المرة الأولى التي التقيت بها بالنجمة البريطانية «هيلينا بونام كارتر» كان
ذلك في عام 1985، وفي مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي ويومها جاءت مع فيلم
«غرفة ومنظر» للمخرج الكبير جيمس إيفوري. ومنذ ذلك اليوم وهيلينا تحلق
بعيداً عالياً، عبر اختيارات سينمائية، مذهلة تمتاز بالقيم التي تؤكد
عليها، وفي هذا الاطار، يأتي فيلم «غرفة ومنظر» الذي يعتمد على نص روائي
رائع (إي. إم فوستر) الذي قدم العديد من الاعمال الروائية الخالدة، والتي
سرعان ما تحولت الى ابداعات سينمائية مهمة ومنها «هيوارد اند» و«ممر إلى
الهند» وهذا العمل كان آخر أعمال الراحل دايفيد لين، كما قدم لفوستر ايضاً
رواية «حوريس».
وحظى بالنسبة الأكبر من كتابة سيناريوهات تلك الأعمال الروائية الكاتبة روث
براور جابافلا، الحاصلة على جائزة بوكر في الرواية عن روايتها «حرارة
وغبار» ونظراً لارتباطها مع المخرج القدير جيمس إيفوري، فقد شكلا ثنائياً
قدما للشاشة السينمائية كماً من التحف والنتاجات التي رسخت حضورهما
كمبدعين.. وكمحترفين.
ونذهب الى المخرج جيمس إيفوري، الذي شاءت الظروف ان يلتقي بالمنتج الهندي
«إسماعيل ميرشنت» وايضا الكاتبة الألمانية روث جابافالا، حيث راح هذا
الثلاثي يدهش العالم بنوعية الأعمال السينمائية التي تعاونا على تقديمها..
وكان حصادها دائماً الاوسكار.. أو جوائز المهرجانات التي يشاركون بها ومنها
البندقية.. وكان.. وبرلين وغيرها.
ومنذ اللحظة الأولى لمشاهدة أي فيلم من أفلام جيمس إيفوري، نلاحظ التأثر
الواضح بأعمال الهندي الراحل ساتيجات راي، وجان رينور حيث ضخامة الانتاج،
من أهم أعماله «حرارة وغبار» و«البوسطونيون» و«غرفة ومنظر» و«موريس»
و«هيواردز اند» و«بقايا النهار» و«جيفرسون في باريس» وفي كل محطة يتوقف بها
يظل الحب هو المحور الأساس فيما يقدم وما يشتغل الحب بما يفعله من متغيرات
وتأثيرات.
والآن دعونا نذهب الى حكاية الفيلم حيث نتابع حكاية لوسي هنشيرش وشارلوت
باركليت، اللتين وصلتا الى فلورنسا ايطاليا، ولكنهما لا تحصلان على غرفة مع
منظر في الفندق الذي يقيمان به.
وفي العشاء تلتقيان مع السيد الثري اميرسون ونجله جورج والذي يبادرهما
باقتراح ان يتبادلا الغرف ليمنحهما غرفته التي تطل على منظر جميل خلاب.
وتوافقان على ذلك العرض السخي الكريم، وتلك المبادرة لمزيد من الاقتراب بين
لوسي الجميلة وجورج ابن الثري أميرسون.
وأمام تلك العاطفة، تأتي القبلة بين جورج ولوسي وقد تكون تلك القبلة
اعتيادية في المجتمع الغربي، ولكن ان تكون الصبية مخطوبة ومرتبطة فإن
القبلة تأتي لتعصف بحياتها.
حيث تتفجر مشاعر الشك عند لوسي تجاه زوجها.. وتحاول أن تقنع نفسها بأنها
تحمل له ذات المشاعر وذات الأحاسيس، ولكنها تظل تسأل نفسها، كيف يكون ذلك
بعد تلك القبلة، التي غيرت الكثير من المعاني بداخلها، وغيرت ايضاً الكثير
من الأحاسيس حتى طعم تلك اللحظة العابرة التي تم اختصارها بقبلة.
