تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

شخصياته تعامل الحاضر بهواجس الماضي

"عن الخوف والعزلة" محاكمة لازدواجية النفوس

دمشق الياس حموي

كثيرة هي الأعمال الدرامية هذا العام التي تطرقت للمجتمع السوري وتغلغلت فيه، راصدة كثيراً من الظواهر، فمنها ما ذهب إلى العشوائيات في المجتمع السوري واستقى مواضيعه منها كمسلسل “قاع المدينة” ومنها ما تطرق إلى مفهوم العار بأشكال مختلفة وأثبت أن الأنثى ليست وحدها مصدره في المجتمع وإنما هناك مواضيع أكبر عارا كالرشوة والخيانة والتلاعب كمسلسل “زمن العار”.

من أكثر الأعمال السورية التي تثير الانتباه هذا العام هو مسلسل “عن الخوف والعزلة” ، فحين نشاهد هذا العمل نشاهد مجتمعا كبيرا تم تقليصه في مسلسل تلفزيوني يروي ظاهرة اجتماعية كبيرة قد نغفل عنها في حياتنا. هذه الظاهرة هي (الازدواجية الاجتماعية) التي يعاني منها نسبة كبيرة من أفراد هذا المجتمع نتيجة الظروف والتجارب الاجتماعية الصعبة والقاسية التي يمر بها هؤلاء الأفراد فيتشكل لديهم هاجس خفي في تجارب جديدة يقدمون عليها نتيجة لفشلهم في تجارب قديمة والصدمات النفسية التي تتشكل لديهم. وشخوص المسلسل أكبر مثال على تلك الازدواجية، فهم داخل المنزل يعيشون حالة مختلفة تماما عما يفعلون خارجه وتعاملهم مع الشخوص التي يقابلونها في المجتمع وضمن الأوساط المختلفة التي يتعايشون معها بدءا من العمة التي تعيش على أطلال حب قديم من زوجها الذي طلقها لأنها لا تنجب، وأولاد أخيها الذين يعيشون معها ويشكلون محور قصة العمل فالأخ الأكبر لأولاد أخيها (عبد المنعم عمايري) يبدو بهيئة الإنسان المحافظ خارجيا لكنه يعاني من مشاكل عديدة في شخصيته بدءا من حياته الشخصية وصولا إلى عمله كموظف في إحدى الشركات الحكومية وفشله في خطوبته من فتاة أحبها فشكلت تلك المشكلة صدمة كبيرة له وبدأ رحلة البحث عن شريكة جديدة ولكن الفشل أصبح حليفا له، فما إن وجد فتاة أخرى ارتبط بها بطريقة رسمية حتى انتهت هذه العلاقة أيضا بالفشل. وكانت حجتها للانفصال عنه أنه موظف (غير نزيه) وهي المشكلة الظاهرة أما باطن المشكلة فهو أنه لم يعجب تلك الفتاة التي كانت تعيش علاقة مع شخص لاتعرفه بل تسمع صوته على هاتفها النقال عبر مكالمته لها مساء ولكن من الواضح أن القصة بدأت تعجبها فاصطنعت الحجج لتتخلص من خطيبها الذي تعتبره حملا عليها، وليست لميس أخته الكبرى (كاريس بشار) أفضل حالا فهي تعيش في صراع كبير من جراء قصة الحب التي تعيشها مع زوج صديقتها سها (لينا حوارنة) وجارتها بنفس الوقت، وهي لكثرة الفشل في علاقاتها السابقة اختارت أن تعيش قصة حب غير سوية ولدتها الصدفة من شخص من المفروض أن يكون مثل الأخ أو الصديق لأنه زوج الصديقة والمفروض أن تكون صديقة مشتركة له ولزوجته ولكن الظروف أبت ذلك فتدخل لميس في دوامة كبيرة وهي التوفيق بين الاثنين (سها) وزوجها ولكن سرعان ماتتفجر أنانيتها وسطوة التملك لديها فتحاول بشتى الوسائل الحفاظ على هذا الحبيب وتشعل الفتن بينه وبين زوجته ولكنها تظهر في الوقت نفسه بمظهر المصلح الذي يريد لعلاقتهما الاستمرار. وسرعان ماتكتشف أن مستقبلها بدأ يتهدد من جراء علاقة لاتعرف نهايتها قد تكتمل ويتزوجها وقد يعتبرها نزوة ممايهددها بالعنوسة بعد أن أصبحت في هذا العمر فتقبل بالارتباط بخال طالبتها المغترب لتدخل في صراع جديد بين خطيبها المغترب الذي من واجبها الالتزام بارتباطها به وحبيبها الذي يعيش أمام عينها والتي لا تستطيع مقاومة حبه.

