جولة في سينما العالم
أول لقطة
* «دوكودو» ليس اسم لعبة جديدة ذات شبه بـ«المونوبولي»
أو باللعبة اليابانية النشطة «سودوكو»، بل اسم فيلم هندي نزل الأسواق
الأميركية في الثاني والعشرين من شهر سبتمبر (أيلول) الحالي، جنبا إلى جنب
مع فيلم براد بت الدرامي «مونيبول» وفيلم جاسون ستاذام الأكشن «منتخب
القتلة»، لكنه لم يدخل قائمة الأفلام الـ10 الأعلى نجاحا.
لكن هذا الفيلم أنجز 82 ألف دولار في صالة واحدة من صالات لوس أنجليس،
وفي مدينة دالاس جمع 71 ألف دولار، وأكثر منها بقليل في مدينة أديسون في
ولاية نيوجيرسي (73 ألف دولار). ليس هناك سبب معروف لذلك، لكن الفيلم
الهندي المذكور يستفيد بالتأكيد من وجود جالية هندية كبيرة في الولايات
المتحدة ويتوجه إليهم بذلك المزيج المعتاد من الأكشن والكوميديا والحس
الميلودرامي العاطفي مع الغناء والرقص والألوان الفاقعة.
يثير ذلك مسألتين في الحقيقة: الأولى أن الهوية الخاصة بالسينما
الهندية المؤلفة من ذلك النسيج الذي ألفته تلك السينما منذ أيامها الأولى،
ولا تزال، ثابتة.
السينما الهندية ليست أعمال حفنة من المخرجين المتميزين أمثال
ساتياجيت راي ومرينال سن وشيام بنيغال، بل هي شاكتي سامانثا وشاشي كابور
وسحراب مودي وأمجد خان، ورالفي شوبرا، وعزيز ميرزا وفيصل سيف وأكاش كومار..
وأكثر من مائتين آخرين نشيطين، كل يوم من أيام السنة يطلقون نحو 750 فيلما
في العام موجها إلى مئات الملايين من الهنود معظمهم لم يسمع (ناهيك عن أن
يرى) فيلما من الكبار الذين تغنينا نحن بهم حين شاهدنا أفلامهم وقدرنا
جهودهم.
المسألة الثانية هي أن السينما العربية، وهي التسمية التي نستخدمها
لتجمع كل ما هو منتج في الدول العربية، لا هوية مماثلة لها. هذا طبيعي لأن
الثقافة المغربية وتلك الجزائرية القريبة منها تختلف، فما البال بالثقافة
المغربية والمصرية أو المصرية واللبنانية أو الخليجية؟
لأن السينما العربية تتبع محطاتها وعواصمها المترامية، فإنه ليس هناك
ذلك الكم الكبير الذي يشغل البال. لقد لعبت السينما المصرية هذا الدور
بنجاح إلى أن تغيرت الظروف فأصبحت أقل ضرورة بالنسبة لجيل جديد بات يطلب ما
توفره هوليوود، وبغياب الجيل الأسبق الذي كان متيما بميلودرامياتها
ودرامياتها وكوميدياتها على حد سواء.
ناحية أخرى لا بد من ذكرها هي أن هناك جالية عربية كبيرة في الولايات
المتحدة، لكن هل ستقبل على فيلم عربي (مصري أو غيره) إذا ما وجد موزعا
هناك؟ لا. لماذا؟ هذا بحثه مختلف وطويل ويتطلب امتزاج آراء، لكن هذا الوضع
يذكرني بمحاولة صالة سينما في إدغوار رود في لندن، قبل عقدين من الزمن،
التخصص بعرض الأفلام المصرية طوال أيام السنة. المحاولة فشلت لقلة
المكترثين (حتى في موسم الصيف الحافل بالزوار العرب) والصالة من حينها
أغلقت ثم تحولت إلى مقهى للشيشة.. وهو دائما مليء بالزبائن الآن.