اسئلة تزدحم في وجدان وكيان «لوسي» تحاصرها وتأسرها، تجعلها تذهب الى
التفسير والتحليل.. والشك حتى انها تبدأ بالكذب بأنها ليست على علاقة مع
جورج بينما الأحاسيس تذهب الى ما هو أبعد من ذلك.
تجري الأحداث في مطلع القرن العشرين، بالذات عام 1900 في فلورنسا حيث جمال
الطبيعة والهندسة وعندها تتفجر الأحاسيس، لتكتشف تلك الصبية الإنكليزية أن
ما تعيشه هو شيء ما مختلف كليا عن كل لحظات عمرها وحياتها وعلاقتها مع
زوجها، شيء يعصف بها ليغير قدرها وتاريخها.. وعمرها.
أسئلة قدرية.. مصيرية ، يكون أمامها الانسان أمام ذلك السؤال المحوري (أكون
أو لا أكون).
لحظات حاسمة قبل الارتباط بابن عمها وخطيبها.. تكون أمام المحك.. وأمام ذلك
السؤال المحوري.
ولكنها قبل الذهاب الى الاجابة تضع نفسها أمام الاختبار تعيش التجربة تعرف
أبعاد العلاقة الجديدة في البداية تنكر.. ولكنها لا ترفض وتنفي ولكنها لا
تمانع.. تذهب الى التجربة، لأنها ترى شيئاً ما مختلفاً عما عرفته وعاشته
وحسته.
وحينما تصل الى القرار، تقلب كل شيء، لأنها أمام حب يغير القدر.. يغير كل
شيء.. حتى الانتماءات الطبقية التي تنتمي اليها.. وهي ابنة الأسرة العريقة.
خلف هذه التجربة نجوم مبدعون، تتقدمهم الليدي ماجي سميث بدور، «شارلوت»
الوصية على الصبية لوسي، وماجي سميث تعتبر واحدة من سيدات المسرح والسينما
البريطانية، وسيظل العالم يتذكر لها كما من الاعمال السينمائية الخالدة،
ومنها «هاري بوتر» و«غرفة ومنظر» وهوك و«ريتشار الثالث»، وكما آخر من
الاعمال السينمائية الهامة.
اما الجميلة هيلينا بوتام كارتر، فحياتها الفنية تمثل مجموعة من المراحل،
اولها تلك الكلاسيكيات السينمائية ثم الانتقال الى عوالم الدهشة، حينما
ارتبطت مع المخرج الاميركي تيم بيرتون، ومن أبرز أعمالها: أليس في بلاد
العجائب و«سوني تود» و«خطاب الملك»، «هاري بوتر» و«شارلي ومصنع الشكولا»
و«كوكب القردة» وغيرها من الاعمال السينمائية، وفي كل مرة، تظل هيلينا
تمتلك المقدرة على الانتقال بين الشخصيات بلباقة فنية عالية.
وفي دور جورج، هنالك الممثل البريطان جوليان سان، الذي يظل حاضرا في أفلام
مهمة مثل «حقول القتلى» «الحياة في لاس فيغاس» و«أوشن ثيرتين».
وفي دور السيد اميرسلون، النجم الكبير دينهام اليوت، احد اساتذة التمثيل في
المسرح البريطاني، الذي شاهدناه في أكبر عدد من أفلام الغامرات، ومنها
«انديانا جونز» و«موريس» و«سبتمبر» وغير.
ونعود الى ذلك الثلاثي، المتمثل في جايافالا وايفوري وميرشنت، الذي طالما
تعاون ليقدم للفن السابع نتاجات، عامرة بمهارة الصغة السينمائية، والمحافظة
على المناخات الخصبة بالتفاصيل.
وفي الفيلم كم من التفاصيل، من عوالم «فلورنسا» بكل بهاء هي... وايضا
المجتمع الثري الانكليزي، القادم الى فلورنسا بكل تفاصيل حياته...
الارستقراطية.
