تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

الزهرة الحزينة التي أسعدتنا

بقلم ايريس نظمي

عاصرتها منذ بداياتها في أواخر السبعينات حين قدمها نور الشريف في »قطة علي نار«.. طفلة جميلة رقيقة تمثل البراءة والذكاء والشقاوة.. تلفت النظر بمجرد أن تهل عليك بطريقة لبسها وماكياچها وابتسامتها الجميلة وحضورها القوي.. تصحبها أمها السيدة عواطف في كل مناسبة إلي الاستوديو والمهرجانات والأسفار.. وكأن شيريهان تمسك بجلباب أمها الذي تشعر أنها تتحصن به من أي غدر.

اكتشفها عبدالحليم حافظ كما اكتشف من قبل نجلاء فتحي.. وكانت قد درست الباليه الرقص التعبيري. وبالرغم من الجمال الذي تتمتع به وبالرغم من نجوميتها وهي لا تزال طفلة فإن شيريهان فتاة رقيقة مجاملة تقابلك بابتسامة وتجري معك الحوار الذي تبدأه أحيانا لتحس أن بداخلها فتاة حزينة وأن حياتها مليئة بالأحداث المؤسفة أكثر من أي عمل درامي قدمته في حياتها.. فهي موهبة صارخة تستطيع أن تعبر عن أي انفعال بكل مشاعرها وتقاطيع وجهها الجميل الجذاب بشكل فطري وبالرغم من أنها لم تلتحق بمعهد تمثيل.

إن هذه الفتاة.. الزهرة الجميلة التي أسعدتنا.. من خلال مسرحياتها وفوازيرها وأفلامها عانت الكثير من الحزن والشقاء.. وحاولت التغلب علي أحزانها لكي تقدم لنا الفن الجميل.

< < <

كانت الضربة الأولي في حياتها وهي لا تزال طفلة في المدرسة هي عدم اعتراف عائلة أبيها الراحل المحامي المعروف عبدالفتاح الشلقاني ببنوتها.. وقد تبناها في تلك الفترة زوج الأم المصور السينمائي أحمد خورشيد.. والد أخيها لأمها الفنان عمر خورشيد وتعتبر أصعب قضية يمر بها أي إنسان وهي قضية النسب.

وحين بدأت حياتها الفنية صادفتها مشكلة هل تقدم اسمها مصحوبا بأحمد خورشيد الذي رباها أم الشلقاني أبيها الحقيقي وفي النهاية استقرت علي أن تقدم اسم شيريهان فقط.

أما الضربة الثانية فهي مصرع أخيها لأمها الفنان عمر خورشيد في حادث سيارة - أول من كون فرقة موسيقية غنائية عرفت باسم الـ»بيتي شاه« وهو في عز شبابه وتألقه.

ثم لحقت به الأم التي كانت سندا لها وسورا منيعا لحمايتها.. فجأة وجدت نفسها وحيدة في عالم لا يرحم فهي لا تزال صغيرة علي تحمل المسئولية وحدها بلا أخ ولا أم ولا أب لتلاقي الكثير من العواصف والشائعات والأحزان التي لا تنتهي. ومع ذلك كانت تمتعنا باستعراضاتها وتشع علينا البهجة وهي ترقص كالطير المذبوح.

أما هذه المرة فتصاب شيريهان في حادث أليم أثرّ علي ظهرها وقيل إنها لن تستطيع أن ترقص بعد ذلك.. واتخذت صحف المعارضة هذا الحادث للتشهير بها وإطلاق الشائعات التي أضرت بها.. ولم يرحمها هؤلاء في محنتها لينالوا منها بلا قلب ولا مشاعر. وقتها أرسلت لها رسالة وهي تعالج في باريس عن طريق مجلتي »آخر ساعة« في باب »عزيزي« لتعلم شيريهان أن الكثيرين يحبونها ويتمنون لها الشفاء العاجل.. وأن الصحافة الصفراء تدوس علي أي مشاعر في سبيل التوزيع بنشر مثل هذه الأخبار التي تمس الشرف والعرض.. وأشرت فيها بقول السيد المسيح »من منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر« فأرسلت لي شيريهان رسالة مع أحد الأصدقاء تقول رسالتك أسعدتني وأزالت الغم عن نفسي.

