«مايكل باى» من أهم المخرجين الأمريكيين الذين
يمثلون جوهر الفكر الهوليوودى القائم على عناصر معروفة لا يخفت بريقها،
وأساسها الإيمان الكامل بالقوة المطلقة للشخصية والأمة الأمريكية وأنها
ليست وريثة الحضارات العظمى والتاريخ البشرى فقط بل الحضارات الفضائية
أيضا، وهى خط الدفاع الأول والأخير عن الإنسانية، عبر هذه الخلفية الفكرية
قدم «باى» سلسلة «المتحولون» ومن قبلها «آرماجيدون» و«بيرل هاربر»، ويعتمد
«باى» فى «المتحولون ٣» على فكرة تنتمى للفانتازيا التاريخية وهو اتجاه
واضح فى هوليوود منذ سنوات ولكنه صار أكثر استخداما فى الفترة الأخيرة
خصوصا فى أفلام الخيال العلمى، فالسيناريو يعود إلى الستينيات وبالتحديد
عند بداية السباق الفضائى بين أمريكا والسوفيت الذى كان أحد النتاجات
الإيجابية للحرب الباردة، حيث نعرف أن التسابق نحو الوصول للقمر والذى
انتهى أواخر الستينيات بصعود «نيل أرمسترونج» سببه الرئيسى هو رصد ارتطام
جسم فضائى بالقمر فى تلك الفترة المبكرة،
ويترك السيناريو الستينيات ليقفز بنا إلى الحاضر حيث أصبح «أوبتموس
برايم» وفريقه من المتحولين جزءا أساسيا من منظومة الأمن القومى الأمريكى
سواء للدفاع عن الأرض وأمريكا ضد «الديسبتيكونز» (المتحولون الأشرار) أو
لمساعدة أمريكا فى القضاء على أى تهديد لها ولحلفائها، وذلك فى مشهد مستفز
تهاجم فيه جماعة «برايم» أحد المواقع النووية غير الشرعية فى الشرق الأوسط،
والتى يحرسها جنود بملامح عربية ولا ندرى أين هو هذا الموقع ولكن الإشارة
أو التلويح واضحان! رغم أن أكثر المواقع النووية غير الشرعية فى الشرق
الأوسط موجودة فى إسرائيل.. لكنها هوليوود!
يعيب السيناريو ازدحامه فى النصف الأول بالمعلومات التى تبنى الحبكة
الرئيسية وتشكل ملامح المفاجأة الدرامية حيث تتوزع المعلومات على عدد كبير
من الشخصيات التى ترهق المشاهد بتتبعها للإلمام بخطوط الحبكة وتفاصيل
الصراع أو المواجهة المنتظرة، وهو ما يؤدى إلى هبوط فى إيقاع الفيلم خاصة
مع طوله الزمنى نسبيا، ولكن هذا الهبوط لا يلبس أن يتحول إلى لهاث شديد مع
بداية المعركة الأخيرة.
يحمل الفيلم إشارة تمثل دعوة السلام العالمى والإعلاء من قيمة البشر
على حساب الحرب وصانعيها والمستفيدين منها، وحيث تتعدد مستويات الصراع داخل
الحبكة، مما يثرى الأحداث فى النصف الثانى، ويبقى البطل الأمريكى الشاب رمز
المستقبل المشرق للأمة كلها، وتحتوى معارك هذا الجزء على اشتباكات قريبة
بين البشر والمتحولين وهو ما لم يقدم بهذا الشكل فى الجزءين السابقين،
وبالتالى تم استخدام الكثير من زوايا الكاميرا واللقطات التى توحى
بالانفجار وتناثر الشظايا فى وجه الجمهور.
ريفيو
الاسم الأصلى:
Transformers: Dark of the Moon
الاسم التجارى: المتحولون ٣- الجانب المظلم من القمر
سيناريو: إرين كروجر
إخراج: مايكل باى
بطولة: شيا لابوف - روزى هننجتون
إنتاج: بارامونت بيكتشرز
مدة الفيلم: ١٥٧ق
المصري اليوم في
16/07/2011
الجزء الثالث من «المتحولون ٣» يحقق ١٦٢ مليون دولار فى
أسبوع
ريهام
جودة
٤٢.٧ مليون دولار حققها الفيلم الأمريكى «المتحولون- ظلام القمر» فى
أول يومين لعرضه الأسبوع الماضى فى الولايات المتحدة، لتعد بذلك أعلى
إيرادات حققها فيلم عن هذه المدة خلال العام الحالى، متفوقاً بذلك على فيلم
«قراصنة الكاريبى- المد الغريب»، الذى حقق ٣٤.٨ مليون دولار فى أول يومين
لعرضه فى مايو الماضى، ووصل إجمالى إيرادات الفيلم فى أسبوع عرضه الأول إلى
١٦٢ مليون دولار.
