تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

فيلم “الطريق الثوري Revolutionary Road " .. 

متعة التأمل الرومانسي وقسوة الواقع

فلاح كامل العزاوي

قدم هذا الفيلم المخرج البريطاني (سام منديس) الحائز على جائزة الاوسكار عن فيلمه الجمال الامريكي والذي يعود من جديد في فيلمه هذا ليسلط الضوء على سكان ضواحي المدن الكبرى.. اخرج (منديس) فيلمه هذا متكئا على رواية (ريتشارد يانس) المصنفة ضمن افضل 100 رواية كتبت باللغة الانكليزية في القرن العشرين..

واذا كان المخرج قد قدم فيلمه الاول (الجمال الامريكي) وهو رؤية مرتبكة للحياة الامريكية ساخرا من قيمها الزائفة وكاشفا في الوقت نفسه عن نماذج اسرية في المجتمع الامريكي المعاصر بكل تداعياتها ونزعاتها الفردية والاستقلالية.. فانه هنا يرجع لمنتصف الخمسينيات في فيلمنا هذا ليصور لنا كيف تتكسر الاحلام على صخرة الواقع ويصبح من المتعذر الاستمرار في الحياة من دون الرضوخ للواقع الذي لا يتفق دائما مع رومانسية الحلم، وايضا من خلال اسرة صغيرة قوامها الزوج "فرانك/ ليوناردو دي كابريو" والزوجة "ابريل/ كيت وينسلت" وطفليهما، الزوج يعمل مندوب مبيعات في شركة اجهزة كهربائية والزوجة ممثلة مسرحية هاوية وغير موفقة.. تسكن الاسرة في بيت جميل يقع على شارع يعرف بالطريق الثوري الذي استمد منه اسم الفيلم وربما من هنا تأتي المفارقات التي ستحدث في القصة !

يفتتح الفيلم بمشهد قصيرة يشرح باقتضاب كيف تم التعارف بين الزوجتن في احدى الحفلات ثم يقفز المشهد بعد ذلك عددا من السنوات لنشاهد فرانك وهو يتابع عرضا مسرحيا لزوجته، نستطيع ان نفهم من ردة فعل الحضور ان العرض كان فاشلا بجميع المقاييس فيحاول الزوج تشجيع زوجته والتخفيف من قسوة الوضع الذي هي عليه لكنهما وككل مرة ينتهيان بشجار عنيف.. ويبدو فرانك بارعا في استخدام وتوظيف المفردات من دون ابتذال، ويدرك بوعي ابعاد شخصية  زوجته ويحاول احتواء غضبها لكن من دون فائدة.. النظرات ودفء العناق توحي بحب يجمع الزوجين ورغم ذلك يشعر المشاهد بفجوة وشيئا  ما مفقود في هذه العلاقة !!.

فرانك غير سعيد بعمله، فهو لا يحب وظيفته لكنه لا يجد بديلا لها ولعل ذلك ما يجعله فظا في تعامله مع الزملاء ويتحدث بلهجة رجولية فيها غرور.. بينما يتبدل ويصبح اكثر رقة مع زوجته.. لكن تلك الرقة لم تمنعه من خيانتها مع زميلتها  التي دعاها للاحتفال بعيد ميلاده الثلاثين.. يعود الزوج متأخرا الى منزله ليفاجأ بان زوجته التي خانها للتو تحتفل برفقة ولديه بعيد ميلاده، فتدمع عيناه تأثرا بالموقف !

تبدأ الزوجة بمصارحة حول فكرتها للخروج من هذا المأزق الذي تعيش اسرتها الصغيرة فيه وتقترح عليه الرحيل الى باريس.

لان احداث تغيير جذري في الحياة يحتاج الى مغامرة، ومغامرتهما لاتنطوي على خطورة من وجهة نظر ابريل الزوجة .. تروق الفكرة لفرانك الزوج ويبدان بنشر الخبر في الجوار كله ويجابهان بسخرية من قبل الجميع، الجيران وزملاء العمل، الكل استغرب هذه الفكرة الرومانسية التي لا طائل منها.

وتساءلوا: كيف يمكن ان تفرط في الذي بين يديك مقابل فكرة مجنونة غير محسوبة العواقب، والشعار استرداد بريق الشباب الذي بدأ بالافول؟!

لكن هذه الفكرة  ومع كل ما اثارته من استنكار بدأت تتكسر على صخرة الواقع والحياة بدأت تتجه الى الافضل بعد ان نال فرانك ترقية غير متوقعة في عمله بعثت تلك الترقية نوعا من الطمأنينة في النفس ولم يرق ذلك لصاحبة الفكرة لكن واقعا اخر اعاق تنفيذ مخططها فقد فوجئت ابريل بانها حامل فتقرر اجهاض الجنين غير ابهة بالنتائج فهي لاتريد ان يتحطم حلمها.. فيثور الزوج ويحتدم النقاش بينهما ليصل النقاش الى مناطق حرصا على عدم ارتيادها في نزاعاتهما السابقة.. تتلخص في ان كلا منهما وجد نفسه مجبرا على قبول الاخر وان الحب اصلا لم يكن موجودا بينهما في الاساس!! زادت هذه المواجهة من حجم الاكتئاب الذي يغلف حياة العائلة وفي احدى السهرات المشتركة مع بعض الجيران، وجدت الزوجة نفسها منساقة وراء اهوائها ووقعت في المحظور مع احدهم بهدف تأكيد ما سبق ان قالته امام زوجها ودليل ذلك انها صارحته في اليوم التالي، فلم تكن ردة فعله اقل  احباطا مما فعلته فقد اعترف لها بانه قد قدم على خيانتها من قبل وبين كل منهما ان ذلك لا يعنيه..

لا تقتصر شخصيات الفيلم على الزوجين فرانك وابريل فهناك شخصيات مكملة لعبت دورا في صنع الحدث، وفي الوقت نفسه شكلت نماذج اخرى لسلوكيات كشفت عن طبيعة العلاقات في المجتمع الامريكي. ايضا عن وضع الاسر في منتصف القرن الماضي وبعد الحرب العالمية الثانية التي كانت نتائجها السلبية بادية بوضوح على التشوهات السلوكية..

هذه هي المرة الثانية التي يلتقي فيها نجما فيلم تايتنك ليوناردو دي كابريو وكيت وينلست والفيلم مهم في قصته ولغته السينمائية العالمية التي لجا فيها المخرج سام منديس للبطء في اخراجه للفيلم وهو تكتيك قصد منه ان يتعايش المشاهد مع رتابة وكآبة الحياة اليومية للاسرة وخشية ان يقع المشاهد في الملل سرعان ما كان ينتشله بحدث مفاجئ.

الفيلم انتاج ديسمبر من العام 2008 وعرض في شباط 2009 بميزانية بلغت 35 مليون دولار. من اجمل مشاهد الفيلم احتوائه على مقاطع ساخنة بين ديكابريو ووينسلت لم تحدث في فيلمهما الاول تايتنك واربكت ليوناردو كما صرح في افتتاح الفيلم ولكن ما شجعه على اداء هذه المشاهد زوج كيت الذي هو نفسه المخرج سام منديس.    

الإتحاد العراقية في

11/10/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)