تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

أداء الزعيم في فيلم بوبوس

محمد جبار الربيعي / بغداد

حذاء منتظر الزيدي والازمة الاقتصادية العالمية والرشوة المتفشية في البلد وصعوبات الزواج التي تواجه الشباب ونتف من ملاحظات متفرقة جمعت في قدر واحد ليضاف اليها توابل (عادل امام) التي  اصبحت لازمة في معظم افلامه الى درجة الملل وبإضافة مشاهد مستنسخة من بعض افلامه ومسرحياته وبأفخاذ عارية لايفوته لمسها والتربيت عليها وقُبَل يوزعها (الدونجوان) على من يعرف ومن لايعرف وتلميحات جنسية مبالغ في كثرتها ... كلها وضعت على نار غير هادئة لتقدم لنا فيلم (عادل امام )الاخير (بوبوس)!
بعد ان انتهيت من مشاهدة الفيلم راودت ذاكرتي أفلام ضخمة كثيرة أمتعنا بها منها (اللعب مع الكبار)، (ارهاب وكباب)، (المنسي)، (طيور الظلام)، (النوم في العسل) وصولا الى فيلم (حسن ومرقص) الذي سبق هذا الفيلم وهي انصافا تأريخ حافل بأفكار كبيرة واعمال حفرت بصمة بارزة في تاريخ السينما العربية ... بتذكر هذه الافلام وذلك التاريخ اجد نفسي عاجزا عن فهم هذا  التفاوت في مستوى افلام (عادل امام)الاخيرة. فبعد( كبوة) (مرجان احمد مرجان) استبشرنا خيرا بفيلم مهم طرح قضية حساسة وخطرة  في المجتمع المصري والعربي بشكل عام وهي مشكلة الطائفية والعنف الطائفي في فيلم (حسن ومرقص) الى جانب الممثل العالمي (عمر الشريف) يعود في فيلمة (بوبوس) الى مربع (مرجان احمد مرجان) من حيث هشاشة الفكرة وتشتتها وضعف البناء الدرامي للقصة وصعوبة معرفة ثيمة واضحة اراد  الكاتب بلورتها والتركيز عليها ....  والغريب ان الافلام الثلاثة كتبها (يوسف معاطي).... ولا افهم سبب هذا التذبذب؟ علمًا  ان (يوسف معاطي)  كتب ايضًا افلامًا كثيرة غلب على طابعها الكوميديا السياسية الجريئة وهي افلام جميلة منها (السفارة في العمارة) و(طباخ الريس) و(عريس من جهة امنية) و(معلش احنا بنتبهدل) و(التجربة الدنماركية) و(الواد محروس بتاع الوزير) هذا يعني ان له باعا طويلا في الكتابة للسينما خصوصا في الكوميديا والسياسة  فما الذي حصل؟ اما المخرج (وائل احسان)  فتهتم اغلب افلامه بالممثل وشهرته وحضوره اكثر من الفكرة مثل فيلم ( الي بالي بالك) و(زكي شان) و(ظرف طارق) و(وش اجرام) و(مطب صناعي) و(عندليب الدقي) و(رمضان مبروك ابو العلمين حمودة) والفيلمان الاخيران لم يكونا بأفضل حال من هذا الفيلم ويبدو ان المخرج هو الحلقة الاضعف في الثلاثي المهيمن على (بوبوس)، أرجو ألا تُفسّر هذه المقدمة على انها تحامل، بل هي في الحقيقة حزن وخيبة امل  فانت عندما تختار كاتبًا جيدًا و ممثلك المفضل تتوقع منها شيئًا كبيرًا وتفاجأ بعد نهاية الفيلم  انهما سرقا وقتك من دون ان يقدما لك شيئًا مفيدا.. بالتأكيد تحزن.

نظرية بوبوس الاقتصادية

يتناول الفيلم مشكلة الافلاس بثأثير الازمة العالمية على الاثرياء ومنهم رجل ثري اسمه محسن هنداوي (عادل امام )  يواجة كابوس المصادرة لممتلكاته بسبب ديونه المستحقة لصالح البنوك بملغ كبير جدا   يصل الى 800 مليون جنيه وبمحاولاته لاعادة جدولة الدفع وتأجيل السداد يضطر الى رشوة رجل متنفذ في الحكومة اسمه نظام عبد الدايم  (عزة ابوعوف) بإهداء مدينة ملاهي الى ابنه و اسمه عباس و يلقب بـ(بوبوس) (ويبقى طيلة الفيلم يهدي الهدايا الى بوبوس لحل المشاكل التي تواجهه) ثم يحاول جمع بعض الاموال ممن يدينون له، فينتحر احدهم امامه بسبب خسارة كل امواله ويجد ان احدهم فقد عقله للسبب نفسه فيما هرب الاخرون الى الخارج ثم يذهب الى احد اصدقائه الذي كان قد شاركه في شراء منزل ضخم واقرضه مبلغًا من المال ليتعرف هناك إلى زوجته مهجة  (يسرا) التي يجد انها تعاني من الازمة الاقتصادية هي الاخرى وتعتذر عن دفع ما كان يدين به  زوجها له ثم بعد ملابسات كثيرة واضطراره  للسكن معها في المنزل نفسه الذي يملك نصفه (بسبب مصادرة قصره) يتفقان على التحايل على القانون بدمج شركاتهما معا ليحصلا على قرض كبير من البنك وبعد ان كان احدهما لايطيق الاخر(كما عودنا في افلامه) يتحولان بين ليلة وضحاها الى حبيبين يقرران الزواج فتتدخل الحكومة (بحدث مقحم ) لتمنعهما من الزواج فيتحديان تلك الارادة العليا ويواجهان غضب المتنفذين في الحكومة ويدخلان السجن بسبب اصرارهما على ذلك الزواج. ثم يخرجان بسبب تغييرات في سياسة الحكومة واستبدال(نظام عبد الدايم) برجل آخر اسمه فكري جديد (سامح السريطي) الذي يتحدث عن تغييرات حقيقية ومحاولة لدعم رجال الاعمال والاستفادة من خبرتهم في السوق لكن الرشوة تبقى هي السائدة في التلميح بأن ابن هذا المسؤول الجديد اسمه ( باسم) وبالامكان تلقيبه بـ(بوبوس) وهذا معناه انه بوبوس جديد رغم الشعارات البراقة. ومن الواضح ان  الفيلم لف كل هذه اللفة ليقول إن الرشوة متفشية في الجهاز الحكومي. هذا كل شيء!.