فيلم «المتحولون- ظلام القمر» هو الجزء الثالث من سلسلة «المتحولون»
التى حققت نجاحاً كبيراً عند عرضها عام ٢٠٠٧، حيث تجاوزت إيراداتها ٧٥٠
مليون دولار، ولعب بطولتها «شا لابوف»، وتدور أحداث الفيلم حول اكتشاف
مجموعة من الحكومة ورجال الجيش أن رحلة وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» إلى
القمر عام ١٩٦٩ كانت لها تداعيات كبيرة تهدد الجنس البشرى بأكمله بعد
اكتشاف رفات رئيس الوزراء التى لم تكن سوى جسم غريب على سطح القمر، وقد
دمرت هذه الرفات القمر، وأصبحت عدوا جديدا لسكانه، وتبدأ حربا للنجوم فى
الفضاء وتهدد كوكب الأرض.
بدأ التحضير لتصوير الفيلم فى أكتوبر ٢٠٠٩، وبدأ تصويره فى مايو ٢٠١٠
فى عدة أماكن منها شيكاغو وفلوريدا وموسكو، وتم الانتهاء من تصويره فى
نوفمبر من العام نفسه، وإلى جانب «شيا لابوف» يشارك فى بطولة الفيلم «جون
تورترو» و«تيراسى جيبسون» و«جوش دوهامل»، وبدأ عرضه فى مصر قبل أيام قليلة.
المصري اليوم في
16/07/2011
وداع عاطفي مؤثر لعشاق سلسلة «هاري بوتر»
«مقدسات الموت 2» ختام ناجح لكلاسيكية سينمائية
دبي ـــ أسامة عسل
بعد سبعة أفلام في غضون عشرة أعوام منذ عام 2001، وأرباح عالمية تعدت
أكثر من 6 مليارات دولار، تختتم سلسلة (هاري بوتر) الأكثر ربحية في تاريخ
السينما، بنهاية مرضية هذا الأسبوع في صالات السينما المحلية، فالجزء
الثامن والأخير الذي حمل عنوان (مقدسات الموت 2) حبس بالفعل أنفاس محبي
السلسلة جميعهم، وجاءت (المواجهة الأخيرة) بين هاري وفولدمورت، والتي تشكل
الصفحات الثلاثمئة الأخيرة من الكتاب السابع والأخير للكاتبة (كي جي رولينغ)
نهاية حتمية لملحمة استثنائية عن السحر والسحرة وصراع الخير والشر.
وسواء أحب الجمهور هاري بوتر أم لا، يجب الاعتراف بأنه لم يحدث في
تاريخ السينما أن حقق فيلم ما حققه (الساحر الصغير)، واليوم تصل السلسلة
إلى نهايتها بعد أن حققت ما عجز عنه جورج لوكاس في (حرب النجوم)، وستيفن
سبليبرغ في مغامراته الشهيرة (إنديانا جونز)، متخطية كذلك سلسلة العميل
الإنجليزي جيمس بوند وغيرها من أفلام عمالقة الإنتاج في هوليوود، كما أن
هناك ميزة مهمة في سلسلة (هاري بوتر) وهو أن مشاهديها قد كبروا معها عبر
سنواتها، وهي ميزة لم تتحقق بهذا الشكل في أي سلسلة سينمائية عُرِضَت حتى
الآن.
وفيلم (مقدسات الموت ـ الجزء الثاني) يكسر البطء النسبي للجزء الأول
الذي شاهدناه العام الماضي، حيث أضفت تقنية الأبعاد الثلاثية لحظات
استثنائية ورائعة على مشاهد المعارك، وكذلك أحداث المطاردات ورحلة البحث عن
أحجار الهوكروكس الثلاثة الباقية، التي يستغلها فولدمورت ليقسم بها روحه،
حتى يستحيل قتله إذا لم تجتمع سوية، ويظهر في هذا الجزء مسعى (هاري، ورون،
وهرميون) لإيجادها وتحطيمها، وحين يستطيع هاري تحطيم بعضها ويقوم رون
بتحطيم أحدها ليكسروا سر خلود لورد الظلام، يشن فولدمورت حرباً عاتية على
مدرسة هوجوورتس ويدمّر كل شيء، ويصبح مصيرها ومصير الجميع مرهونًا بنتيجة
المواجهة التي تنشأ بين هارى وفولدمورت.