الأخ الأصغر (رامي حنا) أستاذ الكمبيوتر شاب لعوب من وجهة نظر المجتمع يؤمن بالعلاقات الكثيرة بالفتيات ولا يحبذ مبدأ الارتباط إلى أن يتعرف إلى نجوى (سوسن أرشيد) التي تقلب موازينه كلها فيكتشف أنه أحبها فعلا ولا يستطيع أن يعاملها كباقي الفتيات وإلا سيخسرها، بينما تعيش بسمة أختهم الصغرى (ميسون أبو أسعد) الحب المثالي التي تنتظره وفارسها ذا الحصان الأبيض. وتلتقي فجأة بالشاب الذي لا يتفق مع مبادئها لكنها سرعان ما تكتشف أنها بدأت تحبه وتتعلق به وتنصاع تدريجيا إلى أجوائه المختلفة تماما عن أجوائها وتكتشف فيما بعد حقيقة اختيارها الخاطئ لهذا الشاب الذي يدعي المثالية الخارجية وهو في أعماقه شاب مختلف تماما، لعلنا نرى أننا أمام كتلة من التناقضات تتجمع كلها في عائلة واحدة بالإضافة إلى اجتماع الظروف الاجتماعية الصعبة والضغوط المعيشية والحياتية التي أوصلتهم إلى تلك الازدواجية التي تظهر في شخوصهم وهم ليسوا وحدهم بل الكثير ممن حولهم يعيشون تلك الازدواجية، ومن أبرزهم أفراد عائلة تقطن معهم في نفس المبنى وهي عائلة المدير العام (سليم صبري) الذي يعاني من مشاكل كثيرة مع زوجته (ناهد حلبي) والتي أودت بهما في النتيجة إلى طريق مسدود دفعه إلى الزواج بغيرها بحثا عن الاستقرار والهدوء. المفاجأة الكبرى كانت عندما يكتشف أن نزاهته في العمل ذهبت سدى بعدما صدر قرار إعفائه من منصبه ضمن حملة تطهير قام بها الوزير الجديد أما ابنه رامي (كفاح الخوص) ذاك الشاب الذي كان رصيده الفشل في معظم ماقام به إن كان على صعيد الحب أو العمل أو العلاقات الاجتماعية مما ولد لديه اللامبالاة بأشياء كثيرة وأهمها انفصال والديه. ولعل أبرز الشخصيات المتناقضة في هذا العمل شخصية (صديقة رامي) وهي ابنة زوج العمة السابق التي تحمل حقدا دفينا على أهلها بدأ يطفو أثناء دخولها إلى الجامعة بنتيجة الظلم الذي تشعر به جراء معاملة أهلها لأخيها الذي توفي وإشعارها دائما بأنها المذنبة في وفاته وتمييزهم له أثناء حياته. وشعورها بالنقص جراء تلك المعاملة وذلك التمييز والتقصير تجاهها ولدا لديها ازدواجية حادة فراحت تخلق الأكاذيب لكي تخرج من المنزل بحجة الدراسة عند صديقتها بينما تقضي وقتها في السهر والشرب والتدخين وهو ما يتعارض مع شخصية والدها المحافظ معتقدة أنها بذلك تنتقم منه ومن أمها من دون أن يشعرا الأمر الذي يخلق لديها شعورا بالسعادة.

