حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

                          دراما رمضان التلفزيونية لعام 2012

الفيلسوف الضاحك.. نجيب الريحاني

بقلم: ماهر زهدي

الحلقة ( 18 )

غزل البنات

فهم نجيب سبب ثورة «لوسيين» وغضبها، وهو أنه راح يسبقها بخطواته ولا يسير بجوارها، وهو ما ترفضه «لوسيين» وتعتبره انتقاصا من قدرها كأنثى، فشرح لها موقفه، والعادات والتقاليد التي تحكم المصريين والعرب عموماً، وهذا لا يعني أي انتقاص من قدر الأنثى، بل هي مكرمة أكثر من اللازم، وأن هذه العادات والتقاليد تحفظ لها قدرها وكيانها حتى لا يحدث ما يخدش حياءها أو يمس كرامتها.

تفهمت لوسيين الموقف ووافقت على أن تجلس مع نجيب في أحد «الكازينوهات».

جلس نجيب الريحاني مع الراقصة الفرنسية لوسيين في أحد الكازينوهات في شارع «بولاق»:

* اسمي نجيب الريحاني. بشتغل أرتيست… والحقيقة وبمنتهى التواضع، تقدري تقولي إني أرتيست معروف شوية… وكمان مدير فرقة هنا في مسرح الإجيبسيانة.

= وأنا اسمي لوسي دي فرناي لكن واضح مسيو نجيب إنك فرنسي.

* أنا!! طب لما أنا ابقى فرنسي… تبقي أنت على كده نازله من القمر. بذمتك دي سحنة فرنسي… أنا يا ستي مصري… عربي يعني.

= برافو… أنت تتحدث الفرنسية بطلاقة.

* هوهووو أنت شفتي حاجة.

= اتفضل مسيو نجيب قل ما عندك.

* بقى زي ما قلت لحضرتك أنا أرتيست ومدير فرقة… وإحنا بنعمل رواية جديدة اسمها «حمار وحلاوة».

= أنا إيه علاقتي بالموضوع؟                              

* ماهو دا الموضوع اللي بكلمك علشانه… أنا بعرض عليكي تشتغلي معانا.

= بريما.

* بريما!! دي كلمة بالألماني معناها ممتاز… أنت فرنسية ولا ألمانية؟

= تقدر تقول نص ونص… أمي ألمانية ووالدي فرنسي… ولدت في ألمانيا وعشت عمري في فرنسا لكن قولي هشتغل إيه؟

* هتشتغلي أرتيست طبعاً.

= أنتو بتعملوا روايات هنا في مصر بالفرنسية؟

* أيوه… بس الرواية اللي بعملها بالعربي.

= مسيو نجيب أنا لا أعرف بالعربي سوى كلمة «شكرا».

* عال عال أوي… يبقى اتفقنا.

= نو… بردون مسيو نجيب. هذا العمل لا يناسبني.. .ستنتهي عروض فرقتنا بعد خمسة أيام وسنغادر بعدها مصر إلى فرنسا.

* مفيش نو… أنت اشتغلتي خلاص.

على رغم أنتهاء اللقاء الأول بينهما من دون أن يحصل على موافقتها بالعمل معه، إلا أن الريحاني لم ييأس. راح يطارد الراقصة، صباحاً في الفندق الذي تنزل فيه مع أعضاء الفرقة في شارع عماد الدين، وليلاً في مسرح «الكورسال» وتحاول لوسيين في كل مرة أن تتهرب منه وتتحاشى مقابلته، ليس لسبب في شخص نجيب إنما خوفاً من أن تضعف أمامه وتضطر إلى أن توافق. وعندما فشل في مقابلتها، أرسل إليها باقة ورد على الفندق ومعها بطاقة شخصية له وكتب عليها عبارة واحدة بالفرنسية: البروفة يوم الأحد الساعة 12 ظهراً… سأكون في انتظارك.. نجيب الريحاني.

في الموعد المحدد وجدت لوسيين نفسها أمام باب تياترو «الإجيبسيانة» تقف حائرة مترددة، لا تعرف هل تدخل أم تنصرف؟ حتى لمحها نجيب فخرج بسرعة وأدخلها إلى المسرح، وقدمها بكل شموخ إلى بقية أعضاء الفرقة، الذين انقسموا بين مرحب بها ومستاء من وجودها، خصوصاً النساء من بين أعضاء الفرقة، اللاتي يرين أنهن أحق بالريحاني من أي فتاة أجنبية، ولم يشغل ذلك نجيب، وراح يرحب بأحدث أعضاء الفرقة:

* ما تتصوريش أنا فرحان أد إيه أنك جيتي.

