حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

                          دراما رمضان التلفزيونية لعام 2012

أيقونة التمرد.. تحية كاريوكا

بقلم: ماهر زهدي

الحلقة ( 24 )

المعلمة

حرص الضابط مصطفى كمال صدقي على ألا تشوب علاقته بتحية كاريوكا شائبة أمام الجميع، وكي لا يأخذ أحد الموضوع على محمل السوء، سارع بطلب تحية للزواج، فوافقت. في طريق العودة، وبينما توقف قطار الرحمة في محطة «أسيوط» وقف الفنان سليمان نجيب يزف الخبر إلى زملائه: «قررت الثورة الزواج بالفن أو مصطفى كمال صدقي وتحية كاريوكا».

وسط فرحة الجميع وهتافاتهم وقف كل من تحية كاريوكا ومصطفى كامل يردان على تهنئة الزملاء والزميلات… وقررا إتمام إجراءات الزواج فور العودة إلى القاهرة.

لم يمض يومان على عودتهما من رحلة قطار الرحمة إلا وأعلنا خبر زواجهما، مع اشتراط تحية الوحيد، وهو العيش معها في شقتها في شارع «أبو الفدا» في الزمالك، ذلك الشرط الذي سبق إتمام زواجها من كل أزواجها السابقين، فقد عاشوا جميعاً معها في شقتها ولم تنتقل يوماً إلى شقة أحدهم، وعندما كان يتم الطلاق، كان كل منهم يأخذ حقيبة ملابسه ويترك المنزل.

سعدت تحية بزواجها من مصطفى كمال صدقي، وإن لم يكن مبنياً على الحب، بل كان قوامه الاحترام المتبادل وتقارب الأفكار والأهداف، خصوصاً أنهما ينتميان معاً إلى حركة «حدتو» اليسارية، لدرجة أن تحية لم تمانع للمرة الأولى أن تتم اجتماعات الحركة في بيتها، بعد أن كانت تتم بشكل سري في بيت أحدهم.

عادت تحية من رحلتها في قطار الرحمة، لتبدأ رحلتها في الأستوديوهات لتصوير ما تأخر من أعمال تعاقدت عليها، فاستطاعت أن تصور في أقل من ثلاثة أشهر «أنا ذنبي إيه» للمخرج إبراهيم عمارة مع محسن سرحان وليلى فوزي وفريد شوقي، و»ابن للإيجار» لصديقها الحميم المخرج حلمي رفلة إلى جانب محمد وليلى فوزي. كذلك خاضت للمرة الأولى تجربة الأفلام الدينية الناطقة بالفصحى، فقدمت مع الفنان عباس فارس فيلم «السيد البدوي» عن شيخ العرب السيد أحمد البدوي، الذي كان سبباً في أن يطلق عليها والدها اسم «بدوية» بعدما جاءه في رؤيا في المنام.

قبل أن ينتهي عام 1953، تعاقدت تحية على فيلمين آخرين: «حميدو» مع فريد شوقي وزوجته الفنانة هدى سلطان ومعهم محمود المليجي، ومن إخراج نيازي مصطفى، ثم فيلم «المرأة كل شيء» مع محسن سرحان وليلى فوزي وفريد شوقي، من إخراج حلمي رفلة، وما إن انتهت من تصوير الأخير حتى كان عليها أن تواجه كارثة جديدة.

مهرجان بوخارست

لم تكن الثورة قد أكملت عامها الثاني بعد، وقد فتحت تحية كاريوكا بيتها لاجتماعات الحركة الديمقراطية للتحرر الوطني، بل وراحت تتكفل بالإنفاق على هذه الاجتماعات من مالها الخاص، من طعام للمجتمعين، وشراء أوراق وطباعة منشورات تطالب مجلس قيادة الثورة بالديمقراطية، خصوصاً بعد قرار مجلس قيادة الثورة حل جميع الأحزاب السياسية الموجودة.

في 25 فبراير 1954، استقال اللواء محمد نجيب بعدما اتسعت الخلافات بينه وبين أعضاء مجلس قيادة الثورة، وعين جمال عبد الناصر رئيساً لمجلس قيادة الثورة ورئيساً لمجلس الوزراء.

