قد لا تكون مدينة ليون الفرنسية ومهرجانها السينمائي الأهم في العالم،
ربما أيضا المهرجان غير معروف، كثيرا، سوى في الأوساط السينمائية المهتمة
بالحرفة والصناعة السينمائية أيضا. لكن المهرجان المولود حديثا ودشن هذه
الأيام دورته الثالثة، بين 3 و9 أكتوبر (تشرين الأول)، يحكي الكثير مما لا
يحكى عادة سوى على هامش المهرجانات الكبرى، خاصة ذلك الأكبر على مستوى
العالم الذي يجري في كان الفرنسية المتوسطية. المدينة الصغيرة التي التقطت
الشرارة قبل 65 عاما فألفت مهرجانها وثابرت على ديمومته لتتحول من عاصمة
لصناعة السينما إلى عاصمة لتكريمها.
هنا، في ليون اخترع الإخوة لوميير السينما، هنا في المكان نفسه، تحتفل
المدينة منذ 3 سنوات بهذا المهرجان الذي كما هو تكريم للإخوة أوغست ولويس
لوميير هو تكريم للمدينة التي أفاقت أخيرا على ذكرى كان يمكن لو استفاقت
عليها باكرا أن تحولها إلى عاصمة للفن السابع. لكن، لا بأس، فإن أتى
المهرجان متأخرا خير من أن لا يأتي كما قالت العرب.
لكن المهرجان الذي يحتفي في هذه الدورة بالممثل الفرنسي جيرارد
ديبارديو الذي سيتسلم جائزة لوميير عن مجمل أعماله، لا يحتفي، على غرار
المهرجانات الأخرى بكل ما ينتج سينمائيا، هو فقط يحتفي ويعرض أفلاما من
حقبة معينة، ويتم التركيز في كل دورة على نوعية محددة من الأفلام يتم عرضها
في كافة الصالات في المدينة وكذلك في مصنع الإخوة لوميير الذي يسمى
البوابة. وكما احتفل في الدورة الأولى بالممثل الأميركي كلينت إستوود وفي
الثانية بميلوس فورمان التشيكي – الأميركي. يحتفل هذا العام بواحد من أكثر
الممثلين الفرنسيين شهرة في العالم. ديبارديو ومعه كاثرين دونوف يكادان
يختصران صورة فرنسا السينمائية في العالم دون أن يلغيا غيرهما. لكن للشهرة
أصحابها وهما من هؤلاء.
المدينة في احتفال وهي لذلك ستعرض الأفلام في كل الأمكنة المتاحة،
صالات السينما وكذلك المتاحف والمسارح الصغيرة والساحات العامة والأهم
الأهم في المكان الذي ابتكرت فيه السينما، أي مصنع الإخوة لوميير. ومن أهم
الأمور اللافتة هو حضور عدد كبير من المخرجين والممثلين طيلة أيام المهرجان
ما يتيح الفرصة للجمهور رؤية هؤلاء النجوم عن قرب. ومن هؤلاء نجد على قائمة
الضيوف الممثلة شارلوت رامبلينغ وميشلين بريل وكذلك آنوك إيميه وأيضا
الممثل هلموت بيرجيه وريجيس فارنييه وكذلك أندريه زولاوسكي ونيللي كابلان
وكزافييه جيانولي... وغيرهم. لكن وما هو أهم من ذلك، أن المهرجان في هذه
الدورة سيعرض نحو 190 فيلما معظمها من الأعمال القديمة والمستعادة والتي لم
تعد متوفرة في الأسواق السينمائية. وهو يحتفل بكل الوجوه التي أنتجتها
السينما منذ 116 عاما. كما هناك الأفلام الجديدة التي جزء منها لا يزال في
عرضه الأول، ما يتيح كذلك لمحبي السينما رؤية هذه الباقة من الأفلام بأسعار
بطاقات رمزية لا يمكن تحصيلها في الأيام العادية، حيث يشتكي الفرنسيون منذ
فترة من أسعار البطاقات الغالية للسينما والتي وصلت إلى نحو 10 يوروات
للعرض الواحد.
