حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

"جيرار كوران" يصنعُ أفلاماً مضغوطة

صلاح سرميني ـ باريس


في سلسلة "الأفلام المضغوطة" التي شرع "جيرار كوران" بإنجازها عام 1995، لم يعد يهتمّ بالفنان نفسه، ولكن بعمله الذي أصبح موضوعاً، وعلامةً ثقافيةً جنباً إلى جنبٍ مع مُنتجات المُجتمع الاستهلاكي المضغوطة عن طريق "الواقعييّن الجُدد".

مع شعوره بالانتماء إلى جيلٍ من هواة السينما في طريقه إلى الاختفاء، اكتشف السينما في الستينيّات قبل الطوفان المُتزايد للصور، والوسائط الإعلامية، عندما كان ممكناً امتلاك رؤية مركزة، يعتزمُ إعادة النظر في الكلاسيكيات في شكل ملخصاتٍ مركزة، متقلصة، ولكن بدون أن تفقد لقطةً واحدةً من العمل.

بدأها في عام 1995 بفيلم "ألفا فيل" لـ "جان لوك غودار" الذي تمّ إنجازه ثلاثين عاماً قبل هذا التاريخ، وسوف تتواصل السلسلة مع "على آخر نفس" الفيلم الذي وقع مع "الأربعمائة ضربة" لـ "فرانسوا تروفو" شهادة ميلاد الموجة الجديدة عام 1959.

بعزل، وإظهار من بداية الفيلم إلى آخره صورةً واحدة في الثانية، يقدم "جيرار كوران" ضغطاً لعملية  عقلانية، ومنهجية، ضدّ تيار التصوّر الذاتي للفيلم من قبل المُشاهد، و"التجربة الجمالية".

تقليص "على آخر نفس" يبعدُ العمل عن الشكل الذي ترّسخ في الذاكرة الفردية، والجماعية، والذي يميل إلى عزل عددٍ من الصور الأيقونية كعلامات كنائية (باتريسيا/جان سيبيرغ تبيعُ صحيفة الهيرالد تريبيون في شارع الشانزإليزيه على سبيل المثال)، وتطويل الفترة الزمنية لبعض المواقف لصالح تكثيف أخرى، وذلك لتسليط الضوء على بناء العمل الأصليّ، والضغط، يجرّده من أيّ تأثير بهدف مُشاهدته بطريقةٍ مختلفة(1).

*********

خلال مسيرته السينمائية منذ عام 1975، لم يترك السينمائيّ الفرنسيّ "جيرار كوران" أيّ فكرةٍ جمالية "مجنونة" لم يُحوّلها إلى عملٍ، أو سلسلةٍ سينمائية/فيديوية مُغايرة.

و"الضغط" معروفٌ في مختلف المجالات: الهندسة، المعلوماتية، الفيزياء، الموسيقى، الإسعافات الأولية، الطبّ، الصيدلة،.. ماعدا السينما قبل أن يتجرأ في عام 1995على تطبيقه مُستحوذاً على أفلامٍ من علاماتها، وتقليص مدتها الزمنية من حوالي ساعةٍ، ونصف، أو ساعتين إلى بعض الدقائق، وسوف أُطلق عليها "الأفلام المضغوطة".

كان فيلم "ألفا فيل" للسينمائيّ "جان لوك غودار" الضحية الأولى لهذه المُمارسة الجمالية الجديدة، والمُجددة، تبعه "على آخر نفس" غودار، و"نياغارا" لمُخرجه "هنري هاتاواي".

ارتاحَ "جيرار كوران" من "الضغط" لفترة سنواتٍ بسبب تعقيداته التقنية قبل أن يُطوّعها، ويتغلب عليها، ومنذ عام 2007  بدأ يضغط بعض أفلامه الخاصة به.

