صعب جداً أن تصنع مسلسلا ناجحا، لكن الأصعب أن تصنع مسلسلا يحاول
أن يغير من حياة الناس ويجبرهم علي التفكير في تصرفاتهم
ومواقفهم من أنفسهم وممن
حولهم، مسلسل «حكايات وبنعيشها - الجزء الثاني» نجح في هذه المهمة للعام
الثاني علي
التوالي، صحيح أن نجومية ليلي علوي عنصر جذب أساسي، فهي من النجمات
القليلات اللاتي
يتمتعن بجمهور عريض بني معها علاقة قوية علي مدي سنوات طويلة
وصدقها في كل ما قدمت،
وصحيح أن المسلسل يتمتع بعناصر فنية مميزة، وصورة متجددة، وممثلين علي أعلي
مستوي
وعدالة في الاهتمام بكلتا الحكايتين في كل عام، لكن صناع العمل لم يحرصوا
فقط علي
الاستفادة من هذه الإمكانات وكان لديهم إصرار علي تقديم مضمون مختلف ومفاجئ
للجمهور
الذي اعتاد مشاهدة مسلسلات يعرف نهايتها منذ الحلقة الأولي، في تجربة
«حكايات
وبنعيشها» كل شيء مختلف كما أكد لنا الفنانون ليلي علوي وعابد
فهد والسيناريست محمد
رفعت والممثل الشاب وليد فواز في ندوة «صباح الخير» حول الحكايات ومن
يعيشون فيها .
·
صباح الخير: نبدأ من الحكاية
الثانية في مسلسل هذا العام
«فتاة
الليل» وكيف تم التعامل مع تقديم دراما رعب وعفاريت في رمضان ؟
ليلي علوي: منذ البداية قررنا كفريق عمل متفاهم أن تكون الحكايات مليئة
بالمفاجآت، سواء في اختيار الموضوعات أو فريق الممثلين
المتفاهم بشدة، والخروج
بعيدا عن المألوف، فلا يمكن أن نطور في الشكل فقط أي نقدم15 حلقة بطريقة
السينما،
ونقدم في النهاية فكرة نمطية، بالعكس في تخطيط المشروع منذ العام الماضي
اتفقنا أن
نسير عكس الصور المحفوظة تماما، فمثلا باسم سمرة في «فتاة
الليل» لم يمكن لأحد
يتوقع أن يراه في شخصية شاب خائف دائما، وهي شخصية لم يقدمها من قبل لا من
قريب ولا
من بعيد، أيضا فاجأنا الجمهور بوجود ممثل مهم مثل عابد فهد في دور جديد
عليه تماما،
ولم يقدمه حتي في سوريا، حتي علي مستوي باقي الأدوار، الفنان الكبير أسامة
عباس في
شخصية الأب في «كابتن عفت» غير تقليدي علي الإطلاق، وهو ما حدث
مع الفنان الكبير «عبد
الرحمن أبوزهرة» في «مجنون ليلي» عندما جسد شخصية أستاذ الطب النفسي، ويمكن
قياس ذلك علي كل الأدوار والتفاصيل، فلا يمكن أن نرغب في المنافسة والتجديد
ونهتم
فقط بالشخصيات الرئيسية أو أن يجلس الجمهور يتابع وهو يتوقع ما
سيحدث، فالجمهور
المصري ذكي جدا وله خبرة فنية حقيقية ولابد من التعامل معه بنفس المستوي.
بالتالي كان كل شيء مقصودا لأننا نريد أن نحقق نقلة، وكل ما كان يتم ترشيح
ممثل للمشاركة في هذه الحكاية أو تلك كان يظن البعض أنه مرشح
لشخصية معينة تشبه
شخصيات قدمها من قبل، لكننا كنا نقدمه في شخصية أخري، وحتي علي مستوي
الشخصيات التي
قدمتها فشخصية «هالة» مثلا جديدة علي تماما ولم يتوقعها الجمهور وهو ما
يتكرر أيضا
مع شخصية العفريتة «علياء» وشخصية «ليلي» التي فشلت مرتين في
زواجها، وأيضا «عفت
الشربيني». وتكمل ليلي علوي: أما بخصوص العفاريت فنحن طبعا لم نغازل
الجمهور المؤمن
بهذه الأشياء، بالعكس نحن حذرنا أيضا منها وفي جملة مؤثرة تقولها «علياء»
لفارس وهي «للأسف ناس كتير بيصدقوا إن في عفاريت وأنا
استفدت من الحكاية دي» فعندما وجدت
«عليا»
أن البطل ظن بسهولة أنها عفريت تقمصت الشخصية حتي تهرب من عالمها لمدة40
يوما، لكن رغم ذلك كان حازم الحديدي مؤلف هذه الحكاية قد كتبها في إطار رعب
كوميدي
رومانسي، وكنا حريصين هذا العام علي أن يكون هناك «لايت
كوميدي» في الأحداث من أجل
التخفيف عن الجمهور أكثر، وهذا ينطبق علي المسلسل ككل لا علي شخصيتي أنا
فقط.
