بدأت الممثلة الأميركية كاميرون دياز حياتها الفنية بالعمل أمام النجم
الفكاهي
جيم كاري في فيلم «القناع». ومنذ ذلك الوقت لم تتوقف عن مغازلة أشهر أسماء
هوليوود،
على الأقل سينمائياً، مثل توم كروز في فيلم «فانيلا سكاي»، ثم آل باتشينو
في «جحيم
يوم الأحد» مكملة مشوارها مع كل من جوليا روبرتس في «زواج
صديقي المفضل» وليوناردو
دي كابريو في «عصابات نيويورك» وبين ستيلر في «شيء ما عن ميري» الذي جلب
لها جوائز
عدة، أهمها جائزة أحسن ممثلة التي يمنحها نقاد نيويورك ثم الترشيح لأفضل
ممثلة في
مسابقة جوائز «غولدن غلوب» التي رشحت لها مرة ثانية في ما بعد
عن دورها في فيلم «في
قرارة جون مالكوفيتش». إضافة إلى مشاركتها كلاً من النجمتين درو باريمور
ولوسي ليو
مغامرات «ملائكة تشارلي» بجزأيها الأول والثاني. غير الدور الدرامي الحاد
الذي
مثلته في فيلم «راعية شقيقتي» للسينمائي نيك كاسافيتيس نجل
السينمائي الكبير الراحل
جون كاسافيتيس، حيث تقاسمت البطولة مع الصبية أبيغيل بريسلين نجمة فيلم
«ميس
سانشاين الصغيرة» سابقاً، ومع النجم أليك بولدوين.
تعتبر دياز النموذج المثالي للفتاة التي عاشت حكاية خيالية أشبه بألف
ليلة
وليلة، على الأقل في نظر الغير، فهي قدمت من المكسيك إلى نيويورك في
مراهقتها لتقضي
بضعة شهور تتعلم خلالها عرض الأزياء وتجرب حظها في هذه المهنة
في الولايات المتحدة
أو تعود إلى المكسيك لتمارسها هناك، وعملت راعية أطفال لتكسب عيشها وتدفع
بدل
دروسها. وذات يوم تعرفت دياز إلى عائلة كانت على علاقة وطيدة بوكيلة فنية
معروفة،
الأمر الذي أدى إلى تقديم الفتاة الصارخة الجمال إلى الوكيلة
المخضرمة التي سرعان
ما عثرت فيها على طاقة جديرة بالاهتمام وعرضت عليها إجراء اختبار أمام
كاميرات
المخرج السينمائي راسل مولكاهي الذي كان يحضّر الفيلم الكوميدي «القناع» من
بطولة
جيم كاري، وبقيت الحكاية معروفة.
جاءت دياز إلى باريس للترويج لفيلمها «معلمة رديئة» الذي يشاركها
بطولته خطيبها
السابق المغني والممثل جاستين تيمبرليك فالتقتها «الحياة» وحادثتها.
·
حدثينا عن فيلمك الجديد «معلمة
رديئة»؟
-
إنه من النوع الفكاهي العاطفي، ويروي حكاية معلمة في مدرسة
تتصرف وفق مزاجها
ولا تحترم أبسط قواعد مهنتها. فهي تأتي متأخرة إلى المدرسة وتنام في أثناء
انشغال
التلاميذ بواجب معين لأنها تكون قد سهرت طوال الليل، وغير ذلك من الأشياء
غير
المقبولة طبعاً. إلا أن تلاميذها ينجحون دائماً في الامتحانات
وبدرجات تتفوق على
العدد الأكبر من زملائهم في الفصول الأخرى. فما سرّ هذه المعلمة الطيبة
القلب ولكن
الطريف في تصرفاتها، هذا ما يكتشفه المتفرج في النهاية. لقد تمتعت بأداء
مثل هذه
الشخصية الخيالية غير المنطقية بالمرة بل المجنونة بعض الشيء.
