يبدو أن ابتعاد الفنانة القديرة نادية لطفي عن الفن ثلاثين عاما، أضاف
إلى شخصيتها المزيد من الألق والتوهج والحيوية، فقد هجرت فن السينما
المحدود إلى فن الحياة الواسع الآفاق والمجالات، لتراقب الساحة الفنية بعين
الناقد الفني، ولتراقب ما يحصل في الوطن العربي بعين المحلل السياسي، فتضع
النقاط على الحروف بتجرد وموضوعية ومسؤولية، وهذا ليس بالأمر الغريب على
فنانة كانت ولا تزال رمزا من رموز الفن في الوطن العربي.
·
تعانين منذ فترة من مرض «عرق
النسا»، فهل تمضين وقتك في متابعة التلفزيون؟
- أنا أمضي وقتي بين القراءة والمكلمات التلفونية ومتابعة محطات
التلفزيون بقدر المستطاع. أنا راقدة في الفراش منذ فترة بعيدة، ولو أنني
مصابة «بعرق رجال يبقى أهون». ولكني تعلمت كيف أصاحب الألم، وكيف أصبر عليه
«لحدّ ما هوا يزهق».
·
ما الأعمال التي تابعتها في
رمضان؟
- تابعت بعض الأعمال وهناك أعمال أخرى أنتظر مشاهدتها عند الإعادة.
متابعة التلفزيون تتطلب تفرغا لمدة 24 ساعة يوميا، وأنا لا أملك القدرة على
ذلك.
·
هل يمكن أن أعرف كم تبلغين من
العمر؟
- هذا السؤال حساس «شوية»، ولا أعتقد أن هناك فائدة منه.
·
سؤال مزعج؟
- هو ليس مزعجا ولكني لا أفهم لماذا لا يوجه السؤال سوى إلى الفنانين
فقط.
·
هل أنتِ مع النظرية التي تقول إن
الإنسان لا يقاس بعمره؟
- بل هو يقاس بعمره.
·
بعد تاريخ فني وشخصي مزدحم
بالخبرة، التجارب، النجاحات، الشهرة والأضواء، ما المحصلة التي خرجت بها من
هذه الحياة؟
- من الصعب جدا أن أجيب عن هذا السؤال بجملة أو بشكل مبسط. ولكن هل
أنا استمتعت بالحياة، بتجرد؟ هل أنا عشتها بمتعة، بصرف النظر عمّا إذا
كانت، ووفق ما يقال، حلوة أو مرة، لأن في كليهما رحيق جميل. من هذا المنطلق
يمكنني القول إنني استمعت جدا ونتاجي كان أحلى.
·
تقصدين إنتاجك الفني أم
الإنساني؟
- كلاهما، لأنهما جزء واحد. هما أنا وأنا هما. أنا عشت العمل الفني،
الإنساني، الحياتي والفكري، ولا يمكن الفصل بينهما، لكن في إنتاجي الأخير،
شعرت بأنني حصلت على مكسب كبير منحني متعة الانتشاء بالحياة.
·
قلتِ إنك لا تفصلين بين حياتك
الخاصة وحياتك الفنية، ولكنك على الرغم من ذلك ابتعدت عن الفن في السنوات
الأخيرة؟
أنا لم أبتعد عن الفن، لأن الفن هو الحياة والحياة تضم فنونا متقدمة
عن الفن المتعارف عليه أو المحدود أو «الكلشيه» إذا صح التعبير.
·
نفهم أنك أكملت مشوارك الفني
بطريقة مختلفة عن السائد والمعروف؟
- نعم، فهذا هو أسلوب تفكيري أو تحليلي للحياة. أنا لا يمكن أن أستقي
شهرتي ومتعتي من داخل جدران البلاتوه أو الاستوديو، إذا لم أشعر بأنني
أستمتع مجددا، بتقديم عمل فيه فكر أو رسالة أو رؤية مضيئة، وإذا لم أجده،
فسوف أجده خارج حائط العمل.
·
هذا الكلام يؤكد أن الأعمال
الفنية التي تعرض عليك لا تلفت نظرك على الإطلاق؟
- هذا صحيح ومن خلال التجربة أؤكد أنني لم أشعر بالنقص على الإطلاق،
بل بثقة أكبر بالنفس.
·
يبدو أن الفن لم يمنحك اللذة
التي كنت تبحثين عنها في الحياة؟
- الفن هو مفتاح الحياة.
