حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

                          دراما رمضان التلفزيونية لعام 2012

الأساتذة.. أهم صناع السينما في العالم

تاكيشي كيتانو.. الساموراي الأخير

بقلم: عبدالستار ناجي

الحلقة ( 5 )

على الصعيد الشخصي تشرفت بلقاء ومحاورة عدد بارز من اهم صناع السينما اليابانية ومن بينهم ناجيزا اوشيما وشوهي ايمامورا.. وايضا تاكيشي كيتانو ذلك المحترف السينمائي، الذي استطاع ان يقدم جميع المفردات والمعطيات الفنية، فالذين يعرفون كيتانو.. يعلمون جديدا انه المخرج المقتدر.. والممثل ذو الامكانات الفنية العالية المستوى، وخلال مسيرته الفنية قدم كماً من النتاجات، كمخرج وكمطرب ومونتير ومقدم برامج وكاتب سيناريو وشاعر ورسام وايضا مصمم العاب الكترونية.

بدأ كيتانو مشواره كممثل.. وبالذات في مجال الاعمال الكوميدية، وسرعان ما كشف عن الوجه الاخر حيث القدرات الفنية التي راحت تذخل الجميع.. ولكنه ظل وحتى فترة طويلة، يتحرك في الاطار الياباني المحلي، في وقت كانت تحلق به اسماء طرزت مجد السينما اليابانية من امثال اكيرا كيروساوا.. واوشيما.. وايمامورا وغيرهم.

ومع انطلاقته، لفت اليه الاهتمام، عبر نتاجات مشبعة بالكوميديا على الطريقة اليابانية، ولكنه لاحقا غير المشوار وراح يقدم نماذج من «العنف» راحت تؤسس ما يسميه الكثير من النقاد «العنف على طريقة كيتانو».

وخلال مسيرته، ظل كيتانو النموذج الاكثر تميزا للنجاح فكلما سار في درب فنين حصد النجاح.. وعندها لا يكتفي بذلك.. بل يحلق الى ما هو ابعد من ذلك بكثير لهذا يتجه الى حرفة فنية اخرى.. وهكذا نجاحات تعمق بعضها البعض.

في اليابان يطلق عليه اسم «بيت كيتانو» وقلة خارج اليابان يعرفون هذا الاسم الذي اشتهر به من خلال اعماله السينمائية والتلفزيونية.

ونذهب الى تفاصيل مسيرة هذا المخرج الذي يدهشنا بالتجارب التي يقدمها، التي ينتقل خلالها من اقصى درجات الانسانية والكوميديا الى الطرف الاخر من العنف والحدة.

ولد كيتانو في يوجيما بالقرب من طوكيو عام 1947 عاش فترة من الظروف القاسية، فقد طرد من جامعة «ميجي» حيث كان يدرس الهندسة، وعمل كمشغل للمصاعد لاحدى الاندية الخاصة، وهناك تعرف على الكوميدي الياباني سانزا بورو فوكامي، الذي حل مكانه لاحقا في تقديم عدد من الاستعراضات حيث ولدت موهبته في عالم التمثيل الكوميدي على وجه الخصوص.

وفي السبعينيات شكل ثنائي رائع مع النجم الكوميدي كيوشي كانكو، وشكل فريق تحت عنوان «بيت كيتانو» و«بيت كيوشي» وهما يحملان لقب «الثنائي بيت» حيث كانا يقدم ما يشبه الاسكان اب كوميدي.

وظل هذا الثنائي يقدم العديد من الاعمال، التي تقدم كيتانو بالرجل الطريف وزميله الطيب، وسط كم من المفارقات والاحداث المستمدة من التفاصيل اليومية لحياة الانسان الياباني.

انتقل كيتانو بعدها للعمل مع ستوديوهات «ان. اتش. كي» وهي المحطة اليابانية الرسمية للتلفزيون ومن خلالها راحت اعماله تنتشر جماهيريا، حتى حصد اكبر الجوائز واهمها في مجال الاعمال الكوميدية التي كان يقدمها.

ولكنه تجاوز الجانب الكوميدي في الشخصيات التي كان يتصدى لتقديمها، حيث انتقل الى شخصية الشرير.. وايضا «المافيا اليابانية» وكانت اعماله، تذهب بعيدا في طروحاتها فقد كان يقدم المافيا بشكل ساخر.. يحمل كثير من التهكم.

وكانت الاطلالة الاساسية في تلك الشخصية من خلال فيلم «عيد ميلاد سعيد سيد لورنس» مع المخرج ناجيزا اوشيما، حيث مثل امام توم كونتي ودايفيد بوي وريتشي سكاماتو.. ومنذ ذلك اليوم، راحت صورة كيتانو تقدم كنموذج للرجل الشرير القاسي، وفي ذات الحين، كان يعرض له في التلفزيون الياباني يتناول حياة القاتل الشهير «كيوشي اوكوبو».

