حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

دورته الـ67 تنطلق بداية الشهر المقبل

خلطة أجيال مثيرة في مهرجان فينيسيا

محمد رضا

هناك خلطة خفية في برنامج مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي، الذي ينطلق في دورته السابعة والستين، في الأول من سبتمبر/أيلول المقبل . فالمنتشر من القول إن الدورة الجديدة تجمع عدداً غالباً من المخرجين المنتمين إلى الجيل الحالي . أولئك الذين بدأوا الإخراج في تسعينات العقد الماضي وما زالوا مستمرّين إلى اليوم .

هناك ما يؤيد هذا التوجّه بالتأكيد . يكفي وجود صوفيا كوبولا عبر فيلمها الجديد “في مكان ما” وهي التي تعتبر نموذجاً للتواصل بين الأجيال، فهي ابنة فرنسيس فورد كوبولا (“العراب”، “سفر الرؤيا الآن”، “المحادثة” بين أخرى) الذي كان نجم المخرجين الأمريكيين في السبعينات لجانب مارتن سكورسيزي الذي شارك في دورة برلين الماضية بفيلمه الجيد “جزيرة مُغلقة” وستيفن سبيلبرغ الذي عادة لا يشترك في المسابقات بل خارجها .

هناك أيضاً المخرج الألماني توم تايكر الذي سجّل حضوره الأول على الساحة السينمائية حين أخرج “اركضي لولا اركضي” سنة 1998 وها هو يعود بفيلم جديد تحت عنوان “ثلاثة” أو (Drei) بالألمانية .  وهو أول فيلم يحققه باللغة الألمانية منذ نحو عشر سنوات، إذ أنجز عدداً من الأفلام الألمانية الناطقة بالإنجليزية من باب دفع شهرته باتجاه عالمي . الفيلم الجديد تقع أحداثه حول علاقة عاطفية ثلاثية، كما يشي العنوان . بصرف النظر عن كيف سيستقبل الموجودون في حاضرة المهرجان الإيطالي العريق هذا الفيلم، فإن مخرجه ماض في اقتباس رواية للكاتب البريطاني ديفيد ميتشل “كلاود أطلس” والعمل على مشروع فيلم آخر حول مخيّمات اللاجئين في السودان، بعنوان “ماذا عن ماذا” .

مخرج آخر من الجيل الحديث يعرض له فينيسيا فيلمه بعد أيام هو عبد اللطيف كشيش صاحب الفيلم الناجح “كُسكُس بالسمك” الذي التقط سنة 2007 جائزة لجنة التحكيم الخاصّة في المهرجان نفسه، في حين حظت بطلته حفصية حرزي على جائزة مارشيللو ماستروياني للتمثيل . “فينوس الأسود” هو عنوان فيلمه الجديد، وإذ يعبّر عن شيء، فعن اختيار مثير للدهشة بقدر ما هو مثير للاهتمام . يذهب كشيش إلى التاريخ ليقدّم امرأة من قبيلة خوي القاطنة في الجنوب الإفريقي . في مطلع القرن التاسع عشر تم إرسالها إلى بريطانيا وفرنسا لتقوم بجولة تستعرض فيها زنوجيّتها للأوروبيين الذين لم يكن معظمهم الكاسح شاهد وجهاً إفريقياً أسود، فما البال بوجه أنثى؟  لكن مسألة الأجيال ليست سوى ظاهرة واحدة من ظواهر فينيسيا هذا العام، هناك ظاهرة وجود أعمال تعكس ما تتناقله عناوين الصحف والمواقع من أحداث حول العالم . في المقدّمة فيلم جوليان شنابل “ميرال” وهو مهم على أكثر من صعيد، وينتمي أكثر إلى ما يُثيره فيلم آخر لديه ما يقوله حول أوضاع اليوم المتأزّمة حول العالم وهو “قتل جوهري” وذلك في إطار العلاقة بين سينما اليوم وأحداث العالم السياسية . “ميرال” فيلم إنساني الوجه، سياسي المضمون، يدور حول هيام الحسيني، السيدة الفلسطينية التي أوجدت “دار الطفل” في مدينة القدس لتجمع فيها اليتيمات، لتكتشف أنها لن تستطيع الفصل بين الغاية التعليمية والإنسانية، وبين ردّ فعل طالباتها حيال الضغط العسكري والعنصري الذي يفرضه الاحتلال “الإسرائيلي” للقدس، والذي يؤدي إلى الوضع غير الإنساني الذي نعلم به جميعاً . هذا موضوع مفاجيء للمخرج جوليان شنابل الذي تعامل سابقاً مع الرسام “باسكويت” في فيم بنفس الاسم سنة ،1996 ومع حياة الصحافي الفرنسي المقعد جان دو في Diving Bell and the Butterfly .

