تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

"أنيماشن" ياباني برسالة إنسانية تخلو من الأشرار

"بونيو" فيلم ينقل الحب من البحر إلى البشر

محمد رُضا

أول ما يلحظه المرء حين يشاهد الفيلم الجديد للمخرج هاياو مياكازي هو أن كل شيء نابع من الفيلم يبدو معنياً بتفاصيله ودقائقه على نحو واقعي رغم أن القصّة خيالية تماماً.

الفيلم هو “بوينو” وهو رسوم متحركة جديد يضيفه المخرج المذكور إلى قائمة أعماله السابقة في هذا المجال وهي “الأميرة مونونوكي” و”مفعم بالحيوية” و”حصن هاول المتحرك”. ومع أن “بوينو” ليس تماماً من نفس مستوى تلك الأفلام، وذلك راجع إلى طبيعة القصّة التي تأخذ على عاتقها أفكاراً وأبعاداً أقل عدداً وطموحاً من المرّات السابقة، إلا أنه لا يزال ثرياً بالخيال وأفضل من العديد من الأفلام الأمريكية في مجال سينما الأنيماشن، أو ما نعرفه بالرسوم المتحركة.

إنه عالم البحر من ناحية وعالم البر من ناحية أخرى. بداية الفيلم من نحو سبع دقائق صامتة نشاهد فيها ألوان الحياة في الماء وأنواع الحيوانات قبل أن يطالعنا رجل إسمه فوجيموتو (صوت ليام نيسون في النسخة الإنجليزية) مسؤول عن رعيّة كبيرة من الأسماك وعلى قدرات سحرية مختلفة. إبنته سمكة من النوع المعروف بالسمك الهلامي (أو “قنديل البحر”) تصبو لأن تتحوّل إلى آدمية. لكن والدها يحظر عليها ذلك رغم أن أمّها، كما يكشف الفيلم لاحقاً، هي كذلك. السبب هو أنه إذا ما أخفقت السمكة الصغيرة في اكتساب صفات الإنسان، اقترب القمر من سطح الأرض فارتفعت الأمواج وشهد الإنسان أعاصير تسونامي تغطّي الأرض. فوجيموتو مقدّم في مطلع الفيلم كما لو كان أباً جائراً لا يتمنّى الخير لأحد، لكنه في الواقع وكما ندرك في النهاية هو ليس كذلك.

في سعيها للتحوّل إلى بشر، تسبح السمكة قرب الشاطئ وسريعاً ما تجد نفسها وقد دخلت في زجاجة لا تستطيع الخروج منها. هنا يلتقطها الصبي سوسوكي وينقذها من الاختناق ويضعها في الماء. هو يعيش مع والدته في بيت فوق تل صغير يشرف على البحر وأمه ممرضة تعنى بشؤون النساء العجائز في مركز صحّي ووالده هو الكابتن الذي لن نراه يحط على اليابسة ولو أنه لن يبتعد كثيراً عن مكان الأحداث.

سوسوكي يتعلّق بالسمكة ويمنحها اسم بونيو وهي تتحوّل فعلاً، وبعد أحداث، إلى فتاة صغيرة تحظى بثقة الأم وبحب الصبي. هذا الحب الذي هو الضمانة الوحيدة لإنقاذ العالم من خلل في موازينه الطبيعية.

الفكرة الأساسية

لا يختلف “بونيو” عن أفلام المخرج مياكازي أيضاً في درجة عنايته بالتفاصيل. إذا ما كانت هناك سمكة صغيرة فإن أحداً لا ينسى ظلالها. وإذا ما ابتعدت السيّارة وسط الأشجار ليلاً، فإن أضواء المصابيح الأمامية ستظهر من بعيد متسلّقة الأشجار ثم مختفية لتعاود الظهور أبعد في كل مرّة، كما في الواقع. كل هذا وسواه يمنح الصورة وضعاً طبيعياً وواقعياً لا يتناقض مطلقاً مع خيالية الموضوع أو المشهد. هذا هو نقيض مغامرات “الأنيماشن” الهوليوودي تماماً. ففي أفلام المؤسسة الأكثر شهرة في هذا المجال، يخشى الفنانون الواقعية على أساس أن الفيلم عليه أن يكون فانتازياً تماماً. وكل شيء، تحت سقف الفانتازية، عليه أن يكون مغالى في تكوينه حتى يمنح هذه الفانتازيا الخيال الذي تحتاجه.