وفي المشاهد الأولى من الفيلم، يظهر اللورد فولدمورت ومعه أكلة الموت
وسنايب والمالفوي، ويقومون بالاستيلاء على عصا مالفوي السحرية، وهي من
مقدسات الموت التي تمنح فولدمورت السلطة المطلقة، فيظن أن ما من شيء قادر
على منعه من التقدم، لكن هاري بوتر يكتشف السر الكامن في الهوركروكس التي
يخبئ فيها (سيد الشر) أجزاءً من روحه، فيحطمها الساحر الشاب واحدة تلو
الأخرى، حتى يجد أنه يمثل الهوركروكس الأخير، وإذا ما أراد قتل لورد
فولدمورت فعليه أن يموت هو، وتصبح المشاهد الأخيرة من الفيلم أكثر إثارة
وجذباً.
ومع تعدد مشاهد التشويق، التي تبلغ ذروتها، في مداهمة مدرسة هوجوورتس
للسحر والشعوذة، ومشهد الصراع في القاعة التي شب فيها حريق، ومعارك
الغابات، تصل المؤثرات البصرية إلى مستوى لا مثيل له في السلسلة، حيث ارتقت
التصاميم بواقعيتها والمؤثرات بدقتها وكأن السحر أمر عادي.
واستطاع المخرج ديفيد ياتس في رابع لقاء له بهاري بوتر، أن يبدو أكثر
التصاقاً من روح السلسلة وإلماماً بما يجب عليه أن يفعله، لينال الجزء
الأخير نتيجة لذلك استقبالاً نقدياً وجماهيرياً أفضل، والأهم تَتّمة رائعة
ومذهلة للسلسلة التي ستتحول خلال سنوات ليست ببعيدة لكلاسيكية سينمائية
تشكل جزءً أساسياً من ذاكرة أطفال الألفية الذين كَبروا مع أبطالها.
ومع العناق الذي تبادله رون (روبرت غرينت) وهرميون (إيما واتسون) فرح
المهووسون بالسلسلة، وصفقوا لردة الفعل التي طال انتظارها، فهي دليل على أن
السحرة الثلاثة وهم لب الأحداث قد أصبحوا راشدين، كذلك ظهرت ملامح البلوغ
على هاري بوتر (دانييل راد كليف ـ 21 عاماً)، الأمر الذي أكسب الفيلم عمقاً
لا مثيل له مقارنة مع الأعمال السابقة التي كانت تصنف أحياناً أفلاماً
للصغار.
وغني عن القول، إن الفيلم فرض أهميته الطاغية على كل ما عداه من أفلام
هذا الأسبوع، وسيتربع بالتأكيد على قمة إيرادات الأفلام في شباك التذاكر،
وكذلك سيتداول جمهور السينما وعشاق هاري بوتر تعليقاتهم في المنتديات
والفيسبوك والمواقع الإلكترونية، ولن يمر هذا الوداع العاطفي الكبير مرور
الكرام على كتابات النقاد في الصحف والمجلات، الذين بدأوا في طرح العديد من
الأسئلة، وأهمها: هل نحن على أبواب عصر جديد في السينما مليء بالإبهار
والخيال والسحر والتقنيات المجنونة والمتعة البصرية الجارفة، وخالٍ من
المضامين التي تقترب من الإنسان وهمومه ومشكلاته اليومية الملحة؟!.
البيان الإماراتية في
16/07/2011
نقابيو السينما المصرية يفضلون العهد البائد؟
محمد خير
بعدما تمكّنت نقابة الممثلين من إطاحة «نقيب النظام» أشرف زكي، فشل
السينمائيون المصريون في ذلك. وبقي مسعد فودة في منصبه، متفوقاً على علي
بدرخان بـ 69 صوتاً فقط
القاهرة | بفارق 69صوتاً فقط، خسر علي بدرخان انتخابات نقابة
السينمائيين لمصلحة مسعد فودة. قبل ذلك بعام ونصف عام، خسر بدرخان
الانتخابات أمام المرشح نفسه بفارق 57 صوتاً. وهذه المفارقة لا تعني سوى
أمرين: أولاً أننا أمام استقطاب حاد، والثاني أن «ثورة 25 يناير»، التي
أدّت إلى تغيير نقيب الممثلين، لم تصل بعد إلى نقابة السينمائيين، أو إلى
نصف أعضائها على الأقل. نقابة السينمائيين، أو حسب اسمها الرسمي «نقابة
المهن السينمائية»، ليست نقابة لنجوم الشاشة. فهؤلاء النجوم هم أعضاء نقابة
الممثلين (المهن التمثيلية)، التي أطاحت قبل أسابيع نقيبها أشرف زكي،
الموالي للنظام السابق، وجاءت بالنقيب الجديد أشرف عبد الغفور.