·
وأي الأبواب فتح لك؟
- عندما يصلني نداء عبر الهاتف، كما يحصل في هذا اللقاء، أتألق معه
واستمتع به جدا. ليس شرطا عندي أن أصوره أو أن أسجله تلفزيونيا، بل كل ما
يهمني أن أرقى في فكر ووجدان البشرية. على فكرة، الصوت والهواء مفضلان
عندي.
·
متى وكيف توصلت إلى قناعتك حول
الفن؟
- تكونت مع الوقت، خاصة أن لدي رؤية في الخط الفني. أنا أتمتع بحس
الصحافي والباحث عن الحقيقة، وهو كان الخط الأساسي الذي اعتمدت عليه في
اختياراتي الفنية، وعندما لم أجد أن هناك تقدما أو حصيلة أكبر فضلت
الابتعاد.
·
ولا تزالين مبتعدة عن الشاشة منذ
نحو 30 عاما؟
- نعم، ولكنني أشعر وكأنها يوم واحد.
·
ألا تشعرين بالحنين إلى الشهرة
والأضواء والنجومية؟
- ليست متعتي في الحياة.. ما معنى أن يكون الإنسان مشهورا؟ أنا لا
أفهم ما هي الشهرة ولا أعيها.. الشهرة هي أن يشتهر الإنسان بشيء جيد، فيه
قدوة، والمفتاح الذي بدأت من خلاله، أعطاني جواز سفر الحب، الثقة المفقودة
عند الآخرين، والإنسان بطبعه يحب أن يكون محل ثقة، حب واهتمام. المرحلة
الفنية التي عشتها وفرت لي كل ذلك، وفتحت أمامي أبوابا كبيرة لمجالات أوسع
وأكثر متعة، ويوميا أنا أنتشي بالجديد، لأنني لا أعمل على نصوص جامدة.
·
ولماذا فقد الفن كل المزايا التي
أشرت إليها، والتي جعلتك تهجرينه، في وقت لا يزال فيه الآخرون مستمرين، هل
لأن تجربتك كانت أغنى ونضوجك الفني كان أكبر؟
- لا أعرف، أنا أحاول أن أشرح الخط البياني الخاص بي والخط الفني الذي
سرت عليه، من دون أن أخطط له، ولكن تأملي الشديد وإيماني بالرسالة الفنية
أوصلني إلى هذه القناعة. الله أنعم علي بنعمة القبول والرفض، وكثيرون لا
يتمتعون بهذه الإمكانية، ومن وجهة نظري، فإن الرفض أو القبول عن قناعة
وإيمان، نعمة من رب العالمين، وأنا أرفض بحب وأقبل بحب أيضا.
·
وهل لهذا الأمر علاقة بقوة
شخصيتك؟
- لا يوجد تعريف محدد للشخصية القوية، فالبعض يراها الشخصية
«الجامدة»، بينما البعض الآخر يراها الشخصية «المتفاعلة»، لذلك لا يمكن أن
أجيب على هذا السؤال لأنني صاحبة العلاقة.
·
الفن في مفهومه الحقيقي قيمة
ورسالة، فما الذي وجدته في هذه الأيام وجعلك ترفضينه؟
- أنا لم أرفضه ولكنني لم أتفاعل معه. الفن هو حلم والحلم هو خيال،
وعندما أتسلم صورة «أنا شايفاها وعرفاها قبل أن أخشّها»، فإنها ترفض
تلقائيا بريقها عندي. أي أنني عندما تسلم شخصية أجد نفسي قادرة على تخيلها
والتحليق معها والغوص فيها، فهنا تكمن المتعة، بينما عندما أتسلم شخصية،
سبق أن جسدتها أو رأيتها، فإنها تفقد بكارتها عندي.
·
عن ماذا كنت تبحثين في النصوص
التي رفضتها؟
- أنا لا يمكن أن أقبل بنص لا أفهمه، لست متفقة مع الرسالة الموجودة
في مضمونه، لا أحترمه ولا يوصل فكري أو يقدمني كفنانة إلى المشاهد. أنا لا
يمكن أن أوقع على ورق لا أصدقه، فيه تمييع، تضليل، ضحك فكري أو دعارة
فكرية.