= أنا نفسي مش عارفة جيت إزاي؟

* بس أنا عارف… وكنت واثق إنك جايه!

اندهشت لوسيين من جرأة نجيب وإصراره على عملها معه، بل لهذه الثقة التي يتحدث بها، لدرجة أنها فوجئت به يضع يده على كتفها ويصحبها معه إلى البروفة، فنظرت إليه بدهشة وأزاحت يده من فوق كتفها بقوة واندفعت تجري إلى الخارج، فجرى خلفها واعتذر لها… وبدأت البروفة باعتبارها أحدث أعضاء الفرقة.

راحت لوسيين، أو «لوسي» كما أصبح يناديها الريحاني، تندمج في بروفات رواية «حمار وحلاوة»، وقررت البقاء في مصر وعدم السفر مع فرقتها التي غادرت مصر بعد الإعلان عن انتهاء الحرب العالمية الأولى، ووقوع مصر تحت وطأة الاحتلال الإنكليزي رسمياً.

انتهت البروفات، وتم الإعلان عن رفع الستارة عن رواية «حمار وحلاوة» في نهاية يناير 1918، والتي كانت تدور أحداثها حول «كشكش بك» وصديقه «الشيخ ينسون» اللذين يقعان تحت تأثير المخدر، فيتوهم «كشكش بك» أنه أصبح ملك البلاد، ويتوهم «الشيخ ينسون» أنه أصبح رئيس الوزراء، ويدعوان طوائف الشعب إلى سماع شكواهم. وتبدأ الطوائف كافة في التوافد عليهما لتقديم شكواهم وما فعلته بهم الحرب، فيستمعون إلى شكاوى التجار والسقائين والبنائين والجزارين، وغيرهم من أبناء الشعب الذين يظهرون سخطهم على ارتفاع الأسعار… فيعدهم الملك كشكش، ورئيس وزرائه ينسون بالنظر في شكواهم… لكنهم يفيقون من المخدر.

قدمت لوسي خلال العرض استعراضاً راقصاً، نال استحسان نجيب الريحاني وبقية أعضاء الفرقة قبل الجماهير، باستثناء البطلة الأولى في الفرقة سرينا إبراهيم التي لاحظت اهتمام نجيب المبالغ فيه بالفنانة الجديدة. بل إن نجاحها زاد الأمور تعقيداً وحرك غيرة سرينا التي كأنت تمني نفسها بحب نجيب، غير أنه لم يكن يشعر تجاهها سوى بمشاعر الزمالة والأخوة.

أول حب

انتهزت سرينا فرصة احتفال الريحاني ولوسي بالنجاح مع بقية أفراد الفرقة، حتى تسللت إلى حجرة لوسي ومزقت الفستان الذي تؤدي به فقرتها الاستعراضية في الرواية، وتركته وخرجت لتحتفل معهم، ظناً منها أن أحداً لم يشاهد ما قامت به.

في اليوم التالي، وجدت لوسي ما حدث للفستان فجلست تبكي وهي تعرف بإحساسها من وراء ذلك، غير أنها ليس لديها دليل. وما إن دخل عليها الريحاني ليطمئن على الاستعدادات النهائية قبل رفع الستارة حتى وجدها على هذه الحالة، فبادر بسؤال عامل الملابس والأكسسوارات الذي أكد له أنه رأى السيدة سرينا تخرج من حجرة لوسي في الأمس خلال احتفالهم بعد العرض.

أنقذ الريحاني الموقف وقدمت لوسي استعراضها في الرواية، غير أنها فوجئت بالريحاني بعد العرض يدعوها إلى تناول العشاء معه، فوافقت فوراً.

اصطحب الريحاني لوسي للعشاء في أفخم مطعم في منطقة «الأزبكية» وهو مطعم «سأنتي»، وهناك وقبل تناول العشاء أخرج الريحاني «علبة قطيفة حمراء» وأخرج منها خاتماً وقدمه هدية للوسي:

* ممكن تقبلي الهدية المتواضعة دي؟

= أوه… مش ممكن تري جأنتي. تري شيك… مرسيه نجيب.

* لوسي. أنا… أنا بحبك وأمرك لله.