هناك ما يوعز بموقف المخرج المعادي لتصرّفات الجيش “الإسرائيلي”، فنرى هدم المنازل والتدقيق في الهويّات وملاحقة الأولاد وكل تلك المظاهر التي ألّبت الرأي العام إلى حد بعيد . طبعاً سيبقى أن مشاهدة الفيلم، الذي تشترك في تمثيله كل من هيام عبّاس وفريدا بينتو (لعب البطولة الأنثوية في “سلامدوغ مليونير”) .

أما فيلم ييرزي سكولوموفسكي “قتل جوهري” فيدور حول أفغاني اسمه محمد (يقوم به الأمريكي فنسنت غالو) تم نقله من أفغانستان إلى نقطة تحقيق في أوروبا، لكن حادث طريق يمكّن محمد من الهرب، وينطلق إلى بريّة قاحلة إلا من أشجار شاهقة وثلج ممتد بلا نهاية . العلامة الفارقة التي سنجدها في هذا الفيلم أن محمد سيدافع عن حياته ضد مطارديه الذين مثله باتوا بلا هوية، كونهم تابعين لقوّات ليس من حقّها أن تعمل في أراضي دولة أخرى وإذا ما كان سكيلوموسكي ينفصل عن المذكورين أعلاه جميعاً، من حيث إنه من رعيل سابق، فإنه ليس الوحيد في هذا المجال، هناك الأمريكي مونتي هلمان الذي حافظ على وجوده في هوليوود، إنما لم يقف وراء الكاميرا لإخراج فيلم روائي طويل منذ أكثر من عشرين سنة .

فيلمه الجديد عنوانه “الطريق إلى لا مكان” ويدور حول مخرج يتورّط في جريمة لم يرتكبها . لكن ميل المهرجان إلى الاستعانة بأسماء جديدة، ولو نسبياً، أمر يبقى مفهوماً ومقبولاً على أساس أنه من التحصيل الحاصل أن تغيب الشمس عن جيل لتطلع على جيل آخر . 

فرنسيس كوبولا وابنته صوفيا تواصل سينمائي

بينما تستعد المخرجة صوفيا كوبولا لعرض فيلمها الجديد “في مكان ما” على شاشة مسابقة مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي، يجد والدها المخرج فرنسيس فورد كوبولا نفسه وسط احتفاء يستحقّه، إذ ستقوم أكاديمية العلوم والفنون السينمائية بتسليمه جائزة “غوفرنورز” السنوية التي تُمنح لكبار صانعي السينما .

وما يتفاعل في الوسط السينمائي العالمي هو ملاحظة أنه في حين جسّد كوبولا الأب سينما جيله طوال الستينات والسبعينات والثمانينات من القرن الماضي، حملت ابنته شعلة أبيها وواصلت مهنة العائلة، تماماً كما كان آل باتشينو، واصل مهنة أبيه، مارلون براندو في سلسلة “العرّاب” .

في زمانه، انطلق فرنسيس فورد كوبولا مخرجاً مستقلاً لأفلام صغيرة، من السهل وصفها بالمستقلّة، طالما أنها كانت من تلك غير المكلفة والتي لا شركات توزيع كبيرة تؤمّن لها الانتشار الكافي . في العام 1968 أنجز أكبر تلك الأفلام الصغيرة وهو “قوس قزح فينيان” وفي العام التالي قدم “أهل المطر” وكلاهما من توزيع “وورنر” في أول تعامل له مع شركة هوليوودية . ثم بعد ذلك جاءت أفلامه الكبيرة مثل “العرّاب” بأجزائه الثلاثة الممتدة ما بين 1972 و1990 و”سفر الرؤيا الآن” أحد أفضل الأفلام التي طرحت موضوع الحرب الفيتنامية إن لم يكن - تبعاً لأكثر من تحليل - أفضلها على الإطلاق .