وما أثار اهتمامي إلى
حد بعيد هو تأرجح السيناريو بين العاطفة والفكاهة باستمرار. فالمتفرج يضحك
من
تصرفات المعلمة ولكنه لا يسخر منها كلياً لأنها تنجح في هز مشاعره على رغم
تقلباتها
الحادة.
·
هل كان من الصعب عليك العمل إلى
جوار خطيبك السابق جاستين تيمبرليك؟
-
لا أبداً، فالجمهور يعتقد أن افتراقنا العاطفي جعلنا نصبح مثل
الأعداء وهذا
خطأ تماماً. لقد انفصلنا لأن حياتنا المشتركة لم تعد ممكنة وفي الوقت نفسه
احتفظنا
بصداقة قوية ستدوم أكثر من علاقتنا العاطفية بكل تأكيد. وعن العمل معاً فهو
دار في
ظروف ودية مثالية وكثيراً ما ضحكنا على أنفسنا حينما تذكرنا
بعض تصرفاتنا الطفولية
عندما كنا نتقاسم حياتنا اليومية. أعتقد أننا نضجنا كثيراً منذ ذلك الحين.
·
لنعد إلى الوراء بعض الشيء في
حياتك الفنية، فما هو في رأيك السر وراء
نجاحك العريض منذ ظهورك في فيلمك الأول وهو «القناع»؟
-
السر بسيط وهو أنني لم أحلم في لحظة واحدة من حياتي بالنجومية
في السينما
واكتفيت بتقبل الواقع وانتهاز الفرص، ثم تدربت بعض الشيء كي أحسن من مستوى
أدائي.
فالحياة تقدم لنا الأشياء التي لا ننتظرها
أو نسعى وراءها والعكس أيضاً صحيح.
·
كيف تختارين الأفلام التي تعملين
فيها؟
-
أقع في غرام السيناريو أولاً ولا يهمني دوري بالتحديد. لذلك،
ظهرت في أعمال
ممتازة ولكن في أدوار متوسطة الحجم مثلاً، بينما رفضت البطولة في أفلام
كثيرة لم
تعجبني حبكتها أو لم تتناسب مع أفكاري أو ذوقي الفني.
·
إذاً، أنت تحبذين النوعية أولاً
وأخيراً؟
-
نعم، ولهذا السبب بالتحديد أقول إن دوري لا يهمني بقدر ما أعير
الحكاية
الإجمالية عناية فائقة، فالحبكة في «ملائكة تشارلي» تطلبت مني، أسوة بكل من
درو
باريمور ولوسي ليو، ممارسة حركات رياضية كثيرة ومتنوعة ومن دون اللجوء إلى
أي
بديلة، وبما أنني فتاة رياضية أتدرب ثلاث مرات في الأسبوع بأي
حال، وافقت على الدور
بلا تردد وخضعت لتدريب إضافي وشاق تحت مراقبة أحد أبطال الرياضات الأسيوية
حتى تكون
لياقتي البدنية في أحسن حالاتها عند حلول موعد التصوير. أنا لا أحب
المجازفة في شكل
خاص ولكنني أقبلها إذا كانت المشاركة في عمل فني محدد تعنيني
وتهمني.
حق التصرف
·
ما هو الفيلم الذي تحملينه في
قلبك أكثر من غيره بين الأعمال التي ظهرت
فيها؟
-
فيلمي «عصابات نيويورك» بسبب ما يتضمنه من جوانب تاريخية عن
مدينة نيويورك
بالتحديد، ثم لأنني شاركت ليوناردو دي كابريو البطولة، وهو فنان عظيم يتميز
بطاقة
درامية نادرة، ثم لأن مخرجه هو مارتن سكورسيزي أحد أهم السينمائيين
العالميين
حالياً.
