قررت التضحية بأنوثتها وجمالها وتقديم دور لا علاقة له بعمرها الحقيقي
في فيلم «كف القمر» الذي يعتبر بمنزلة مفاجأة وصدمة أيضا لجمهورها، حيث
جسدت دور امرأة عجوز وأم لخمسة أبناء منهم خالد صالح وهيثم احمد زكي وحسن
الرداد، إنها الفنانة وفاء عامر التي تنتظر عرض الفيلم خلال الأيام
المقبلة.
من ناحية أخرى، بدأت وفاء عامر تصوير مسلسل «تحية كاريوكا» الذي
يتناول قصة حياة الفنانة الراحلة. وفاء فتحت قلبها وتحدثت عن السبب الذي
دفعها إلى المشاركة في «كف القمر»، وحقيقة خلافها مع خالد يوسف، كما تتحدث
عن مسلسل «تحية كاريوكا» ومشاهد الرقص.
• فوجئ الجميع بقبولك دور قمر (السيدة العجوز) في
فيلم «كف القمر».. فما تعليقك؟
- بصراحة الدور كان مفاجأة بالنسبة لي أيضا، لأنني أجسد من خلاله
شخصية أم لخمسة أبناء. في البداية شعرت أن الدور صعب، لكنني قررت التضحية
بجمالي وأنوثتي على الشاشة لإحساسي انه سيكون دورا مختلفا تماما عن بقية
الأدوار التي قدمتها من قبل، لأن الفيلم يتناول أكثر من مرحلة عمرية في
حياة هذه المرأة وليست مرحلة الشيخوخة فقط بل الشباب أيضا، لذلك وافقت على
الفور، لأنني واثقة أنه سيضيف لي.
أشياء مشتركة
• صرحت من قبل أن شخصية قمر تشبهك كثيرا فما
الأشياء المشتركة بينكما؟
- في البداية أريد أن اعبر عن إعجابي الشديد بتلك الشخصية، فهي الأم
التي تضحي بكل شيء في حياتها من اجل أبنائها، وتواجه كل المشاكل، وتتصدى
لكل من يحاول الاحتكاك بأبنائها، أما إذا تحدثنا عن الصفات المشتركة بيني
وبينها فسنجد الكثير مثل الإصرار على الاستمرار وتحقيق النجاح مهما كانت
الصعوبات التي تواجه الإنسان، فيجب على كل شخص أن يكافح ويبذل أقصى جهده
لمحاربة المشاكل التي تواجهه، ويجب أن يكون لديه طموح فهو سر النجاح.
• ما الرسالة التي يحملها هذا الفيلم؟
- الفيلم يحمل العديد من الرسائل المهمة، ويناقش الكثير من القضايا
الحساسة التي يعاني منها المجتمع المصري والعربي، لكن من وجهة نظري الشخصية
الفيلم يحمل رسالة سياسية مهمة، ولكنها رسالة خفية وغير مباشرة، وهي تمزق
العرب وعدم توحد قراراتهم، أما الرسالة الثانية التي من الممكن أن يدركها
الجمهور مباشرة فهي أن الفيلم يعكس الواقع المؤلم الذي كان يمر به الشعب
المصري قبل اندلاع الثورة.
مشاكل الفقراء
• كيف كان تعاملك مع المخرج خالد يوسف، خصوصا انه
العمل الثاني الذى يجمعك به بعد فيلم «حين ميسرة»؟
- فخورة للغاية بالعمل معه، فهو مخرج لديه رؤية مختلفة ومتميزة
والجميع يعلم ذلك، ولا يقدم عملا من دون أن يحمل رسائل ذات دلالات مهمة
وكثيرة تمس مجتمعنا بقوة، فهو يسعى دائما لتسليط الأضواء على مشاكل الفقراء
وما يعانون منه، واشعر دائما بأنه يعيش من أجل الفقراء ويعبر عنهم من خلال
السينما.