رالف فاينس: أمر مهم أن تستند السينما الشعبية إلى الثقافة الأدبية والفنية
للأمم - الممثل البريطاني لـ«الشرق الأوسط»: مع الحظ لا يلعب الذكاء ولا
الموهبة أي دور حقيقي
يستطيع المرء أن يشطح بخياله حين يشاهد الممثل البريطاني (من سلالة
آيرلندية) رالف فاينس في دور الشرير المطلق «لورد فولدمورت» في سلسلة «هاري
بوتر»، مادا خيطا رفيعا ما بين هذا الدور الذي يكتنز الشرور جميعا، وبين
شخصية الضابط النازي في فيلم ستيفن سبيلبرغ «قائمة شيندلر». كلاهما شرير،
ولو أن أولهما شخصية خيالية مائة في المائة، والثاني شخصية واقعية إلى حد
قابل للتصديق. رغم ذلك كل منهما يؤدي إلى نسيج واحد: ممثل محترف رائع في
الأداء يستطيع أن يلعب كل أدواره بتميز سواء أكانت شريرة أو إيجابية.
ولد سنة 1962 وظهر في الأفلام من عام 1991 ولم يتدرج. رالف فاينس
انطلق بطلا من أول فيلم وهو «وذرينغ هايتس» (أو «مرتفعات وذرينغ») و«قائمة
شيندلر» كان فيلمه الثالث. نجاحه الصاعق في هذا الفيلم جلب إليه كل الأنواع
من الأفلام الأخرى فظهر في فيلم روبرت ردفورد «كويز شو»، وفيلم أنطوني
مانديللا «المريض الإنجليزي»، ثم «أوسكار ولوسيندا» لشقيقته مارثا،
و«المنتقمون»، و«صن شاين» للمجري ستيفان شابو، و«اللص الطيب» لنيل غوردن،
ثم دخل حلبة «هاري بوتر» من عام 2005، وظهر في دور قصير للمخرجة كاثلين
بيغيلو «خزانة الألم» الذي نال الأوسكار، وهو الذي أدى بطولة فيلمها الأسبق
«أيام غريبة» وكل ذلك سبق تحوله إلى الإخراج في مطلع هذا العام معتمدا على
مسرحية ويليام شكسبير «كوريالانوس» لإظهار موهبته، وربما حاجته، للوقوف
وراء الكاميرا.
·
هل تذكر ماذا كان رد فعلك حين
أيقنت أنك أصبحت ممثلا معروفا لأول مرة؟
- كان ذلك صعبا علي. أعتقد أنه صعب على الممثل الذي أمضى عدة سنوات
يعمل من دون أضواء ثم فجأة ها هي الأضواء مسلطة عليه بفعل دور واحد.
·
بالنسبة إليك كان هذا الدور...
- كان بالطبع «قائمة شيندلر». شعرت بأن علي الآن أن أصبح شخصا آخر في
الوقت الذي أريد الاحتفاظ بشخصي، وأعتقد أن هذا هو عصب الموضوع: ما أنت
عليه أوصلك إلى الشهرة. ما أصبحت عليه هو مرحلة جديدة. لا أظن أنه من
الممكن، أو من الصحيح، أن تختلف لمجرد دخولك مرحلة جديدة. وحتى إذا أردت
فإنك قد لا تستطيع. المهم هو أن تكون محاطا بأقاربك وأصدقائك المخلصين
القادرين على إسداء النصيحة إذا ما طلبتها.
·
هل أدركت حينها أن هذا الدور
الذي لعبته في «قائمة شيندلر» سيكون مفصلا مهما في تاريخك المهني، أم كان
عليك أن تنتظر الأدوار الأخرى؟
- شيء من هذا وذاك. أدركت أنني حققت مكانة جديدة بالنسبة لي، لكن لم
يكن لدي علم بمستقبلها. في مثل هذا الوضع تعلم أنك وصلت إلى مرحلة جديدة،
لكن لا تعرف ما هو مستقبلها بالطبع. تستطيع أن ترى أن الأدوار باتت أكبر
حجما وإذا ما أديت ذلك الدور جيدا فإن مخرجين مرموقين سيفكرون فيك ويعرضون
عليك الأدوار، لكن إلى أي مدى سيستمر هذا النجاح؟
·
هل الموهبة أهم أم الذكاء في
التعامل والاختيار؟
- كلاهما على ما أعتقد.. الذكاء يشمل كيفية الاستفادة من موهبتك،
والموهبة تحتوي على قدر كبير من الذكاء أيضا. لا أقول إنني ذكي. بصراحة
أعتقد أحيانا أنني لست ذكيا بما يكفي. هناك أيضا مسألة الحظ. أحيانا تتدخل
في العمل من دون أي تخطيط. هنا لا يلعب الذكاء ولا تلعب الموهبة أي دور
حقيقي. أليس هذا صحيحا؟
·
كنت أتحدث ذات مرة مع السير
أنطوني هوبكنز وقال لي إنه يجد شكسبير في كل عمل. هل يخالجك هذا الشعور
أيضا؟
- بالتأكيد.. الكثير من الأفلام الأكثر شعبية تستند أو توحي بشكسبير،
أو أن هناك شيئا شكسبيريا فيها. حتى سلسلة «هاري بوتر»، هناك ملامح
شكسبيرية وأخرى من تشارلز ديكنز. أعتقد أن هذا جيد للغاية. أمر مهم أن
تستند السينما الشعبية إلى الثقافة الأدبية والفنية للأمم. المسألة هي أن
شكسبير كتب ما يشبه الغطاء الأدبي الذي لا بد للأديب المعاصر وللفنان
والمخرج العودة إليه على نحو مباشر أو غير مباشر. أحيانا من دون وعي منه.