ازداد حماسه، وعاد إلى أعمال "غودار" من جديد، ويمكن اعتبار عام 2008 الانطلاقة المُزدهرة لفكرة "الأفلام المضغوطة" في مسيرته السينمائية المُمتدّة.

في عام 2009 أكمل مهمّته، ولم يعفِ أفلامه، وزاد من ضحاياه، وبدأ يضغط أفلام بازوليني، شروتر، غاريل، غي ديبور، جوزيف موردر، إيريك رومير، الأخوين لوميير، كلوزو، ماريو بونار، ديرك بوغارد، كلود أوتان لارا، بيير غاسبار ويت، روجيه فاديم، لوي مال، سيرغي بارادجانوف، سيرج بورغونيون، إدوار مولينارو، ويلي روزيير، روبير إنريكو، موريس رونيه، سين كونري، ميشيل بواسرون، ميشيل دوفيل.

ومن يرغب مُشاهدة الشريط الإعلانيّ الخاصّ بـ "فيلم اشتراكية"(2) آخر إنجازات السينمائيّ "جان لوك غودار" سوف يُلاحظ كيف تتدفقُ الصور بسرعةٍ كبيرة، تُصيب المُتفرج بالدوار، ويصعبُ على العين إدراك محتوياتها بدقة، تأثيرٌ بصريّ يُشابه إلى حدٍّ ما التسريع الآليّ لفيلمٍ نُشاهده عن طريق الأجهزة المنزلية.

ولكنّ التجربة التي أقدم عليها "جيرار كوران" أكثر تعقيداً، حيث لجأ إلى طريقتيّن للحصول على أفلام مضغوطة (سوف يشرحها بنفسه في موضوعٍ لاحق)، وفي الحالتين يحتفظُ الفيلم المضغوط بصورةٍ واحدة، أو اثنتيّن من كلّ لقطةٍ في الفيلم، ولهذا السبب، تختلفُ النتيجة كلياً عن فيلمٍ تتدفقُ لقطاته بسرعةٍ من أجل الرجوع إلى بدايته، أو نهايته، والوقوف عند لقطةٍ محددة.

يتوقعُ "جيرار كوران" بأنّ "غودار" قد شاهد تلك "الأفلام المضغوطة"، أو بعضها، ورُبما استوحى منها الفكرة، ولا يعرف إذا كان الشريط الإعلانيّ يحتفظُ بصورةٍ من كلّ لقطةٍ في "فيلم اشتراكية" أم لا.

لا يتوقف كثيراً عند هذا الأمر، لأنه بدوره استحوذ على معظم أفلامه، وضغطها، بمعنى صنعَ منها أفلاماً أخرى، رُبما يعتبرُ البعض بأنه شوّهها، ودمرّ شكلها، ومحتواها.

في الحقيقة، راودني هذا الإحساس، وأجابني "كوران" بأنه يختار أفلاماً تُعجبه، ويضغطها كي تكون في متناول المُتفرج المُستعجل، تُحفزه على مُشاهدة الأفلام الأصلية.

رُبما انطلق "غودار" من نفس الهدف عندما أنجز الشريط الإعلانيّ لـ "فيلم اشتراكية" بطريقةٍ مختلفة، وصادمة (كما حال الشرائط الإعلانية لأفلام المُفكر الفرنسيّ الوضعيّ "غي ديبور") كي تثير عقل المتفرج، وخياله أكثر من عواطفه، وتمنحه اليقين بأنه سوف يشاهد فيلماً مختلفاً تماماً عن السينما السائدة .

