جولة في سينما العالم
* هل تكون الأفلام المستقلة نهاية الطريق للسينما
المصرية؟
حسب تقارير، هناك 5 أفلام مصرية جديدة تنتمي إلى ما يعرف بـ«السينما
المستقلة»، بينما لم يتم إنجاز سوى 4 أفلام من النوع التقليدي الذي كان
سائدا وذلك منذ ثورة يناير (كانون الثاني) 2011. وبعض التقارير تضيف أن
هناك أفلاما أخرى جاري التحضير لها وتدخل التصوير خلال الشهرين المقبلين.
إنها حالة صحية تستفيد منها السينما الباحثة عن المضامين الجادة
والإبداع الشكلي والبحث الذاتي. ويستفيد منها الجمهور الذي كان دائم البحث
عن أفلام غير استهلاكية تدخلها وتخرج منها وقد خسرت فيها ما دفعته بلا أي
مقابل. كثير منها ضن على مشاهديه بالترفيه والمتعة. والكثير من المتابعين
يأملون خيرا ويرون أن المستقبل في السينما المصرية هو لهذه النوعية من
الأفلام المستقلة عن السائد والبديلة له في آن معا.
لكن السؤال الملح هو: هل هذا هو فعلا ما نريد للسينما المصرية؟
بكلمات أخرى، لنتصور السيناريو التالي: توقف حال السينما التجارية إلى
أبعد حد ممكن. تقلص عدد إنتاجاتها إلى 5 أو 7 في العام الواحد، وتقلص بذلك
عدد المشتغلين عليها بالمئات. توقف الممولون عن دفع المبالغ الكبيرة التي
كان الفيلم من هذه النوعية يتطلبها، ووجد العديد من النجوم، حتى حديثي
العهد، أنفسهم ينضمون إلى صفوف العاطلين عن العمل. وفي المقابل، ازدادت
أعداد الأفلام المستقلة والبديلة والذاتية إلى 15 في السنة، وكلها تحمل
قضايا وتتحدث عن مواقف وآراء صادقة وتتحلى بمعالجات فنية لم يكن المخرجون
التقليديون يقدمون عليها.
هل هذا ما سيجذب الجمهور الكبير إلى الصالات فعلا؟
لنعد إلى زمن غير بعيد، إلى الستينات والسبعينات، حيث كانت السينما
المصرية سلطان الترفيه من المحيط إلى الخليج. السينما الجماهيرية كانت حية
بنوعيها، الجيد والرديء، والسينما البديلة لها كانت حية ونشطة بنوعيها
الجيد ونصف الرديء. الصورة السابقة هي أزهى وأجمل. كل كان نشطا في سينماه.
الجميع كانوا يعملون (بالألوف لا بالمئات) والصناعة كانت راسخة. والأرباح
كانت حقيقية. السينما اعتمدت على التوزيعين الداخلي والخارجي لا على مبيعات
المحطات التلفزيونية. وكل شيء كان أكثر استقرارا. كنت تستطيع أن تشاهد
«أغنية على الممر» و«أبي فوق الشجرة» جنبا إلى جنب في العروض السينمائية.
الأول مستقل والثاني جماهيري وتقليدي. ولم يكن هناك أي خطأ في هذه الصورة.
السينما المستقلة لا تستطيع أن تعيش من دون رافد صناعي عام لأن
الجمهور الكبير الذي سيقبل اليوم على أفلام إبراهيم البطوط وأحمد عبد الله
وأحمد ماهر قد لا يقبل غدا. قد يمل المنوال الجاد والأهداف النبيلة
والأساليب الإبداعية بصرف النظر عن جودتها، وبذلك ستخسر السينما المستقلة
فرصتها. سيكون لزاما عليها إما أن تتوقف رافضة الانحراف إلى سينما أخرى
وإما أن تعاند بأقل ما يمكن من وقود.
عودة السينما الجماهيرية إلى سابق عهدها اليوم صعبة جدا، لكن عودتها
في المستقبل إلى ما كانت عليه قبل الثورة ستكون أصعب، وذلك بسبب وجود بدائل
كثيرة للترفيه خارج البيت (للشباب) وداخله (لمن فوق الأربعين) وهذا
الانحسار سينطبق بالتدريج على السينما المستقلة.