الرواية كما الفيلم مليئة بالشخصيات الثرية الغنية بالأبعاد والعمق، لكل
شخصية كيانها ومضامينها التي تمنحها مسارات درامية ثرية، تعمل على ترسيخ
وتأكيد كم من المضامين الاجتماعية والفكرية والانسانية.
اما النجم الحقيقي للفيلم فهي «هيلينا بونام كارتر» التي تعطي منذ مرحلة
مبكرة من مشوارها، اشارات واضحة عما ستصل اليه من مكانة وقيمة وسمعة.
ممثلة قليلة الحجم، لكنها في حقيقة الامر، اكبر... وأبعد.. وأقيم من كل
ذلك، حالة من الثراء الفكري، وايضا المقدرة على بلورة أبعاد كل شخصية
تقدمها، حتى في أفلام الفانتازيا والمغامرات التي راحت تقدمها مع زوجها
المخرج تيم بيرتون، هي حاضرة، لا يمكن العبور عنها وتجاوزها، بما تمتلك من
اقتدار... وهي في «غرفة ومنظر» كما هي في «خطاب الملك» تلك الممثلة التي
تشتغل على الشخصية، فتمنحها الكثير من الثراء والعمق الفني والابداعي.
في الفيلم لهجة سرد عالية الجودة، تأسر المشاهد، تجعله ملتصقا بالأحداث
والتفاصيل الدقيقة لكل حدث وشخصية ومضمون وفي الفيلم ايضا بهاء الصورة من
خلال المصور توني روبرت الذي ينقل لنا التفاصيل في عصور النهضة من خلال
مدينة فلورنسا الايطالية.
وهكذا هو الموسيقار ريتشارد روبنز، الذي يدخلنا عوالم تلك الفترة، عبر
موسيقى صنعت خصيصا للفيلم.
الفيلم انتج بمبلغ «3» ملايين دولار، مع أكثر من «60» مليون دولار... وحصد
ايضا ثلاثة أوسكارات، و21 جائزة أخرى، وايضا ترشح لأكثر من 10 جوائز...
ويظل فيلم «غرفة ومنظر» درسا للاحتراف السينمائي، والعلاقة بين الرواية
والسينما... وقبل كل هذا وذاك... الحب حينما يغير أقدارنا.
anaji_kuwait@hotmail.com
النهار الكويتية في
26/08/2011
«بيلا»..
أقدم استوديو تصوير في مصر يبوح بأسراره
أنشئ عام 1890.. يقبع في قلب القاهرة وشهد
ميلاد نجوم السينما المصرية
القاهرة: لبنى عبد السميع
قد لا يستوقفك عندما تسير في شوارع وسط البلد في قلب القاهرة، فهو استوديو
يبدو عاديا يجاور عدة أبنية ومحال، ولكن عندما تدخله تشعر بأنك رجعت عبر
آلة الزمن من القرن 21 إلى القرن 19.. إنه استوديو «بيلا» أقدم استوديو
تصوير في مصر، الذي يعود تاريخه إلى عام 1890.
أشرف محيي الدين، صاحب الاستوديو الشهير بـ«أشرف بيلا قصة» يقول إن
الاستوديو هو أول مكان تصوير في مصر، أنشأه عاشق التصوير الخواجة «بيلا»،
المجري الجنسية. في عام 1925 عاد بيلا لبلاده وباع الاستوديو لشخص لبناني،
و«شاركه جدي فهمي باشا هيبة في ملكية المحل. ثم بعد فترة باع الشريك
اللبناني حصته وأصبح الاستوديو مملوكا لعائلتي، فورثه والدي الذي علمني
المهنة منذ الصغر، ثم توليت إدارة الاستديو بعده».