سؤالٌ آخرٌ طرحته على نفسي:

·         ما هو دور "جيرار كوران" في حالة عملٍ لا يخصه ؟

 وهنا تذكرتُ الأفلام التسجيلية المُرتكزة على الوثائق الأرشيفية (فوتوغرافية، أوسمعية/بصرية)، والتجريبية المُعتمدة على بقايا أفلام مُهملة، والكولاج في الفنون التشكيلية، ومن ثمّ استخدامات الضغط في النحت، ويتجسّد المثال الأبرز في أعمال الفرنسيّ "سيزار" (1921-1998) الذي بدأ منذ عام 1960 يُركزُ اهتمامه حول تقنية "الضغط المُوّجه" التي أصبحت فيما بعد علامة تجارية لأعماله، وكان يستخدم لهذا الغرض آلةً هيدروليكية لضغط الأحجام الكبيرة، وتحويلها إلى "مُصغرات".

في تلك الفترة، منحته "الكونتيسة نوايّ" أول سيارةٍ في حياته من نوع  Zilسوفيتيّة الصنع، كانت جديدة تماماً، والوحيدة من نوعها في باريس، ولكنه أعادها إليها مضغوطة، ومُسطحة مثل قرص بيضٍ مقليّ، وخسرت 90 بالمائة ََمن حجمها، وفيما بعد، لاقت سيارات أخرى نفس المصير.

كان "سيزار" يعتبرُ ممارساته تحدياً لمُجتمع الاستهلاك، يُقربه من "الواقعييّن الجُدد" الذي كان واحداً منهم إلى جانب صديقه "أرمان بيير فرناندز"(1928-2005) (3).

ومن المُفيد التنويه هنا إلى التمثال المُصغر الذي تمنحه "أكاديمية فنون، وتقنيات السينما" للأفلام الفرنسية والأجنبية الفائزة في احتفالياتها السنوية.

يتقنُ "كوران" الدفاع عن أفلامه، والمُعجب به، وبها، لا يحتاج إلى مرافعةٍ طويلة، ومُنمّقة كي يقتنع، حيث يتجلى دوره ـ كما الحال في "سينماتون" ـ بالفكرة نفسها، تنفيذها، تسلسلها، وإمكانياتها على توسيع مفاهيمنا، وفتح آفاق جمالية تعبيرية جديدة، وهو ما حدث بالضبط منذ اختراع "السينماتوغراف".

وكما كتبتُ سابقاً، لا يمثلُ بورتريه واحد من "سينماتون" أيّ أهمية تُذكر في مسيرة "جيرار كوران"، ولكنّ ديمومة التجربة، وإنجاز 2266 بورتريه حتى هذا التاريخ يمنحها قيمةً تاريخية، أرشيفية، تحليلية، سينمائية،... ويُحوّلها من نزوةٍ إبداعية عابرة إلى "عملٍ مرجعيّ"(4).

بالمُقابل، فيلمٌ مضغوط واحد لن يُوّجه الأنظار نحوه، ولكن، سوف يكتسب شرعيته في إطار عموم "الأفلام المضغوطة" المُنجزة حتى اليوم (65 فيلم مضغوط) .

في الحقيقة، تُحيلني الفكرة إلى فيلمٍ آخر أنجزه "جيرار كوران" خلال حفل الإعلان التأسيسيّ لـ"أكاديمية مورلوك"، حيث صوّر فيلماً بعنوان Cocktail Morlock (كوكتيل مورلوك) وُفق تقنية خاصة، صورة صورةً، وذلك بالضغط على زرّ تشغيل الكاميرا يدوياً، وكأنه يستخدم آلة تصويرٍ فوتوغرافية تمتلكُ إمكانياتٍ ذاتية بتخزين آلاف الصور الثابتة (5).

وهذا يعني، بأنه كان يُسجل على الشريط 1/24 ثانية من الحركة، وفي حالة عرض الفيلم بالسرعة القياسية، سوف تتدفقُ الصور مثل البرق، ويشاهد المتفرج الاحتفالية التي دامت لبعض الساعات مُكثفة للغاية.

تبدأ اللقطة في السينما السائدة من لحظة دوران الكاميرا، وحتى توقفها، ويتكوّن المشهد من مجموع لقطاتٍ مختلفة الأحجام، الزوايا، والأطوال الزمنية تمّ تصويرها في مكانٍ، وزمانٍ مُحددين.

