تراجيديات الحياة لا تصنع لوحدها فيلما جيدا، وفي الهند موطن
المصائر المأساوية الفردية الكبرى لم تحقق السينمائية الجادة نجاحاتها
اعتمادا على
موضوعاتها فحسب، بل ومثلها مثل بقية السينمات العالمية، إقترنت بأسماء
مخرجين كبار،
صنعوا أفلاما درامية مهمة وقليلة بالمقارنة مع حجم الانتاج السينمائي
الهندي الضخم
معتمدين على توفرهم شروط الصنعة ومهاراتها التقنية والإبداعية.
وعلى مستوى
الوثائقي يبدو الأمر أكثر وضوحا، فمصاعب الحياة والفقر المدقع تنتج كل يوم
بل وفي
كل ساعة قصصا درامية يصلح بعضها للتحول إلى أفلام وثائقية ناجحة لو إستوفت
شروطها،
مثل فيلم "طفل المارثون" لـ / جيما أتوال. أهمية دور "جيما"
السينمائي لا يكمن في
حصولها على مادة وثائقية مثيرة ونادرة، فقصة الطفل "بوديا"
التي ذهبت للإشتغال
عليها في ولاية أوريسا الهندية، كانت قد انتشرت في وسائل
الاعلام، ونقلت الكثير عن
موهبته في الجري الطويل (المارثون)، لكن ما ميزها عن غيرها من صناع
الوثائقي
الخفيف، وعندنا في الوطن العربي الكثير منهم، والذين يذهبون إلى مادتهم
المنتقاة،
وفي الغالب بعجالة، ليصوروا بكامراتهم الديجتال ساعات محدودة
ثم يعودون إلى
مكاتبهم "ليقطعوها" ببرامج حواسيبهم الشخصية ويعلنون بعد مدة قصيرة عن
إتمامهم
لأفلام وثائقية مهمة ستشارك في مهرجانات "عالمية"!.
لم تفعل "جيما أتوال" ذلك
بل عايشت موضوعها لسنوات، ودرست تفاصيله وصورت خاماتها برويّة
وصبر كبيرين ثم عادت
وركبتها لتقدم في النهاية فيلما جيد الصنعة مقنع وعميق.
خرج الطفل "بوديا"، من
تلك المناطق التي خرج منها أبطال فيلم "المليونير المتشرد" لـ
/ داني بويب، ومساعده
"بوفلين تاندان"، ولهذا كان تركيز وسائل الاعلام عليه كبيرا، ولنفس
السبب اختارت "جيما
أتوال" الصحفي المحلي "سامباد" ليكون معلقا ومحللا لبعض تفاصيل ومجريات
الأحداث التي رافقت حياة الطفل في منطقته التي انقسم سكانها بين مؤيد له
ولمدربه
ومعارض لهما مثل الحكومة المحلية التي كانت على قناعة من وجود استغلال
للطفل، وبين
الطرفين ظهرت أطرافا أخرى أرادت تحقيق مصالح خاصة.
في بداية
عامه الرابع كانت "أوريسا" المعزولة والفقيرة متفقة في حبها لطفلها الموهوب
ولكن
وفيما بعد، تقاطعت المشاعر والمصالح بسبب تدخل عناصر كثيرة على الخط وهذا
ما قاله
الصحفي "سامبا" في بداية الشريط ليوضح إلتباس المشهد بين العام والخاص:
"طفل
الأحياء الفقيرة، حصل على اهتمام شديد من وسائل الإعلام وعلى قلوب جميع
السكان،
وكان حلم مشاركته في الألعاب الأولمبية حلمهم وحلم منطقتهم قبل أن يكون
حلمه، فهو
طفل لم يعرف المجد ولا الشهرة بعد، ولكنه كان موهوبا دون شك".
من الصراع بدأ
"طفل المارثون" حركته وظل خلالها بريئا لا يدرك حقيقة ما يدور حوله..
كان يسير حسب
هوى الكبار، ويتكلم وفق ما يلقنه الآخرون ويتصرف مثلما يطلب منه، ولهذا
كانت قصته
تنشطر إلى وحدات بسبب كثرة الأطراف المتقاطعة مصالحها حولها وحول مستقبله
وكان على
رأس هؤلاء مدربه "بيرانتشي داس"، الذي اجتمعت فيه الطيبة
والشيطنة في آن، وتكفي
محاولة وصفه لوحدها، لتثير خلافا محتدما، ولهذا أخذ توصيف الصحفي "سامباد"
له بعدا
مسرحيا، والمثير أن "أتوال" قد التقطت هذا الجانب فحولت كلامه إلى تعبير
بصري، حين
استعانت بالرسوم المتحركة لتجسيده، مما أعطى الفيلم أبعادا فيها عناصر
درامية
ووثائقية والتحريك اشترك وتفاعل معهما.
دخل المدرب "داس" على خط "بوديا" من
الفقر وحاجة والدته "سوكانتي سينغ" إلى المال، فلقد سبق لها أن باعت إبنها
بـ 800
روبية هندية، لرجل قاسي القلب كان يضربه ويستغله، وحين عرض عليها "داس"
إسترداده
مقابل دفع نفس المبلغ إلى صاحبه وافقت دون تردد، فالفقر والخوف من موته
جوعا لم
يترك لها خيارات كثيرة.
