يمتلك الفنان مصطفى قمر تاريخاً فنياً طويلاً في مجال الغناء قدم
خلاله مجموعة كبيرة من الألبومات حققت نجاحاً كبيراً لدى الجمهور العربي،
وقد دعم نجوميته بدخوله مجال التمثيل، حيث تألق في السينما والتلفزيون،
ورغم كل الصعوبات التي تواجه الإنتاج الغنائي في الوقت الحاضر فإنه مصمم
على استكمال المشوار ويجهز حاليا لألبوم غنائي جديد، كما يصور حاليا فيلما
سينمائيا بعنوان “خط أحمر”، مشاريع مصطفى قمر الجديدة نعرف تفاصيلها في
الحوار التالي الذي يتطرق إلى العديد من الموضوعات:
·
في البداية حدثنا عن تفاصيل
ألبومك الجديد؟
- الألبوم يتضمن موسيقا مختلفة، لأنه يحتوى على
الشكل “المودرن”، إضافة إلى اعتمادي على بعض “الاستايلات” التي أحبها الناس
مني من قبل في أغان معينة مثل “سكة العاشقين” “افتكرني”، إضافة إلى تقديمي
البوب الأصلي من خلال خمس أغنيات، وقد انتهيت من تسجيل ثماني أغانٍ حتى
الآن قمت بتوزيع خمس منها، فضلاً عن أغنيتين قام بتوزيعهما طارق مدكور كما
سيكون هناك تعاون بيني وبين الفنان حميد الشاعري والموزع محمد مصطفى .
·
معنى ذلك أن الألبوم سيكون
مختلفاً عما قدمته في السابق؟
- نعم، ليس من المنطقي أن أجعل ألبومي كله في حالة
واحدة، وأنا مثلاً شخص جريء في تصوير أغانيه، إلا أنني لا أمتلك هذه الجرأة
في ألبوماتي خاصة أن الفترات التي بين كل ألبوم وآخر متباعدة .
·
هل أنت قلق بشأن طرح ألبومك
الجديد في هذه الفترة التي يسودها الركود الحالي في سوق الإنتاج الغنائي؟
- سوق الكاسيت في ركود الآن، لكن إذا شعرت بأن
الحالة المزاجية للناس تحسنت خلال الفترة المقبلة سأطرح ألبومي، أما إذا
وجدت العكس فسوف أنتظر، فلا بد أن يكون الناس مستعدين لأن يسمعوا حتى لو
كان الألبوم يحتوى على أغنية وطنية فالمسألة ليست استغلالاً للأحداث .
·
كيف ترى الأغنيات التي قُدمت
احتفالاً بثورة 25 يناير؟
- من المؤكد أن كل مطرب له رؤيته الخاصة من هذه
الأغاني وأنا قدمت أغنية “فوق الكل يا مصر”، وهي أغنية عامة وشاملة وتتحدث
عن أهمية بلدنا، وبالنسبة للثورة تأثرت بقصيدة “ميدان التحرير” للشاعر هشام
الجخ ورغم أنني بذلت فيها مجهوداً كبيرًا، حيث لحنتها وغنيتها على أوركسترا
كامل ووجدت عدم حماسة واهتماماً من الجخ لطرحها .
·
ما سر عدم اهتمامه؟
- في الحقيقة لا أعرف، وما دام هو نفسه لم يهتم
فأنا لا أستطيع طرحها بمفردي، لأنه لا بد من موافقة الطرفين على أي عمل قبل
نزوله، والحقيقة أن الموضوع أحبطني بعدها لفترة لأقدم عملاً للثورة ثم عدت
مؤخراً وقدمت أغنية أخرى مع رضا زايد لكن لم أكملها حتى الآن باسم “مصر مش
هتموت”، ولم أستقر حتى الآن إذا كنت سأطرحها كأغنية “single” منفصلة أم سأضعها في ألبومي الجديد .
·
أغنية “فوق الكل يا مصر” قدمتها
قبل أم بعد ثورة 25 يناير؟
- الحقيقة أنني انتهيت من تسجيل هذه الأغنية على
نفقتي الخاصة قبل الثورة وقدمتها في التلفزيون المصري مع الإعلامي تامر
أمين أثناء حادث كنيسة القديسين، وعندما تجددت هذه الفتن مرة أخرى وقت
الثورة طلبت عرضها فوراً للتأكيد على أن مصر أكبر من أية فتن .
