تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

دراما اردنية الهوى والديار بلا منازع

الدراما البدوية وسيطرتها الإعلامية

بقلم: نبيل عواد المزيني

 

المواطن العربي أحرقته نار الشوق والحنين إلى ماضيه الأصيل بما فيه من قيم الفروسية والشهامة وكرم الأخلاق.

نجحت الاعمال الدرامية البدوية في السيطرة على شاشات الفضائيات العربية في شهر رمضان من خلال عروضها القوية، وهي في رأي المشاهد العربي دراما اردنية الهوى والديار بلا منازع، وتمكنت تلك الاعمال الدرامية من ازاحة الدراما المصرية وتحجيم مساحة الدراما السورية من خريطة المشاهد العربي اليومية، ويرجع ذلك لعدة اسباب أهمها، ان المواطن العربي قد احرقته نار الشوق والحنين إلى ماضيه الأصيل بما فيه من قيم الفروسية والشهامة وكرم أخلاق بات مفقوداً في صحراء الدراما المعاصرة، وكما ان لكل شيئاً جذوراً فلكل عمل أصيل عند المشاهد العربي قبول.

وقد ساعدت الدراما السورية التاريخية في تمهيد الطريق امام الدراما البدوية الاردنية بعد ان حجمت مساحة الدراما المصرية من أوقات المشاهد العربي خلال العام الماضي واحتلالها مركز الصادرة، غير ان الدراما السورية لم تجدد من نفسها بالدرجة الازمة وظلت تراوح مكانها في الحارة الشامية ولم تتعدي المنطقة الشامية هذا العام، في حين ان الدراما البدوية الاردنية عبرت الحواجز الإقليمية واسرت قلب المشاهد العربي في البلاد العربية وحتى الاجنبية.

كما ان بعض الدراما المصرية وللأسف الشديد اهدت مركز الصدارة الى الدراما البدوية هذا العام بتجاهلها لمشاعر المواطن العربي في الشهر الكريم واستمرارها بتقديم الفن التغريبي وبعدها كل البعد عن معايشة هموم المواطن العربي، مما اضطر احد المحامين المصريين الذي لازال يتمتع بالنخوة العربية والغيرة المصرية الى رفع دعوة قضائية يطالب فيها بوقف هذة المهزلة الدرامية وما تحويه من عادات وطباع غريبة عن مجتمعاتنا ولم تراعِ حياء الشرقيين ولا عفة المصريين ولا حتى حرمة الشهر الكريم.

فقد أقام المحامي المصري نبيه الوحش دعوى قضائية يطالب فيها بوقف سبعة مسلسلات تعرض في شهر رمضان على الفضائيات المصرية والعربية، بدعوى مخالفتها الشرع وتقديم مشاهد ساخنة، وأوضح في دعواه أمام محكمة بولاق أبوالعلا ان هذه المسلسلات السبعة فاقت تكاليفها المليار جنيه في ظل الأزمة الاقتصادية، وقال كل هذه الأعمال الدرامية تتنافى مع روحانيات الشهر الكريم، ومخالفة للشرع والقانون والدستور.

ومن العجيب المحزن ان مصر هي اول من قدم الفن العربي البدوي للعالم وذلك منذ ان بدأت صناعة السينيما المصرية بعرض أول فيلم مصري في 20 يونيو/حزيران 1907، وظلت مصر منذ ذلك التاريخ تقدم الفن العربي البدوي الاصيل بجميع اشكالة من دراما وافلام واغاني وبرامج اذاعية، حتى في احلك الظروف السياسية.

فعلي سبيل المثال منع عرض فيلم "ليلى بنت الصحراء" الذي أنتج عام 1937 بطولة واخراج بهيجة حافظ (1908-1983).

وقامت الحكومة المصرية بدفع تعويض مالي لمخرجته، وكان سبب المنع ان شاه ايران تزوج الاميرة فوزية شقيقة فاروق ملك مصر وذلك قبل عرض الفيلم والذي تدور أحداثه حول محاولات كسرى أنو شروان اغتصاب فتاة عربية لكنها تقاومه، ولاكن فيما بعد اختصرت بعض مشاهد الفيلم وتغير اسمه الى "ليلى البدوية" قبل اعادة عرضه عام 1944.

اما الأن وبعد ان ترنحت الدراما العصرية وفشلت في كسب ود المشاهد العربي كان لا بد من فارس يقود وشيخ يسود وصبية عنود فكانت الدراما البدوية الاردنية بقيادة المغوار ياسر المصري وجحافل زملائه الممثلين الذين ابدعوا وامتعوا المشاهد العربي.

فقد جلس المواطن العربي يشاهد الشاشات الفضائية العربية وكان عليه ان يختار بين مشاهد السيف والفروسية والقهوة العربية في الدراما البدوية الاردنية وبين مشاهد العري والرقص والإثارة والإيحاءات اللا أخلاقية في الدراما العصرية.

ولم يكن الخيار صعباً بين دراما تتغني بالماضي الجميل وتراثنا الاصيل، وتجذر فينا هويتنا العربية التي لم يبق لنا سواها، وتأصل لغتنا العربية والهجة البدوية عبر القصائد الغنية، وتقوي فينا معتقداتنا بالله وبأنفسنا عبر الشهامة والكرامة مثل مسلسل "مخاوي الذيب" و"قبائل الشرق" و"العنود" و"الجمر والرمال" و"راعية الوضحة" و"بلقيس".

وبين بعض الدراما على الجانب الاخر التغريبي التخريبي التي تدغدغ عواطف الشباب وتغيبة عن وعيه، وتخدش حياء النساء، وتتجاهل قيم المجتمع بنشر العادات الغريبة بين ابنائنا وبناتنا مثل مسلسل "الباطنية" و"قانون المراغي" و"علشان مليش غيرك" و"تاجر السعادة" و"الأشرار" و"البوابة الثانية".

إن هذه الأعمال الدرامية الهدامة ليست سوى هدر للمال في غير محله، وإضاعة الوقت، لأنها لا تعالج مشاكل وهموم المواطن العربي ولا تقدم أية رؤية درامية للأمراض الاجتماعية المنتشرة بين طبقات الجيل الجديد، وتتقاطع للأسف مع الدراما الغربية المرتكزة على التفسخ واللا اخلاقيات، ولا شك أن تلك الأعمال تدل على توجه لدى هؤلاء المتغربين يعمل على قلع المواطن العربي من جذوره العربية وعزلة عن ماضية العريق كي يتوهه في بحور العولمة المظلمة.

نبيل عواد المزيني: باحث- الولايات المتحدة

ميدل إيست أنلاين في

09/09/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)