لذلك كلام السير هوبكنز صحيح. هناك الكثير من شكسبير في الكثير من الأفلام.
ربما اليوم أكثر من أي وقت مضى.
·
شاهدت لك في مهرجان برلين الماضي
«كوريولانوس» المأخوذ بالطبع عن مسرحية ويليام شكسبير. هذا أول فيلم لك من
إخراجك..
- هل أعجبك؟
·
إلى حد بعيد.. إنها مسرحية قلما
نقلتها السينما..
- واحدة من الأقل فعلا.. هذا كان بدوره عنصرا جاذبا لمحاولتي تقديمها.
لو سألتني عن السبب في اختياري لهذه المسرحية، فإن من بين الأسباب كونها
جديدة من حيث أنها ليست معتادة على الشاشة إلا مرات قليلة. في الحقيقة لا
علم لي بأي محاولة سابقة إلا محاولة تلفزيونية قبل عدة سنوات. سبب آخر
بالطبع هو ويليام شكسبير. تحقيق فيلم من إحدى رواياته تحد يواجهه كل ممثل
جاد. إنه الاختبار الأقصى في رأيي.
·
أنت واحد من مجموعة كبيرة من
الممثلين الذين انتقلوا إلى الإخراج. هذا العام وحده هناك 5 من الممثلين
الكبار، أنت من بينهم، الذين قدموا أفلاما من إخراجهم. ما هو الدافع إلى
ذلك في رأيك؟
- أعتقد أن هناك أكثر من سبب.. أحد هذه الأسباب هو أن الممثل عادة
يريد أن يظهر في دور يراه حلما له ولا يستطيع أن يفعل ذلك عبر انتظار
الفرصة أو عبر إقناع مخرج ما أو منتج ما بالعمل معه على تحقيق هذا الحلم.
في «كوريولانوس» لم أمثل وأخرج الفيلم فقط بل أنتجته أيضا. ضمانة لإنجازه
وإظهار مدى ارتباطي به لإقناع الممولين وشركات التوزيع به. السبب المهم
الثاني هو أن الممثل يشعر أحيانا أن المعروض عليه من أدوار لا يمثل كل ما
يريده. إلى ذلك، ربما كان الأمر لا يعدو أكثر من حالة تطور طبيعي يعيشها
بعض الممثلين. ليس من مشكلة إذا ما استمر الممثل في تأدية دوره كممثل طوال
مهنته، لكن بعضنا يرى أن الإخراج أو الإنتاج أو كليهما هو خطوة مهمة في
سبيل التطور الفني. الإخراج هو أيضا اختبار في المفردات التي تتألف منها
السينما. أنت وراء الكاميرا لأنك تريد أن تتدخل في كيفية تأليف الفيلم الذي
تقوم به سواء اشتركت في تمثيله أيضا أم لا. أحيانا يتطلب الأمر شجاعة كبيرة
لأن تضع قدمك في الماء.
·
ثم هناك.. «هاري بوتر»...
- (يضحك).
·
هل هناك من تحديات في مسألة
تمثيل فيلم فانتازي من هذا النوع، أو تحديدا ما هي تحديات «هاري بوتر» لك؟
- الدور الذي لعبته في «هاري بوتر» صعب من حيث إنه فكرة. ليس شخصية
تحتوي على فكرة، بل فكرة في الأساس، وهي فكرة أنه شر بالغ. أحد المشاهد
التي استمتعت بتمثيلها، على ما أظن، هو في مطلع الجزء السابق من «هاري
بوتر» حين كنت أجلس إلى طاولة تضم الكثير من المساعدين أتحدث إليهم، بينما
يسعى الثعبان للانقضاض على أحدهم.