·
هل ترين أنه لم يعد يوجد كتّاب
يقدمون نصوصا جميلة؟
- الأدب نفسه، خلال الثلاثين سنة الماضية يعاني من ضمور. معظم الكتاب
والمفكرين ما قبل العقود الثلاثة الماضية، اهتموا بالأدب والرواية والفكر
الإنساني الخلاق، وفي فترة من الفترات، اتجه كل الكتاب الذين يملكون مقدرة
نحو السياسية، ولذلك أصيح: هناك ندرة في كتاب الفن، إما برحيلهم وإما بتحول
الأجيال التي أتت بعدهم نحو السياسة.
·
وكيف تفسرين أسباب هذا التحول؟
- لأن الظروف الاجتماعية العالمية أثرت على الأدب، وأدت إلى اندثار
الأدب الروائي. آخر أدباء مصر كان يوسف إدريس وإحسان عبد القدوس، اللذان
يعتبران من الأقلام الشابة، ومن بعدهما لم يستطع أحد أن يملأ الفراغ، ولذلك
حصل انحدار في الأعمال السينمائية والتلفزيونية، في المقابل، برزت أقلام في
الأدب اللبناني، السوري، العراقي، المغربي، المصري، التونسي تعبر عن
واقعها، جسدها أدباء وشعراء كبار وآخرهم محمود درويش. ما نشاهده من أعمال
فنية، منقول عن أعمال الأجنبية، بعد تلبيسه، الفلكلور لبناني، أو الجلابية
المصرية.. أي أن البذرة الأساسية لم تنبت في أرضنا، وهذا يدل على حالة قهر
وهلع فكري، هذا فضلا عن أن كل الأعمال منقولة بطريقة مشوهة.
·
وهل يرتبط هذا النضوب بالواقع
الذي عاشته الأمة العربية؟
- السينما هي انعكاس كامل لمجتمعها، اقتصاديا، فكريا، علميا وثقافيا،
وكل عناصره تصب في مصلحة الأوطان. حتى النيل تحول من نهر يروي وله مذاق،
إلى بحيرة كل ما يصب فيها لا مذاق له ورائحته كريهة.
·
ألم يلفت نظرك أي من الأعمال
التي قدمت خلال الأعوام الثلاثين الماضية وتمنيته لك؟
- في الأساس، أنا أؤمن بالعمل الجماعي، بالنهضة الكاملة وليس بنهضة
الفرد. لا يمتعني نجاح الفرد في بركة راكدة، بل أحب البركة الصافية
والنظيفة. أنا أستمتع مع المجموعة، سواء كانت بعيدة أو قريبة مني. المساحة
الإقليمية لا تحدني بل أنا فتحت حدودي على الجميع لأنني لا أؤمن بالحدود
ولا أمارسها ولا أحب أن يعطيني أحد تأشيرة مرور.
·
انطلاقا مما تقولينه، تعتبرين
نفسك مواطنة عربية أولا ولست مجرد مواطنة مصرية؟
- أنا هي أنا، ولا يمكنني أن أصنّف مصرية. أنا إنسانة موجودة في هذا
الكون.
·
بصراحة، هل تشعرين بالقرف
والغثيان تجاه كل ما يقدم فنيا؟
- ليس تجاه كل ما يقدم! ولكن إذا تجاوز الخط الـ60 في المائة فهذا
يعني أن هناك سقوطا. في المقابل، فإن النسبة الباقية أي الـ40 في المائة
عظيمة، لكنها لا تتوزع عليّ، وهذا ليس هدفي في الأساس، وأنا لا أصارع من
أجل هذه النسبة الصغيرة، بل أريد أن أدعمها فقط.
·
مَن مِن بين الممثلات تجدين فيها
نادية لطفي ثانية؟
أنا نفسي لا أستطيع أن أقول إنني نادية لطفي قبل 30 سنة أو 10 سنوات.
أنا نفسي لا أستطيع أن أكرر نفسي. من يريد أن يكون نسخة عن فنان آخر، لا شك
أنه سيتعب جدا.. جدا.. جدا.