·
حدثينا عن فيلمك الدرامي الوحيد
«راعية شقيقتي»؟
-
إنه مأخوذ عن رواية للمؤلفة جودي بيكو بيعت بملايين النسخ،
وتروي حكاية صبية
مصابة بسرطان الدم وشقيقتها الأصغر التي أنجبتها أمها تبعاً لنصيحة الأطباء
خصيصاً
من أجل أن تعطي دمها وأعضاءها لشقيقتها كي تبقيها على قيد الحياة. ويأتي
اليوم الذي
تثور فيه ثائرة الصبية المرغمة على معايشة جحيم أبدي لمصلحة إنقاذ شقيقتها،
فترفع
دعوى قضائية على والديها مطالبة بحق التصرف في جسدها ودمها
وأعضائها كيفما تشاء.
وأقوم بدور الأم التي لا يهمها في الأمر إلا تفادي فقدان ابنتها، وذلك إلى
درجة
أنها تحجب عينيها عن الواقع الذي تعيشه عائلتها خصوصاً ابنتها الصغرى.
أعتبر دوري
هنا من أجمل ما أتيح لي تمثيله لأنه يمزج بين العاطفة من ناحية
ثم الجدية العميقة
والدرامية من جانب آخر، كما إنني مسرورة جداً لكوني عملت للمرة الأولى تحت
إدارة
المخرج نيك كاسافيتيس نجل الممثل والمخرج العبقري الراحل جون كاسافيتيس
والنجمة
الكبيرة جينا رولاندز.
·
ألا يعرض عليك العمل في مسرحيات
أبداً؟
-
نادراً ما يحدث ذلك لأن الوسط المسرحي يختار ممثلات مختصات في
العمل فوق
الخشبة ولا يتعب نفسه في اللجوء إلى ممثلات سينمائيات، وهذا طبعاً خطأ
لكنني في
مهنة تؤمن إلى درجة كبيرة بالتخصص ولا تفكر بالمرة في تجديد مصادر ثروتها
الفنية.
ويعني ذلك أنني مضطرة، إذا أردت أن أعمل في المسرح، للتفتيش بنفسي أو عن
طريق وكيلة
أعمالي عن أدوار تلائمني ومحاولة إقناع أصحاب القرار في هذا الميدان بأنني
أصلح
للعمل فوق الخشبة. وربما سأقدم على هذا التصرف في المستقبل،
لكنني في الوقت الحالي
مسرورة بما تعرضه علي الشاشة الكبيرة فلا أكرس جهدي لشيء آخر.
لست حرة
·
هل تعتبرين نفسك ممثلة كوميدية
أم درامية بما أنك مارست الأنواع كافة؟
-
يبدو أنني أفلت من قاعدة حبس الممثلات في لون محدد، فلا تسألني
مثل هذا السؤال
واتركني حرة على الأقل في تنويع أدواري السينمائية بما أنني لست حرة في
الانتقال
على مزاجي بين السينما والمسرح. صحيح أن الدور الذي أطلقني حقيقة هو من نوع
الكوميديا الساخرة في فيلم «القناع»، ولكنني اتجهت بسرعة نحو
اللون الرومانسي ومنه
إلى المغامرات وإلى الدراما العاطفية كي أعود في ما بعد إلى الكوميديا.
والحقيقة
أنني لا أعرف كيف يصنفني الجمهور العريض وأفضل أن يبقى الأمر على هذا الوضع.
·
مثلت مع درو باريمور ولوسي ليو
في جزئي «ملائكة تشارلي»، فهل ساد الوفاق
بينكن في خلال تصوير الفيلمين؟
-
نعم، وأعتقد أن العلاقة الممتازة التي تجمع بيننا في الفيلمين
والواضحة فوق
الشاشة امتدت إلى خارج أوقات التصوير، وأنا متأكدة من أن نجاح الفيلمين
مدين إلى حد
كبير لهذه النقطة بالتحديد، إذ إن احترام بعضنا بعضاً والمرح الذي ساد
علاقتنا وقد
أقول حبنا المتبادل، كلها عناصر تبدو واضحة فوق الشاشة لأنها صادقة وليست
مدروسة
لمجرد تقمص كل واحدة منا الشخصية المكتوبة لها في السيناريو.