·
ما صحة تعاقدك مع شركة “داليكا”
للإنتاج الفني؟
- بعد أن انتهى تعاقدي مع المنتج محسن جابر لم
أتعاقد مع أية شركة أخرى حتى الآن، وحتى اللحظة الحالية أقوم بإنتاج ألبومي
على نفقتي الخاصة، وبالنسبة إلى الربط بيني وبين شركة “داليكا” يمكن أن يتم
بسبب صاحب الشركة الشاعر وائل غرياني لأنه أعطاني دعاء قمت بغنائه ولم
أتقاض عنه أجراً، وهذه رغبة شخصية مني، لأنني لم أتقاض في يوم أجراً نظير
أي دعاء أقدمه، فهذا شيء لوجه الخالق سبحانه وتعالى، وحتى إذا استثمرت هذه
الأدعية تجارياً فسوف أوجهها للخير، والحقيقة أنني بعدها فوجئت بأخبار في
وسائل الإعلام تؤكد تعاقدي مع الشركة .
·
كيف ترى وضع الإنتاج الغنائي في
الوطن العربي؟
- شركات الإنتاج لا تربح، وبالتالي فهي لا تفكر في
الإنتاج، وإذا كانت هناك شركات تنتج فيكون مكسبها من “ring
tone” مثلاً، أو أن الألبوم يكون ملكها في ما بعد، وهنا يكون البديل
المنطقي فعلاً أن الفنان ينتج لنفسه إذا كانت ظروفه تسمح، صحيح أنه سيتكبد
أموالاً كثيرة في مجال الدعاية والإعلان لألبومه لكن من الممكن استردادها
عن طريق الحفلات أو العروض التي تأتي للمطرب .
·
بمناسبة الدعاية ألا ترى أن
ألبومك الأخير “هي” تعرض إلى ظلم كبير في حملة الدعاية والإعلان الخاصة به؟
- رغم الدعاية الضعيفة لألبوم “هي” حققت الحمد لله
من خلاله نجاحاً كبيراً، فقد ارتفعت نسبة توزيعه حتى إن بائعي وموزعي
الكاسيت اتصلوا بي وقالوا “إن السوق اتحرك بألبومي”، ورغم أنني لم أكن
راضياً عن تصوير كليب “هي” مائة في المائة لاستغنائي عن شيئين كنت أريد
إضافتهما، لكنني في النهاية سعدت بالمردود الإيجابي الذي حققه .
·
لكن بصراحة هل قصرت شركة “عالم
الفن” في حق الألبوم؟
- بالنسبة إلى فكرة أن الشركة لم تقف بجانب ألبومي
وقصرت في الدعاية الخاصة به، فهذا شيء يخصها، وهنا لا بد أن أفكر في مصلحتي
وأعيد حساباتي بأن أفكر في الإنتاج لنفسي، حتى لا أخضع لمثل هذه التصرفات .
·
هل تؤثر قرصنة الألبومات قبل
طرحها في نسبة المبيعات؟
- بكل تأكيد، وشركات الإنتاج تخسر مادياً ولا
تستطيع تعويض ما أنفقته، لذلك فإن العديد من الشركات تفكر في التوقف، ولا
بد من مواجهة القرصنة بحزم .
·
كيف ترى سياسة الاحتكار التي
تتبعها بعض شركات الإنتاج مع المطربين؟
- الاحتكار يظهر بشكل كبير في “الكليبات”، حيث إن
الأغنية المصورة لا تعرض إلا في محطة فضائية معينة، وهو تفكير خاطئ في سوق
الاحتكار، لأنه لا بد أن تحافظ الشركة على المطرب وتسهم في زيادة انتشاره
وتعرض كليباته في مختلف الفضائيات .
·
حدثنا عن فيلم “خط أحمر” الذي
تقوم بتصويره حالياً؟
- يعد الفيلم شكلاً مختلفاً وجديداً، لم يسبق لي
تقديمه من قبل، إضافة إلى أن أحداثه تدور في إطار تشويقي، حتى إنه في منتصف
الأحداث تحدث مفاجأة للبطل ستجعل المشاهدين متشوقين لمعرفة النهاية بشغف،
وأحداث الفيلم تدور حول لحظات الضعف التي يمر بها الإنسان والتي يكون فيها
في حالة اختبار وتحدٍ دائم مع نفسه، بمعنى أنه إما أن يتغلب على لحظة ضعفه
أو يتركها هي تتغلب عليه، والبطل هنا في الفيلم يتعرض للحظة ضعف معينة
يترتب عليها تغيير مجرى حياته، والرسالة التي أريد توصيلها من الفيلم هي أن
العائلة خط أحمر لا يجوز المساس به .
·
ماذا عن الشخصية التي تجسدها في
الفيلم؟
- أجسد شخصية “طارق”، وهو رجل يعمل في مجال
الدعاية والإعلان وتحدث في حياته مفارقات غريبة.
