حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

                          دراما رمضان التلفزيونية لعام 2012

الأولى!

طارق الشناوي

July 30th, 2012 9:42 am

هل كان الأمر يستحق؟ هذا هو السؤال الذى تبحث عن إجابته بعد أن تشاهد تتر مسلسل «كيد النسا» الجزء الثانى الذى تشارك فيه «نبيلة».. ما تريد «نبيلة» أن تؤكده أنها ليست بديلة لسمية الخشاب، هذه هى القضية التى تسرق النوم من عينيها وتقض مضجعها، وجندت من أجل ذلك كتيبة من الإعلاميين والصحفيين لكى يروجوا لها بأنها سوف تؤدى دور «حلاوتهم» وليست «صافية» وهو الدور الذى لعبته سمية فى رمضان الماضى.. ليس هذا فقط هو الهدف، ولكن أتصور أن لديها رغبة عارمة فى أن تعود مجددا، وقد استردت اللقب الذى سقط عنها الذى كان فى الماضى يسبق اسمها «نجمة مصر الأولى» على سن ورمح، وهكذا عاشت إحساسا بالزهو والانتصار افتقدته قبل زمن.

المؤلف وجد حلولا ساذجة لكى تستمر الأحداث بعد اعتذار سمية التى سوف تنتقل إلى الرفيق الأعلى، بينما يعود أحمد بدير إلى الحياة بعد موته فى الجزء الأول، وتم اختراع شخصية «حلاوتهم» لتلعبها نبيلة باعتبارها أولى زوجات أحمد بدير قبل أن يتزوج «كيداهم» فيفى عبده، بعد أن زجت بها للسجن فى مؤامرة وخرجت بعد التأبيدة للانتقام من الجميع.

المؤلف لا يعنيه أى شىء سوى أن هناك شركة إنتاج تريد استثمار النجاح التجارى الذى حققه الجزء الأول ليقدم الثانى، وهكذا يقرر أن يميت من اعتذر عن الدور ويعيد إلى الحياة من مات.. وتبقى فى المعادلة نبيلة، ونعود إلى السؤال: هل الأمر يستحق؟ أتابع بعض الأجزاء فى المسلسل بقدر ما أتحلى به من قدرة على الصبر والاحتمال وأرى حيرة نبيلة وهى تحاول أن تنطق فتخونها مخارج الألفاظ، وتحاول أن تعبِّر فتخذلها تعبيرات وجهها التى سيطر عليها فى السنوات الأخيرة الجمود الشمعى.

نبيلة لعبت قبل خمسة أعوام بطولة مسلسلين «العمة نور» ثم «البوابة الثانية» إلا أن الأرقام فى التسويق لم تشهد لصالحها ولا توجد «عواطف» فى حساب الخسارة والمكسب فى شريعة الشركات التليفزيونية، ولهذا تضاءل الإقبال عليها.. الوحيدة التى من الممكن أن تراهن الآن على نبيلة عبيد كبطلة مطلقة هى نبيلة عبيد المنتجة، وبالطبع هى لن تجازف بالإنتاج لنفسها، لأنها مخاطرة غير مأمونة العواقب ولهذا كان ينبغى أن تشارك فى مسلسل تحت مظلة بطلة لها قدرة على التسويق، وهكذا جاء اعتذار سمية طوق نجاة لنبيلة، لأن المسلسل سوف يتم توزيعه فضائيا باسم «فيفى».

خطأ نبيلة أنها قبل أن تدخل الاستوديو تضع دائما معادلات أخرى خارج النص.. فى الماضى كانت تسبق اسمها بلقب «نجمة مصر الأولى» وتصر عليه، ثم صارت تكتفى فقط بالجزء الأول «نجمة مصر» السبب غير المعلن لحذف الأولى هو أن اللقب أصبح بمثابة نكتة، فكيف تكون أولى وأفلامها لا تحقق إيرادات؟!.. وبالفعل فى آخر أفلامها «مفيش غير كده» حذف المخرج خالد الحجر كلمة الأولى إلا أنها ظلت صامدة فى خط الدفاع الأخير وهو التليفزيون.. عندما لعبت بطولة مسلسلى «العمة نور» ثم «البوابة الثانية» أصرت على اللقب.. على المقابل فإن منافِستها التاريخية نادية الجندى لا تزال تحتفظ بلقبها «نجمة الجماهير» فهى ونادية على طريقة عبد الوهاب عندما غنى «كان عهدى عهدك فى الهوى يا نعيش سوا يا نموت سوا».. تعتبر نادية ونبيلة، أنهما واللقب يا نعيش سوا يا نموت سوا.

نبيلة لم تستطع الصمود طويلا ولم تواصل وجودها فى مقدمة الكادر على الشاشة الصغيرة، ولن تنتظر أن تكتب لها أدوار، بل سوف تأخذ أدوارا يرفضها الآخرون، وهكذا وجدت نفسها تتشعبط فى «حلاوتهم».. من الصعب عليها أن تعترف بأن اسمها لم يعد يحقق أى جاذبية فى الشارع، ومن الصعب أيضا أن تغيب أكثر من ذلك عن الشاشة.. كان اختيارها بين المر، وهو أن تقبل دور بطولة مشتركة اعتذرت عنه فنانة من جيل تالٍ لها، أو تتجرع الأمرَّ منه وهو أن تظل تترقب وتبدد وقتها فى النظر إلى السماء وهى تعد النجوم.. فاختارت المر.

عندما يكتب اسمها فى نهاية التترات، وكل هؤلاء النجوم يلتقون مع نبيلة عبيد، نجمة مصر الأولى، فهذا هو الهدف المنشود.. من يعرف نبيلة جيدا سوف يقول لك إن هذا بالفعل يسعدها حتى ولو كانت هى الوحيدة التى تصدق أنها الأولى!

 

فرقة «ناجى عطا الله» رهان خاسر

July 28th, 2012 9:58 am

طارق الشناوي

باستخفاف يصل إلى حدود اللا مبالاة هكذا أرى عادل إمام وهو يؤدى دوره فى مسلسل «فرقة ناجى عطا الله».. كان عادل يبرر غيابه طوال السنوات الأخيرة عن الدراما التليفزيونية بسبب حالة المط والتطويل التى تسيطر على المسلسلات وعندما يعود بعد 30 عامًا يقدم نموذجًا غير مسبوق فى المط والتطويل!

يكفى أن تذكر أنه فى الحلقة الأولى مثلاً لم يفعل شيئا سوى أنه يكرر عددًا من النكت المتداولة عن بخل اليهود.

رصدت لمسلسل «فرقة ناجى عطا الله» أكبر ميزانية على صعيد الدراما المصرية. فى البداية كان الرقم 70 مليون جنيه وارتفع فى أثناء التنفيذ إلى 90 مليون جنيه، نصيب عادل إمام وصل إلى 35 مليونًا.. إنها كما تبدو القفزة الرقمية الأخيرة التى يحققها عادل تليفزيونيا، فمن الواضح أنه لن يكرر التجربة. من بين الاتهامات التى تعرض لها رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون السابق أسامة الشيخ، وأدت إلى عقابه بالسجن المشدد خمس سنوات هى المغالاة فى منح المسلسل بضعة ملايين للعرض على شاشة التليفزيون المصرى.. أظن أن أسامة الشيخ، وهو يتابع الآن المسلسل فى «طرة» سوف يكتشف أنه اشترى بفلوس الدولة بضاعة لا تستحق.