سيناريوهات أفلام الرئاسة
من المرشح النبيل إلى العميل الآتي من صقيع الحرب الباردة
يتعامل فيلم جورج كلوني الجدي «منتصف أشهر مارس» مع مواضيع كثيرة
متطرقا إليها إما تفصيلا أو تلميحا. من بين هذه المواضيع الانتخابات،
والرئاسة الأميركية، والمهن المرتبطة بالحملات الرئاسية، والسياسة العامة،
والعلاقات بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري. أيضا هو عن طموحات المرشح
ليكون رئيسا وطموحات المساعد ليتبوأ النجاح الذي يريده في السياسة. هو عن
أميركا اليوم والسلطة والخيانة والمؤامرات الصغيرة لمنع وصول هذا المرشح أو
ذاك.
«منتصف أشهر مارس» الذي يباشر عروضه السينمائية في الولايات المتحدة
وحول العالم بعد زياراته الناجحة لـ3 مهرجانات متعاقبة هي: الإيطالي
فينيسيا، والأميركي تليارايد، والكندي تورونتو، ليس وحيدا في هذا القدر من
الطروحات، بل نجدها، وأكثر منها، في نحو 300 فيلم أميركي تم إنجازها من
بدايات السينما الناطقة وإلى اليوم تدور عن الرئاسة والانتخابات الرئاسية
أو السياسية عموما.
ما يختلف قليلا في «منتصف أشهر مارس» ليس عنوانه المأخوذ عن عنوان
مسرحية لويليام شكسبير، فقط، بل إن المرشح للرئاسة هو فعلا رجل يتمتع
بالنية السياسية الحسنة (جورج كلوني نفسه) ويعرف ما يريد الشعب الأميركي
تحقيقه من رئيس الولايات المتحدة وهو يهدف لتحقيق ذلك.. ولولا تلك الليلة
الغرامية التي جمعته مع واحدة من العاملات في حملته، والتي تم اكتشافها،
لما كان، مع نهاية الفيلم، مشرفا على الفشل بقدر ما كان مشرفا على النجاح
في مطلعه.
النية الحسنة نجدها في فيلمين سابقين عن مرشحين سياسيين أميركيين
لديهما طموحات واعدة. «المرشح» لمايكل ريتشي (1973) و«سلطة» لسيدني لوميت
(1986). في الأول نتعرف على بيل ماكّاي، سياسي شاب (روبرت ردفورد) آت من
عائلة سياسية لكنه لا يلتقي على الخط نفسه مع والده السيناتور. وحين يطلب
منه الحزب الديمقراطي ترشيح نفسه لانتخابات الكونغرس في مواجهة المرشح
الجمهوري كروكر جارمون (دون بورتر) يقبل مع العلم أن ترشيحه لن يكون سوى
جزء من خطة لتنفيس حملة المرشح الجمهوري لصالح مرشح ديمقراطي أقوى يتخلى له
بيل عن السباق لاحقا. لكن المفاجأة هي أن الناس أحبوا ما سمعه من المرشح
الشاب، وما لبثت شعبيته أن ارتفعت وبات من الصعب سحبه من السباق رغم
المطالبات له بالتنحي والتراجع.
هذا الفيلم من أفضل ما أنجزه المخرج الجيد، الذي لم يعترف النقد
العربي به، مايكل ريتشي، وذلك لعدد من الحسنات من بينها الإيمان برسالته:
الانتخابات الأميركية، يقول الفيلم هي عن الظهور والمظاهر. الرواج
والترويج. الإعلام والإعلان، لكنها ليست مطلقا عن القضايا وكيفية تنفيذها
وحمل الوعود إلى الكونغرس أو البيت الأبيض.
الفيلم الآخر يطرح مرشحا مختلفا. إنه مرشح يهودي ذو غايات نبيلة
وممارسات بعيدة عن الفساد الإداري، لكنه ليس محور الحدث المباشر في «سلطة».