لكن قلب وعقل كوبولا بقيا مرتبطين بتلك الأفلام الأقل حجماً، وقد حقق منها بعض أعماله حتى من بعد شهرته وتأسيس علاقاته مع هوليوود . أفلام مثل “غير المنتمين” و”رامبل فيش” و”حدائق من حجر”  . ومع أن هوليوود سمحت له بالتمويل اللازم لهذه المشاريع الصغيرة، ولأخرى متوسّطة الحجم مثل “دراكولا” و”جاك” و”صانع المطر” وكلها في التسعينات، إلا أنها انسحبت من أعماله في ما بعد . أمر أوقفه عن العمل لعشر سنوات (1997-2007) قبل أن يعود بفيلم “شباب من دون شباب” الذي موّله، كما فيلمه الأخير وعنوانه “تيترو” من ماله الخاص .

بالنسبة لابنته صوفيا، فإنها تأتي في زمن مختلف . تلك الفتاة الصغيرة التي ظهرت على الشاشة ممثلة وهي طفلة صغيرة في فيلم أبيها “العرّاب” تحوّلت إلى الإخراج بفيلمين قصيرين سنتي 1996 و،1998 ثم أقدمت على تجربة حظّها في الفيلم الطويل “انتحار العذراء” سنة ،1999 بناء على قوّة رد فعل النقاد حياله، وبعدما تأكّد لها أنها لا تريد الاستمرار في التمثيل، وهي التي ظهرت في نحو 15 فيلماً حتى ذلك الحين، أقدمت على تحقيق فيلمها الثاني “مفقود في الترجمة”، سنة 2003 بخطى فنية أكثر وثوقاً . ثم انتقلت إلى عرين فيلم تاريخي كبير عبر فيلم “ماري أنطوانيت” بعد ثلاث سنين . “في مكان ما” هو فيلمها الرابع كمخرجة، وشقيقها رومان هو المنتج .

باستثناء “ماري أنطوانيت” فإن أفلامها الثلاثة متجانسة من حيث ميلها إلى دقة تصوير أوضاع متأزمة في حكايات عاطفية . وفيلمها الجديد “في مكان ما” شبيه بموضوع فيلمها الأسبق “مفقود في الترجمة” من حيث إنهما يتعاملان مع نجومية الممثل . في “مفقود في الترجمة” تعاملت معه بعد الأفول، حيث أدّى بيل موراي شخصية نجم سابق يجد نفسه مطلوباً لتمثيل الإعلانات في اليابان . من ناحيته فإن “في مكان ما” عن نجم في أوج نجاحه (ستيفن دورف) يكتشف أنه أهمل ابنته الصغيرة بما فيه الكفاية .

أفلام صوفيا كوبولا ليست من النسيج الأسلوبي ذاته لأبيها . لديها فلسفتها الخاصّة، لكنها تلتقي وأباها في نوع السينما من حيث محاولتها الاحتفاظ بسمات فنية عالية، وعدم خوض التنازلات والقبول بالمشاريع التي لا تكتبها وتنتجها بنفسها .

كانت هوليوود ضنّت على والدها بالعمل حالما أكّد رغبته في الاحتفاظ بسمات وملامح أعماله بعيداً عن وصاياها، حتى بعد كل النجاح الذي حققه حينما أخرج سلسلة “العراب” وذاك الذي حققته بضعة أفلام أخرى له (مثل “بَغي سو تتزوّج”)، وهي الآن ترقب خطوات ابنته . لكن المؤكد أنها تلحظ أن منوال كوبولا الابنة يلتقي ومنوال كوبولا الأب، ولذلك فإن كليهما سيبقى خارج احتمالات التعاون مع المؤسسة الصناعية الكبيرة طالما أنهما يرفضان التحوّل إلى مجرد منفّذين .

 

علامات

علي بابا في السينما الصامتة

شخصية “علي بابا” من أكثر شخصيات “ألف ليلة وليلة” التي طرحت على الشاشة الكبيرة . حكاية ذلك الفرد الذي يكتشف وجود مغارة للصوص فيها كنوز لا تنتهي، يغرف منها بعدما دخل الكهف المغلق مستخدماً كلمة السر “افتح يا سمسم” . حين يخبر أخاه بذلك ينطلق ليحذو حذوه، لكن طمعه يوقعه في أيدي اللصوص بعدما تغافل عن مغادرة الكهف قبل عودتهم .