·
هل تذكر ماذا كان رد فعلك الأول
حين تم توجيه الدعوة إليك لكي تمثل في هذه السلسلة؟
- كنت مترددا، لم أكن على ثقة من أنني أريد أن أفعل ذلك لأنني لم أكن
شاهدت الأفلام السابقة ولم أقرأ الكتب أيضا. كنت أعرف أن السلسلة عمل يدور
عن السحرة، لكن هذا كان كل ما كنت أعرفه عنها تقريبا. تطلب الأمر من المخرج
مايك نيووَل حينها الجلوس معي لساعات محاولا إقناعي، ولإظهار السبب الذي من
أجله علي القيام بالدور. لكن ما شجعني هو نصائح قريباتي المولعات بكتب
وأفلام «هاري بوتر»، فبدأت بمطالعة الكتب المنشورة ومشاهدة الأفلام
السابقة.
·
ذكرت قبل قليل في معرض كلامك
تشارلز ديكنز. أعتقد أنك مرتبط بتمثيل نسخة جديدة من «الآمال الكبرى». هل
هذا صحيح؟ هو أيضا من إخراج مايك نيووَل..
- صحيح.. أنتظر تمثيل «ماغويتش» بفارغ الصبر. في الحقيقة ندخل التصوير
في الشهر المقبل. إنه اقتباس مباشر عن رواية ديكنز الرائعة، وهناك مجموعة
جيدة من الممثلين معي: هيلينا بونام كارتر، وسالي هوكينز، وروبي كولتراين.
سأستمتع بتمثيل هذا الفيلم.
بين الأفلام
* عن «البيسبول».. وعن هوليوود أيضا
Moneyball إخراج: بَنِت ميلر.
أدوار أولى: براد بت، وجونا هيل، وروبن رايت، وفيليب سايمور هوفمان،
وكريس برات.
النوع: دراما - الولايات المتحدة – 2011.
تقييم الناقد: (4*) (من 5) هناك أميركيون كثيرون لا يعرفون شروط
وقواعد لعبة «البيسبول»، اللعبة الوطنية الأولى في الولايات المتحدة. ما
البال إذن بمن هم غير الأميركيين. طبعا، في زمن «غوغل» وعصر الديجيتال
تستطيع أن تتعلم كل شيء وتعرف عنها ما تريد، لكن لمن ينظر إليها في نشرات
الأخبار ويعد نفسه بأن يبحث في أمرها غدا ولا يفعل، ما زالت تبدو عبارة عن
ضرب الكرة بالعصا الغليظة وقيام من التقطها بضربها بعيدا ثم الركض وراءها
180 درجة حول الملعب لتلقفها من الناحية الثانية. في أحيان تبدو اللعبة
سهلة، وفي أحيان أخرى تبدو مثل بناء كومبيوتر من لا شيء.
فيلم بَنت ميلر الجديد «مونيبول» لا يحاول شرح ما هي اللعبة. بل إن
الفيلم ليس، رغم اهتمامه وموضوعه، فيلما رياضيا، بل هو عن تلك الدوافع التي
تتشبث ببعضنا لفعل شيء نعتبره صحيحا، واعتباره ذاك هو كل ما يحتاجه لأجل
المضي. براد بت في هذا الفيلم المبني على قصة وشخصيات واقعية نُشرت في كتاب
بنفس العنوان قبل بضع سنوات، يحاول التعويض عن خسارته 3 لاعبين جيدين، عبر
البحث عن خريجي معاهد هواة يسعون إلى الانضمام إلى الفرق الرئيسية، لكن تلك
لا تجدهم مؤهلين. الدافع الذي يحرضه على اختيار بعض هؤلاء الخريجين، ليس
مبنيا على قواعد رياضية أو مهنية. كذلك فإنه عوض الاعتماد على خبراء في مثل
هذا البحث (مكتشفي مواهب) ينبري للمهمة لا يساعده فيها إلا مدير لم يجرب
اللعبة يوما (جونا هيل).
النتيجة الماثلة ليست دراما عن لعب «البيسبول» كرياضة، بل دراما عن
الخيوط التي تحرك فريقا يحاول التأكيد على صلاحيته لمناوأة الفرق الكبرى.