·
صباح الخير : مازلنا مع مسلسل
«فتاة الليل» هناك ملاحظتان، أولاهما
كيف تحملت «عليا» الغياب بقسوة عن والدها 40 يوما؟.. والملاحظة
الثانية حول نهاية
المسلسل أنها غير مفتوحة لأن المشاهد أدرك فعلا أنها ليست عفريتة وأنها
لاتزال علي
قيد الحياة؟
ليلي علوي : سأرد أولا علي الملاحظة الثانية، فأنا لا
أعتقد أن المهم في نهاية المسلسل تأكيد ما إذا كانت عفريتة أم لا، ولكن
يمكن القول
أنه كان من الأهداف ألا يصدق الناس وجود العفاريت بهذه السهولة، وكذلك لفت
انتباه
الجمهور أن فارس حتي النهاية مازال الرعب موجودا بداخله
وبالتالي بداخلنا كلنا،
ولهذا أقول إنه في كل الحكايات الأربع، لا توجد نهاية محددة، بالعكس نحن
نريد من
الجمهور أن يتخيل النهاية ويكمل الأحداث كما يتصور، فمثلا في نهاية حكاية
«مجنون
ليلي» هناك من قال لنا لماذا لم يتزوجوا وهو ما تكرر في نهاية «كابتن عفت»،
لكننا
كنا نريد أن نقول إن الحكاية مستمرة، وأن ما شاهدناه جزء منها
فقط، وعلي الجمهور أن
يتعايش من داخله مع ما سيحدث، فالدراما تقدم جزءا من حياة الشخصيات التي
يراها
الناس علي الشاشة، أما بخصوص السؤال عن القسوة مع الأب الذي ظل 40 يوما
يعتقد أن
ابنته الوحيدة ماتت في حادث، أنا أعتقد أن الإنسان عندما يصاب
بالاكتئاب يمكن أن
يفعل أي شيء، فهناك درجة عميقة من الاكتئاب، فشخصية «علياء» خرجت من المنزل
مهرولة
وقد قررت الانتحار، وبالفعل صعدت إلي أعلي المبني المهجور، حتي قابلت
الطفلة
والأسرة البسيطة التي تعيش هموما أكبر، لكن هذا اللقاء لم يكن
كافيا حتي تشفي، هي
كانت في حاجة لأن تحكي ما حدث لها وتغير من فارس حتي تحصل هي علي الثقة
والتوازن
وتخرج للنور وتعود لوالدها تطلب منه السماح، نعم كانت هناك قسوة، لكنها
كانت مبررة
بسبب الحالة المرضية التي مرت بها الشخصية والتي تم التمهيد لها من خلال
معاناة
«علياء»
مع زوجها.
·
صباح الخير : نعود للحكاية
الأولي في رمضان هذا
العام، وهي حكاية «كابتن عفت» ونتوجه بالسؤال للفنان عابد فهد الذي أثار
انتباه
الكثيرين بتقديمه شخصية ابن البلد، وكانت مغامرة أن تقبل هذا الدور في أول
مسلسل
مصري خالص تشارك في بطولته، لهذا نريد أن نعرف ماذا كان
انطباعك عندما استقبلت أول
اتصال من الجهة المنتجة وعرفت أنك ستجسد شخصية كابتن كرة في نادٍ شعبي؟
عابد فهد: لا أري أن هناك شيئا غريبا في قبولي لهذا الدور، فقد
تعاملت معه حسب أسلوبي المعتاد، جاءني العرض الكريم من
الزملاء، ومسلسل مع ليلي
علوي الفنانة التي نقدرها بشدة، والنص جيد وبسيط في الوقت نفسه، وشخصية
جديدة لم
أقدمها من قبل، وبدأنا التصوير بهذه البساطة، فالدكتور محمد رفعت كاتب نص
بسيط
وذكي، والعلاقة المركبة بين الشخصيات غير نمطية، وبالمناسبة
هذه التفاصيل موجودة
عندنا في سوريا، فلم أشعر أنني أقدم حالة مصرية فقط، فعندنا في سوريا مشكلة
الجيل
المحب للكرة والذين لا يجدون فرصا للعب وممارسة الرياضة التي
يحبونها.
