تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

نجم

فلسفة طارق نور الإقناع في 30 ثانية

القاهرة : دار الإعلام العربية

تقلبات عديدة شهدتها سوق الإعلانات العربية طوال الثلاثين عامًا الماضية، برز ت أسماء، واختفت أخرى سطعت بقوة بعض الوقت، ثم خبت.. وحده طارق نور «ملك الإعلانات»، «إمبراطور الميديا والاتصالات» - كما يروق لكثيرين أن يصفوه - صمد في وجه كل هذه التقلبات، بل نجح في أن يستثمرها لصالحه، وأن يبنى على ركام وفشل العديد من التجارب أسساً راسخة لواحدة من كبرى شركات الدعاية في العالم العربي، صارت مدرسة يقصدها كل راغب في التميز والنجاح في هذا المجال.

لن يلومك أحد إن أطلقت عليه «قاهر المستحيلات».. فعلى الرغم من أنه لا يعبأ بعشرات الألقاب التي تُطلق عليه، إلا أنك ستدرك في لحظة تأمل أمام إدارته لنحو 12 شركة متخصصة وقناة تليفزيونية، أنها تنطبق على هذا الرجل تمامًا.. فهو يمثل مدرسة خاصة في مجالي الإعلان والتسويق على مستوى العالم العربي.. إعلامي يمتلك كل الأدوات التي تضعه في مرتبة عالية من المهنية.. يعمل وفق منظومة متكاملة في مجال الاتصالات والتسويق والميديا، وليس ما يلفت النظر إليه نجاحاته فقط، بل تميزه وتفرده في كل نشاطاته لأكثر من ثلاثين عامًا متواصلة.درس نور التسويق الإعلاني في الولايات المتحدة الأميركية مطلع السبعينيات، ثم عاد إلى مصر في العام 1973م، وذللت رؤاه السبَّاقة في مجال الإعلان طريقه في الالتحاق بوكالة الأهرام للإعلان ليصعد بأسهمها، قبل أن يقرر في العام 1978 إنشاء وكالة خاصة به، وحينئذ أنجب، على حد وصفه، أول أبنائه المهنيين، «وكالة طارق نور للإعلان»، وكانت أول وكالة إعلانية خاصة في مصر آنذاك.

دفعته تجربته في هذه الوكالة الوليدة، إلى تطبيق استراتيجيات الإعلان من منظور علمي وحديث، وكانت البداية بدراسة السوق والوسائل الإعلانية من خلال مواصفات تتناسب مع البيئة المحلية في مصر، وانطلق من هذه المحطة المهمة في حياته مشكِّلاً إمبراطوريته المعروفة في مجالي الإعلان والتسويق.

يقول طارق: ما ساعدني على الانطلاق بقوة في هذا المجال أن بداية نشاط وكالتي الإعلانية تزامنت مع حقبة الانفتاح الاقتصادي في مصر، فكانت أول وكالة إعلانية خاصة تروج للمنتجات الاستهلاكية، وساهمت التطورات الاقتصادية القائمة آنذاك في تطور الوكالة، فخطت بقفزات عالية خلال السنوات الخمس الأولى من إنشائها، وأفرز هذا الواقع مجموعة من الشركات الأخرى المعنية بالإعلان والإنتاج التليفزيوني والكاسيت والتسويق والاتصالات وغيرها.. والتي تعدى نشاطها خارطة مصر إلى الأسواق العربية والخليجية.

رؤى سبَّاقة

وبقدر ما يظل الحديث عن «الإمبراطور» موصولاً، إلا أنه في هذا العام اقتصر الحديث على قناة «القاهرة والناس»، التي تميَّزت بالجرأة والإثارة والموضوعية، وقال عنها طارق: لقد راهنت بكل تاريخي المهني على هذه القناة، ولم تخذلني، بل أعطتني كثيرًا من النجاح..

ورغم الجدل العريض الذي كان يلازمه ويلازم أفكار إعلاناته على مدار مشواره الطويل، إلا أنه يعترف بأن القاهرة والناس كانت الأكثر إثارةً وجدلاً، بل الأكثر مشاهدةً خلال شهر رمضان الماضي، مرجعًا ذلك إلى كونها فكرة فريدة من نوعها على مستوى العالم، على خلاف ما اعتاده الناس في القنوات الفضائية العربية، لأنها أول قناة في العالم تصرح بأنها تبدأ وتنتهى خلال ثلاثين يومًا، وهي فكرة غير مألوفة على الإطلاق.