< < <

عادت شيريهان بعد العلاج لتمثل مسرحية »شارع محمد علي« شاهدتها مع مجموعة من الأصدقاء الصحفيين علي أحد مسارح الإسكندرية.. وقدمت شيريهان خمسة استعراضات.. وفي كل استعراض أضع يدي علي قلبي وأشفق عليها من المجهود الشديد بعد هذه العمليات وكتبت لها رسالة في باب »عزيزي« أبلغها مشاعري وهي ترقص وأوصيها ألا تفرط في صحتها.. ولكن يبدو أن الفن عندها كان كل شيء تضع فيه همومها وأحزانها. قالت لي مرة إن مشكلتها أنها إنسانة صريحة ولهذا فإن أخبارها الشخصية أكثر من أخبارها الفنية.

وأذكر قضية شيريهان مع نقابة المحامين حينما حصلت علي ليسانس الحقوق عام 2001.. وطالبت بتسجيلها في جدول المحامين.. لكن النقابة رفضت لانشغالها بالتمثيل.. ولا يجوز أن تجمع بين الفن والمحاماه.

< < <

أما الطامة الكبري فهي إصابتها بمرض أصابها لفترة دون أن تدري.. وتسبب في عدم قدرتها علي مضغ الطعام وابتلاعه وفقدت شيريهان الكثير من وزنها - وأصبحت حوالي 40 كيلوجراما.. وسافرت إلي باريس لتجري لها عملية استمرت 17 ساعة.. وكان زوجها علاء الخواجة وأختها چيهان في حالة قلق.. في انتظار رأي الأطباء واستقرار الحالة بعد نجاح العملية.. وبعد أن مرت شهور العلاج الطبيعي والتجميل.. ومحبوها يدعون لها بالسلامة لكي تعود وتملأ الدنيا علينا فرحا وسعادة.

< < <

قالت لي شيريهان مرة أن كثيرا من أفلامها لم تكن تمثلها ولكنها كانت تعبر عن جزء من حياتها مثل دورها في فيلم العذراء والشعر الأبيض في دور المراهقة التي أحبت زوج الأم بالتبني.. دور أحست فيه باليتم وكأنها لقيطة.

أما أهم أفلامها فهي »الطوق والإسورة« لخيري بشارة، و»العذراء والشعر الأبيض« مع محمود عبدالعزيز ونبيلة عبيد، و»خللي بالك من عقلك« مع عادل إمام، »وفضيحة العمر« مع كمال الشناوي و»يوم حار«.. وكان آخر أفلامها فيلم »عرق البلح« الذي أخرجه رضوان الكاشف قبل رحيله.. وحصل علي الكثير من الجوائز.

رأيت دموع شيريهان وهي تبكي علي عاطف الطيب الذي أخرج لها آخر أفلامه »جبر الخواطر« ورحل قبل أن يضع اللمسات الأخيرة التي أتمها أصدقاؤه. قالت لي شيريهان »لقد ولد فيلمي يتيما وأصيب بالسكتة القلبية بعد غياب صاحبه فلم تسبقه أي دعاية ولم يستمر عرضه سوي أسبوع.

< < <

لقد حققت شيريهان الممثلة الشاملة نجاحها علي المسرح مع فؤاد المهندس »سك علي بناتك« و»حبيبتي هالة« ومع محمد صبحي في مسرحية »المهزوز« ولن ننسي أبدا فوازيرها التي قدمت فيها أجمل الاستعراضات.. فقد قدمت فنا سيظل يحمل اسمها.

< < <

أحبت شيريهان الفن والمسرح حبا لا مثيل له.. لم تفكر في مشاريع تجارية تدر عليها المال مثل كثيرين من الفنانين.. لكن كان ضمن أحلامها التي في طريقها لأن تتحقق هو مسرح تقدم فيه استعراضاتها تحت اسم »شيريهان شو«.. وتعاقدت مع أصحاب سينما ريتس »ستديو مصر سابقا« لتحوله إلي مسرح.. لكن للأسف لم يتم المشروع.

حبيبتي شيريهان: وحشتينا.

آخر ساعة المصرية في

04/11/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)