·
هذا الفيلم يعد التعاون الثالث
بينك والمؤلف أحمد البيه بعد فيلمي “الحب الأول” و”قلب جريء”، فهل تشعر
بوجود راحة وتفاهم في العمل بينكما؟
- أشعر بأن هناك توفيقاً من الله في أي عمل نقدمه
معاً إضافة إلى روح التفاهم والود بيننا .
·
كيف ترى التعاون مع المخرج محمد
حمدي؟
- محمد حمدي مخرج لم يأخذ فرصته الحقيقية، فأنا
مؤمن بموهبته وأشعر بأن الفيلم سيكون نقلة فنية له، خاصة أن كل عوامل
النجاح متوافرة له في هذا العمل من حيث الأبطال أو وجود مدير تصوير مثل
رمسيس مرزوق، وهو إحدى علامات السينما في الوطن العربي بأكمله، إضافة إلى
السيناريو الجيد ووجود منتج متفهم مثل محمد الزغبي، يحاول توفير كل عناصر
النجاح لهذا الفيلم .
·
ماذا عن الأغاني التي ستقدمها في
الفيلم؟
- سأقدم ثلاث أغنيات، إحداها أغنيها لابتني ضمن
الأحداث، وأخرى باسم “لحظة ضعف” أما الأخيرة فستكون في نهاية الفيلم .
وأقوم بتلحين واحدة فقط، أما الأغنيتان الأخريان فمن ألحان محمد النادي
والموسيقار محمود طلعت الذي سيضع الموسيقا التصويرية للفيلم أيضاً، وأتعاون
في هذه الأغاني مع الشعراء رضا زايد وأيمن بهجت قمر .
الخليج الإماراتية في
22/10/2011
أشاد بالعروض الإماراتية في مهرجان
بغداد
عبد العزيز بن غالي: السينما المغربية
تتطور
بغداد - زيدان الربيعي:
أشاد السينمائي المغربي المعروف عبدالعزيز بن غالي مدير مهرجان العالم
العربي للفيلم القصير وأحد أعضاء لجنة التحكيم في مهرجان بغداد الثالث الذي
اختتم قبل أيام في العراق بنوعية الأفلام المشاركة في المهرجان المذكور .
وأبدى ابن غالي في لقاء خاص مع “الخليج” إعجابه الكبير بالأفلام
الإماراتية المشاركة في المهرجان لأنها احتوت على القضايا الإنسانية، فضلاً
عن تقنياتها المتطورة وحكاياتها الجميلة، ورأى أن السينما العربية يمكن أن
تصل إلى المهرجانات العالمية من خلال حضورها المستمر والمتواصل في
المهرجانات المختلفة . وتالياً تفاصيل اللقاء:
·
كيف رأيت مهرجان بغداد السينمائي
الثالث؟
- حقيقة إن الذي يسمع غير الذي يرى، لذلك كان
حضوري في بغداد من أجل تبادل الخبرات ومن أجل مد جسور التواصل بيني وبين
إخواني داخل العراق، لذلك فإن حضوري فيه ازدواجية، إذ حضرت بصفتي مديراً
لمهرجان العالم العربي للفيلم القصير وكذلك باعتباري عضواً في لجنة التحكيم
الخاص بمهرجان بغداد السينمائي الثالث وتحديداً بالأفلام الروائية الطويلة
والأفلام الخاصة بحقوق الإنسان أيضاً .
·
كيف وجدت نوعية الأفلام المشاركة
في المهرجان؟
- وجدت هناك تنوعاً كبيراً في الأفكار وجمالية في
الصورة، فضلاً عن ذلك أن الأفلام المشاركة ناقشت موضوعات مختلفة، كذلك بينت
لي الأفلام المشاركة في المهرجان أن هناك نوعاً من التقدم واللمسة الفنية
في الأفلام التي شاهدناها واستمتعنا برؤيتها .
·
ما رأيك في السينما العراقية؟
- إن حضور السينما العراقية في هذا المهرجان كان
حضوراً متميزاً من خلال الأفلام الوثائقية التي شاهدتها، وهذا يدلَّ على
وجود حركة سينمائية جيدة داخل العراق، لكن كل ما يمكن قوله بخصوص هذه
الأفلام إنها ركزت على موضوعة الحروب ومعاناة العراقيين خلال السنوات
الأخيرة، لذلك أوجه دعوة إلى كل السينمائيين العراقيين أن تكون الرؤية
المستقبلية رؤية مغايرة، لأن العراق ليس فيه الحروب فقط، إنما هناك حضارة
عريقة، ولابد من الاهتمام بتوثيق هذه الحضارة حتى يمكن للمشاهد غير العراقي
أن يستمتع بجميع إرث وحضارة هذا البلد العزيز .
