تبحث الممثلة فرح يوسف دائماً عن كل جديد، لذا رفضت في الفترة الأخيرة
مشاريع فنية كثيرة كي لا تقع في فخّ التكرار، إلا أنها وجدت في فيلم
«المركب» ما يحفّزها على خوض التجربة.
عن سرّ حماستها للفيلم وتجربتها فيه، ورؤيتها للسينما في المرحلة المقبلة،
كان اللقاء التالي معها.
·
رفضت أفلاماً كثيرة في الفترة
الماضية، ما الذي جذبك الى فيلم «المركب»؟
أعشق الجرأة وخوض كل جديد ليس في السينما فحسب ولكن عبر أي وسيط، لذا رفضت
كل الأعمال التي تضعني في قالب واحد نمطيّ. أما «المركب» فموضوعه جريء
ومختلف، ويقدّمني بشكل جديد، كذلك كنت مطمئنة الى إمكانات المخرج عثمان أبو
لبن وواثقة في أنه سيقدّم فيلماً جيداً، خصوصاً أن الجميع كانوا متحمّسين
ويبذلون أقصى ما لديهم حتى تنجح التجربة.
·
علمنا أن الفيلم مأخوذ عن قصة
حقيقية، فهل كانت شخصياته موجودة بالفعل؟
«المركب» مستوحى من قصة حقيقية، وهي غرق مركب كانت على متنه مجموعة من
الأصدقاء، لكن المؤلف أخذ الفكرة وليس التفاصيل، أو بتعبير أدق أعاد بناءها
بما يتوافق ورؤيته، لذا فإن الشخصيات التي ظهرت في الفيلم ليست موجودة في
الواقع، وأي تشابه قد يراه البعض فهو راجع الى أن تلك النماذج منتشرة بين
الشباب حولنا.
·
قدّمت شخصية فتاة متحرّرة، لكنها
كانت تنصح صديقتها بعدم ارتداء لباس البحر، فهل هذا الأمر منطقيّ برأيك؟
نعم، لأن الشخصية التي أقدّمها فتاة متصالحة مع أفكارها وتؤمن بحرّية
الآخرين في ما يرونه مناسباً لهم، لذا اعترضت على إغواء صديقتهم المحجّبة
بارتداء لباس البحر، يضاف إلى ذلك أنها ليست ضد الحجاب بل تحترم من ترتديه.
·
لماذا لم نرَ خلفية اجتماعية
كافية عن الشخصية التي قدّمتِها؟
لأننا لم نكن نقصد رصد الواقع الاجتماعي، بل رصد الموقف الصعب الذي تعرّض
له هؤلاء الشباب ومدى تأثيره فيهم وفي تصرّفاتهم لاحقاً، وحجم التحوّلات
النفسية التي حدثت لكلّ واحد منهم.
·
ما هي أصعب المشاهد التي واجهتك؟
كانت لكل مشهد في «المركب» صعوبته، لكن المشاهد الأصعب كانت تلك التي
صُوِّرت في الماء، خصوصاً أنني لا أعرف السباحة، كذلك مشاهد أكل السمكة
نيئة والتي أصرّ المخرج على أن تكون حقيقية كي يخرج المشهد طبيعياً. أما
نفسياً فقد كان مشهد وفاة صديقنا أحد أصعب المشاهد.
·
كيف وافقت على السيناريو على رغم
أنه يعتمد على السباحة وغيرها من التفاصيل التي لا تجيدينها؟
لم أستطع مقاومة موضوع «المركب»، وكنت متأكدة أنني سأجد وسيلة تعينني على
أداء مشهد السباحة أو من ينقذني إذا حدث لي مكروه لا قدّر الله، خصوصاً أن
جميع العاملين في الفيلم كانوا معنا في المياه، من المخرج عثمان أبو لبن
مروراً بالمونتير، وصولاً الى اختصاصيّ في الغوص، أي أن المشهد كان
مؤمَّناً، يضاف إلى ذلك أنني ارتديت بدلة الغوص.