لقد تحولت ملكية الطفل إلى مدربه، الذي سبق وأن تبنى
الكثير من الأطفال ودربهم على لعبة الكراتيه، كونه المدرب الأشهر في
منطقته؛ وكان
أسلوب تبنيه لهم وتدريبهم يحفز السؤال التالي: لماذا يفعل ذلك؟.. ومن أين
له المال
ليصرف عليهم ويعيلهم؟ هل كان يفعل هذا حبا بهم أم بما سيجنيه حين يبلغوا
الشهرة
ويصبحوا أبطالا خاصة وأن معلومات تؤكد حصول "بوديا" على دعم
مالي من مؤسسات رياضية
عالمية ووصول مساعدات كبيرة من خارج البلاد إليه! السؤال نفسه تحول إلى حجة
عند
دوائر الشؤون الاجتماعية في خلافها القانوني معه، وكان أيضا حجة "داس" في
الدفاع عن
نفسه كونه محبا للرياضة ويقدم أبطالا عالميين بإسم منطقته.
تطور الصراع بين
"داس" والحكومة المحلية كشف لنا حجم الفساد واللعب القذر على المصالح
في الهند
كلها، فحتى حزب المؤتمر الهندي المعارض اليوم، دخل اللعبة لصالح طموحاته
وليس حبا
بـ "داس" ولا بطفل المارثون، والدوائر الحكومية نفسها كانت تريد إظهار
"حرصها
الزائد" على مواطنيها فراحت تضغط عليه، وبالمقابل وبعد سنة، أي في سنه
الخامسة،
وعندما خطط المدرب "داس" لإشراكه في سباق مارثون كالكتا الكبير كانت قصته
قد وزعت
المنطقة وقسمتها تماما وخلالها أتاحت لنا تسجيلات "أتوال" فرصة متابعة حركة
الصراع
فيها ودور وسائل الاعلام في تأجيجها كما
قربتنا من حقيقة الفقر السائد وكيف كان
يقود الناس إلى أفعال رهيبة، فيما مصالح الأغنياء مؤمنة ولعبة الديمقراطية
قائمة في
بلد يكفي حجم الفقر فيه إلى نسفها من الأساس.
لكن
التصعيد الكبير تمثل في
مطالبة الأم باسترجاع طفلها بعد أن شعرت أنه قد أصبح كما يقال "دجاجة تبيض
ذهبا"
ووقوف عصابات مناطق البؤس إلى جانبها وتشجيعهم لها بإقامة دعوة ضد "داس"،
الذي ظهر
وكأنه غير عابيء بالدولة ومؤسساتها ومستهترا بها إلى درجة كان يجد في لعبة
الصراع
السياسي مأمنا منها، فكان يدير العملية الاعلامية بمهارة يحسد
عليها، ولكن بالمقابل
كانت الدولة تفكر في الحد من تصرافته، فجاء اعلان موته مفاجئة!
هل قتلته الدولة
بنفسها؟ هذا ما ظل سرا.. لقد تصاعد الحدث بموته دراميا وكانت تسجيلات
"أتوال" تكشف
لنا المزيد من رعب الحياة في مناطق الهند النائية والبعيدة عن القانون.
لقد
أعلن رسميا بأن إثنين من رجال العصابات والمقربين من السلطة قد أطلقا عليه
الرصاص
طمعا في ماله الذي حصل عليه من الخارج، وبموته انتهت دورة حياة رجل جمع بين
طموح
الشيطان وحب الرياضة وتحول إلى رمز شعبي وكان هذا آخر ما يطمح
إليه كما قال "سامباد".
لم يقرب موته المال والفقر فقد ظلا مفترقان كما هما، ومع هذا لم تترك "أتوال"
عملها عند هذا الحد فظلت تتابعه وإن بتقاطع حتى بلغ "بوديا" الثامنة من
العمر، فرأيناه طالبا في قسم داخلي يحصل على منحة حكومية بسيطة تسمح له
بممارسة
هوايته، فيما الاعلاميون يمارسون مهنتهم كعادتهم،والسياسيون
مستمرون في حكمهم وجل
القصص وخفاياها تنتهي في الغالب في أدراج مكاتبهم أو تحسمها دوائر نفوذهم
السرية
كما في حالة "داس" مدرب "طفل المارثون".
الجزيرة الوثائقية في
18/07/2011
"قطعة حلوى"..
وثائقي يرصد شهادات النخبة المعتقلة
ناصر ونوس
قبل أيام اعتقلت قوات الأمن السورية
نحو أربعين فناناً ومثقفاً خلال مشاركتهم بمظاهرة في حي
الميدان الدمشقي، من بينهم
المخرج السينمائي "نضال حسن"، والممثلة "مي سكاف" والكتاب: "إياد شوربجي"،
و"يم
مشهدي"، و"ريما فليحان"، والقائمة تطول... وتلك المظاهرة هي واحدة من
المظاهرات
التي تشهدها معظم المدن والبلدات السورية منذ الخامس عشر من آذار/ مارس
الماضي،
والتي يطالب المشاركون فيها إما بالحرية أو بإسقاط النظام.
ومسألة الاعتقال هذه
تحيلنا إلى فيلم وثائقي سوري بعنوان "قطعة حلوى"، أخرجته هالة محمد وأنتجته
وعرضته
قناة الجزيرة قبل نحو خمسة أعوام ضمن السلسلة الوثائقية التي تقوم بعرضها
بين فترة
وأخرى تحت عنوان "أدب السجون".
