوع في
الخيانة والكذب وغيرهما من صفات تأتي من وطأة ما يتعرضون له. لا شيء
يفعلونه سوى تسجية الوقت. سينفصلون ويتصلون في النهاية، والخيط الرئيس
للسرد سيتمثّل في علاقة مالك (فهد بنشمسي) مع دنيا (إيمان المشرفي). ستدفع
علاقة الحب المأزومة مالك إلى التورط في كل شيء من أجل تخليص دنيا من العمل
في الدعارة. هكذا، سيتحول إلى مخبر وسارق يعيش تحت رحمة الضابط الذي جسّده
فوزي بن سعيدي بنفسه، حيث الفساد متصل بالسلطة التي لا تختلف كثيراً عما
يسود العوالم السفلية من قتل ومخدرات.
ستلتصق بقصة الفيلم الرئيسة إضافات كثيرة لن تكون موفقة دوماً. وستضاف
عوالم تشويقية مع قرار الشبان الثلاثة بسرقة متجر مجوهرات، بعد انضمام
أحدهم إلى الجماعات الإسلامية وخروجه منها، والمرور على من يشترون ماركات
مزيّفة من مالك وعنفهم الوحشي المفاجئ. لكن في تتبع عام لكل ما حمله «موت
للبيع»، فإنّه سيقول لنا في النهاية إنّ كل شيء مفكك ومتآكل ومهزوم... الحب
والصداقة والعائلة.
الأخبار اللبنانية في
14/11/2011
مرزاق علواش أيضاً يحلم بالربيع
في بلاد كل شيء «نورمال»
سعيد خطيبي
في فيلمه الجديد الذي عرض في الدوحة، يعود صاحب «عمر قتلاتو» إلى
القبضة الحديديّة المطبقة على بلاده، ويحكي عن تطلّعات جيل يتوق إلى
الحريّة بعد عقود من الاستبداد
حالة من اليأس وانسداد الأفق تلف يوميات الشباب في الجزائر.
رغبة في التغيير وفي السير على خطى سلمية الثورة في تونس تلوح في
الأفق. لكن قبل المجازفة في تحدّي المنطق الواحد للسلطة، لا بدّ من
الاستفادة من دروس ثورة أكتوبر 1988 وإعادة النظر في الحواريات المتصادمة
لشخصيات فيلم «نورمال»، الذي نال أخيراً جائزة أفضل فيلم روائي عربي في
«مهرجان الدوحة ترايبكا السينمائي» الأخير.
من الصّعب أن تكون جزائرياً في زمن الربيع العربي وأن تبقى متشبثاً
بمقعد المتفرج. في ظل التضييق على الحريات وقمع التظاهرات، تتشتت آراء
شخصيات «نورمال» للمخرج المخضرم مرزاق علواش (1944). بين حتمية المواجهة
وانتظار إمكانية التغيير الهادئ من الداخل، يدور سيناريو الفيلم الذي عانى
صعوبات جمة قبل أن يرى النور. يقول المخرج: «شرعت في تصوير الفيلم في العام
2009 في مناسبة احتضان الجزائر المهرجان الإفريقي الثاني. كانت فكرة
السيناريو تدور حول الفساد في قطاع الثقافة. لكن بسبب شح الموارد وامتناع
الوزارة عن مساعدة فريق العمل، اوقف التصوير. وهذه السنة، عدتُ إلى الجزائر
في ظل الحراك العربي الواسع وواصلت التصوير مع الممثلين أنفسهم، مركزاً على
حقيقة اتساع حالات المنع والرقابة».
يحكي سيناريو الفيلم (100 د) قصة الشابين فوزي (نجيب أولبصير) وعديلة
(عديلة بن ديمراد) اللذين يريدان انجاز فيلم حول شاب مسرحي يدعى رشيد (نبيل
عسلي) فرضت وزارة الثقافة الرقابة على مسرحيته «نورمال» بحجة تضمنها
محظورات في المجتمع الجزائري وتشجيعها على ممارسة الرذيلة. لكن تدريجياً،
ينتقل مشروع فيلم فوزي وعديلة من طرح قضية الرقابة إلى الخوض في أسئلة
أخرى، منها اضطهاد المرأة ونظرة الشباب إلى الثورات في تونس ومصر وغيرهما
ورأيهم في إمكان تجسيدها في الجزائر.
