حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

                          دراما رمضان التلفزيونية لعام 2012

أيقونة التمرد.. تحية كاريوكا

بقلم: ماهر زهدي

الحلقة ( 21 )

غرام راقصة

لم تكن هذه المرة الأولى التي تتصدى فيها تحية كاريوكا للملك فاروق، سواء بإبعاد نفسها أو غيرها عنه ما استطاعت، ولم يكن سكوته عنها سوى لإدراكه جيداً مدى حب الشعب المصري لها، فضلاً عن أنه لم يخف عن المحيطين به إعجابه بقوة شخصيتها وتصديها له بهذه القوة من دون خوف.

ربما غضب الملك من تحية كاريوكا لأنها أنقذت سميحة توفيق منه، غير أن موقفها هذا زاد من إعجاب رشدي أباظة بها، لكنه على رغم ذلك لم يبح لها بأنه يحبها، بل تعمد أن يبتعد عن طريقها أياماً عدة ظناً منه أنها هي التي ستبحث عنه.

لم يكن الملك فاروق يعرف من هي تحية كاريوكا بعد، فربما يعرف قيمتها كفنانة جيداً غير أنه لم يعرف بعد الإنسانة، لم يعرف أنها أكثر عناداً وأكثر اعتداداً بنفسها وبكرامتها وحريتها.

فبعد ما يقرب من 15 عاماً من العمل كراقصة وممثلة لم يبق معها الكثير من المال، إلا أن رصيدها من الكبرياء والثقة بنفسها كان في تزايد مستمر، فأكثر ما كانت تفعله هو أن تشتري قطعة من الحلي أو خاتم من الألماس من محل «إيزاك الجواهرجي» الذي اعتادت أن تشتري منه كل مصاغها.

لم تهتم تحية بمعرفة أين اختفى فجأة رشدي أباظة على رغم إعجابها به، بل بقيت تركز في عملها وما ارتبطت به من عقود جديدة، فراحت تصور فيلمها الجديد «عيني بترف» (تأليف عباس كامل وإخراجه) إلى جانب كارم محمود وسعاد مكاوي ومحمود المليجي، وقبل أن تنتهي منه ارتبطت بفيلم آخر بعنوان «أيام شبابي» (سيناريو جمال مدكور وإخراجه) من بطولتها أمام شادية وكمال الشناوي ومحمود المليجي وعزيز عثمان، وما إن تقاضت القسط الأخير من الفيلم حتى خرجت من شركة الإنتاج واتجهت إلى «إيزاك الجواهرجي» لشراء «خاتم» من الألماس، وما إن دخلت المحل حتى وجدت رشدي أباظة أمامها:

* إيه دا؟ رشدي أباظة في محل إيزاك الجواهرجي… يبقى أكيد هانسمع خبر حلو قريب.

= أهلا توحة. هو فعلاً فيه خبر حلو جداً وهو أن تحية كاريوكا موجودة دلوقت في محل إيزاك الجواهرجي.

* مش عايز تنسى أنك كنت عايز تشتغل ديبلوماسي.

= دي حقيقة مش ديبلوماسية. وجودك هنا أجمل خبر.

* لا صحيح أنت بتعمل إيه هنا؟

= أبداً… انت ماتعرفيش أن إيزاك صاحبي.             

* معقول بس أنا أول مرة أشوفك هنا.

= لا أنا من وقت للتاني آجي أقعد شويه مع إيزاك. المهم أنت اختفيتي فجأة ليه؟

* أبداً أنا موجودة. بس كنت مشغولة بتصوير فيلمين.

= الله أكبر. فيلمين مرة واحدة… وغيرك مش لاقي مشهد.

* عينك يا أبو الرشد.

= أنا مش بحسد والله.

* طب يلا علشان تحسد بالمرة. أنا داخله الأسبوع الجاي فيلم جديد.

بعد لقاءات عدة، بدأ قلب رشدي أباظة ينبض بحب تحية كاريوكا فتعمد تكرار زياراته لصديقه إيزاك الجواهرجي، وتعمدت تحية أيضاً الذهاب إلى المحل نفسه حتى من دون أن تشتري شيئاً، وأصبح رشدي زبوناً دائماً في الملاهي والفنادق التي ترقص فيها.