• لكن تردد انك غضبت منه بسبب «أفيش» الفيلم!
- هذا الكلام غير صحيح فأنا راضية ومقتنعة بكل ما يقوم به المخرج
المبدع خالد يوسف، لأن لديه وجهة نظر هدفها خدمة العمل، وبالتالي يجب أن
يحترم فريق العمل بأكمله رؤية المخرج ولا يعارضها، هذا بالإضافة إلى انني
لا اهتم بهذه الأشياء، فالمهم بالنسبة لي أن ينال دوري إعجاب الجمهور
والنقاد.
سير ذاتية
• ننتقل إلى مسلسل «تحية كاريوكا»، ما سر عشقك
للمشاركة في مسلسلات السير الذاتية؟
- في البداية أريد أن أوضح شيئا مهما بأن مشاركتي في أكثر من مسلسل
سيرة ذاتية حتى الآن جاءت بالصدفة وليس حرصا مني على المشاركة في تلك
الأعمال، والحمد لله فقد حققت نجاحا كبيرا من خلال تلك المسلسلات وأكبر
دليل على ذلك مسلسل «الملك فاروق»، فعلى الرغم من عرضه في البداية على قناة
فضائية واحدة إلا انه ترك بصمة كبيرة لدى الجمهور، وبصراحة أنا أتمنى أن
يحقق مسلسل «تحية كاريوكا» النجاح المتوقع له.
• كيف استعددت لهذا الدور؟
- تلقيت العديد من التمارين الخاصة بالرقص، خصوصا غير الشرقي، وحرصت
على إتقانها قبل البدء في التصوير، كذلك ذاكرت السيناريو بشكل جيد جدا لأنه
يحتاج إلى التركيز بشكل مكثف، فهناك العديد من المشاهد المؤثرة التي احتجت
إلى التحضير لها جيدا قبل التصوير.
مسلسل تحية كاريوكا
• ألم تجمعك لقاءات بورثة تحية كاريوكا؟
- لا، وهذا لسبب واضح وهو أن قصة حياة تحية كاريوكا جرى تناولها في
أكثر من كتاب، وكتب عنها أكثر من 45 شخصا، كما إنني وجدت فيلما تسجيليا
يحكي قصتها، وبصراحة أفادني كثيرا، وبالتالي لم أكن في حاجة إلى مقابلة
أقاربها، لأن حياتها معروفة للجميع.
• وهل سيتناول العمل كل تفاصيل حياتها؟
- المسلسل سوف يتناول الشقين الفني والإنساني لتحية، وسوف نركز على
الجانب الإنساني بشكل أكثر من الفني، لأن هذا هو ما يهم الجميع، فحياة
كاريوكا الفنية معروفة للجميع، كما إننا سنلقى الضوء على الناحية السياسية
لها، حيث ان تحية لعبت دورا سياسيا مهما فهي من قامت بتخبئة الرئيس الراحل
أنور السادات في مزرعة شقيقتها.
• وماذا عن بدل الرقص الشرقى التي ستقومين
بارتدائها في هذا العمل؟
- لن ارتدي بدل رقص ولن يكون هناك عري كما يعتقد البعض، لأننا سنركز
على الجانب الإنساني للفنانة الراحلة، وهذا لا يعني انني لن ارقص في
المسلسل بل سأقوم بذلك ولكن بشكل بسيط بعيدا عن الإغراء، وسأقوم برقص
السامبا والرومبا.
• هل صحيح انك اشترطت وجود شقيقتك آيتن عامر
للظهور كضيفة شرف في هذا العمل؟
- لم يحدث هذا أبدا فآيتن فنانة موهوبة والجميع يشهد بهذه الموهبة،
والأعمال التي شاركت فيها أخيرا حققت نجاحا كبيرا للغاية، وبالتالي فهي
ليست بحاجة لي، لأنها متفوقة بالفعل فاختيارها جاء من قبل المخرج.