نلمح فى الحلقات زيادة فى سقف الهجوم على إسرائيل لم نشهده من قبل مع عادل الذى تعود على أن يكون صوتًا للنظام، فلا بأس بعد رحيل النظام القديم أن يعيد ضبط موجته على الجديد مع مغازلة مشاعر الشارع الرافض لإسرائيل. البداية داخل السفارة المصرية فى تل أبيب، ومن الواضح أن عادل طوال هذا الجزء من المسلسل وهو يخشى أن يطوله الاتهام بالتطبيع بسبب تلك الحالة من الحميمية والدفء التى يقابل بها الشخصيات الإسرائيلية، ولهذا كثيرًا ما يكسر الخط الوهمى بين عادل إمام والدراما، ولهذا شاهدناه فى العديد من المشاهد وكأنه يبرئ ساحته الشخصية، مبررًا أنه يحاول معرفة أفكارهم ودوافعهم ولم يكن أبدًا صديقًا لهم.

عصابة تسرق بنكًا والبطل يريد استعادة حقه بعد أن اكتشف أنهم لا يريدون صرف مستحقاته بعد أن أنهى خدمته فى العمل بالسفارة.. وعلى طريقة أفلام «الساموراى السبعة» و«العصابة 12»، بل حتى «شمس الزناتى» الذى لعب بطولته عادل إمام. وبأسلوب ممل جدًا يبدأ فى تعريفنا بفرقته وظروف كل منهم الاجتماعية لمجرد زيادة حشو زمن الحلقات!!

وعلى الحدود ستجد أن القضية العربية فى الصراع العربى-الإسرائيلى مطروحة، وأيضًا التناقضات العربية تسيطر على الموقف.

كان عادل حريصًا على أن يبتعد زمنيًا عن ثورة 25 يناير حتى لا يتورط فى الإدلاء برأى، وهكذا شاهدنا فى المسلسل صورة حسنى مبارك فى المكاتب التابعة للسفارة المصرية فى تل أبيب -كما يقضى البرتوكول- ولكن المخرج على الجانب الآخر تعمد أن لا تُحمل هذه المواقف الدرامية بأى آراء سياسية.

المسلسل كان من المنتظر أن يعرض فى رمضان 2011، ولكن شركة الإنتاج رأت أن الظرف غير ملائم، خصوصا أن عادل كان على رأس قوائم العار التى تم تداولها فى العديد من المواقع الإلكترونية، ولهذا جاء التأجيل أيضًا لأسباب تسويقية، نظرًا للخوف من مقاطعة شعبية ضد المسلسل ترددت فى العام الماضى ولا تزال لها أصداؤها حتى الآن.

الغياب عن الشاشة الصغيرة زاد من سقف التوقعات، بينما الشاشة وعلى مدى يتجاوز 25% من زمن المسلسل تبدو صحراء فقيرة!!

هذا المسلسل يراهن فيه عادل ليس فقط على عادل، ولكن كل العائلة دخلت إلى المعركة الرمضانية. محمد إمام يشارك والده البطولة، ورامى إمام يخرج المسلسل، أى أن الانتصار ستحصده العائلة، كما أن الهزيمة ستُكابد ويلاتها العائلة.

هل اختار عادل إمام الفكرة الصحيحة.. أقول لكم إن ما شاهدته حتى الآن يؤكد أن غياب عادل الطويل عن الشاشة لم يدعم بعودة تليق به ويستحقها الجمهور.. صحيح أن الملايين تتابعه منذ الحلقات الأولى عبر الفضائيات، لأنه عادل إمام صاحب التاريخ والجاذبية الجماهيرية، ولكن كل شىء فى المسلسل يبدو تقليديًا ولا يحمل أبدًا روح المغامرة.. نصًا دراميًا مترهلاً ورؤية إخراجية كسيحة ومحاولة لتوريث ابنه محمد كرسى زعيم الكوميديا، والحصيلة كثير من الصخب والنكت البايخة، بالإضافة إلى 5 سنوات يقضيها أسامة الشيخ فى سجن طرة!!

 

انفلات لفظى

July 26th, 2012 9:26 am

طارق الشناوي

كلمات كثيرة تسللت إلى البيوت عن طريق المسلسلات فى رمضان، والحقيقة أنها لم تعد قاصرة على الدراما فقط ولكنها صارت تُستخدم على نطاق واسع فى لغة الصحافة، بل وفى الأغانى والشعر.

الكلمة قبل أن يتم تداولها لا تأخذ ضوءا أخضر من مجمع اللغة العربية ولكنها تنتزع حضورها عنوة فى الحياة، وكل زمن يطرح مفرداته، ولو تابعت لغة التخاطب فى النت ستكتشف أن ما تسمعه فى المسلسلات هو كلمات مهذَّبة جدا بالقياس إلى ما هو متداوَل الآن فى العالم الافتراضى.

من البديهى أن تتسلل هذه الكلمات أيضا إلى الشاشة.. ليس هذا تبريرا ولا دفاعا عنها، فهى فى جزء منها تجرحنا، ولكن علينا أن نذكر أن الشارع يردد قصيدة لجمال بخيت «دين أبوهم»، هذه الكلمة يتم التعامل معها الآن ببساطة أو «أولاد الذينَ» استخدمها الشاعر سيد حجاب فى إحدى أغانيه، ومقدم برنامج سمعناه يقول «أنا ابن ستين كلب لو عملت كذا» أو «أقلع هدومى فى ميدان التحرير لو حدث كذا».. كلمات ليست كالكلمات، ولكن من كثرة تداوُلها أصبحت تُقال ببساطة مثل كل الكلمات!

هناك -ولا شك- من يسعى إلى الإسراف فى استخدامها، صارت مثل مزاد علنى كلٌّ يريد زيادة الجرعة لكى يلفت إليه الانتباه.. دخل إلى سوق الكتابة جيل جديد، القليل منهم موهوب والأغلبية تعتقد أن مجرد كلمة روشة من هنا وهناك تمنح الحوار نكهة عصرية وتجعله على موجة الناس.

ولو قلبت فى صفحات الدراما ستكتشف أن أشهر عبارة أحدثت ضجة فى مصر ووصفت وقتها بالانفلات هى تلك التى أطلقتها «فاتن حمامة» فى فيلم «الخيط الرفيع» فى منتصف السبعينيات، «ابن الكلب»، التى نعتت بها محمود يس فى حوار ساخن، كان من المستحيل العثور على مرادف لفظى آخر، ولكن الذى حدث بعدها هو أن البعض طلب المعاملة بالمثل، ورأينا سيلا عارما من تلك الكلمة ومشتقاتها يتسلل إلى الأفلام.

لا ينجح عمل فنى لأن به بذاءات أو لأن البعض يعتقد أن هذه جرأة.. الناس بطبعها تكره الإفراط، والحكمة تقول «الفضيلة تقع بين رذيلتين، الإفراط والتفريط»، وهكذا بقدر ما أرفض تلك الأعمال التى تبدو معقَّمة فأنا أرفض أيضا الإسراف الذى يصل إلى حد الإسفاف فى أعمال أخرى.. النوعان مرفوضان، سواء تلك التى تغلف نفسها بغطاء من أوراق السوليفان أو الأخرى التى تبدو كأنها قد تخلصت حتى من ورقة التوت.

