بدأ حياته الفنية مونتيراً في فيلمي «أحلام الفتى الطائش» و{كباريه»،
ثم عمل في مجال الدعاية لأفلام من بينها: «حد سامع حاجة» و{الفرح»
و{السفاح»، وفي عام 2008 قدّم أوراق اعتماده كمخرج في «شعبان الفارس» بطولة
أحمد آدم وجومانة مراد.
شريف عابدين مخرج «أنا بضيع يا وديع» يتحدث عن فيلمه الثاني الذي واجه
هجوماً بسبب مشاهد وإيحاءات جنسية اعتبرها النقاد خادشة لحياء المشاهد.
·
بعد فيلم «شعبان الفارس» غبت
ثلاث سنوات عن السينما، ما السبب؟
لم يكن غياباً بمعنى الكلمة، فأنا مونتير قبل أن أكون مخرجاً، بالتالي
انشغلت في الفترة الماضية في مونتاج أعمال فنية من بينها مسلسل «الحارة» مع
المخرج سامح عبد العزيز، الذي عرض في رمضان العام الماضي، بالإضافة إلى
البحث عن فكرة تجعل تجربتي الثانية في الإخراج أفضل من الأولى.
·
ما الذي حمّسك في «أنا بضيع يا
وديع» للعودة كمخرج من خلاله؟
فكرته التي عرضها عليّ المسؤول عن شركة «ميلودي» منذ عام تقريباً، لكن
تأجل التصوير بسبب مشاكل إنتاجية، ومشاركة نجمي حملة «ميلودي» أيمن قنديل
وأمجد عابد فيه.
·
واجهت الفكرة انتقادات كثيرة، ما
ردّك؟
الفيلم بمثابة ترجمة صادقة لواقع السينما المصرية من خلال شخصية وديع،
مخرج وكاتب موهوب يسعى إلى تقديم أفلام تتناول قضايا جادة، لكنه يضطر إلى
تغيير مساره لأنه لم يحقّق إيرادات كبيرة، فيصنع توليفة تجارية لـ «تهامي
باشا»، وهو منتج ينتمي قلباً وقالباً إلى السينما التجارية.
·
ما ردّك على النقاد الذين اتهموا
الفيلم باحتوائه على مشاهد وإيحاءات جنسية؟
أندهش عندما أسمع هذا الكلام، لأن هؤلاء النقاد ركزوا على متابعة
النقاط السيئة في الفيلم ولم يهتموا بالموضوع أو الفكرة التي تمحورت القصة
حولها.
·
هل يضايقك هذا النقد؟
بالتأكيد، فمع احترامي لهذه الآراء، إلا أنني لاحظت أن النقد السلبي
هو الطاغي على عمل الناقد، لذا أطالب بتغيير هذه المهنة شكلاً ومضموناً
فيصبح اسمها «التعديل الفني»، لأن النقد كلمة توحي بالسلبيات فحسب، وهي
الطريقة التي يعمل فيها البعض. أرفض هذا النوع من النقد بشدة لأنه يعتمد
مبدأ الهجوم لمجرد الهجوم من دون أسباب واضحة ولا يفيد المبدع.
·
هل ضايقك تدخل الرقابة وحذفها
عبارات من الفيلم؟
إطلاقاً، لا مشكلة لدي مع الرقابة لأنني أراعي أن والدتي مثلاً قد
تشاهد الفيلم، كذلك الأسرة بكاملها، وقد تلفت الرقابة انتباهنا إلى جملة أو
لفظ يجرح مشاعر المشاهد، مع أنها تسمح غالباً بوجود تجاوزات في أعمال فنية
أخرى ولا أعلم سبب التمييز. عموماً، أهتم بعملي الذي أقدمه إلى المتفرج
وليس إلى الرقيب أو الناقد.
·
ما رأيك في حملات المقاطعة التي
شنها نشطاء على الـ «فيسبوك» بحجة أن الفيلم غير مناسب للعرض بعد ثورة 25
يناير؟
بصراحة، لا أجد علاقة بين الفن والثورة، فكل منهما في طريق مغاير
للآخر ولا يجوز الجمع أو الربط بينهما، والدليل على صحة حديثي أننا عندما
نشاهد فيلماً من الكلاسيكيات مثل «رد قلبي» نركز في العمل نفسه ولا يشغل
بالنا أنه عرض في ظروف سياسية معينة… ثم لم يتعرّض «أنا بضيع يا وديع»
للثورة أو يناقشها كي يربط البعض بينهما.