ذلك المحور هو لرجل يعمل في سلك الحملات الدعائية والترويجية (ريتشارد غير
في نسخة سابقة لدور رايان غوزلينغ في «منتصف أشهر مارس») يكتشف أن السياسي
الذي يعمل معه (مسيحي) يخدع الناس بكلام معسول، وهنا النقطة الأدنى من
الفيلم بأسره، متفق مع «شيخ» عربي (لا يعطيه الفيلم اسما) يمثل المصالح
العربية التي تهدد أمن واستقرار السياسة الأميركية، إذ تريد إيصال هذا
المرشح للبيت الأبيض لضمان تنفيذ سياساتها المضرة. بطل الفيلم سيستقيل من
حملة ذلك المرشح وسينضم، مجانا، لحملة المرشح اليهودي الذي حدث أنه أكثر
حرصا على مستقبل الولايات المتحدة وأبعد الناس عن الفساد.
دراما معادية للشيوعية
* لكن إذا ما بدا موضوع فيلم مايكل ريتشي شبيها بشيء، فهو شبيه
بالأفلام التي تتحدث عن ملاكمين أو مصارعين رياضيين حيث يتم الطلب من روبرت
رايان في «التدبيرة» (1949) الهزيمة أمام منافسيه على حلبة الملاكمة إلى أن
يقرر أن هذا التلاعب يجب أن ينتهي وأنه يريد أن يفوز فعلا كاسرا شوكة
الفساد الدائر من حوله.
تدبيرة أخرى مشابهة وجدناها في أفلام رياضية عديدة وهي ليست حكرا على
الحلبات، بل تشمل ملاعب كرة القدم أيضا. في «الملعب الأطول» أو ما يمكن
ترجمة عن العنوان الأصلي «The Longest Yard»
إليه، يوافق بيرت رينولدز على قيادة فريق من السجناء في لعبة كرة قدم ضد
فريق الحرس على أن لا يسمح لفريقه بتسجيل الفوز، لكن المتفق عليه يتبدل رغم
الضغوط والمخاطر ويخرج فريق السجناء وقد فاز على النظام والسلطة. الفيلم
للمخرج روبرت ألدريتش وحققه سنة 1974.
تم تحقيق فيلم مقتبس عن هذا الفيلم سنة 2005، لكن من دون مراميه
السياسية، كذلك تم تحقيق فيلم بعنوان «المرشح المنشوري» (جوناثان ديمي –
2004) المأخوذ عن فيلم بالعنوان ذاته حققه جون فرانكنهايمر سنة 1962،
الفيلم الأصلي تم إنتاجه في نطاق الحرب الباردة: دراما معادية للشيوعية
تدور، ككثير من الإنتاجات في الخمسينات والستينات، حول مؤامرة شيوعية ضد
الولايات المتحدة تتمثل في تجنيد ضابط أميركي تم اعتقاله مع جنوده ونقلهم
إلى كوريا الشمالية حيث وافق الضابط (لورنس هارفي) على أن يكون المخلب
لتنفيذ عملية قتل الرئيس الأميركي. الفيلم في نحو 20 دقيقة أولى يطرح وضعا
سورياليا.. في باقي دقائقه هو تشويق من باب أول يتبلور صوب سباق زمني بين
القاتل ورجال الرئيس والمخابرات الأميركية التي تنجح في الكشف عن الخطة
والوصول إلى الضابط المنحرف في الوقت المناسب.
سوف لن تبتعد النسخة الثانية من الفيلم عن الموضوع ذاته، لكن عوضا عن
الحرب الباردة هناك حرب الخليج والمخرج ديمي الذي ينتمي إلى الصف الليبرالي
من بين المخرجين الأميركيين ما منح الفيلم غايات مختلفة.
السبعينات بدورها كانت مسرحا للكثير من الأفلام التي نسجت حكاياتها
حول الرئاسة والانتخابات الرئاسية أو الانتخابات السياسية عموما. وهي إذ
تناولت مثل هذه القضايا حفلت أيضا بالتحليل السياسي الذي لم تعرفه إلا قلة
من الأفلام الحديثة حول هذه الطروحات ذاتها.
المخرج ألان ج. باكولا كان الأطول باعا في هذه الأفلام حينها، فهو
الذي أخرج 3 أعمال تداولت نظرية المؤامرة السياسية: «كلوت» (1971)،
و«المنظر المتوازي» (1974)، و«كل رجال الرئيس» (1976).