محدودية الإمكانات المادية كانت واضحة في الفيلم الذي اعتمد على
كاميرات عادية في تصوير بعض المشاهد. كذلك فترة الايام الـ15 التي أنجز
فيها التصوير لم تكن كافية. أقرّ صاحب «عمر قاتلاتو» بالظروف الصعبة التي
مر بها من أجل إخراج «نورمال» إلى النور. مع ذلك، فإن نقطة القوة التي سنحت
له ربما بنيل بجائزة «ترايبكا» (قيمتها 100 ألف دولار) تتمثل في جرأته على
الخوض في أسئلة الراهن الحساسة، في جزائر لا تزال تبرهن عن انغلاق وقطيعة
في الحوار بين السلطة والشعب. تبدو عديلة متمسكة بطرحها الذي يقضي بضرورة
الخروج إلى الشارع وإجبار النظام على الرحيل، بينما يرد عليها فوزي بأهمية
التريث وتوظيف السينما والصورة لإنجاح الثورة. ويبين رشيد، من جهته، سخرية
تعامل السلطات مع الفنان، بينما تشير مينا إلى ازدواجية شخصية المرأة.
على غرار فيلمي «باب الواد سيتي» (1994) و«باب الويب» (2005) يدور
فيلم «نورمال» في الجزائر العاصمة. وعلى شاكلة «حراقة»(2010) حيث يصوّر
علواش شباباً مقبلاً على التضحية بحياته من أجل الهروب من البلد، يصور
الفيلم رغبتهم اليوم في التخلص من عبء واقع سياسي يفتقر إلى معايير
الديموقراطية. وتشير ليندة في حديث لها مع فوزي إلى نقطة غابت عن الجزائر
في الأشهر الأخيرة الماضية: «الثورة لا بد من أن تواكبها صحافة حرة». ميل
الصحف إلى خدمة آراء النظام وتفانيها في التعتيم على الحقيقة، كانا أحد
المواضيع التي ركز عليها مرزاق علواش الذي لا يرجو سوى «أن تسمح السلطات
بعرض فيلمه في الجزائر من دون أي رقابة أو قصّ».
الأخبار اللبنانية في
14/11/2011
«النهاية» لهشام العسري: بداية خاصة ومشرقة
زياد عبد الله
يمكن الحديث سينمائياً عن بداية خاصة ومشرقة مع «النهاية» أولى
التجارب الروائية الطويلة للمغربي هشام العسري الذي يقدم مقترحات جمالية
تقول الكثير، وينحاز للتجريب ومعاينة مساحات سينمائية جديدة. فيلم العسري
يخبرنا ذلك منذ اللقطة الأولى. الشريط جاء بالأبيض والأسود، وما من موسيقى
تصويرية. نحن أمام شارع مقلوب وسيارات تسير فيه مقلوبة أيضاً.
الكاميرا الذاتية تفتتح الفيلم. نرى كل شيء بعيني الشخصية الرئيسة. هو
يقف على سقف سيارة شرطة ورأسه متدلّ منها. وحين نعود إلى المشاهدة بكاميرا
موضوعية، يكون قد وصل مع موكب الشرطة إلى مكان مخصّص لإتلاف المخدرات، حيث
سيصعد إلى سطح المكان الذي تتلف فيه ويبدأ باستنشاق ما ينبعث منها.
الكلمة المفتاح في الفيلم هي «السلطة» وعسفها بمختلف أنواعه. ستتحرك
الشخصيات كما لو أنها مفردات بصرية، سنكون حيال الضابط العنيف وزوجته
المقعدة، والعاشق، والعاشقة وأخوتها. العاشق يعمل في مراقبة مواقف السيارات
مدفوعة الأجر، والضابط يتعقبه مع شيء من الوصاية عليه واستخدامه مخبراً،
والمعشوقة مقيدة بالسلاسل التي لن تفارقها حتى نهاية الفيلم، وأخوتها يبدون
كـ«غانغستر» خارجين من رحم «الكوميك» يقومون بالسرقة والسطو، ويقفون ضد
العاشق، فيما السلاسل التي لا تفارق أختهم من صنيعهم.