·
تعاملت في الفيلم مع نجمين
جديدين هما أيمن قنديل وأمجد عابد، هل وجدت صعوبة في توجيههما؟
بالطبع، لأنهما يقفان للمرة الأولى أمام كاميرا السينما كأبطال وليس
كممثلَين عابَرين. لكن للحق، فقد اجتهدا في فهم وجهة نظري في كل مشهد حتى
وصلنا إلى مرحلة من الأداء ترضينا جميعاً.
·
ألم تقلق من استثمار نجاح شخصيات
«حملة ميلودي» في فيلم سينمائي؟
أبداً، لأنها «استثمار نجاح» وليس في هذا عيب، هذا التعبير كاف وحده
لتشجيع أي فنان على المشاركة في الفيلم.
·
ما الانطباع الذي وأبداه الجمهور
بعد العرض؟
تراوح بين الإيجابية والسلبية. فآراء الجمهور مختلفة ولا يمكن تحديد
ذوقه لتقديم أعمال تتوافق مع الجميع.
·
هل توقعت نجاح الفيلم؟
تمنيت النجاح ولم أتوقعه كما لم أتوقع الفشل ولا الهجوم، لأن الحسابات
مقلوبة والموازين تغيرت وثمة شيء غير مفهوم سينمائياً اليوم، فقد يشاهد
الفيلم صديقان منذ الطفولة فينال إعجاب أحدهما ولا يحظى بقبول الآخر.
·
هل ظلم الفيلم في توقيت عرضه؟
لا، أخذ مكانه ووضعه بين الأفلام المطروحة.
·
طُرح الفيلم في موسم سينمائي
يشهد مجموعة من الأفلام الكوميدية… ألم تقلق من أن يؤثر ذلك على نجاحه؟
يحتاج الجمهور في هذه الفترة إلى أفلام تضحكه وتخرجه من النطاق
السياسي المثير الذي يعيشه. بالنسبة إلى الأفلام المعروضة فهي ليست كوميدية
خالصة، مثلاً «شارع الهرم» استعراضي كوميدي، و{بيبو وبشير» رومنسي كوميدي.
بالتالي، يختلف كل عمل عن الآخر في تصنيفه الأساسي، وهو ما يؤدي إلى تنويع
يسمح للمشاهد باختيار ما يناسبه.
·
ما جديدك؟
أنشغل في مونتاج فيلم «ساعة ونصف»، تأليف أحمد عبد الله، إخراج وائل
إحسان، إنتاج أحمد السبكي، ويشارك فيه: جومانا مراد، هيثم أحمد زكي، كريمة
مختار، أحمد بدير، أحمد فلوكس، آيتن عامر… ويتوقع أن يعرض في مهرجان دبي
السينمائي. بالنسبة إلى الإخراج، أبحث عن فكرة جديدة أقدمها إلى الجمهور
تحقق نجاحاً يوازي نجاح «أنا بضيع يا وديع» أو يزيد عليه.
الجريدة الكويتية في
30/09/2011
عيد الأضحى… اجتماعيَّة كوميديَّة بعيدة عن الثورة
كتب: القاهرة - رولا عسران
يبدو أن تجربة الاستعانة بثورة 25 يناير في السينما ليست هي مفتاح
تحقيق الإيرادات، وأكبر دليل على ذلك فشل أفلام موسم عيد الفطر في تحقيق
أدنى حدّ منها، ما شكَّل جرس إنذار لصناع أفلام عيد الأضحى الذين ابتعد
معظمهم عن الثورة ومشاهدها، تجنباً لملاقاة مصير أفلام عيد الفطر نفسه.
أول أفلام عيد الأضحى «المسافر»، بطولة عمر الشريف وخالد النبوي وشريف
رمزي وسيرين عبد النور، وإخراج أحمد ماهر. ويتناول العمل موضوعاً بعيداً عن
الثورة المصرية بسلبياتها وإيجابياتها، وقد ساعد على ذلك أنه أنتج قبل
عامين وواجه ما يكفي من مشاكل تفرَّغ صناعه لحلها، في مقدمها مطالبة
الرقابة بعرض الفيلم تحت شعار «للكبار فقط» بسبب اعتراضها على مشهدين طلبت
حذفهما، لكن المخرج رفض ذلك بداعي أنهما مؤثران في سياق الدراما.
الفيلم الثاني الذي تستعدّ دور العرض لاستقباله في عيد الأضحى هو «أمن
دولت» لحمادة هلال وبطولة شيري عادل وخمسة أطفال، وكان عنوانه في الأساس
«صابر مان»، وقد بدأ تصويره عقب الثورة المصرية وابتعد صناعه عنها كي لا
يتهموا بالمتاجرة بها ومحاولة التسلق عليها، فقدموا تجربة إنسانية جديدة من
خلال علاقة هلال بالأطفال.