ولا تمتلك الصورة المُنفردة قيمةً في الفيلم الحكائيّ، ولكن، تحظى بأهميتها المُطلقة في السينما التجريبية كمفردةٍ جمالية قائمة بحدّ ذاتها، حيث تتداخل الصور، تتشابك، وتتشظى، وتتخلى عن وظيفتها السردية لصالح وظيفة جمالية بحتة.

وبينما يستطيع "جيرار كوران" الاحتفاظ بصورةٍ واحدة من كلّ لقطة فيلم ما يريد ضغطه، يهرب منه الصوت تماماً .

يحتاجُ إدراك الحركة في السينما إلى تسجيل 24 صورة في الثانية، بينما يُسجل الصوت على شريطٍ مغناطيسيّ، أو رقميّ، ويتمّ تحويله فيما بعد إلى ذبذباتٍ ضوئية تُطبع بمُحاذاة الصورة، ويمكن للعين مشاهدة محتويات صورة مقتطعة من لقطة ما، ولكن، يستحيل سماع الصوت المُصاحب لها .

ولهذا، تتشابه أشرطة الصوت في كلّ "الأفلام المضغوطة"، ولا تتعدى أكثر من ذبذباتٍ مُتلاحقة بسرعة، تقتربُ سماعياً من زقزقة العصافير.

**********

هوامش:

(1) ـ من الكلمة الافتتاحية التي كتبتها  "Judith Revault d’Allonnes" في دليل التظاهرة الكبرى التي نظمّها "مركز جورج بومبيدو" مدينة "ميتز" تحت عنوان (تحفة ؟) خلال الفترة من 12 مايو، وحتى 25 أكتوبر 2010، ويتضمّن البرنامج الفيلم المضغوط "على آخر نفس"(لمُخرجه جان لوك غودار) الذي ضغطه "جيرار كوران" في عام 1995، وقلص مدته الزمنية الفعلية من 89 دقيقة، إلى ثلاث دقائق، ونصف.

(2) ـ الشريط الإعلاني لـ"فيلم اشتراكية"

http://festival-de-cannes.parismatch.com/festival-de-cannes/2010/Videos/Bande-annonce-Film-Socialisme-180863/

(3)ـ موسوعة ويكيبيديا باللغة الفرنسية.

(4)ـ  "سينماتون Cinematon مشروعٌ يُلامسُ الهوامشَ"، صلاح سرميني، موقع الجزيرة الوثائقية، 12 يوليو 2010

http://doc.aljazeera.net/magazine/2010/07/20107892514935439.html

"سينماتون طرائف سينمائيّة، قصيرة، وبُكائيات : الفيلم الأرخص، والأطول في تاريخ السينما"، صلاح سرميني، موقع الجزيرة الوثائقية، 3 مايو 2010.

http://doc.aljazeera.net/cinema/2010/05/20105375453433267.html

(5)ـ فلسفة " Morlock" في السينما الفرنسية المُوازية (2)، جيرار كوران، ترجمة صلاح سرميني، موقع

الجزيرة الوثائقية، 17 أغسطس 2010.

http://doc.aljazeera.net/followup/2010/08/201081794441809491.html

الجزيرة الوثائقية في

12/09/2010

 

دور السينما في اليمن.. بين الماضي والحاضر

فيروز الوالي - صنعاء  

من أصل 49 دار عرض سينمائي في اليمن لا توجد في الخدمة الآن سوى 10 دور معظمها تعمل على تكرار عرض الأفلام القديمة وغير النوعية, ومنها ما تحول من عرض الأفلام السينمائية إلى عرض أفلام اسطوانات مدمجة DVD)) من خلال تقنية "البروجكتر" عرف اليمن صالات العرض السينمائي في خمسينات القرن الماضي في عدن, ومنها انتشرت إلى بقية المحافظات الجنوبية والشرقية (قبل إعادة الوحدة عام 1990م ) وكانت هذه المحافظات تمتلك جميعها دورا للعرض التي وصل عددها إلى 24 دار عرض حتى عام 1990م.