هل مخرجو السينما الذين احتلوا الشاشة هم المتهمون بالتجاوز بعد أن نقلوا معهم الحوار السينمائى؟ البعض يعتبر أن هذا رد فعل طبيعى لأن الفيلم يذهب إليه الجمهور ولهذا من الممكن أن يتسامح مع تلك الألفاظ بينما التليفزيون فى منزلك هو الذى يقتحم عليك حياتك.. ورأيى أن مثل هذه التحليلات تبدو فى جانب منها كأنها تبحث عن مبرر خارج عن النص لما نراه الآن من توفر عدد كبير من مخرجى السينما صاروا هم الأكثر طلبا من مخرجى الدراما، فلن تجد هذا العام ممن ينتمى إلى المدرسة الدرامية التقليدية سوى إسماعيل عبد الحافظ ورباب حسين ومجدى أبو عميرة. هناك إحلال وتجديد فى العناصر التى تتحكم حاليا فى اختيار المخرجين، ليس عبثا أن نرى خالد مرعى «شربات لوز» ومحمد بكير «طرف ثالث» وعثمان أبو لبن «فرتيجو» وأحمد جلال «رقم مجهول» وسعد هنداوى «زى الورد» ومحمد على «الهروب» وأحمد مدحت «عرفة البحر» وعادل أديب «باب الخلق» ورامى إمام «ناجى عطا الله» ومحمد مصطفى «9 شارع جامعة الدول العربية».. بالتأكيد يتباين مستواهم الفنى وبعضهم يقدم رؤية تعود بنا إلى ما قبل بدايات زمن الإخراج التليفزيونى، ولكن لا شك أن بينهم مَن أحدثوا نقلة على مستوى الرؤية البصرية، والحقيقة أن الشاشة منذ عامين تحمل تلك الروح فى ثلاثة مسلسلات شاهدناها فى رمضان هى «الجماعة» محمد يس و«أهل كايرو» محمد على و«الحارة» سامح عبد العزيز.

هناك بالفعل حالة من الانفلات اللفظى شاهدناها على الشاشة الصغيرة، وهى ليست مسؤولية مخرجى السينما، ولن تتوقف بمجرد أن تتدخل الرقابة بالمنع، ولكن أولا بتهذيب لغة الخطاب فى الشارع والنت والإعلام، فهل نبدأ بأنفسنا؟!

 

الأختان تريز وخديجة

July 25th, 2012 9:54 am

طارق الشناوي

رغم أنى لا أميل إلى تلك الحالة الهندسية التى لجأ إليها صناع مسلسل «أخت تريز» التى تقسم البطلة «حنان ترك» إلى شطرين ووجهين، فهى المسلمة التى ترتدى الحجاب «خديجة» وهى أيضًا المسيحية التى ترتدى زى الراهبات «تريز».

هذه الصرامة الحادة التى تقف على حد السكين، وتضع دائمًا حسبة أخرى خارج النص، وهى الخوف من الغضب خصوصا فى مجتمع بطبعه صار يميل إلى سوء الظن.. الحساسية التى نراها فى الشارع أدت إلى دراما مصابة أيضا بالحساسية!!

المسلسل يطل على عدد من الوقائع التى شاهدنا عليها المسلمون والأقباط وهم يتناحرون بسبب بناء كنيسة أو علاقة عاطفية بين مسلم ومسيحية أو العكس، هذا المجتمع تعوّد دراميا أن لا يتعامل بسهولة مع هذه القضايا، كما أن بلال فضل كاتب القصة حرص -وهى من المرات القليلة فى الدراما- أن يقدم لنا التطرف القبطى فى مواجهة التطرف الإسلامى.

كان فيلم «حسن ومرقص» من الحالات النادرة فى الدراما التى تناولت التطرف على الجانبين، لكن بالطبع كان عادل قد تحسّب لأى غضب ممكن، ولهذا سارع بعرض السيناريو أولًا على البابا شنودة والتزم بالملاحظات، ومنها أن «مرقص» ليس قسيسًا ولكنه أستاذ فى علم اللاهوت، وأتصور أنه لولا أن عادل أقدم على هذه الخطوة الاستباقية ما كان من الممكن للفيلم أن يمر دون غضب من قطاع من المسيحيين.

حتى الآن وأرجو أن يستمر الموقف على هذا النحو لم يعلن أى تجمع قبطى أو إسلامى رأيًا سلبيا فى المسلسل، ولكنى فى نفس الوقت لا أستبعد أن يثير المسلسل مع استمرار عرض الحلقات الغضب، رغم أن المقياس العددى الذى لجأ إليه صناع المسلسل روعى فيه الدقة تمامًا فلا يوجد مسيحى إيجابى إلا ويقابله إسلامى إيجابى، كما أن المشهد الذى يُقدِم فيه مسلم على فعل أو قول متطرف يقابله مشهد لمسيحى متطرف.. كل شىء يخضع لميزان الذهب!!

وهكذا رأينا فى أحداث المسلسل عددا من المحاذير الدرامية مثل بناء الكنيسة أو توسيعها وتربية الخنازير.. استخدام العنف بين المسلمين والأقباط كلها أحداث عايشناها ولكننا تعودنا أن لا نقترب منها على الشاشة حتى لا ننكأ الجراح، هذا هو ما يردده من يميلون بطبعهم إلى وضع أوراق السلوفان على ما يجرى من عنف طائفى نكتوى به على أرض الواقع.

الرقابة كانت تخشى من العرض خصوصا أنه كثيرًا ما صرح الأقباط بأن هناك حالة من التربص ضدهم فى رمضان، وهكذا مثلًا قبل نحو عشرين عامًا غضب عدد من الأقباط بسبب مسلسل «مين اللى ما يحبش فاطمة» لأن البطلة أشهرت إسلامها وبعدها بعشر سنوات جاء الغضب من مسلسل «أوان الورد» لأن البطلة أرملة مسلم.

المسلسل الأول مأخوذ عن رواية لأنيس منصور قال لى كاتب السيناريو رؤوف حلمى إنه تلقى العديد من الاحتجاجات العائلية وهم يعتبون عليه كيف وهو مسيحى متدين يسمح للبطلة فى نهاية الحلقات بأن تُشهر إسلامها.. وتكرر الأمر فى «أوان الورد» الذى جمع بين الكاتب وحيد حامد والمخرج سمير سيف، ورغم أن وحيد وسمير بينهما نوع من التوأمة الفنية فإن اشتراكهما معًا فى المسلسل كان يعنى عند الشارع أن هناك عينا مسلمة وأخرى مسيحية تتابع الأحداث ورغم ذلك غضبت الكنيسة.

أما «بحب السيما» فهو أهم فيلم قدم شخصيات مصرية قبطية ولاقى هجوما واحتجاجا ضاريا، وتستطيع أن تضيف آخر وقائع مسلسل الحساسية فيلم «الخروج من القاهرة» للمخرج هشام العيسوى شاهدناه فى مهرجان «دبى» السينمائى قبل نحو عامين ويتناول علاقة عاطفية بين فتاة مسيحية وشاب مسلم، ورغم أن السيناريو وضع خطًّا آخر موازيًا وهو علاقة جمعت بين فتاة مسلمة وشاب مسيحى فإن الرقابة، أو الحقيقة الأمن القومى منع عرض الفيلم قبل الثورة ولا يزال القرار ساريًا حتى الآن!!

فى ظل هذه الحالة، من المنطقى أن نشعر بأن مجرد خروج «أخت تريز» من الرقابة وعرضه فى رمضان هو دخول إلى منطقة ملغومة.. من المؤكد أنه سوف تولد فى السنوات القادمة أعمالًا أخرى قادرة على أن تتخطى تخوم الحساسية بدلًا من الوقوف دراميا على حد السيف

 

طونى وجورج ونيشان ونيكول

July 24th, 2012 9:53 am

طارق الشناوي

قالت لى هل يرضيك «الدار دار أبونا والغرب يطردونا»، سألتها ماذا تقصد بحكاية أبيها، قالت لى: المحطات الفضائية التى تستعين بالمذيع اللبنانى وتترك المصرى.. من المؤكد أنكم استنتجتم أن التى كانت تحدثنى هى مذيعة تليفزيون وأنها تتعجب لماذا لم يسندوا إليها واحدًا من تلك البرامج؟!