وبحسب قائمة العروض فإن أهم أفلام ديبارديو وهو «امرأة الباب المجاور
1981» الذي أخرجه فرانسوا تروفو سيعرض بعد نيله الجائزة بشكل مباشر، حيث
ينتظر أو يكون الجمهور كبيرا جدا، خاصة أن هذا الفيلم علق بذاكرة محبي
السينما وبات من الأفلام الكلاسيكية. كما سيعرض المهرجان معظم أفلام
ديبارديو مثل «وليس أقل شرا من هذا» للمخرج كلود غوريتا 1974 وفيلم «1900»
للمخرج برناردو برتولوتشي 1975 و«قولوا لها إني أحبها» للمخرج كلود ميللر
1977 و«حضروا محارمكم» لبرتران بيلليه 1978 و«السكر» لجاك روفيو 1978 و«لولو»
لفرانسوا تروفو 1980 و«خيار السلاح» لآلان كورنو 1981 و«دانتون» لأندريه
واجدا 1982 و«تارتوف» من إخراج ديبارديو نفسه 1982 و«تحت سماء الشيطان»
لموريس بيالا 1987.
أما المخرجون المكرمون فيتقدمهم لهذه الدورة المخرج جاك بيكر حيث يعرض
عدد من أفلامه ومنها «الموعد في تموز» و«القبعة الذهبية» و«مغامرات آرسين
لوبين» و«مونبارناس 19» وغيرها من الأفلام المستعادة. كما سيتم عرض مجموعة
كبيرة من الأفلام بالأسود والأبيض والأفلام الصامتة مثل «السفر إلى القمر»
لجورج ميليس 1902 وهو فيلم قصير من 16 دقيقة و«النار» لجيوفاني باسترون
1916 و«الفرسان الأربعة» لركس إنغرام 1921 وفيلمان لويليام ويلمان هما
«الأجنحة» 1927 و«شحاذون في الحياة» 1928. كما يتم عرض أفلام من حقب لاحقة
يعتبر أهمها «شارع الضباب» لمارسيل كارنييه 1938 و«ضوء الصيف» لجان غريميون
1943 و«امرأة من نار» لأندريه دوتوث 1947 و«حادثة غريبة» لويليام ويلمان
1943.
ويحتفي المهرجان كذلك بعرض 5 أفلام يابانية هي «زهرة شاحبة» لماساهيرو
شينودا 1964 و«حرب العصابات في أوكيناوا» لـكينجي فوكاساكو 1971 و«معركة من
دون رمز الشرف» للمخرج نفسه 1973 و«الشرطة ضد عصابات الجريمة» له أيضا 1963
و«نساء الياكوزا» لهيديو غوشا 1986.
لا تغيب عن المهرجان مجموعة من الأفلام الوثائقية والتسجيلية وكذلك
الأفلام القصيرة والروائية، ما يعني بجد أن المهرجان الذي لا يزال يافعا،
يسعى ليضع نفسه على خريطة المهرجانات الكبرى في العالم.
الشرق الأوسط في
09/10/2011
افتتاح ساخن لمهرجان الإسكندرية السينمائي
أجواء الثورة خيمت على خشبة المسرح وأشعلت حماس الحضور
الإسكندرية (مصر): داليا عاصم وأحمد صبري
شهد حفل افتتاح مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي، مساء أمس
(الأربعاء) في دورته السابعة والعشرين، الكثير من المفاجآت التي أشعلت حماس
الجماهير من الحضور الذين امتلأت بهم قاعة دار الأوبرا الرئيسية
بالإسكندرية.