والمهم في هذا الفيلم أنه يقتحم منطقة كانت
تعتبر قبل سنوات محرّمة في سورية، وهي السجن السياسي؛ وإن كان
المخرج السوري "محمد
ملص" السبّاق في ذلك عندما أخرج فيلم "فوق الرمل تحت الشمس" عام تسعة
وتسعين
وتسعمئة وألف.
في "فيلم قطعة حلوى" نحن أمام ثلاثة من المعتقلين السياسيين
اليساريين السابقين في السجون السورية، وهم الممثل المعروف "عبد الحكيم
قطيفان"
والكاتبة "حسيبة عبد الرحمن" صاحبة رواية "الشرنقة"، والمجموعة القصصية
"سقط سهوا"،
وناشط سياسي آخر هو "عدنان مقداد".
كل منهم يروي شهادته، كيف تم اعتقاله وكيف
قضى فترة السجن، وكيف أثرت هذه التجربة على مصيره في مرحلة ما
بعد السجن، بل وكيف
حولته إلى شخص مختلف تماماً عما كان عليه قبل الاعتقال، فالممثل "عبد
الحكيم
قطيفان" مثلاً خرج من السجن خال من أي حلم، لا لأن كل أحلامه تحققت بل
بالعكس لأن
السجن أفقده الحلم، مثلما أفقده الإحساس بالأمان.
وإذا كان
هذا حال "قطيفان" فإن الوضع أشد مأساوية مع الكاتبة "حسيبة عبد الرحمن"،
التي تقول
إن السجن دمر حياتها، فهي أصبحت "سجينة سياسية سابقة"، وبالتالي لم يعد
بإمكانها
الحصول على عمل لا في القطاع الخاص ولا في القطاع العام، وفق القوانين
والأحكام
والأعراف السورية، فصاحب العمل الخاص يخشى من أجهزة المخابرات
إن وظف لديه سجينة
سياسية سابق، أما القطاع العام، أو قطاع الدولة، فمن المستحيل الحصول على
عمل فيه
دون واسطة من مسؤول كبير في الدولة، سواء ضابط أمن كبير أو ضابط في الحرس
الجمهوري
أو وزير، بل حتى واسطة الوزير لا تقبل ما لم تكن هناك موافقة
على التوظيف من قبل
الجهات الأمنية، وهو ما لا يمكن الحصول عليه كونها كانت سجينة سياسية
سابقة؛
وبالتالي بقيت الكاتبة دون عمل، وهذا يعني دون مأوى، وربما دون طعام.
من
الأشياء الملفتة للانتباه التي تتحدث عنها الكاتبة هو حديثها عن سبب
اعتقالها، وهو
نفسه سبب اعتقال جميع هؤلاء الشباب، إنهم لم يحملوا سلاحاً ضد السلطة.
كل ما
كان لديهم هو الأحلام، ولو أنهم في بلد ديمقراطي يحترم حقوق الإنسان وحرية
التفكير
والمعتقد والانتماء لكانوا أخذوا على أنهم أولاد، وتمت معاملتهم بطريقة
مختلفة عن
الزج في السجن والتعذيب.
..
لقد ذهبت إلى غير رجعة أجمل سنين حياتهم وشبابهم،
ليخرجوا من السجن وقد أصبحوا مشوهين من الداخل.
لا تتهيب الكاتبة من الدخول إلى
ما يشبه جلد الذات عندما تقول "إننا نحن أنفسنا كنخب ثقافية
وفكرية غير
ديمقراطيين"، فإنعدام الديمقراطية ليس فقط لدى السلطة الحاكمة وإنما أيضا
لدى النخب
الثقافية والفكرية، والتي ينتمي الجزء الأكبر منها إلى المعارضة.
لم تكن شهادة
"عدنان مقداد" في الفيلم أقل صدمة للمشاهد، خصوصاً حديثه عن أبيه، ففي
كل زيارة
لأبيه إلى السجن كان يشد من أزره ويقوي من عزيمته ومعنوياته ويطلب منه أن
لا يستسلم
أو يوقع معلناً التوبة، لكن سرعان ما نكتشف في مشهد لاحق، كم كان أبوه
يتألم على
غياب ابنه في السجن؛ حيث يروي "عدنان" أنه عندما خرج من السجن
كان أبوه قد أصبح في
عداد الموتى، وعندما ذهب لزيارة قبره برفقة عمته ركضت العمة إلى القبر
وبدأت تدور
حوله وهي تقول له هاهو "عدنان" قد خرج من السجن، مما يعبر عن درجة الألم،
ومدى
القهر الذي كان يعيشه هذا الأب على غياب ابنه في السجن؛ وأن كل أحلامه التي
أرادها
أن تتحقق قبل أن يموت كانت مقتصرة على حلم واحد وهو رؤية ابنه
وقد خرج من السجن.
من المفارقات
الطريفة التي يرويها عدنان أنه اعتاد كأي سجين آخر أن يستخدم حذائه كمخدة
عند
النوم، حاله في ذلك حال جميع هؤلاء المساجين، وعندما أبلغ بضرورة الاستعداد
لمغادرة
السجن بعد صدور قرار إطلاق سراحه، حاول انتعال الحذاء، لكن لم
يستطع لأن الحذاء
أصبح مضغوطاً ويصعب إعادته إلى وضعه الطبيعي.