·
صباح الخير: وماذا عن رد الفعل
للجمهور السوري؟
عابد فهد :بصراحة لم يتابع الجمهور هناك العمل خلال رمضان، وإنما
الآن يتم عرض المسلسل علي قناة سورية هي «أورينت»، وبدأت
الاتصالات والرسائل التي
تشيد بالمسلسل ولم يتوقف أحد عند اللكنة وهو ما أثار تعجبي لأن هناك كلاما
كثيرا
حول موضوع اللكنة التي كنت أتكلم بها.
·
صباح الخير: سمعنا أنك تعمدت
الذهاب لبعض المقاهي الشعبية للاقتراب من شخصية عادل شاهين وطريقة كلامها؟
عابد فهد: بالطبع لأن الأماكن الشعبية ساعدتني في العثور علي مفتاح الشخصية
من خلال الإحساس بالناس الذين خرج من بينهم عادل شاهين، حتي لا
يشعروا أنني منفصل
عنهم علي الشاشة، لكنني لم أذهب من أجل اللكنة، فهي قضية أعتبرها مبالغا
فيها، فقد
تحدثت مع مؤلف المسلسل والمخرج سميح النقاش بأن الأهم أن الإحساس بالشخصية
والمهم
أن المشاهد يفهم ما يحدث فلن يتوقف كي يترجم كلمة غير مفهومة.
·
صباح
الخير: من الملاحظات المهمة علي المسلسل والتي تنتج عند
المقارنة مع مضامين باقي
المسلسلات أنه من الأعمال النادرة في هذه الفترة التي تعطي المشاهد طاقة
إيجابية
ورغبة في التغيير من نفسه، عكس مسلسلات كثيرة مثيرة للأعصاب، كما أن حكاية
«كابتن
عفت» لها جانب سياسي غير مباشر، وهو ما يزيد من جودة المسلسل،
حيث يبتعد عن الرسائل
المباشرة؟
د.محمد رفعت: علاقتي مع ليلي علوي وعابد فهد وسميح
النقاش وفي العام الماضي مع محمد علي مخرج «مجنون ليلي» تجعلني أعرف
قناعاتهم وما
يريدون تقديمه، فهم من الفنانين الذين يريدون أن تستمر الدهشة لدي المتفرج،
ويبتعدوا به عن التوقعات المحفوظة، بالتالي احتراماً لوقتهم
أعرض عليهم الأفكار
التي تناسب هذه القناعات، في الوقت نفسه هناك هدف يجمعنا هو كيف نستفيد من
قوة
التليفزيون الجبارة في تغيير حياة الناس، الذين تركوا القراءة وعاشوا مع
الدراما،
وللأسف مازال هناك من صناع الدراما من يتعاملون مع التليفزيون
باعتباره وسيطا لعرض
المادة التي يعتقدون أنها جيدة دون السؤال عن الفائدة التي تعود علي
المشاهد علي
المدي البعيد، أما فريق العمل الخاص بالحكايات فكنا نريد أن نجعل الناس
تفكر معنا،
ولو لاحظنا في حوارات عديدة بالمسلسل نجدها تعبر عن الروح
الحقيقية للفنانة ليلي
علوي وأيضا عابد فهد، وضرورة ألا ندين الظروف فقط، ولا نفكر في مسئوليتنا
عما يحدث،
فمثلا في مشهد عدم وجود نادٍ لكي يتدرب فيه الابن، فتقول لوالدها إنها
غلطانة لأنها
لم تضغط علي زوجها الراحل حتي يشترك في نادٍ عندما كانت هذه
الفرص متاحة أمام الناس
دون أن يدركوا أهميتها في سنوات ماضية، وفي المشهد الذي يعقب أول هزيمة
للفريق تقول
لهم إنها ليست المرة الأولي، لكنكم دائما تتركون أسباب ما حدث وتنتظرون
هزيمة أخري
دون أن تتفقوا علي تجنب أسباب الهزيمة وتحقيق الانتصار، بالتالي المسلسل
كان يشجع
الناس علي البحث عن حلول، لأن الإعلام للأسف صدر للناس قناعة
بأنهم ضحايا طول
الوقت، صحيح أن هناك مسئولين عن هذا الوضع، لكن الناس ليسوا عرائس يقبلون
التحكم
بهم بدون رد فعل.