حدث ذلك في الوقت الذي سافرت فيه تحية كاريوكا، بتشجيع من زوجها الضابط مصطفى كمال صدقي، إلى بوخارست في رومانيا لحضور المؤتمر العالمي للشباب، الذي شاركت فيه ضمن كثير من الفرق المصرية والفنانين المصريين، ورقصت وأبهرت العالم، فضلاً عن تعرفها إلى مفاهيم جديدة كثيرة قلبت موازينها النفسية، لدرجة أنها عادت وهي أكثر إصراراً على تحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، فراحت تطالب، مع بعض السياسيين والشخصيات العامة بتحقيق الديمقراطية في ظل النظام الثوري الجديد، نتيجة لقرار الثورة بحل الأحزاب السياسية، فإن رجال الثورة وأنصارهم كانوا يرون أن ذلك القرار (حل الأحزاب السياسية) هو أكثر قرارات الثورة حكمة ومعقولية، خصوصاً أن غالبية تلك الأحزاب كانت عميلة للإنكليز والملك. وحين جاءت فكرة تطهير الأحزاب تكشَّف كثير من الأمور التي كانت خافية… وظهرت فضائح ومثالب زعماء الأحزاب وقادتها، والذين أظهروا ذلك هم الزعماء والقادة أنفسهم، فقد كانوا يجيئون إلى جمال عبد الناصر ورجال الثورة من وراء ظهور زملائهم ليدسوا لهم ويكتشفوا ما كان مستوراً من أسرارهم، ولم يحجم واحد من زعماء الأحزاب عن فعل ذلك. كان سراج الدين يدس على النحاس عند قادة الثورة ليتمكن من إزاحته مفسحاً الطريق لنفسه لقيادة حزب «الوفد» من بعده، لكن حين ظهرت الأحزاب على حقيقتها من فساد وانحلال قرر قائد الثورة جمال عبد الناصر حلَّ جميع الأحزاب السياسية بعدما قدمت بنفسها دليل إدانتها بتهمة الفساد والانحلال، فليس من المعقول أن تحارب الثورة الفساد بأحزاب فاسدة. كذلك من غير المعقول أن تحارب الإنكليز بأحزاب عميلة لهم، أو للملك فاروق الذي كان يقف وراء أكثرها ليشغلها جميعاً بالحرب بين بعضها البعض عما يقوم به هو ورجال حاشيته.

وصل الحديث عن الديمقراطية إلى صفوف الجيش الذي ينتمي إليه الضابط مصطفى كمال صدقي زوج تحية كاريوكا، فثار ضباط سلاح الفرسان والمدرعات مطالبين بعودة محمد نجيب إلى الحكم، وهو الذي كان قد تقدم باستقالته بسبب الخلافات داخل مجلس قيادة الثورة، وطالب ضباط الفرسان بأن يكون خالد محيي الدين رئيساً للوزراء.

وبينما كان ذلك يحدث في سلاح الفرسان، ثار ضباط سلاح المدفعية مطالبين، باسم الديمقراطية، بانتخاب المندوب الذي يمثل سلاحهم في قيادة الثورة وإلا فلن تكون الثورة ديمقراطية.

رفض جمال عبد الناصر تنفيذ تلك الشروط بدعوى أن الانتخابات لا تكون إلا في القطاعات المدنية، أما أن تجرى انتخابات في الجيش فهذا لم يحدث في جيوش أكثر دول العالم ديمقراطية، فالجيش هو القطاع الوحيد الذي يملك السلاح… ويخشى أن تتحول المعارك الانتخابية فيه إلى معارك عسكرية، وتمتد النيران منه إلى بقية قطاعات المجتمع الأخرى فتكون الحرب الأهلية.

كاريوكا في السجن

كانت نتيجة رفض عبد الناصر لمثل هذه الأفكار الشاذة والغريبة أن اتهمه الضباط بالديكتاتورية والانفراد بالسلطة دونهم جميعاً، وكان الضابط مصطفى كمال صدقي زوج تحية كاريوكا من أنصار هذا الرأي. فأصدر المنشورات التي تتحدث عن غياب الديمقراطية وديكتاتورية قادة الثورة، فراح يهاجمهم بضراوة وطبع هذه الأفكار في منشورات استعدادا لتوزيعها، وحملها معه إلى بيت تحية لإخفائها في وقت كانت تستقبل العروسين الجديدين صلاح حافظ وهدى زكي على العشاء، وأصرت أن يمضيا ليلتهما في بيتها، غير أن هدى زكي رفضت:

= معلش يا توحة لأن ماما هاتيجي بكره من بدري ولازم أكون في البيت… من ساعة ما عرفت إني حامل وهي عايزة تيجي تقعد معايا لحد معاد الولادة.