نفذت "هالة محمد" فيلمها هذا
بحرفية فنية عالية تجلت في استخدام الغناء، وهو غناء "نعمة
عمران" صاحبة الصوت
الأوبرالي والتي اقتصر غنائها على جملة لحنية واحدة وهي عبارة عن آهة قوية
مجلجلة
تعكس مأساة هؤلاء المساجين وتعبر عنها؛ كذلك تجلت في المونتاج، فمشاهد
المعتقلين
الثلاثة وشهاداتهم تتخللها صور لأسوار بعض السجون في سوريا ومنها سجن
القلعة الشهير
في دمشق والذي يعود إلى أزمنة قديمة، وكأن شيئاً لم يتغير منذ غابر الأزمان
من حيث
معاملة السجناء.
كما
اقتصرت المخرجة على مكانين يتم فيهما سرد الحكايات، الأول
يبدو أنه مطعم صغير أو بالأحرى ركن في مطعم صغير، يتخلل الكادر
مرآة تعكس ناراً
مشتعلة وكأنها النار التي كانت متقدة داخل هؤلاء الثلاثة، مثلما تعكس صورة
"عدنان"
الذي يجلس قبالتها وهو يروي حكايته؛ أما بالنسبة لشهادة الكاتبة فقد كانت
من داخل
منزلها الصغير والفقير الذي تعيش فيه، وهنا كان للمونتاج
والمكساج دورا كبير في
الانتقال من سرد الشخصيات في الداخل إلى الخارج حيث أسوار السجون والمزج مع
الغناء
والموسيقى.
اقتصر الفيلم على شهادات هؤلاء الثلاثة ولم يكن يتضمن تعليقاً أو
سرداً؛ وهو ما يعطي قوة تعبيرية أكبر للصورة وللغة الكاميرا وللغة البصرية
عموماً.
الجزيرة الوثائقية في
18/07/2011
الجزيرة الوثائقية تلتقي"على عمار" بطل "روميو 11"
محمد حسن
"لك
أن تتخيل شابا يعيش بعيدا عن الأضواء والشهرة
ويعمل في مجال بعيد تماما عن الفن ثم يجد نفسه فجأة مرشحا لبطولة فيلم
كبير, ويعرض
هذا الفيلم في المسابقة الرسمية لمهرجان عريق في حجم "كارلوفي فاري" ثم
يفوز بجائزة
خاصة ليجد هذا الشاب نفسه محاطا بعدسات المصورين من الصحافة
والتليفزيونات..الحقيقة
أنني لازلت أشعر أنني في حلم جميل".. بهذه الكلمات بدأ "علي
عمار" حديثه لموقع
"الجزيرة الوثائقية" عقب فوز فيلمه "روميو 11" بجائزة خاصة خلال حفل
ختام مهرجان
"كارلوفي فاري" هذا العام.
"علي عمار":
أنا لبناني الأصل
وأعيش في كندا حيث يعيش المخرج "إيفان جربوفيك", والذي قرر عمل فيلم "روميو
11"
وأصر على أن يكون البطل من أصل عربي وأن يكون البطل لديه إعاقة جسدية لأن
تلك
المعطيات مبني عليها كل دراما الفيلم, ولهذه الأسباب رشحني
للبطولة, وقابلته وجلست
معه عدة مرات ثم أعلن موافقته على تجسيدي الشخصية وبدأنا التصوير, والحقيقة
أنني
كانت لدي رهبة كبيرة من الوقوف أمام الكاميرا, وشعور كبير بالمسئولية ,
فانا لم أقف
أمام الكاميرا من قبل, فكيف أقف هذه المرة بطلا؟!, لكن المخرج
وباقي فريق العمل من
الممثلين المخضرمين شجعوني وشعرت أن رهبة الوقوف أمام الكاميرا زالت
بالتدريج.
مضيفا أنّ:
الشخصية التي قدمتها
هي نموذج يحاكي آلاف الشباب في الواقع, ولأنها واقعية بهذه الدرجة فقد
تحمست لها ,
كما قررت تقديمها كما أحسها, من منظور
إنساني بحت, هذا الشاب يتعرض لخدعة كبيرة
,
يحب فتاة عن طريق الشات في الانترنت, ثم يكتشف في نهاية الفيلم أنها
ليست فتاة بل
مجموعة من أولاد يمزحون معه ويلعبون بعواطفه, وحين يكتشف هذا يبكي أمامهم
بكاء
شديدا ويقرر الانتقام، لكن إعاقته الجسدية تحول دون ذلك, ثم يتعرض أثناء
عودته
لمنزله لحادث سيارة وبعد تماثله للشفاء يسترد الأمل ويقرر
الدخول في قصة حب جديدة,
بعيدا عن الانترنت هذه المرة, ويقابل فتاه تعجبه في حفل زفاف أخته
ويتبادلان الحديث
معا ثم ينتهي الفيلم.
ويشير
"علي
عمار" إلى أن بكاؤه في الفيلم كان حقيقيا وليس
خدعة.
ويقول:
أنا بالأساس معاق, وأعرف شعور الشخص الذي
يعاني إعاقة, وبطل الفيلم المعاق كان يلتحم مع شخصيتي الحقيقية في مواطن
كثيرة,
ولهذا السبب كان الدور أكثر واقعية, البطل
كان يحاول أن يضغط على نفسه من أجل
الوقوف والتحرك بشكل طبيعي أمام الناس, ولكن كان صعبا عليه, كان يتردد على
مصحة
علاجية لممارسة تمارين العلاج الطبيعي, كان لديه أمل بالإستمرار, رغم
الإعاقة, ورغم
الخداع, وهذا أجمل ما في الفيلم, وأعتقد أن هذه هي رسالة
الفيلم .. الأمل أيا كانت
الظروف .