كانت تقصد طونى خليفة وبرنامجه «زمن الإخوان». طونى واصل وجوده للعام الثالث على التوالى فى «القاهرة والناس»، وجورج قرداحى الذى عاد إلى التليفزيون المصرى فى «المليونير» من خلال «الحياة»، وجورج عرفناه فى مصر قبل 10 سنوات وكان هو أشهر مذيع لبنانى فى مصر ولا يزال. وجاء نيشان مع «العسل وأنا» ونيكول سابا «التفاحة».. شاهدت ما قدمه الأربعة ولم أشعر أن هناك تفوقًا عن البرامج التى يقدمها مصريون.. طونى هذا العام يتراجع عما وصل إليه فى الماضى. يكفى أنه يقدم ثلاثة من المراقبين السريين، والثلاثة أصواتهم مميزة لدى قطاع وافر من الجمهور. فكيف لا يعرفهم ضيوف البرنامج.. كان الأفضل فى تلك الحالة أن يلعب على المكشوف، أى يقدمهم فى البداية للضيف وللجمهور.. ربما كان طونى بحكم أنه لا يعيش فى مصر لا يدرى أن مراقبيه الثلاثة من الضيوف الدائمين على برامج التوك شو، ولكن كيف يقع فريق الإعداد فى هذا الخطأ؟ بينما نيشان فى برنامجه يدلع ويطبطب ضيوفه أكثر مما ينبغى. وجورج قرداحى لا يزال يعيش مع «المليونير» وهو يعتمد على قوة الدفع الجماهيرى التى توافرت له فى السنوات الماضية.. أما نيكول فهى تشعرنى بأنها تستضيف فى كل حلقة نيكول!

الأربعة ليسوا فى أفضل حالاتهم، ولكن من حقهم أن يعملوا فى مصر فهم يخضعون لقانون العرض والطلب.. القناة الفضائية تستعين بالورقة التى تحقق لها الدخل الأعلى والجاذبية الأكبر، ولا مجال لمن يتصور أنه مصرى، فهو الأحق كأنه جحا الذى يريد الاستحواذ على لحم طوره.

السوق التليفزيونى أصبح يفرض على الجميع ضرورات اقتصادية.. الأصوات الغاضبة التى تسأل لماذا يعمل المذيع اللبنانى، بينما هم فى بيوتهم، يذكروننى بتلك الهجمات الفاشلة التى شنتها نقابة الممثلين المصرية قبل نحو 5 سنوات ضد أى فنان عربى يوجد فى مصر، وبدأنا نرى قرارات عشوائية تصدر من أجل تحجيم مشاركة الفنان السورى أو اللبنانى فى الدراما.. لم نشعر أبدًا وقتها أن هذه القرارات تسعى لحماية الفنان المصرى، بل كانت تُظهره فى مكانة الأضعف، وكانت تتردد بين الحين والآخر عبارات مثل «اللى يعوزه البيت يحرم ع الجامع»، واعتبر بعض الممثلين المصريين أنهم البيت، ومع الأسف جزء من الإعلام المصرى تورط فى الدفاع عن هذه القرارات. ولكن ما حدث بعد ذلك هو أن كل محاولات تحجيم الفنان العربى ماتت على أرض الواقع، والعديد من المسلسلات التى نشاهدها هذا العام يشارك فى بطولتها فنانون من سوريا ولبنان وتونس وفلسطين والأردن، ولم يعد أحد حتى يتذكر جنسية هؤلاء.. الفضائيات طرحت قانونًا مختلفًا، الفنان الأعلى إبداعًا هو المطلوب ولا شىء آخر.. مثلا هذا العام استعانت الدراما المصرية بالمخرج التونسى شوقى الماجرى فى المسلسل الرائع «نابليون والمحروسة».. المعلق الكروى التونسى عصام الشوالى، لأنه أصبح الأشهر عربيًّا أسند إليه المخرج عمرو عرفة أداء مشهد داخل فيلمه «حلم عزيز»، بالرغم من توافر عشرات من مذيعى مباريات كرة القدم المحليين!!

ويجب أن لا ننسى أن التليفزيون المصرى كان يحمل حتى سنوات قليلة اسم التليفزيون العربى، وفى الفضاء العربى تتألق خارج الحدود من مصر المذيعات وفاء الكيلانى ومريم أمين وإنجى أنور.

لم يعد أحد يلحظ وهو يشاهد مسلسلات رمضان هذا العام أن إياد نصار أردنى من أصل فلسطينى، وصبا مبارك أردنية، وجمال سليمان وسلافة معمار من سوريا، وسناء يوسف تونسية وغيرهم.. لا أحد صار يفتش فى جواز السفر، وأظنه لن يلحظها أيضا فى الأعوام القادمة مع مقدمى البرامج.

أدافع عن وجود المذيع العربى فى الفضائيات المصرية، رغم أننى أرى أن البرامج الأربعة التى يقدمها المذيعون اللبنانيون على الشاشات المصرية ليست هى الأقوى، ولكن هذه نقرة وتلك نقرة!!

 

استغاثة للرئيس

July 23rd, 2012 9:49 am

طارق الشناوي

المعروف أن جمال عبد الناصر هو الذى صرح بفيلم «شىء من الخوف» عندما اعترضت عليه الرقابة وتردد وزير الثقافة الأسبق ثروت عكاشة فى الموافقة، فقال له عبد الناصر تلك العبارة التى صارت مثلًا «يا ثروت لسنا عصابة تحكم مصر».. والمعروف أن أنور السادات وافق على عرض فيلم «أهل القمة» الذى ينتقد سياسة الانفتاح الاقتصادى.

كثيرًا ما ذكر عادل إمام أن مبارك هو الذى صرّح له بتصوير فيلم «السفارة فى العمارة»، لأن لا فاروق حسنى ولا زكريا عزمى ولا حبيب العادلى تحمل أى منهم المسؤولية، ولكن المخلوع اتصل به وقال له «صوّر فيلمك يا عادل».. وقبل ذلك وافق المخلوع على عرض فيلم «جواز بقرار جمهورى» بطولة هانى رمزى، وتكرر الموقف مع فيلم «الجردل والكنكة» الجزء الثانى من «بخيت وعديلة».. تخيلوا أن رئيس جمهورية يتدخل لعرض جردل وكنكة!

بعد كل هذه الوقائع وغيرها هل اعتقدت أن أيا من الرؤساء الثلاثة كان يؤمن بالفعل بالحرية أم أيقنت على العكس بأن الدولة المصرية كانت صغيرة جدا إلى درجة أن الرقيب لا يستطيع اتخاذ قرار بالعرض أو حتى بالتصوير.

قبل يوم فقط من بداية رمضان قرأنا فى الصحافة إعلان استغاثة من منتج تليفزيونى إلى رئيس الجمهورية يطالبه بعرض مسلسله «البحر والعطشانة» الذى لعبت بطولته رولا سعد لحساب قطاع الإنتاج التابع لاتحاد الإذاعة والتليفزيون.. توقع البعض أن الرئيس سوف يقطع رحلته فى أثناء مشاركته فى القمة الإفريقية وينسى مأزقه فى تشكيل الوزارة وانفراط 20 يومًا من خطة الـ100 يومًا ويصدر أوامره بعرض المسلسل، بحجة أن المنع قد أصدرته الرقابة بسبب تعرضه بالنقد لجماعة الإخوان المسلمين.. رغم أن المنتج فى شكواه أكد أنه لم يحدث أن المسلسل تعرض بالنقد للجماعة، الغريب أن المسلسل يُعرَض بالفعل على إحدى القنوات الحكومية المتخصصة، فما هو إذن سبب الاستغاثة.. هل من أجل لفت انتباه المشاهدين؟

من حسن حظ العديد من المسلسلات أنها لم تُعرض فى هذا الموسم الرمضانى، حتى لا تضيع فى زحام الأعمال الأخرى التى ينتظرها الناس وتتخاطفها الفضائيات، ولهذا مثلًا سحب المخرج محمد فاضل مؤخرًا مسلسله «ويأتى النهار» من العرض، لأنه أدرك أن حالة الصخب التى تعيشها الفضائيات الآن لن تسمح بمناخ صحى للمشاهدة، ويجب أن نذكر أن المسلسلات التى يتكرر عرضها فى العديد من الفضائيات وتشاهدها فى اليوم عشر مرات ليست هى بالضرورة الأفضل، ولكن وكالات الإعلان والقنوات الفضائية تلهث وراء الأكثر بريقًا!

