تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

«هدوء نسبي».. دراما الواقع والتخييل الدرامي

فاروق وادي

الفيض الاستهلاكي الغث من المسلسلات التي تدفقت على الشاشة الصغيرة خلال شهر رمضان الأخير، لم يفلح في حجب القيمة الفنية للخطاب البصري المتميز الذي انطوى عليه العمل الدرامي اللافت هدوء نسبي للمخرج التونسي شوقي الماجري والكاتب السوري خالد خليفة.

لا ينبع التميز من كون النص يغامر بالخوض في صلب القضايا السياسية القومية الكبرى في تاريخنا القريب، ويقتحم اللحظة الحارة المعاشة لمتفرج شهد الأحداث أو شاهدها عن قرب وظل قادرا على ممارسة محاكمة لا ترحم، وإنما من قدرة العمل المعروض على تقديم خطابه بشكل إن لم يكن مقنعا تماما، فهو مثير للاهتمام وللأسئلة الجادة، وقابل للنقد والحوار العميق وإمكانية الخلاف والاختلاف، كونه يقوم بالأساس على احترام عقل المشاهد وبصره ووجدانه.

إن عملا فنيا يخوض في صلب قضايا الأمة وأوجاعها وآلامها، كمسألة الحرب على العراق وسقوط بغداد والاحتلال الأميركي البشع لبلد عربي بهذا الحجم، بما جلبه من خراب سياسي واقتصادي وتدمير لبنية المجتمع، لا شك في أنه يخوض في حقل ألغام، وينطوي على مخاطرة الاصطدامات الحتمية بوجهات النظر المتعارضة.

في الحلقات الأولى ل هدوء نسبي ، هناك انشغال واضح للسيناريو في تأسيس الأرضية التوثيقية للواقع السياسي العراقي القائم على دكتاتورية الحزب، ووحدانية الزعيم، والنظام القمعي. وإذا كانت الحقيقة التاريخية قد اقتضت قول كلمة سلبية بحق النظام الذي أسقطته أميركا بجيوشها وأساطيلها، فقد كان يجدر بالمسلسل، موضوعيا، الإشارة إلى دور من تبقى من رموز وقوى ذلك النظام في تأسيس المقاومة المسلحة ضد المحتل الأميركي، ما دامت الحلقات أفرطت في الحديث عن قوى هامشية مارست القتل والبلطجة والخطف والسرقة وقتل المواطنين الأبرياء.

لكن العمل الذي أدان النظام السابق من غير أن يذكر محاسن موتاه، وقف موقفا شجاعا، ودون أدنى لبس، ضد الاحتلال الأميركي البشع الذي أفضى إلى تدمير العراق وتمزيقه طائفيا ومذهبيا وعرقيا، وخرب أسس الدولة وكيانها الاجتماعي، ودمر الإرث الحضاري لبلد عريق تحت دعوى إنقاذه من الدكتاتور، ثم مارس بدوره القمع والانتهاكات البشعة لأبسط حقوق الإنسان، وخلق حالة من الفوضى غير المسبوقة.

لقد أفلح كاتب السيناريو في التقاط بؤرة مكانية مناسبة تتجمع فيها الشخصيات والأحداث. ففي فندق الصحفيين ببغداد، يلتقي عدد من المراسلين الصحفيين العرب (والأجانب بشكل ثانوي).. صحفيون سوريون ومصريون وفلسطينيون، ومن لبنان وتونس، يغطون الأحداث، ويعيشون لحظة سقوط عاصمة الرشيد.. بعضهم يمضي شهيدا، وآخرون يبقون ليشهدوا زمن الاحتلال والخراب العميم.