وخيمت أجواء ثورة 25 يناير على أجواء الحفل الذي استهله عرض استعراض
راقص ضخم شارك فيه المئات من الفنانين بعنوان «على اسم مصر»، وهو عنوان
مأخوذ من قصيدة شهيرة للشاعر الغنائي الراحل صلاح جاهين، حيث تناول
الاستعراض صورا حية للثورة المصرية من خلال شاشة عرض وضعت بخلفية المسرح،
إضافة إلى ظهور المجاميع المؤدية للاستعراض وهي تجسد المراحل الثورية
المختلفة التي مرت بها مصر عبر تاريخها الحديث، بدءا بثورة أحمد عرابي،
مرورا بثورتي 1919 التي قادها سعد زغلول و1952 التي قادها جمال عبد الناصر،
وانتهاء بثورة 25 يناير التي فجّرها الشعب. وتخلل الاستعراض الغنائي
الراقص، الذي أخرجه عادل عبده ووضع السيناريو الخاص به عصام الشماع بينما
تم إهداء الأغاني المصاحبة له من فرقة «سندريلا»، تناول مشاهد مثيرة
لمظاهرات المصريين المطالبة بالحرية والاستقلال والكرامة، والتي جسدتها
باقة من أشهر من الأفلام المصرية. من بينها فيلم «شيء من الخوف» بطولة
الفنانة شادية والفنان محمود مرسي، كما تم عرض مشاهد لحادثة دنشواي الشهيرة
التي حكم فيها على عدد من الفلاحين المصريين بالإعدام والجلد من فيلم
«مصطفى كامل» بطولة الفنانين أمينة رزق وماجدة ومحمود المليجي. أيضا تم عرض
أجزاء من أفلام «سيد درويش» و«بين القصرين» و«في بيتنا رجل»، وكانت جميعها
تجسد مشاهد لمظاهرات حاشدة للشعب المصري ضد الاحتلال الإنجليزي.
واختتم الجزء الأول من الاستعراض بعرض مشهد من فيلم «الفاجومي» بطولة
الفنان خالد الصاوي، لتشتعل القاعة بالتصفيق حال ظهور عبارة «ثورة 25
يناير» على شاشة العرض أثناء متابعة الحضور لمشهد تضمن مظاهرات حاشدة
وصدامات عنيفة بين الشرطة المصرية والمتظاهرين من الشعب.. أعقبها ظهور
العشرات من الفنانين الاستعراضيين أمام شاشة العرض التي وضعت بخلفية المسرح
ووقفوا أمامها هاتفين: «الشعب.. يريد.. إسقاط النظام». ثم ظهر فجأة على
الشاشة الخلفية نائب رئيس الجمهورية السابق عمر سليمان ليتلو بيانه
التاريخي الشهير قائلا: «قرر الرئيس محمد حسني مبارك تخليه عن منصب رئيس
الجمهورية».. وهنا التهب حماس الآلاف من الحضور الذين لم يتمالكوا أنفسهم
وقاموا بالوقوف وضجت القاعة بتصفيق حاد، بينما احتضن العارضون من الفنانين
بعضهم بعضا لتجسيد فرحة الشعب المصري بنجاح ثورة 25 يناير.
شهد حفل الافتتاح حضورا مكثفا من الكثير من نجوم السينما المصرية، في
مقدمتهم الفنانين: يحيى الفخراني وصلاح السعدني وخالد صالح وخالد يوسف
وخالد الصاوي وغادة عبد الرازق وجيهان فاضل.
ودعا الفنان ممدوح الليثي، رئيس الجمعية المصرية لنقاد وكتاب السينما
الحضور، للوقوف دقيقة حدادا على أرواح شهداء ثورة 25 يناير، كما أعلن إهداء
إدارة المهرجان دورته السابعة والعشرين لأرواح الشهداء.. وصاحب كلمة الليثي
ظهور وجوه شهداء الثورة المصرية على الشاشة الخلفية التي وضعت على المسرح.
ودعا الناقد السينمائي نادر عدلي رئيس المهرجان، خلال كلمته، صناع
السينما المصرية لمواكبة التغيرات التي أحدثتها ثورة 25 يناير في مصر،
محذرا من اندثار حقيقي لصناعة السينما في حال عدم تناول الأفلام السينمائية
لملاحم الثورة في مصر، على حد تعبيره.
وشهد حفل الافتتاح تكريم النجوم يحيى الفخراني (مصر)، كارمين لوبيز
(لبنان)، بيتر ديتديري (إيطاليا)، سمير سيف (مصر)، بشير الديك (مصر)، زهرة
العلا (مصر) التي تسلمت جائزتها نيابة عنها ابنتها المخرجة منال الصيفي.