في “الأنيماشن” الياباني عموماً، وعند المخرج مياكازي تحديداً، فإن الخيال ليس في أن الشخصية تطير بلا أجنحة، أو أن الجرذ يرقص التانغو أو أن الدب يرفض أكل اللحم لأنه يريد أن يبقى صديقاً للأطفال، وخصوصاً الأطفال من المشاهدين، بل في التوسّع في الأفكار الإنسانية المطروحة هنا، وفي هذا الفيلم فإن الفكرة الأساسية هي نشر الحب ونبذ الفرقة واحترام الإختلافات بين الناس.

مرتان نسمع في الحوار عبارة “لا تحكم على الآخر من منظره”، كما لو أن الرسالة موجّهة إلى جمهور اليوم متجاوزة الخطابات الإنشائية في المجال ذاته. عبارتان لا ريب تبقيان في بال المشاهد الصغير، ولو أن الكبار يستطيعون الإستفادة منها أيضاً.

والفيلم يطبّق المبدأ على نفسه. يرفض تقسيم الشخصيات إلى خيّرة وشريرة. والمعجزة أن الصراع الدرامي لا يتأثّر مطلقاً. فأم الصبي إمرأة قوية، والنساء العجائز طيّبات، وتلك ذات القدرة على التذمّر الدائم من كل شيء تكشف عن وجهها الطيّب، والأب بالطبع ليس شريراً على الإطلاق. لا أحد شرير، لكن هذا لا يمنع من أن الفيلم في معظمه مثير وإثارته نابعة من حكايته وطبيعته كما من فن رسوماته.

 

ماذا يفعل المخرجون الإيرانيون هذه الأيام؟

رغم أن مخرجة فيلم “نساء بلا رجال” إيرانية إلا أن السينما الإيرانية لا وجود لها في البرنامج الرئيسي لمهرجان “فنيسيا” المقبل الذي يمتد من الثاني وحتى الثاني عشر من الشهر المقبل. ذلك لأن مخرجة هذا الفيلم الذي يتحدّث عن مجتمع منزو بعيداً عن الرجال في تقاليده وخصوصيّاته، واسمها شيرين نزهت، لا تعيش في إيران (بل في نيويورك) وفيلمها ليس إيرانياً (بل ألماني).

ومن دون معرفة ما يدور عنه تحديداً، فإنه من الصعب معرفة إلى أي حد سيعبّر هذا الفيلم الأول لمخرجته عن الوضع الإيراني  هذا إذا ما كان مقصوداً بذاته كما هو الاعتقاد للآن  وما إذا كان سيأخذ موضوعاً خاصّاً بشخصياته لكي يرمي منه إلى نقد مجتمع كامل أو لا.

في الوقت ذاته، لن يكون غريباً إذا ما قصد هذا الفيلم الحديث عن الوضع الإيراني رمزاً أو على نحو مباشر. معظم المخرجين الإيرانيين العاملين في الخارج يعمدون إلى ذلك من باب المطالبة بالتغيير. وكلنا نذكر فيلم مرجان ساترابي الكرتوني “برسيبوليس” الذي انتقدت فيه النظام الإسلامي المطبّق في إيران منذ الثورة الإسلامية، ووجدته خيبة أمل كبيرة لمن تنفّس الصعداء لرحيل نظام الشاه معتقداً أن إيران أنما ستخطو خطوات حثيثة تجاه الحرية الشخصية والاستقلالية الفردية. ونسبة للأحداث الأخيرة، فإن عدد السينمائيين الإيرانيين الذين قرروا العمل في الغرب ازداد بعض الشيء ويحتوي اليوم على مخرجين من أشهر العلامات الفارقة بالنسبة للسينما الإيرانية، وهما عبّاس كياروستامي ومحسن مخملباف.

الأول ينجز الآن مراحل أخيرة لفيلمه الجديد “النسخة المصدّقة” مع وليام شيمل وجولييت بينوش، قصّة مؤلف بريطاني يلقي محاضرة حول الفرق بين اللوحات الفنية الأصلية وتلك المزوّرة، وخلال المؤتمر يتعرّف على صاحبة غاليري ويتفق معها على رحلة إلى مقاطعة توسكاني الإيطالية لمعاينة بعض اللوحات المشكوك في أمرها.

يريد كياروستامي إبقاء الفيلم طي الكتمان إلى موعد إطلاقه في الدورة المقبلة لمهرجان “كان”، لكنه في الوقت ذاته يخطط لحياة طويلة الأمد في فرنسا خصوصاً وأنه مرحّب به هناك على أساس أنه فنان ومثقّف يبحث عن حريّة التعبير التي لا يجدها داخل بلاده.

كذلك الحال بالنسبة لمحسن مخملباف الذي غادر إيران قبيل اشتعال الجبهة الداخلية بمشاكل الانتخابات الأخيرة وأطلق من هناك تصريحات ستجعل من المستحيل عليه العودة إلى بلاده في المستقبل القريب.