·
هل ترين أن عرض الفيلم مناسبٌ في
هذا التوقيت؟
يشتاق الناس دائماً الى الأعمال الجيّدة، والجمهور على درجة عالية من
الذكاء ويستطيع التفرقة بين الجيد والرديء.
·
معظم أحداث «المركب» صوِّر في
مكان واحد هو المركب، ألم تقلقي من أن يملّ الجمهور؟
كلا، فالجمهور لا يهمّه إلا الموضوع، وما دام المكان متوافقاً مع الأحداث
فلن يشعر بالملل.
·
تعملين دائماً ضمن بطولات
جماعيّة، فهل يعني ذلك أنك تفضّلينها أكثر أم أن زمن البطولات لم يحن بعد؟
لا تشغلني التسميات، فالمهم بالنسبة إلي هو أن يكون الفيلم عموماً جيداً
سواء موضوعه أو دوري فيه، ثم إن جودة أي فيلم لا تقوم على شخصية واحدة بل
عبر شخصيات كثيرة، حتى الأدوار الصغيرة أتصوّر أنها يجب أن تكون مؤثّرة.
·
لماذا تنادين دائماً بإلغاء
الرقابة؟
لأن الرقابة لم تعد منطقية في ظلّ التطوّر التكنولوجي الكبير الذي نحياه،
خصوصاً أنها دائماً ما تكون سيفاً مسلطاً على الإبداع ولا سيما على الأفكار
السياسية أو الاجتماعية الجريئة التي يتناولها العمل. ثم إن وجود الرقابة
ليس مرتبطاً بالأخلاق كما يعتقد البعض، لذا أرى أنها يجب أن تتحوّل إلى
جهاز تصنيف عمري، كما يحدث في بلدان العالم المتقدّمة كافة.
·
هل ترين أن جمهور السينما سيختلف
بعد 25 يناير؟
الناس الذين قاموا بالثورة وتأكّدوا من إمكاناتهم، لن يقبلوا بأيّ تفاهات
بعد اليوم، بل سيرفصونها ويتمردون عليها.
·
كيف سيؤثر ذلك على السينما؟
لا بدّ من الاهتمام بموضوع الفيلم قبل كل شيء، ومن ثم إعادة هيكلة نظام
الإنتاج عما كان متبعاً، بحيث يصبح المنتج هو من يختار الموضوع ثم يتّفق مع
المخرج ويبحثان سوياً عن باقي العناصر.
·
هل ستختفي الأجور المبالغ فيها؟
لا بد من أن تنتهي مرحلة الأجور المرتفعة فلا يجب أن تتعدّى نسبة معينة من
موازنة الفيلم مثل جميع بلدان العالم المتقدّمة سينمائياً. أما عندنا فأجر
النجم يلتهم ميزانية الفيلم، ما يؤثر على جودته النهائية.
الجريدة الكويتية في
11/07/2011
بعد نجاح حملات مقاطعة الفيل في المنديل…
الإرادة الشعبيّة انتصرت على طلعت زكريا
كتب: رولا عسران
نجحت الحملات على موقع «فيس بوك» الداعية إلى مقاطعة طلعت زكريا وفيلمه
الجديد «الفيل في المنديل» بسبب مواقفه المناهضة للثورة، فخفّضت بعض الدور
عرض حفلاته إلى اثنتين يومياً بدلاً من خمس، بينما ارتأت دور أخرى رفع
الفيلم نهائياً لضعف إيراداته التي لم تتجاوز الـ200 ألف جنيه في الأسبوعين
الأولين.
رفعت الحملات ضد طلعت زكريا على الـ «فيسبوك» شعار «قاطعوا من سبّ شبابنا
وبناتنا وقذفهم بأبشع التهم»، كنوع من التعبير عن أهمية المقاطعة وتأثيرها.