·
صباح الخير: وهو ما حدث بالفعل
عندما نجحوا جميعا
في مواجهة فساد لطفي مستشار رئيس النادي الذي جسده حجاج عبد العظيم؟
د. محمد
رفعت: نعم لأن الرسالة كانت أننا نحتاج لنظام، وهو ما وصل للجمهور
العادي غير المتخصص أن المسلسل يتكلم في السياسة، لكن دون
شعارات وأفكار مستهلكة.
وشخصية عفت نجحت في تحويل مشكلتها الشخصية إلي المساهمة في حل مشكلات أناس
آخرين، عندما وضعتهم علي الطريق الصحيح، ومن هنا حلت مشكلتها
الشخصية.
عابد
فهد: نعم لابد أن يكون الإنسان مفيدا لمجتمعه، وهذا دور الدراما أن تخلق
هذه الروح
في الناس، فهناك خطورة أن يكون الإنسان حاقدا علي مجتمعه، فهذا
أخطر شيء، ألا يكون
الإنسان منتميا للمكان الذي يعيش فيه، وهو ما ظهر في شخصية عادل شاهين التي
تغيرت
علي يد عفت الشربيني.
د. محمد
رفعت: وهناك جملة مهمة علي لسان ليلي علوي
وهي أن الناس قررت أن تأخذ حقها مقدماً قبل الانتخابات، وأتذكر في العام
الماضي أن
صديقا لي قال إنه بعد مشاهدة «مجنون ليلي» كان يشعر بأنه يريد الخروج مع
زوجته
ويفعل أشياء إيجابية، وهذا هو دور الدراما مع مشاهديها، وهذا
العام تزامن عرض «كابتن
عفت» مع أزمة الكهرباء، وهو ما جعل ردود الفعل أقوي من الناس الذين بدأوا
يكتسبون الوعي بأهمية عدم الإفراط في استخدام التكييف، وأن
زحام الشوارع ليس سببه
فقط كثرة السيارات وإنما تصرفاتنا غير المنضبطة، وجاءتني إشادة من الزميل
«بلال
فضل» حول جملة كتبتها عفت الشربيني في خطابها للوزير وهي كيف ستعلم ابنها
الانتماء
لهذا الوطن الفسيح وهو لا يجد مساحة صغيرة يمارس فيها هوايته،
فهذه الجملة حسب كلام
بلال فضل أقوي من عشرات المقالات السياسية لأنها كانت صادقة للغاية. عابد
فهد:
الناس تثق في الدراما أكثر بكثير من الثقة
في السياسيين.
د.محمد رفعت:
وتعليقا علي التجديد الدائم، أذكر أن
الفنانة ليلي علوي هي من تحمست لترشيح عابد
فهد بعد أدائه الراقي في مسلسلات «أسمهان» و«هدوء نسبي»، وقد
اعتدت أنا وهي علي أن
نتحالف أمام الإنتاج عندما نتفق علي ترشيح ممثل مميز، والحمد لله أن الكل
أشاد
باختيار عابد فهد.