= ياااه أخيرا قلتها… عارف لو ماكنتش قلتها النهارده أنا كنت ناويه أبعد وأسيب الفرقة… لأني مش ممكن كنت هقدر أتعذب طول الوقت وأنت مش حاسس لأني أنا كمان بحبك… بحبك نجيب.

اكتشف الريحاني أن الأحاسيس الجديدة لدى لوسي انعكست بشكل كبير على أدائها مع الفرقة، فكانت تزداد تألقاً كل يوم وفي الوقت نفسه تزداد غيرة البطلة الأولى سرينا إبراهيم، التي لم تكتف بما تفعله وحدها مع لوسي فراحت تقلب أعضاء الفرقة عليها، ونجحت مع البعض فيما لم تستطع أن تؤثر على البعض الآخر.

شعر نجيب بأن النجاح الذي فقده خلال الفترة السابقة بدأ يعود إليه، فعلى رغم أن إيراد الليلة الأولى جاء مخيباً لآماله، حيث لم يزد على 35 جنيهاً، غير أنه شعر بالرضا والاستحسان العام الذي قوبلت به الرواية من الجمهور، فبدأ الإقبال يتزايد يوماً بعد آخر، لدرجة أن الريحاني قام بتسوية حسابات الفرقة في نهاية الشهر، وبعد أن تقاضى الخواجة ديموكنجس نصيبه، ودفع فواتير الكهرباء والمياه والأجور، وجد أن الصفر الذي كان يخيم على الخزانة قد قفز إلى 400 جنيه!

لم يكن النجاح مقصوراً على الناحية المادية، بل ثمة نجاح أدبي آخر، ملأ نفس الريحاني سروراً، وشعر في هذا اليوم بأنه أصبح قامة كبيرة في المجتمع، يفخر به الجميع، دخل قلب نجيب هذا الإحساس بسبب الزائر الذي لم يكن يخطر له على بال في هذا الوقت، عندما دخل عليه حارس باب التياترو يخبره بمن يريد أن يقابله:

* ادخل.

= السلام والتحية على صاحب السعادة والطلعة البهية.

* مين؟ أنا مش مصدق عنيا… أستاذي ومعلمي سيدنا الشيخ بحر.

= هو بعينه وبجبته وقفطانه وعمامته البيضاء… والله زمان وحشتني يا فتى. ولا بلاش فتى دي دلوقت… خليها يا سي نجيب أفندي.

* أنت بتقول إيه؟ إيدك أبوسها يا سيدنا أنا مش ممكن أنسى فضلك بعد ربنا.

= استغفر الله يا بني. فلكل مجتهد نصيب… وأنا والله… بعقد الهاء… تنبأت لك منذ طفولتك بهذا المستقبل الباهر. فمنذ طفولتك وأنت تظهر براعة في الأناشيد والمحفوظات والخطابة. وآديك أهه بسم الله ماشاء الله… ملء السمع والبصر.

* الخير على قدوم الواردين… تعرف يا سيدنا… النهارده لقيت إن إيراد الشهر دا أكتر من ربعميت جنيه…

= بسم الله ما شاء الله لا قوة إلا بالله… اللهم زد وبارك.

* طب تصدق يا سيدنا أقسم لك بالله وأنا صادق في حلفاني إن مجيتك النهارده فرحتني أكتر من لو كان أربع تلاف جنيه في ليلة واحدة.

= وأنا رأسي اليوم طالت السماء بعد مشاهدة تلميذي النجيب في هذه المكانة المرموقة… دعني الآن انصرف وأنا في فمي حلاوة هذا اللقاء.

* لا هو مين… مش ممكن تمشي قبل ما يكون في بقك حلاوة الكباب وفتة بالكوارع ولحمة الرأس… لازم تكون عشوة ملوكي عند أشهر كبابجي في سيدنا الحسين على شرف أستاذي.

نصف النجاح

شعر نجيب الريحاني بأنه ملك الدنيا وما عليها، ليس فحسب لنجاحه الذي لم يسبقه إليه أحد، ولا للأموال التي يجنيها من نجاحاته، بل بشهادة أستاذه الشيخ بحر، ما جعله يرفع أجور العاملين في الفرقة. إلا أن مؤلف الفرقة وكاتب أزجالها أمين صدقي رفض الزيادة التي وضعها له الريحاني، فبعد أن كان يتقاضى 60 جنيهاً في الشهر، رفعها الريحاني إلى 80 جنيهاً، ومع ذلك رفض أمين صدقي الزيادة، ما أثار دهشة الريحاني وراح يعرف منه السبب:

* يعني إيه مش لازماك الزيادة يا أستاذ أمين؟

= أيوه مش لازماني… لما سيادتك تزودني زيي زي أي واحد في الفرقة تبقى مش لازماني.