·
هل تفكرين في اللجوء إلى الجراحة
التجميلية مثل الكثيرات من زميلاتك نجمات
هوليوود؟
-
لقد قاومت هذه الفكرة حتى الآن وسأبلغ الأربعين في العام
المقبل، وربما سأستمر
في مقاومتها. وعلى العموم فأنا أتكلم الآن على الصعيد الشخصي وهو الوحيد
الذي قد
يدفع بي في يوم ما إلى اللجوء إلى الجراحة التجميلية، وما أعنيه هو أنني لن
أفعل
ذلك أبداً كي أبدو أجمل على الشاشة أو لأن أهل هوليوود نصحوني
بالخضوع لمشرط
الجراح.
·
وماذا عن الإنجاب؟
-
قد يحدث أو لا يحدث وفق الظروف الخصوصية المستقبلية، لكنني لا
أخطط له إطلاقاً
ولا أقضي الليالي في الحلم به.
الحياة اللندنية في
22/07/2011
يسرا اللوزي: الفن يسعدني
القاهرة - سامي خليفة
تواصل الفنانة الشابة يسرا اللوزي تصوير مشاهدها في فيلم «ساعة ونصف»
في الوقت
نفسه الذي يعرض لها فيلمان جديدان في الصالات هما «المركب» و «إذاعة
حب». وللمناسبة
المثلثة هذه قالت يسرا لـ «الحياة» إنها تظهر في فيلم «ساعة ونصف» بشخصية
الدكتورة
سناء الآتية من طبقة شعبية؛ حيث أن الفيلم يرصد حادث قطار العياط الشهير
الذي وقع
في مدينة الجيزة وسقط على أثره ضحايا ومصابون كثيرون، ومن خلال
الحادث يواجه كل فرد
من أفراد الفيلم مشكلة مختلفة عن الآخر. ويشارك في بطولة الفيلم كل من
الفنانين
فتحي عبدالوهاب وسوسن بدر وأيتن عامر ومحمد عادل إمام وهالة فاخر وصلاح
عبدالله،
والعمل عن قصة من تأليف أحمد عبدالله، وإخراج وائل إحسان،
والإنتاج لأحمد
السبكي.
وانتقلت يسرا للحديث عن دورها في فيلم «المركب»، مؤكدة إنها دُهشت
كثيراً من
الهجوم الذي شنَّه البعض عليها بسبب ارتدائها المايوه في أحد مشاهد الفيلم،
وقالت: «أرتدي المايوه في حياتي العادية على
الشاطئ، فكيف أخجل من ارتدائه على الشاشة، كما
أن ارتدائي له ضرورة درامية»، وتساءلت في سخرية: «وهل من
المفترض أن أرتدي فستاناً
في البحر؟!».
أصعب المشاهد
وأكملت يسرا، متحدثه عن أصعب مشاهدها في هذا الفيلم، موضحة أن العمل
مليء
بالكثير من المشاهد الصعبة؛ فإهمال والدتها لها خلال أحداث الفيلم أسهم في
تأزمها
نفسياً جداً وجعلها تبكي بعد انتهاء التصوير؛ لأنها تعرف نماذج لفتيات
يعانين نفس
أزمة يارا - الشخصية التي تجسدها في الفيلم - ، وكان كذلك من
أصعب مشاهد الفيلم هو
اكتشافها غرق زميلها الذي حاول إنقاذها من الغرق فلقي مصرعه في البحر.
