إيليا سليمان واحد من أهم مخرجي السينما العربية، قدم علي
مدار تاريخه السينمائي ثلاثة أفلام روائية طويلة هي
سجل اختفاء عام 1996
ويد إلهية عام 2002، ثم الزمن الباقي.. الحاضر الغائب، وحصل علي
لقب أفضل مخرج شرق أوسطي منحتها له مجلة فارايتي الأمريكية علي هامش الدورة
الثالثة
من مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي -
الذي اختتمت فاعلياته أمس السبت
-
حيث عرض فيلمه الروائي الطويل الثالث الزمن الباقي ضمن مسابقة الأفلام
الروائية الطويلة،
وكان بمثابة العرض الأول في الشرق الأوسط عقب عرضه ومشاركته في
الدورة الماضية لمهرجان
كان السينمائي الدولي.
وفي تصريح خاص أكد
سليمان أن مهرجان القاهرة السينمائي الدولي رفض عرض فيلمه
الزمن الباقي دون
إبداء أسباب، وهي السابقة الثانية التي يرفض له عرض فيلم في مصر حيث رفض من قبل
فيلمه الروائي يد إلهية
الذي كان قد حصل به علي السعفة الذهبية في مهرجان
كان السينمائي الدولي عام
2002، وقال إيليا سليمان إن الرقابة في مصر لن
توافق علي عرض فيلمه الأخير
الزمن الباقي.
وأوضح سليمان أن
فيلمه هو إعادة بناء الذاكرة وما تبقي من الزمن، ورغم ذلك فلم
يكن يرغب في
عمل فيلم تاريخي، لكنه أراد أن يقدم عملاً يرصد اللحظات الأسوأ في حياته،
وقال: أردت أن أقدم قصة مختلفة لم تطرح من قبل بهذه الطريقة، حيث حمل
الفيلم
مزيدًا من السخرية والسخط تجاه ما يحدث وقد حاولت أن أظهره في مشهد تخطية
الجدار.
وقال إيليا سليمان إن تجربة عمله في السينما علمته
الاختصار والفضول والتواضع، وأنه تعرض للكثير من الصعوبات المادية،
لولا تدخل
أصدقائه لخروج هذا العمل إلي النور، مشيرًا إلي المتاعب التي أجبرته علي الاقتصاد
والبساطة، وجعلته
يتخلي عن الماديات.
إيليا سليمان المولود
بحي الناصرة بفلسطين، قال إن علاقته ببلده ربما تغيرت بعد وفاة والدته،
التي
وافتها المنية قبل انتهائه من تصوير الفيلم، مضيفًا إلي أنه لم
يكن طيلة حياته
مرتبطًا بمنزله، ولكن اهتمامه هو كيف يعيش حياة الآخرين وثقافاتهم،
وهذه
التجارب - كما يراها - سليمان تفرز وتحرر وجهة نظره، وتنهي أي نوع من
القبلية، وبالتالي فقد أصبحت مشاعره تجاه فلسطين أكثر
اتساعًا.
وقال سليمان: إن التجارب في حياتنا قد تتحول في مرحلة
معينة إلي صورة، ومن المهم أن نصنع الكثير من الأفلام،
خاصة أنني دائمًا ما
أشعر إني بحاجة لكي أصنع أفلامًا، ولكنني لست مهووسا بالسجادة الحمراء وأرفضها
لأنها تركز فقط علي النجوم المستهلكين،
وأحب أن
يري الناس أفلامي.
روز اليوسف اليومية في
17/10/2009
الحكاية فيها منة.. الاسم ظريف والفيلم سخيف!
كتب
محمود عبد
الشكور
لو كنت مكان أصحاب فيلم الحكاية فيها منة الذي كتبه محمد
حافظ وأخرجته
ألفت عثمان في أول أعمالها كمخرجة لكان من الأجدي بدلاً
من
تصويره كفيلم طويل أن يكون مجرد سباعية إذاعية،
لأن مستمع الإذاعة أكثر رحابة في
التفويت وفي استكمال الخيال الناقص، أو ربما يمكن تحويل السيناريو إلي مسلسل
تليفزيوني رمضاني يتابع المشاهد حلقة ويترك حلقات إلي
حين ميسرة، ويمنكه
أيضًا التسامح مع ما فيه من ثغرات ومشاكل درامية أنه ببساطة عمل ليس فيه من
الظرف
إلا الاسم، وليس فيه من العناصر الجيدة إلا عناوين المقدمة
التي صممها شادي
حسيب، وما عدا ذلك مجرد مشاهد وشخصيات تفتقد التصديق، مع بعض المحاولات
المتباعدة للاستظراف من جانب
بشري التي تقدم هنا بطولة مطلقة،
فتفشل في
الاضافة وتتراجع إلي الوراء.
الفيلم يقوم علي شخصية محورية هي منة
بشري، الفتاة السكندرية البسيطة التي تعمل كوافيرة،
ولكنها تفقد والدها
فتتغير حياتها، وتشعر بالوحدة دون سند أو معين، شخصية كهذه يمكن ببعض العناية
أن تصنع فيلمًا خفيفًا مقبولاً، والمخرج الراحل الكبير
حسين فوزي كان يبدأ
أفلامه عادة بشخصية الفتاة البسيطة التي تعتمد علي نفسها،
والتي تبدو خفيفة الظل
والروح، وكانت نعيمة عاكف نجمته المفضلة التي تستحضر عالم الطبقات البسيطة،
وبنت البلد المكافحة،
ولكن كاتب السيناريو محمد حافظ اعتمد علي المبالغات
والقفزات الغريبة في الاحداث مما يجعلك لا تصدق ما تراه،
لا بأس من أن تكون
البطلة كوافيرة ماهرة، ولا بأس في أن تقوم بتجهيز محل في المنزل الذي كان
يملكه
والدها الراحل،
ولكن الغريب أن تنتهي هذه المحاولة العادية إلي حدث غير عادي
فيقوم ابن عمها الميكانيكي واحد العمال بهدم أحد الأعمدة
فتنهار العمارة بأكملها،
ورغم ذلك ينجو السكان كلهم،
ويقبض علي الميكانيكي،
وكل هذه الأحداث الجديرة
بأحد أفلام الكوارث، والتي لن نراها لأسباب إنتاجية،
هدفها الأول والأخير أن
تهرب منة إلي القاهرة!