هل مسلسل «البحر والعطشانة» قادر على الصمود وهو بالمناسبة ليس المسلسل الوحيد الذى يتعرض بالانتقاد للتيار الإسلامى ولا للتزمت الدينى، مسلسلا «أخت تريز» و«الهروب» يحملان تلك الأفكار.

لا أستبعد أن عقلية الموظف التليفزيونى من الممكن بالطبع أن تحاول تقديم الولاء للنظام الحالى، إلا أننى أرى أن هناك على الجانب الآخر محاولة لاكتساب نقاط بطولة، لأن الدولة لا يمكن أن تمنع انتقاد رجل يدّعى التدين بلحية وجلباب بحجة أنه ينتقد الدين.. والغريب أن المنتج يقول إن المسلسل برىء حتى من هذا الاتهام.

المؤكد أن الإخوان لديهم أموال ومناخ يرحب بإنتاجهم طبقًا للمواصفات التى يرونها، وسوف نكتشف أن هناك طابورا من الفنانين قد ضبطوا الموجة تمامًا على ما يريده الإخوان فى انتظار أن تتم الاستعانة بهم فى تلك المسلسلات والأفلام.

لم يتدخل رئيس الجمهورية، ولا أعتقد أن بالمسلسل ما هو أكثر مما شاهدناه مثلًا فى «الزوجة الرابعة» الذى يقدم شخصية الحاج المتدين الذى لا يترك فرضًا إلا ويؤديه فى الجامع ويرفض حتى مصافحة النساء بينما هدفه الوحيد هو إشباع شهواته.

أراد منتج الفيلم أن يكسب نقطة عند الرئيس من أجل أن يرسخ قاعدة مرفوضة تمامًا، وهى أن كل شىء ينبغى أن يبدأ وينتهى بالرئيس فهو الوحيد الذى يملك القرار من رغيف العيش حتى رولا سعد.

ما رأيكم ما دمنا نعيش فى زمن الاستغاثات المضروبة، فأنا أستغيث بالرئيس لكى يحذف على الأقل 90% مما يطاردنا على الشاشة من مسلسلات وبرامج، فهل توقِّع معى على هذا البيان؟!

 

فاصل ونواصل!!

July 22nd, 2012 9:23 am

طارق الشناوي

أنت تقرأ هذه الكلمة ثالث أيام رمضان، وأنا أكتبها بعد حصيلة مشاهدة يومين، لأن رمضان يبدأ إرساله تليفزيونيًّا ليلة السحور.

يومان لا يكفيان بالطبع للحكم، ولا حتى لتقديم انطباع مبدئى، ولكن من حقى أن أقدم إلى القارئ ما أشعر به، ومن حق القارئ أن أقول له إن هذا الرأى يحمل بداخله خط رجعة.. بداية نور الشريف «عرفة البحر» ويحيى الفخرانى «الخواجة عبد القادر» لا يزالان قادرين على تحقيق الجاذبية.. مسلسل الفخرانى حضوره هو الأقوى رغم أن بدايات السيناريو لم تقنعنى، لأنها تقدم على طريقة «يُحكى أن».. نور الشريف لديه سيناريو ومخرج وأجواء سيطر عليها أحمد مدحت، وهى أولى تجاربه الإخراجية فى الفيديو.. مسلسل «ناجى عطالله»، المؤكد أنه يحظى حتى الآن بكثافة جماهيرية لجاذبية اسم عادل إمام، لكن ما تابعته يشى بأن هناك حالة من الحشو الدرامى من أجل إطالة زمن الحدث، وكأن هناك مساحة فارغة، على الجميع أن يملأها، ومن الممكن أن تتسامح فى الحلقات الأولى مع هذا النوع من الاستطراد، لكن مع استمرار تلك الحالة أشك كثيرًا.. لم يستطع المخرج رامى إمام أن يحل مشكلة استخدام اللغة، تجد إسرائيليًّا يتكلم مع إسرائيلى بالعربية كثيرًا والعبرية قليلاً دون منطق، كان من الممكن مثلاً أن يتم الاتفاق الضمنى مع المشاهدين على استخدام العربية.. وتلمح أغانى مصرية بكثافة فى أماكن بطبعها إسرائيلية.. هناك بالتأكيد عوامل خارج النص تؤثر على تفاصيل المسلسل، وهو أن الناس تخلط لا شعوريًّا بين موقف البطل الدرامى فى علاقته مع إسرائيل، وهو غير مسؤول عنه بالطبع وموقفه الواقعى، وهكذا نرى عادل إمام وهو يحاول التبرير للمشاهد لماذا يقيم علاقات مع إسرائيليين، كما أن المسلسل يخشى أن يصدم جمهوره الرافض للتطبيع مع إسرائيل، فيقدم لإبراء ساحته شخصية مستشار إعلامى لا يصافح إسرائيليين، وهو بالطبع لا يستقيم مع طبيعة العمل فى السلك الدبلوماسى، وعلينا أن ننتظر.. محمود عبد العزيز فى «باب الخلق» يشع على الشاشة حضورًا، لكن لم أجد فى خطوط الدراما حتى الآن محمود يقود قاطرة الدراما.. بدايات مسلسل «الهروب» و«خطوط حمرا» و«فيرتيجو» و«حكايات البنات» و«طرف ثالث» و«الرقم المجهول» و«مع سبق الإصرار» مشجعة وتدعونى إلى الترقب والمتابعة بينما «الزوجة الرابعة» فإن مصطفى شعبان يستنسخ برداءة «الحاج متولى».. «نابليون والمحروسة» و«الفاروق» مسلسلان فى مكانة إبداعية خاصة.

أغلب الظن أنك تلهث مثلى من قناة إلى أخرى ومن مسلسل إلى آخر أقول لك، تمهل والتقط أنفاسك.

إننا مع الأسف نسير على نهج الطماع «قاسم»، وننسى الحكمة التى أسداها إلينا «على بابا» فى تلك الحكاية الشهيرة التى كنا نحفظها ونردد أغانيها فى طفولتنا من خلال الأسطورة الشهيرة «على بابا والأربعين حرامى»، وكيف أن على بابا عرف كلمة السر وفتح باب المغارة، قائلاً «افتح يا سمسم»، ودخل إليها، ووجد الياقوت والمرجان والذهب والزمرد، اكتفى بالقليل من كل هذا وخرج فائزًا واستمتع بالحياة مع جاريته المخلصة «مرجانة»، بينما شقيقه الجشع «قاسم» كان يريد أن يحصل على كل الذهب والمرجان والياقوت المتراكم بالمغارة، فنسى كلمة السر وعطس وألقت العصابة القبض عليه!!

قدرة الإنسان على الاستيعاب الفكرى لها حدود.. صارت الفضائيات أشبه بالبوفيه المفتوح، عليك أن تحصل على الضرورى، بل والقليل، حتى لا تصاب بتلبك فكرى وتشويش عقلى.. أغلبنا وأنا بحكم المهنة أضطر إلى مشاهدة الكثير من الأعمال الدرامية والبرامجية، وتلك هى مخاطر المهنة، إلا أنك عزيزى القارئ يجب أن تضع أمامك هدفًا وترسم خطة إذا كانت شركات الإعلان تحرص على أن تضع على الخريطة هذا الكم الضخم من المسلسلات والبرامج لأسباب تجارية، فأنت على المقابل لست مضطرا إلى أن تستجيب لها، لأنك فى النهاية ستجد نفسك فاقدًا قدرتك على الاستمتاع.. العمل الفنى المتقن ليس هو فقط الذى ينتهى عرضه مع كلمة النهاية، لكن الذى يبدأ عرضه داخلك وأنت تقرأ كلمة النهاية!!