«كلوت» عن مومس (جين فوندا) تطلب حماية تحر خاص (دونالد سذرلاند) من
سيناتور أميركي يريد قتلها. «كل رجال الرئيس» عن فضيحة ووترغيت كما كشفها
الصحافيان بوب وودوورد (روبرت ردفورد) وكارل بيرنستين (دستين هوفمان). لكن
«المنظر المتوازي» هو أكثر هذه الأفلام إمعانا في تشييد حالة من التشويق
البوليسي - السياسي: وورن بايتي صحافي في جريدة صغيرة، يكتشف أن هناك
مؤامرات لقتل رجال القضاة والسياسيين البارزين لصالح جهة يمينية متطرفة، كل
من حوله يسقط قتيلا وهو سيجد نفسه هدف محاولة اغتيال ثم أمام فوهة الموت في
النهاية، وقد تم الإيقاع بأحد المرشحين السياسيين الرئيسيين في فخ محكم.
حدث فجأة
* وورن بايتي لم ينس ذلك الفيلم حين قام سنة 1989 بإخراج وبطولة
«بولوورث» لعب فيه دور سيناتور عازم على ترشيح نفسه للرئاسة وعلى الموت في
الوقت ذاته. لقد رتب قيام قاتل محترف لا يعرفه بقتله. لكن هذا قبل أن يتعرف
على ناشطة سمراء (هالي بيري) والأهم، قبل أن يجد لحملته رواجا جيدا فيطلب
الحياة. المشكلة هي أنه لن تكون هناك قدرة على الاتصال بالقاتل المحترف
لإخباره بأنه لم يعد يريد الموت. الفيلم ساخر بقوة من كل السياسات
الأميركية الداخلية منها والخارجية، لكن من دون لقطة عابسة واحدة. في
الواقع كتب بيتي بعض أغاني الراب التي يواصل غناءها في الأفلام كاشفا، من
دون خوف، عما يراه من مساوئ السياسية الأميركية وتزلف المرشحين وفساد
الإدارات.
«بولوورث» واحد من الأفلام التي تشبه أفلاما أخرى قبلها (أو بعدها) عن
الموضوع الرئاسي. كذلك الحال بالنسبة لفيلم تم إعادة اكتشافه قبل سنوات
قليلة، وإن لم يكن غائبا عن رادار هذا الناقد، إنه فيلم صغير من إخراج لويس
ألن سنة 1954 يتحدث، مثل «المرشح المنشوري»، عن ضابط (هذه المرة ضابط سابق)
في الجيش الأميركي عاد من الحرب العالمية الثانية عميلا لطرف خارجي لينفذ
مع رجلين من أعوانه عملية قتل الرئيس الأميركي. لتنفيذ ذلك يقتحم منزلا يقع
في بلدة صغيرة أسمها «صدنلي» (أي «فجأة» وهو عنوان الفيلم) ويحتجز العائلة
التي فيه (من بينهم الشريف سترلينغ هايدن) على أساس أن المنزل يشرف على
محطة القطارات التي سيتوقف فيها القطار الخاص الذي يقل رئيس الجمهورية
الأميركي. سيناترا ظهر في «المرشح المنشوري» بعد 8 سنوات من هذا الفيلم،
لكنه لم يشأ أن يلعب دور البطولة بل ترك ذلك للورنس هارفي لسببين: الأول
اعترافه بأن الممثل البريطاني أقدر منه على لعب الشخصيات الصعبة (وفي ذلك
الفيلم تفاصيل نفسية عديدة)، والثاني هو أنه ظهر في «فجأة» في دور العميل
الراغب في تنفيذ قتل الرئيس.. ولن يظهر ثانية في دور مشابه حتى لا يدمغ
تاريخه بمثل هذه المحاولات.
بين الأفلام
* الفنان بين الطموح والسلطة
Mephisto
إخراج: استيفان شابو.
أدوار أولى: كلاوس ماريا براندوَر، وكريستينا ياندا، وإيديغو بانساغي،
وكارين بويد.
النوع: دراما تاريخية - المجر- 1981.
تقييم الناقد: (من 5).