·
صباح الخير: وكيف كان رأي
الجمهور في رفض عفت
الشربيني للارتباط من الدكتور شريف فهناك من يري أن الرفض غير منطقي، صحيح
أنه بعد
ذلك أدركنا طبيعة الرجل الذي تريد عفت استكمال حياتها معه، لكن هناك من قد
يتعجب من
رفضها لطبيب شهير وثري ويعاملها بأناقة شديدة؟
د. محمد
رفعت:
بالعكس الجمهور تفهم موقف البطلة ولم يكن
راضياً علي العلاقة، وهو ما تأكد عندما
سألته عفت الشربيني: إنت عايز واحدة تعمل معاها حياة ولا واحدة
تعيش معاك حياتك»
لأن الرجل كان قد أسس حياته قبل أن يقابلها، وهو ما ظهر في مشهد حصوله علي
تذكرتين
للأوبرا، فعندما قالت له إنها لن تذهب قال لها إنه سيبحث عن صديق ليذهب معه
أي أنه
سيذهب في كل الأحوال وهو موقف يشعر به أكثر الأزواج والزوجات،
أما مع عادل شاهين
فهي كانت بحاجة لرجل تغير منه ويغير منها وتشعر معه بالتميز لشخصها، لا
لأنها سيدة
جميلة فقط، وهناك من الجمهور من انزعج من احتمال أن تعود للطبيب وتترك لاعب
الكرة
اليائس، لكن كلما زاد التغيير الإيجابي في شخصية عادل شاهين
كلما تأكد الناس من
نجاح علاقتهما رغم أنها قد تبدو بعيدة عن المنطق المعتاد في
البداية.
·
صباح الخير: لكن أحيانا شعرنا أن
إنسانية عفت وقوتها
وإصرارها أصبحت عملة نادرة غير موجودة؟
د. محمد
رفعت: عفت لم تكن
قوية إلا أمام أولادها، لكن مع والدها ومع نفسها كانت تدرك أنها محتاجة لمن
يدعمها،
لكن عفت تربت علي أن تحصل علي حقها، لكن نموذج عفت موجود فعلا وأنا أري أن
هذا
النوع من السيدات هن اللاتي يدفعن البلد للأمام، لأنهن يبحثن
عن حلول ويدعمن
أولادهن، فنظريا قد يري البعض أن الظروف عصيبة، لكن هؤلاء السيدات من
الطبقة
المتوسطة هن اللاتي يعملن علي دفع المركب للأمام وقد يرضيهن الاستماع
لأغنية لعبد
الحليم حافظ أو مشاهد برنامج يومي يفضلنه في نهاية يوم مرهق.
ليلي علوي:
أنا والدتي مثل عفت الشربيني وأعرف جارة
أصبحت الآن جدة وقد ربت أولادها الثلاثة
بإصرار شديد بعد رحيل الأب، فدخلت في مشروعات وادخرت ما تحصل
عليه من أموال من
أجلهم وفي نفس الوقت ربتهم علي الأسس الصحيحة دون أن تشعر بالوهن أو اليأس،
فالمسلسل يدعو لإنقاذ الطبقة المتوسطة.
·
صباح الخير: نعود لتفاصيل
المسلسل، فقد اختارت ليلي علوي أيضا كما نعلم أسامة منير في «كابتن عفت»
و«محمود
العلايلي» في «فتاة الليل» وكلاهما نجم إعلامي بعيد عن
التمثيل، وكان الاختيار
موفقا إلي درجة كبيرة، فكيف حدثت الترشيحات التي تنضم لقائمة مفاجآت
«حكايات
وبنعيشها»؟
ليلي علوي: أسامة منير كنت في عزاء وشاهدته يسير أمامي
وقلت لنفسي إنه الممثل المناسب للشخصية، أما دكتور محمود العلايلي فقد
تابعته كمذيع
لكن خلال فترة الكاستينج شاهدنا صورا للعديد من المرشحين وكان من بينهم
وشعرت أنه
سيكون مناسبا للدور، وهو طبيب ومثقف ونجل فنان كبير هو عزت
العلايلي، بالتالي فهم
الشخصية سريعا بعد جلسات تحضير مع المخرجة هالة خليل، الأمر الذي ساعد علي
خروجها
بهذا الشكل فكان ضروريا أن يصل للجمهور الأنانية والقسوة التي يتمتع بها
«رابح»
ليدركوا أثرها علي شخصية «علياء» التي دفعها للانتحار.