الفريق الذي يكونه براد بت قبل رحيل لاعبيه الـ3 كان صال وجال جيدا، كما
يخبرنا الفيلم عبر وثائقيات ينتقل إليها من حين لآخر، في عام 2001. بعد نحو
سنة، ومع لاعبين جدد، خسر المركز الأول ولم يحصل حتى على المركز الثاني في
المباريات الرئيسية، لكنه كان محط تشجيع هواة وجمهور «البيسبول» لدرجة
تحقيقه بعض الأرباح رغم خسارته أرض الملعب.
في هذا المضمار، يذكرنا الفيلم بنفسه. إنه في جانب أساسي منه يشبه ما
يخوضه المنتجون (أو المخرجون أحيانا) المستقلون من مصاعب لتحقيق أفلامهم
وإنجازها لكي تدخل سوق العروض في مواجهة الأفلام الهوليوودية الكبيرة. براد
بت كرئيس فريق، هو انعكاس لمنتج صغير في عالم كبير. هو شخصية مصمم السيارات
برستون تاكر، كما لعبه جف بردجز في فيلم فرانسيس فورد كوبولا سنة 1988 في
«تاكر: الرجل وحلمه». ذاك حاول صنع سيارة غير مسبوقة لكن الشركات الكبرى
قتلت طموحه. أكثر من ذلك، براد بت في دور بيلي بين، رئيس فريق «البيسبول»
الآيل للسقوط، هو فرانسيس فورد كوبولا الذي قبل وخلال وبعد تحقيقه «العراب»
أنجز أفلاما مستقلة واجهت صعوبة في إقناع هوليوود في عرضها.
إنها استعارات كثيرة مقترحة وليست بالضرورة من النوع الذي يخطر على
البال حين مشاهدة الفيلم بالضرورة. المخرج ميلر سبق له وأن حقق فيلما ذكي
المعالجة كهذا، وصادق النبرة أيضا، هو «كابوتي» الذي لعبه بطولته فيليب
سايمور هوفمان الذي لا يضن بوجوده هنا. لكن الراية يحملها براد بت بلا ريب.
إنه الممثل النموذجي للتعبير عن «الأميركانا» تلك التي لا نشاهدها في نشرات
الأخبار. مثل بعض سواه من النجوم، يضع موهبته ونجوميته في خدمة أفلام لا
تستطيع أن تتصورها من دونه.
موسم الجوائز
* جورج كلوني على موعد مزدوج مع الأوسكار هذا العام - فرص أوسكار
كثيرة أمامه
* وإذا حسبنا أن أحد فيلميه الجديدين من إخراجه وتمثيله، فإن هذا
الموعد ثلاثي في الواقع، فهو مخرج وممثل في فيلم «منتصف شهر مارس» الذي
عرضه مهرجان «فينيسيا أولا»، ثم «توليارايد الأميركي» (مهرجان رئيسي هناك)،
و«تورنتو» الكندي. وبذلك فإن لديه فرصتين للترشيحات الرسمية، وبالتالي فإن
لديه فرصتين للفوز أيضا: كمخرج للفيلم وكأفضل ممثل مساعد. وبما أن الفيلم
ذاته قد يلقى الرواج الذي يستحق بين أعضاء أكاديمية العلوم والفنون
السينمائية، فإن كلوني قد يصعد على المنصة مع شركائه من المنتجين لأنه
أحدهم، لكن هذا ليس كل شيء. الفيلم الذي يثير حاليا اللغط ويتحدث عن حسناته
من شاهده من أعيان المدينة السينمائية، هوليوود، هو «الأحفاد» الذي يقوم
ببطولته كلوني تحت إدارة المخرج ألكسندر باين صاحب فيلم «حول شميت» بطولة
جاك نيكولسون. وعلى ذكر «حول شميت» هناك نقطة لقاء بين ذلك الفيلم وفيلم
«الحفيد» مفادها أن كلا منهما يدور حول رجل يحاول البحث عن ابنته.
شباك التذاكر
* في الولايات المتحدة - براد بت ضد «الأسد»
* أربعة أفلام جديدة أقواها فيلم «مونيبول» من بطولة براد بت حطت هذا
الأسبوع في الصالات، لكن أيا منها لم يستطع انتزاع المركز الأول من فم «ذا
ليون كينغ» (الأسد الملك) الفيلم الكرتوني الذي يعاد إطلاقه بالأبعاد الـ3
الذي كان حقق المركز الأول في الأسبوع الماضي.