وأعربت يسرا عن سعادتها بالتمثيل أمام قامة سينمائية مثل الفنانة
السورية رغدة
بكل ما تحمله من خبرة فنية، راوية كيف أن رغدة استطاعت احتواء كل فريق
العمل بخاصة
أنهم جميعاً من الشباب الصغار؛ حيث شارك في البطولة بجوارها كل من ريم هلال
وفرح
يوسف ورامز أمير وأحمد سعد وأحمد حاتم، والفيلم قام بكتابته كل
من هيثم مصطفى
الدهان وأحمد مجدي الدهان وإخراج عثمان أبو لبن.
وعن سبب اعتذارها عن المشاركة في فيلم «واحد صحيح» أمام الفنان هاني
سلامة، رغم
أنها كانت من ضمن المرشحات الأوائل للفيلم، أجابت: «السبب يعود إلى أن
العمل تعرّض
إلى الكثير من التأجيلات، وحينما بدأ التصوير أخيراً كنت قد ارتبطت بالسفر
إلى
الخارج، وهو ما دفعني إلى الاعتذار، وكل ما قيل عن وجود خلافات بيني وبين
الفنان
هاني سلامة لا أساس له من الصحة».
جوانب إنسانية
ويعرض ليسرا كذلك هذه الأيام فيلم «إذاعة حب» مع منه شلبي وشريف
سلامة، وتجسد من
خلاله شخصية الصحافية ليلى المحبة للحياة، والتي لا تحب التفكير بشكل
تقليدي.
وأوضحت يسرا أنها أحبت العمل مع منة شلبي
كونها شخصية متفانية جداً في عملها،
وأضافت أن أكثر ما جذبها في هذا العمل هو أن لكل شاب وفتاة في الأحداث قصة
مختلفة
ومغايرة عن الأخرى.
الحياة اللندنية في
22/07/2011
سعاد محمد... اقتربت من السينما
بحذر
القاهرة - فريال كامل
رحلت عن عالمنا في الخامس من هذا الشهر تموز (يوليو)، الفنانة الكبيرة
ذات الصوت الأخّاذ سعاد محمد عن عمر يناهز الخامسة والثمانين، أمضت الفنانة
الراحلة خلاله حياة زاخرة بأبدع الأغاني والتي تجاوزت ثلاثة آلاف أغنية لم
يبق منها ما يتجاوز ثلاثمئة أغنية من مختلف الألوان الغنائية والقوالب
اللحنية. وتحتفظ المكتبة الموسيقية في ساحة أوبرا القاهرة بمئة وخمس وخمسين
أغنية من إبداعاتها لخدمة الباحث.
ولدت سعاد محمد في شباط (فبراير) من عام 1926 في ناحية تلة الخياط في
لبنان من
أم لبنانية تنتمي إلى عائلة محافظة عارضت احتراف كريمتها الفن ثم اضطرت
للرضوخ
لرغبة الشابة المولعة بالمغنى، فحرصت على مرافقتها في حفلاتها كافة بخاصة
في
بداياتها. وتمتد جذور والدها - الذي كان يهوى المغنى والعزف
على الكمان - إلى صعيد
مصر، ومن هنا لم يكن صدفة أن تعتز الفنانة الراحلة بجنسيتها اللبنانية
والمصرية.
في الأربعينات شاهدت الطفلة الموهوبة أفلام أم كلثوم، فحفظت أغانيها،
وتدربت على
أدائها حتى أتقنتها، فكانت إلى آخر أيامها أفضل من غنَّى أغاني «كوكب
الشرق»، حتى
إنه في عام 2000 شاركت الفنانة الكبيرة في مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية
التاسع،
وشدت بأغنية «هو صحيح الهوى غلاب» فألهبت الأكف بالتصفيق.