الزوجة آخر من يعلم

في نوفمبر 1950، دخلت تحية أستوديو «أحمد خورشيد» في شبرا لتصوير فيلم «ابن الحلال» الذي كتبه وأخرجه سيف الدين شوكت، لتؤدي بطولته أمام محسن سرحان وفاتن حمامة ومحمود المليجي وفريد شوقي وعبد الفتاح القصري والمطرب محمد عبد المطلب.

بعد بداية تصوير فيلم «ابن الحلال» بأسبوع، زار رشدي أباظة الأستوديو لتهنئة صديقه فريد شوقي بالفيلم الجديد، ولم يكن بوجود تحية وما إن شاهدها حتى راحت زياراته تتكرر إلى موقع التصوير، وبدأ يحس بأن ما بينه وبينها قد وصل إلى درجة الحب… حب قوي متين جذوره صداقة متينة لا تشوبها شائبة!

خرجت تحية من الأستوديو بعد انتهاء التصوير في هذا اليوم لتجد رشدي يقف أمام باب الأستوديو:

* الله… رشدي… أنت هنا ليه ما دخلتش؟

= لا أنا كنت مستنيك.

* مستنيني أنا؟

= أيوا… كنت عايز أتكلم معاك شوية.

* طب تعالى ندخل.

= لا تعالي أنتي أركبي هاوصلك ونتكلم في العربية.

* (بعد ركوب سيارته) خير يا رشدي… ومالك متوتر كدا ليه؟ في حاجة؟

= تحية… أنا بحبك. تتجوزيني؟

* أخيراً قلتها… طبعاً موافقة.

في صباح 4 ديسمبر عام 1950، مرّ رشدي أباظة على تحية في بيتها لتوصيلها إلى الأستوديو، على وعد بأن يعود إليها في نهاية التصوير مساء، ولم يقل لها إلى أين سيتجه، ثم انطلق مسافراً إلى قرية «العياط»، إحدى القرى المجاورة للجيزة، حيث يعيش أحد أصدقائه ويدعى الشيخ محمد، الذي اعتاد رشدي أن يلجأ إليه وقت الضيق والحيرة، فهو يتفاءل به ويأنس إلى كلامه وتهدأ نفسه بالجلوس في بيته. ذهب إليه ولم يجلس معه، بل اصطحبه في سيارته، وفي الساعة الخامسة بعد الظهر عاد إلى أستوديو «أحمد خورشيد « في شبرا، وكان معه في السيارة ثلاثة غيره، صديقه الشيخ محمد واثنان من الأصدقاء جاء بهما من مقهى «ريتس» في شارع عماد الدين.

دخل رشدي الأستوديو ووجد أن تحية ما زالت تعمل، همس في أذنها بأنه يريدها في أمر مهم، فاستأذنت من مخرج الفيلم سيف الدين شوكت لبضع دقائق تزور فيها صديقاً مريضاً. عندما خرجت وجدت أصدقاء رشدي الثلاثة في السيارة فاندهشت. وضعها إلى جواره في السيارة، وهي لا تدري إلى أين يسير بها، ولا من هؤلاء الثلاثة الذين يجلسون في الخلف؟

وصل رشدي إلى بيته، صعد الجميع وعلامات الدهشة ترتسم على وجه تحية، وما إن دخل إلى شقته، وقبل أن يجلس أي منهم، بادر موجهاً كلامه إلى صديقه:

= يلا يا شيخ محمد… طلع ورقك ودفترك. آدى العروسة وأنا العريس… وآدي أهم الشهود.

نظر الجميع إلى تحية التي فتحت فمها وعلامات الدهشة ترتسم على وجهها، وكأن «العروس» آخر من يعلم، فقد كان معها في صباح اليوم نفسه ولم يبح لها بنيته، فهي تعلم يقينا أنه يريد الزواج منها، لكنها لا تعلم بهذا الترتيب، وفي هذا اليوم.

* هو إيه أصله دا؟ أنا مش فاهمه حاجة؟

= حبيبتي إحنا مش اتفقنا على الجواز؟

* أيوا اتفقنا بس مش بالشكل دا وبالاستعجال دا.

= يعني مش أنت موافقة يا حبيبتي؟

* أيوا موافقة.. لكن…

= أهي موافقة اكتب. اكتب يا شيخ محمد… اكتب.