·
وكيف شاهدت الأفلام الإماراتية؟
- كانت أفلاماً إنسانية تجد بعض الرؤى، كذلك وجدت
من خلال الأفلام التي شاهدتها تقنيات في التصوير، وفي الحكاية، لذلك أتمنى
لها المزيد الاستمرارية .
·
هل يمكن أن تضعنا في صورة
السينما المغربية؟
- السينما المغربية في الوقت الراهن تعيش حالة من
التطور، لأن فيها موجة شابة، وهذه الموجة الشابة أكدت حضورها بفضل حالة
الانفتاح الموجودة في المغرب، لأن هذا الانفتاح أعطاها نفساً متجدداً من
ناحية المضمون كماً ونوعية، إذ هناك موضوعات مختلفة تطرق لها المخرجون
المغربيون من ناحية الرؤية التي تخدم الإنسانية أو تخدم المجتمع بصورة عامة
وفي مختلف المجالات .
·
بوصفك مديراً لمهرجان العالم
العربي للفيلم القصير، ماذا قدم هذا المهرجان؟
- إن مهرجاننا يركز باهتمام على ما ينتج من أفلام
قصيرة، وهذا المهرجان يشتغل على محاور وثيمات، فكل دورة من دورات المهرجان
تركز على ثيمة معينة، إذ إننا في دورتنا المقبلة سنركز على موضوعة السينما
والبيئة، لأن السينما سوف تركز على الإنسان وحركته مع البيئة داخل المشهد
السينمائي .
·
ما هدفكم من موضوعة البيئة في
المهرجان السينمائي؟
- لأن البيئة باتت مهددة في كل دول العالم، رأينا
أن هناك ضرورة ملحة للاهتمام بالبيئة وإعطائها ما تستحقه من عناية، لذلك
فإن مهرجاننا ما هو إلا خطاب لجعل الناس يشعرون بأهمية البيئة من خلال
المنظور البيئي الجمالي، وبالإنسان ومحيطه أيضاً .
·
ماذا ينقص السينما العربية في
الوقت الراهن؟
- السينما العربية كانت تمثل موجة بالأمس، لكن خضم
الموجة الإعلامية الكبيرة وظهور وسائل تقنية للعرض أسهما في حصول حالة
العزوف عن الأعمال السينمائية، لكن المهرجانات السينمائية أتت لتعزيز
المشهد السينمائي بإبداعات جديدة، وإبقاء جمالية الصورة للشاشة الكبرى أفضل
عند المشاهدين .
·
كيف نصل بالسينما العربية إلى
المهرجانات العالمية الكبيرة؟
- نصل بها أيضاً عن طريق المهرجانات وتبادل
الخبرات، لأن هذا المهرجانات تشهد حضور عدد كبير جداً من المخرجين ومن
إدارات الإنتاج السينمائي، وعبر هذا الوجود يحصل انتقاء الفيلم السينمائي
الجيد، لذلك فإن حضوري هنا في بغداد ما هو إلا لانتقاء بعض الأفلام التي
تمثل الدول العربية حتى يتسنى لي عرضها في المغرب .
الخليج الإماراتية في
22/10/2011
ستيفن سودربيرغ يواجه العدوى
كتب: مينيابوليس – كولن كوفرت
بينما كان المخرج ستيفن سودربيرغ يصوّر فيلم التشويق «العدوى» (Contagion)، الذي يدور حول انتشار تهديد بيولوجي خطير في العالم، تعهد بأنه لن
يقع ضحية الأفكار المبتذلة التي تطبع أفلام الكوارث المألوفة. قال في اتصال
هاتفي معه من بيفرلي هيلز: «نحن لا نقصد أي مكان لم تقصده الشخصيات في
الفيلم. لا وجود لأي لقطة في باريس حيث يموت بعض الأشخاص الذين لم نقابلهم.
كذلك لم نصوِّر أي مشهد مع الرئيس ولا تظهر أي لقطة لمروحية تحلّق فوق
المدينة. قلتُ لفريق العمل إننا لن نستعمل الشخصيات والصور التقليدية هذه
المرة».
يساهم تجنب المشاهد المألوفة في منح الفيلم مصداقية غريبة ومريبة في
آن. تشبه هذه المقاربة عرض كوارث نهاية العالم بطريقة عمل برامج الواقع، أي
اللجوء إلى خيارات غير متوقعة. هذا ما يطبع أعمال سودربيرغ منذ بداية
نجوميته.