الأفلام 1 (1)
The Lion King: $21,929,332 (3*) ثابت - إعادة إطلاق للفيلم الكرتوني مزودا بالأبعاد الثلاثة، لكن
قيمته الفنية هي ذاتها.
2 (-)
Moneyball: $19,501,302 (4*)
جديد - براد بت يحضّر لمباراة الأوسكار في فيلم عن مباراة «البيسبول».
3 (-)
Dolphin Tale: $19,152,118 (3*)
جديد - حكاية دولفين وصبي وصداقة في فيلم عائلي تنتجه «وورنر» على غرار
«ديزني».
4 (-)
Abduction: $10,060,227 (3*)
جديد - ثالث فيلم خاسر لشركة «ليونز غايت» في بضعة أسابيع. تشويق غير فعال.
5 (-)
Killer Elite: $9,992,000 (2*)
جديد - جاسون ستراذام وروبرت دي نيرو في استعراض عضلات تقليدي.
6 (2)
Contagion: $8,451,284 (4*)
سقوط - فيروس غامض يقضي على ملايين البشر في تشويق جيد من ستيفن سودربيرغ.
7 (3)
Drive: $5,763,998 (3*)
سقوط - رايان غوزلينغ يشترك في عمليات جنائية وينجو بأعجوبة في هذا التشويق
الجيد.
8 (4)
The Help: $4,400,019 (2*)
سقوط - الجنوب الأميركي كما تراه هذه الكوميديا الاجتماعية ذات الشخصيات
النسائية.
9 (5)
Straw Dogs: $2,116,098 (2*)
سقوط - في المركز الخامس من أول أسبوع. تشويق حول ديفيد تحت الضغط.
10 (6)
I Don›t Know How She Does it: $2,052,300 (2*) سقوط - دراما خفيفة مع سارا جيسيكا باركر حول زوجة وأم ووظيفة
متعبة.
الشرق الأوسط في
30/09/2011
المهرجانات العربية تطبق شعار «التكريم لمن حضر»!
من لم يحصل على جائزة يرفع يده!
القاهرة: طارق الشناوي
الصدفة ليست في كل مرة خيرا من ألف ميعاد، ولكنها هذه المرة بالتأكيد
تحمل تناقضا بين مهرجانين تناولا المسلسلات التلفزيونية، واحد في المملكة
الأردنية والثاني في الولايات المتحدة الأميركية.. المهرجانان أعلنت
جوائزها في نفس التوقيت، إنها جوائز «إيمي» الدورة رقم 63 التي تعد بمثابة
الأوسكار في التلفزيون الأميركي وتحظى باهتمام ومتابعة الملايين من
المشاهدين، والأهم من ذلك أنها تحاط بتقدير كل الفنانين للقيمة الأدبية
للجائزة التي تحتل مكانة خاصة في أرشيف هؤلاء النجوم. ومن الذين حصلوا
عليها هذا العام النجمة كيت ونسليت والمخرج مارتن سكورسيزي، بينما ما حدث
في الأسبوع الماضي في العاصمة الأردنية عمان هو فقط مجرد تجميع لأكبر عدد
من النجوم الذين شاهدناهم في رمضان، وكل من حضر حتى لو لم يكن له عمل فني
في رمضان أو شوال كان من نصيبه تكريم. ولم تغفل إدارة المهرجان الصحافيين
الذين تابعوا الأحداث، فحصلوا على جوائز، لأن الهدف هو أن يمنحوا مساحات
لتغطية الحدث على صفحات جرائدهم وبرامجهم، الذي هو في الواقع ليس حدثا..