القبس الكويتية في
01/11/2011
محمود عبد المغني:
لا أوافق على لوائح الفنانين السوداء
كتب: غنوة دريان
الممثّل محمود عبد المغني نجم شاب اعتُبر هذا العام إحدى علامات شهر
رمضان من خلال شخصية المحامي طارق التي قدّمها في مسلسل «المواطن إكس» بكل
حرفية وتلقائية. عُرف منذ ظهوره في الوسط الفني بأدواره المميّزة، خصوصاً
في «الجزيرة» و{الشبح» و{دم الغزال»، التي شكّلت نقطة فاصلة في حياته
الفنية لا سيما دوره في «دم الغزال». درس في معاهد التمثيل في الولايات
المتحدة وكان عنوانه الانتقال الانسيابي في مراحل معيّنة لأي دور. معه كان
اللقاء التالي.
·
لماذا لم تأخذ فرصتك حتى الآن؟
سؤال طُرح عليك كثيراً وغالباً ما أجبت عنه بشكل عملي.
عندما طُرح علـيّ هذا السؤال للمرة الأولى أحسست بصداع قويّ جداً
فاتخذت قراراً بالذهاب الى الجونة في الصحراء، ثم قلت في نفسي إنه يجب عليّ
أن أبدّل مساري في التمثيل، وهذا ما فعلته حينما عرضت علـيّ ساندرا نشأت
فيلم «ملاكي اسكندرية» وطلبت مني العودة الى القاهرة. في تلك الفترة عُرضت
علـيّ أعمال كثيرة من بينها فيلم لنشأت من بطولة كريم عبد العزيز ولكنه لم
يكن يشبهني. أديت فيه دور فتحي عبد العزيز، العقل المدبّر لكل عمليات القتل
التي دارت في الفيلم، وقد كان نقلة نوعية في مسيرتي الفنية.
عندما رأى المخرج محمد ياسين الفيلم اتصل بي وطلب مني مقابلة الأستاذ
وحيد حامد، الذي أعطاني سيناريو «دم الغزال» فقرأته وانبهرت به. ثم تقابلنا
في اليوم التالي وتناقشنا في الفيلم الذي أخرجه محمد ياسين، أحد أهم
المخرجين في مصر، والذي نلت عنه جوائز كثيرة في مصر وخارجها وأشاد النقاد
بدوري فيه.
من ثمّ كرّت سبحة النجاحات فكان «الجزيرة» مع أحمد السقا حيث أديت دور
الضابط الشريف طارق الذي يبحث عن الحق ومستعدّ للموت من أجله ولكن يصطدم
بوالده اللواء الفاسد، «الشبح» الذي حزت عنه جوائز، و{مقلب حرامية» وهو من
نوع البطولة المطلقة والكوميديا الخفيفة.
مضت خمس سنوات ولم أقم بأيّ دور في التلفزيون حتى عرض عليّ المخرج حسن
صالح دوراً في مسلسل «شيخ العرب همام»، كذلك شاركت في بطولة مسلسل «الحارة»
الذي حصلت عنه منذ شهرين تقريباً على جائزة أحسن ممثل.
بعدما قامت ثورة يناير العظيمة عُرض عليّ «المواطن إكس» الذي أنجزناه
في أقل من ثلاثة أشهر وعُرض في رمضان الماضي.
·
الى أيّ حدّ تشبهك شخصية طارق في
«الجزيرة}؟
الى حدّ كبير، لأنه مثابر ولديه عزيمة كبيرة جداً، وهذا ما أنا عليه.
·
أرى فيك بعض ملامح أحمد زكي.
حين سُئل وحيد حامد حول هذا الموضوع قال: ربما يكون عبد المغني أفضل
من أحمد زكي، أنظروا إليه عندما قام بدور ريشة في «دم الغزال» وكان عمره
حوالى 24 سنة.