الطريف أن زكريا سخر من تلك الحملات في البداية وشكّك في نوايا أصحابها،
مؤكداً أنها لن تؤثّر على نجاح الفيلم وأن الشعب المصري لا يعرف معنى
المقاطعة في الأساس، فكان ردّ الثوار عليه عملياً بإنشاء أكثر من 20 مجموعة
تحت اسم «قاطعوا الفيل في المنديل»، ما دفع منتج الفيلم محمد السبكي إلى
مطالبته بالاعتذار للثوار بعد تأثّر الإيرادات بتلك الدعوات، وهذا ما رفضه
زكريا بل أصرّ على اتهاماته حتى لو فشل الفيلم واضطر إلى العمل كسائق
تاكسي.
زكريا لم يكتفِ بذلك، بل كذّب أي أخبار تحدّثت عن احتمال اعتذاره للجمهور،
لذا لم يضيّع القيّمون على صفحات المقاطعة الفرصة وأعلنوا أنهم سيقاطعون
أعماله كافة حتى لو أصبح سائق تاكسي وشنوا حملة عنوانها «ولو بقيت سواق
تاكسي… مش هنركب معاك يا طلعت».
من ناحية أخرى، ندم المنتج محمد السبكي على تسرّعه في طرح الفيلم وعدم
تأجيله إلى موسم نصف العام، إذ من الممكن أن يحقّق إيرادات أكثر من اليوم
وربما تخفّ حالة الغضب الشديدة لدى الجمهور من تصريحات زكريا المستفزّة.
مزاجيّة
تغيّرت تصريحات زكريا حول الإيرادات وفقاً لتوقيت السؤال وارتباطه
بالمرحلة، فمع بداية عرض الفيلم صرّح بأن الوقت لم يكن مناسباً لنزول
الفيلم في دور العرض، بسبب امتحانات الثانوية العامة، مضيفاً أنه لا يفهم
كيف طرح المنتج العمل «في وقت شبه ميت» بلغة السوق، متناسياً أن ثمة
أفلاماً سبقته إلى دور العرض وحققت إيرادات معقولة مقارنة بالظروف التي
يمرّ بها المجتمع المصري.
وفي تصريح آخر، أكّد زكريا أن الفيلم سيحقّق إيرادات فور انتهاء الامتحانات
بوصفه الحصان الرابح، على حدّ وصفه، وهذا ما لم يحدث بالطبع. فبعد انتهاء
الامتحانات وفشل الفيلم، قال زكريا إنه سيعتزل الفن بلا رجعة، وسيبحث عن
عمل آخر حتى لو كان سائق تاكسي… ليبقى الجميع في انتظار تعليقاته على رفع
الفيلم من دور العرض ما يعني نجاح حملات المقاطعة.
تغيّر ووعي
كانت للنقاد وصناع السينما مواقف وآراء مختلفة حول الأزمة التي يواجهها
«الفيل في المنديل»، في مقدّمهم المنتج محمد العدل الذي تبنى حملة
المقاطعة، بعد تصريحات زكريا المسيئة، وطالب الجمهور بعدم الذهاب لمشاهدة
الفيلم إلا في حال قدّم زكريا اعتذاراً.
أعرب العدل عن سعادته بحالة الوعي والإيجابية التي تسود الشعب المصري، إذ
أثبت أنه لم يعد يسمح لأحد بالإساءة إليه.
بدورها، أكدت الناقدة السينمائية ماجدة خير الله أن الجمهور يبحث عن نجوم
يشبهونه، «ما يعني أننا في فترة تغيّر حقيقية لا تتعلّق بالساحة السياسية
فحسب، إنما تطاول الخارطة السينمائية بعد الثورة»، مشيرة إلى أن الجمهور
يملك طرقاً أخرى للردّ على كلّ من أساء إليه.