«واحد صحيح» الفيلم الثالث الذي يعرض في موسم عيد الأضحى، بطولة هاني
سلامة وبسمة وكتابة تامر حبيب، ابتعد بدوره عن الثورة ومضمونها، إذ رفض
حبيب الكتابة عنها في هذه الفترة، وفضّل سلامة الابتعاد عن أدوارها حتى
تتضح معالمها في المستقبل.
«كف القمر» استثناء
«كفّ القمر» هو الاستثناء الوحيد في موسم عيد الأضحى، إذ آثر مخرجه
خالد يوسف إدراج مشاهد خاصة بالثورة من واقع معايشته لها. تدور القصة حول
أم لخمسة أولاد ترزح تحت مشاكلهم ما يضطرها في النهاية إلى ترك المنزل،
ويربط خالد يوسف في الفيلم بين الثورة وبين الأم، من خلال معايشته لها في
ميدان التحرير.
«كف القمر» كتابة ناصر عبد الرحمن، وبطولة غادة عبد الرازق وخالد صالح
وحسن الرداد ووفاء عامر. أما «أسوار القمر» فبطولة آسر ياسين ومنى زكي
وعمرو سعد، وإخراج طارق العريان وإنتاجه، وقد بوشر تصويره قبل عام من بداية
الثورة وتوقف مرات عدة بسبب مشاكل إنتاجية، لذا هو بعيد كل البعد عن
التظاهرات المصرية الأخيرة.
كوميديا خفيفة
تستقبل دور العرض في موسم عيد الأضحى أيضاً فيلم «إكس لارج»، بطولة
أحمد حلمي وإيمي ودنيا سمير غانم، وإخراج شريف عرفة، وعلى رغم أن الفيلم
كتب عقب الثورة المصرية، إلا أنه يدور في إطار كوميدي بعيد عنها ولم يتطرق
إليها من قريب أو بعيد.
كذلك ابتعد فيلم «جدو حبيبي» بطولة بشرى وأحمد فهمي عن كل يتعلق
بالثورة، وتدور أحداثه في إطار كوميدي خفيف متناولةً العلاقة بين الجدّ
والحفيدة.
أنسب الحلول
تثبت الأفلام المصرية المرشحة لموسم عيد الأضحى أن الابتعاد عن الثورة
هو أنسب الحلول في هذه الفترة، خصوصاً أن الاتهامات بالمتاجرة بها تطاول كل
من يفكر في الاقتراب منها. يضاف إلى ذلك أن الثورة حدث لم يكتمل بعد لتتم
كتابته والدفع به إلى دور العرض.
كذلك أثبتت تجربة الأفلام التي عرضت في عيد الفطر أن المجازفة بالثورة
تنتج أفلاماً سطحية لا ترضي الأذواق وتؤدي إلى خسارة الإيرادات واكتساب
عداوة الجمهور وغضب النقاد، تماماً كما حدث مع «بيبو وبشير» بطولة آسر
ياسين ومنة شلبي وإخراج مريم أبو عوف، عندما اقتبس جملاً ثورية من ميدان
التحرير، و{تك تك بوم» لمحمد سعد ودرّة، الذي جسّد الثورة في شكل هزلي من
خلال البطل الذي يتزوج في 25 يناير، أول أيام الثورة المصرية.
الجريدة الكويتية في
30/09/2011
وجهة نظر: العم خيري … والسينما
محمد بدر الدين
فارق الأديب المبدع خيري شلبي دنيانا إلى رحاب الله وحياة أخرى فجر
الجمعة التاسع من سبتمبر (أيلول) الماضي. وأديبنا القدير المولود في محافظة
كفر الشيخ في 31 يناير 1938، أُطلقت عليه ألقاب مميزة، من بينها: «وتد
الرواية المصرية»، «أمير الحكائين»، «مبدع الفانتازيا التاريخية»، «كاتب
المهمشين والفقراء»… غير أن أحبّ الألقاب إلى قلبه ما كان يناديه به محبوه
ومريدوه: «عم خيري»، فهو «العم» بالنسبة إلى شباب أجيال في الأدب والإبداع،
فيما ينادون رفيقه وصديقه الأبنودي «الخال».
