«بيبو وبشير» أحد الأفلام التي عُرضت في موسم عيد الفطر المبارك والتي
أشاد بها عدد كبير من النقاد، وقد اعتُبر العمل الفني الوحيد الذي يمكن
توصيفه بـ «فيلم»، ورغم أنه التجربة الأولى لكريم فهمي الذي شارك في كتابته
مع هشام ماجد، فإنه ينبئ بوجود كاتب متميّز يمكن للتجارب أن تصقله ليقدِّم
أعمالاً أكثر نضجاً.
عن هذه التجربة وخطواته المقبلة، كان اللقاء التالي مع كريم فهمي.
·
بدايةً، لماذا فكّرت في الاتجاه
إلى مجال التأليف؟
أعشق التأليف من البداية، وكنت أنتظر الفرصة الملائمة لممارسة هذه
الهواية، وعندما جاءت لم أتردّد في اقتناصها.
·
فكرة «بيبو وبشير» شبيهة بأفلام
سابقة عدة، مثل «الشقة من حق الزوجة» لمحمود عبد العزيز و{غريب في بيتي»
لسعاد حسني ونور الشريف، فلماذا اخترتها؟
ربما تكون «التيمة» أو الفكرة متشابهة، إلا أن القصة والأحداث
والشخصيات مختلفة تماماً، ومن المعروف أن الدراما تدور كلّها حول عدد محدود
من الأفكار، والاختلاف يكون في كيفية المعالجة، وأتحدّى من يجد تشابهاً بين
فيلمي وبين أيّ من هذه الأفلام.
·
لكن الفيلم يتضمّن مشهداً
منقولاً حرفياً من «الشقة من حق الزوجة» الذي يقذف فيه محمود عبد العزيز
الغسيل في وجه معالي زايد.
هذا المشهد لم يكن موجوداً في السيناريو الأصلي، لكن المخرجة مريم أبو
عوف طلبت إضافته الى «بيبو وبشير» كتحيّة، لأن تيمة الفيلم الرئيسة تتشابه
مع تيمة «الشقة من حق الزوجة» الرئيسة كما أشرت سلفاً، وقد جاء المشهد
جميلاً وأُعجب به مشاهدون كثر.
·
أثار اسم الفيلم جدلاً كبيراً
خصوصاً بين جماهير نادي الزمالك لارتباطه بالمباراة الشهيرة التي هزمه فيها
نادي الأهلي، فلماذا تمسّكتم به؟
الفيلم لا علاقة له بهذه المباراة، لكن «بيبو وبشير» اسم مناسب جداً،
وقد كان اختيارنا الأساسي ولاقى قبولاً من شركة الإنتاج، كذلك أُعجب به كل
من آسر ياسين ومنة شلبي والمخرجة، وكنت أعلم أن جمهور «الزمالك» عندما
يشاهد الفيلم سيتأكد من أنني لم أقصد السخرية منه إطلاقاً، فأنا لا يمكن أن
أخسر هذا الجمهور على رغم أنني أهلاوي.
·
لاحظنا أن «بيبو وبشير» على رغم
بساطته، شابه بعض التعقيد في النهاية بطرح عدد من القضايا غير الملائمة
لطبيعته.
هذه القضايا كانت موجودة منذ البداية، وكانت لها مقدمات طويلة، إلا
أنه بعد الانتهاء من تصوير الفيلم، وجدنا أن مدته وصلت إلى ساعتين ونصف
الساعة، فاضطرت المخرجة مريم أبو عوف إلى اختصار جزء كبير منه، ما أوحى بأن
هذه القضايا غير أصيلة فيه.
·
ألا ترى أن تدريب منتخب مصر في
كرة السلة من «بشير»، مترجم اللغة التنزانية، غير منطقي؟
ربما حدث بعض اللبس بسبب حذف بعض المشاهد من الفيلم، والتي كان يظهر
بيبو من خلالها أنه خريج كلية تربية رياضية، ويعمل مدرباً لفريق كرة السلة
في إحدى المدارس، كذلك كان يحلم بأن يكون مدرباً لمنتخب مصر، وعندما تخلّى
المدرب الأجنبي عن المنتخب بسبب عدم حصوله على مستحقاته قبل المباراة
النهائية، لم يتوافر بديل سوى القبول ببشير مدرِّباً للمنتخب.