القاهرة والناس

وما يلفت النظر أن الإعلانات التي سبقت بدء نشاط القناة امتلأت بها شوارع القاهرة والمحافظات المصرية، وشعارها «القاهرة والناس.. أجرأ قناة في رمضان»، وربطت تلك الإعلانات بين القناة وصاحبها طارق نور، وهذا يؤكد ما قاله عندما سألناه عن نجاح قناته بأن «اسمها كان من أهم أسباب نجاحها»، إلى جانب أنها أثارت الفضول والدهشة لدى المشاهدين والنقاد على السواء، حيث تساءلوا عن كلمة «الأجرأ».. وهل هذه الجرأة سياسية أم جنسية أم درامية؟ ومن هنا نجحت في التأثير على الناس منذ اللحظة الأولى وبالتبعية تأثر المعلن.

وما ميَّز القناة أيضًا، والكلام لطارق هو تمتعها بهامش أعلى من الحرية والجرأة في نوعية البرامج والمسلسلات، فنجحت في جذب المشاهد والمعلن معًا، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أن الفكرة فرضتها عوامل عديدة أهمها أن حجم الإنفاق الإعلامي في رمضان يصل إلى 60% مما ينفق في العام كله، وهذا بدوره يوفر عائدًا إعلانيًا كبيرًا.

ويواصل كلامه بأنه أنشأ هذه القناة ليعبر بشكل مختلف، حيث أصبحت أمرًا ضروريًا لزيادة جرعة الإبداع، واختار ظهورها في شهر رمضان فقط لأن حجم الإعلانات خلاله يصل إلى 65% من حجم إعلانات السنة كاملة في هذا الشهر. مؤكدا أن المشاهد والمعلن لم يراهنا على القاهرة والناس، لكنهما راهنا على طارق نور وسمعته الإعلانية.

وبسؤاله هل كانت هذه الخطوة من جانبه مغامرة أم مقامرة، قال إنها كانت مغامرة محسوبة جدا، محسوبة على أساس معرفتنا الجيدة بالناس وسلوكهملالا، هكذا قال نور. الذى أضاف: الفكرة عموما جاءت من خلال منظومة متكاملة من الاتصالات والتسويق، حيث نعمل، أى أنه نشاط متكامل قادنا في النهاية إلى ظهور (القاهرة والناس) خلال رمضان في حقل الإنتاج الإعلامى والمحتوى التلفزيوني.

وبسؤاله عن أكثر المذيعين الذين حازوا اهتمامه في القناة، اعتبر توني خليفة أجرأ وأفضل مذيع من بين 3 مذيعين في العالم العربي.. لكنه يعترف بأن هناك أخطاء وقع بها ولن يكررها في رمضان المقبل، وبشكل خاص استضافة النجوم الذين يطلبون 50 ألف جنيه كمقابل للظهور لمدة 30 دقيقة فقط.

مدرسة طارق نور - كما يقول - هي الإقناع في 30 ثانية، وهذا الإقناع لا يتحقق سوى بالشفافية والصراحة وفهم عقلية وسلوك الشعب العربي جيدًا.

ضريبة النجاح

ولأن النجاح دائمًا ما يكون له ضريبة، فهذه الضريبة دفعها طارق - كما يقول من سمعته المهنية، حيث فتحت عليه أبواب النقد من كل جانب، وعن ذلك يقول: ادَّعوا أن القناة ممولة من الحكومة المصرية لضرب قنوات أخرى، فيما ربط البعض الآخر جرأتها بأنني مسنود من الحزب الحاكم، ورأى فريق ثالث أن هذه القناة بوابة عبوري لتبوء منصب وزير الإعلام. وهى اتهامات دائما ما أنفيها دون جدوى.

التسويق روح الإدارة

ولطارق نور رأي حول ما يتردد بأنه علَّم الناس في مصر السلوك الاستهلاكي من خلال إعلاناته الجاذبة، ورد على ذلك بأنه سعيد بهذا الرأي لأن الناس في كل العالم ينظرون إلى زيادة الاستهلاك نظرة إيجابية، لأنها تعني زيادة الاستثمار وزيادة تشغيل الأيدي العاملة وجذب رؤوس الأموال. مؤكدا أن الاستهلاك معبِّر طبيعي عن رغبات الناس، والإعلان هو وسيلة لعرض المنتجات على المواطن ليختار ما يريد. وقال إنه لا يقوم بإنتاج إعلان إلا إذا توافرت له مقومات عديدة أولها الجودة التي تضمن إقبال المستهلك.

وفيما كان حجم الإنفاق الإعلاني يصل إلى مليار ونصف المليار عام 2008، توقع طارق ألا يزيد حجم الإنفاق هذا العام على مليار دولار في المنطقة، نتيجة توقف القطاع العقاري والمالي عن الإعلان بسبب الأزمة المالية العالمية، لافتًا في هذا الصدد إلى أن السوق الإماراتية تأثرت بنسبة 60 إلى 70% والسعودية 20% ومصر من 40 إلى 50%، أى أن حجم التأثر في العالم العربي وصل إلى 30: 40%. متوقعا أن تستمر الأزمة خلال عام 2010 على أن تبدأ في الانفراج أوائل 2011.