* مين قال إنك زيك زي أي واحد؟ أولاً أنت زدت عشرين جنيه مرة واحدة وأحسن واحد في الفرقة زاد خمسة جنيه.

= مش دا اللي أقصده يا نجيب أفندي.

* أنت بتتكلم بالألغاز ماتوضح كلامك يا سي أمين وتقوللي فيه إيه؟

= فيه إن المفروض أبقى شريك في النجاح ده.

* ومين قال إنك مش شريك؟ لا دا مش أنا وأنت بس… أصغر ممثل في الفرقة شريك في النجاح اللي إحنا فيه.

= أنا ماقصدش أني أبقى شريك بالكلام ولا بالمدح. أنا أقصد أبقى شريك في الإيراد.

* وعاوز تبقى شريك إزاي وبنسبة أد إيه؟

= إحنا بنعمل كل حاجة سوا فالمفروض أبقى شريكك بالنص.

* النص!! كده مرة واحدة… طب إزاي؟

= زي الناس.

* أيوه بس أنا دفعت اللي ورايا واللي قدامي علشان أساهم مع الخواجة ديموكنجس في التياترو ده. وأنا اللي بخرج وبمثل وشايل الفرقة على أكتافي وبتابع بتوع الديكور والملابس، وبعمل البروفات بالنهار وبقدم العروض بالليل، وبعمل الاتفاق مع كل الناس وشايل هم الكبير والصغير. ومش بس كده، أنا كمان بديلك أفكار المسرحيات والشخصيات، وبحط معاك الخطوط العريضة للرواية، وبعدها تقعد أنت تكتب… عاوز تدي كل اللي قلت عليه ده النص… وأنت علشان بتكتب الرواية تاخد النص؟!

= شوف يا أستاذ نجيب أنا معنديش كلام تاني.

* بس عندي بقى يا أمين علشان أنا باقي عليك ومش عاوز أخسرك. أنا هزودك كمان عشرين جنيه. يعني من الشهر ده هتبقى ماهيتك ميت جنيه.

= ماتتعبش نفسك. يا إما شريك بالنص… يا إما كل واحد يروح من طريق.

* فكر يا أمين… قبل ما تتسرع وماتردش دلوقت… روح وفكر في الكلام دا ورد عليا بكره بعده… وقت ما تنتهي من التفكير وتاخد قرار.

أنتهى أمين صدقي إلى قرار التمسك برأيه لدرجة أنه رفض كتابة الرواية الثانية، وقرر ترك الفرقة من دون إعطاء مهلة للريحاني للبحث عن مؤلف آخر، أو حتى من دون أن يترك عملاً احتياطيًا تستعين به الفرقة في عرضها التالي، ما جعل نجيب يقرر استمرار عرض «حمار وحلاوة» بلا توقف، حتى لو تدنت الإيرادات، إلى حين الاستعانة بكاتب جديد، أو رواية تصلح للفرقة.

زجال بالإنابة

اضطر نجيب إلى البحث عن شخص آخر يقوم بمهمة الكتابة ووضع الأزجال، وراح يعلن عن ذلك لكل أفراد الفرقة، لعل أحدهم يعرف من يقوم بهذا الدور، فتقدم فعلاً من يعرضون أعمالهم لأداء هذا العمل. أعجب الريحاني بأعمال اثنين منهم، وهما حسني رحمي المحامي وإميل عصاعيصو، وكتبا فعلاً عدداً من الأزجال والمواقف، وعلى رغم إعجاب الريحاني بهما، إلا أن ما قدماه لم يكن ما يريده ويبحث عنه، حتى جاءه جورج شفتش زميله القديم منذ أن كان يعمل في البنك الزراعي:

* أنت بتكتب أزجال شعرية ياخواجة جورج فعلا.

= أمال! نجيب أفندي أنا غاوي أزجال وأشعار قديم.

* أيوه. ماهو غاوي شيء وكونك تكتب شيء تاني!

= يا أستاذ بقولك بكتب… بكتب… وبعدين يا أخي ما تجرب.

* على رأيك. إحنا خسرانين حاجة. حيث كده شوف يا سيدي أنا عاوز مقطوعة زجلية تقولها طايفة المرابين. اللي بيطلعوا فلوس بالفايظ والعياذ بالله.