·
جاء «بيبو وبشير» شبيهاً
بالكوميديا الأميركية إلى حدّ كبير، فهل قصدتم ذلك؟
لم نقصد ذلك إطلاقاً، فأنا أفضّل كوميديا الموقف، وهي ليست مرتبطة
بالأميركيين، على رغم أن لديهم حرفية عالية في تقديم هذا النوع، إلا أنه
ليس حكراً عليهم، ثم لا يمكن أن أقلّدهم لأن الأعمال الكوميدية الأميركية
لا تستهويني خصوصاً تلك التي تعتمد على الإيفيهات الجنسية.
·
لكن الفيلم احتوى على بعض
الإيفيهات الجنسية.
كانت قليلة جداً، ولم تكن خادشة للحياء، إلى درجة أن كثيرين لم
يفهموها.
·
لماذا لم تفكّر في أداء دور
«بشير»، خصوصاً أنك شاركت في مسلسل «لحظات حرجة» كممثل؟
ما زلت في بداية طريقي كممثّل لذا لا أتحمّل بطولة فيلم بمفردي، كذلك
أودّ أن أثبت وجودي كمؤلف، وأجد طريقي الى الناس من خلال نجمين كبيرين مثل
آسر ياسين ومنة شلبي، وبعد ذلك يصبح بإمكاني تقديم أدوار في أعمالي.
·
ولماذا لم تقدِّم دوراً ثانياً؟
لأن الفيلم تضمّن دوراً ثانياً واحداً، ولم يكن مناسباً لي أبداً، بل
كان مرسوماً لمحمد ممدوح، وقد قدّمه بشكل رائع.
·
وكيف أقنعتم آسر ياسين بأداء دور
كوميدي للمرة الأولى؟
حين انتهينا من كتابة «بيبو وبشير»، شعرنا بأن شخصية بشير مناسبة
تماماً لآسر ياسين، وسيقدّمها بشكل مختلف، وبمجرد أن عرضنا الفكرة عليه
تحمّس للفيلم تماماً وقرّر تقديم الدور.
·
ألم تقلق من العمل مع مريم أبو
عوف في أولى تجاربها السينمائية الطويلة؟
مريم مخرجة متميّزة، وقد كانت لها تجارب في الأفلام القصيرة، إضافة
إلى مسلسل تلفزيوني متميز، ولديها رؤية ومتمكّنة من أدواتها، وإذا كان «بيبو
وبشير» أولى تجاربها السينمائية الطويلة، فهو أيضاً أولى تجاربي في
التأليف.
·
وماذا عن وجود المخرج محمد خان
في الفيلم؟
كان اقتراحاً من مريم أبو عوف ومنة شلبي، ولم أكن أتصوّر أن المخرج
الكبير محمد خان قد يمثّل في أول أفلامي، لذا كانت سعادتي كبيرة بموافقته
على الفيلم.
·
كيف تلقيت ردود الفعل على
الفيلم؟
ثمة نقاد أعطوا للفيلم حقّه، ونقدوه نقداً إيجابياً بنّاءً، وهذا
النوع من النقد أهتم به كي أتمكّن من تفادي السلبيات في المرات التالية،
إلا أن ثمة نقاداً وصحافيين أساؤوا إلينا بشدّة وقالوا إننا سرقنا الفيلم
وهذا ليس صحيحاً كما أكدت سابقاً.
الجريدة الكويتية في
10/10/2011
بعد خلافاتها مع خالد يوسف
غادة عبد الرازق غابت عن ندوة كف القمر
كتب: القاهرة - الجريدة
في الندوة التي نُظّمت حول فيلم «كفّ القمر» الذي افتتح «مهرجان
الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط 27»، لوحظ غياب الممثلة غادة عبد
الرازق رغم حضورها حفل الافتتاح.
حضر الندوة مخرج «كف القمر» خالد يوسف وأبطاله: خالد صالح، جومانا
مراد، صبري فواز وحسن الرداد، وربط البعض غياب عبد الرازق بالخلافات التي
نشبت بينها وبين يوسف قبل أشهر، خصوصاً أن كثراً لاحظوا أنها لم تتبادل أي
حوار معه في حفلة الافتتاح، ولم تقف إلى جواره مباشرة أثناء التقاط الصور
التذكارية لأسرة الفيلم.