حاول الآن أن تستعيد شيئًا مما شاهدته، ستكتشف أن هناك تداخلاً.. لن أنصحك بالتقليل، لأننى شخصيًّا ومع الأسف كل عام أنصح نفسى ولا آخذ بالنصيحة.. فاصل ونواصل!!

 

عليكم واحد!!

July 21st, 2012 10:13 am

طارق الشناوي

أكتب هذه الكلمة وأنا أترقب الحلقة الأولى من مسلسل «كيد النسا» الجزء الثانى، أعلم أن المسلسل لم يحمل أى قيمة إبداعية وتقديم هذا الجزء لا يعنى سوى محاولة لاستثمار قوة الدفع من خلال الصراع النسائى الصاخب، التى شاهدنا فيها كل أصناف الشرشحة الدرامية.

لم يكن الأمر سهلا لتقديم هذا الجزء، بل احتاج إلى أن يقفز المؤلف الجديد حسين مصطفى محرم، على مجموعة متلاحقة من المعلومات التى قدمها لمشاهديه وكأنه بصدد لعبة درامية هو فقط الذى يضع شروطها، المشاهد يعرف أن أحمد بدير فى الجزء الأول انتقل إلى الرفيق الأعلى ومات بل وشبع موت، ولكنه سوف يقول لهم «عليكم واحد» بدير حى يرزق فكيف يستمر الصراع دون بدير، خصوصا أنه لم يعترض على تقديم جزء ثان ولا بالطبع على عودته إلى الحياة مجددا، واعتبرها معجزة إلهية، أما التى اعترضت على استكمال الحلقات فهى سمية الخشاب، ولهذا فإن جزاءها المستحق هو الموت و«عليكم اتنين»، كانت سمية تؤدى دور صافية ووجدت شركة الإنتاج أن نبيلة لا تمانع فى مشاركة فيفى عبده البطولة، على شرط أن لا تصبح بديلة لسمية. ونبيلة تعتقد أن هذا يجرح اسمها وتاريخها وتفتق ذهن الكاتب على أن يقدم للمشاهد معلومة تؤكد أنها كانت الزوجة الأولى لبدير واسمها حلاوتهم وقضت فى السجن 25 عاما، وخرجت لتنتقم، لا ندرى بالطبع تنتقم ممن فيفى وبدير أم تنتقم من المشاهدين و«عليكم تلاتة».

ولا أتصور أن هذه هى فقط المفاجآت، المؤكد أن جراب الكاتب ممتلئ بالمزيد منها.

تقديم جزء ثان للعمل الفنى المفروض أنه يخضع فقط لضرورة درامية وليس لمجرد نجاح مسلسل فتقرر شركة الإنتاج استمراره.

فى مسلسلات الأجزاء تزداد تدريجيا شراسة النجوم وتتآكل على الجانب الآخر قوة المؤلفين والمخرجين. الممثل الذى يحقق نجاحا فى الجزء الأول يصعد للثانى متكئا على حماية جماهيرية ثم ينتقل إلى الثالث ولديه ولا شك إحساس بالقوة المطلقة. ورغم ذلك فإنه حتى الضعفاء على الجانب الآخر -وأعنى بهم المؤلفين والمخرجين- يخلقون من الضعف قوة. الكاتب على الورق يعتقد أنه يتقمص دور الإله يصنع أقدار شخصياته الدرامية، يحيى هذا ويميت ذاك ويعلى من شأن ممثل ويدخل آخر السجن.. وإذا فشلت كل طرق السيطرة على النجم المنسحب ولم تجدِ كل محاولات استعطافه بالعودة، يصدر المؤلف قرارًا بإنهاء حياته، وهو ما حدث مثلا قبل نحو ثلاث سنوات فى المسلسل السورى «باب الحارة» الجزء الثالث.. فى هذا المسلسل الذى استحوذ على اهتمام الجمهور العربى انسحب عباس نورى، وسامر المصرى من استكماله، فما كان من المؤلف سوى أنه قرر إنهاء حياتهما فى الحلقات الأولى، وبدأ يلعب مع الجمهور ع المكشوف..!!

الناس لا تستطيع أن تتعامل بهذه البساطة مع الأعمال الفنية. سبق أن تكررت مثل هذه المواقف فى أشهر مسلسلات الأجزاء «ليالى الحلمية» لأسامة أنور عكاشة وإسماعيل عبد الحافظ.. كانت آثار الحكيم بطلة الجزء الثانى، وعندما اعتذرت عن الثالث أسندوا دورها إلى إلهام شاهين، ولكن أسامة لم ينه حياة آثار بينما ظل الجزء السادس حبيس مكتب الراحل أسامة أنور عكاشة، لأن يحيى الفخرانى لم يتحمس لتصويره، وهو ما تكرر فى «زيزينيا»، عندما انسحبت آثار فى الجزء الثانى فأسند المخرج جمال عبد الحميد دورها إلى هالة صدقى، بينما عندما اعتذر الفخرانى عن الجزء الثالث لم ير النور حتى الآن!!

نجاح الجزء الأول فى أحيان كثيرة يصبح دافعا للثانى، وقد يتحول إلى مقبرة للعمل الفنى لو لم يأت أكثر جاذبية، ولكننا لا نتحدث فى «كيد النسا» عن استكمال عمل فنى بقدر ما هو أقرب إلى عملية تدوير مسلسل.

حكى لى المخرج محمد القليوبى هذه الواقعة منذ أكثر من 50 عاما، كانت سميحة أيوب تلعب بطولة مسلسل إذاعى للكاتب والمخرج عبد الرحمن الخميسى، ويوم التسجيل -وكان المسلسل يذاع على الهواء- لم تأت سميحة فكتب الخميسى فى نهاية الحلقة «سميحة أكلها السبع» وفى اليوم التالى ظهرت سميحة واعتذرت بسبب ظرف طارئ ألمّ بها، واقتنع الخميسى فكتب فى بداية الحلقة التالية «سميحة مأكلهاش السبع.. عوّرها بس»!!

أخشى هذه المرة أن المسلسل يعوّر المشاهدين و«عليكم أربعة»!!

 

نجوم على النوتة!

July 19th, 2012 9:21 am

طارق الشناوي

غضب عدد من نجوم التليفزيون الذين قدموا مسلسلات من إنتاج «صوت القاهرة» وقطاع الإنتاج عندما اكتشفوا أن تليفزيون الدولة لن يعرض أعمالهم، واستبدل بجزء منها المسلسلات التى يلعب بطولتها نجوم لديهم قدرة على تحقيق جذب لوكالات الإعلان ومن ثم ضخ أموال فى خزانة التليفزيون الخاوية.

للغاضبين كل الحق فى إعلان ذلك لو أن إنتاج الدولة يستحق الدفاع عنه، ولكن أغلب ما تنتجه «صوت القاهرة» وقطاع الإنتاج تشم فيه دائما تلك الرائحة التى تؤكد أن هناك معادلة أخرى وصفقة تحت المائدة!!

المعروف أن «صوت القاهرة» تنتج المسلسلات على النوتة، أى أن الممثل لا يحصل على أجره مباشرة ولكن على دفعات تبدأ بعد نحو عام من نهاية التصوير.. الكثيرون اعتقدوا أن الدولة ما دامت أنتجت فهى سوف تلزم التليفزيون بالعرض، ولكن من الواضح أن هناك من أوحى إلى اللواء أحمد أنيس الذى لا أدرى حتى كتابة هذه السطور ما الذى أوصله إلى كرسى الوزير سوى أنه لواء فى الجيش والأمر فى النهاية يرتكن إلى ولائه للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، ومن الواضح أن اللواء يحاول أن يبقى على الكرسى ويبحث عن مسلسلات النجوم لعرضها حتى يصبح من حقه الحصول على قضمة من تورتة الإعلانات.

