يُعلن فيلم (500)
Days of Summer منذ بدايته أنه لا يتحدث عن قصة حب.. ومع ذلك فقد جاء مُغرقاً بفكرة
"الحب" وبالحديث عن "الحب" حتى أصبح أحد أهم الأفلام الرومانسية التي ظهرت
في 2009 بسيناريوه الذكي الذي يرصد خمسمائة يوم من تاريخ العلاقة بين شاب
وفتاة يعملان في شركة واحدة. ورغم كل علامات النجاح الجماهيري والنقدي التي
تحيط بالفيلم منذ تحقيقه لجوائز مهرجان صندانس السينمائي إلا أن طريقه نحو
النجاح لم يكن سهلاً وكان على صانعيه أن يعيشوا معاناة أكبر من المعاناة
التي عاشتها شخصيات الفيلم مع الحب.
أوضح إشارة لهذه المعاناة هي أن الفيلم يعتبر الفيلم الطويل الأول للمخرج
مارك ويب وهو أول سيناريو يكتبه الثنائي سكوت نوستادتر ومايكل ويبر وقد تم
إنتاجه بشكل مستقل مع صعوبات كبيرة في التمويل والتوزيع ولم يأتِ الإنقاذ
إلا بعد الأصداء الجيدة التي حققها الفيلم في مهرجان صندانس للسينما
المستقلة مطلع العام 2009 والذي دعى شركة فوكس العملاقة إلى احتضانه وشراء
حقوق توزيعه على مستوى العالم لتبدأ الشركة في عرضه أولاً عرضاً محدوداً في
أمريكا وكندا قبل أن تُطلق عروضه العالمية في أغسطس الماضي.
لكن قبل إنتاج الفيلم بسنوات كانت هناك معاناة أكبر بطلها كاتب السيناريو
سكوت نوستادتر الذي عاش قصة حب فاشلة مع فتاة بريطانية أثناء دراسته
للاقتصاد في لندن عام 2002. فمن رحم هذه المعاناة انبثقت في ذهن نوستادتر
فكرة كتابة سيناريو فيلم يشرح فيه وجهة نظره الخاصة في علاقة الحب الفاشلة
التي ربطته بفتاة جميلة وغريبة الأطوار لا تؤمن بالحب. وقد ألهمته هذه
الفتاة بشخصية "سمر" المحاطة بهالة من الجاذبية والغموض. وتمكن من صياغة
هذه الأفكار في سيناريو كتبه بالتعاون مع صديقه مايكل ويبر ثم قام بعرض
نسخة منه على فتاة أحلامه كنوع من الانتقام أو للبوح لها بالألم الذي تركته
في نفسه ، لكنها، ودليلاً على غرابتها قامت بمنحه ملاحظات مهمة لتطوير
شخصية الشاب "توم"؛ وهي الشخصية الرئيسية التي يفترض أنها تُمثل الكاتب
نوستادتر في قصة الفيلم.
في ذلك الوقت تقريباً كان بطلا الفيلم جوزيف غوردن ليفيت وسوزي دي شانيل قد
أنهيا المشاركة في الدراما الرومانسية (هوس-Manic).
كان الاثنان وقت صدور الفيلم عام 2001 قد بلغا العشرين من عمرهما ولم يكن
في ذهن أي منهما أن الفيلم الثاني الذي سيجتمعان فيه مستقبلاً سيكون هو
أنجح أفلامهما على الإطلاق. فمنذ ذلك الحين سيكرّس الممثل الشاب جوزيف
ليفيت ظهوره في
الأفلام المستقلة دون نجاح ملفت ويعتبر ظهوره في فيلم
Stop-Loss
عام 2008 وَفيلم
Latter Days
عام 2003 هو الأوضح له. أما الشابة سوزي دي شانيل فستشارك في أفلام ناجحة
مثل فيلم "اغتيال جيسي جيمز بواسطة الجبان روبرت فورد" عام 2007 وَفيلم
Yes
Man عام 2008 مع جيم كاري لكنها ستبقى في الظل دون أن تنال دوراً بطولياً
واضحاً.
كل هذا يجعل من فيلم (500)
Days of Summer
نقطة فاصلة في حياة صانعيه بدءاً بكاتب السيناريو سكوت نوستادتر ، ومروراً
بالمخرج مارك ويب في أول أفلامه الطويلة وانتهاءً بالممثلين جوزيف ليفيت
وسوزي دي شانيل اللذين قدما هنا أنجح أدوارهما بشخصيتيْ الشاب "توم"
والفتاة "سمر" المرتبطين بعلاقة غريبة امتدت لخمسمائة يوم؛ يرصدها الفيلم
بسيناريو خلاّق يقفز بحرية بين الأيام ليتابع تطورات العلاقة في مراحل
زمنيةٍ مختلفةٍ، تُعبّر عن حجم الأزمة التي يعيشها الشاب العاشق أمام فتاة
حائرة لا تعرف ماذا تريد.. ولا تؤمن بالحب.