المهرجان يقيمه للعام الخامس على التوالي اتحاد المنتجين العرب، حيث رفع
شعار «الجائزة لمن حضر» أصبح هذا هو الهدف المنشود، ولأنه عن الأعمال
التلفزيونية فلقد حضر نجوم رمضان في الأعمال المصرية وتسلموا الجوائز مثل
فيفي عبده، وسمية الخشاب، ولوسي، وعمرو سعد، ومحمود قابيل، وأمل رزق،
والمذيعة بوسي شلبي. ولم يحضر أغلب النجوم العرب باستثناء النجمة السورية
سوزان نجم الدين، وإن كان هذا لم يمنع عددا من النجوم اللبنانيين بإعلان
الغضب لأنهم لم يحصلوا على تكريم، وإن كنت أرى أن عدم التكريم في مثل هذه
المهرجانات والتجمعات التي لا ترى فيها سوى الزحام هو أفضل تكريم يحصل عليه
الفنان!! لقد قال المسؤول عن هذا المهرجان أو المهزلة قبل نهاية حفل توزيع
التكريمات بعد أن أمسك بالميكرفون: «اللي ما سمعش اسمه يطلع على المسرح
ليحصل على جائزة». والحقيقة أن ما رأيناه في عمان ليس هو الاستثناء، ولكنه
مع الأسف يشكل الجزء الأكبر في الصورة.. قبل أيام قلائل في مصر كانوا
يوزعون جوائز أوسكار الفيديو كليب وحرصوا على إرضاء كل الأطياف، وتعودت نفس
هذه الجمعية واسمها جمعية «فن السينما» أن تنتقل من أوسكار السينما الذي
تقيمه سنويا إلى أوسكار الفيديو كليب لكي تواصل التحرك طبقا للموضة الحالية
بعد انتشار الفيديو كليب، ولا يجوز أن تسأل عن علاقة جمعية سينمائية
بالفيديو والأغنية.. إنها الموالد التي صارت تشغل الحيز الأكبر من
مهرجاناتنا العربية التي تتحول في نهاية المطاف إلى مولد للجوائز.. في
العام الماضي أقيم في الإسكندرية نفس المهرجان تحت عنوان مهرجان «أوسكار
الفيديو كليب الدولي» الذي يحمل رقم 11. لو تتبعت الصور المنشورة لافتتاح
المهرجان ستكتشف أن كل من لبى دعوة الحضور حصل على جائزة، وكأن الصفقة هي
جائزة لكل من يحضر.. «رشة جريئة» حتى لا يخرج أحد غاضبا!! ربما نسأل: ما
شعور الفنان عندما يحصل على جائزة هو أول من يعلم أنه لا يستحقها؟! لو
سألتني عن الشعور لا أعتقد أن الفنان يسأل نفسه مثل هذه الأسئلة لأنه لن
يعنيه إلا أن يصعد على خشبة المسرح ويمسك بين يديه التمثال وأن تلتقط له
القنوات المصرية والعربية أرضية أو فضائية تلك اللحظة وهو يرفع في الهواء
تمثال الجائزة أو حتى شهادة التقدير التي حصل عليها، وأن يجري معه المذيعون
والمذيعات مجموعة حوارات يعرف الجميع من خلالها أنه بالفعل هو الذي اقتنص
الجائزة وأنه الأول، وبعدها ينتقل هذا الحدث إلى الإنترنت لتراه على الموقع
الخاص بالفنان!! بعد ذلك وكالعادة قد تكشف بعض الجرائد وعدد من البرامج
التلفزيونية حقيقة ما حدث وأن الأمر لم يعدُ كونه جوائز وشهادات فاقدة
المصداقية، وتبدأ في الكتابة والفضح، بينما يلعب الآخرون في عدد أكبر من
الجرائد والمجلات والفضائيات دور المحلل الشرعي، وتضيع الحقيقية.. النجوم
في العادة لا يعنيهم سوى ما يتبقى في ذاكرة الناس ليصبح أشبه بلقطة ثابتة،
هي أن النجم الذي رأت الناس صورته في أجهزة الإعلام المختلفة مقروءة ومرئية
ومسموعة وهو يحتضن بكل فخر وسعادة الجائزة..