لم تكتف المطربة الصغيرة بما حصلته بفضل موهبتها الفطرية بل تلقت
دروساً على
مبادئ الموسيقى على يد الملحن حبيب الدندشلي، الذي دربها على أصول الغناء
وقوالبه
من الموشح والدور وغيرهما. وقد نهلت منذ صباها من التراث الغنائي العربي
فأضحت أفضل
من شدى بدور «أنا هويت وانتهيت» لسيد درويش، ذلك الدور الذي صادف هوى
مطربين كبار،
مثل محمد عبد الوهاب واسماعيل شبانة، فضلاً عن سيد درويش، إلا
أنها تفوقت عليهم في
الإحساس بالدور والتعبير بالكلمة.
في تلك الحقبة (الأربعينات) أعلن مقهى عجرم في بيروت عن حفل غنائي
للهواة، فقام
الملحن إبراهيم علوان بتدريبها على طقطوقة «افرح يا قلبي لك نصيب» للسيدة
أم كلثوم
من فيلم «فاطمة» وهو لحن مرح متدفق ومفعم بالبهجة، فلفتت الصبية أسماع
الحضور وحازت
إعجابهم، ما حفزها لتقديم أغان خاصة بها منها أغنية «دمعة على
خد الزمن» وأغنية «مظلومة
يا ناس» التي أظهرت خصائص صوتها المتفرد الفياض بالشجن فلاقت نجاحاً
وانتشاراً.
وحدث أن أعجب بصوتها جار لهم هو الشاعر اللبناني محمد علي فتوح الذي
أحبها وعمل
على تثبيت قدميها في الوسط الفني، ثم تزوجها وقد دامت الزيجة خمسة عشر
عاماً،
وأثمرت ستة من الأبناء والبنات إضافة لــ 127 أغنية من ألحان الملحن محمد
محسن
وكانت ألحانه بسيطة لا تتحدى مساحة صوتها السخية، وقد اشتهر من
بينها قصيدة «جلونا
الفاتحين» من نظم الشاعر بدوي الجبل.
وفي تسجيل مع الفنانة الكبيرة لإذاعة «صوت العرب» تذكر فضل الفنانة
صباح؛ إذ
دعتها في بداياتها إلى منزلها ليستمع إليها شيخ الملحنين زكريا أحمد، فسعت
إليه،
وحين استمع إليها في أغنية «غلبت أصالح في روحي» للسيدة أم كلثوم، وهو لحن
رصين
يتطلب مرونة في النقلات، وتحكم في القفلات، هب الرجل واقفاً
مهللاً ومبدياً إعجابه
بأدائها بعد أن كان ينظر لها بطرف عين لصغر حجمها، ويومها شدد عليها أن
تحضر إلى
القاهرة، وبشرها بأنه سيكون لصوتها شأن كبير في فن المغنى وقد صدق حدس
الشيخ
زكريا.
من الراديو للسينما
في القاهرة تعهد المطربة الشابة مجموعة من أساتذة التلحين الكبار في
مقدمتهم
رياض السنباطي ومحمد القصبجي وأحمد صدقي ومحمود الشريف فضلاً عن زكريا
أحمد. وكانت
السيدة عزيزة أمير إحدى رائدات السينما المصرية قد كتبت قصة وسيناريو فيلم
«فتاة من
فلسطين» عام 1947 ليخرجه زوجها، في ذلك الوقت، محمود ذو الفقار
من إنتاجها، وقد
نصحها بالبحث عن نجمة ناشئة لتتلاءم مع الشخصية. وعليه وافقت أمير على
اختيار ذو
الفقار الشابة اليافعة سعاد محمد. وهو عندما استمع إلى صوتها مسّته مسحة
الحزن التي
ينفرد بها، فأضاف إلى السيناريو مجموعة من الأغاني لاقت -
ومازالت - نجاحاً
وانتشاراً. يستوحي الفيلم الأجواء الملتهبة في فلسطين عام 48 مع تسلل
العصابات
الصهيونية ودخول الجيش المصري الحرب للدفاع عن الأرض ضد العدو الصهيوني.