ولأن استوديو «بيلا» هو الأقدم في مصر فقد أصبح الملوك والباشاوات والرؤساء
من زبائنه. «كان يحضر مندوب من قصر عابدين للاتفاق على حضور الخواجة بيلا
لتصوير أحد أفراد العائلة المالكة في القصر، وقام جدي بتصوير موكب للملك
فؤاد وكان إلى جواره حسين رشدي باشا، كما قام بتصوير اللواء إسماعيل صدقي
باشا واللواء أحمد شفيق باشا، ووسيل باشا حكمدار العاصمة، والتقط صورة
للملك فاروق في طفولته وهو راكب عربة صغيرة، كما قام والدي بتصوير الرئيس
جمال عبد الناصر وأحداث ثورة يوليو 1952، وجنازة عبد الناصر، والتقط صورا
عديدة للرئيس الراحل أنور السادات وزوجته السيدة جيهان السادات، وكانت
الصور وقتها أبيض وأسود، ولكن كنا نقوم بتلوين صور السادات وجيهان يدويا
باستخدام الفرشاة وألوان الزيت للخلفيات، أما الوجه فقمنا بتلوينه باستخدام
ألوان المياه».
يتميز استوديو «بيلا» بمحافظته على طرازه القديم، وهو أمر مقصود كما يوضح
محيي الدين: «طوال الـ119 سنة حافظنا على شكل الاستوديو وديكوره القديم،
كما احتفظ بكل الكاميرات ومعدات التصوير القديمة، مثل الكاميرا المنفاخ
التي لها عجل حتى يسهل نقلها وتحريكها، والفلاش الماغنسيوم، ومعمل التحميض
الأبيض والأسود، وأفلام التصوير المصنوعة من الزجاج، وكان حجم الفيلم 20X
25 سم، فالاستوديو بمثابة شاهد على تاريخ التصوير في مصر. ويواكب الاستوديو
أيضا كل ما هو حديث ومعاصر في عالم التصوير، حيث نستخدم أحدث آلات التصوير
الديجيتال ذات الجودة العالية».
ولأن استوديو «بيلا» هو أقدم استوديو تصوير فلا بد أن نتوقف عند تاريخ
التصوير في مصر، فيذكر محيي الدين أن التصوير لم يكن معروفا في مصر حتى
أدخله الأجانب، فبعد فترة من افتتاح الخواجة «بيلا» للاستوديو الخاص به في
شارع قصر النيل بوسط البلد، قام عدد من الخواجات اليونانيين والأرمن
بافتتاح استوديوهات مشابهة في منطقة وسط البلد مثل استوديو «أندرو»
و«ألبيرن» و«جارو»، فكانت منطقة وسط البلد كلها استوديوهات يملكها أجانب،
لأن فن التصوير لم يكن معروفا لدى المصريين. وكان للتصوير في الماضي بعض
الطقوس، مثل ارتداء الملابس الرسمية وهي البدلة ورابطة العنق والطربوش،
وكان الناس يحرصون على التصوير مرة كل شهر أو عند شراء فستان أو بدلة
جديدة، ومع تغيير تسريحة وقصة الشعر، فكان التصوير آنذاك رفاهية، كما كان
هناك ما يسمى الصورة العائلية، حيث تحرص العائلات سواء كانت غنية أو فقيرة
على الذهاب لاستوديو تصوير لأخذ صورة للذكرى، لذا كانت الاستوديوهات
القديمة تتميز ببلاتوهات التصوير ذات المساحة الشاسعة لتستوعب العدد الكبير
في الصور العائلية الذي قد يصل إلى 25 فردا، وهو ما يميز استوديو «بيلا»،
حيث تصل مساحته إلى 600 متر.
وللحفاظ على تاريخ الاستوديو لم ترغب عائلة أشرف محيي الدين في تغيير اسم
الاستوديو عندما قاموا بشرائه من الخواجة «بيلا»، فيقول: «لم يفكر جدي في
تغيير اسم (بيلا)، لأن تاريخ الاستديو مرتبط باسمه، والأكثر من ذلك أن اسم
الشهرة الخاص بي أصبح (أشرف بيلا) نسبة للاستوديو، وهذا الاسم أطلقه علي
الفنان الكبير حسين فهمي أثناء قيامي بتصوير كواليس أحد أفلامه، وأصبحت
معروفا من وقتها بهذا الاسم، كما أن اسم الاستوديو يجذب السائحين الأجانب،
خاصة المجريين الذين يأتون للاستوديو ليسألوا عن الخواجة (بيلا)، معتقدين
أن صاحب الاستوديو مجري الجنسية».