وهكذا تصدرت أسماء مسلسلات عادل إمام، وكريم عبد العزيز، وأحمد السقا، ومحمود عبد العزيز، وجمال سليمان، ومحمد سعد، ويسرا، وحنان ترك، واجهة قنوات التليفزيون الرسمية.. المؤكد أن الربط بين جاذبية النجم وجودة المسلسل لا أراها معادلة صحيحة، فكم من المرات اكتشفنا أن النجم يبيع لنا الوهم. ولكن الوجه الآخر للصورة هو: هل الإنتاج الرسمى للتليفزيون الذى فى العادة لا يتعاقد مع نجوم الإعلانات؟ هل لدى هذه المسلسلات قيمة إبداعية يدافع عنها؟ مع الأسف أيضا ستكتشف أن هناك إهدارًا للمال العام. كتبت أكثر من مرة قبل بضعة أشهر عن اغتيال نَصّ درامى تعودنا من كاتبه محفوظ عبد الرحمن على الإجادة والإمساك بالتفاصيل، أتحدث عن مسلسل «أهل الهوى» الذى يتناول مصر منذ عام 1917 حتى عام 1923 من خلال علاقة الصديقين بيرم التونسى وسيد درويش وكان عمراهما فى تلك المرحلة 24 عاما، وتنتهى الحلقات وهما فقط فى الثلاثين. المخرج أسند دوريهما إلى فاروق الفيشاوى وإيمان البحر درويش، اعتقدت أننى بمجرد النشر سوف أجد الوزير اللواء يسأل ويحقق، ولكنى فوجئت بأن لا أحد يهتم، بل قرأت للكاتب الكبير الصديق محفوظ عبد الرحمن حديثا يدافع به عن الفساد متعللا بأن هؤلاء ممثلون كبار ولديهم أدواتهم فى التعبير ولكن من سوء حظه تنشر الجرائد الصور لبطلَى المسلسل والمفروض أنهما فى ريعان الصبا والشباب ونرى الترهل قد سُطِّر على ملامحهما خصوصا فاروق الفيشاوى. الكاتب يعتبر أن ما ترتكبه الصحافة خطيئة عندما تتناول جريمة تمس المال العام بينما الخطيئة هى أن لا أسمع احتجاجا من كاتبنا الكبير لكى يحمى إبداعه من التعرض لأهواء المخرج الذى لا يعنيه شىء سوى الاستعانة بأصدقائه على حساب صاحب المحل (قطاع الإنتاج).

يعتبر البعض أن الدولة مثل موائد الرحمن من حقك أن تأكل دون أن تدفع أو حتى تشكر. سوف أضرب لكم مثلا آخَر بمسلسل «ويأتى النهار» الذى يخرجه محمد فاضل، لا شك أن فاضل مخرج كبير ولكنه فى السنوات الأخيرة صار لا يعنيه شىء فى الدنيا سوى أن يقدم مسلسلا تلعب بطولته فردوس عبد الحميد ودائما ما يبحث عن جهة رسمية لا تعنيها الخسائر لكى تنتج المسلسل وهو لا يختار العمل الفنى إلا بعد التأكد أولا أن البطولة النسائية لفردوس، وهكذا تصدت «صوت القاهرة» لتحقيق رغبة فاضل، والغريب أن الكل يعرف ذلك ويدرك أيضا أن البطلة لا تملك قوة جذب فى التسويق، ورغم ذلك يتم الإنتاج على حساب صاحب المحل «صوت القاهرة».. يبدو أن التليفزيون بسبب عدم توفر الجاذبية الإعلانية تراجع عن عرض المسلسل رغم أنه طبقا لما هو منشور يتناول ثورة 25 يناير.. هل هناك بالفعل من يفكر فى شاشة ماسبيرو أم أن الكل صار يبحث عن السبوبة؟!

ليس من مصلحة أحد أن يتحول التليفزيون فى عز الموسم إلى خرابة مهجورة ولكن يبدو أن البعض يريده كذلك!

 

سوسن بدر لها 7 أرواح!

July 15th, 2012 10:07 am

طارق الشناوي

فى مثل هذه الأيام وقبل عامين كتبت «القطة لها سبع أرواح».. أما سوسن بدر فلقد تساوت بالضبط مع القطط فى عدد المسلسلات والأرواح وهى «عايزة أتجوز»، «الجماعة»، «الحارة»، «اختفاء سعيد مهران»، «شاهد إثبات»، «امرأة فى ورطة»، «شريف ونص».

كان هذا فى رمضان 2010، ولو أحصيت عدد المسلسلات التى تقدمها سوسن فى رمضان 2012 لوجدتها سبعة بالتمام والكمال، وهى على النحو التالى: «الخواجة عبد القادر»، «البلطجى»، «الحملة الفرنسية»، «عرفة البحر»، «خرم إبرة»، «الصقر شاهين»، «النار والطين» وذلك طبقًا للأرقام التى أشار إليها الزميل هانى سامى على صفحات جريدة «الفجر».

هل من الممكن أن يتحمل المشاهد رؤية ممثل مهما بلغت موهبته فى سبعة أدوار مختلفة؟ هل يملك أى ممثل مهما تمتع بإمكانيات استثنائية القدرة على التقمص الوجدانى لكل هذا العدد من الشخصيات وفى فترة زمنية محددة جدا..؟ المؤكد أن سوسن كان عليها أن تصور ستة أعمال من بين السبعة المعروضة فى نفس الوقت، وعلى الأقل عليها أن تخرج من شخصية لتلحق بأخرى.. فهل تستطيع أن تُمسك بتفاصيل كل شخصية على المستوى الشكلى والنفسى؟!

الممثل ليس مثل الصنايعى الحرفى النجار أو الحداد أو المكوجى الذين يجيدون أصول الصنعة، ومن الممكن أن ينجزوا فى اليوم العديد منها، لأن هناك تشابها يصل أحيانًا إلى حد التطابق فى الأدوات التى يتعاملون معها، ولهم بالطبع كل الاحترام كأصحاب مهن تحتاج إلى درجة إجادة لا تتوفر للجميع وتختلف من شخص إلى آخر، ولكن التمثيل مجال آخر تمامًا.

البعض يعتقد أن لحظة الوقوف أمام الكاميرا هى فقط زمن التمثيل مثل لحظة الوقوف أمام المكواة ووضعها على القميص هى فقط زمن الكى.. الممثل ليس مجرد مؤدٍّ يحفظ تفاصيل الدور وملامح الشخصية ويضع المكياج ويرتدى الملابس الملائمة.. إنها حالة داخلية بالدرجة الأولى يجد نفسه وقد أصبح منطلقًا خارج مجاله الشخصى!!

الممثل يتعايش مع الدور قبل وبعد لحظات الوقوف أمام الكاميرا.. وقد يحدث بسبب تلك المعايشة أعراض جانبية، نوع من التوحد هذه الحالة مثلًا كنا نرى أحمد زكى عليها إلى درجة أنه عانى من مشكلات صحية فى الأمعاء فى أثناء أدائه فيلم «زوجة رجل مهم» إخراج محمد خان، وقال له الطبيب إنه قد حدث تماثل مع الشخصية أدت إلى معاناته الصحية لتتوافق مع معاناة الشخصية الدرامية.