المدينة مهجورة وافتراضية، لكنها لن تبقى كذلك مع نهاية الفيلم. سيكون
الضابط المصدر الرئيس لكل السلطات، وسيظهر لديه الانتقام والعنف في أعتى
تجلياته. وسيقوم بكل ذلك رغم أنه سيموت. إنه جثة، لكن بمقدورها أن تقتل
وتنتقم من الأخوة الذين لا يسرقون إلا أتفه الأشياء، ولا سيما أنّ كل
الأمكنة مهجورة ومتروكة لهم ليصنعوا فيها ما يريدون.
القيود كثيرة في الفيلم. والكل تحت رحمتها، ضحايا وجلادين. العاشق يضع
قيداً على السيارات المتوقّفة، العاشقة وسلاسلها، زوجة الضابط المقعدة وقيد
الكرسي، وصولاً إلى القتل على طريقة ترنتينو على يد الضابط الذي يفترض أنه
جثة... لكن فجأة يقفز الفيلم إلى مستوى واقعي وتاريخي ومفصلي في تاريخ
المغرب هو موت الملك الحسن الثاني. وهنا سيفتح الباب مجدداً أمام مستوى
جديد، يضع كل ما شاهدناه في سياق متصل مع النهاية. سيأتي هذا الخبر الذي
يحمله الراديو بعد جرعات دموية كبيرة يقدم عليها الضابط. سيتوقف كل شيء مع
مظاهر عدم التصديق التي ستعمّ المدينة. وهنا يمكن العودة إلى كل ما شاهدناه
من البداية مع هذه المفاجأة المتروكة لنهاية الفيلم.
الأخبار اللبنانية في
14/11/2011
محمد أشاور... المبدع في لحظة الأزمة!
محمد الخضيري
الرباط | «لقطات ساخنة»، شذرات من السيرة الذاتية للمخرج، والكثير من
اللقطات داخل حانة تتخللها شتائم. قد يختزل بعضهم الشريط الروائي الأول
للمخرج المغربي محمد أشاور بهذه المشاهد التي أثارت الجدل في المغرب بعد
طرحه في الصالات هذا الشهر.
يحكي «الفيلم» (بطولة فاطيم العياشي، ومحمد أشاور وفهد بنشمسي) قصة
مخرج يعيش أزمة إبداع، ويضع زوجته الممثلة وصديقه الممثل في مواقف
تراجيكوميدية. يسرف في الشراب، ولا يتردد في إطلاق الشتائم والتشكيك في
موهبته الفنية. يتطور الفيلم تدريجاً لنجد المخرج على حافة الانهيار. يفقد
الزوجة التي كانت تؤدي أمامه مشاهد من أفلام لتشارلي شابلن، ومارلين مونرو
والسينما المصرية في حقبة الخمسينيات.
خلف هذه القصة، نجد أزمة المبدع وهو ينتج عمله الفني. المخرج يفكر في
قصة أصيلة خاصة به كما يردد. لكنه يتعثر في هذا البحث «الشائك»: هل يجدها
في الواقع أم ينتصر كلياً للخيال؟ ينجز شريطاً عن الجنس لإثارة الجمهور؟ أم
عن الدين وعلاقة العرب بإسرائيل ليحصد جوائز ليست في النهاية سوى غائط (كما
يظهر في إحدى اللقطات؟) أم يتحدث عن السياسة والصراعات الدولية؟ يقف المخرج
حائراً أمام هذه الخلطة من المواضيع التي تطغى على الساحة السينمائية
المغربية.
هل القصة وسيلة احتيال من المخرج لعرض كلّ هذه المواضيع من دون أن
ينعت أحد عمله بالفيلم الذي يركب موجة الإثارة؟ ينفي أشاور هذا الأمر
لـ«الأخبار». يقول إنّ شريطه لم يرد «الاحتيال» على هذه المواضيع بل
الالتفاف حولها. هي تأتي كشكل طبيعي داخل السيناريو لأنّ أي مخرج يعيش
الأزمة، سيفكر في هذه المواضيع..