ليختتم حديثه بقوله:
شعرت بسعادة
بالغة في تلك التجربة وأتمنى تكرارها, وانتظر الآن أن يعرض علي عمل مناسب
لأقبله
على الفور ليكون خطوة على طريق احترافي مهنة التمثيل.
الجزيرة الوثائقية في
19/07/2011
هل قرصنة الأفلام ظاهرة عالمية ؟
صلاح سرميني - باريس
من بين إحدى الندوات الكثيرة التي
نظمّها "سوق دبي السينمائي" في إطار الدورة الثامنة للمهرجان
عام 2010، كان هناك
واحدةً بعنوان "عينٌ على السينما المصرية"، شارك فيها عدد من السينمائيين،
والنقاد،
ومنهم الناقد المصري"علي أبو شادي"، ومن بين المُداخلات تحدث عن قرصنة
الأفلام،
وأشار بأنها "ظاهرة عالمية".
عادةً، لا أترك مثل هذه الأفكار تتسرّب، وتنتشر
بدون التصدي لها، وخلال بعض الدقائق الممنوحة في أيّ ندوة،
أوضحتُ بأنّ "عولمة
القرصنة" تعميمٌ جاهزٌ لا يرتكز على معلوماتٍ صحيحة، وهي بالأحرى "ممارسةٌ
عربية"
بامتياز، وبنسبةٍ تختلف من بلدٍ إلى آخر، وفسرتُ، بأنها غير موجودة في
فرنسا (على
الأقلّ) انطلاقاً من معرفتي بكلّ تفاصيل المشهد السينمائي
فيها، وآليات حماية حقوق
الملكية الأدبية، الفكرية، والفنية.
اليوم، أنتهزُ هذه القراءة "التبسيطيّة"
للحديث بإسهابٍ حول هذا الموضوع بهدف إثارة النقاش، ومحاولة تصحيح أفكاراً
بريئة في
ظاهرها، خطيرة في محتواها، وهي بشكلٍ، أو بآخر، تمنح مبرراتٍ للقرصنة،
وتعتبرها
مخالفة مشروعة، والحقيقة مختلفة تماماً، إنها ترتبط تحديداً بماضي، وحاضر
السينما
العربية، إنتاجاً، توزيعاً، وثقافةً، وتُعتبر حصيلة فسادٍ عام،
يشارك فيه المواطن،
والسلطة بدرجاتٍ متفاوتة (كما الحال مثلاً عندما نُبرر الرشوة، مقتنعين
بأنّ
المُرتشي المسكين لن يعيش حياة كريمة بدونها، كما ينطبق الأمر أيضاً على
السرقات
المُتبادلة بيننا في معظم مجالات الحياة اليومية)، وهنا، سوف
أتحدث عن فرنسا
نموذجاً (بالإمكان تعميمه على البلدان الأوروبية الأخرى).
بدايةً، يجب التفريق
بين ممارستيّن تختلفان في أغراضهما، وأهدافهما
:
ـ نسخ فيلم من دعامةٍ إلى أخرى
مماثلة (من
DVDإلى DVD)، أو من وسيلة بثٍ مرئيّة إلى دعامةٍ رقمية (من التلفزيون،
أو الكمبيوتر إلى DVD)،
وذلك بغرض الاستخدامات الشخصية البحتة (مُشاهدة، أو
اقتناء)، وبدون دوافع تجارية، أو تخريبية.
وفي هذه الحالة بالذات، يمكن تبرئة
المواطن الفرنسي (والأوروبي بشكلٍّ عام) من أيّ شبهةٍ قرصنة
ومن المفيد أن نعرف،
بأنه عندما يشتري الأقراص الرقمية الفارغة، وأجهزة "الهارد ديسك"، فإنه
يدفع
ضريبتيّن، الأولى خاصة بالاستهلاك (19.6%) تتحول إلى الخزينة العامة، وأخرى
(1.10
يورو للقرص الواحد، وما بين 10 و50 يورو للهارد ديسك حسب سعته)
تعويضاً عن الخسارة
المُترتبة عن عمليات النسخ الخاصة، تستقطعها إحدى مؤسّسات حقوق الملكية
الفنية SDRM (شركة
إدارة حقوق النسخ الميكانيكي).
أما عن نسخ الأفلام من الأنترنت، فقد أصبحت
بدورها ممارسةً خطيرة تُعرّض المُخالفين لعقوباتٍ قانونية،
وقبل تطبيقها كان البعض
ينسخها، ويضعها في مواقع خاصة كي تصبح متاحة لآخرين، تماماً كما يفعل
المغرمون
بالشبكات الاجتماعية عندما يضعون في صفحاتهم روابط سمعية/بصرية لأغنيةٍ، أو
مشهد من
فيلم بدون الإدراك بأنهم يتجاوزن رغبة المؤلفين، وحقوقهم.
كما عمدت السلطات
الغربية ـ التي تدرك مصالحها، وتدافع عنهاـ إلى تقليص هذه الممارسات،
والحدّ منها،
وذلك عن طريق قوانين، وتشريعاتٍ، بالإضافة إلى الجوانب التعليمية،
التثقيفية،
والتربوية.
من جهةٍ أخرى، أصبح مستخدمو الأنترنت مراقبين، ويكفي محاولة، أو أكثر
لتحميل فيلم ما كي يستلم أحدهم تحذيراً، وإذا تكررت ممارساته، تطبق عليه
خطوات
عقابية، تبدأ من قطع الخدمة لفترةٍ معينة، وتصل إلى غرامات
مالية مرتفعة.