مع احترامي الكبير للقدير أحمد زكي الذي أعتبره مثلاً أعلى، أرى أن
مدرسة الطبيعية في التمثيل لا تخصّه وحده فالممثل عمرو يوسف الذي شاركني
بطولة «المواطن إكس» أشقر وعيناه ملوّنتان وبشرته بيضاء وهو محبّ ومخلص
لعمله وسيكون أحمد زكي ثانٍ أيضاً. ربما يعود تشبيهي بالممثل الراحل الى
مجهودي وتعبي.
·
هل ترى تشبيهك به مسألة إيجابية
أم سلبية؟
لم أعد أفكّر في هذا الأمر إطلاقاً، لأن لي حضوري المميّز لدى الناس
وأحمد الله على ذلك.
·
ما الصفات التي تتميَّز بها؟
أحبّ البساطة وأكره التعالي، وواثق بنفسي لكن ليس الى درجة الغرور.
·
وماذا الصفات التي تكرهها في
نفسك؟
طيبتي الزائدة عن اللزوم لأنني أصدّق كل الناس، وحين أكتشف أن أحدهم
كذب عليّ أقاطعه ولا أعاقبه على فعلته هذه.
·
ماذا تعني لك كلمة صديق؟
أمام صديقي أستطيع أن أكون على طبيعتي وأخرج كل ما لديّ من هموم
وأسرار وأحلام. لديّ أصدقاء كثر منذ فترة الدراسة وتربطني بهم مودّة ومعروف
وأمور جميلة كثيرة.
·
بماذا تفتخر؟
بأنني مصري وعربي وصعيدي في آن.
·
ما رأيك بالقوائم السوداء
للفنانين التي برزت خلال ثورة يناير وبعدها؟
لا أوافق عليها إطلاقاً، لكن في الوقت نفسه أرفض تماماً الكلام الجارح
الذي وُجِّه من بعض الفنانين الى الثوار كاتهامهم بممارسة الشذوذ وأمور
أخرى غير أخلاقية.
·
هل سرقت المدينة منك صعيديّتك؟
إطلاقاً بل أعتزّ بعادات الصعيد الجميلة: الكرم، الشرف، الكرامة
والخوف على الآخر. جمال عبدالناصر من الصعيد وهو رمز للشرف والكرامة.
·
هل ستشارك في اختيار رئيس جديد
لمصر؟
بالتأكيد، لكني حتى الآن لم أستقرّ على إسم معيّن لأن الفترة المقبلة
ستشهد ترشُّح شخصيات كثيرة، ولأنني أريد معرفة برنامج كلّ مرشح كي أصوّت
على أساسه وأختار الشخص المناسب. ما يهمّني الطبقة المتوسّطة والطبقة
البسيطة التي خاطبتها في «المواطن إكس».
تحتاج مصر اليوم إلى رئيس قائد، رئيس نمشي وراءه لأننا نحبه وليس
لأننا نخاف منه.
·
هل أنت مع الحكم العسكري أم
المدني؟
ولماذا لا يحكم مصر رجل مدنيّ ذو خلفية عسكرية؟
·
هل لديك مشكلة مع المجلس
العسكري؟
يقول مثل مصري «الدار للنار» وهذا ينطبق على المجلس العسكري الذي حكم
أفراده في عهد الرئيس السابق حسني مبارك وهم في ثكناتهم، فأية مشاريع
عملاقة في مصر لا يمكن لأحد أن ينجزها في الموعد المتّفق عليه سوى الجيش.
·
أنت من إمبابة حيث يعيش الناس
البسطاء، وتسكن راهناً في منطقة 6 اكتوبر، فهل انقطعت علاقتك بهؤلاء؟
بالعكس. أمضي معظم أوقاتي في إمبابة وما زلت على تواصل مستمرّ مع
الناس هناك، خصوصاً في يوم الجمعة.