يبلغ سودربيرغ اليوم 48 عاماً. وُلد هذا المخرج في أتلانتا وكان في
السادسة والعشرين من عمره فقط عندما فاز بالسعفة الذهبية عن عمله الأول
«جنس وأكاذيب وشريط فيديو» (Sex,
Lies and Videotape) في عام 1989. عن هذا الموضوع، يقول سودربيرغ:
«كان الوضع بالغ السهولة بعد تلك المرحلة!». طوال عشر سنوات، كانت هذه
التعليقات الساخرة التي يطلقها بعيدة عن الواقع. بعد سلسلة من خيبات الأمل،
عاد إلى الواجهة في عام 1998 مع فيلم الجريمة «بعيد عن الأنظار» (Out
of Sight) من بطولة جورج كلوني وجنيفر لوبيز. منذ ذلك الحين، انشغل بأعمال
كثيرة وبوتيرة غير منقطعة. فحاز جائزة الأوسكار كأفضل مخرج عن فيلم
«التهريب» (Traffic)
في عام 2000، وهو العام نفسه الذي أخرج فيه فيلم «أيرين بروكوفيتش» (Erin
Brockovich) الذي أكسب جوليا روبرتس جائزة الأوسكار لأفضل ممثلة، ثم حققت سلسلة
أفلام «أوشن 11» (Ocean’s Eleven)،
من بطولة نجوم الصف الأول، إيرادات خيالية على شباك التذاكر.
تجارب جدية
لم يكن سودربيرغ يهتم بالنقد والإيرادات المالية فحسب، بل إنه استعمل
مهاراته الإبداعية لخوض تجارب فنية جدية، وإنتاج أعمال تكرّم شخصيات مهمة،
وملحمات اجتماعية وتاريخية مثل السيرة الذاتية للثوري الكوبيّ تشي غيفارا
في عام 2008. تحدث سودربيرغ، في مقابلة أجراها أخيراً عن تركيزه على إظهار
كل نزعة ممكنة من الواقعية اليومية في فيلم التشويق الجديد الذي يتناول
موضوع انتشار وباء عالمي، وحول الأنباء الأخيرة عن تقاعده القريب من عالم
الإخراج قال إنه سيعمل على ثلاثة أفلام إضافية ثم التزم الصمت…
أضاف سودربيرغ: «كنتُ أنشر أنباء متضاربة عن هذا الموضوع. أصبح هذا
الأمر مصدر تسلية لي. لماذا لا تنشرون أنني سأسافر لإجراء عملية جراحية
مثلاً؟». لكن بعد الضغط عليه، اعترف المخرج المبدع بأنه سيأخذ فترة استراحة
لن تكون قصيرة بعد الأفلام الثلاثة التي سيخرجها في المرحلة المقبلة: فيلم
الحركة والتجسس «الأحمق» (Haywire)
الذي سيبدأ عرضه في شهر يناير، ثم فيلم المغامرة والتجسس «رجل من شبكة
القيادة الموحّدة للقانون والإنفاذ» (The Man From U.N.C.L.E.)
في عام 2013، وسيرة ذاتية عن ليبيراس في عام 2014.
تبريراً لموقفه هذا، اعتبر المخرج أنه لا بد من الانسحاب حين يكون
المرء في ذروة نجاحه: «نادراً ما يتابع الفرد العمل بأعلى المستويات حتى
نهاية مسيرته المهنية. إنها فكرة شائعة لكن لا يلتزم بها الجميع، وأظن أن
الأجواء السائدة اليوم تصعّب الوضع أكثر من أي وقت مضى. لا أريد أن أكون من
الأشخاص الذين يُقال عنهم: «صحيح، لقد سقط من القمة!». هذا ما يحصل في عالم
الرياضة، وهذا ما يثير جنوني».
لكن لا يعني الابتعاد من عالم صناعة الأفلام أن إبداع سودربيرغ قد
استُنزف. فهو يخطط لتحقيق إنجاز مهمّ في مجال الفنون البصرية: «لحسن حظي،
أنا في موقع يخوّلني أن أحاول إظهار براعتي في مجال آخر… وهو مجال مرتبط
بعملي. لكن يصادف أنه نوع مختلف من الإبداع وأريد أن أعرف مدى براعتي فيه».
يبدو أن رغبة سودربيرغ في تجربة أمور جديدة طبعت مسيرته كلها في عالم
الأفلام. لكن يبقى إيجاد خيط مشترك لمقاربة مختلف عناصر مسيرته المهنية
مهمّة صعبة ومخيفة، فقد قال: «لحسن الحظ، أنا لا أضطر إلى فعل ذلك». طُلب
من أورسون ويلز في إحدى المرات القيام بذلك، فأجابهم: هذا الأمر ليس من
اختصاصي. أنا لا أعرف».