اهتم «العم خيري» بالسينما فكتب مقالات في الفن الذي عرف به أكثر من
غيره، وكانت «صورة قلمية» أو «بورتريه» لأهم شخصيات الفن السينمائي من نجوم
ومخرجين ينتمون إلى حقبات تاريخ السينما المصرية المختلفة. كذلك اهتم
بالسينما كاهتمامه الواسع بالفنون كافة ووسائل الإبداع الإنساني، غير أن
السينما المصرية، بحكم تخلفها وفساد أوضاعها بل جهل أو جهالة صناعها، لم
تهتم بدورها بأدب هذا المبدع المتميز الذي عرف بالرقي والجمال والدراية
العميقة بالمجتمع والحياة والإنسان، و{بالكم» الوفير إلى جانب «الكيف»
الرفيع، ولم يدرك صناع السينما ومنتجوها قدر الرجل وإنتاجه الروائي والقصصي
الحافل والمؤهل تماماً ليستمدّوا منه على الأقل، حكياً مدهشاً وتيمات
لافتة وزوايا خاصة وجوانب من عالم أبدعه «العم خيري» بإتقان ودأب ومثابرة،
على امتداد سنين. فقد عبَّر عن واقعنا المعاش، وحافظت نصوصه في الوقت نفسه
على عالمها الخاص الذي يدخل في الواقعية السحرية أو الفانتازيا التاريخية
أحياناً، ويجوب أعماق الواقعية وآفاقها في جوانبها المتعددة وضروراتها
المستمرة أحياناً أخرى. ومهما أضاف المبدعون غيره أشكالاً تتجاوز الواقعية،
إلا أنها تظل «متجاورة» وليست «متجاوزة» إحداها للأخرى، أو أحدثها للأسبق.
عملان سينمائيان هما الحصيلة التي استفادت السينما من خلالهما من أدب
«العم خيري» وقصه: «سارق الفرح» الفيلم الجميل للمخرج المبدع داود عبد
السيد، و{الشطار» فيلم متواضع المستوى إخراج نادر جلال لم يأتِ بقيمة أدب
خيري شلبي، بل انتمى إلى السينما التجارية الاستهلاكية بحكم انتماء مخرجه
إليها، بينما انتمى «سارق الفرح» إلى الإبداع بمفهوم السينما كفن وتعبير عن
رؤية وموقف، وبحكم انتماء مخرجه إليها.
في الوقت نفسه، اقتصر تعامل أو تفاعل الدراما التلفزيونية مع عطاء
أديبنا على تقديم مسلسلين سيناريو شلبي وحواره هما: «الوتد» إخراج أحمد
النحاس، و{الكومي» عن «ثلاثية الأمالي» إخراج محمد راضي، وثالث «وكالة
عطية» المستوحى من رواية لشلبي تحمل العنوان نفسه، كتبه للتلفزيون المخرج
فنان السينما رأفت الميهي وأخرجه، وقد التقت فيه «روح الفانتازيا»، إذا جاز
التعبير، لدى كل من المبدعين القديرين شلبي والميهي، وإن بدا المسلسل عند
عرضه على شاشة رمضان قبل عامين، غريباً مختلفاً عن السائد من أعمال
استهلاكية ذات موضوعات مكررة وحرفية ضعيفة…
يبقى أهم الأعمال «سارق الفرح»، فقد وزع داود عبد السيّد النص الأدبي
في عرض الفيلم الخاص اعتزازاً به، كونه يعبر عن تلاقي الفكرة والروح
والإحساس لدى كل من الأديب الكبير والسينمائي الكبير. والفيلم بطولة: لوسي
في أفضل أدوارها في السينما، ماجد المصري في أهم فيلم شارك فيه، إلى جانب
حسن حسني وحنان ترك في دورين مميزين… وغيرهم. ولعل عنوان «سارق الفرح» حمل
معنيين أو حفل بهما معاً، أحدهما عن رموز الفساد والإفساد في حياتنا
المسؤولين عن إفقار الإنسان الطيب الذي ينشد أبسط الحقوق في حياة لائقة.
هؤلاء مستميتون حتى النهاية، نهايتهم أو نهايتنا، على «سرقة الفرح» من
حياتنا… أما المعنى الثاني، فهو ما تمثل في محاولة بطلي الفيلم (لوسي
والمصري) الحصول، بعد عذاب وكدّ وانتظار، على حقهما في الزواج وبناء حياة
وبيت سعيد، ويحاول أمثالهما ممن فرض عليهم العوز وضيق اليد، ولو للحظات،
اختلاس أو «سرقة» الفرح وتذوّق طعمه وسط مرارات تتلاحق وعذابات تحيق بهم.
ويوظف داود عبد السيّد في فيلمه الأخاذ الغناء والاستعراض بكلمات
بسيطة معبرة عميقة، كتبها بنفسه وغناها أبطاله في مشهد استعراضي جميل لا
ينسى.
إنها مقدرة فنان السينما عندما يكون مرهفاً ومثقفاً ومطلعاً على أدب
نابض زاخر مدهش كأدب «العم خيري»، فيأخذ السينمائي من أدب الروائي، يستلهم
ولا ينقل، يستوحي ولا يكرر… إنه اللقاء الجميل على شاشة الفن السابع، بين
قلم خيري وكاميرا داود.
الجريدة الكويتية في
30/09/2011 |