في العاصمة لن تتوقف الصدف والمبالغات،
فالفتاة تلتقي دون أي تمهيد بالحلاق العجوز
نوفل (لطفي
لبيب) الذي تستريح
إليه - دون مقدمات لمجرد أنه رجل طيب،
ويأخذها ببساطة لكي تعيش وسط أسرته:
الزوجة (عايدة رياض) والابن (المغني إيساف) والابنة (لارا)، وبدلاً
من بذل مجهود أكبر لجعل اللقاءات أكثر عفوية وذكاءً واقناعاً،
فإن السيناريست
يقفز فوق ما هو سهل ليقدم الصعب،
وبالقدر الذي يشعر فيه المتفرج بالمبالغة فإنه
يبتعد عن الأحداث وعن الشخصية المحورية والمفترض أن يعجب بها حتي
النهاية.
في الجعبة أشياء أخري كثيرة غريبة،
أو
غير مألوفة، من
المفهوم مثلاً أن تكون منة كوافيرة حريمي ممتازة، ولكنها تصبح أيضا حلاقة
رجالي ناجحة ونراها في مشهد واحد وهي تحلق للرجال من مختلف
الطبقات وسنكتشف فيما
بعد أن هدف السيناريست من ذلك أن تحلق لرجال كبار مسئولين ومنهم مثلاً
السفير
الأمريكي شخصياً وسيقوم هذا السفير بدور ما كواسطة للشاب عمرو ابن نوفل
الذي
تنحصر أحلامه في العمل كدبلوماسي في وزارة الخارجية المصرية!
السيناريست
هنا يتعامل مع حدوتة بسيطة ولكنه يتعمد تقديم مبالغات غريبة تفسدها في حواديت
حسين فوزي التي كانت تستخدم لتقديم استعراضات كان كل شيء
بسيطاً ومتسقاً
مع
الشخصيات العادية أما هنا فقد حملت منا أشياء مبالغاً فيها ولا أظن أنه كان
مما
يقلل من الشخصية أن تحقق نجاحاً أقل أو أن تكتفي بتغيير حياة الأسرة التي أقامت
عندها فجعلتها أكثر حباً للحياة أما الشخصية المناظرة لها وهي الشاب عمرو
الذي
لعبه إيساف فهو نموذج
غريب لا تعرف بالضبط ما يريده تخرج في كلية الاقتصاد ورفض
طلبه للعمل في الخارجية ونراه يغني في إحدي الحفلات ثم يحصل
علي الماجستير في لحظات
تجده مرتبطا بالفتاة الإسكندرانية التي لا تحمل إلا دبلوم التجارة ولكنه
يقرر بعد
عمله في الخارجية أن يخطب فتاة أخري دون أي تمهيد وهذه المفاجآت عجيبة في
فيلم
سينمائي ولكن يمكن أن تقبلها إذا فاتتك إحدي الحلقات
التليفزيونية
البائسة!
هناك أيضا مشكلة واضحة جداً وهي عدم استقرار المؤلف علي عقدة
واحدة للفيلم في معظم وقت الأحداث كانت المشكلة والعقدة في
الاتهام الذي يمكن أن
يوجه لـمنة بعد سقوط العمارة ولكن العقدة تم حلها في مشهد واحد لتظهر عقدة
جديدة
بلا مقدمات وهي تغير مشاعر عمرو تجاه منة وارتباطه بفتاة أخري
لم نعلم عنها أي شيء
من قبل وهذه العقدة أيضا تم حلها بسرعة حيث سافر الشاب المتقلب إلي
الإسكندرية ووجد
منة وغني معها علي الشاطئ أغنية النهاية وتعني هذه الفوضي أن بناء
السيناريو غير
متماسك وأن الافتعال هو سيد الموقف من البداية حتي آخر المشاهد.
في فيلمها
الأول تقدم ألفت عثمان مستوي عادياً لا يلفت الأنظار بل أنها أكدت الطابع
المسلسلاتي للحكاية بشري أيضا بدت بلا بريق وبلا اجتهاد
وقدرتها علي تقديم الأفيهات
الضاحكة محدودة كما أن حضورها كبنت بلد شديد الخفوت أما إيساف فلا يمتلك
الموهبة
ولا الحضور حتي صوته يشبه عمرو دياب فلم يبق له سوي الاستعراض بعضلات
ذراعيه جيئة
وذهابا لطفي لبيب أيضا ليس في أفضل حالاته دائماً
وإنما يؤدي دوراً والسلام
بعكس عايدة رياض التي حاولت أن تقدم دوراً مختلفاً
ولكن ظلت المشكلة أنك لا
تستطيع أن تتفاعل مع هذه القصة العجيبة التي بدأت بسقوط عمارة وانتهت
بأغنية علي
البلاج!
روز اليوسف اليومية في
17/10/2009 |