ربما يدخل فيلم «العدوى» ضمن فئة أفلام المشاكل الاجتماعية مثل فيلمَي
«التهريب» و{أيرين بروكوفيتش». في هذا العمل، يقود مات ديمون مجموعة من
الممثلين بدور رجل عادي تكون زوجته (غوينيث بالترو) أول ضحية لفيروس سريع
الانتشار ينتقل في الجو. فيما تتخبط الأوساط الطبية والحكومات في أنحاء
العالم في محاولاتها لمواكبة سرعة انتقال الفيروس الفتّاك، يقوم صاحب
مدوّنة يعمل لحسابه الخاص في مجال الرعاية الصحية (جود لو) بنشر معلومات
مغلوطة.
سياسي مريض
صحيح أن فيلم «العدوى» يركز على العلم البيولوجي وعالم الأمراض، لكنه
يعرض أيضاً قصة الجسم السياسي المريض. يصف الفيلم وضع الولايات المتحدة حيث
يسود الارتباك والخوف على أعلى المستويات حين تخرج الأمور عن السيطرة
ويكافح الناس العاديون للبقاء على قيد الحياة في مجتمعٍ يوشك على الانهيار.
تابع سودربيرغ قائلاً: «شعرتُ بالغرابة عند تصوير هذا الفيلم، كما حصل
في فيلم «التهريب» تماماً، وكأنّ الجو كان ملبّداً. كان هذا الأمر صحيحاً
في هذا الفيلم حرفياً».
بدأ عرض الفيلم في الذكرى العاشرة لاعتداءات 11 سبتمبر، لكن يقول
سودربيرغ إنه لم يقصد إقامة أي مقارنة بين الحدثين: «لستُ أحد الأشخاص
الذين يُلمحون إلى الأشياء بطريقة غير مباشرة. تشغلني أحداث 11 سبتمبر
كثيراً، وقد فكرتُ بها بعد مرور ثلاث سنوات، ثم سبع سنوات، على وقوعها. وما
زلتُ أظن أن البلد بأكمله يحاول استيعاب ما حدث حتى الآن».
هل ستكون الدروس التي يقدّمها الفيلم مُعدية؟ يثير هذا العمل
القشعريرة واللوعة عند المشاهدين، وذكر سودربيرغ أنه يخفي عوامل تثقيفية
أيضاً: «أفضل ما في الأمر هو أن الناس، من خلال مشاهدة هذا الفيلم، سيشعرون
بأنهم خاضوا هذه التجربة مسبقاً في حال وقعت أحداث مشابهة على أرض الواقع.
خلال فترة انتشار انفلونزا الخنازير (عام 2009)، لم أكن راضياً عن حجم
التداول بهذا الموضوع، لكني أدرك الآن أن الأمر كان مفيداً جداً».
يقدّم موقع التواصل
Take Part
(www.takepart.com/contagion)
معلومات حول كيفية الاستعداد للانفلونزا، ويعرض أيضاً روابط خاصة بمنظمة
الصحة العالمية والمراكز المعنيّة بضبط المرض والوقاية منه.
أضاف سودربيرغ: «أحد آثار الفيلم الفورية أنّ الناس يدركون، ما إن
تُضاء الأنوار في السينما، أنهم محاطون بأربعمئة شخص تغطّيهم الجراثيم. لو
يتذكر المتفرجون ضرورة إيجاد طرق لتجنب لمس وجوههم خلال موسم الانفلونزا،
فسيحصلون على فرصة أفضل لتفادي المرض».
ختم قائلاً: «ثمة جانب منطقي في بعض السلوكيات. لا ترسلوا أبناءكم إلى
المدرسة إذا كانوا مصابين بالحمى، فلن تساعدوا أحداً بهذه الطريقة. لا
تذهبوا إلى العمل إذا كنتم مرضى. يمكن مزاولة أعمال كثيرة من المنزل في هذه
الأيام. هذه هي منفعة برنامج سكايب اليوم!».
الجريدة الكويتية في
22/10/2011
براد بيت يتحدّى نفسه في
Moneyball
كتب: تورونتو- ستيفن ريا
يعرف براد بيت تماماً أن في الحياة أموراً متشابهة إلى حد كبير مثل
لعبة كرة البيسبول وصناعة الأفلام. إذ إنهما مجالان تجتمع فيهما الأرقام
والنجومية من جهة والمباريات والمبيعات المرتفعة من جهة أخرى. مجالان
يتطلّبان كثيراً من العمل ومن القلق وسهر الليالي، وقد اجتمعا في فيلمه
الأخير
Moneyball.
يقول بيت: «يشهد عالمنا تحدّيات اقتصادية كبيرة، إذ تحاول شركات
الإنتاج التقليل من الخسائر قدر الإمكان والتعامل مع الأمور على طريقة
الحسابات الرياضية والأرقام. مما يثير العجب أنه غالباً ما تكون حسابات
شركات الإنتاج دقيقة وفي مكانها، لكن في المقابل تحدّ طريقة العمل المتّبعة
من تنوّع المواد. فالأفلام جميعها تستند إلى أعمال أُعدّت سابقاً وليس إلى
مواضيع جديدة ومبتكرة. شخصياً، أحبّذ الأفلام التي تعالج مواضيع جديدة
ومبتكرة».