أما «نقابة السينمائيين»، فهي للمخرجين والمصورين، وكتّاب السيناريو،
وفنيي الإخراج، وباقي عناصر الفن السابع، أو من يفترض بهم أن يكونوا كذلك،
إذ إن أهل السينما لا يحتكرون نقابتهم التي تضمّ العاملين في التلفزيون
أيضاً، تماماً كما هي الحال مع نقابة الممثلين، أي الذين يعملون في
السينما، والتلفزيون، والمسرح.
وهنا تحديداً تكمن المشكلة التي منعت بدرخان من الفوز بالمقعد. المقعد
نفسه الذي شغله والده أحمد بدرخان في الزمن القديم. والمعروف أن بدرخان
الأب كان ثاني نقباء «السينمائيين» بعد محمد كريم، الذي شارك في تأسيس
النقابة عام 1955. ومن منصب النقيب، تحول أحمد بدرخان إلى رئيس لـ «اتحاد
النقابات الفنية».
تضم نقابة السينمائيين أقل من خمسة آلاف عضو، منهم ثلاثة آلاف يعملون
في التلفزيون. وينتمي معظم هؤلاء إلى «اتحاد الإذاعة والتلفزيون» الرسمي.
وهم الذين تسلّموا منصب النقيب الذي يفترض أن يكون للسينمائيين، لكن آخر
السينمائيين الذين حازوا المنصب كان النقيب العتيد ممدوح الليثي، الذي هزم
بدرخان (أيضاً!) عام 2005، وإن كان بفارق 200 صوت في تلك المرة.
وبمجرد متابعة المشاكل التي تعصف بـ«ماسبيرو» منذ ثورة يناير، والصراع
الذي يعصف بالمبنى القديم بين كتلة التغيير الصغيرة والغالبية التي لطالما
روجت للنظام، يمكن فهم تأثيرات ذلك على انتخابات السينمائيين، إذ صوّت أهل
«ماسبيرو» لمصلحة النقيب القديم ـــــ الجديد مسعد فودة، وهو المخرج
التلفزيوني ورجل النظام السابق، الذي يتشابه كثيراً مع النقيب السابق
للممثلين أشرف زكي: كلاهما عمل سكرتيراً لنقابته فترة طويلة، وكلاهما أيّد
مبارك حتى اللحظة الأخيرة، وكلاهما لم يقدّم أي أعمال فنية بارزة. وفي حالة
فودة، ربما لم تكن له أيّ بصمات إبداعية نهائياً، سواء في أعماله
التلفزيونية من نوع فوازير «عملت الواجب»، أو حتى تجاربه السينمائية
القليلة ـــــ التي لم ير معظمها النور ـــــ من نوع فيلم «2 في الكليتش»
من بطولة بوسي سمير!
لكن الوجود الكبير لأهل ماسبيرو في نقابة السينمائيين لا يفسر فقط فوز
فودة، بل أيضاً يؤكد نفسه في القائمة الفائزة في مجلس النقابة التي احتل
قمتها التلفزيونيّون أمثال شكري أبو عميرة، وإبراهيم الشقنقيري، وعمرو
عابدين، وعمر عبد العزيز، الذي لم يُخرج للسينما منذ سنوات طويلة. بينما
احتل ذيلها مدير التصوير السينمائي المخضرم محسن أحمد.
نتائج لا يفسرها سوى الاستقطاب بين الشاشتين الكبيرة والصغيرة، مع
أفضلية مطلقة لأهل الصغيرة في جداول الانتخاب، وهي أفضلية حرص النقيب
الفائز مجدداً على تدعيمها في السنوات الأخيرة من خلال وجوده في مجلس
النقابة، كما أصدر تصريحاً قبل أيام من الانتخابات يرفض فيه قرار بدرخان
فصل بعض الأعضاء التلفزيونيين من النقابة. كانت تلك لعبة انتخابية ذكية،
لأن بدرخان لم يقل ذلك قط، بل كانت لديه اعتراضات على بعض اللوائح
الانتخابية، فطلب تنقية الجداول. نجح تصريح فودة في إثارة ذعر أعضاء
التلفزيون فانتخبوه مجدداً.