أكثر ما يلفت الانتباه في الاستوديو صور المشاهير بالأبيض والأسود المعلقة
على الجدران، وهو ما يفسره صاحب الاستوديو قائلا: «كل نجوم السينما المصرية
القديمة والحديثة تم عمل اختبار تصوير (تيست كاميرا) لهم هنا في هذا
الاستوديو، وكان والدي ومصورو هذا الاستديو هم من يحددون هل هذه الوجوه
الجديدة تصلح للتمثيل أم لا». ويضيف: «من أبرز النجوم الذين نعتز بتصويرهم
في الاستوديو وقمنا بعمل (تست كاميرا) لهم علي الكسار، فريد شوقي، ميرفت
أمين، مديحة كامل، لبلبة، هند رستم، ماجدة الصباحي، سميرة أحمد، ونور
الشريف، ويحيى الفخراني، ونعيمة عاكف وغيرهم الكثير، بالإضافة إلى كل نجوم
الجيل الجديد مثل أحمد السقا ومنى زكي ومي عز الدين وتامر هجرس. فقد اعتاد
المخرجون الكبار مثل يوسف شاهين، والسيد راضي، وجلال الشرقاوي، وخالد يوسف
وغيرهم على إرسال الوجوه الجديدة لنا لنقوم بتصويرهم، وعمل اختبار تصوير
لهم».
ولتصوير الفنانين طقوس خاصة يرويها محيي الدين: «لكي أصور أحد الفنانين،
فلا بد أن أجلس معه أكثر من مرة، لأتعرف عليه بشكل أقرب، وهو ما يساعدني في
اختيار كادرات التصوير المناسبة، والتعبيرات التي تظهره بشكل أفضل، حتى
أبرز مواطن جمال كل فنان ليظهر في النهاية في أجمل صورة».
استخدام التكنولوجيا في التصوير وبرامج الفوتوشوب أصبحت من الأمور الشائعة
في عالم التصوير، ويقول محيي الدين إن «تظبيط» الصورة قبل ظهور برامج
الفوتوشوب كان يأخذ ما لا يقل عن ثلاثة أيام، أما حاليا باستخدام البرامج
الحديثة تأخذ الصورة ثلاث دقائق على الأكثر. يضيف: «كان بديل الفوتوشوب
قديما هو وضع الفيلم على (البوبيتر) وهو عبارة عن قطعة زجاج أسفلها لمبة،
ونبدأ باستخدام قلم رصاص
HB
ونبدأ في إضافة الرتوش للوجه، وكان الفيلم يوضع فوقه (الألفونية) وهي عبارة
عن مادة (الماثولين) حتى تثبت خطوط القلم في الفيلم، فمثلا إذا كان هناك
شخص يعاني الهالات السوداء ستظهر في الفيلم بيضاء، لذا نلونها بالقلم
الأسود وبالتالي تظهر في الصورة بعد التحميض بيضاء، وهكذا نكون عالجنا
مشكلة الهالات السوداء في الصورة، وهو أمر صعب وشاق جدا، ويحتاج لمهارة
وحرفية عالية لتظهر الصورة طبيعية، وكنا بهذه الطريقة أيضا نعالج تجاعيد
الوجه ومشاكله».
وعن أهمية برامج الفوتوشوب حاليا، يقول: «استخدم برامج الفوتوشوب ولكن مع
الحفاظ على أسس التصوير السليم، بمعنى أنني أقوم بعمل رتوش بسيطة في الصورة
مع الحفاظ عليها كما هي دون تغيير الشكل، ولكن بإضافة بعض الرتوش لتصبح
الصورة أحلى». في النهاية، ينوي أشرف محيي الدين إعادة الأبيض والأسود إلى
عالم الصورة مرة أخرى باستخدام كاميرات الأبيض والأسود وليس برامج
الفوتوشوب، فيقول: «رغم أن كاميراتنا الأبيض والأسود ما زالت صالحة، فإن
المشكلة تكمن في عدم توافر الخامات، لذا نحول الصور لأبيض وأسود عن طريق
الكومبيوتر، ولكنني علمت مؤخرا أن هناك مجموعة من المصورين الأجانب يحضرون
خامات التصوير الأبيض والأسود من الخارج، ويرغبون في عمل جمعية للصور
الأبيض والأسود في مصر، لذا أفكر في التعاون معهم لأعيد الصور الأبيض
والأسود بالتكنيك القديم باستخدام الكاميرات والأحماض الخاصة».