وفيما
يتعلق بالقرصنة التجارية، لن نعثر في فرنسا على مكانٍ واحد يبيعها سرّاً أو
علناً،
ماعدا تلك المحلات التي يديرها مهاجرون عرب جلبوا معهم هذا النشاط (الذي
بدأ في
البلاد العربية مع ظهور الأشرطة المغناطيسية الخاصة بتسجيل
الموسيقى، والأغاني، ومن
ثمّ الصورة والصوت)، ويكفي أن يحصل البائع على فيلم واحد، حتى ينسخ منه ما
يشاء،
وكانت هذه التجارة مربحة جداً استفاد منها الكثير على حساب الفنانين،
والصناعة
السينمائية العربية التي لم تكن تعي أصلاً بأنها انتهاكات
لحقوقهم، وربما كانوا
سعداء بها، فقد كانت، وما تزال، وسيلة لانتشارهم، وشهرتهم، ولكن، مع
إمكانية
استقبال المحطات التلفزيونية العربية، تقلصت نشاطات هذه التجارة في فرنسا،
وهي في
طريقها إلى الاختفاء بعد أن أصبحت الأفلام العربية متاحة للجميع.
باعتقادي، كانت
السلطات الفرنسية تتساهل مع هذا النوع من المخالفات، وربما بسبب محدودية
تأثيرها
على اقتصاديات السينما الفرنسية، ومن ثمّ صعوبة القضاء على ممارساتٍ متأصلة
في
العقلية العربية
.
ومن يعيش في فرنسا، أو يزورها يوماً، سوف يلاحظ انتشار
مواطنين قادمين من بعض البلدان الآسيوية (الهند، باكستان، وبنغلاديش..)
يقفون بجانب
محطات المترو، أو في ممراتها، يبيعون أفلاماً أجنبية بأسعارٍ
زهيدة جداً، وهم في
معظمهم مهاجرون بدون أوراق رسمية، أو من طالبي اللجوء السياسي، أو
الإنساني،
يمارسون تجارة غير مشروعة، وفي السوق السوداء بعيداً عن المنظومة
الاقتصادية (ضريبة
الاستهلاك، ضريبة الدخل، الضمانات الاجتماعية...)، ويتاجرون بأفلامٍ
فرنسية،
أمريكية، وأوروبية حديثة الإنتاج، وبعضها يُعرض في الصالات
التجارية، نسخوها
بأنفسهم، أو يبيعونها لصالح قراصنة محترفين، ومهما كانت العوائد التي
يحصلون عليها
قليلة، إلاّ أنهم يستفيدون في نفس الوقت من مساعداتٍ تُمنح لهم (تعويضات
البطالة،
الضمانات العائلية، السكنية، والصحية...)
من المؤسف إذاَ الإشارة بأنّ المهاجرين
الأجانب، ومن جنسياتٍ محددة، هم الذين اختاروا "القرصنة
التجارية" مهنةً لهم،
وهؤلاء غالباً لا يدركون خطورتها، ولا يعرفون أصلاً بأنهم يتاجرون بأعمالٍ
سينمائية
ليست ملكاً لهم، أو ينتهكون حقوق المؤلف، ولا يعدو الأمر، بالنسبة لهم،
أكثر من
عملٍ يرتزقون منه عن طريق بيع بضاعة زهيدة التكاليف، وغير
قابلة للتلف.
بينما لن
نجد محلاً واحداً يبيع أفلاماً فرنسية، أوروبية، وأمريكية مقرصنة، والأسباب
بسيطة
للغاية:
-
يتلقى الفرنسي، ومنذ طفولته، مروراً بمراهقته،
وشبابه، وحتى شيخوخته، ثقافةً عامة يتعلم من خلالها الفوارق الجوهرية بين
المُشاهدة
المنزلية، والجماعية من النواحي الإنسانية، الاجتماعية،
الفنية، والاقتصادية.. وهي
لا تمنعه من مشاهدة الأفلام عن طريق القنوات التلفزيونية، إصدارات الفيديو،
وأيّ
وسيلة بثّ مجانية، أو مدفوعة.
-
يقضي الفرنسي معظم ساعات يومه في العمل، ويعود
إلى بيته، يأكل، ينام، يرتاح، ويتفرج على الأفلام أيضاً، ولهذا تُعتبر طقوس
الذهاب
إلى صالات السينما بالنسبة له نشاطاً اجتماعياً، نفسياً،
ثقافياً، تربوياً.. وهو
يعرف بأنّ الأفلام التي تُعرض في الصالات، جديدة، أو قديمة، لن يشاهدها كما
يشاء عن
طريق القنوات التلفزيونية المحكومة بالمُشاهدة العشوائية على عكس ما يحدث
في حالة
رغبته في مشاهدة فيلم معين في صالة سينمائية.
-
يدرك الفرنسيّ بأنّ الأفلام ليست
سلعة استهلاكية، ولا تسليةً عابرة، يشاهدها كما يقرأ كتاباً،
يزور معرضاً، يسمع
موسيقى، أو يشاهد مسرحية (هل نقرأ كتاباً كي نتسلى؟).