* يا ست أبقوا أمشوا بدري الساعة دلوقت اتناشر… ما تتكلم يا صلاح.

- خلينا نمشي علشان أنتو كمان ترتاحوا شوية ونبقى نيجي بكره… لأن مصطفى باين عليه تعبان أوي.

ـ يا سيدي اقعد وأنا أسهر معاكم للصبح أنا مش جايلي نوم.

- لا يا عم إحنا هانمشي وأنتو خشو ناموا شكلكم تعبان. يلا تصبحوا على خير.

لم يمر أكثر من ساعة على مغادرة صلاح حافظ وزوجته هدى زكي بيت تحية كاريوكا حتى داهمت الشرطة شقتها، وراحت تبحث عما يخفيه صدقي من أوراق، حيث ضُبِطت كمية كبيرة من المنشورات المناهضة للثورة في حجرة نوم تحية، فألقي القبض عليهما، تحية ومصطفي.

لم تفهم تحية كاريوكا لماذا تم القبض عليهما؟ وإذا كان هناك موقف من الثورة تجاه زوجها باعتباره أحد ضباط الجيش، فما ذنبها هي؟ ولماذا يأخذونها بذنبه؟

بدأت التحقيقات مع مصطفى كمال صدقي منفرداً، ولم ينكر موقفه المناهض للثورة، ووجود بعض المفاهيم الخاطئة التي يسعى إلى تصحيحها، كذلك أكد أن زوجته لم تكن على علم بذلك، وأنها لم تكن طرفاً في الخلاف الدائر بينه وبين قيادة الثورة… لكن لأن المنشورات المناهضة للثورة وُجدت في بيتها كان من الضروري سؤالها عن مصدر تلك المنشورات ومن الذي جاء بها إلى بيتها؟

* ماعرفش… وعمري ما شفتها قبل كدا.

= بس المنشورات دي كانت في شقتك وفي دولاب أوضة نومك.

* أنتو بتقولوا كدا… لكن أنا ما عرفهاش.

= ما تعرفيش أنها بتاعة جوزك الضابط مصطفى كمال صدقي.

* لا ما عرفش.

= ما تعرفيش أنه كاتب كلام مناهض للثورة والضباط الأحرار.

* إزاي يكتب منشورات ضدهم وهو واحد منهم؟

= مين قالك إنه واحد منهم؟

* دا اللي أنا فهمته من كلامه لما اتعرفت عليه في «قطار الرحمة» اللي شاركت فيه زي كل الفنانين الوطنيين.

= وأنت موقفك إيه من الثورة وقادتها؟

* ثورة يوليو دي أعظم حاجة حصلت لمصر لحد دلوقت… ومجلس قيادة الثورة ضباط أحرار خلصوا مصر من نظام فاسد. أنا مش ضد الرئيس جمال عبد الناصر أو ضد الثورة، ولكن أنا ضد الخروج على الأهداف التي قامت من أجلها الثورة… وأولها الديمقراطية.

= يعني أنت ما شفتيش المنشورات دي في بيتك؟

* لو كنت شفتها كنت بلغت عنها بنفسي لأني ما أقبلش كلام زي دا على الثورة.

= عندك أقوال تانية عايزة تقوليها؟

* أيوا… عايزة أعرف أنا هنا ليه؟ وأنتو قابضين عليا ليه؟

تم إيداع تحية كاريوكا سجن مصر رهن التحقيقات، في حين تم تحويل مصطفى كمال صدقي إلى محكمة الجنايات بتهمة حيازة منشورات مناهضة للثورة والتآمر لقلب نظام الحكم، ولم تمر ثلاثة أيام وتم القبض على الكاتب الصحافي صلاح حافظ بالاتهام نفسه.