النجوم لدينا لهم أسلحتهم المتعددة في الحصول على الجائزة، كثيرا ما
يمارسون الضغوط من أجل ضمان أن تأتي إليهم الجائزة.. تاريخنا الفني مع
الجوائز حافل بالعشرات من التلاعبات المماثلة مع اختلاف أسلوب اللعب.. مثلا
مهرجان الإسكندرية قبل 23 عاما تم إلغاء جائزة أحسن ممثلة دور أول لميرفت
أمين عن فيلم «الأراجوز» الذي شاركت بطولته مع عمر الشريف وذهبت الجائزة
إلى إلهام شاهين عن فيلم «أيام الغضب»، لأن هناك من مارس ضغوطا على الجمعية
التي تقيم مهرجان الإسكندرية، وبناء عليه تم تغيير الجائزة في اللحظات
الأخيرة.. إلهام نفسها شربت من نفس الكأس بعد ذلك بخمسة أعوام عندما حصلت
على جائزة أفضل ممثلة من المهرجان القومي للسينما المصرية عن دورها في فيلم
«يا دنيا يا غرامي»، ثم ذهبت الجائزة في اللحظات الأخيرة إلى ليلى علوي
التي شاركتها بطولة نفس الفيلم، لأن هناك كالعادة من مارس ضغوطا لكي تنتقل
وقتها الجائزة من إلهام إلى ليلى!! نبيلة عبيد قبل ما يزيد عن 12 عاما تم
تزوير نتائج مهرجان الإذاعة والتلفزيون المصري من أجل أن تحصل على جائزة عن
دورها في فيلم «امرأة تحت المراقبة»، وعندما كشفت الصحافة هذا التلاعب قالت
نبيلة: «ما ذنبي؟ أنا لم أزوّر أي نتائج، المهرجان هو الذي يتحمل
المسؤولية»..
قبل أكثر من عامين أرادت إحدى قنوات التلفزيون الجديدة أن تجامل نبيلة
عبيد وتمنحها جائزة عن مسلسلها «البوابة الثانية»، فاخترعوا جائزة أفضل
ممثلة تتناول قضية عربية في عمل درامي رغم ضعف مستوى المسلسل..
المخرجان داود عبد السيد وعلي بدرخان، وكانا عضوين في لجنة تحكيم
مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي قبل عشرين عاما، فضحا التزوير في
مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي، وقد علا صوت داود وبدرخان أثناء توزيع
الجوائز، وصعدا على المسرح قائلين: «باطل.. باطل» عندما غيرت إدارة
المهرجان أسماء الفائزين في الجوائز.. ولا نزال حتى الآن نردد مع داود
وبدرخان: «باطل.. باطل».. بينما عدد كبير من النجوم والنجمات لا يزالون
يحتضنون حتى الآن بسعادة بالغة جوائزهم الزائفة!! أحيانا تلعب السياسة
دورها.. البعض يحسبها هكذا.. مثلا في مهرجان الإذاعة والتلفزيون قبل ثلاثة
أعوام أرادت إدارة المهرجان أن تمنح لمصر قسطا أكبر من الجوائز بعد أن
انتهت لجنة تحكيم الدراما من منح جائزة أفضل ممثل إلى تيم الحسن عن دوره في
مسلسل «الملك فاروق»، وحصل يحيى الفخراني على الجائزة الثانية الفضية عن
دوره في «يتربى في عزو»، كما أن كريمة مختار حصلت على جائزة أفضل ممثلة عن
دورها «ماما نونة» في نفس المسلسل، بينما يسرا منحوها الجائزة الفضية عن
مسلسل «أحلام عادية». تداخلت السياسة والمنافع الشخصية، قالوا بما أن
المهرجان يعقد في القاهرة فلا يجوز أن تخرج مصر بلا رصيد أكبر، وبالفعل تم
منح الجائزة مناصفة بين يحيى وتيم، أما مع يسرا فلقد رأت إدارة المهرجان
أنها لن تقبل الجائزة الفضية فمنحوها الجائزة الذهبية مناصفة مع كريمة
مختار، ضاربين عرض الحائط بلائحة المهرجان التي تمنع المناصفة في الجوائز!!
الجوائز والتكريمات الممنوحة في العالم العربي للفنانين تتأثر بالتوجه
السياسي، مثلا المخرج الجزائري الكبير أحمد راشدي كان مكرما في مهرجان
القاهرة قبل عامين، وفي حفل الختام تم إلغاء التكريم، وذلك بعد أن حدثت
واقعة المعركة الكروية في أم درمان بين فريقي الكرة المصري والجزائري،
وتحول المهرجان السينمائي الثقافي إلى ساحة لتصفية الحسابات، بل حرصت إدارة
المهرجان على منع أي جائزة يُذكر فيها اسم الجزائر، بل سرت حالة هستيرية
بين النجوم، كل منهم يصرح بأنه سوف يعيد الجائزة التي حصل عليها قبل سنوات
إلى السفارة الجزائرية بالقاهرة.
الشرق الأوسط في
30/09/2011 |