يؤكد المخرج السوري فراس دهني أهمية الإنتاج الفني المشترك بين الدول العربية، على صعيد تبادل الخبرات الفنية والتقنية، مشيراً إلى أن وجود مخرجين وفنانين سوريين في الدراما الخليجية أسهم في تطويرها، لكن دهني ينفي مقولة ان المخرجين السوريين هم السبب الأساسي في نجاح الدراما الخليجية، مشيرا إلى أن الأخيرة حققت نجاحات كثيرة في السنوات الأخيرة مع المخرجين الخليجيين والسوريين.

«الحواس الخمس» التقى دهني في دمشق، وحاوره حول عمله الجديد «شتاء ساخن» وناقش معه عدداً من الأفكار المهمة حول الدراما السورية والعربية.حبذا لو نتحدث بداية عن عملك الجديد «شتاء ساخن» الذي يعرض الآن على فضائية أبو ظبي؟العمل يروي قصة الصائغ أبو سليم، الذي يفاجأ في ليلة رأس السنة بخمسة مسلحين ينهبون محل الصياغة الذي يملكه، بعد ادعائهم أنهم رجال أمن، ومن ثم يقومون بقتله مع ابنه، لتبدأ رحلة البحث عن القتلة، يرافقها جملة من الأحداث المتشابكة التي تلقي الضوء على بعض التناقضات الاجتماعية والأخلاقية في المجتمع.لكن ما سبب تسمية العمل ب«شتاء ساخن»؟

السبب هو أن جميع أحداثه تجري في فصل الشتاء، ونحن نعتمد الظروق الجوية كعامل أساسي له دوره الدرامي، كما أن العمل ساخن بأحداثه وصراعاته، والكثير من قصصه التي تطرح مجموعة تابوهات نخجل من التطرق إليها في حياتنا اليومية، على الرغم من أنها موجودة في مجتمعنا.

·         في رأيك لماذا يشهد هذا العام وجود عدد كبير من الأعمال السورية، التي تتحدث عن المناطق العشوائية؟

أعتقد أن التوجه لمشكلات المواطن عامة «المناطق العشوائية وغيرها» في حياته اليومية يشكل وعياً متنامياً لدى الكتاب والعاملين في الدراما لما يحدث في بلداننا العربية وبلدان العالم الثالث. كما أنه من الجميل أن تتناول أعمالنا الأحياء العشوائية التي كنا نتجاهلها، ونعتبر أنها على الهامش، ولكنها حقيقة تضم عدداً كبيراً من الناس، ولهم همومهم وأحوالهم ونكباتهم، إضافة إلى ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية والمعيشية السيئة جداً.

·         ما رأيك بوجود مخرجين سوريين في الدراما الخليجية؟

هذا أمر جيد، وحقيقة لدي الآن أكثر من عرض من بعض الدول الخليجية، ولكن أنا أفكر عشر مرات قبل أن أخوض هذه التجربة، والسبب أنه عُرض علي قبل فترة عمل كوميدي يُفترض أنه صُنع لدعم ذوي الاحتياجات الخاصة.

ولكن بعد قراءة أول حلقة أدركت كم سأسيء إلى ذوي الاحتياجات الخاصة حين أقوم بإخراج هذا العمل الذي يؤدي دور البطولة فيه شخص أعمى والآخر أصم، فتخيل حجم المهزلة التي كنت سأقدمها عن ذوي الاحتياجات الخاصة، بدل أن أقدم عملا لهم، أضف إلى ذلك أني لست ميالا لأقرأ اسمي على محتوى سيئ، بغض النظر عن الإغراءات المادية.