لكنّ التفسيرات السابقة تبقى جزءاً من الصورة. الجزء الآخر يتمثل في
بدرخان نفسه بوصفه «مرشح التغيير». الكتلة الشابة الناشطة التي روجت
لانتخابه بذلت جهداً خارقاً، ومارست الاعتصام في النقابة من أجل الدعوة إلى
إجراء انتخابات جديدة بعد الثورة، حتى نجحت في مسعاها لإعادة الانتخاب،
لكنها خسرت الانتخابات نفسها. ربما لأن بدرخان (1946) لم يبدُ المرشح
المناسب لثورة شابة. صاحب «الكرنك» خسر الانتخابات أمام الليثي ثم أمام
فودة، وها هو يخسر مجدداً، مما يعني أنه لم يستطع أبداً اختراق الكتلة
الأخرى... ربما لأن بناءً جديداً بوجه قديم أمر مستحيل.
الأخبار اللبنانية في
16/07/2011
التشكيل والسينما يسبقان في التأريخ للثورة
تطوّر الأدب مرهون بنجاح غضب الشارع العربي
كتب: القاهرة – الجريدة
اتفق نقاد وأدباء مصريون على أن تطوّر مسار الأدب مرهون بالتغيرات
الكبرى في المجتمع، وأن الثورات الشعبية التي يشهدها عدد من البلدان
العربية ستغيّر وجه الحياه الأدبية في هذا العالم كما فعلت ثورة يوليو التي
نقلت الشعر العمودي إلى شعر التفعيلة وأثّرت في تطوّر المسار الروائي.
توقّع النقاد والأدباء المصريون أن ما يشهده الواقع العربي اليوم
سيعيد ارتباط الأديب بالمجتمع… جاء ذلك خلال ندوة عقدتها «الهيئة العامة
للكتاب» في القاهرة عن الرواية والثورة، وأكد المشاركون فيها أن الثورات
تغيّر الحياة وإذا لم تفعل ذلك ستصبح مجرد انقلاب، مشيرين إلى أن ما تحقّق
حتى الآن في مصر لم يأتِ إلا بالضغوط التي يمارسها الثوار.
قال الناقد الأدبي الدكتور محمد عبد المطلب إن «للثورات تأثيرها على
الأدب. فثورة يوليو أثرت في الرواية وفي الشعر أيضاً إذ نقلتنا من الشعر
العمودي إلى شعر التفعيلة، وأتوقع أنه عندما تستقر الثورة ستنتج نوعاً
مختلفاً من الأدب وستعيد التصاق الأديب بالمجتمع». وأضاف: «ثورتا 23 يوليو
1952 و25 يناير 2011، كلّ منهما غيّر وجه مصر وغيّر السلطة».
كذلك أشار عبد المطلب إلى أن «الأديب قد يتحسّس طموحات المجتمع
الداخلية وبعض الأدباء تنبأ فعلاً بثورة يناير، مثل جمال الغيطاني وفؤاد
قنديل وإبراهيم عبد المجيد عام 1998 في روايته «أغادير البحر». أما محمد
سلماوي فتنبأ بها في «أجنحة الفراشة» وقد أهداني المسودة بعد أن انتهى من
كتابتها لأعطيه رأيي فيها وأبديت له إعجابي الشديد بها. لكن نصحته بألا
ينشرها لأنه سيدخل في خصام مع أناس لا يعرفون شرف الخصومة وسيعرّض نفسه
للخطر، لكنه أصرّ على نشرها».
الأديب إبراهيم عبد المجيد ذكر: «بعد الثورة بأيام، كتبت مقالاً
بعنوان «سلام لأدباء الوطن»، ووجّهته الى الأدباء الذين جددوا في الكتابة»،
وأضاف: «الحركات الأدبية الكبرى تكون سابقة للثورات، فالأديب يرفض المجتمع
من حوله ويتنبأ بمجتمع أفضل، ولا يجب أن يكون في حالة رضا عن نفسه لأن
المبدع الذي يرضى عن نفسه لا يبدع شيئاً».