هكذا خرجت تحية كاريوكا من الأستوديو لبضع دقائق بحجة أنها ستزور صديقاً مريضاً، ثم عادت زوجة لرشدي أباظة. ولم يستغرق ذلك كله سوى ساعة. عندما انتهى تصوير «ابن الحلال» الذي عثرت تحية خلاله على «ابن الحلال» وتزوجته، سافرت بصحبة زوجها رشدي أباظة لتمضية شهر العسل في لبنان.

نجمة وممثل ثانوي

لم يمر أسبوعان من العسل في بيروت حتى دبت الخلافات بين العروسين بسبب الغيرة، غير أنها هذه المرة لم تكن من الزوج على زوجته بل من الزوجة على زوجها الشاب الوسيم، الذي يصغرها باثني عشر عاماً، ليعود بمفرده إلى القاهرة وسرعان ما تلحق به تحية، ويتصالحان ليبدأ العروسان حياتهما الزوجية كأسعد زوجين في الوسط الفني.

انعكست حالة الحب والاستقرار على الزوجين، وإن كان أثر ذلك اتضح بشكل أكبر على تحية كاريوكا، فانهالت عليها العروض لدرجة أنها كانت ترفض عدداً كبيراً منها، واضطرت إلى قبول البعض الآخر فيما قبل رشدي أول فيلم عرض عليه بعد عودته من لبنان مباشرة، وهو «أولاد الشوارع» تأليف وإخراج وبطولة يوسف وهبي.

حرص وهبي بذكاء غير عادي أن يجمع في هذا الفيلم كل من توسم فيهم أن يكونوا نجوم الغد القريب، فضم عدداً كبيراً من هؤلاء الشباب، الذين توقع لهم أن يصبحوا نجوماً: رشدي أباظة، مديحة يسري، فريد شوقي، شكري سرحان، عمر الحريري، سميحة توفيق، فاخر فاخر، إضافة إلى فنانين من جيل الكبار.

انتهى أباظة من تصوير دوره في الفيلم، وكان ثانوياً، فلم يطلبه أحد من المخرجين أو المنتجين بعده، فاضطر إلى العودة إلى حياة الملاهي والسهر ولعب البلياردو، خصوصاً أن تحية كانت تمضي معظم وقتها بين البلاتوهات والأستوديوهات، بعدما تعاقدت على تقديم 10 أفلام دفعة واحدة خلال هذا العام، فما إن عرض «ابن الحلال» حتى بدأت بتصوير «بلد المحبوب» الذي كتبه أبو السعود الإبياري وأخرجه حلمي رفله، وشاركها بطولته المطرب سعد عبد الوهاب، ومعهما إسماعيل ياسين وسعاد مكاوي وعبد الوارث عسر وعبد السلام النابلسي.

دور وطني

في خضم انشغال تحية بما يعرض عليها من أعمال سينمائية، إضافة إلى الرقص في الملاهي والفنادق، لم تنس دورها الوطني والاجتماعي، سواء في الجمعيات الخيرية أو المشاركة في الأنشطة السياسية، إذ بدت الاضطرابات واضحة في المشهد السياسي المصري، وحرصت تحية على أن تتصدره وتشارك في الوقفة الاحتجاجية التي نظمها الاتحاد النسائي برئاسة الدكتورة درية شفيق في نهاية فبراير عام 1951، أمام الجامعة الأميركية في القاهرة، وخطبت فيهن الدكتورة درية قائلة: إنه على بُعد خطوات منا ينعقد برلمان النصف الثاني من الأمة… وأقترح أن نذهب إلى هناك تدعمنا معرفتنا بحقوقنا وأن نخبر النواب والشيوخ أن اجتماعاتهم غير قانونية مادام تمثيلنا مرفوضاً، إن البرلمان لن يصبح صورة أمينة للأمة حتى تدخله النساء.

بعدها توجهت جموع النساء إلى البرلمان واقتحمن بوابته واستمرت التظاهرة أربع ساعات حتى سُمح للدكتورة درية شفيق بمقابلة نائب رئيس البرلمان وأخذت منه وعداً بالنظر إلى مطالب المرأة… وبدلاً من الرد على مطالب النساء التي أودعتها البرلمان ومجلس الوزراء وجدت درية شفيق استدعاء لها للمثول أمام المحكمة بتهمة اقتحام البرلمان!