طبعاً الحكاية تستمر لتحتوي على خطّة اللصوص الاستيلاء على قصر الحاكم وتصدي علي بابا للمحاولة، والمعركة الكبيرة التي تقع بين الطرفين وتنتهي، بالطبع، لصالح علي بابا والأميرة التي تقع في حبّه .

التسجيل الأول لوجود شخصية “علي بابا” في السينما يعود إلى السينما الهندية وليس الأمريكية . واحد من أفلام كثيرة مفقودة، هو ذاك الذي أخرجه هيرالال سن سنة 1901 بعنوان “مشاهد من “علي بابا” بعده قام فرناندو زيكا بنسج أحداث “علي بابا والأربعين لصاً” سنة ،1902 لكن يبدو أن الشخصية بقيت محبوبة أكثر في السينما الهندية أكثر من سواها، فها هو هيرالال يعود إلى الشخصية عينها في فيلمين متعاقبين هما “علي بابا والأربعين لصاً” و”رقصات علي بابا” وكلاهما في سنة واحدة . لكن الفيلم ذا الوقع الخاص يعود إلى الفيلم الفرنسي بالعنوان الأكثر استخداماً، أي “علي بابا والأربعين حرامي”، الذي قام بصنعه سنة 1906 سيغوندو دي كومو، وهو سينمائى مبكر اشتغل على المؤثرات البصرية، لكنه لم ينل شهرة زميله جورج ميليس (“رحلة إلى القمر”) .

كان مصوّراً إسبانياً عمل مع ميليس قبل أن يبدأ تحقيق الأفلام بنفسه، ناقلاً تأثره بالمخرج الفرنسي، وأنجز فيلمه هذا قبل اشتغاله على شخصية أخرى من شخصيات المصدر العريق نفسه، هي شخصية علاء الدين والمصباح العجيب .

علي بابا، حسب دي كومو، يبدأ بدخوله المغارة “خدعة فتح أبوابها كانت جيّدة بمقاييس ذلك الزمن” ثم قطع عليه وقد عاد إلى زوجته السعيدة . يدخل عليهما رجل اسمه قاسم (وهو الاسم الأكثر تردداً بين الأشرار العرب في الأفلام الأجنبية) فينتشي إعجاباً وطمعاً بما حققه “علي بابا” من ثروات، ويدله علي بابا على المغارة وسرّها . حالما يدخل قاسم إليها ينسى نفسه منتشياً بأحلام الثراء، وما هي إلا لحظات ويدخل أفراد العصابة ويجدونه فيأمر رئيسهم بقطع رأسه في مشهد مؤلّف من خدعة بصرية ناجحة أخرى .

من هنا ننتقل إلى البراميل خارج قصر مع إيحاء باختفاء العصابة فيها، ولو أن النسخة الواصلة إلينا (والتي ربما فقدت بعض مشاهدها) لا تظهر أحداً يخرج منها .

استلهام حكاية “علي بابا” بما فيها من مفاد معاد للطمع، وبطولة ضد اللصوص استمرت طوال الفترة الصامتة في أفلام أخرى في الهند، وإيطاليا، وفرنسا، والولايات المتحدة، وألمانيا والمجر، ولا تنافسها بين الشخصيات العربية الأخرى إلا شخصية علاء الدين، التي ترتكز بدورها على فعل طمع معيّن، حينما يحاول الشرير الاستئثار بالمصباح السحري طالباً من الفتى علاء الدين تسليمه المصباح كشرط لإخراجه من الجحر داخل الأرض، حيث وجد المصباح . طبعاً لو أن علاء الدين صدّق ذلك لما توالت مغامراته بعد ذلك ولبقي في الجحر حتى موته . ولو خاف علاء الدين دخول المغارة أو نسي نفسه في داخلها لما تابعنا مغامراته لإنقاذ الفتاة التي أحبّته من هجوم العصابة .

م.ر

merci4404@earthlink.net

http://shadowsandphantoms.blogspot.com

الخليج الإماراتية في

29/08/2010

 

عصام زكريا:

تأثير أفلام اليوم سريع الزوال على الجمهور

القاهرة - دار الإعلام العربية  

إذا كانت السينما هي الفن السابع فلابد أن يكون الناقد على دراية بكل الفنون وهذا يتطلب مستوى كبيراً من التحصيل والدراسة والمعرفة، وهناك جيل من الشباب يحاول سبر أغوار المهنة .