ولكن، دعونا نفترض بأنّ تجارة الأفلام المُقرصنة
موجودة في الأسواق الفرنسية، وفي هذه الحالة يتوّجب علينا الافتراض أيضاً
بأنّ
التاجر الفرنسي لن يبيعها بأسعار زهيدة (كما يفعل الباعة
الهنود بجانب محطات
المترو)، لأنه ببساطة لن يخاطر في تجارةٍ غير مشروعة من أجل يورو، أو اثنين
ثمناً
للفيلم الواحد، وبعض السنتيمات هامشاً ربحياً؛ وأتوقع بأن يبيع الفيلم
المنسوخ
بحوالي خمسة يورو، وفي هذه الحالة ـ الاحتمالية أيضاً ـ لماذا
يشتري المتفرج
الفرنسي فيلماً منسوخاً بهذا الثمن، بينما يستطيع مشاهدته في صالة سينمائية
بالقرب
من بيته بمبلغ يتراوح ما بين 5 و9 يورو، وعن طريق اشتراكٍ شهريّ يُعادل ثمن
وجبة
غداء، أو عشاء في مطعم متوسط (20 يورو)، بإمكانه مشاهدة ما
يحلو له من أفلام في
معظم صالات فرنسا، بلجيكا، وسويسرا.
وهناك عوامل عديدة أخرى تجعل الفرنسي يمتنع
عن شراء بضاعة مسروقة، فهو يدرك خطورة القرصنة، ويعرف بأنّ
ميزانية فيلم تصل إلى
الملايين، بينما لا يكلف القراصنة أكثر من أسطوانة رقمية فارغة، وبعض أجهزة
النسخ،
كما يعي ضرورة مساهمته في تنشيط الدورة الاقتصادية.
ولهذه الأسباب، وغيرها أؤكد
وأنا مرتاح الضمير، بأنّ "القرصنة التجارية" غير موجودة في
فرنسا، ولحسن الحظ، ليست
"ظاهرة عالمية".
الجزيرة الوثائقية في
19/07/2011
أفلام "عمر أميرالاي"و"الربيع العربي"مجانا بهولندا
محمد موسى
يرفض المكتب الصحفي الخاص بمهرجان
(أدفا)
للفيلم الوثائقي والذي ينظم سنويا في العاصمة الهولندية أمستردام ، الإفصاح
عن برنامج الدورة القادمة، والتي من المقرر أن تبدأ في السادس عشر من شهر
نوفمبر
القادم، وإذا كانت الدورة الرابعة والعشرين من المهرجان ستتضمن عروض أفلام
وثائقية
عربية أو أجنبية متأثرة بالزلزال الذي ضرب العالم العربي في بداية هذا
العام؛ إلا
أنّ المهرجان، والذي يعد واحدا من أكبر المهرجانات الأوروبية
المتخصصة بالفيلم
الوثائقي، اختار أن يسبق دورته القادمة، ويواكب الأحداث المتسارعة في منطقة
الشرق
الأوسط بعرضه وعلى موقعه على شبكة الانترنت، مجموعة من الأفلام الوثائقية،
أطلق
عليها مجازا بـ "الربيع العربي"، كذلك يمكن ومن خلال الموقع
الإلكتروني ذاته مشاهدة
ثلاثة أفلام المخرج السوري "عمر أميرالاي"، والذي رحل في بداية شهر فبراير
الماضي،
وقبل أشهر من بدء الاحتجاجات في بلده سوريا.
باستثناء الفيلم التسجيلي
التلفزيوني الهولندي (طغاتنا الأحباء) والذي عرض مؤخرا على
شاشة التلفزيون
الهولندي الرسمي، يعود تاريخ إنتاج الأفلام الأخرى، المعروضة تحت عنوان
"الربيع
العربي" إلى السنوات الثمان الماضية. اي انها سبقت بسنوات بدء الثورات
العربية.
الأمر الذي يبعث التساؤل عن "فضاضة"
العنوان الذي اختاره المهرجان لهذه
الأفلام.
ويثير إشكالية إغفال أفلام وثائقية عربية أخرى، تشترك مع تلك التي
تعرض حاليا على موقع المهرجان على شبكة الانترنيت، بتعريتها للوجه القبيح
للديكتاتوريات العربية، بتقديمها قصصا لناس مهمشين أو مشوهين
تماما، والمصاعب
الاقتصادية والنفسية التي تواجه حياتهم اليومية.
لكن يبدو أن الاختيارات ترتبط
أيضا، بحقوق عروض الأفلام التي يعرضها مهرجان "أدفا" على موقعه
الالكتروني، كانت قد
عرضت جميعها ضمن دورات المهرجان السابقة؛ وبعضها اشترك
المهرجان بدعمها ماديا،
الأمر الذي يسهل قضية الحقوق القانونية لعرض تلك الأفلام.
من الأفلام المعروضة
تحت عنوان الربيع العربي، فيلم المخرجة النيوزلندية "بيترا برتيكيلي"
(الجمال
سينقذ العالم)، وترافق فيه المخرجة مجموعة من الحسناوات من كل العالم، في
رحلتهن
إلى ليبيا، للاشتراك في مسابقة للجمال، يتم اختيار الفائزة فيها عن طريق
اقتراع عبر
شبكة الانترنت.
من المهم الانتباه هنا، إلى تاريخ المسابقة، والذي كان في العام
2002 ، أي السنوات التي أعقبت الحصار الاقتصادي على
ليبيا، والمحاولات التي بدئها
النظام، لتحسين صورته حول العالم، والانفتاح على العالم الغربي.
تقدم المخرجة
التناقض الذي يصل إلى الكوميديا السوداء، بين تجارية مسابقة الجمال
وتركيبتها
الشائعة، والحياة الليبية المغلقة، والليبيين الذين يكملون المشهد الخلفي
فقط.