وُجّهت انتقادات إلى الفيلم خلال الندوة، كان أبرزها الملل الذي شعر
به المشاهدون في الجزء الأخير منه، وفسّر يوسف ذلك بأنه وجهة نظر المتلقّي
وطريقته في استقبال الفيلم، مؤكداً أن التصوير انتهى في ديسمبر 2010 قبل
اندلاع الثورة ولم تُضف إليه أي مشاهد بعدها.
أضاف يوسف أنه كان مقرراً أن يُعرض «كفّ القمر» مع بداية يناير 2011،
إلا أن حادثة كنيسة القديسين في الإسكندرية في بداية العام أجّلت العرض، ثم
اندلعت ثورة يناير وما تلاها من انفلات أمني فتأجّل عرضه. غير أن يوسف كثّف
العمل في ميكساج الفيلم لمدة 10 أيام، للحاق بمهرجان الإسكندرية، لافتاً
إلى أنه لا يهتم بعرض أفلامه في المهرجانات بل بالعرض الجماهيري.
رمزيَّة
حول الرمزية في أفلامه، أوضح يوسف أنه يحاول الابتعاد عن الغموض،
وتقديم الفيلم في أكثر من مستوى بما يناسب تفكير المتلقّين كلّهم، إلا أنه
رفض تقديم تفسير حول «كف القمر» باعتبار أن من حق المتلقي أن يقرأ الفيلم
بالشكل الذي يراه، وثمة أكثر من قراءة لا يرفض أياً منها، إحداها أن «قمر»
ترمز إلى مصر والأبناء هم الدول العربية، وأخرى أن هذه الأسرة ترمز إلى
الأسر المصرية والتفكّك الذي أصابها.
كذلك أشار يوسف إلى أنه ليس ضد مشاركة نجوم كبار في أفلامه، ولا يرفض
ما سماه «منظومة النجم» التي تجعل صناع السينما يتجاهلون الفن ويهتمون
بخدمة النجم وإرضاء غروره، إلا أنه يؤمن بأن السينما فن جماعي وليس فردياً،
مشيراً إلى أن خالد صالح نجم محبوب وله جمهوره العريض، وليس لديه هاجس
النجومية.
اعترف يوسف بأن ثمة مشاهد جاءت ضعيفة بسبب ظروف السفر والتصوير، وأنه
كان يضطر أحياناً إلى التنازل عن الجودة كي لا يكلف المنتج مبالغ طائلة.
وعن طول الحوارات في «كف القمر»، قال إن اللغة الشعرية هي الأساس في
الأخيرة (من إبداع مؤلف الفيلم ناصر عبد الرحمن) لأن الفيلم يدور في أجواء
شعبية تراثية.
مصير الفقراء
دافعت جومانا مراد عن شخصية العاهرة الفقيرة التي جسّدتها، مشيرة إلى
أن الفيلم يؤكد أن الظروف هي التي تدفع الفقراء إلى هذا المصير، وهو بذلك
لا يدينهم بل يتعاطف معهم. أما خالد صالح فقال إن «كف القمر» أحد أصعب
الأفلام التي صوّرها بسبب ظروف السفر إلى الصعيد، إلا أنه استمتع بالعمل مع
خالد يوسف لأنه يعشق العمل الجماعي الذي يتقنه الأخير.
الجريدة الكويتية في
10/10/2011
من إخراج ميرا ناير…
الأصولي المتردِّد يحطِّم الجدران بين الثقافات
كتب: بيروت – الجريدة
تستعد المخرجة العالمية ميرا ناير لاقتباس رواية «الأصولي المتردد»
وهي الرواية الأكثر مبيعاً للمؤلّف الباكستاني محسن حميد، ستنقل إلى الشاشة
الفضية من خلال فيلم تخرجه ناير الحائزة جوائز عالمية عدة، والتي قدّمت
مجموعة أفلام متميزة مثل «سلام بومباي!» و{مونسون ويدينغ» و{ذا نيمسيك».
صدرت ترجمة رواية «الأصولي المتردد» العربية عن «شركة المطبوعات» في
بيروت، وهي تتناول قصة شاب باكستاني طموح متحدّر من أسرة مرموقة، يقرّر
الهجرة الى الولايات المتحدة الأميركية حيث يحقّق النجاح، وإلى جانب ذلك
يعيش علاقة حب رائعة مع شابة أميركية تُدعى إيريك. لكن عندما تقع اعتداءات
11 سبتمبر (أيلول)، تتحوّل الأمور الى الأسوأ وكأن لعنة حلّت على البطل،
وكلّنا يعرف كم أثّرت هذه الأحداث على عرب كثر لا علاقة لهم من قريب أو
بعيد بها.