نصف وجه

وكما هو معروف فإن شعار إعلانات طارق نور عبارة عن «نصف وجه». وعن ذلك قال: كنت أريد من خلال هذا الشعار أن أضع لنفسي صورة ذهنية لدى الجمهور ونجحت في ذلك، لكن بعد أن أصبحت معروفًا لم يعد وجود لذلك الشعار الآن.

فكَّر نور في إصدار صحيفة أو مجلة وتراجع عن فكرته التي كان قد جاهر بها، وبرر تراجعه باعتقاده أن الجريدة الورقية ستنتهي في السنوات المقبلة بحكم أن الشبكة العنكبوتية هي التي أصبحت حاكمة لكثير من الأمور.

ومن أهم ما يُحسب للرجل أنه نجح في كسر الحاجز السميك بين مصلحة الضرائب المصرية والمواطنين، من خلال أكبر حملة إعلانات شعارها فيلاالمصلحة مصلحتكلالا، وضح خلالها كثيرًا من الأمور الغائبة عن المواطن بشأن علاقته بالضرائب، وجاءت الإعلانات متميزة ومحببة إلى الناس فانفتحوا على الضرائب بشكل كبير.

ورغم تحفظاته السياسية الكثيرة وتركيزه على نشاطه الاقتصادي إلا أن نجاحاته المستمرة واستحواذه على نسبة عالية من الإعلانات في مصر والوطن العربي دفعا البعض إلى اتهامه أيضا بالاستفادة من وجوده داخل الحزب الحاكم عبر لجنة السياسات.

ولأن طارق نور بالفعل يعد من أبرز أعضاء الحزب الحاكم في مصر إلا أننا عندما واجهناه بما يثار حوله من تكهنات قال إنه لا يحب الحديث في السياسة، وعندما سألناه أيضًا عما يتردد بأنه سيكون وزير الإعلام القادم قال بحسم: سأرفض لو عُرض عليَّ الأمر، فأنا رجل مهني وليست لديَّ طموحات سياسية.

سياسة بملامح اقتصادية

ورغم ذلك، للإمبراطور طارق نور آراء سياسية جريئة، لكنها في الوقت نفسه ترتبط بالجوانب الاقتصادية، خاصة عند حديثه عن الانفتاح الاقتصادي، حيث اعتبر مصر قبل الانفتاح كجزيرة معزولة، ووصف الرئيس السادات، مثله الأعلى على حد تعبيره، بأنه انتهج رؤية شاملة وسابقة لعصرها في مجال السياسة والاقتصاد خاصة في قراره بالانفتاح، وحمَّل الفترة الأولى من ثورة يوليو مسؤولية عزل مصر عالميًا، وأشار إلى أن الانفتاح بسلبياته وإيجابياته كان ضروريًا ومهمًا، ووصف فترة حكم عبدالناصر بأنها مرحلة الشعارات، فيما قال عن فترة السادات إنها فترة الإصلاح، ومرحلة مبارك هي مرحلة الإصلاح الآمن أكثر مما حدث في العهدين السابقين.

في الوقت ذاته يعتبر نور جمال مبارك أمل مصر خلال الفترات المقبلة، وفسر ذلك قائلاً: منذ عام 2002 أتى جمال بفكر اقتصادي منظم، لكننا للأسف نتحدث دائمًا عن الشكل وليس عن المضمون، في إشارة إلى قضية توريث الحكم دون أن نعي ما يمكن أن يقدمه شاب مثله آت بفكر اقتصادى جديد.. ورأى أنه لا يمكن الوصول إلى ديمقراطية حقيقية في أي بلد يظل اقتصاده ضعيفًا.

الوجه الآخر

لطارق نور حياته الاجتماعية الخاصة، التي انعكس عليها نشاطه الاقتصادي بشكل كبير، فهو من أبناء محافظة المنيا، مركز «مغاغة»، متزوج من سيدة أميركية وله ابن واحد، ويقول عن زوجته إنها تحب مصر كثيرًا. ولدى طارق مدرسة خاصة يقول عنها إنها مدرسة الإقناع في 30 ثانية بشفافية وصراحة. ودائمًا ما يردد بأنه رجل متفائل جدًا مهما واجهه من مشاكل، وأن حب الناس أهم شيء لديه. وقال: كنت أتمنى أن أجد الإجماع من حب الناس وهذا لم يتحقق بنسبة كبيرة بسبب البيزنس، لكنه رغم ذلك لا يقل عن 80%.

طارق - كما يصف نفسه - رجل مثالي لا يهوى المشاكل بل أكثر ما يهتم به الآن هو تحليل الموقف أو الشخصية، وهذا جعله يتعامل مع أي موقف بموضوعية، وله طريقة خاصة في حياته حيث يقضي يومين في الأسبوع وحده بعيدًا عن أسرته وجو العمل، وكذلك لا يحب الحفلات والأماكن الصاخبة رغم أن عمله قائم عليها.

البيان الإماراتية في

08/11/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)