سينما العالم
الفيلم الإيطالي «الجميع بخير» -
Everybody s Fine
بعد سنة من نجاحه الكاسح في فيلم "سينما باراديسو" وتحقيقه لأوسكار أفضل
فيلم أجنبي عام 1989, يقدم المخرج الإيطالي جوسيبي تورانتوري فيلماً ثانياً
يسبح في فلك الذكريات والحنين عنوانه "الجميع بخير" ويروي فيه قصة أب –يؤدي
دوره الممثل الإيطالي الأسطورة مارتشيللو ماستروياني- يترك جزيرة صقلية
للبحث عن أبنائه الخمسة المتوزعين في المدن الإيطالية الكبيرة.
يرصد الفيلم تغير الحياة في إيطاليا وتباينها بين الريف والمدينة من خلال
رحلة الأب المتقاعد إلى الشمال بحثاً عن فرصة أخيرة يجمع فيها شتات
العائلة. وتكون البداية من منزل العائلة في جزيرة صقلية حيث يجلس الأب على
طاولة الطعام ويطلب الإذن من زوجته للسفر بحثاً عن الأبناء. ومن هذا المشهد
يتضح أن الأب غارق في سحر الماضي. ويرفض تصديق أن زوجته قد ماتت منذ زمن
بعيد, كما يرفض تصديق أن اللحظات الجميلة التي عاشها مع أبنائه الصغار قد
ولت إلى غير رجعة. وخلال رحلته.. ولقائه بأبنائه المشغولين بهموم حياتهم
يكتشف أن الدنيا قد تغيرت فعلاً, لكنه عوضاً عن الإقرار بهذا الواقع المؤلم
يفضل مواصلة الغرق في ماضيه الجميل.
الفيلم يضرب على وتر الحنين وينتقل من الماضي للحاضر ومن الواقع للأحلام
بأسلوب رشيق.. لكنه يبقى من أقل أفلام المخرج الإيطالي جوسيبي تورانتوري
صاحب الأفلام الشهيرة (سينما باراديسو-Cinema Paradiso) 1989,
(صانع النجوم-The Star Maker) 1994
و(مالينا-Malena) 2000.
لماذا يسرق السعوديون الأفلام؟
رجا ساير المطيري
كم نسبة السعوديين الذين يحصلون على الأفلام بطريقة غير شرعية؟. عبر
التورنت والرابيدشير والميغابلود وغيرها؟. لا أشك أن أعدادهم كبيرة، بل إني
أجزم أن كثيراً منهم لم يشترك في خدمة
DSL إلا من أجل تحميل الأفلام. وهؤلاء رغم إيمانهم بأن فعلهم هو سرقة
صريحة إلا أنهم مستمرون في التحميل وكأن الأمر بالنسبة لهم ضرورةٌ تباح
عندها جميع المحظورات. حتى أصبحت "الهارد ديسكات" المملوءة بنسخ الأفلام
والمسلسلات الأجنبية جزءاً من المستلزمات الضرورية التي يجب أن يحملها
الشاب أينما ذهب؛ ليستبدل أفلامه بأفلام أخرى موجودة عند أصدقائه.
ما الذي يدفع هؤلاء للتعدي على الحقوق الفكرية بهذه الجرأة الفاضحة؟. وكيف
نفسر كثرتهم وتزايد أعدادهم يوماً بعد يوم في بلدٍ لا يؤيد –ظاهرياً- فكرة
السينما؟. الجواب هو: الشغف.. إن هؤلاء مثلهم مثل بقية البشر في العالم
يرغبون في الحصول على ترفيه فكري نفسي جمالي ولا يجدونه إلا في السينما.
شغفهم بالأفلام هو الذي قادهم إلى البحث عن أية وسيلة تمكنهم من الحصول
عليها. وقد عثروا في شبكة الإنترنت على الخيار السهل الذي كانوا يحلمون به؛
إذ انكشف العالم أمامهم فجأة وأصبح كل ما فيه ملكاً لهم وبين أيديهم يحصلون
عليه متى أرادوا. ولا أبالغ إذا قلت بأن أرشيف السينما بالكامل –منذ نشأتها
وإلى اليوم- بات موجوداً فعلاً على أرض المملكة بفضل عمليات التحميل
الكبيرة التي يقوم بها السعوديون منذ ثلاث سنوات تقريباً.
كل هذه التجاوزات لم يكن لها أن تكون لو أن السوق الرسمي للأفلام في
المملكة قام بدوره كما يجب؛ أي أن توفّر شركات التوزيع الأفلام الجديدة
أولاً بأول وتوزعها على محلات الفيديو النظامية بعد شهرين على الأكثر من
عرضها في صالات السينما العالمية. الواقع يقول إن أغلب الأفلام لا تدخل
السوق السعودي من الأساس وما تسمح به وزارة الثقافة والإعلام هو نسبة ضئيلة
من مجمل الإنتاج السنوي في هوليود. أما الأفلام العالمية من أوربا وآسيا
فهي ليست موجودة أصلاً ولن توجد.
أمام واقع هزيل لسوق الفيديو وال
DVD في المملكة –رغم محاولات الإنعاش قبل أربع
سنوات- يبقى أن نسأل: ما التصرف الذي نتوقعه من عاشق الأفلام؟. هل نتوقع أن
ينتظر إلى ما شاء الله على أمل السماح بتواجد أفلامه المفضلة بشكل رسمي؟.
أم أنه سيخترع الوسائل ليحصل على ما يريد حتى وإن كان بشكل غير شرعي؟. لا
شك أنه لن ينتظر..
الرياض السعودية في
13/11/2009 |