في فيلم
Moneyball
الذي يصوّر مفهوم لعبة البيسبول التقليدي، يؤدي بيت أحد أقوى أدواره:
المدير العام الحقيقي لفرقة
Okland A
بيلي بين الذي يجد نفسه مجبراً على إعادة بناء فريقه الذي تم بيع أعضائه
إلى فرق أخرى.
لا يشبه فيلم البيسبول هذا سائر الأفلام، لأنه يغوص في أعماق عالم
البيسبول ويلقي الضوء على العلاقة القائمة بين المدّريين واللاعبين. كذلك
يوثّق لحظة تاريخية في دوري البيسبول الأميركي الوطني، تلك اللحظة التي
تبنى فيها «بين» في بداية موسم 2002 استراتيجية جديدة جذرية تقوم على البحث
عن لاعبين منخفضي الأجر يتميّزون بأداء جيّد وبسجل حافل بالتسجيلات. آنذاك،
ساعد «بين» ودعمه في مهمّة الحسابات الرياضية- التي بدأت بشكل يُرثى له
وانتهت بفوز ساحق وبالتأهل إلى التصفيات النهائية- خريجُ جامعة يال العبقري
والمحبّ للأرقام بيتر براند الذي أدّى دوره في الفيلم ببراعة عالية الممثل
جونا هيل.
أشرف بيت على إنتاج هذا الفيلم المستوحى من كتاب مايكل لويس
Moneyball: The Art of Winning an Unfair Game
(صدر عام 2003 وحقق أعلى نسبة مبيعات)، والذي واجه انطلاقات متعثّرة كثيرة
وتغيّر مخرجوه مراراً. في هذا المجال يذكر بيت: «أحب الأفلام التي تظهر
للمشاهد مسار الأحداث، تلك التي تكشف النقاب عن حقائق الأمور وتبيّن كيفية
حدوثها.
Dr. Strangelove هو الفيلم المفضّل لدي».
في 9 سبتمبر الفائت، يوم عرض
Moneyball الأول في مهرجان تورونتو السينمائي الدولي، كان بيت بلحيته وشعره
الطويلين يرتدي ربطة عنق سوداء ويمسك بيد محبوبته أنجلينا جولي. في اليوم
التالي، حضر إلى فندق الريتز كارلتون ببذلة رسمية ليتحدّث عن فيلمه وعن بعض
من مشاريعه.
شارك بيت في فيلم
Tree of Life
مع تيرينس ماليك منذ بضعة أعوام، فأظهر وجهاً آخر له: براد العميق والمنطوي
على نفسه والمتألم. مشاهد هذا الفيلم الطويلة والشاعرية، التي لا يتخللها
معظم الوقت أي حوار، تتعارض تماماً مع مشاهد
Moneyball المفعم بالأحداث بنص ستيفن زايليان وآيرون سوركين.
في هذا الإطار، يشرح بيت: «إلمام زايلين بكل شاردة وواردة تخصّ حياة
بيلي ناجم عن حبّه الكبير للعبة البيسبول. في الواقع، كتب بعد هذا الفيلم
مسرحيةً يمثل فيها شخصان فقط وتتحدّث عن عالم البيسبول. آمل بأن تُخرج هذه
المسرحية وتقدَّم على المسرح لأن القصة مثيرة للاهتمام للغاية. أضفى آيرون
على القصة الإيقاع والتناغم، فشخصياته كاريزماتية وتمتّع بحس دعابة عالٍ.
إنها قصيرة القامة وروحها مميّزة. فعلاً، أضفى آيرون على النص لمسة جميلة
وحيوية أعطت الفيلم الطاقة والحياة».
ستيفن سودربيرغ
كان من المتوقع أن يتولى عملية إخراج الفيلم المخرج ستيفن سودربيرغ
الذي كان قد أخرج الجزء الأول والثاني والثالث من فيلم براد بيتOcean’s
Eleven (Twelve,
Thirteen)، إلا أن شركة
Sony Pictures غيّرت رأيها واستعاضت عنه بمخرج آخر. عن هذا الموضوع، يقول بيت: «ركض
هؤلاء بسرعة ثم توقفوا في اللحظة الأخيرة وعدلوا عن القفز، تماماً كما يفعل
أحياناً لاعبو البيسبول. في الواقع، لم يكن الخلاف على فكرة الفيلم ولا
تصوّر ستيفن لها، إنما على كلفة إخراجه».