·
ممَ تخشى الآن؟
أنا خائف من ثورة جياع والجائع ليس حرامياً ولا بلطجياً بطبعه ولكنه
يريد أن يطعم أولاده، وإذا استمرّت الحال على هذا المنوال فسينـزل الفقراء
الى الشارع «ليأكلوا الأخضر واليابس». قامت الثورة من أجل العدالة
الاجتماعية ولكنّها تحوّلت عن مسارها، والإنسان البسيط لا أحد يفكّر فيه.
لماذا أحبّ الشعب جمال عبدالناصر؟ لأنه كان قريباً من الناس البسطاء.
·
ما هي هوايتك بعيداً عن الفن؟
القراءة، خصوصاً في كتب التاريخ لأن الأخير يعيد نفسه حتى لو بعد ألف
سنة، فمن خلالها نتعرّف الى الشعوب وعاداتها وهي غذاء الروح، بالإضافة الى
ممارستي رياضة كرة القدم وذهابي يوم كل جمعة إلى منطقتَي إمبابة والدراق.
·
هل لديك عادة سيّئة تتمنّى
التخلُّص منها؟
التدخين. عندما كنت في مكّة دعوت الله أن أتخلّص من هذه العادة
السيّئة.
·
كيف تصف علاقتك بربك؟
هي علاقة خاصة جداً. أشعر بأن الله ينقذني من أمور كثيرة سيئة.
·
هل أحسست يوماً بالاضطهاد؟
ربما شعرت بالظلم قليلاً أما الاضطهاد فلا. عندما أكون متعباً، أزور
مقام السيدة نفيسة أو سيّدنا الحسين، أقرأ الفاتحة وأجلس في مكان هادئ
فأستريح جداً. أما حين أكون في البيت فأصلّي ركعتين.
·
هل تريد توجيه كلمة أخيرة؟
أقول لكل المصريين خصوصاً والعرب عموماً: واجب الحفاظ على مصر،
والمساس بأمنها خط أحمر. أرجو من الله أن ندفن الفتنة لأنها أشدّ فتكاً من
القتل. فسيدنا محمد قال: «إذا جاءتك الفتنة إلزم بيتك».
أيها المصري يجب أن يكون صدرك رحباً وأن تسمع الرأي الآخر، ولا تتشبّه
بالنظام البائد بل كن راعياً مسؤولاً عن رعيّته.
الجريدة الكويتية في
01/11/2011
الأطفال في الأفلام القصيرة المتوسطية:
الواقع والحلم والتاريخ
رامي عبد الرازق
في فيلم "اطفال الرجال" يقول البطل عندما يرى رضيعا لاول مرة في
حياته" كم هو موحش هذا العالم الذي قد يخلو يوما من بكاء الاطفال".
نستطيع أن نعتبر هذه الجملة مفتاحا لقراءة صورة الطفل في السينما
القصيرة المتوسطية عبر الأفلام المختارة في مسابقة الدورة التاسعة لمهرجان
طنجة للفيلم القصير المتوسطي والتي عقدت في الفترة من 3 إلى 8 اكتوبر 2011
.
لدينا اكثر من خمسة عشر فيلما من بين 55 فيلما بالمسابقة كان الأطفال
محورهم الأساسي سواء على مستوى صوت السرد الذي يحكي أو عين الكاميرا التي
ترصد أو الحركة الدرامية التي تعبر عن مضمون الفيلم وافكاره.
المستقبل لم يعد طفلا
أن وجود الاطفال في هذه المجموعة الأفلام القصيرة يتخذ دلالات تتجاوز
فكرة المستقبل التي طالما حاصرت صورة الطفل في السينما الطويلة. صحيح أن
الطفل لا يزال يرتبط بدلالة "القادم" ولكن هذا لا يمنع ان تتخذ وضعية الطفل
داخل الدراما زوايا مختلفة / أخرى للتعبير عن الحلم المفقود أو الماضي
الأليم والتاريخ الملوث.