تابع عبد المجيد: «عبر الثلاثين سنة الأخيرة لم تعد لنا قيمة عند
الحكام، والأدباء الكبار استطلعوا ذلك منذ زمن بعيد»، لافتاً أنه ظلّ في
الميدان 14 يوماً حيث «رأيت الناس تملؤهم السكينة والرضا والإيمان بالنصر،
فقد جاء الشباب رافضاً للواقع وليس لديه برنامج محدّد للمستقبل وإنما أفكار
عامة، وفي رأيي الفن التشكيلي والسينما سيسبقان الأدب في التأريخ للثورة».
مناخ جديد
قال رئيس «اتحاد الكتاب» محمد سلماوي إن «الصحافي ينغرس في الواقع
وينقله ويحلّله بشكل ثاقب، أما الأديب فينطلق من الواقع إلى أبعد من ذلك،
مؤكداً أنه لا يستطيع أحد أن يكتب عن الثورة الآن فأدب ثورة يوليو لم يظهر
إلا في الستينيات، وهذه الثورة ما زالت في بدايتها وعنفوانها وما زلنا
مبهورين بها ولا نستطيع راهناً أن نرتقي فوقها لنكتب عنها، فالكاتب أو
المبدع لا ينفعل بحدث معيّن ويعود إلى بيته ليكتب عنه وإنما يحتاج إلى
مساحة زمنية وجغرافية وعليه أن يكون فوق الحدث».
عن روايته «أجنحة الفراشة» قال سلماوي: «عندما كتبتها لم أكن أقصد
التنبؤ بشيء ولو استدعاني أمن الدولة آنذاك وسألني كنت أجبته بأني لا أقصد
شيئاً. لكن الحركات الاحتجاجية في الفترة الأخيرة مثل حركة «كفاية» وغيرها
والوضع السائد جعلاني مهموماً بهذا المناخ الجديد على مصر، وشخصيات الرواية
أسرى لهذا الموقف. ولا تتوقّف الرواية عند وصف موقف، لذا كان يجب أن يتطوّر
الموقف الذي أردت تصويره ليصل إلى نهايته الحتمية، والتطوّر جاء من خلال
جيل الشباب الذي استخدم الوسائل الحديثة في التعبير عن رأيه ورفض الجيش
التدخّل في هذه الثورة التي وحّدت المسيحي والمسلم يداً بيد إلى أن سقط
الحكم في النهاية».
تابع سلماوي: «كتبت هذه الرواية في 2010 قبل ثورة تونس، وقال لي
الناشر إنه سيصدرها قبيل معرض الكتاب الذي كانت مقررة إقامته في يناير 2011
لكنه ألغي وصدرت الرواية في ديسمبر 2010».
أضاف سلماوي: «الأدب ليس مصوِّراً فوتوغرافياً يصوِّر الواقع بل
يستشرف المستقبل لأن الأدب هو النبوءة بشكل أو بآخر»، وأشار إلى أن توفيق
الحكيم قد ألهم جمال عبد الناصر القيام بثورة يوليو.
من جهته، قال الناقد الأدبي حسام عقل: «ثمة رغبة ملحّة في أن يظهر أدب
ما يكتب عن ثورة 25 يناير، فمجلة «التايم» الأميركية أصدرت عدداً خاصًا عن
الثورة المصرية بعنوان «الجيل الذي يغير العالم» قالت فيه كلاماً عن ثورة
25 يناير لم يقله المصريون أنفسهم عن ثورتهم. ففي الافتتاحية يرد أنه إذا
كانت هناك صورة مظلمة للعالم الإسلامي ممثلة في عائشة، تلك الفتاة
الأفغانية التي قُطع أنفها وشوّهت حركة طالبان وجهها، فثمة في النقيض صورة
مضيئة للعالم الإسلامي وهي الثورة المصرية.
كذلك أوضح عقل أن الفترة المقبلة سيقرأ فيها الأدب المصري بفنونه كافة
قراءة جيدة، وعلى رغم أن النصوص التي تظهر الآن حول الثورة ليست جيدة إلا
أن ذلك لا يقلّل من أهميّتها، مضيفاً: «قصيدتا الشاعر عبد الرحمن الأبنودي
وعبد الرحمن يوسف ليستا أفضل ما كُتب ولكن هذا لا يقلّل من أهميّتهما».
ورأى عقل أن أدب اليوميات أحد أنسب القوالب الأدبية لتسجيل الثورة المصرية،
لأنه الجنس الوحيد الذي يجعلنا نلمس الحياة حال تدفّقها، ونشعر بمصداقية ما
نقرأ.
الجريدة الكويتية في
16/07/2011 |