الصراع بين الغرب والشرق في الرواية، يقابله تعاون بينهما في تحويل
النص الروائي الى فيلم يعالجه سينمائياً بيل ويلر ومحسن حميد وإيمي بوجاني
وتنتجه ليديا دين بيلتشر، وهو ثاني إنتاج عالمي ضخم تموّله «مؤسسة الدوحة
للأفلام». وستتنقّل الكاميرا خلال التصوير بين مواقع ومدن عدة من بينها
أتلانتا ونيويورك ولاهور ونيو دلهي واسطنبول.
يجسّد الممثّل ريز أحمد الشخصية الرئيسة في الفيلم، وهو أدى سابقاً
أدواراً في أفلام عدة منها: «فور ليونز» و{الذهب الأسود»، وشاركته الممثلة
كيت هدسون التي قامت ببطولة «برايد وارز» و{ناين» و{سومثينج بورود»،
والممثل ليف شريبر الذي ظهر في أفلام عدة مثل «سولت» و{إكس مِن: أوريجينز»
و{ذا مانشوريان كانديديت»، والممثل كيفر ساذرلاند الذي يشارك في المسلسل
التلفزيوني الشهير «24»، إضافة إلى كلّ من نيلسان إيليس، ومارتين دونوفان،
وأوم بوري، وشبانة عزمي، وهالوك بيلجينر وميشا شافي.
سينما مستقلة
الفيلم إنتاج مشترك بين «ميراباي فيلم» و{سيني موزاييك»، ويشكّل أول
تمويل لفيلم مستقل تقوم به «مؤسسة الدوحة للأفلام». وفي هذا الإطار صرّحت
أماندا بالمر، المديرة التنفيذية لـ «مؤسسة الدوحة للأفلام»: «منذ اطلعنا
على نص الرواية، شعرنا بقدرة هذه القصة وعمق رسالتها وأهميّتها. تسعدنا
مشاركة مجموعة من أبرز الممثلين العالميين في هذا المشروع. أما المخرجة
ميرا ناير فهي إحدى أهم المخرجات والمخرجين، ونحن في قطر نكن لها كل
الإعجاب لما تبرزه من موهبة والتزام بتقديم أفلام تعالج قضايا إنسانية
مؤثرة».
تتميز ميرا ناير فعلاً بغزارة إنتاجها وانتقالها بين هوليوود والأفلام
المستقلة، وقد أخرجت سابقاً 10 أفلام روائية طويلة تتضمّن «سلام بومباي!»
الذي رُشّح لنيل جائزة الأوسكار وفاز بجائزة الكاميرا الذهبية في مهرجان
«كان» السينمائي، و{مونسون ويدينغ» الذي حاز جائزة «الأسد الذهبي» في
مهرجان «فينيسيا» السينمائي الدولي، و{هيستريكال بلايندنس» الذي شاركت فيه
الممثلة المشهورة أوما ثيرمان وحازت عن دورها جائزة غولدن غلوب.
حول فيلم «الأصولي المتردّد» قالت ناير: «وُلد والدي ونشأ في مدينة
لاهور قبل التقسيم ما بين الهند وباكستان. وقد راودتني فكرة صناعة فيلم
معاصر عن باكستان، خصوصاً في هذا الوقت الذي يشهد شقاقاً يزداد يوماً بعد
يوم بين الإسلاميين والغرب. بالنسبة إليّ كان من المهم جداً الحصول على
شريك يشاطرني الأفكار ويؤمن بأهمية هذه القصة وقدرتها على إحداث التغيير.
وقد قدّمت المؤسسة الدعم المطلوب منذ البداية، وإنها لهبة حقيقية أن أحظى
بالحرية الإبداعية للقيام بفيلم سياسي ذي أبعاد متعدّدة في مثل هذا الوقت».
بدوره أكّد الكاتب الباكستاني محسن حميد أهمية نقل هذه الرواية إلى
عالم السينما، قائلاً: «تعاني باكستان من العزلة الشديدة. لذلك فإن هذا
الفيلم يعني لي الكثير، خصوصاً وأنه يمثّل حالة فنية نادرة يتعاون فيها
الباكستانيون والأميركيون والهنود. إنه يسعى إلى إضفاء طابع إنساني على
الصورة النمطية للعلاقة بين الثقافات المختلفة، ويحاول تحطيم الجدران التي
تفصل بيننا ويعمل على زيادة مشاعر التعاطف لإعادة التواصل بيننا كفنانين
وبشر ومواطنين نعيش على كوكب واحد».