تتجسد صيغة الجدل ما بين الواقع والمستقبل في التعامل مع الطفل من
خلال افلام مثل الجزائري كراكوز "اراجوز" حيث يتعرض الاب صانع الدمى لطغيان
المؤسسات الاجتماعية كالشرطة والسلفيين، الأولى عندما يأخذ منه الشرطي أحد
الدمي إتاوة لكي يجعله يعبر حاجز المرور، والثانية عندما يحطم له السلفيون
الدمى على اعتبار انها حرام، بينما كل ما يشغل الاب هو تلقين ابنه مبادئ
البراءة والخير والجمال الذي تمثله صناعة الدمي والأراجوزات لاطلاق ضحكات
الاطفال التي لا غنى عنها لتلوين المستقبل.
وفي المغربي "مختار" نجد طفلا اخر على النقيض تماما يتعرض لعملية
تعذيب نفسية رهيبة نتيجة أنه احضر صغير البومة إلى المنزل حيث يعتبره ابوه
فأل شؤم- رغم تدين الأب الواضح- لكنه يصر على الانصياع لمعتقدات غيبية أو
اسطورية لا يلغيها تدينه مما يجبر الطفل في النهاية على قتل صغير البومة
لكي يخرج من محبسه القاسي، وهي دلالة شديدة القوة عن فكرة توريث التخلف
واجبار الجيل الجديد على الانصياع لنفس قيم ومعتقدات الجيل السابق حتى لو
كانت خاطئة.
وفي الفيلم المغربي ايضا "الطريق للجنة" والفائز بجائزة لجنة التحكيم
الخاصة للمخرجه هدى بنيامينة ومن خلال عيني طفلة صغيرة نتابع الواقع القاسي
لأطفال الاسر المغربية التي تعيش مشردة في الشوارع الفرنسية على أمل مجهول
هو الحياة الكريمة.
الواقع هنا هو أم تعمل راقصة، وخال مخنث يرتدي ازياء النساء، واب متخل
يعمل في انجلترا ويرفض استقدام اسرته الصغيرة، واخ يعاني من مرض مزمن في
الرئة.
أما الحلم فيتوزع ما بين المدرسة التي غادرتها الطفلة نتيجة وجودها
غير الشرعي في البلاد، والصديق أو الحبيب الصغير الذي تكتب له في ورقة
صغيرة "هل تحبني اجب بنعم او لا" هذا الحلم تفصله عنها اسوار المدرسة
واسلاك حي المتشردين واخيرا عربة البوليس التي تأخذها لأصلاحية الأطفال بعد
أن تركتهم امهم وذهبت لتحضر المال الازم لتهريبهم إلى انجلترا.
ملامح مشتركة
اما الفيلم المصري "مولانا" فنجد فيه من ملامح من الفيلم المغربي
"مختار" ولكن على النقيض تماما حيث طفل يرفض الأنصياع للقيم والمعتقدات
المتوارثة ويقرر ان يُعمل عقله وتفكيره في البحث عن الأسباب وراء الأشياء
مما يخلق منه في النهاية شابا متمردا ولا منتميا لمجتمعه، حيث نراه يتمحور
في البداية مثل اهل قريته حول مقام مولانا الشيخ المبروك المدفون في اعلى
تل بالقرية لكنه تدريجيا يخرج عن السياق ويبدأ في التفكير في ماهية هذا
المولانا وهل يملك حقا القدرة والبركة أم هو مجرد وهم في عقول أهل القرية.
أن الطفل في مولانا يمثل تاريخ الرفض الفطري للفكرة الجاهزة والمعتقد
السائد حتى عندما يصوم فإن اباه لا يلقنه الحكمة من وراء الصيام مما يخلق
رفضا في داخله لفكرة التعذيب بالجوع والعطش دون ادراك المغزى الروحي من
ورائهم.