جاء هذا الموقف فرصة للمحاميات المصريات لإثبات وجودهن في الدفاع عن الرائدة، وكانت في مقدمهن المحامية الشابة مفيدة عبدالرحمن وانضم إليهن محامون مؤمنون بقضايا المرأة. غير أن القضية انتهت خلال شهر مارس إلى أجل غير مسمى بسبب الاضطرابات التي سادت الحياة السياسية في مصر.

عادت تحية لاستئناف دورها في الفيلم الذي أوقفت التصوير فيه بسبب المشاركة في تظاهرات الاتحاد النسائي، وهو «ليلة غرام» مع المخرج أحمد بدرخان، وشاركها البطولة مريم فخر الدين وحسين رياض وعباس فارس وماجدة الصباحي، بالإضافة إلى صديقتها سميحة توفيق التي سقطت فجأة أثناء تصوير آخر مشهد لها مصابة بحالة من الإغماء، وفشل العاملون في الأستوديو من فنانين وعمال في إفاقتها، فنقلتها تحية بمساعدة البعض منهم فوراً إلى أحد المستشفيات الخاصة القريبة من موقع التصوير.

أخلاق الفرسان

لم تترك تحية سميحة وظلت إلى جوارها في المستشفى حتى نجح الأطباء في إفاقتها من الغيبوبة، وبعد الكشف والتحاليل اللازمة أكد الأطباء أنها مصابة بالتهابات حادة في الكبد، فقد كانت تشعر بالألم يعتصرها وتكتمه حتى تنتهي من تصوير الفيلم.

استدعى مرض سميحة بقاءها في المستشفى لعلاج هذه الالتهابات، فقررت والدتها نقلها إلى مستشفي مجاني لارتفاع تكاليف الإقامة والعلاج في المستشفى الخاص. هنا، وقفت تحية وأصرت على بقاء سميحة في المستشفى إلى حين اكتمال علاجها وشفائها تماماً.

استمر وجود سميحة في المستشفى ما يقرب من الشهر، لم يمر فيه يوم من دون أن تزورها تحية، وتحضر لها احتياجاتها من الفاكهة والمأكولات، بل كانت تظل إلى جوارها حتى تطمئن أنها أكلت وتناولت العلاج، ثم تغادر المستشفى لتمارس عملها. حتى شفيت سميحة تماماً وحان وقت مغادرتها المستشفى، وبينما كانت تحزم حقيبتها أرسلت في طلب فاتورة الحساب، فوجدتها ألف ومئتين وخمسة وعشرين جنيها، فدهشت وكادت يغشى عليها مرة ثانية:

= ألف وميتين خمسة وعشرين جنيه؟!

- أيوا يا هانم. واندفعت كلها. حضرتك تقدري تمشي بالسلامة مش عايزين نشوفك هنا تاني… نشوفك بقى إن شاء الله على شاشة السينما.

= أيوا… بس هو مين اللي دفع الفاتورة؟

- مدام تحية مرت على المستشفى الساعة تمانية الصبح ودفعت الفاتورة ومشيت.

جلست سميحة مكانها في دهشة مما فعلته تحية معها وهو ما لم يفعله معها أقرب الناس إليها، وفجأة وصلت تحية لتصحبها في سيارتها الخاصة وتنقلها إلى بيتها، وما إن شاهدتها سميحة حتى أجهشت بالبكاء وارتمت في أحضانها:

* إيه فيه إيه؟ خير يا سميحة مالك؟ أنت بخير؟ أنت حاسة بحاجة.

= أنت مش إنسانة… أنت ملاك.

* إنسانة إيه وملاك إيه… فيه إيه؟

= أنا عرفت أنك دفعتي فاتورة المستشفى كلها.

* الله يخرب عقلك. وقعتي قلبي افتكرتك لسه تعبانة.

= مش كفاية اللي عملتيه. رايحة جاية كل يوم شايلة أشكال وألوان. وكمان تدفعي الفاتورة؟

* أنا مش عايزة أسمع الكلام دا تاني. مفيش فرق بيني وبينك. أنت اختي.

= أنت أكتر من أختي وأمي.