أما المحافظات الشمالية , فهي لم تعرف ظهور هذه الصالات إلا عام 1962م , ويملك القطاع الخاص في هذه المحافظات جميع دور العرض. والتي وصل عددها حتى عام 1990م إلى (25) دار عرض .
يؤكد رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة للمسرح والسينما الأستاذ: حسين محمد عبد الله أن جميع دور العرض في اليمن هي دور عرض شعبية تفتقر إلي شروط دور العرض  الحديثة بإمكاناتها العصرية .

السينما في صنعاء..

لا نعثر الآن في العاصمة صنعاء سوى على دار عرض سينمائي واحدة, من أصل أربع دور عرض كانت مفتوحة  ثلاث منها أغلقت, بما فيها أقدم وأكبر دار سينما في صنعاء وهي "دار سينما بلقيس" الواقعة في ميدان التحرير, والتي أغلقت أبوابها عام 2004م , فيما كانت توقفت كل دار "سينما حدة" و"سينما خالدة " في الحي السياسي سنة 2003 لتبقي على لائحة دور العرض في هذه المدينة فقط "الدار الأهلية للسينما" الواقعة في حي شعوب غربي مدينة صنعاء القديمة .

و"الدار الأهلية للسينما  هي ثاني صالة سينما تفتتح في صنعاء حيث بدأ نشاطها عام 1962م عقب شهور من افتتاح " دار سينما بلقيس " .

تعرض هذه الدور أساسا الأفلام الهندية وهي هي أول الأفلام التي أدخلت اليمن بعد عام 1962م وبسب الإقبال مشاهدة هذا النوع من الأفلام - ويقول الدكتور عبدا لله الزين في كتابه "اليمن ووسائله الإعلامية" وانتهى الأمر بأن أصبح المشاهد اليمني يعرف حبكة القصص العاطفية التي تتخللها الأغنيات الشرقية المعبرة والمشاهد الخلابة .. وتتناول الأفلام الهندية التي تعرض في اليمن موضوع الحب المثالي الذي يتردد في الشعر الغنائي العربي , ويمثل قيمة يحترمها حماة التقاليد في البلاد.

يقول الناقد السينمائي عبد ربه الهيثمي :" في نهاية عقد السبعينات كان وضع المؤسسة العامة للمسرح والسينما قد اختل وتعثر نشاطها, بما في ذلك استيراد الأفلام الجديدة, حيث كانت المؤسسة متعاقدة مع عدد من الشركات العالمية لإنتاج وتسويق الأفلام . وكانت تشتري منها الجديد وتعمل على تأجيره لدور العرض . ولتعثر نشاط المؤسسة وتوقف استيرادها وتوزيعها لهذه الأفلام, عجزت إدارات دور العرض في المحافظات الشمالية, وهي إدارات لم يكن لها علاقة بالفن السابع ,عن مواجهة هذه المشكلة التي زاد من خطورتها الانتشار الكبير للدش والقنوات الفضائية وكذلك مقاهي الانترنت ومحال بيع الأقراص المدمجة, والتي استقطبت نسبة كبيرة من جمهور دور العرض , أضافه إلي أن دور العرض أخذت بتكرار عرض مخزونها من الأفلام القديمة فتراجع روادها وضعفت إيراداتها , فكان إغلاق معظمها"

الدار الوحيدة التي تمارس نشاطها بصنعاء الآن هي " الدار الأهلية للسينما" التي لم يعد يرتادها يوميا سوى (150-200) شخص وهي المشكلة التي حاولت إدارة هذه الدار التخفيف من وطأتها باستئناف استيراد وعرض الأفلام الهندية الجديدة منذ بداية هذا العام, بينما ظلت في السنوات الماضية تعيد عرض الأفلام القديمة, وهي الآلية التي ظلت دور العرض في المحافظات الشمالية, والمتمثلة في تكرار عروضها القديمة, والذي نتج عنه تراجع في عدد المترددين وبالتالي في مستوى الإيرادات ومنها "دار سينما بلقيس " في صنعاء التي قيل إن إيراداتها قبيل إغلاقها وصلت إلى مستوى عجزت فيه عن تغطية نفقات تشغيلها, ما اضطر صاحبها إلي إغلاقها .