الاسم الحركي… عباس

في سجن مصر اتخذت تحية كاريوكا، كما العادة، لنفسها اسماً «حركياً» داخل السجن فأصبح اسمها «عباس»، ولم يستطع السجن أن يكسرها أو يحني هامتها، بل ظلت في السجن كما هي خارجه، تقود تظاهرة من السجينات تطالب إدارة السجن بحقوق بعض المسجونات وتخفيف الخدمة الشاقة ضد بعضهن الآخر، كذلك تقود مشروعاً لمحو أمية بعض السجينات كنوع من تمضية وقت الفراغ القاتل داخل السجن، فقد أحالت عنبر المسجونات في سجن الاستئناف في باب الخلق إلى دنيا تعج بالحياة، تعمل على تسليتهن ومساعدتهن على النظافة. وباعتبارها مسجونة احتياطياً رهن بالتحقيقات، سمحت لها إدارة السجن بامتياز جلب الطعام من الخارج، فكانت ترسل إليها والدتها وشقيقتها فاطمة أفخر أنواع الطعام، وتصر تحية أن تشاركها المسجونات طعامها، لذا حرصت جميعهن على خدمتها والتفاني في القيام بكل ما يلزمها، غير أنها رفضت أن يقمن نيابة عنها بأمور النظافة والواجبات المنزلية، حتى شاءت الظروف أن تضع إحدى المسجونات مولودها داخل العنبر، فقامت تحية بالمشاركة مع بعض المسجونات الأخريات في عملية الولادة، بل أصرت على الاحتفال بـ «سبوع» المولود، وطلبت من خادمتها سيدة أن تحضر لها في الزيارة المقبلة الشموع والمكسرات والحلوى، وأقامت للمولود احتفالاً كبيراً غنت فيه ورقصت، وتساهلت إدارة السجن إزاء هذا الملمح الإنساني من الفنانة الرقيقة تحية كاريوكا.

كانت نافذة الزنزانة حيث سُجنت تحية كاريوكا تطل على الشارع العام، وكان أصدقاؤها وخادمتها يقفون في الشارع أمام النافذة وينادون باسم «عباس»، فتطل تحية، في غير أوقات الزيارة، لتحدثهم في شؤونها وتطلب منهم بعض الطلبات الخاصة، وهم كانوا يطمئنونها على أخبار من هم في الخارج، وتحديدا والدتها وأخوتها.

ثمن الزيارة

ذات يوم ذهبت خادمتها مع المخرج حلمي رفلة، الذي كان قد انتهى من مونتاج آخر أفلامهما معاً «عاشق الروح» وكان بصحبته الطبال الخاص بها «سيد كراوية» فألقي ضباط السجن القبض عليهم وهم يقفون في الشارع المواجه لنافذة زنزانتها ويتحدثون إليها… وكانت التهمة: الاتصال بإحدى السجينات من دون تصريح من إدارة السجن، وتم حجز المخرج حلمي رفلة والطبال سيد كراوية، والخادمة سيدة، لمدة 24 ساعة، وعند تقديمهم للمحكمة حكمت على كل منهم بغرامة قدرها جنيه.

في اليوم التالي نشرت الصحف الخبر: «المحكمة تبرئ حلمي رفلة من تهمة محاولة تهريب الفنانة تحية كاريوكا من سجن الاستئناف».

قرأ جمال عبد الناصر الخبر في الصحف، فسأل عن سبب احتجاز تحية كاريوكا وتهمتها، وعندما علم بأمر ما هو منسوب إليها، أمر بالإفراج عنها فوراً، وخرجت بعد ثلاثة أشهر أمضتها في سجن الاستئناف.

خرجت تحية كاريوكا من السجن مبرأة من تهمة التآمر لقلب نظام الحكم… بعد ثلاثة أشهر أمضتها وسط السجينات بأحكام مختلفة وتهم متباينة. وعلى رغم تماسك تحية وإصرارها على العيش بكرامة وعدم انكسار حتى داخل السجن، إلا أن التجربة كانت قاسية وشاقة على نفسها.

لم يمر على خروجها أسبوع حتى وصلتها قسيمة طلاقها من مصطفى كمال صدقي، خصوصاً بعدما ساءت حالته الصحية وتم إيداعه مستشفى السجن، فلم تتردد تحية في زيارته، غير أنه رفض استقبالها، على رغم تكرار الزيارة له مراراً، حتى فقدت الأمل في مقابلته ولم يخرجها من محنتها سوى زيارتها صديقتها الفنانة هدى زكي، بعدما علمت بوضع مولودها:

* حمد لله على السلامة يا هدى… ألف مبروك.

= شفتي «تحية» زي القمر إزاي.

* أنت سمتيها تحية؟

= صلاح طلب مني إني اسميها تحية على اسمك لأنك بالنسبة لنا شيء مهم أوي.

* صلاح بيحبك أوي يا هدى… أوعي تتخلي عنه.