الشرق الأوسط في
26/08/2011
كيارا ماستروياني تواجه في «المحبوبات» والدتها النجمة
كاترين دينوف
لعبة الشعر الأشقر وتحولات الجاذبية السينمائية وأذواق
الجمهور
باريس: «الشرق الأوسط»
في فيلمه الجديد «المحبوبات»، الذي ينزل إلى الصالات في فرنسا هذا الأسبوع،
يجمع المخرج كريستوف هونوريه بين النجمة كاترين دينوف وكيارا ماستروياني؛
حيث تقومان على الشاشة بدوري أم وابنتها، أي نفس دوريهما في الحياة. وليست
هي المرة الأولى التي تتواجه فيها الاثنتان في فيلم سينمائي، لكنهما هذه
المرة تتواجهان وقد أصبحت الابنة امرأة ناضجة هي أقرب إلى الصديقة منها إلى
البنت. وإذا كانت دينوف قد أخذت، طوال نصف قرن، حظها من الأضواء فإن كيارا،
الابنة التي أنجبتها من الممثل الإيطالي الراحل مارشيلو ماستروياني، قبل 40
عاما، ما زالت تبدو وكأنها تدور في حلقة محدودة على الرغم من أنها سليلة
نجمين حققا أعلى مراتب الشهرة والنجاح.
يبلغ رصيد كيارا في السينما 40 فيلما ونيف، وهي قد ظهرت خلال السنوات الـ10
الأخيرة في 18 فيلما، لكنها ما زالت بالهشاشة التي تمنعها من حمل بطولة
سينمائية حقيقية على كاهلها وحدها، كما أن المتفرج يخرج من مشاهدة أفلامها
وهو معجب بها إعجابا لطيفا، دون أن يبقى الدور خالدا في الذاكرة. ولعل هذه
الهشاشة هي إرثها من والدتها كاترين دينوف التي ما زالت تعتبر وجها جميلا
على الشاشة ومؤدية مطيعة للمخرجين أكثر من كونها ممثلة بارعة وقديرة. وفي
الأدوار القليلة التي سطع فيها أداؤها، مثل «جميلة النهار» فإن الفضل كان،
بالدرجة الأولى، لمخرج مثل لوي بونويل.
في «المحبوبات» تقوم كل منهما بدور امرأة تحمل نظرتها الخاصة للحب، وهي
نظرة مختلفة ما بين الأم التي عاشت صباها في السنوات الذهبية للتحرر
النسائي في فرنسا وتدرك أن كل علاقة تبدأ متوهجة ثم تذبل، وبين ابنة تعتبر
العلاقة مع الرجل نذيرا بحزن مقبل لا مناص منه. هذا مع العلم أن الفيلم
يتنقل بين أكثر من زمن وأكثر من بلد. ولم يسند المخرج دور البطلة مادلين (دينوف)،
في شبابها إلى ابنتها كيارا، كما كان متوقعا، بل إلى الممثلة لوديفين
سانييه. وهكذا لم يكن على كيارا التي ورثت شعرها الأسود من والدها
الإيطالي، أن تظهر في الفيلم شقراء، لكن المخرج قرر أن تكون ذات شعر ذهبي.