·
صباح الخير:
وهل اختيار الممثلين يتم بهذه الدقة لكل الأدوار حتي الصغيرة منها، فمثلا
شاهدنا
الفنان سيد عزمي في شخصية «عم سناري» مختلفا تماما عن أدواره السابقة؟
ليلي علوي: بالطبع كلما كان فريق العمل تم اختياره بدقة تأتي النتيجة
الإجمالية أفضل وأزعم أننا حقنا هذا الأمر في «حكايات
وبنعيشها» علي مدي عامين،
وهنا ممثلون كثيرون قدموا للجمهور أدوارا مميزة سواء من الشباب أو الجيل
صاحب
الخبرة، وأي نجاح لأي ممثل يظهر في مشهد وحيد هو نجاح للعمل ككل، أما
الفنان سيد
عزمي فكان ترشيح المخرج سميح النقاش وتحمست له علي الفور لأنني
أعرفه منذ سنوات
بعيدة وكنت أعمل معه في برامج الأطفال، وأتمني له الشفاء
العاجل.
·
صباح الخير: وهل يأخذ اختيار
الممثلين وقتا طويلا خلال
التحضير؟
ليلي علوي: الكتابة بصراحة هي التي تأخذ أطول وقت في
فترة التحضير، لكن اختيار الممثلين يأخذ أيضا الوقت اللازم، لكن لم يحدث أن
قمنا
بتعديل الدور بسبب اختيار ممثل غير الذي رشحناه في البداية وإن كنت أعتقد
أن
التغيير في هذه الحالة مشروع حتي يكون كل ممثل لائقا بشدة علي
الشخصية.
وتكمل ليلي علوي: أريد العودة للكلام حول أن شخصية عفت نادرة الوجود، فأنا
أري العكس تماما، فكما ذكرت هناك الكثير من السيدات اللاتي
لديهن قناعة بأن تربية
الأبناء هي الهدف من الحياة ولا شيء آخر، وأنا أعتقد أن أكثر شيء يتعس الأب
أو الأم
كما حدث مش شخصية عادل شاهين، أن يكون غير قادر علي إعطاء أسرته الحاجات
الأساسية،
وأتذكر جملة قالتها عفت للوزير إنها لا تستطيع توفير حاجات
أساسية لأولادها وتخيل
أن هناك رجالا كثيرين يشعرون بنفس الأمر وهو أقسي طبعا علي الرجل مقارنة
بالمرأة،
وتقول لوالدها: هو احنا أصبحنا فقراء أوي كده، فهي وصلت لحالة وجدت أنها
تتراجع وهو
ما يتناقض مع تعليمها وثقافتها والطبقة التي تنتمي إليها، وما
أعجبني في «عفت» أنها
لم تستسلم وحاولت أن تبقي علي التفاؤل والإيجابية ، ونحن عندنا كارثة في
الشارع
المصري هي اللامبالاة، فعندما تسأل أحدا عن حلمه تجده يقول أي كلام، لأنه
لا يحلم
بجد، بالتالي لا يفعل شيئا محددا للوصول إلي حلمه غير الموجود،
ودورنا كفنانين
وإعلاميين أن ندفع الناس للتفاؤل.
·
صباح الخير: الفنان الشاب وليد
فواز يشارك للعام الثاني علي التوالي في مسلسل «حكايات وبنعيشها»، لكن في
هذا العام
مشاهده أكثر مع «ليلي علوي» في مسلسل «كابتن عفت» من خلال
شخصية «أشرف» الشاب الشهم
الذي يُتوفي في الحلقة الأخيرة لإنقاذ والده أحد أصدقائه، كيف تعاملت مع
التجربة
هذا العام خصوصا فيما يتعلق بمشاهد الملعب التي جمعت العديد من الممثلين؟
وليد فواز: الشكر واجب طبعا للفنانة ليلي علوي وللمؤلف محمد رفعت وشركة
الإنتاج لأنهم أعطوني المزيد من المساحة هذا العام، فقد تعلمت
الكثير من هذه
التجربة ونحن كفنانين شباب لا نحتاج فقط للظهور والانتشار وإنما لنحصل علي
المزيد
من الدروس من عمل إلي آخر، وأتذكر أنني سألت الفنانة ليلي علوي عن كيفية
تمسكها
بحالة البكاء أثناء تصوير مشهد اختفاء ابنها الصغير، فقالت لي
ببساطة إنه بمرور
السنوات وكثرة الشخصيات التي يقدمها الممثل سيكتسب تدريجيا هذه المهارات،
كما أن
ليلي علوي تميزت بالتواجد معنا والكلام عن الكرة خلال التصوير بشكل قربنا
منها
بشدة، وهو ما انعكس علي الصورة التي شاهدها الناس علي الشاشة، لكن هناك
نجوما
ينفصلون عن فريق العمل ولا نشاهدهم بعيدا عن الكاميرا ولا يحدث
أي حوار شخصي مع
باقي الفنانين، لكن ليلي علوي وأي فنان كبير يعرف قيمة العمل الجماعي علي
العكس
تماماً، أما مشاهد الملعب فكلها كانت في فترة الحر الشديد وكلنا عانينا من
هذا
الأمر لكن لم يكن هناك بديل، وفي النهاية ربحنا جميعنا من خلال
متابعة الجمهور
الكبيرة للمسلسل.