* أمك دا إيه يا بت. أنا بيني وبينك سبع سنين بس.

= عارفة نعيمة عاكف بنت عمتي اللي من لحمي ودمي. زارتني مرة واحدة أول ما دخلت المستشفي، حتى ما جبتش معاها علبة شوكولا أو وردة. خمس دقايق وهي واقفة ومشيت… ومن ساعتها حتى ما كلفتش نفسها تتطمن عليا بالتليفون.

* معلش. يمكن ظروفها ما كانتش سامحة أو مشغولة بتصوير فيلم. أنا سمعت إنها بتصور فيلم اسمه «فُرجت» وأهي والحمد لله فُرجت.

= يعني هي مشغولة وأنت اللي فاضية. أنا لو قلت لك إني مدينة لك بحياتي يبقى شوية عليك.

* بطلي يا بت الكلام دا أحسن والله اسيبك وأمشي.

حصار النار

كانت تحية قد انتهت خلال فترة مرض سميحة من تصوير فيلمي «فيروز هانم» الذي أصرت فيه الطفلة المعجزة أن يكون بطولة «طنط تحية» بعدما صارت بينهما صداقة قوية منذ أن شجعتها عندما اكتشفها أنور وجدي، وهنأتها ببطولة أول فيلم لها معه، فشاركت معها في فيروز هانم، وبعده قدمت تحية «خدعني أبي» الذي أخرجه وقام ببطولته محمود ذو الفقار، وشاركهما فيه صباح وفاتن حمامة، ثم صورت بعده «حماتي قنبلة ذرية» مع إسماعيل ياسين، ومن إخراج حلمي رفلة.

استطاعت سميحة توفيق أن تسترد عافيتها، فأعادتها تحية فوراً إلى الشاشة، وبعد أن اختارها يوسف شاهين في فيلمه الجديد «ابن النيل» إلى جانب شكري سرحان وفاتن حمامة ويحيى شاهين، اختارتها تحية للمشاركة في «فايق ورايق» مع إسماعيل ياسين وكارم محمود، وإخراج حلمي رفلة، كذلك دفعت بها للمشاركة في ما يقرب من ستة أفلام أخرى لتعويض فترة غيابها، من بينها «أنا بنت ناس، الناس أسرار، مشغول بغيري، والحب في خطر» وغيرها.

لم تتدخل تحية لمشاركة زوجها رشدي أباظة في الأفلام، حرصاً على كرامته من ناحية ولإيمانها بأنه لا يحتاج إلى تدخلها لأن موهبته تتحدث عن نفسها، فبعد «أولاد الشوارع» مع يوسف وهبي في فبراير 1951، قدم «أولادي» أمام شادية وزكي رستم من إخراج عمر جميعي في أكتوبر من نفس العام، ثم عرض عليه فريد شوقي في نهاية العام المشاركة في أول فيلم ينتجه لنفسه بعنوان «الأسطى حسن»، فيما أراد المخرج أحمد كامل مرسي من تحية القيام ببطولة فيلم «الأم القاتلة» في دور شعرت أنه سيشكل بداية مرحلة جديدة لها، ليبدأ كل من الزوجين مرحلة جديدة مع بداية العام الجديد 1952.

وفي 26 يناير عام 1952، بينما كانت تحية واقفة أمام الكاميرا تصور دورها في «الأم القاتلة»، فوجئت بحالة من الهرج والمرج في الأستوديو، وعدد من العمال والفنيين يخرجون مسرعين من البلاتوه وتبعهم الفنانون، ليجدوا سحابة ضخمة من الدخان تغطي سماء القاهرة، والحرائق تحاصرهم من كل جانب، وفجأة وجدت تحية رشدي أباظة يأتي بسيارته متجهاً نحوها:

= تحية اركبي. اركبي بسرعة!

* فيه إيه؟؟ إيه اللي بيحصل يا رشدي؟

= مصر بتولع… ولعوا فيها الخونة.

* بتولع إزاي؟ ومين دول اللي ولعوا فيها؟

= لحد دلوقت مش عارفين. بس القاهرة كلها بتولع… ومين ممكن يعمل كدا إلا إذا كان خاين وعميل.

(البقية في الحلقة المقبلة)

الجريدة الكويتية في

09/08/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)