·         لكن البعض يقول إن الدراما الخليجية نجحت بفضل عدد من المخرجين السوريين، ما رأيك في ذلك؟

أبداً، الدراما الخليجية حققت نجاحات كثيرة في السنوات الأخيرة وتطورت تطوراً ملحوظاً، مع المخرجين السوريين أو من دونهم، وهناك في الخليج بعض الأسماء اللامعة على صعيد الإخراج مثل أحمد المقلة الذي يعد من أهم المخرجين الخليجيين، اضف إلى ذلك أن المخرجين السوريين إغراؤهم الأول هو إغراء مادي، كما أن اسم مخرج سوري غير كافٍ لإنجاح عمل خليجي، دون وجود بعض النجوم السوريين الذي يسوّقون بأسمائهم للعمل.

أثار منع عدد من الأعمال التاريخية في الآونة الأخيرة جدلاً كبيراً، والبعض برر ذلك بتناولها لشخصيات تاريخية إشكالية، فيما أكد البعض الآخر ضرورة تناول هذه الشخصيات لإلقاء الضوء عليها وتوضيح اللغط المثار حولها، ما رأيك في ذلك؟

أعتقد أن الأعمال التاريخية التي مُنعت تأخّر منعها، لأنها كان يجب أن تُمنع في ذهن الكاتب قبل أن تُقدم للتنفيذ، لأنها أعمال لا تحتاج إلى كثير من الذكاء أو بعد النظر لنرى أنها أعمال ستستفزّ المواطن وتزيد من النّعرات الطائفية عند الناس، ونحن في منطقة مهددة ومدفوعة دائماً للتوجه باتجاه النعرات الطائفية وإثارتها بأشكال مختلفة.

وأعتقد أننا حين ندرس من هي الجهة التي تنفذ هذه الأعمال أو التي ترغب في تنفيذها لأدركنا أن ثمة شيئا غير نظيف، لأني أعتقد أنه يجب أن يسبق العمل الدرامي نقاش مطوّل وواعٍ تحتضنه مؤسسات كبيرة ذات سمعة طيبة، لا أن يأتي مغامر ليقدم عمل ما، وإن كان كتب بصيغة درامية جيدة، ولكن تداعياته لن تكون جيدة.

·         هل تسعى إلى تأسيس شركة إنتاج فني؟ وفي رأيك لماذا يميل العاملون في الحقل الفني لذلك؟

لقد أسست قبل فترة وجيزة شركة إنتاج بالتعاون مع الفنان جلال شموط، وستكون الأعمال التي ننتجها منتقاة بعناية، وبالنسبة للشق الثاني من السؤال الفنان هو وجه ثقافي وإعلامي كبير، فهو معروف أينما حل، وقد يصادف الأمر أنه يجلس في مقهى، فيأتي إليه رجل ويقول أنا عندي رأس مال كبير وصاحب مجموعة من الشركات لنقوم معا بتأسيس شركة إنتاج فني، فيقول الممثل: لم لا؟

ولكن أعتقد أن الأهم من ذلك ألا يقوم الممثل ذاته بتأسيس شركة، لأنه في كثير من الأحيان سيحاول أن تتمحور شخصية العمل الرئيسية حوله، لذلك أعتقد أن شركة الإنتاج ضمن تقاليد عمل معينة هي أمر إيجابي، وأنا أدعو الممثلين والمخرجين الراغبين بتأسيس شركات أن يكونوا جزءا من عملية إنتاجية أكبر لا أن يدور العمل حولهم.

·     ثمة مصطلح يثار الآن في أروقة الدراما السورية، هو «توريث الفن» الذي يعتبره البعض مبرراً لعدم وجود معاهد متخصصة بتخريج ممثلين، والآخرون يفرضونه على أساس أن الفن لا يورث، ما رأيك بذلك؟

بداية، لا أعتقد أن هناك أحداً يمكن أن يرث إبداعا، لكن يمكن أن يرث اجتهادا ويمكن أن يرث قيما وأخلاقا، أنا أتيت من عائلة فنية، والدي مخرج؛ أول مخرج سينمائي سوري، وهو من أسس المؤسسة العامة للسينما، ورثت عنه حب الفن السينمائي، ولكن الإبداع هو شيء شخصي بحت.

البيان الإماراتية في

01/09/2009