وكما عودنا الكاتب فادي قوشقجي في أعماله السابقة بتقديم المواضيع الحساسة اجتماعيا كمسلسل “ليس سرابا” فهو اليوم يقدم لنا جرعة اجتماعية مميزة في هذا العمل غفل عنها الكثير من الأعمال الدرامية، مسلطاً الضوء على المشاكل التي يعاني منها نسبة كبيرة من مجتمعاتنا العربية الكبيرة. يضاف إلى ذلك الأداء الممتاز للممثلين والموسيقا التي أضفت جوا شاعريا على العمل، والإخراج المتميز للمخرج سيف الدين سبيعي.

الخليج الإماراتية في

23/09/2009

 

«قلبي معكم» عودة لا تحمل بصمات أمل حنا

دبي - جمال آدم 

لعل اللافت في المسلسل الدرامي (قلبي معكم)، الذي عرض على ست محطات تلفزيونية عربية هو عودة الكاتبة أمل حنا للكتابة للتلفزيون بعد انقطاع لمدة ثلاث سنوات، والمعروف عن أمل حنا قدرتها اللافتة على الدخول في عمق قضايا الحالات المعاصرة التي تتناولها بقدر كبير من الاهتمام، لدرجة ان تفصيلاً ما مهما كان بسيطاً لابد ان يكون حاضراً في النص الدرامي الذي تكتبه.

وحققت أمل من خلال لقائها مع المخرج الفنان حاتم علي حضوراً فاعلاً عبر مسلسل (أحلام كبيرة)، وكان هذا انتاجها الأخير قبل ثلاث سنوات، ولكن يبدو أن هذا العام لم توفق أمل في أن تحقق الألق ذاته الذي حققته في مسلسل (أحلام كبيرة)، حيث واجهت مشكلة حقيقية في بنية الشخصيات والعلاقة مع الزمن، وقد انفلتت من بين يديها قضية الإيقاع التي كرسها سامر برقاوي مخرجاً في لقائه الأول معها. (قلبي معكم)، الذي تنتجه سوريا الدولية للإنتاج الفني يحكي قصة الطبيب بشر الذي يقدمه النص كنموذج مثالي للطبيب الملتزم بعمله ومهنته، والذي يقدم أعلى درجات التفاني من أجل إنقاذ مرضاه، وتقديم كل الخدمات الصحية اللازمة لهم في مشفاه الذي بدا متواضعاً في البداية، ثم كبر ليصبح أهم مشفى بين المشافي، ولكن المزايا الإيجابية التي يقدمها العمل سرعان ما تتبخر في الوقت الذي تتضارب فيها شؤون المهنة مع شخصية الإنسان بنوازعها وتجاذباتها المختلفة.

بشر، وهذا اسم الطبيب في العمل يؤديه الفنان عباس النوري، طبيب جراح يمتلك مشفى خاصاً ورثه عن أبيه وطوره لاحقاً ليشمل أقساماً عدة، وهو بصدد بناء قسم جديد يختص بالجراحة التجميلية، هذه الجراحة الواعدة والتي ستدر عليه أرباحاً كبيرة يحتاجها من أجل تحقيق حلمه ومشروع حياته؛ ألا وهو تأسيس مشفى مجاني، وهو كإنسان يخطئ، ولكنه يجد في نفسه من الشجاعة ما يكفي ليعترف بخطئه، يغضب ولكنه يستطيع أن يمسك نفسه قبل أن يتمادى في غضبه.

قد يكون عنيداً لا يتراجع عن قراراته، ولكن يضطر المرء للاعتراف بأنه على حق، وكما ذكر الفنان عباس النوري في حوار سابق معه حول هذه الشخصية؛ فإن بشر شخصية تتقاطع كثيراً بين ما يتخيله الإنسان وما يعيشه على أرض الواقع، مؤكداً ان هذا التناقض هو السر الذي يعطي للحياة قيمتها وجمالها.