وتأتي نقطة تحول جديدة في عام 1989 حينما قدم شخصية ضابط الشرطة الشرس في فيلم «الضابط الشرس» حيث استطاع بشخصية الضابط والمحقق الشرس الذي لا يتردد في قتل كل من يواجهه، ان تحقق بصمة رسخت حضوره.

وخلال تلك التجربة البارزة في مسيرته، شاءت الظروف اثناء تصوير الفيلم ان يتعرض المخرج «كنجي فوكاسكو» الى ازمة صحية، دعت كيتانو لان يقوم بالمهمة مكانه.. ويخوض اولى تجاربه السينمائية.. وليحقق الفيلم نجاحات فنية وجماهيرية كبيرة.

في عام 1990، قدم تجربته الثانية كمخرج وككاتب سيناريو وكممثل طبعا في فيلم «نقطة الغليان».

وتواصلت الرحلة وفي فيلمه الثالث «مشهد على البحر»، 1991 عمق حضوره كرجل عصابات وهكذا راحت تلك الصورة تقترب منه... وتتعمق واليوم حينما يذكر اسم النجوم الذين برعوا في تقديم دور رجل العصابات الياباني يقال.. كيتانو.

وفي مرحلة التسعينيات قدم عدداً من النتاجات السينمائية التجارية، التي حصدت شهرة عالمية واسعة ومن بينها «غودزيلا» و«جوني ضحك» وفي منتصف التسعينيات تعرض لحادث على دراجته النارية نتج عنها اصابته بجروح واصابات عدة في وجهه وعينه، وهذا ما اعطى وجهه مساحة اكبر من التعابير القاسية.. التي راحت تجعله يذهب بعيدا في تقديم وتشخيص تلك الشخصيات المركبة التي قدمها لاحقا.

وبعد شفائه، قدم فيلم «عودة الطفل» 1996 حيث اعتبر الفيلم اكثر فيلم ياباني يحقق نجاحا تجاريا وفنيا.. بعدها قدم فيلم «هيباني» وهو من اوائل الافلام التي عرضت في الولايات المتحدة الاميركية.

وتتواصل عطاءات كيتانو.. ممثلا.. ومخرجا.. من خلال شركة الانتاج التي اسسها، التي اسهمت في تسخير جميع الامكانات له، ليواصل عطائه وتميزه.

وكما اشرنا الى موهبته الكوميدية المتفجرة، فإنهم قلة الذين يعرفون في العالم، اهتماماته وابداعاته الشعرية، فقد الف اكثر من 15 ديوانا للشعر واكثر من عمل روائي. وتو،اصلت ابداعاته وفي كل مرة.. يترسخ كنموذج للانسان الياباني الناجح.

وتمثل الالفية الثانية، مرحلة انتقال، وسعت دائرة انتشاره وشهرته ونجوميته، ومن اهم الاعمال التي قدمها وحصدت شهرة عالمية واسعة فيلم «اوتراج» جزءين عرض الاول منها في المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي، وحصدت كتابات نقدية ايجابية، حول عوالم المافيا والاسر المافياوية التي تتحكم في احدى المدن اليابانية.

وفي عام 2003 قدم فيلم «زاتوشي» الذي قدم خلاله شخصية الفنان التشكيلي الياباني الشهير زاتوشي، عبر حالة من التقمص شديدة الحساسية.

وتشير الى انه في نهاية القرن الماضي وفي عام 1999، قدم احد اعماله السينمائية المهمة «كيكيجيرو» عن علاقة رجل عصابات مع طفل بريء، في رحلة تجول بنا في انحاء من اليابان.. وسط مناظر تدعو الى اكتشاف تلك الامبراطورية الراسخة التي تزخر بالمبدعين في مختلف مجالات الحرف الفنية ومن بينها صناعة الفن السابع.

ويظل تاكيشي كيتانو نموذجا للسينمائي والمبدع الياباني الناجح الذي استطاع ان ينتقل بين جميع الشخصيات فمن عصابات ياكوزا اليابانية الى رجل الشرطة ذو القلب القاسي.. حتى الانسان البسيط، وهو دائما يذهب الى بعد فلسفي، يتطلب مشاهد متنامية وتحليلا دقيقا للمشهد ودلالاته الفكرية والفلسفية.

السينما عند كيتانو مزيج بين الفكر والمتعة، لهذا تحصد افلامه رغم طروحاتها النجاح والانتشار لانه يعرف ماذا يريد المشاهد.

فهو حينما يذهب الى عصابات المافيا، فإنه لا يقدم العنف بشكله التقليدي، بل يبتكر ويؤسس ويدهشنا حد السخرية.

وهكذا حينما يقدم الانسان الفطري البسيط، فإنه يذهب الى البعد الفلسفي، مشددا على العلاقات الانسانية التي تحيط بكل شخصية يقدمها.

ويبقى ان نقول...

كيتانو.. القسوة اليابانية الساخرة.

النهار الكويتية في

25/07/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)