ومع اختلاف طفيف في التفاصيل أغلقت معظم دور العرض في بقية المحافظات الشمالية, فهذه مدينة الحديدة مركز محافظة الحديدة كان بها خمس دور عرض لم تعد تمارس نشاطها سوى دار عرض واحدة, ومثلها في مدينة تعز مركز محافظة تعز.  ويرجع كثير من المصادر إغلاق  19 دار عرض في المحافظات الشمالية من أصل 25 إلى الإدارة غير المؤهلة, وحيث كانت تدار هذه الدور من قبل عناصر لا علاقة لها أو دراية بالفن السابع, فكان همها الأول هو الربح السريع, دون العناية بصالات العرض من ناحية النظافة المستمرة والصيانة الدائمة والعروض الجديدة ذات القيمة النوعية المناسبة للعرض, أسهم في ذلك غياب الدولة عن أداء دورها في تنمية هذا القطاع بالإشراف علية, وفق رؤية واضحة ومن خلال مؤسسة وهيئة متخصصة وفاعلة.

ونتيجة لهذا الواقع ظل مستوى خدماتها يتراجع, وبالتالي تراجع عدد روادها, ولم تصمد أمام تراجع الإيرادات, فكان قرار الإغلاق هو الحل, أما الدور التي استمرت تمارس نشاطها فهي إما تعرض الأفلام القديمة , وإما تحولت من عرض الأفلام السينمائية إلي عرض أفلام الأقراص المدمجة من خلال تقنية "البروجكتر" بل إن مباني بعضها صارت أسواقا شعبية لبيع القات والخضراوات.

يشار أن  ثلثي دور العرض في المحافظات الشمالية تنتشر في صنعاء والحديدة وتعز, بينما لا تزال هناك مراكز محافظات محرومة من هذه الفضاءات السينمائية حتى اليوم.

وراء كل هذا التردي والتراجع في مستوى خدمات هذا القطاع في اليمن, تقف  الدولة عاجزة بوصفها الراعي الذي يضم هذا الفن وهذا القطاع حتى اليوم ضمن دائرة اهتماماته , بما يمكن هذه الفنون من أداء دورها في تنمية أجيال قادرة على العطاء والانجاز إذ لم تعد الفنون _ حسب محمد عبد الله _ وسيلة لتنمية التذوق والنزعة الجمالية فحسب , وإنما أداة مهمة من أدوات تنمية التفكير.

الحل قرار سياسي

يبقي الحل لتجاوز هذا الوضع في رأي رئيس مجلس إدارة المؤسسة" هو في إصدار قرار سياسي, إما بتصفية المؤسسة ودور العرض, وإما بالإبقاء عليها وحل مشكلاتها وتوفير الشروط اللازمة لتفعيل نشاطها" وهو ما أكده الهيثمي, مشيرا إلى أن معالجة أوضاع السينما في اليمن بشكل عام, من دور العرض إلى الإنتاج . وأضاف :"يتوقف هذا الحل على الإرادة والقرار السياسيين, حينها ستكون هناك سينما يمنية منافسة, وهذا الأمر ليس مستحيلا في ظل توافر كافة الإمكانات من مواد خام وكوادر ومساحات طبيعة , لكن ما نحن بحاجة إليه هو الإرادة السياسية".

الجزيرة الوثائقية في

12/09/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)