من جهته، رأى المنتج هشام عبد الخالق أن نجاح مقاطعة «الفيل في المنديل»
ستزيد الخوف لدى المنتجين من ضخّ أموالهم في السوق، خصوصاً مع طرح جملة
أسئلة، بعد الثورة، حول مدى جماهيرية النجوم وهل يستحقّون الأجور ذاتها أم
حدث تغيّر ما في المزاج العام؟ وهل نجوم الصف الأول ما زالوا في الطليعة أم
تراجعت خطواتهم؟
أما المخرج أحمد عاطف فأعرب عن سعادته بالوعي الذي تحقّق لدى الجمهور
المصري، وتمنى أن يشمل فن السينما نفسه وجودة الأفلام المعروضة.
الجريدة الكويتية في
11/07/2011
سعاد محمد… إسعاد الأحبة
كتب: محمد بدر الدين
سعاد محمد… أغلق القوس (14 فبراير 1926 ـ 4 يوليو 2011)، رحلت سعاد محمد
فرحلت قيمة فنية كبيرة. تركت مشاعر وذكرى عطرة لدى جمهور واسع أحبها واحترم
فنها.
إنها الفنانة العربية، الأب مصري من محافظة أسيوط والأم لبنانية، وانطلقت
رحلتها الفنية من مصر إلى أرجاء العالم العربي.
صوت نادر من أصوات الطرب الجميل الجليل، تشدو فتطرب وجدان أجيال. ربما لم
تأخذ حقّها من التكريم العام الذي تستحقّ، لكنها حفرت اسمها وإسهامها مع كل
فن حقيقي أصيل قدمته.
كذلك تركت حضوراً محبباً صادقاً في السينما، على رغم أنه ليس كثيراً: كانت
طفلة عندما عرّفها جارها إلى المخرج محمود ذو الفقار الذي أدهشه جمال صوتها
وعذوبته فاصطحبها إلى زوجته المنتجة والسينمائية الرائدة عزيزة أمير، لتكون
سعاد بطلة فيلمهما «فتاة من فلسطين» الذي واكب القضية الفلسطينية وذروتها
وحربها وصدمتها عام 1948، فعرض الفيلم عام 1948 في وقت كانت فيه فلسطين هي
قضية الوطن والأمّة والعالم الأولى وتتابعها الشعوب بأعصابها.
هكذا، لفتت تلك الفتاة الأنظار بصوتها المميز وحضورها، بعدما شدت في الفيلم
أغنيات أخاذة بينها أنشودة «يا مجاهد في سبيل الله».
أعجبت المنتجة والرائدة السينمائية آسيا بفن سعاد، فأسندت إليها بطولة فيلم
«أنا وحدي» إخراج هنري بركات، وشاركتها البطولة ماجدة ونور الدمرداش،
وتألقت في الفيلم بأغنيات أحبها الجمهور من بينها: «مين السبب في الحب»،
«فتح الهوى الشباك»، «يا حبيبي يا رسول الله»…
لكن جمهور السينما لم يحرم بعد ذلك من صوت سعاد محمد، إذ غنت في أفلام لم
تظهر فيها من بينها: «رابعة العدوية» (1960)، «الشيماء أخت الرسول» (1972)،
«بمبة كشر» وغيرها.
كان صوتها من الطراز الذي يجمع بين القوة والرصانة والعمق إلى جانب الرهافة
والعذوبة والجاذبية، الطراز الذي تربعت على قمته أم كلثوم، لذلك حينما لم
يمهل القدر أم كلثوم لتشدو «انتظار»، رائعة أخرى من ألحان رياض السنباطي
وأشعار إبراهيم ناجي، لم يجد السنباطي أفضل ولا أولى من سعاد محمد لتشدوها.
وكان أحد مشاريعها تقديم تراث فنان الشعب سيد درويش، لكن لم تتح لها الظروف
سوى تقديم أغنيته الخالدة «أنا هويت وانتهيت». والحقّ أن الفن السينمائي
والغنائي يحتاج، على الدوام، إلى إبداع من الطراز الأصيل الصادق الذي مثلته
سعاد محمد، لذلك يظلّ ما تركته يمتع الأجيال ويطربها فعلاً من دون مبالغة.