الصحفيون الذين واصلوا العيش، يتحركون ضمن مفردات الحياة اليومية لعراق ما بعد الاحتلال.. يتوزعون بين السجن والتعذيب والتعرض للحظات الموت العبثي المجاني، وبين الخطف على يد جماعات ظاهرها سياسي ديني، وجوهرها عصابات قتل وخطف وابتزاز، ويعيشون في الوقت نفسه قصص حب تسهم في طرد الملل التوثيقي، لعل أقلها إقناعا، قصة الحب بين الشخصيتين الرئيستين في المسلسل، الصحفي السوري ناجي (عابد فهد)، والصحفية المصرية ناهد (نيللي كريم)، اللذين كانت تربطهما علاقة قديمة تجددت في ظروف الحرب وأخطار موت يصول في كل مكان. فإضافة إلى تكرار حوار لا يعدم الملل بين العاشقين، فإن انفعالات نيللي كريم المسطحة والباهتة، أسهمت بدورها في تبديد الشحنة العاطفية المفترضة بين عاشقين، والتي لم يتمكن ممثل قدير يمتلك حضورا طاغيا من إنقاذها.

وربما تكون شخصية ناجي ، الصحفي النمطي، المغامر، الشجاع، وشديد الإخلاص لمهنته، قد أسهمت في قمع إمكانيات هذا الفنان، الذي بدا لافتا في أدائه شخصية مركبة قدمها تحت إدارة الماجري نفسه في مسلسل أسمهان الذي عرض في رمضان الماضي.

قصة الحب الأجمل، كانت بين الصبية المسلمة درشان وشاب كردي، وقد أدتها بإتقان لافت وحضور آسر الممثلة السورية قمر خلف، التي أعاد المسلسل اكتشافها من جديد.

وإذا كان لا بد من التنويه إلى اكتشاف، أو إعادة اكتشاف طاقات فنية هائلة، في التمثيل على وجه التحديد، فتجدر الإشارة إلى فنانين عراقيين كثيرا ما غابوا أو غيبوا عن الشاشات العربية، وفي مقدمتهم الفنان البارع جواد الشكرجي، والفنان العجوز الذي أدى دور سيرجون، والشاب الذي أدى دور موسى.

المثقفون العراقيون، هي الفئة التي تناولها الجانب الآخر من السيناريو. فإضافة إلى قصة الكاتب العراقي الذي عانى طويلا في عهد النظام السابق (قام به الشكرجي)، واضطره الجوع الذي تسبب به الحصار الظالم للعراق إلى بيع كتبه، يجد في لحظة زوال النظام وحلول زمن الاحتلال فرصة سانحة إلى إصدار جريدة متواضعة لم يتردد بتوزيعها في الشوارع بنفسه. أما شقيقه البروفسور، فقد ظل يهيم في المدينة بعد أن فقد عقله نتيجة التعذيب في أقبية سجون النظام المنهار. وهناك الموسيقي الذي آثر الانسحاب إلى داخل جدرانه بعد أن عزف لبغداد لحن سقوطها الأخير. إضافة إلى المترجم العجوز الذي فقد حياته في لحظة عبث صبياني لشبان العصابات المسلحة التي تملأ الشوارع.

ما قدمه الماجري في هدوء نسبي ، ليس عملا يمتلك إمكانيات حرفية عالية فحسب، بل إنه مقترح درامي بصري جمالي، ينبع الجمال فيه من قبح الخراب المأساوي الذي ألم بالعراق. ولا يفوت المخرج مشهدا، أو لقطة، أو حتى كادرا عابرا، من غير دراسة متأنية تجعل الدراما التلفزيونية تقارب الإنتاج السينمائي المتقدم، فنا مؤثرا يحرك الروح ويسكن الوجدان.. ويبقى.