= بس كده؟ بسيطة… بكرة تكون عندك.

لم يكذب الرجل خبراً. في اليوم التالي، جاء جورج، وقدم للريحاني زجلاً متميزاً وكوميديا في معانيه، أعجب الريحاني بشكل كبير:

* قوللي يا خواجة جورج؟ أنت اللي كاتب الأزجال دي؟

= أيوه ليه فيه حاجة؟

* دا فيه حاجات! دا أنت لقطة… دا أنت هايل… دا أنا لازم أعمل معاك كنتراتو. بس بعد إذنك يا خواجة بدون تكليف، تنده لأخويا جورج من الأوضه اللي جنبي وقوله نجيب بيقولك تعالى وهات معاك كنتراتو.

لم يكد يغادر الخواجة جورج حجرة نجيب حتى دخل صديقه تيمور مهنى، وكشف حقيقة الخواجة جورج وأزجاله:

* أنت بتقول إيه يا تيمور.

= اللي أنت سمعته ده. مش جورج اللي كاتب الكلام دا.

* يعني سارقه؟

= مش بالظبط كده!

* هو يعني إيه اللي مش بالظبط. يا إما سارقه أو مش سارقه.

= الأزجال دي بتاعة شاب صديق جورج شفتش.. والشاب دا مش لاقي فرصة.. فاتفق مع جورج بعقد بينهم وبين بعض إنه يكتب وجورج يوزع الأزجال ويبيعها والتمن بالنص
* يا ابن الإيه يا جورج… وجاي وراسم عليّ الإبداع وإنه ممكن وممكن. لأ وإيه طلبت منه زجل بمواصفات معينة إمبارح جابه النهاره. وأنا اللي كنت همضي معاه كنتراتو. بس الجدع اللي كاتب الكلام ده هايل مايتسبش.

= أنا أقدر أجيبهولك بكره.

* لو تقدر تجيبه النهارده يبقى كويس أوي.

البقية في الحلقة المقبلة

 

فرنسية… بنت بلد

يوماً بعد يوم أصبح نجيب ولوسي صديقين، وزاد اقترابهما خلال وقت قصير. غير أن أهم ما لفت انتباهه انتظامها الشديد والتزامها بمواعيد البروفات، ربما أكثر من أعضاء الفرقة الأساسيين. غير أن المشكلة التي باتت تؤرق الجميع هي عدم وجود ما ينفقون منه، فقد أنفق الريحاني على الديكورات والملابس كل ما معه، بل وكل الاحتياطي الموجود في خزانة التياترو الذي تحول من رقم الخمسين إلى الصفر.

في إحدى الليالي وقبل افتتاح المسرحية، أعلن مسرح «الكورسال» عن عرض استعراضي فرنسي جديد، ألحت لوسي على نجيب أن يذهبا لمشاهدته، غير أن نجيب لم يكن يملك في هذه الليلة غير 12 قرشاً، فاتفق معها على أن يأخذا مقعدين في أعلى التياترو، وكان ثمن التذكرة خمسة قروش، فدفع عشرة قروش ولم يبق معه إلا قرشان. فجأة، أعلنت لوسي أنها لم تعد تحتمل الجوع، ووقف الريحاني كمن سقط من طائرة، لا يعرف كيف يتصرف، فلم يعتد أن يطلب مساعدة من أحد، وشعرت لوسي بما فيه نجيب من حرج، فهداها تفكيرها إلى خطة قررت تنفيذها.

قادت لوسي الريحاني إلى مقهى قريب بعد مشاهدة العرض، وهناك طلبت كوباً من الشاي، وشربته من دون أن تضع فيه السكر، ثم فتحت حقيبتها ووضعت فيها جميع قطع السكر، بينما ينظر إليها الريحاني في دهشة من دون أن يفهم ماذا تفعل:

* إيه دا؟ أنا مش فاهم إيه اللي أنت عملتيه ده؟

= أقولك… أنا عندي في حجرتي بالبنسيون خبز وبعض الشاي، ولكن ليس لدي سكر، فما المانع أن نذهب إلى هناك نقوم بإعداد شاي ومعنا الآن السكر، ونتناول عشا فاخر… شاي مع الخبز؟!

* مش ممكن!! أنا حاسس أنك بقيتي فعلا واحدة مننا.

= يعني إيه واحدة مننا؟

* يعني حاسس أنك بقيتي بنت مصرية جدعة.

الجريدة الكويتية في

06/08/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)