وفاجأ المخرج خالد يوسف الحضور بطلبه إلقاء كلمة، حال قيامه بتحية
الجمهور مع أبطال فيلم الافتتاح «كف القمر»، وأعلن أنه سوف يتحدث في أمر
بعيد تماما عن موضوع المهرجان، حيث وجّه كلمة للمجلس العسكري في مصر مطالبا
بالإفراج عن شاب يدعى فادي مصطفى السعيد، وهو طالب بالمعهد العالي للسينما،
تم اعتقاله منذ أحداث الاعتداء على السفارة الإسرائيلية في القاهرة منذ نحو
شهر، أثناء قيامه بتصوير مشاهد لفيلم وثائقي كان يعده لمشروع تخرجه عن ثورة
25 يناير وتداعياتها، حيث تم القبض عليه وتوجيه تهمة البلطجة إليه.
وهنا اشتعلت مظاهرة حقيقية بقاعة مسرح دار الأوبرا لأول مرة في
تاريخها، حيث وقف الحضور في أماكنهم ورددوا هتافات قالوا فيها: «حرية..
حرية» لإعلان تضامنهم مع الطالب المعتقل.
وتشارك 16 دولة في المهرجان، حيث تتضمن المسابقة الرسمية 10 أفلام من
10 دول مختلفة، بينما يتم عرض 5 أفلام خارج المسابقة الرسمية، منها الفيلم
المصري «الحاوي». كما يتضمن المهرجان بانوراما لسينما دول البحر المتوسط
تشمل 15 فيلما، وتقام على هامشه مسابقة للأفلام القصيرة تضم 34 فيلما، كما
يتضمن المهرجان برنامجا خاصا عن السينما التركية، ومحورا احتفائيا بأديب
نوبل نجيب محفوظ لمرور 100 عام على مولده. وخصص المهرجان محورا عن أفلام
«ثورة 25 يناير» وعددها نحو 15 فيلما رقميا توثق لأحداث الثورة بميداني
القائد إبراهيم بالإسكندرية والتحرير بالقاهرة. وندوة بعنوان «السينما..
إلهام أم رد فعل للثورات».. ويختتم المهرجان فعالياته يوم الأحد المقبل
بإعلان الأفلام الفائزة بجوائز المهرجان.
الشرق الأوسط في
08/10/2011
أكتوبر مش بس «أفلام»
علا الشافعى
38 عاما مرت على نصر أكتوبر المجيد، 38 عاما ولم نستطع حتى الآن أن
نقدم فيلما سينمائيا واحدا يليق بهذا الحدث ومازالت قنوات التليفزيون
المصرى تعرض «الرصاصة لاتزال فى جيبى» والعمر لحظة، وبدور، وحكايات الغريب
وغيرها من أفلام أكتوبر التى شاهدناها مرارا وتكرارا، ومع كامل تقديرى لهذه
الأعمال وصناعها، إلا أنها أعمال بسيطة ولا تليق بكل حال من الأحوال بحرب
أكتوبر المليئة بقصص بطولات لا تعد ولا تحصى، بحسب ما قرأنا فى الصحافة
المصرية ورأينا فى الأفلام التسجيلية الكثيرة والتى قدمها العديد من كبار
مخرجينا التسجيليين وتقبع هناك فى مخزن المركز القومى للسينما، لا يبدى لها
أحد اهتماما كافيا، ولا تعرف عنها الأجيال الجديدة شيئا؟ وتمنيت -وهناك فرق
كبير دائما بين التمنى والواقع- أن تكون أحداث الثورة قد غيرت شيئا فى
داخلنا وطريقة تفكيرنا وإدارتنا للأمور، ولكن للأسف يبدو أن هذا لم يحدث،
فأكتوبر تحول بالنسبة للإعلام المصرى وحتى القنوات الفضائية الخاصة إلى
مناسبة، مثل غيرها من المناسبات، نستسهل التعامل معها، وأعتقد أن الخريطة
البرامجية للاحتفال بحرب أكتوبر من أسهل الخرائط ولا تأخذ وقتا مع
المسؤولين فى ماسبيرو، بمعنى أن البرامج الحوارية تستضيف عددا من المحللين
ليتحدثوا عن عظمة النصر، إضافة إلى عرض كل الأفلام التى أنتجت عن حرب