يبدأ بشر بالتورط في مشكلات الحياة منذ أن يتزوج بشابة صغيرة يجد لاحقاً انها لا تحقق طموحاته في انسانة يحبها وتمشي معه في مشوار الحياة، وفي الوقت الذي تحاول فيه تلك الزوجة الشابة ان تسعده نراه يبدأ بالتعلق بزوجة صديقه تعلقاً كسر مثالية الطبيب الذي تابعه المشاهد، وهنا يبدأ بشر بالدخول في لعبة الحياة دخولاً يخرجه من دائرة المثالية ولا يجد صدى ما من زوجة صديقه فتتحول العلاقة الى صداقة.

ينتقل العمل انتقالاً سريعاً ليقدم حكاية جيل آخر هم أبناء بشر، ولعل هذا التحول يفقد العمل رونقه، ذلك ان العمل اصلاً لم يستطع ان يقدم تصوراً زمنياً دقيقاً وقريباً من الواقع؛ واقع ثمانينات وبداية تسعينات القرن الماضي لجهة الديكور والاكسسوارات والملابس التي تستطيع ابراز هذا الجانب، وبالتالي كانت النقلة على وجوه الممثلين فقط، تلك الوجوه التي ساءها الماكياج فبدت متعبة ومتهالكة بدلاً من ان تظهر في سياقها الزمني. ويغرق العمل في ردود أفعال متخبطة لشخصيات تجتهد أن تظل محافظة على حضورها الاجتماعي.

وفي تطور مفاجئ يقوم الدكتور فؤاد، المتزوج اصلاً من اخت زوجة بشر، بالتعلق بسيدة مطلقة منذ النظرة الاولى تعلقا غريبا، والنص اصلا لم يقدم تصورات متباينة او سلبية عن علاقته بزوجته، وهكذا يتحول العمل ليملأ الفراغ بقصة وهمية تؤكد ان المخرج لم يراعِ جانبا جديدا من جوانب العمل، وبالتالي الحلقات الخمس عشرة التي بدأ العمل فيها مشدود الايقاع ومتميزا فقدت مصداقيتها في الجزء الثاني في النصف الاخر للعمل، وبدا الاعتماد على فنانين كبار يقفون معه مثل عباس النوري ونضال سيجري وريم علي مغامرة بكل معنى الكلمة، لان الرهان على الممثل في التلفزيون رهان غير مجد في ظل نص غير متكامل واخراج مشتت.

(قلبي معكم) عمل قدم تصوراً جديداً في الدراما السورية واقتراحاً فكرياً يقوم على رصد مهنة الطب والعلاقات الانسانية التي تعيش في تفاصيل هذه المهنة، ولكن هذا الطرح لم يتح له ان يتبلور ضمن دراما اجتماعية؛ فظل رهين البحث عن مفاتيح تضمن وصول العمل الى بر الامان.

لمحات واخفاقات برز في مسلسل (قلبي معكم) حضور الفنانة شبه الغائبة سلافة عويشق والتي قدمت شخصية الممرضة تقديما عفويا مزجت فيه حضور المهنة وحضور الانسانة، ومضت مع ايمن رضا ليشكلان ثنائيا طيبا في العمل. وحققت ريم علي بعدا انسانيا في المسلسل في حين وقع عباس النوري بطل المسلسل في مطب مشكلة الماكياج التي لم تحسم علاقته مع الزمن.

وتوقع البعض للعمل أن يغوص بكل تلك القيم والأفكار التي تعبر عن الإنسانية التي سبقت الاعلان عن حضوره في شهر رمضان، لتقديم صورة درامية شيقة معقدة وسهلة في آن معا لمصائر شخصيات كثيرة في ثلاثين حلقة، وكي يحقق مقاربة انسانية لمسلسل الطبيبة الذي قدم قبل نحو ربع قرن متناولا جوانب كثيرة في حياة الاطباء. شارك في العمل كل من عباس النوري، وائل شرف، سلافة عويشق، ضحى الدبس، ريم علي، نادين تحسين بك، نضال سيجري، حسن عويتي، أيمن رضا، جرجس جبارة، وأسماء أخرى.

البيان الإماراتية في

23/09/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)