وتدور
الأحداث حول انفجار طائرة حربية في الجو يقودها طيار مصري
(محمود ذو الفقار) فيصاب
إصابات خطيرة ويسقط في إحدى بيارات غزة، وتعثر عليه فتاة فلسطينية (سعاد
محمد) بين
الحياة والموت فتخفيه عن عيون الأعداء وتتعهده بالرعاية وتطيِّب إصابته
فتتحسن
حالته ويقع في حبها ويتزوجان. خلال الأحداث تغني سعاد أغنية
«يا مجاهد في سبيل
الله» من أشعار بيرم التونسي وألحان السنباطي، فتنجح نجاحاً كبيراً،
وترددها
الإذاعات. وقد حظي الفيلم بإقبال الجمهور؛ إذ أنه رغم بساطته يعد باكورة
التفات
السينما لقضية فلسطين وتمجيد المقاتل الفدائي وإظهار نبل
وطهارة الفلسطينية
الرمز.
وفي عام 51 تستقطبها المنتجة القديرة «آسيا» وتقدمها للمخرج الكبير
هنري بركات
لتشارك النجمتين ماجدة ومنى، بطولة فيلم «أنا وحدي». والفيلم من نوعية
الميلودراما
تدور أحداثه حول عاملتين بسيطتين في مشغل لتفصيل الملابس غير أنهما حريصتان
على
الظهور بمظهر بنات الأسر الكريمة، فيقع في حبهما شابان من أسرة
ثرية ويكون للشابتين
شقيقة صغرى (سعاد محمد) يبحثان عن عمل لها كمغنية في أحد الملاهي ويوصيان
الشابين
أن يسانداهما في البحث. ولكن يحدث أن يكتشف الشابان حقيقة العاملتين،
وينصرفا
عنهما؛ ما يخلفهما في حالة من اليأس فتحاول إحداهما (ماجدة)
الانتحار. وإثر ذلك
يعود الشابان لوصل ما انقطع ويتم زفاف الأحبة وتعمل سعاد محمد في ملهى
ليلي. ويبدو
في هذا السياق أن سعاد محمد قد حشرت حشراً في الفيلم بدعم من المنتجة
لاستثمار
نجاحها في فيلم «فلسطين». ولكن لم يلق الفيلم النجاح ذاته، وإن
غنت سعاد محمد فيه
فأبدعت باقة من الأغاني لاقت نجاحاً وانتشاراً، منها قصيدة «أنا وحدي» من
ألحان
السنباطي، والتي أبدع بركات تصويرها لتكون من أجمل القصائد السينمائية،
إضافة إلى
أغنية «فتح الهوا الشباك» والتي مازالت تذيعها الإذاعات.
لقد قدَّر الوسط السينمائي المصري المعدن النفيس لصوت سعاد محمد،
وأسند إليها
المشاركة بالغناء في الأفلام التاريخية والدينية. ففي عام 1962 أنشدت
أغنيات فيلم «شهيدة العشق الإلهي»من إخراج عباس كامل.
وفي عام 1973 أسند لها المخرج حسام الدين
مصطفى البطولة الغنائية لفيلم «الشيماء- أخت الرسول» عن قصة
لعلي أحمد باكثير والذي
اضطلعت ببطولته التمثيلية الفنانة سميرة أحمد. وفي هذا الفيلم شدت سعد محمد
فأبدعت
أربع أغنيات من أشعار الشاعر الصوفي عبد الفتاح مصطفى وألحان الملحن عبد
العظيم
محمد، وهي أغنية «أشرقت شمس الهدى»، وأغنية «إنك لا تهدي
الأحبة»، إضافة لأغنيتها
«يا
محمد»، ثم أغنية «طلع البدر علينا» التي صوّر فيها خروج الأنصار للقاء
النبي
لدى وصوله إلى شعاب يثرب. ومن دون شك أن الأغاني والألحان قد أضفت قيمة
روحية وفنية
على الفيلم.
الحياة اللندنية في
22/07/2011 |