من المستحسن العودة إلى أفلام الأمس في مواجهة موجة من الأفلام
الحديثة التي لا تستحق التعليق عليها والتي تتضمن، هذا الأسبوع، بعض أسوأ
ما تم عرضه طوال السنة مثل «ما رقمك؟» و«50/50» جنبا إلى جنب ما سبق عرضه
في الأسبوع الماضي مثلا، كـ«احتجاز» و«نخبة القتلة».
لكن في الواقع ليس كل ما هو قديم فاته التاريخ، ففي عام 1981 قام
المخرج المجري استيفان شابو (73 سنة حاليا) بتحقيق فيلم تناول فيه موقف
الفنانين من السلطة الغاشمة، وهذا هو موضوع صاحب بدايات «الربيع العربي»
حيث دار النقاش حول مواقف بعض الفنانين من السلطات السابقة في كل من تونس
ومصر وسوريا حاليا.
الفارق المهم في فيلم شابو هو أنه يعود إلى الفترة النازية ليضع فنانه
هندريك هوفغن (كلاوس ماريا براندوَر) في موقف الفنان الذي يرفض الاعتراف
بأنه أخطأ حين لازم السلطة معتبرا أنه فنان وليس سياسيا.
نتعرف على هندريك كممثل طموح له مواقف ليبرالية واضحة. لديه علاقة
عاطفية مع جولييت (كارين بويد)، مدرسة الباليه التي تعلمه الرقص، وهي فتاة
سوداء يصورها كلاوس مان، مؤلف الرواية الألماني التي نقل عنها شابو الفيلم،
الذي انتحر سنة 1906، عشيقة أولا، ومعلمة رقص ثانيا، لكن شابو يقلب الصورة
حفاظا على وحدتها ويعطيها رسما أكثر احتراما لموضعها. لكنها ليست امرأة
هندريك الوحيدة فهناك باربرا، التي يسعى إلى الزواج بها (البولندية كرستينا
ياندا). لكن سعي هندريك إلى الزواج بها لا يخلو من مصلحة، فوالدها له علاقة
وطيدة بالفنانين، مما سيتيح له فرصة دخول مسرح الدولة في برلين والتحول إلى
ممثل مشهور عوضا عن البقاء ضمن مجموعته المسرحية في هامبورغ.
هندريك واثق من قدراته الفنية، وهو مسيطر على فنه. أداؤه عملاقي
وكلاسيكي الصبغة ينتمي لأيام المسارح الكبيرة في العشرينات، لذلك لم يكن من
الصعب أن يسترعي هندريك الانتباه، بعد أن حقق ذلك الجزء من طموحاته ويجد
نفسه مرحبا به من قبل رجال الدولة بينهم الجنرال. لاحقا، وبينما كان هندريك
يستمتع بنجاح كبير انتقل معه إلى السينما، كانت النازية تشهد صعودها الخطير
على المسرح السياسي، وما هي إلا سنوات قليلة حتى كان الحزب قد أحكم قبضته
على البلاد وأخذ يبرمجها لحياة تقتضي التخلص من المناوئين واليساريين والحد
من تطلعات كافة العناصر «الحرة» الذين لا يريدون الانضواء تحت الراية
ذاتها.
المسرحية التي لفتت أنظار رجال السلطة إلى الممثل هي «فاوست» للشاعر
والدرامي الألماني الكبير غوته، واختيارها بالغ الأهمية، إذ إن فاوست هو
الشخص الذي باع روحه للشيطان مقابل التمتع بملذات الدنيا والتغلب على
أوضاعه النفسية والعاطفية والمادية التي كانت تحول دون وصوله، ولو أن بطل
الفيلم يؤدي شخصية الشيطان مافيستو. لكن شابو لا يتخذ الحكاية رمزا يتيح له
إدانة بطله: هندريك في «مافيستو» ظن أن في مقدوره إيقاف زحف السلطة فوق
جسده. «أنا ممثل فقط...»، ردد كثيرا لنفسه وللآخرين محاولا الفصل بين كيف
يرى نفسه وكيف يريدونه أن يكون. لكن الفاصل كان يضيق كلما اضطر الممثل
للخضوع حتى بات الفاصل بينه وبين مصيره مجرد وجهي نزاع في شخص واحد يسرع
لاحتلال مواقع الرفض الأخيرة فيه.