يُذكر أن حميد وُلد عام 1971 في لاهور، وكتب روايتيه الأوليين وهو ما
زال طالباً في جامعتي برنستون وهارفارد للقانون، ثم عمل مستشاراً إدارياً
في نيويورك ولندن. فازت روايته الأولى بجوائز عدّة وصُوّرت فيلماً
سينمائياً. أما الثانية «الأصولي المتردد» ففازت بجوائز كثيرة ورُشحت
لجائزة بوكر للرواية، وسجّلت مبيعات عالية وأصبحت ضمن الروايات الأكثر
مبيعاً في العالم.
كذلك يكتب حامد مقالات متنوّعة في صحف مثل: «داون» و{غارديان»
و{نيويورك تايمز» و{واشنطن بوست» و{فاينانشال تايمز».
الجريدة الكويتية في
10/10/2011
41 يوم: الحياة والموت من عين طفل
محمد بدر الدين
فيلم آخر لجيل جديد موهوب من أجيال معهد السينما المصري، يثبت عطاء
متجدداً ومواهب لا تنضب في مجالات الفيلم السينمائي وعناصره كافة.
«41 يوم» فيلم روائي قصير للمخرج أحمد عبد العزيز، يقتحم من خلال
معالجته الدرامية، قضية الحياة والموت الكبرى، عبر عين طفل يكاد يطلّ من
النافذة على غرار تلك القضايا الحياتية والوجودية الكبرى.
يحدّد الفيلم مكانه وزمانه بالكتابة على الشاشة (شبرا القاهرة –
1994)، وقد صاغ السيناريو عاطف ناشد بذكاء رؤية المخرج وأحاسيسه التي لا
تخلو من قبسات سيرة ذاتية.
تبدأ الأحداث بتلقّي الأبطال ومعارفهم العزاء في خالة الطفل، ولا نسمع
في شريط الصوت وسط الصمت المهيب سوى تسجيل لآيات من سورة «الرحمن» بصوت
أعظم المقرئين الشيخ محمد رفعت، الذي يجمع بين العذوبة والخشوع والجمال
والجلال، كما لم يجمع صوت آخر.
لا يتجاوز الطفل يوسف (يدلّلونه «يويو{) الخمس أو الست سنوات مع ذلك
تبدو تعابير وجهه وعينيه مندهشة لمدى التجهّم والحزن على وجوه النساء من
حوله، فيحاول أن يفهم وعندما يعجز يبتسم في وجه امرأة لعلّها الأكثر
تجهّماً، وأمام استغرابها يستمرئ هو اللعبة، فلا يكفّ عن تحريك ملامحه ونفخ
خديه على نحو يجعلها لا تملك سوى أن تضحك، فينظر إليها الجميع باستياء،
وبقدر ما تشعر بالخجل من نفسها وبالغيظ من الطفل الذي أحرجها إلا أنها
تستوعب الدرس في مناسبة لاحقة.
ينتقل بنا الفيلم إلى شقة الطفل، حيث يعيش مع والدته وشقيقته التي
تطمح إلى الدخول إلى معهد الباليه، وتبذل محاولات لا تجدي لإقناع الأم،
بسبب نظرة المجتمع التي تغيّرت في السنوات الأخيرة تجاه الفنون وأضحى أي فن
أو رقص «حراماً» أو «عيباً» على أقلّ تقدير وإن راجعت الأم موقفها واستجابت
للابنة بصعوبة بعد حين.
في هذه الشقة بالذات وبين هؤلاء الأبطال الثلاثة تدور أحداث الفيلم
خلال 40 يوماً من الحداد جرى العرف على إتمامها، قبل أن تتخلى النساء عن
ارتداء الملابس السوداء، أو أن تشاهد الأسرة التلفزيون.
لكن الطفل متعلّق بالتلفزيون خصوصاً مباريات كرة القدم التي يشاهدها،
فيحتال وأحياناً يبتزّ أخته لتساعده في الحصول على «الريموت» الذي أخفته
الأم، وهو لا يفهم بعد لماذا 40 يوماً، وماذا لو شاهد التلفزيون قبل هذا
اليوم، وما علاقة ذلك بموت خالته؟!