على رغم المرارة التي كانت تشعر بها تحية في حلقها، إلا أنها حاولت أن تشيع البهجة في كل من حولها، حتى وجه لها الدهر ضربة قاسية، شعرت معها بالقسوة الحقيقية والانكسار الشديد عندما جاءها خبر رحيل الأب والمعلم والصديق والحبيب الفنان الجميل سليمان نجيب في 18 يناير 1955، رحل من دون أن تودعه الوداع الأخير، رحل لتشعر بعده باليتم الحقيقي للمرة الأولى، فقد كان الفقيد كل شيء بالنسبة إليها، كان الظهر الذي تستند إليه، والأمان الذي تشعر به ويمدها بالقوة، من خلال حكمته وخبرته، وروحه المرحة.

العمل النقابي

على رغم حزن تحية الشديد، إلا أنها لم تنتظر وقتاً طويلاً حتى تعود إلى نفسها وجمهورها، وسرعان ما عادت إلى أستوديوهات السينما لتقدم فيلم «أهل الهوى» أمام محمود المليجي وشكري سرحان، تأليف السيد زيادة وإخراجه.

قررت تحية أن تتوقف قليلاً أمام مشوارها الفني وحياتها كإنسانة، وسألت نفسها سؤالاً مهماً: ما جدوى الذي أقدمه كفنانة وإنسانة؟ لا بد من أن يكون لي دور، ليس على الشاشة من خلال الأفلام فحسب، لكن لا بد من وجود دور فاعل ومؤثر لأجل نهضة الفن والفنانين… دور مباشر ينعكس أثره بشكل إيجابي وسريع.

وجدت تحية ضالتها عندما علمت أن نقابة الفنانين دعت إلى اجتماع عام للجمعية العمومية، لاختيار نقيب فنانين ومجلس نقابة. فكرت طويلاً في خوض الانتخابات على مقعد لمجلس النقابة، غير أنها فوجئت بزملائها يطلبون منها الترشح لمنصب النقيب فرفضت، خصوصاً أن من ترشح أمامها الفنان الكبير والقدير أحمد علام، فقررت التراجع، لكنهم أصروا.

وقعت تحية في حيرة، هل تقبل وترشح نفسها؟ أم تترك هذا الطريق لمن هم أهل له؟ ولكنها بالفعل أهل له وبشهادة الزملاء.

هنا شعرت تحية بغياب الأب والمعلم والصديق سليمان نجيب، فمن المؤكد أنه كان سيساعدها على اتخاذ القرار بما له من رؤية ثاقبة وخبرة نادرة، وبينما جلست في استراحة «أستوديو مصر» تفكر في الأمر، دخل الفنان محمود المليجي وظل واقفاً أمامها لدقائق وهي لا تشعر به، ثم ابتسم وفاجأها بقوله:

= ما تحتاريش… رشحي نفسك يا تحية.

* أستاذ مليجي. تعالى اتفضل… أنت قلت حاجة؟

= لا… دا أنت واضح إنك مش هنا خالص.

* لا حقيقي أنا سمعتك قلت حاجة. بس كنت سرحانة شوية ما خدتش بالي.

= ماهو اللي قلته هو اللي أنت سرحانة فيه.

* قلت إيه؟

= بقولك رشحي نفسك في انتخابات النقابة.

* وعرفت إزاي إني بفكر في كدا؟

= تحية ما تبقاش تحية لو ماخدتش كل حاجة بجد وفكرت فيها مرة واتنين وعشرين… وأنا بقولك رشحي نفسك.

* أنت شايف كدا؟

= أنا عارف أنه منصب شرفي مش هايضيف لتحية كاريوكا… لكن اللي واثق منه ان تحية كاريوكا هي اللي هاتضيف له كتير.

* أنا عارفة مدى صدقك وإخلاصك… انت شايف أني ممكن أنجح؟

= من ناحية النجاح في الانتخابات ممكن… لكن اللي أنا متأكد منه هو النجاح بعد الانتخابات.

* طب ليه ما ترشحش نفسك أنت؟ خصوصاً إن الكل بيحبك وبيثق فيك.

= الحاجات دي لها ناسها… وأنت أول واحدة في الطابور من الناس دي.

خرجت تحية من اللقاء مع محمود المليجي وقد حسمت أمرها وقررت خوض تجربة انتخابات نقابة الفنانين.

البقية في الحلقة المقبلة

الجريدة الكويتية في

12/08/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)