·
صباح الخير: هناك من انتقد غيابك
عن الإعلام في
رمضان هذا العام؟
ليلي علوي: أولا التصوير استمر حتي الأيام
الخمسة الأخيرة من رمضان، فلم يكن هناك وقت لتلبية أي دعوات وبعد العيد
مباشرة
توجهت لمهرجان الإسكندرية ثم عدت لحضور وقفة إنسانية أمام الهرم بعد ذلك
بالتالي لم
أجد وقتا حتي للراحة الشخصية، في نفس الوقت أنا أحب التواصل مع جمهوري
والاستماع
لأسئلتهم التي تنقلها الصحافة لكن في نفس الوقت للأسف تركز
معظم البرامج والصحف
حاليا علي الأمور الشخصية للفنان، لا الأمور الفنية، وكأن هذا الامر أصبح
هو
القاعدة، رغم أن الجمهور يهتم بما يشاهده علي الشاشة لا بحياة النجوم
الشخصية.
·
صباح الخير: هل صعب أن نري دائما
هذه النوعية من المسلسلات التي
ترفع من ذوق المجتمع وتدعو للتفاؤل لأن هناك احتياجا مجتمعيا لهذه النوع من
الدراما؟
ليلي علوي: إطلاقا ليس صعبا وإن كان التنوع مطلوبا طبعا،
لكنني أنحاز لهذا النوع من الأعمال عندنا يأتيني وأنا أري أن فيلم «حب
البنات»
بالتحديد من هذه النوعية من الأعمال، كما
أن هذه الأعمال غيرت أيضا من شكل الدراما
فهناك مسلسلات عديدة هذا العام قدمت من خلال صورة سينمائية
مميزة.
عابد
فهد: المطلوب أن ترتقي الدراما بالناس الذين يشعرون بمعاناة شديدة، ولا
تقدم لهم
نفس المعاناة علي الشاشة طوال الوقت.
·
صباح الخير: هل كانت مهمة
صعبة أن يكتب المؤلف الأحداث في 15 حلقة فقط وكيف جاء التفكير من الأساس في
شخصية
كابتن عفت؟
د.محمد رفعت: المؤلف يتحكم في إيقاع العمل وتفاصيله
حسب مدة العمل، سواء كان فيلما مدته ساعتان أو مسلسل 15 أو 30 حلقة، أما
شخصية
كابتن عفت فهي تحية تقدير للسيدات اللاتي يقفن وراء نجاح أبنائهن ولا يشعر
بهن أحد،
فمناسبة عيد الأم مثلا حولناها لحالة مأساوية، ولا نقدم التجارب الإيجابية
مادام لا
يوجد فيها بكاء، وأنا أردت تقديم السر داخل البيوت المصرية،
هذه القوي الحقيقية
الدافعة للحياة في مصر، الأم أو السيدة التي تربي، فنحن لا نسأل أنفسنا من
هي والدة
أحمد زويل أو نجيب محفوظ أو محمد البرادعي فلا يوجد فروق كبيرة بين الأمهات
الثلاث،
وهناك ما يجمعهن، وقبل كأس الأمم الأفريقية تم التسجيل مع
أمهات اللاعبين ولاحظت أن
كلهن من السيدات البسطاء اللاتي دعمن أولادهن حتي حققوا هذا المجد، بالتالي
أردت أن
أقدم الأم التي شكلت وجدان أبنائها والتي يجب أن تكون بطلة لأنها كذلك في
الواقع.