أكتوبر، وتوزيعها على القنوات فى أوقات عرض مختلفة، إضافة إلى أهم الأغانى
التى تحدثت عن أكتوبر، لا أعتقد أن هناك شيئا جديدا منذ أن وعيت لاحتفالات
أكتوبر على مدار سنوات عمرى، والأهم طبعا الأوبريت الذى كان يتم عمله وعرضه
أمام الرئيس السابق وقيادات الدولة، والذى تم تنفيذه هذا العام أيضا، وكنت
أتوقع أن يملك أحد المسؤولين فى التليفزيون المصرى أو القنوات الخاصة قدرا
من الخيال لاكتشاف الكنوز التسجيلية المصورة لكبار المبدعين مثل سعد نديم
وعبدالقادر التلمسانى وفؤاد التهامى، وصلاح التهامى والمصور المبدع سعيد
شيمى، لماذا لم يفكر أحد فى عرض هذه الأفلام التى تحمل قصصا حقيقية ولقطات
مصورة تجهلها الأجيال الجديدة والتى لم تعرف من حرب أكتوبر سوى «الرصاصة
لاتزال فى جيبى»، وهو الكلام الذى يبدو أنه لا يحمل جديدا بالنسبة
للكثيرين، ولكن لابد من تكراره، وعلينا أن نلمس تغييرا ولو محدودا فى طريقة
تعاطينا مع الأمور، وإلا نظل نتعامل بتعالٍ مع المبدعين الحقيقيين، ونتجاهل
ما بذلوه من عطاء، فلماذا لا نعرض مثل هذه الأفلام ونكسب أن نعرف الكثير
منها وأن يعتاد الجمهور على رؤيتها! وهذا دور أصيل للإعلام المصرى، بدلا من
الإصرار على الاستسهال فى كل أمورنا.. ونصر أكتوبر يستحق الكثير ولننظر
مثلا للأفلام التى ما زالت السينما العالمية تقدمها عن الحربين العالميتين.
اليوم السابع المصرية في
08/10/2011
دمشق مع حبي:
إنسانية العلاقة بين الأقليات الدينية في
سوريا
ميدل ايست أونلاين/ الإسكندرية (مصر)
محمد عبد العزيز يسلط الضوء على تعايش الطوائف الدينية داخل أسوار دمشق
القديمة من خلال علاقة حب بين يهودية ومسيحي.
من خلال علاقة حب تجمع بين شابة يهودية وشاب مسيحي، يصوّر الفيلم
السوري "دمشق مع حبي" لمحمد عبد العزيز الذي يمثل سوريا في المسابقة
الرسمية للدورة السابعة والعشرين من مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول حوض
البحر المتوسط، إنسانية العلاقة بين الأقليات الدينية والعرقية في سوريا.
ويروي الفيلم رحلة بحث شابة يهودية (مرح جبر) عن حبها القديم ذاك
الشاب المسيحي، بعد أن فرقت بينهما الأحداث وتعنت الأب الذي تسبب بقطع
الصلات بينهما عبر إخفائه رسائل حبيبها عنها طوال سنوات.
ومن خلال عملية البحث عن الحبيب الضائع يصور الفيلم تعايش الطوائف
الدينية داخل أسوار دمشق القديمة التي تظهر فيها العلاقات الطيبة
والإنسانية التي تربط بين الجيران من مسلمين ومسيحيين ويهود وسوريين
وفلسطينيين.
وتبدأ رحلة البحث عندما يقرر العجوز اليهودي المقعد (خالد تاجا)
الاعتراف لابنته وهما في مطار دمشق ينتظران إقلاع الطائرة التي ستقلهما الى
إيطاليا للاستقرار هناك الى جانب عائلاتهما، بأن حبيبها مازال على قيد
الحياة، فتتركه في المطار وتعود للبحث عن حبيبها، مستعرضة من خلال رحلتها
صوراً مختلفة للنسيج الاجتماعي السوري داخل مدينة دمشق وخارجها، إلى جانب
تصوير بعض المظاهر الدينية اليهودية والمسيحية.