ولكن ينقصهم بخلاف الأفلام الجيدة التي يستطيعون نقدها وتفسيرها، المجلات المتخصصة في النقد السينمائي، كما أن هناك مشكلة تخلص منها العالم كله إلا نحن تقريباً وهى الخلط بين المحرر الفني والناقد السينمائي، فالأول مهنته تعقب الأخبار والحكايات الفنية .والثاني مهمته النقد والتحليل للأعمال في محاولة لزيادة وعي الجمهور بها وتنمية ثقافته السينمائية، وبين الأخبار وتقييم الأفلام مسافة كبيرة يقف عندها ضيف اليوم بالرصد والمتابعة ويوضح من خلال رؤيته علاقة السينما بالناس.

عصام زكريا واحد من النقاد الذين اتخذوا من السينما همهم وشغلهم الشاغل، تخرج في كلية الألسن واتخذ الصحافة مشواراً لطريق حياته، تخصص في الصحافة الفنية، وجذبه حبه للسينما للكتابة عنها والنقد لأعمالها. كان عضواً في نادي سينما القاهرة قبل أن يبلغ الثامنة عشرة من عمره، وقتها كانت كلاسيكيات السينما العالمية تستحوذ على كثير من شاشات العرض، مع نشرة أسبوعية للمقالات النقدية المهمة الجادة بالإضافة للمتابعة الشخصية لإنتاج السينما العالمية، وأثمر استغراقه في هذا العالم تأليف عدد من الكتب المهمة، وترجمة العديد من روائع الأدب العالمي.

وكان من أهم مؤلفاته »أطياف الحداثة« الذي يصور من خلاله مصر الاجتماعية في السينما، و»يوسف شاهين صانع المرايا«، وأيضاً كتاب »السينما والرئيس« وترجم بعض المؤلفات منها »رجل على الشاشة« بالإضافة إلى بعض النصوص الأدبية.

متعة حياته دخول قاعات السينما ومشاهدة الأفلام بتعمق والسفر إلى دول العالم لمتابعة ما تعرضه من أعمال، وخلال لقائه مع (الحواس الخمس) كانت هذه الوقفات التي استعاد فيها من مخزون ذكرياته لقطات أفلام حفرت بصمات راسخة في تاريخ الفن السابع.

تأثير طاغٍ

(السينما لها تأثير كبير جداً في الجمهور، ولكن هذا التأثير يتناقص من فترة إلى أخرى، فهو متغير خاصة مع وجود مصادر أخرى مثل التلفزيون والإنترنت).

يقول الناقد عصام زكريا عن تأثير السينما في الجمهور إنها في كثير من الأوقات كانت العنصر الأساسي للتأثير، فبعد ظهور السينما ب03 عاماً كان سحرها طاغياً أكثر من الآن، لكن في نفس الوقت كان التأثير مقصوراً على الجمهور الغني، أي أنه محدد لطبقة معينة من الجمهور.

وبمرور الوقت أصبحت السينما فناً شعبياً، فليس جميع الناس باستطاعتهم الذهاب للمسرح أو متابعة الباليه أو الحفلات؛ بينما يمكنهم الذهاب إلى السينما لأنها أرخص وأمتع وسيلة للاستحواذ على الجمهور، وسميت لوقت معين بفن الطبقة العاملة، خاصة في سينمات الدرجة الثالثة، لكن مع دخول التلفزيون أصبحت الأفضلية للدراما والسهرات التلفزيونية.

سينما تلفزيونية

(في الوقت الذي سحب التلفزيون البساط من السينما نرى أنه ساعد على انتشارها أكثر، وذلك من خلال عرض الأفلام السينمائية تلفزيونياً).

يؤكد عصام زكريا أن دور العرض فقدت سحرها، لكن هذا لا يمنع أن السينما مازالت محتفظة بسحرها بل مؤثرة أكثر في الجمهور.