·
ألا يلفت نظرك أحد؟
بل كثيرات يلفتن نظري. العمل الفني يتوقف على العمل الجماعي، فنحن
يمكن أن نبهر ونعجب بفنان معين عندما يقدم عملا، ويمكن أيضا لهذا الفنان أن
يقدم عملا ولا نرضى عنه. الفن عمل جماعي والفنان جزء منه. الفن يشبه الوطن،
فالوطن من دون اقتصاد يعاني من عدم توازن، ومن دون علم يعاني من التخلف
والجهل. إذا لم تتوفر في العمل الفني العناصر العلمية، الثقافية، الفنية
والجنونية لا يمكن أن ننبهر به. من هنا يمكن أن نقول عن ممثلة أو ممثل إنه
واعد، انطلاقا من العمر، جدول الأعمال والاختيارات، والوجود والتعامل في
المجال. مثلا لو أخذنا تجربة خالد الصاوي، يمكن أن نقول إنه فنان واعد، بل
هو ليس واعدا فقط، لأنه أعطى أكثر مما كنت أتوقع منه.
·
ما رأيك في الثورات التي تحصل في
الوطن العربي، هل هي متشابهة أم أن الثورة المصرية تمثل حالة خاصة؟
- الثورات متشابهة في كل الوطن العربي، لأن الجيل أزال كل حدود القهر.
لا شك أنها تطلبت وقتا في التفاعل، الكبت، النظر والوجوم.. لو تسنى لك رؤية
بريق العينين في الشارع أثناء الثورة لعرفت ماذا أقصد. كل شخص لديه مشكلة،
لأنهم أمسكوا بجيل كامل، مما تسبب بقهر كامل. وعندما تفجرت الثورة في تونس
كان من الطبيعي أن تنتقل إلى كل الدول العربية، لأن كل شعوبها مربوطة بحزام
الحكم الاستبدادي البوليسي، حتى الذين كانوا موجودين في السلطة التنفيذية،
كانوا يشتكون، وهذا أمر مستغرب جدا، ما يعني أن هناك تشبعا كاملا من القهر،
فتفجّرت الثورات. أهم شيء في الإنسان أن يتمكن من قهر الخوف، وهذا ما أراده
ربنا لهذا الإنسان، الذي يعامل معاملة غير آدمية وتحطم رغباته.
·
هل تشعرين بالسعادة لأنك عايشت
زمن الثورات العربية؟
- طبعا! «العمر ده بتاع ربنا» ولكنني أريد أن أشكره، لأنه أعطاني فرصة
زمنية لأستمتع بهذا الزمن.
·
إلى أين يمكن أن تصل هذه
الثورات، وهل هي فعلا خلصت الشعوب من قهرها؟
- هذا الجواب متروك للمستقبل. الشعوب نفسها لا تصدق ما حصل معها،
عندما يمارس الخوف على الإنسان، فسوف يظل خائفا في أعماقه، ولكي يتخلص من
خوفه عليه أن يشعر بالطمأنينة، وهذا الأمر يتطلب بعض الوقت.
·
هل أنت مع فكرة أن يكون للفنان
موقف واضح ومعلن من الثورات؟
- لا يمكن الفصل بين الفنان والمواطن العادي، لأن كليهما مواطن، لماذا
يوجه هذا السؤال إلى الفنانين فقط، ولا يوجه إلى الأطباء أو المهندسين أو
النجارين، الفنان أيضا صاحب مهنة، ولا يمكن إخراجه من بين الآخرين.
·
لكن بعض الفنانين يخافون من
التعبير عن مواقفهم السياسية، لكي لا يخسروا جزءا من الجمهور؟
- هم أحرار، هناك أشخاص يختارون وفق ما تمليه عليهم رغباتهم أو
مصالحهم، وهم بذلك يحققون متعة ذاتية، وفي المقابل هناك أشخاص لديهم مشاعر
أخرى جماعية.
·
هل أنتِ مع القوائم السوداء التي
تصنف الفنانين بين مؤيدين للثورة ومؤيدين للنظام؟
- هي مجرد مرحلة انفعالية ولا يمكن أن تستمر، كما أنها غير مؤثرة.
·
ولكن بعض الفنانين يتعرضون
لهجوم، والبعض الآخر يقاطع الجمهور أعمالهم، بما فيهم عادل إمام الذي كان
يلقب بـ«فنان النظام»؟
- هو اختار أم أنه لم يختر!
·
بل هو اختار.
- خلاص.
·
أنتِ ضد مواقفه السياسية؟
- أنا أعرف عادل إمام منذ عام 1966. ولكنني موضوعية «وما عنديش القرد
في عين أمه غزال». أنا أحبه جدا.
·
من هو مرشحك للانتخابات الرئاسية
في مصر؟
- لا جواب لدي، ولكنني أؤمن بأنه يجب أن يقر دستور لإرساء القانون
العام، وحماية الحريات. لأن الدستور هو الذي يمنع أي شخص من التعدي عليه.