تشبه كيارا والدتها إلى حد كبير حين تصبغ شعرها باللون الأشقر، أو هي خليط
عجيب من دينوف وماستروياني، الممثل الكبير الذي كان أشهر فتيان السينما
الإيطالية وسامة. وكان من الطبيعي أن تتجه البنت، حال بلوغها سن الصبا، إلى
التفكير بالعمل في السينما واحتراف التمثيل، خصوصا أنها من المهن التي
تورث، كما يبدو، من دون أن يثبت العلم إمكانية توريث المواهب. وتعثرت كيارا
في أدوارها الأولى إلى أن خطر لها أن تتحول إلى شقراء، فإذا بالكاميرا
تصادق وجهها وتمنحه ألقا لم يكن فيه من قبل. وكان هناك من المخرجين من سعى
للتعاقد معها لمجرد أنها صارت نسخة طازجة من كاترين دينوف، مع ما يثيره
ظهورها على الشاشة من ذكريات في نفوس المشاهدين المخضرمين. ولعله من المفيد
التذكير بأن دينوف مرت بالطريق نفسه من قبل؛ فهي ولدت بشعر قاتم وظهرت به
في أدوارها الأولى. لكن العصر كان عصر الشقراوات في السينما الفرنسية،
مثيلات ميشيل مورغان وبريجيت باردو وجان مورو، وفي السينما العالمية مارلين
مونرو وغريس كيلي وأنغريد برغمان وكيم نوفاك. ولما أخذت قرار التحول إلى
شقراء لقيت تجاوبا أكبر من المخرجين ومن الجمهور.
قبل 10 سنوات، نشرت مجلة «إيل»، النسائية الباريسية، صورة لكيارا
ماستروياني على غلافها بعد أن جاءت بخبير ماكياج جعل منها نسخة من والدتها،
بفمها المكتنز المصبوغ بالأحمر وحاجبيها المرفوعين لأعلى وجبهتها العريضة
البادية من تسريحة ممشطة للوراء. كان التطابق مثيرا بحيث حقق العدد مبيعات
استثنائية. وكانت الصورة توحي، للوهلة الأولى، بأنها لقطة قديمة لكاترين
دينوف، أو أنها صورة جديدة لها بعد عملية لشد جلد الوجه. ولم يتصور القراء
أن كيارا قد كبرت وهي تسعى لمنافسة والدتها في عقر دارها. هذا مع فارق شكلي
وحيد يتمثل في الشامة السوداء الكبيرة تحت زاوية الفم.
نشأت ابنة النجمين الثريين في مدرسة داخلية ولم تعرف دلع أبناء المشاهير.
وكانت والدتها تبعدها عن الصحافة وترفض التقاط الصور لها وهي صغيرة. ولما
كبرت قليلا بدأت تجربة الفن بصوتها، لا بملامحها. فقد سجلت شريطا لحساب دار
فرنسية للنشر توزع كتبها مسجلة، لا مطبوعة على الورق. وبالأجر الذي نالته
من تلك التجربة اقتنت البنت تذكرة بالقطار لاكتشاف العواصم الأوروبية. وحال
عودتها من الجولة عرض عليها مصمم الأزياء جان بول غوتييه أن تظهر في عرضه
المقبل فوافقت على الفور. ومن منصة الأزياء تعززت ثقتها بنفسها فطرقت أبواب
الاستوديوهات وبدأت تظهر في أدوار صغيرة، منها واحد أمام والدتها عنوانه
«موسمي المفضل». ولم يكن ذلك صعبا ما دامت تحمل اسما عائليا براقا، غير أن
النقاد والجمهور كانوا دائمي المقارنة بينها وبين كاترين دينوف في سباق لم
يكن لصالحها. ثم حدث وفازت بجائزة «هنري لانغلوا» التي تمنح للمواهب
الواعدة، فاستحقت لقب ممثلة. لكنها ظلت بعيدة عن الحفلات والأضواء، تتمتع
بخفر طبيعي وتواضع جميل وتبتعد عن المغامرات والشائعات والفضائح.
ومثلما كبرت البنت وتزوجت من المغني بنجامان بولاي، كبرت دينوف وتجاوزت
السبعين من دون أن تبتعد عن السينما. ولعلها حين تقرر الاعتزال ستترك
للجمهور نفحة منها هي كيارا، الممثلة الهادئة التي لا تمتلك نزق النجمات.
الشرق الأوسط في
26/08/2011 |