ببراءة وبراعة في آن، لا يتوقّف الطفل عن المحاولة، في صبر ودأب، حتى
يسقط وهو يسعى إلى «الريموت» المخبأ فوق الدولاب العالي، فيكسر قدمه ويجبر
الطبيب على وضعها في الجبس.
أخيراً يأتي اليوم 41، الذي يتوافق مع عيد ميلاد الطفل، فيجد صباحاً
الهدية، دراجة جميلة صغيرة لا يكفّ عن الدوران بها في الشقة، خصوصاً حول
جهاز التلفزيون الذي في ما يبدو تجاوزه إلى لعبة أفضل، أو أن الجديد دائماً
ينسي الشغف القديم، الذي قد يدعوه إلى الملل بعد حين. إنه الجهاز الذي
دوّخه كثيراً والآن يتجاهله. هكذا هي الحياة من عين طفل والموت أيضاً.
لكن النيات لا تصنع وحدها فناً جميلاً ولا الخواطر والأحاسيس، أو
اللمحات المختارة من سيرة ذاتية، المهم هو هذا التوفيق الذي نلاحظه في عمل
المخرج والفريق إلى جانبه في تنفيذ «41 يوم»، والتجسيد الفني أو الحرفي
للمعالجة الدرامية والإتقان في رسم الشخصيات {الجو الأسري» داخل الشقة التي
يدور فيها معظم الأحداث من دون أن يشعر المتلقّي بأدنى ملل، بل على العكس
اتّسم الفيلم ببلاغة سينمائية تنبع من التكثيف والاختزال، وتقطيع المونتاج
الذكي الواعي، على نحو يجعلنا نرى مفردات ولقطات سينمائية، باعتبارها
معادلاً بصرياً سينمائياً للصور الكلية أو الجزئية التي تتّسم بها القصيدة
الشعرية.
أتقنت هند إبراهيم وفريهان يسري تصميم ديكور أسرة متوسّطة مصرية في
تسعينيات القرن العشرين، وتناغم تصوير حسام حبيب ومونتاج أحمد عبد الرؤوف
مع رؤية المخرج وأسلوبه.
شكّل حسن اختيار عبد العزيز الممثلين ومقدرته على إدارتهم جزءاً
أساسياً من نجاحه، وتصل ذروة الصعوبة في إدارة طفل في هذه السن، يكفي أن
الطفل الموهوب نصر أحمد نصر، لم يتكلّم في مشاهده، مع ذلك نجح في التعبير
بما يملك من قوة الموهبة ودقة نظراته وحركته.
كذلك يقدّم الفيلم موهبتين رائعتين: صفاء رستم في دور الأم، ثراء جبيل
في دور الأخت، وهما تتمتعان بحضور حقيقي ومقدرة على أداء واقعي سلس وإحساس
داخلي مرهف بالشخصية، وهاتان الموهبتان، إلى جانب الطفل، لا بد من أن
تنتظرهما مساحات دراما أكثر اتساعاً وتنوّعاً.
الجريدة الكويتية في
10/10/2011
محمد سعد وأحمد حلمي وحسن حسني…
إلى أحضان الصحافة بعد مقاطعتها
كتب: القاهرة - رولا عسران
يهربون منه ثم يعودون إليه، هذه حقيقة العلاقة بين الفنانين والإعلام
عموماً، ويمكن تلمّسها عبر أكثر من حالة فنية تعالى أصحابها على الإعلام ثم
عادوا إلى الارتماء في أحضانه. السؤال الذي يطرح نفسه: ما أهمية الإعلام
بالنسبة إلى الفنان، وما شكل العلاقة الأمثل بينهما؟
في الفترة الأخيرة، أدرك بعض النجوم أهمية الإعلام في صناعة نجوميّتهم
بعدما أنكروها طويلاً وردّدوا أنهم ليسوا في حاجة إلى وسائله المختلفة. أول
هذه الأمثلة محمد سعد، فقد شهدت علاقته بالإعلاميين مفارقات عدة، وبلغت
درجة عالية من السوء حتى أنه كان يعتدي على الصحافيين بالقول والفعل في حال
لم تكن تصرفاتهم على هواه، ويرفض إجراء أحاديث صحافية. لكن تراجع أسهمه في
بورصة الإيرادات في أفلامه الثلاثة الأخيرة، جعله يقرر فتح صفحة جديدة مع
الإعلام، خصوصاً بعد فيلمه الأخير «تك تك بوم» الذي أدى بطولته مع درّة
وجاء مخيّباً للآمال، ولم يستطع منافسة غيره على صعيد الإيرادات.