تؤكد سيرة سعاد العلاقة الخاصة والوثيقة بين فني الغناء والسينما، وعلى رغم
عدم وجودها بكثرة على الشاشة، إلا أنها حضرت حتى بصوتها وسيظل يرنّ في
أسماعنا شدوها الجميل على لسان الشيماء أخت الرسول بأداء الممثلة الكبيرة
سميرة أحمد: «إنك لا تهدي الأحبة… والله يهدي من يشاء»، كذلك أغنيتها
الخالدة في الفيلم نفسه «طلع البلد نبياً… ورسولاً عربياً». من كان ليتخيل
غير سعاد محمد، بعظمة الصوت وجماله، يترنّم بمثل هذه الكلمات؟
خلد الله تعالى ذكر سعاد محمد مع كل إحساس صادق شدت به، ومع كل قيمة نبيلة،
على جناح صوتها أمس واليوم وغداً، من خير وجمال ورقي وتحضّر ومساهمة مرموقة
في إسعاد البشر… إسعاد الأحبة.
الجريدة الكويتية في
11/07/2011
الفن لا يحتاج جواز سفر
نانسي غنت لمصر أكثر من لبنان.. فهل نصدقها؟!
طارق الشناوي -
mbc.net
هل نصدق الفنان المصري فقط لو أنه غنى لمصر ولا نصدق أية جنسية أخرى إذا
غنت لأرض الكنانة؟ أم أن الصدق الفني هو فقط الذي ينبغي أن ننصت له بعيدًا
عن جواز السفر؟!
دعونا نتأمل الموقف على أرض الواقع.. لو أحصيت عدد الأغنيات التي قدمتها
"نانسي عجرم"، وهي تنشد حبًّا في مصر لاكتشفت أنها أكثر مما غنت لبلدها
لبنان.
لم أفكر يومًا أن ألعب هذا الدور وأبدأ العد، لكن بعض الزملاء في لبنان
فعلوها، وتكررت الحسبة نفسه مع "لطيفة" التي غنت لمصر كثيرًا، بل غنت
للرئيس المصري المخلوع، رغم أنها كثيرًا ما تردد أنها لم تغنِّ للرئيس
التونسي المخلوع "بن علي"، وتتباهى بذلك، خاصة بعد رحيله عن الحكم، إلا
أنها لا تذكر بتاتًا أنها رددت للمخلوع المصري من تلحين عمار الشريعي:
"اخترناه اخترناه وإحنا معاه لمشاء الله".
أيضًا لو قارنت عدد أغاني لطيفة الوطنية لتونس، بل وحتى العاطفية باللهجة
والألحان التونسية؛ ستكتشف أنها محدودة جدًّا بالقياس إلى غنائها لمصر.
مؤخرًا، غنت "كارول سماحة" أيضًا لمصر بعد ثورة 25 يناير. البعض تساءل:
لماذا يغني مطرب لغير بلده؟!
الحقيقة أنني عندما استمع لفنان يتغنى ببلد عربي أشعر أنه يغني أيضًا
لبلدي. أتحدث بالطبع عن الأغنيات التي تتغنى بالبلد العربي لا عن أغاني
النفاق مثل "اخترناه اخترناه".
نعم، عشنا في الماضي زمنًا عندما كان "فريد الأطرش" يغني بكلمات بيرم
التونسي "بساط الريح" لينتقل من بلد عربي إلى آخر: مصر، وسوريا، ولبنان،
وتونس، والمغرب، كما أنني لا أنسى تلك الأغاني الوطنية الجماعية، مثل "وطني
حبيبي الوطن الأكبر" التي كتبها "أحمد شفيق كامل" ولحنها "عبد الوهاب" في
مطلع الستينيات، وشاهدنا فيها "وردة" و"نجاح سلام" و"صباح" و"شادية" و"عبد
الحليم".