الرأي الأردنية في

23/10/2009

 

أمل عرفة و«غائبون حاضرون»:

القلب يحفظ من غاب عن العين أيضاً

ماهر منصور/ دمشق  

في لقاء مع الزميل معن صالح في برنامجه «يوميات التلفزيون»، ورداً على سؤال حول غيابها النسبي عن السباق الرمضاني خلال الأعوام السابقة، تلفت النجمة السورية أمل عرفة إلى اهتمامات أسرية كان لها النصيب الأكبر من مشاغلها خلال الأعوام السابقة، فاصلة بين هذا الأمر وبين حضـورها الفني. طرح حديث أمل عرفة بمجمله سؤال «حضور الفنان أم ظهوره؟» وهو السؤال الذي يبدو اليوم الأكثر أهمية بعدما شهدنا مشاركات بالجملة للممثلين السوريين في مسلسلات رمضان خلال العامين السابقين، وصلت إلى ثمانية أعمال تلفزيونية دفعة واحدة بالنسبة إلى البعض، بينما ظهـر نجوم بأدوار بطولة مطلــقة بأربعة أعمال دفعة واحدة. ولكن أي تلك الأدوار علقت في الذاكرة وأي منها تركت عند المـشاهد حـضورها الآسر؟

اكتفت الفنانة أمل عرفة خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة بمشاركات تمثيلية محدودة، فشاركت عام 2007 في مسلسل «زمن الخوف» لإيناس حقي، ومثـلت عام 2008 في مسلســل «أولاد القيــمرية» للمخرج سيــف الدين سبيعي، وخلال الموسم الرمضاني الأخـير في مسلســل «أصوات خافــنة» للمخرجة إيناس حــقي. والأعــمال الثلاثة انتجتها «أوربت» وعرضتــها على شاشتـها بشكل حصــري ومشفّر، فلم تحظ بالمشاهدة الجماهيرية الحقيقــية الواسعة. وترافــق ذلك بابتعــاد طوعي لعرفة عن الظــهور الإعلامي لأسباب تتعلق بقناعتها بأن لا داعيَ لإطلالة إعلامية من دون أن يكون لديها شيء جديد تتحدث عنه.

ولعل مصادفة العرض الحصري المشفر للمسلسلات التي شاركت فيها أمل عرفة، والغياب الطوعي (وربما التغييب أحياناً؟) الذي اختارته وهي في قمة حضورها الفني عن مسلسلات رمضان الأخرى وعن المنابر الإعلامية لصالح شؤونها العائلية، كفيل بالإجابة عن سؤالنا السابق عما إذا كان حضور الفنان أم ظهوره هو الأهم. فحضور أمل عرفة التمثيلي خلال سنوات تجربتها التمثيلية بدا الحارس الأمين على حفظ مكانتها الفنية رغم نحو ثلاث سنوات من عدم الظهور. ورغم السنوات الثلاث تلك، ما زالت النجمة عرفة تحجز حتى الساعة مكانها في الصف الأول لنجمات سوريا، وهو صف لا يزيد عدد الجالسات فيه بالمناسبة عن عدد أصابع اليد الواحدة حتى لو أوحى ظهور البعض المتكرر أن العدد يفوق هذا بكثير.

يُعرف عن أمل عرفة حرصها على انتقاء أدوارها ضمن فلسفة خاصة بها، فهي كما تقول لا تستطيع الدخول في عمل لا تشعر بأنه مشروعها، ويبقى الاختيار مرتبطاً بـ«طبيعة الفرصة الفنية وأهميتها»، من دون أن تغفل هامش مغامرة محسوبة في بعض اختياراتها الفنية، ولعل في ذلك سراً لم يدركه البعض، فأختار الظهور بكثرة كسبيل إلى حفر صورته في الذاكرة. إلا أن كل من تبنى هذه الطريق أغفل أن من لا يدخل القلب لا تحفظه العين، وأن الفنان الحقيقي وإن بعُد عن العين لا يبتعد عن القلب. الحديث هنا عن أمل عرفة وفي ذاكرتنا فنانون آخرون أولهم الفنانة نبيلة النابلسي التي أبعدها المرض خلال السنوات السابقة والفنان أديب قدورة الذي أبعده الإهمال وهو نجم سينما السبعينيات والفنانة سامية الجزائري نجمة الكوميديا السورية والفنانة سلمى المصري الغائبة من دون استئذان هذا العام.

السفير اللبنانية في

23/10/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)