اشتغل «الفيلم» أساساً على قصة الحب التي تقع بين المخرج وزوجته
وحياتهما الجنسية. جزء كبير من الشريط يتحدث عن العلاقة الجنسية بين
الزوجين. المعادلة الصعبة في العمل أنّ البطلة فاطم العياشي هي رفيقة
المخرج في الواقع، مما يجعل كل عناصر «إثارة» غضب المحافظين متوافرة... فهل
«الفيلم» سيرة ذاتية؟ يجيب المخرج بالنفي مضيفاً «يحوي الكثير من سيرتي
الذاتية، لكنّه يحوي أيضاً الكثير من عناصر التخييل». هذه المعادلة الصعبة
في عرض جزء كبير مما هو ذاتي و«التعري» أمام المشاهد، بدأ يخلق جدلاً
واسعاً، خصوصاً أنّ أفلاماً عدة في العقد الأخير راهنت على هذا الجدل
لإثارة فضول الجمهور.
رغم قوته على استدعاء السرد بطريقة ذكية، والاشتغال الذكي على الصورة،
عجز أشاور أحياناً عن تطوير الحبكة الدرامية. التقشف في الشخصيات وفي
الديكور، منح الفيلم دفقة قوية. ولم يخرج من «الغرف الضيقة» إلا إلى رحابة
مشاهد، أغلبها ليلية، صوِّرت في شوارع الدار البيضاء...
الأخبار اللبنانية في
14/11/2011
مهرجان وهران | عزّ بعد فاقة؟
علاوة حاجي
الجزائر | مهرجان وهران وُلد كبيراً. لكن بعد سنوات على ولادته، لم
يعد كذلك. ابتداءً من الدورة الرابعة (2010)، واجه «المهرجان الدولي للفيلم
العربي» في وهران (غرب الجزائر) سلسلة من الصعوبات كادت تنتهي بـ«إعدامه».
أطل المهرجان في دورته الرابعة بصورة باهتة لا تليق بمهرجان سينمائي.
لكن برنامج الأفلام الروائية الطويلة والقصيرة التي عُرضت في التظاهرة حفظت
ماء الوجه. وهذا العام، كانت وزيرة الثقافة خليدة تومي قد أكّدت أنّه سيقام
في موعده في شهر تموز (يوليو) المقبل. لكن مرّ الشهر من دون أن يُقام
المهرجان. وظلّ المراقبون يتساءلون: يُقام أم لا يُقام؟
وفجأة، أطل مسؤول في الوزارة ليبشّر بعودة المهرجان في 16 كانون الأول
(ديسمبر) المقبل. وعزا تأخيره إلى انشغال الوزارة بتظاهرة تلمسان عاصمة
للثقافة الإسلامية، ومن دون أن يغفل عن شمّاعة الظروف التي عاشها العالم
العربي منذ مطلع السنة الجارية. كان الخبر مفاجئاً، بعدما اقتنع كثيرون أنّ
مهرجان وهران لن يكون محترماً كـ«مهرجان كان» بل أصبح في خبر كان، خصوصاً
بعد مغادرة حمراوي حبيب شوقي بعد عشر سنوات من تولّيه شؤون المهرجان. وأول
من فوجئ هو المحافظ الجديد للمهرجان مصطفى عريف الذي عبّر صراحة عن عدم
رغبته في مواصلة المهمة، لأنّه ببساطة لا يفهم شيئاً في السينما، ولا يتقن
العربية أصلاً. إذ يصلح محافظاً، ربما، لمهرجان فرنكوفوني، لا لمهرجان
عربي.
وعلى رغم أنّ المهرجان سينطلق الشهر المقبل، علمت «الأخبار» من مصادر
مقرّبة من دوائر المهرجان أنّ الاستعدادات لم تنطلق بعد، مما يعني أن
المحافظة ستجد نفسها أمام تحد ماراتوني لاختيار الأفلام واستقبال الضيوف في
وقت لا يتجاوز الشهر. ويتردد أن الفيلم المصري «أسماء» الذي تلعب بطولته
هندي صبري (الصورة) سيشارك في المهرجان. وثمّة حديث غير مؤكّد عن استبدال
المحافظ، ونقل المهرجان استثنائياً هذه السنة إلى مدينة تلمسان التي تحتضن
احتفالية «عاصمة الثقافة الإسلامية». وبينما يستعد مهرجان وهران للخروج من
عنق الزجاجة، تبدو الوزارة منشغلة بالإعداد لمهرجانات سينمائية جديدة،
يُنتظر إقامتها في نهاية السنة في عدد من المدن الجزائرية، منها «مهرجان
الفيلم المغاربي» و«المهرجان الدولي للفيلم الملتزم» و«أيام سينما
العاصمة».
الأخبار اللبنانية في
14/11/2011 |