ويحمله هذا الرفض للفرض السماوي إلى رفض ما رفعه اهل الأرض لمرتبة
القدسية بينما هو مجرد قبر خال يشجعه على سرقة حديده وكسوته لبيعها بدلا من
التمليس عليها.
وفي فيلمي "السندرة" المصري، و"بيضاء" التونسي، نجد ان الطفل يمثل
التاريخ او الماضي سواء العام او الخاص ففي السندرة تصبح مشكلة بطل الفيلم
الشاب الذي فقد امه في حادث سيارة كان يقودهها ابوه أن تلك اللحظة غيرت من
مسار حياته تماما، فبعد أن كان ابوه يشجعه على حب هندسة السيارات انتقل إلى
اجباره على دراسة الطب كما كانت تريده امه الراحلة.
ويتقاسم الطفل- الذي هو الشاب صغيرا- مساحة التفكير والشعور لدى كل من
الشاب والاب في نفس الوقت.
لقد اجبر الأب ابنه على ان يتحول إلى مجرد كراكيب في السندرة منذ ماتت
الام وتناسى تماما ان هذا الطفل اصبح شابا من حقه أن يختار ويتحرك نحو
اهدافه بحرية.
وفي النهاية لا يستعيد كل منهم الأخر إلا عندما يصعد الأب للسندرة
ويدرك كم كان مخطئا عندما وضع احلام طفله في السندرة متمثلة في السيارة
اللعبة التي ابتعاها له في عيد ميلاده عندما كان لا يزال طفلا يحلم.
اما في فيلم "البيضاء" التونسي فنجد أن الفتاة التي ترفض ان تمارس
الحب مع صديقها تعاني من عقدة جسدية شديدة الوطأة وهي ان اباها كان يداعبها
بشكل جنسي وهي صغيرة، صحيح ان الفكرة تعتبر نمط متكرر في كثير من الأفلام
"العربية" القصيرة بل والطويلة ايضا (اشتهاء المحارم) إلا ان مغزى الفيلم
السياسي عقب الثورة التونسية يجعله اكثر عمقا من مجرد الحديث عن فكرة زنا
المحارم، فالسلطة الابوية ليس من حقها ان تغتصب الشعب لانهم في النهاية
ابناء هذه السلطة ولكن من المفترض أن تنميهم وتحررهم وتجعلهم اسوياء اقوياء
قادرين على الحياة بشكل كريم وراق.
ان سلطة الأب على ابنائه لا تمنحه الحق في اغتصاب اجسادهم وكذلك سلطة
الرئيس على شعبه.
الأطفال يحصدون الجوائز
الجدير بالذكر ان الفيلم الفائزة بالجائزة الكبرى هو التركي "دراجة"
إخراج سرحات كرسلان ويدور حول قصة طفل متشرد يحلم بامتلاك دراجة لكنه لا
يعثر سوى على واحدة مكسورة تفشل كل محاولاته لاصلاحها فيقرر بيعها لشراء
حذاء لأبيه.
ويبدو أن تأثير الافلام التي قدمت العديد من شخصيات الاطفال خلال
المسابقة اثر على قرارات لجنة التحكيم فيما يخص الجوائز حيث ذهبت جائزة
السيناريو لفيلم من بطولة طفلة صغيرة هو فيلم "بلباس رسمي" للمخرجة
الأسبانية ايرين زووي، وذهبت جائزة الاخراج للمخرج البوسني جورج كركوراكيس
عن فيلم "نقيض" الذي يدور حول طفلين يتزاملان في المدرسة احدهم اصم والاخر
يعاني من فقدان امه بينما يقيم والد أحدهم علاقة مع ام الأخر مما يدفع احد
الطفلين إلى قتل الاب في النهاية.
وكما ذكرنا فقد ذهبت جائزة لجنة التحكيم الخاصة للفيلم المغربي
"الطريق إلى الجنة" الذي تقوم ببطولته أيضا طفلة صغيرة.
عين على السينما في
01/11/2011 |