من الذين يظهرون في الفيلم "سيف الإسلام القذافي"، والذي تحول بعد
الثورة
المستمرة في ليبيا حاليا إلى الوجه الأبرز للنظام، كذلك تزور "الجميلات"
معمر
القذافي نفسه.
أما فيلم "طغاتنا الأحباء" ، فيوجه الانتقادات إلى السياسات
الأوروبية الرسمية، وتغاضت عن السجل العنيف للعديد من الأنظمة العربية،
بسبب خشيتها
من بدائل إسلامية متشددة خطرة، ويكشف الفيلم الكثير من التفاصيل، عن أداء
حكومات
أوروبية، البريطانية منها والهولندية، مع الملفات الإنسانية
لدول كـ: مصر أو
ليبيا، وكيف تصارعت المصالح والأموال مع قيم أخلاقية أوروبية.
كذلك يكشف الفيلم
العلاقات المعقدة التي تربط شركات عالمية مع سياسيين أوروبيين سابقين،
والآثار التي
تركته هي الأخرى في تخفيف الضغط على ديكتاتوريات بعينها في الشرق
الأوسط.
سوريا "أميرالاي" والدمية المحجبة
ومن
أفلام المخرج السوري الراحل "عمر أميرالاي"، يعرض موقع مهرجان (أدفا) ثلاثة
أفلام
تسجيلية، منها فيلمه الأخير "طوفان في بلاد البعث"، والذي يقدم بقتامة غير
مسبوقة
التشوهات التي تركها نظام الحزب الواحد على الحياة والبشر في سوريا.
فالفيلم
الذي يبدأ بمكاشفة واعتذار عن فيلم سابق للمخرج من عام 1970، عن ما اعتبر
وقتها
انجازا نوعيا للحكومة الجديدة وقتها، بتشيديها لسد مائي في الجزء الشرقي من
سوريا،
يعود إلى المواقع نفسها التي مر عليها فيلم (تجربة عن سدّ
الفرات) لا ليكشف فقط
دمار السد نفسه، وغرق عديد من المناطق الزراعية هناك، هو يبحث عن الدمار
بين أبناء
قرية سورية، بدت معزولة ومستلبة تماما للشعارات التمجيدية الفارغة.
كذلك يعرض
لـ "عمر أميرالاي" فيلم (تجربة عن سد الفرات) من عام 1970 ، و (الحياة
اليومية في
قرية سورية) من عام 1974. ورغم النفس التوجيهي والذي يقترب أحيانا من
الدعائي،
والمرتبط بالاتجاهات الفنية لزمن إنتاج الفيلمين، إلا أن الجمالية التي
ترتبط
بالمشاهد المفتوحة ، وتلك المركزة على قرويين سوريين ،
والسخرية المضمرة في
الفلمين. تربطها بيسر مع المنتج الالحق للمخرج ، والذي عمل ولأكثر من
ثلاثين عاما
بظروف استثنائية للغاية.
ومن سوريا أيضا ، يعرض فيلم (إمرأة من دمشق) للمخرجة
السورية المقيمة في كندا "ديانا الجارودي"؛ ويرجع تاريخ إنتاج الفيلم إلى
عام 2008،
وتحاول المخرجة فيه وبنجاح محدود، ربط اتجاهين تسجيلين، أحدهما عن أم
سورية شابة،
تبحث عن عمل في مدينة دمشق، والآخر عن تنامي الإقبال على دمية محجبة
للفتيات في
سوريا، وما صار يعينه ذلك، من هيمنة أفكار دينية متشددة على
المجتمع وبالخصوص
النساء فيه.
هذا في مقابل
تصاعد أهمية عمل المرأة، ولظروف اقتصادية غالبا، وكحال الأم الشابة بطلة
الفيلم
التسجيلي.
مدن الأموات والأحياء
ومن أفلام الربيع
العربي التي يمكن مشاهدتها مقابل دفع مبلغ مالي: فيلم "مدينة الأموات"
للمخرج
البرتغالي "سيرجيو تريفاوت"، عن زحف الأحياء المصريين إلى مدن الأموات،
وتشييدهم
لحياة كاملة في المقابر هناك، لا تختلف كثيرا عن مثيلتها في أحياء سكنية
عادية، عدا
أنها غائصة بشكل أعمق في وحل الفقر والإهمال.
فيلم "ملكات الستلايات" للمخرجة
الهولندية "بريجتية فان دير هاك"، عن ظاهرة البرنامج
التلفزيوني "كلام نواعم"
والذي يعرض منذ سنوات على إحدى الشاشات العربية، إذ ترافق المخرجة مقدمات
البرنامج، وتحاول أن تصل إلى إجابات عن حقيقة "الصوت الخاص" للبرنامج
التلفزيوني
النسائي، الذي ترى مقدماته بأنه يعكس حراكا نسائيّا عربيّا مهمّا.
فيلم "مائة
متر" للمخرج "جيان لويس دي نو"، عن الرحلة الخطرة التي يقطعها يوميا مئات
من
المغاربة من آخر نقطة جغرافية في أوروبا، إلى المغرب، محملين بالبضائع
الأوروبية
الرخيصة، لبيعها في بلدهم، كطريق لتحصيل الأموال، في بلد يعاني الكثير من
المشاكل
الاقتصادية.
الجزيرة الوثائقية في
19/07/2011 |