الشرق الأوسط في
16/09/2011
الضحكة المفقودة بين بيبو وبشير
حنان شومان
أغلبنا فقد مؤخرًا القدرة على الضحك، فقد غاب كثير من أسباب البهجة فى حياة
المصريين قبل سنوات ومازال. ولا أظن أنى أكون مبالغة إذا قلت إن أغلب
المصريين لم تعد لديهم فرصة للابتسامة إلا من خلال عمل فنى مبهج كوميدى،
وأغلبنا يتلمس هذه البهجة من أفلام الأسود والأبيض، حتى لو كنا حفظناها عن
ظهر قلب، لأن قليلاً مما يطلقون عليه «كوميدى» الآن قد يبعث على بعض
الضحكات، ولكن أغلبه بائس الصنعة والضحكة والنتيجة والمعنى.
ولكنى أتصور أن فيلم «بيبو وبشير» الذى يعرض الآن يندرج تحت قائمة الأفلام
القليلة التى قد تبعث على البهجة. الفيلم كتب قصته والسيناريو هشام ماجد،
وأخرجته مريم أبوعوف فى أول أفلامها للسينما، وقام ببطولته منة شلبى وآسر
ياسين، وشاركهما الوجه الجديد محمد ممدوح وعزت أبوعوف وصفية العمرى وسلوى
محمد على، والمخرج محمد خان ممثلاً.
الفيلم يحكى عن شاب وفتاة تجمعهما الظروف للسكن معًا دون أن يدركا ذلك،
ويقعان فى الحب، وتتداخل الأحداث ليكتشفا ما أخفاه عنهما صاحب العقار
لشهور، وحينها يختلفان، ثم يجمعهما ثانية الحب والعزيمة، والأهم النجاح.
بيبو وبشير فيلم ينقلك إلى عالمه وضحكاته دون أن يصرخ فى أذنك ودون أن
يبتذل عقلك، والأهم دون أن يدعى شيئًا غير أنه فيلم سينمائى وظيفته الأولى
أن تستمتع طوال مدة عرضه، لأن مهمة السينما الأولى هى متعة المشاهد بلا
ادعاء.
مريم أبوعوف فى تجربتها الأولى السينمائية تنبئ عن روح مخرجة ستكون ذات
بصمة حتى دون قضية زاعقة، لأن أصعب الأفلام هى تلك التى لا تحمل قضية
بعينها وتستطيع رغم ذلك أن تلفت انتباه المشاهد.
وقد أختلف مع كثير من الزملاء الذين سبقونى فى الكتابة عن هذا الفيلم
وأشاروا إلى أنه يشبه فيلم «غريب فى بيتى» لسعاد حسنى ونور الشريف، أو
أفلام أخرى قائمة على فكرة مشاركة رجل وامرأة فى بيت واحد، أختلف لأن فى
الدراما، كما فى الحياة، الحكايات قد تتشابه فى بعض جوانبها، لكن بالتأكيد
المعالجة والتفاصيل وشخصيات البشر تجعل كلاّ منَّا مختلفًا حتى لو أننا
جميعًا كبشر لدينا عينان ووجه وشفتان ويدان وجسم وقدمان، ولكن لكل منَّا
اسم وشخصية وحكاية مختلفة.
بيبو وبشير بهذا المنطق فيلم مختلف بالتأكيد عن «غريب فى بيتى» أو غيره.
منة شلبى تقدم وجهًا مختلفًا فى هذا الفيلم، وجهًا كوميديّا يعتمد على
المواقف الباعثة على الضحك، وهى قادرة على مشاركتنا فيها، والأمر نفسه
بالنسبة لآسر ياسين الذى فاجأنا فى هذا الفيلم بأداء مختلف عن مسيرته
الفنية حتى الآن، وبدا بين الاثنين تناغم جميل. كل من شارك من الممثلين فى
هذا الفيلم أجادوا، ولكن المفاجأة كانت فى محمد ممدوح، الوجه الجديد، فى
دور صديق آسر، والوجه الجديد للممثل محمد خان المخرج القديم.
بيبو وبشير أزمته أنه عُرض فى موسم الفوضى الفنية والسياسية، فتاهت عنه
العيون والضحكات.
اليوم السابع المصرية في
16/09/2011 |