لا أتصور أن هناك من تساءل وقتها: من غنى لمصر ومن غنى لتونس؟ ثم جاء
أوبريت "الحلم العربي" قبل نحو 10 سنوات الذي شارك في تلحينه "حلمي بكر"
و"صلاح الشرنوبي" و"حميد الشاعري" لنجد أمامنا الهزيمة العربية ماثلة في
تلك الانكسارة التي لحناها في الكلمات "جايز ظلام الليل يبعدنا يوم إنما..
يقدر شعاع النور يوصل لأبعد سما"، واستمعنا لأصوات "أحلام" من الإمارات
و"أصالة" سوريا و"الحلو" مصر و"متعب العمري" السعودية، ز"نبيل شعيل"
الكويت/ و"الشاعري"، و"المزداوي" ليبيا، و"لطفي بوشناق" تونس، و"حسين
الجسمي" الإمارات، و"الجميري" البحرين.
لا أعتقد أن هناك من سأل عن نصيب كل دولة عربية، لكن كان الأوبريت يغني على
جرحنا النازف. لا أرتاح لمثل هذه التقسيمات. لقد ردد المصريون أغنية "عظيمة
يا مصر" لوديع الصافي أثناء ثورة 25 يناير، ولم يشعر أحد أن "وديع" لبناني،
ولا ننسى "نجاح سلام" اللبنانية الأصل وهي تردد: "يا أغلى اسم في الوجود يا
مصر" التي غنتها قبل أكثر من 55 عامًا، وكانت واحدة من أغنيات ثورة يناير
التي رددوها في ميدان التحرير. من الذي يحاول أن يعبث في كل ذلك؟!
كان من بين طموحات "أم كلثوم" أن تغني قصائد لكل الشعراء العرب، وهكذا غنت
للأمير "عبد الله الفيصل" من المملكة العربية السعودية، و"نزار قباني"
سوريا، و"جورج جرداق" لبنان، و"الهادي آدم" السودان. ولو امتد بها الزمن
لغنت لشعراء من الجزائر والكويت والأردن.
"فيروز" غنت لمصر، وهي تعتبر رمزًا لكل لبنان، وكأنها شجرة الأرز.. هل ننسى
أن النشيد الوطني الجزائري وضع ألحانه الموسيقار المصري "محمد فوزي"؟!
"العندليب والكويتية"
من يرد أن يسأل الفنان أو يشكك في وطنيته لو غنى بلهجة غير لهجة بلده فإنه
يضرب عرض الحائط بالتاريخ والجغرافيا وينسى أن "عبد الحليم حافظ" غنى في
مطلع الستينيات عند بداية افتتاح التليفزيون الكويتي ثلاث أغنيات باللهجة
الكويتية، بل وصورها وهو يرتدى الزي الخليجي.
وبين الحين والآخر، لا يزال التليفزيون والإذاعة في مصر تقدمان هذه
الأغنيات، وأشهرها: "يا هلي يا هلي". من الممكن بالطبع أن يثور تساؤل حول
إجادة اللهجة والتي تختلف من فنان إلى آخر.
لا أنكر بالطبع أن عددًا من المطربين والمطربات غير الخليجيين من يصدرون
شريطًا خليجيًّا بغرض التسويق فقط، فهذه تظل قضية أخرى. الأهم هو أن نغني
بدون خوف أو تهوين.
تابعوا "حسين الجسمي" وهو يغني "عيني على أهل كايرو" وغيرها من الأغنيات
باللهجة والألحان المصرية. أقول لمن بدأ في العد: كم غنيت لبلدك؟ وكم غنيت
للعرب؟ "جايز ظلام الليل يبعدنا يوم إنما.. يقدر شعاع النور يوصل لأبعد
سما".
الـ
mbc.net في
11/07/2011 |