في محاولة منه لاسترجاع شعبيّته وتلطيف الأجواء مع وسائل الإعلام، جال
محمد سعد على الصحف والمجلات وأجرى أكثر من حوار، على غير عادته، في فترة
قصيرة علّه يعود إلى القمة مجدداً.
حسن حسني
لحسن حسني قصة أخرى مع وسائل الإعلام، ففي بداياته كان منفتحاً عليها
قبل أن يحدث سوء تفاهم بينه وبين إحداها، فقاطع وسائل الإعلام ورفض الإدلاء
بتصاريح صحافية أو حوارات إعلامية. لكن مشاركته في بطولة المسلسل السوري «صايعين
ضايعين» الذي عُرض على شاشة رمضان الماضي، جعلته يعود تدريجاً إلى الإعلام،
فأدلى بتصريحات صحافية عبّر فيها عن سعادته بالمشاركة في هذه التجربة
الجديدة وبدوره في المسلسل الذي يمزج بين الدراما السورية والدراما
المصرية.
أما ثاني تصريحاته فجاء تعقيباً على انتقاد أحد الفنانين المسلسل مع
أنه يشارك فيه، فاستاء حسني موضحاً أن المسلسل أعطى هذا الفنان فرصة
للانتشار ومساحة كبيرة للتمثيل، ما يوحي بأن حسني يتلمّس طريقه للعودة إلى
وسائل الإعلام وتعتبر تصريحاته الأخيرة البداية.
فسَّر البعض قرار عودة حسني هذه بابتعاده عن السينما في الفترة
الأخيرة وعدم مشاركته في الأفلام على غير عادته، وهذا ما لم يجد له حلاً
سوى الانتشار إعلامياً علّه يحوز الانتشار السينمائي قريباً.
أحمد حلمي
ابتعد أحمد حلمي سنوات عن الإعلام والصحافة، لكنه لم يجد مشكلة في
إجراء حوارات صحافية بناء على اقتراح المخرج شريف عرفة، وفق ما يتردّد في
كواليس فيلم «إكس لارج»، وأجّل هذه الخطوة إلى الانتهاء من التصوير.
فسَّر البعض استجابة حلمي لاقتراح عرفة بتزايد شعبية أحمد مكي الذي
يعتمد على الإعلام بشكل أساسي، ويحرص على توطيد علاقته به وإجراء حوارات
صحافية في موعد نزول فيلمه سنوياً، وعمله لهذا العام «حزلئوم في الفضاء»
سيُعرض في موعد عرض فيلم أحمد حلمي «إكس لارج» أي عيد الأضحى، ما يضع كلاً
منهما في خانة المقارنة كما حدث في العامين الماضيين.
الحل الأمثل
يرى البعض أن الحل الأمثل للعلاقة بين الإعلام والنجم هو الوسطية، أي
البعد عن الانفتاح الواسع من جهة وعن الانغلاق الإعلامي من جهة أخرى. في
هذا المجال، يوضح أحمد السقا أن العلاقة بين الصحافي والفنان تكاملية،
«تشبه العلاقة بين لاعب كرة القدم وبين الحكم أو بين التاجر والمستهلك، فكل
منهما يكمّل الآخر. أما فكرة الابتعاد عن الأضواء أو مقاطعة الإعلام فهي
تصوّر خاطئ لدى بعض الفنانين».
بدوره، يوضح أحمد عز أن علاقته بالصحافة لا تقل أهمية عن علاقته
بالجمهور باعتبار أن العلاقات كافة يجب أن تتكامل.
أخيراً، يبرّر محمد سعد موقفه من الصحافة، في أكثر من حوار صحافي
أجراه أخيراً، بمعاناته منها بعد الهجوم الذي شنّته عليه في أعقاب عرض فيلم
«اللمبي»، ما دفعه إلى الابتعاد عنها لفترة لكنه عاد إليها بعد تعاقده مع
«الشركة العربية» التي نظّمت له حوارات صحافية.
الجريدة الكويتية في
10/10/2011 |