المشكلة في هذا الموقف هو أنه أعلن في بعض أجهزة الإعلام الغربي وعلى شاشة محطة “العربية” عن قناعته بأن إيران تريد الحرب عاكساً موقفاً شخصياً معارضاً لها. وبذلك أدان الإيرانيين وبرّأ “الإسرائيليين” من الرغبة ذاتها على طريقة من ينادي بالسلام مع العدو على أساس من المساواة، في حين أن ذلك العدو لا يسمح لنفسه بالدعوة ذاتها إلا على أساس سيادته هو على الآخر.

مخرج آخر اختار الإنتقال إلى الغرب هو بهمان غوبادي الذي تدخل مطالباً إخلاء سبيل الصحافية الأمريكية (ذات الأصل الإيراني)، ومن ثم قرر أن يبقى في الغرب إسوة بزميليه. غوبادي مخرج موهوب، بل سينمائياً يحقق نتائج فنية أفضل من كياروستامي ومخملباف. كذلك الحال بالنسبة لجعفر باناهي صاحب “لون الجنّة” و”أطفال الجنّة” والذي لا يزال يعيش ويعمل في إيران لكنه سيحضر مهرجان “مونتريال” المقبل، كرئيس لجنة التحكيم.

 

أوراق ناقد

رمضان كريم

رمضان كريم وكل عام والقراء بخير. إنه شهر نقبل عليه بفرح ونغادره بفرح أيضاً، وهو مختلف عن باقي الأشهر في أوجهه جميعاً، شهر خير من ألف شهر كما يخبرنا الله تعالى في كتابه العزيز.

هذا الشهر، تقول لنا الأخبار، لن نشاهد العديدين من الممثلين والممثلات الذين شاهدناهم في السنوات السابقة من خلال مسلسلات وبرامج رمضانية  وأنا لا أعرف إذا كان الخبر المنشور يقصد أن يثير الفرح أو الحزن. لكن يبدو أن فيفي عبده التي مثّلت في الأعوام السابقة مسلسلات من نوع “سوق الخضار” و”طائر الحب” لن تظهر هذه السنة.

وتغيب أيضاً نادية الجندي “على الرغم من تألّقها قبل عامين”، كما يقول الخبر في مسلسل “من أطلق الرصاص على هند علام”.

وتغيب أيضاً سميرة أحمد هذا العام وإن كانت تعد بالعودة في العام المقبل.

وهناك غائبون آخرون لكني لا أعتقد أن الجمهور سيكترث لغيابهم. لقد عوّدته هذه المسلسلات الرمضانية بقبول ما يتم توريده له، وهو اختار، من ناحيته، أن يقبل. يفطر، يصلّي ثم يجلس قبالة الشاشة ليلتهم منها حكايات ومواقف في أطر مختلفة: دراما على كوميديا على تاريخ، قبل أن يحضّر نفسه لصوم يوم آخر، ثم إفطار آخر ومتابعة هذا المسلسل أو ذاك.

الصورة، كما هي موصوفة أعلاه، تبدو مثالية. من يستطيع أن يقول عنها أنها ليست كذلك؟

إذا أخذنا بعين الاعتبار أن المسألة هي استغلال من قبل شركات الإنتاج لشهر رمضان لبيع منتجات ترفيهية، واستغلال هذه المنتجات من قِبل محطّات التلفزيون لبيع مساحاتها الإعلانية للمعلنين، واستغلال شركات الإعلان هذه المنتجات وتلك المحطّات لقاء حصصها من زبائنها ومن الشركات الأكبر التي عقدت معها صفقات بعشرات ملايين الدولارات، فإن رمضان بالنسبة إلى كل هؤلاء شهر ضروري لا للصوم والعبادة والعمل الخيري، بل لجمع الثروات والخروج منه ببطون منفوخة.

التجارة ليست حراماً، لكن حين تسود المنفعة المادية على سواها فهي قريبة بلا شك من الإثم. وحين يتم لكل هذه الجهات التغاضي عن انتاج برامج تحمل الثقافة والعلم والفائدة للناس جميعاً (في رمضان كما في غيره من أشهر السنة) فإنها أقرب أكثر من الإثم. إنها جريمة لأن الإنسان مطالب بأن يتّقن ما يقوم به من عمل، لكن هذا الإتقان ليس الإتقان التقني والإنتاجي وحدهما، وليس إتقان شهوة المال، بل إتقان الرغبة في نفع الإنسان للإنسان عن طريق المعرفة والعلم والثقافة وكل ما يبدو محرّماً تلفزيونياً في هذا الشهر الفضيل وباقي أشهر السنة.

م.ر

merci4404@earthlink.net

http://shadowsandphantoms.blogspot.com

الخليج الإماراتية في

23/08/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)