أعلنت الشركة أنها لن تتعامل مع سودربيرغ في يونيو (حزيران) عام 2009،
أي قبل أسابيع من بدء بيت وسودربيرغ و{سوني» من تصوير مشاهد الفيلم. يوضح
بيت: «صحيح أننا مررنا بفترة عصيبة ومزعجة، إلا أنني أصررت على المشاركة في
الفيلم. كذلك قررت رئيسة مجلس إدارة شركة «سوني» آيمي باسكال مضاعفة
جهودها، فغالباً تذهب المشاريع أدراج الرياح في هذه المرحلة، أي عندما
تُكتب ولا تجد من يخرجها. إلا أن باسكال بذلت جهوداً حثيثة ونجحت في إيجاد
مخرج للفيلم ما سمح لنا بتصويره».
أخيراً، رسا الاختيار على المخرج الحائز جائرة أوسكار عن فيلمه
Capote بينيت ميلر، بترشيح من كاثرين كينير صديقة براد بيت التي شاركته في
أول دور بطولة له في فيلم
Johnny Suede في عام 1990. يقول المخرج عن الفيلم: «كانت مادّة الفيلم معقدة وغير
اعتيادية، وقد شارك الجميع في صناعته».
نشاط حافل
تبدو حياة براد بيت (47 عاماً) حافلة بالنشاط بكل معنى الكلمة. بعد
تصوير فيلم
Moneyball،
صوّر بيت فيلم
Cogan’s Trade
الذي أدى فيه دور رئيس موظفين (في شركة راي ليوتا، وسام شيبارد، وجايمس
جاندولفيني، وريتشارد جينكينز)، وقد تولى مهمة إخراجه أندرو دومينيك الذي
تعامل مع بيت في
The Assassination of Jesse James by the
Coward Robert Ford.
راهناً، يمضي دومينيك فترة نقاهة يعود بعدها إلى استكمال العمل على
فيلم
World War Z،
الذي كتبه مارك فوستر والذي يتحدّث عن محرقة زومبيات عالمية. يقول دومينيك:
«بدأنا التصوير في مالطا، والآن نصوّر في بريطانيا، ثم سننتقل إلى هنغاريا.
ركزتُ في الفترة الأخيرة على تحليل طريقة تفكير الزومبي أكثر من أي أمر
آخر».
هل شاهد بيت فيلمي زميله جورج كلوني
The Ides of March وThe
Descendants؟
كلا. ماذا عن فيلم
Take Shelter
الذي شاركت فيه جيسيكا شاستاين بدور زوجة بيت في
Tree of Life، أجاب الأخير إجابة تشبه ردّ أي أب محكوم باختيارات أطفاله (لدى بيت
وجولي ستة أطفال): «لو أني لم أشاهد فيلم
Mr.Popper’s Penguins، لما عرفت آخر الإصدارات السينمائية».
يقول براد بيت إنه بين التمثيل وعمل زوجته أنجيلا على التحضير لإخراج
أول فيلم لها
In the Land of Blood and Honey،
«لم يتسنّ لنا وقت للراحة». لكن فجأة تبرق عينا بيت ويقول: «في الواقع، لقد
حصلت على إجازة ثلاثة أيام خلال العمل على تصوير فيلم
World War Z أخذت خلالها دراجة وقدتها في مرتفعات سكوتلاندا». لم تكن دراجة بيت
عادية إنما من نوع بي إم دبل يو 800. يتابع: «كانت سكوتلاندا إحدى المناطق
التي رغبت بشدة في زيارتها. لديّ في الواقع لائحة بالأماكن التي أود
زيارتها، وركوب الدراجة في مرتفعات سكوتلاندا أمر كنت أحلم بالقيام به منذ
سنوات، إلا أن ظروفي حالت دون ذلك. خلال تجوالي في طرقات أجمل بلد في
العالم، رحت أتخيل أني سأجد ميل غيبسون على التلّة المجاورة ملوّحاً بسيفه،
أو سأقابل هاري بوتر ملوّحاً بعصاه السحرية. كانت السماء تمطر بينما كنت
أقود الدراجة في تلك التعرّجات الجبلية. حينها أدركت كم أن حياتي كانت
مبرمجة، كم أنني كنت منقاداً ومحكوماً بالمواعيد، وكم أن حياتي كانت
مخطّطة… أدركت أنني لم أكن مستقلاً وأن حياتي كانت بين يدي إلا إنني لم
أعرف الاستمتاع بها. حقيقةً، منحتني تلك الرحلة إحساساً رائعاً، والأهم، أن
دراجتي لم تنفد من الوقود».
الجريدة الكويتية في
22/10/2011 |