من جهة اُخرى كان هناك خط ثان وثنائي وضع بمقابل الثنائي الثري وهو رافت (اشرف عبد الباقي) الذي يعمل  خادماً في منزل مهجة و(اعمال اُخرى لجمع متطلبات الزواج)  وتهاني (مي كساب) التي تعمل نادلة لمساعدة خطيبها وقد تمت خطبتهما  قبل 9 سنوات ولم يستطيعا الزواج بسبب الفقر. وضع هذا الثنائي للمقارنة بين مشاكل الاثرياء وطريقة حلها والفقراء ببساطة ومشروعية متطلباتهم ولوم الحكومة على التقصير في ذلك  (بشكل خجول) وهذا الخط حرك ايقاع الفيلم قليلا واعطى حيوية اكثر.

القصة والصراع

من الواضح هنا انه لاتوجد قصة رصينة وحدث مهم او صراع او ذروة، بل عمد الكاتب الى تجميع افكار ليصبها في قالب واحد واعتقد انهُ كتب المَشاهد بشكل عشوائي ثم رتبها بهذا الشكل فاقحم مثلاً حادث  ضرب بوش بحذاء منتظر الزيدي في المؤتمر الصحفي الشهير في احداث الفيلم (بدون مبرر مقنع ) ليكرر (بعد مدة قصيرة ) طريقة الضرب نفسها، ولكن هذه المرة بحذاء (مهجة) التي ترمي (محسن) وهو يتجنب حذاءها  بطريقة بوش نفسها(اعتقد انه لو لم يضع لقطات ضرب بوش لكان الوقع اكبر باستعادة المُشاهد للحادث الحقيقي في مخيلته ومطابقته مع مشهد رمي محسن بالحذاء) ولما كان مقحمًا كما حصل ومكرر وعطّل مخيلة المُشاهد ليربط بين الحادثين فقدمهما في وقت متقارب بشكل اضعف من جمالية وكوميدية المشهد. اما مشهد مخاطبة الرئيس بجلوس(محسن) على كرسي افترضا انه كرسي الرئاسة ومخاطبة (رأفت) له وبث شكواه مخاطباً اياه (بسيادة الرئيس) ثم تبادل الادوار ليجلس (رأفت) على الكرسي ومخاطبة (محسن) له فهو مشهد معبر وجميل وربما يكون من اهم مشاهد الفيلم  تفوق الممثل (اشرف عبد الباقي) في ادائه فيه  وقدم كوميديا سلسة. اما مشاهد عُراك (محسن) مع (مهجة) فهي مشاهد مكررة الى درجة التطابق مع مشاهد من افلام (بخيت وعديلة) بأجزائه الثلاثة (ولو كانت الممثلة شيرين مكان الممثلة يسرى لتوهم المُشاهد انه يتابع الجزء الرابع منه).... وهناك ملاحظة مهمة وهي ان شخصيات (عادل امام) التي يؤديها تحولت من الرجل الطيب المسحوق الذي يكافح من اجل العيش الكريم و الذي يعكس هموم ابناء جيله الى رجل متنفذ ثري جدا او وزير وصاحب سلطة ويتعامل مع النساء كأي مراهق لايهمه سوى الجنس والمال وهو تحول خطير سيخلق هوة بينه وبين جمهوره الذي احبه بذاك الكارتر القديم. 

والفيلم الغى بشكل كبير الممثلين الاخرين بمقابل (عادل امام) الذي هيمن على معظم مشاهد الفيلم وحتى الممثلة يسرى همشها وجعلها مجرد ممثلة تحاول عرض مفاتن جسمها مطيحةً بسنين طويلة من الاداء العفوي الجميل.

في الحقيقة  لا أجد سببًا مقنعًا يدفع الزعيم الى دخول الموسم السينمائي بهذا الفيلم. فهل خاف الزعيم من عجلة الزمن وحاول طبخ فيلم بسرعة ليبقى في الساحة؟ (حتى لو لم تكن الفكرة  ناضجة وغير مناسبة لعمره وتأريخه)؟ أم انه اراد جمع بعض المال الابيض خوفًا من اليوم الاسود؟ وخوفًا من ان تطاله اذرع الازمة الاقتصادية؟ وحتى هذه لم يفلح فيها  فلم ينجح في جمع الشيء الكثير فقد عزف الجمهور عن مشاهدة الزعيم يتقهقر.

mohd10002001@yahoo.com

إيلاف في

13/10/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)