فكثير من البلدان العربية لا توجد بها دور عرض، ويستمدون كل ثقافتهم السينمائية من التلفزيون والفضائيات، وهذا بالطبع تأثير مختلف عن مشاهدة الأفلام في دور العرض، فتأثير النجوم والإفيهات واللغة العامية التي يتحدث بها الأبطال في الأفلام المصرية تم تشكيلها من خلال تكرار عرض الأفلام، فمثلاً عندما عرض فيلم »اللمبي« منذ عشر سنوات الذي قدمه محمد سعد وعبلة كامل وكانت تدور أحداثه في إطار شاب يبحث عن عمل ليتزوج ويتحدث بأسلوب ولغة معينة ـ هذا الفيلم ترك تأثيراً قوياً لدى الجمهور في اللغة والحوار.

لكن رغم أن التأثير الآن أكثر انتشاراً فإنه قديماً كان أقوى بمعنى أن عدداً قليلاً من الجمهور يشاهد الأفلام، والدليل أن الطفل الذي يرى 6 أفلام يومياً بمرور الوقت يقل تأثير هذه الأفلام فيه، فنستطيع أن نحكم بأن الأفلام الشعبية قد تترك أثراً في الناس، لكنه سريع الزوال لأن السلع لم تعد سلعاً معمرة لكنها سلع صالحة للاستخدام في فتره قليلة.

لأن كل وقت تتدخل الوسائل لتغير من هذه السلعة؛ فتأثير الأفلام موجود ككل لكن كل فيلم ليس له تأثير وحده.ويشير إلى أن كثيرين يرون أن تأثير السينما سلبي لأنها تروج للعنف والجنس والألفاظ البذيئة والكسل.

والجمهور يكون مستقبلاً بشكل سلبي لأن يبتعد عن أي نشاطات أخرى مثل المسرح والشعر والموسيقى وغيرها، لكنه يؤمن بأن للسينما تأثيراً إيجابياً، لا يمكن إغفاله، في ثقافات الناس.

مصدر الثقافة

(إذا فكرنا في أي موضوع واختبرنا معلوماتنا في مجال من المجالات سنجد أن معظمها نابع من السينما والأفلام).

يرى عصام زكريا أن السينما هي المصدر الرئيسي للثقافة؛ لأننا لو اختبرنا أي إنسان في المعلومات التي يملكها عن أي دولة سنرى أن هذه المعلومات مستمدة من الأفلام التي يراها، ومن الممكن أن تكون أغلب هذه المعلومات خاطئة لكنها في النهاية هي المعلومات الوحيدة لدينا؛ لأننا نحتاج لبذل جهد كبير لجمع المعلومات®.

ورغم كل ما يقال عن التأثير السلبي للسينما في الأخلاقيات فإنها أيضاً المصدر الرئيسي لنشر القيم والأخلاق، وإذا قدمنا بحثاً للنقد في أخلاقيات أي طفل نرى أن السينما تؤثر فيه أكثر من المدرسة وعلماء الدين، لأن تأثير هؤلاء لفظي يصبح من خلاله الإنسان مثل البغبغان، عكس السينما التي تخلق من خلال الدراما نوعاً من التعايش والانفعال مع الأفراد الأبطال الذين لديهم أخلاق في مواجهة الأشرار.

ونحن في مصر لدينا أزمة تتمثل في افتقادنا القصص الخيالية التي نحكيها للأطفال حتى إن أغلب شخصيات أبطال القصص لصوص، ما يفسر أن هذه الأفلام كتبت خصيصاً ليفهمها الكبار، فعندما نقول إن أدهم الشرقاوي أو علي الزئبق أو علي بابا كلهم أبطال يأخذون من الغني ويعطون الفقير فهو مفهوم يفهمه الكبار، لكن الصغار يفسرونه على أنه سرقة.

ومثال ذلك فيلم »علي بابا« الذي قدمه الفنان يحيى الفخراني في التسعينات ويحكي عن طفل يستمع لمدرسته وهي تقص حكاية علي بابا والأربعين حرامي ليسألها الطفل: أليس علي بابا واحداً من الحرامية؟

وهو ما يفسر التأثير القوي للسينما على الطفل، لكن أفلام ديزني برعت في ذلك، فرغم ما بها من سلبيات فإنها تأخذ القصص العالمية وتنفذها بأسلوب يتناسب مع أخلاقيات الطفل، مثلاً فيلم »علاء الدين« نجد أن فيه أخلاقيات غير موجودة في القصة الأصلية للعمل.