وتميز الفيلم في مشاهده الأولى بالكثافة وجمالية الحوار ما بين الفنان
خالد تاجا وقريبته التي حضرت لاستقباله في المطار، بلغته العربية ولهجته
الشامية المحببة، عن علاقة الإنسان بالمكان والبشر والمظاهر المختلفة؛ إذ
هي التي تخلق الانسان بذكرياته وتؤمن مفهوم الوطن. وهو كان قد اعترف لابنته
في اللحظة الأخيرة قبيل هجرتهما بحقيقة ما حصل، ليقدم لها سبباً يمنعها من
الهجرة حتى تحافظ على حياتها وذكرياتها في المكان الذي عاشت فيه.
وجاء مشهد وفاته في اليوم الأول لوصوله إلى إيطاليا بعد أن تنشق رائحة
التراب الذي أحضره معه من دمشق وقبل أن يقابل بقية أفراد عائلته، ليشكل
بعداً أكيداً على أن انتزاعه من المكان الذي عاش فيه يعادل عملية الموت.
لذا قررت عائلته إعادة جثمانه الى دمشق لدفنه في المكان الذي أحب.
هذه التدفقات الإنسانية المكثفة في بداية الفيلم تراجعت مع تقدم رحلة
البحث في عدد من المشاهد كان يمكن حذفها، مثل المشاهد التي ظهر فيها حبيبان
قرويان يتشاجران من دون أي مبرر درامي لذلك في الفيلم. ويمكن الاستغناء عن
كل المشاهد التي ظهرا بها من دون أن يتأثر الفيلم بأي نقص، وينطبق هذا
أيضاً على مشاهد جانبية أخرى كثيرة.
كذلك قدم الفيلم إدانة غير مباشرة للتدخل السوري في لبنان من خلال
تقديمه شخصية الفنان فارس الحلو الذي فقد ساقه في لبنان، تماماً "كما فقد
آلاف آخرون من الشباب المجندين حياتهم هناك من دون أي مبرر"، بحسب ما لفت
المخرج خلال ندوة تبعت عرض الفيلم.
وإلى جانب انتقاد البيروقراطية في النظام السوري وانتشار المحسوبية
عندما تلجأ الشابة بمساعدة زميل حبيبها في الجيش فارس الحلو للبحث عن
الحبيب المفقود في المؤسسات المختلفة.
وفي لحظة اتخاذها قراراً بالهجرة الى إيطاليا في نهاية رحلة بحثها عن
الحبيب المراوغ (بيير داغر) والمتنقل بين الاديرة والاماكن المختلفة، تصلها
رسالة منه حملها صاحب الدكان الفلسطيني في حارة اليهودي يحدد لها مكان
وزمان اللقاء في المكان الذي كان قد شهد لقاءات كثيرة بينهما.
وأشار المخرج الى أنه اختار مشهد الختام في باب شرقي في مدينة دمشق
للتدليل على انفتاح المدينة ليس على المكان فحسب بل أيضاً على الناس،
قائلاً "يجب علينا أن نحافظ على الأقليات التي تعيش على الأراضي السورية،
فهؤلاء ثروة مجتمعية ومعرفية لسوريا تحمل تنوعها وتدافع عنه".
وأوضح المخرج ايضاً خلال الندوة أن "موضوع الاقليات في سوريا لا يتعلق
فقط بالمسيحية واليهودية ولكنه يتعلق ايضاً بأخرى تعاني في سوريا. على سبيل
المثال طائفة اليزيدين وهم من أتباع الديانة الزرادشتية، فقد تراجع عددهم
في سوريا من 30 ألف شخص الى ثلاثة آلاف فقط فيما هجر آخرون. وهذا ينطبق
ايضاً على الشركس والأشوريين وغيرهم من الطوائف".
وتابع "مازال هناك كثيرون من أبناء الطوائف غير معترف بهم في سجلات
الدولة، حيث لا يوجد ما يثبت مواطنيتهم على الرغم من انهم يعيشون وعبر
التاريخ على ارض هذا الوطن".
يُشار الى أن المسابقة الرسمية للدورة السابعة والعشرين من مهرجان
الاسكندرية يشارك فيها 11 فيلماً، خمسة منها من أربع دول عربية والأفلام
الستة المتبقية من دول أوروبية.
ميدل إيست أنلاين في
08/10/2011 |