«مافيستو» فيلم واضح يتفهم الصراع الذي مارسته النازية آنذاك (وتمارسه
غير النازية في العديد من دول العالم اليوم) من أجل القضاء على حياد الفنان
أو المثقف، حتى لو كان هذا الحياد هو الدفاع الأخير عن النفس وعن الطموحات
الذاتية الحقة.
شباك التذاكر في الولايات المتحدة طار الأسد وحط الدلفين بعد أسبوعين
أمضاهما الفيلم الكرتوني «ذا ليون كينغ» (الأسد الملك)، احتل الفيلم الموجه
أيضا للجمهور العائلي «حكاية دلفين» المركز الأول بعدما كان حط ثالثا في
الأسبوع الماضي. الأسبوع الحالي امتلأ بالأفلام الجديدة، لكنها جميعا أنجزت
أقل مما كان مأمولا لها، خصوصا «ما هو رقمك؟» الذي حط ثامنا.
الأفلام
1 (3)
Dolphin Tale: $13,912,419
صعود - حكاية دلفين وصبي وصداقة في فيلم عائلي تنتجه «وورنر» على غرار
«ديزني».
2 (2)
Moneyball: $12,031,592
ثابت - براد بت يحضر لمباراة الأوسكار في فيلم عن مباراة البايسبول.
3 (1)
The Lion King: $10,615,654
هبوط - إعادة إطلاق للفيلم الكرتوني مزودا بالأبعاد الثلاثة، لكن قيمته
الفنية هي ذاتها.
4 (-)
Courageous: $9,063,147
جديد - دراما حميمية حول 4 رجال شرطة يواجهون مآزق الحياة والعمل.
5 (-) 50/50: $8,644,095 جديد - كوميديا حول مصاب بالسرطان؟ نعم مع
نكات بطلها، صديقه الغبي.
6 (-)
Dream House: $8,129,355
جديد - دانيال كريغ، ناوومي ووتس يقودان بطولة هذا التشويق حول البيت ذي
السوابق.
7 (4)
Abduction: $5,508,053
سقوط - تشويق بوليسي ينطلق من رغبة بطله معرفة شيء عن مصير ابنه المخطوف.
8 (-)
What›s Your Number?: $5,421,668
جديد في الحضيض - آنا فاريس تبحث عن رجال مروا في حياتها بينهم كريس إيفانز.
9 (5)
Killer Elite: $4,916,839
تراجع - جاسون ستراذام وروبرت دي نيرو في استعراض عضلات تقليدي.
10 (6)
Contagion: $4,947,154
تراجع - فيروس غامض يقضي على ملايين البشر في تشويق جيد من ستيفن سودربيرغ.
موسم الجوائز
4 مهرجانات في مدينة واحدة: «إف» و«بَف» واثنان «بِف»!
* أحيانا ما نتحدث متعجبين حول انتشار ظاهرة المهرجانات السينمائية في
العالم العربي: 5 جديدة في مصر، ميلاد مهرجان في العراق، انتشار المهرجانات
الصغيرة في المغرب ووجود مهرجانين كبيرين في الإمارات العربية المتحدة، لكن
إذا ما كان هناك بعض الصواب في التساؤل حول الكثرة العددية وما إذا كانت
هذه المهرجانات تستطيع تحقيق النوعية المطلوبة دائما، فإن المسألة تتقزم
كثيرا عندما ندرك أن مدينة بيزباين الأسترالية الساحلية وحدها تحتوي على 4
مهرجانات ستتوالى خلال الشهرين المقبلين: مهرجان للسينما الإيطالية، مهرجان
لسينما «الأندر غراوند»، مهرجان للشعر، ومهرجان دولي للسينما.
وإذا ما كانت الموضة الحالية تسمية المهرجانات بأحرف أسمائها
اللاتينية الأولى فهذه المهرجانات هي: «IFF»،
و«BUFF»،
و«PIFF»، و«BIFF».
أحد الأفلام المعروضة في المهرجان الإيطالي بعنوان «عصور الحب»
لجيوفاني فرنوسي وبطولة روبرت دينيرو ومونيكا بيلوتشي.
الشرق الأوسط في
07/10/2011 |