وبذلك يمكن أن تستخدم السينما لزرع القيم والضمير داخل الطفل.كما أن تعرض صغار السن للأفلام الجيدة ينمي ذوقهم الفني وإحساسهم بالعالم الخارجي، وبما أن السينما تستطيع أن تجمع كل الفنون داخل فيلم، فمثلاً فيلم »صوت الموسيقى« بطولة:

جولي أندروز، كريستفور بلامر، إخراج وإنتاج روبرت وايز وهو فيلم مقتبس من مذكرات ماريا فون ترامب، يعتبر أجمل فيلم موسيقي ـ عندما يشاهده الأطفال نجد أنه ينميهم بصرياً وموسيقياً وذهنياً.

قضايا مهمة

(هناك بعض الأفلام التي تجرأت على مناقشة قضايا لا يمكن للتلفزيون أو أي وسيلة أخرى مناقشتها ونحن نحتاج إلى مزيد من هذه الأعمال الهادفة).

دعا عصام زكريا المنتجين والقائمين على العمل السينمائي للبحث عن قضايا مهمة مثل تلك القضية التي ناقشها فيلم »بحب السيما« من بطولة محمود حميدة وليلى علوي والطفل يوسف عثمان، وهو من تأليف السيناريست هاني فوزي.

كما أن مخرجه ومنتجه الشقيقان أسامة جرجس فوزي وهاني جرجس فوزي وهما مسيحيان. وهو فيلم يغلب عليه الطابع الكوميدي ويتكلم عن أب مسيحي متعصب وزوجة لم تعد تحتمل سلوك زوجها فخانته مع فنان تشكيلي.

والفيلم يتناول حياة أسرة مسيحية مكونة من زوج متزمت دينياً وزوجة بروتستانتية وطفل وطفلة ويعرض المشكلات الاجتماعية التي تواجه هذه الأسرة بسبب رؤية الزوج »المتزمتة« للدين، أيضاً فيلم »سهر الليالي« الذي رشح لجائزة الأوسكار ووصل للتصفيات قبل النهائية.

ويدور حول ثماني شخصيات مختلفة تجمعهم ذكريات صداقة تنتمي إلى الماضي، يلتقون مجدداً بعد سنوات من الفراق في عيد ميلاد ابنة إحدى بطلات الفيلم، فيصبح عيد الميلاد هو موعد لم الشمل مرة أخرى لعالم »سهر الليالي«، ومن ثم يستعرض الفيلم المشكلات النفسية والعاطفية لكل شخصية.

أيضاً هناك فيلم »آسف على الإزعاج« وهو من بطولة النجم الكوميدي أحمد حلمي ويشاركه في الفيلم كل من منة شلبي ودلال عبدالعزيز ومحمود حميدة، وتدور أحداثه حول شخص أصيب بحالة انفصام في الشخصية لارتباطه بوالده بعد وفاته، فيتمزق بين التمدين والتراث وثقافة الغرب والشرق.

كما أن السينما تحاول من خلال أفلامها جعل الجمهور يتخطى أزماته مثلما حدث أيضاً بعد هزيمة يونيو فعرضت فيلم »الأرض« من إخراج يوسف شاهين، وهو أحد أهم أفلام السينما المصرية، وتدور أحداثه حول تعامل المصريين مع الإقطاع ومع الفقر الذي يعيشون فيه وكيفية مواجهته، وضرورة التمسك بالحقوق والأرض.

ترفيه سريع

(السمة الغالبة على معظم الأفلام التي يتم إنتاجها هذه الأيام هي عدم الإتقان في العمل والبحث فقط عن الترفيه والتسلية والمكسب السريع®. وهذه أزمة من السينما).

عن استخدام السينما كوسيلة للترفيه يرى الناقد عصام زكريا أنها أصبحت وسيلة فقط للترفيه، لكن لا يمكن أن نغفل أنها ليست المذنب الوحيد في الانحدار الذي وصلت إليه الأخلاقيات، لأن المجتمع يروج أيضاً للسطحية في الأخلاقيات والقيم.

كما أن لدينا عشوائيات ومدارس وجامعات لا تترك أي تأثير ايجابي في الأفراد، لكن المشكلة أن بعض السينمائيين انعدم عندهم الضمير الفني فاتجهوا إلى التسلية والكسب على حساب بقية المضامين الجميلة التي كانت السينما معنية بتقديمها.

البيان الإماراتية في

29/08/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)