سوسن فنانة حقيقية لا أتصورها من هؤلاء الصنايعية أصحاب «الزراير» تضغط عليها وتتحرك وفقًا لآلية محددة تقدم «الشويّتين» اللى تعرفهم وكأنها شخصيات سابقة التجهيز الدرامى.. إنها فنانة تغوص فى الشخصية تدخل إلى مسامها وشرايينها ولكن ينقصها العقل المنظم الذى يضعها فى مكانة تستحقها.. مثلًا بين الأعمال السبعة التى سنراها بعد أيام على الشاشة من المؤكد سيسقط نصفها على الأقل بل إن هناك ولا شك حالة من التداخل ستصيب المشاهد فى رمضان وهو يلهث وراءها من دور إلى آخر. سوسن بالطبع فنانة لديها دائرة إبداعية مترامية الأطراف، هى لهذا ليست صاحبة الدور ولا الأداء الواحد، ولكن كل فنان يحتاج إلى فترة صمت طويلة يعيد فى أثنائها شحن بطارية الإبداع.

ويبدو لى أن سوسن بدر من الفنانين الذين يخشون الزمن القادم، ولهذا لا تستسلم بسهولة إلى مرحلة الصمت والشحن.

بالتأكيد عايشت عددًا من النجوم كانوا يُتهافَت عليهم وعندما يمضى بهم قطار العمر يتضاءل وجودهم عبر الشاشة.. وربما رأت هذا المصير مع بعض كبار الزملاء، ولهذا تعيش اليوم وهى تخاف الغد. مأزق سوسن أنها لا تملك فن إدارة الموهبة، مثلًا قدمت دورًا لا يُنسى قبل 12 عاما فى فيلم «الأبواب المغلقة» إخراج عاطف حتاتة وهى من المرات القليلة التى طرقت فيها البطولة السينمائية بابها، ولكنها وكالعادة لم تعرف كيف تحافظ عليها، ولهذا تجدها بعدها تشارك سينمائيا فى أدوار أخرى لمجرد أن تظل على الخريطة.

هل حقًّا سوسن لها سبع أرواح؟ لا أتصورها كذلك فهى فنانة مبدعة يكفيها دور واحد وروح واحدة تتقمصها لتعيش بأرواحها السبع!!

 

نصف مليار ينتظرون «الفاروق»!

 July 11th, 2012 10:18 am

طارق الشناوي

يهل علينا شهر رمضان والمسلمون الناطقون بكل اللغات ينتظرون مسلسل «الفاروق» الذى يقدم حياة سيدنا عمر بن الخطاب -رضى الله عنه- ورغم تكتم جهة الإنتاج فى الإفصاح مباشرة عن حقيقة تجسيد حياة سيدنا عمر، فإن الأمر لم يعد سرًّا، وهو أن المخرج السورى حاتم علِى، أسند الدور إلى وجه جديد وتم الاتفاق معه على أن لا يقدم أى عمل فنى لمدة خمس سنوات قادمة.. وبالتأكيد طالما شاهدنا عمر بن الخطاب، فإننا سوف نرى باقى الخلفاء الراشدين والصحابة والمبشرين بالجنة، مما يتعارض مع قرار الأزهر الشريف الذى يمنع تجسيد حياتهم على الشاشة.

تشير الأرقام المبدئية إلى أن هذا المسلسل سيحقق أعلى درجات فى كثافة المشاهدة عربيًّا وعالميًّا، حيث يترقب المسلسل نصف مليار مسلم فى العالم العربى وإندونيسيا وتركيا وإيران، حيث تمت ترجمة المسلسل إلى لغات هذه الدول، بالإضافة إلى الإنجليزية والفرنسية للعرض فى أوروبا وأمريكا.. ولم تكن هذه هى المرة الأولى التى تم فيها التفكير لإنتاج مسلسل يتناول حياة واحد من الخلفاء الراشدين -عليهم أفضل السلام- حيث إن المخرج الأردنى محمد عزيزية، سبق وأن أعد مسلسلًا عن حياة سيدنا أبو بكر الصديق -رضى الله عنه- وذلك بعد عرض مسلسل «خالد بن الوليد» الذى أخرجه قبل أربع سنوات، ولعب بطولته باسم ياخور، ولاقى نجاحًا ضخمًا، ولكن تعثر مشروع مسلسل سيدنا أبو بكر لأسباب اقتصادية.

سارع الأزهر الشريف مثلما حدث فى العام الماضى قبل عرض مسلسل «الحسن والحسين ومعاوية» وجدد قراره بالتحريم.. يحدث هذا بينما الفضاء العربى يرسل إلينا عشرات من المسلسلات الدينية التى تلقى قبولًا لدى الجمهور، وبها العديد من هؤلاء المحرمين شرعًا، مثل مسلسل «يوسف الصديق» الذى عرض قبل نحو عامين فى أكثر من قناة فضائية عربية، بل إن بعض القنوات المصرية الخاصة لم تلتزم بقرار الأزهر الشريف الذى يحرم العرض والمشاهدة، وهو ما تكرر العام الماضى فى مسلسل «الحسن والحسين ومعاوية»، الذى عرضته أيضًا بعض القنوات الخاصة المصرية، وهو ما حدث مع مسلسل «مريم» ومسلسل «المسيح» -عليهما السلام- ولا أستبعد بالطبع تكراره هذا العام.

لماذا يضع الأزهر الشريف المسلمين فى هذه الحيرة.. علماء الأزهر أو أغلبهم ولهم بالقطع كل التقدير متزمتون فى إباحة العرض، بينما هناك علماء آخرون لا يجدون حرجًا فى ذلك وسوف تتصدر أسماؤهم المسلسل، وعلى رأس القائمة الشيخ يوسف القرضاوى، وعندما نجد أنفسنا بصدد رأيين متناقضين يصبح من حق المسلم أن يستفتى قلبه ولقد استفتيت قلبى ووجدت أن المشاهدة هى الأفضل.

بالتأكيد للأزهر الحق فى منع تجسيد صورة سيدنا محمد، ولكن مع الزمن حدث اتساع لدائرة التحريم، فلقد تدخلت أجهزة الدولة المصرية لمنع عرض مسرحية «الحسين شهيدًا والحسن ثائرًا» لعبد الرحمن الشرقاوى، وإخراج كرم مطاوع، وذلك قبل 40 عامًا.. ما المنطق الشرعى الذى يمنع تجسيد هؤلاء الكبار على الشاشة.. خصوصا أن الأزهر كان يمنع أيضًا ظهور سيدنا حمزة بن عبد المطلب، عم الرسول، ولهذا لم يعرض فى مصر فيلم «الرسالة» للمخرج مصطفى العقاد طوال تلك السنوات منذ إنتاجه عام 76، رغم أن كل الفضائيات العربية تعرضه وأبيحت مشاهدته فى التليفزيون المصرى قبل أربعة أعوام، فقط ليؤكد لنا أن الأمر أبسط بكثير من تلك القواعد المانعة التى من الواضح أنها لم تستند إلى تحريم قطعى.

الأمر يحتاج من علمائنا الأفاضل إلى قدر من المرونة التى لا تعنى القفز على حقيقة أو تغيير مبدأ إسلامى، ولكن النظر للأمر بمختلف جوانبه، فهل الأجدى أن نغلق أعيننا عن التعاطى مع الأعمال الإسلامية التى تأتى إلينا عبر الانتشار الفضائى أم نتعامل معها بمنطق عقلى لتحدث مواءمة بين الواقع الذى نعيشه وحاجة الناس.

الناس فى أنحاء المعمورة تترقب مسلسل الفاروق «عمر بن الخطاب»، ومثل هذه الأعمال الدرامية إذا قدمت بإحساس فنى عالى المستوى وبصدق تاريخى سوف تقدم الكثير للعالم عن حقيقة الإسلام الذى صار مع الأسف هدفًا للهجوم فى العديد من أجهزة الإعلام.. مثل هذه الأعمال الدرامية من الممكن أن تصبح سلاحًا فى أيدينا وقوة إيجابية تسهم فى تقديم صورة صحيحة عن الإسلام، فما جدوى التحريم؟

التحرير المصرية في

11/07/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)