·
صباح الخير: المسلسل ضم ستة
أبطال لعبوا أدوار لعيبة داخل
فريق رياضي هل وجدت صعوبة في كتابة الخط الدرامي لهم، خاصة أن العلاقات
فيما بينهم
كانت متشابكة؟
المؤلف محمد رفعت: بالفعل هذا الخط الدرامي كان
مُرهقاً في الكتابة وكنت أقول دائماً للممثلين الذين لعبوا أدوار اللعيبة
داخل
الفريق الرياضي أنتم الأبطال الحقيقيون للمسلسل، وكل واحد منهم مختلف
بالفعل عن
الآخر مثل وليد فواز الذي لعب دور أشرف وأنقذ والدة صديقه
المسيحي من الموت.. محمد
نصر الذي يحب ابنه كابتن عادل ويعمل سائق تاكسي ويتعرض لمضايقات من صاحب
التاكسي..
حجاج عبد العظيم. أيضاً يوجد حمادة بركات
وهذا نموذج للاعب الذي يعمل في النقاشة
لديه مرض صدري لكنه حريص علي لعب الكرة ونري علاقته السيئة
بزوجته، وعلي قنديل الذي
لعب دور الشاب المتدين في الفريق لكننا نشاهده وهو متأرجح بين تنفيذ وعده
للفتاة
التي أحبها وسلبها عذريتها وبين التملص منها أيضاً حول الفريق مصطفي يونس
نري مشكلة
ضعف السمع التي يعاني منها وكيف استطاع الوصول بالفريق لمراكز متقدمة بعد
علاجه.
وبالنظر لعلاقة هؤلاء الأبطال بعضهم ببعض سنجد أشرف «وليد فواز» قريباً
منهم جميعاً
لكن باقي اللعيبة يوجد توتر في علاقتهم ببعضهم البعض، ويحسب للمخرج سميح
النقاش أنه
أظهر هذه العلاقات كما تخيلتها وأكثر. وهو مخرج شاطر وموهوب
سواء في توجيهاته
للأبطال أو التكنيك الذي استخدمه واختياره لزوايا التصوير.
·
صباح
الخير: من هو أكثر ممثل كان في حاجة لتوجيه؟!
المؤلف محمد رفعت:
حجاج عبد العظيم احتاج لفرملة كثيرة من
المخرج لأنه كان مركزاً في إطلاق الإفيهات
ونفس الشيء لمحمد حسن. لكن في النهاية نفذوا تعليمات المخرج
واقتنعوا بها وبعد
العرض الجماهيري وجدوا أن اكتفاءهم بالمكتوب في السيناريو حقق كوميديا
جيدة.
·
صباح الخير: ماذا بالنسبة لإيمي
سمير غانم التي جسدت شخصية
ابنة كابتن عادل هل هي المرشحة الأولي لهذه الأولي؟!
محمد رفعت:
بعد مشاهدتي لإيمي سمير غانم في مسلسل يسرا
«خاص جداً» العام الماضي رشحتها للمخرج
سميح النقاش ولمدام ليلي وللجهة المنتجة ووافقوا عليها لأنها
فعلاً مناسبة للدور
الذي يحتاج هذه الفئة العمرية وهي العشرينيات بالإضافة إلي أن إيمي شكلها
مصري
جداً. وهي لعبت دورها بشكل جيد بنسبة 90% وكنت أتمني أن تصل لنسبة 100% لأن
مشكلة
إيمي أنها تفكر في الخطوة القادمة أو العمل التالي رغم أنها لم
تنته من العمل الذي
تصوره.
منافسة وليست حربا
شغل الكلام حول المنافسة بين الدراما السورية والمصرية حيزاً من
ندوة أسرة مسلسل «حكايات وبنعيشها 2»، حيث رفضت الفنانة ليلي
علوي كلمة الحرب لأنها
غير مشروعة، وقالت إن المنافسة هي المطلوبة لأنه بدون منافسة لا يوجد تطور،
وأكدت
تحفظها علي التصريحات الساخنة التي تخرج كل فترة لأنها عبارة عن كلمات يتم
التركيز
عليها ويساء استخدامها لصنع قضية من لا شيء بينما الواقع يقول
إن هناك تكاملا فنيا
بين مصر وسوريا وباقي الدول العربية خصوصا هذه الأيام بعدما أردك المنتجون
ضرورة
التعاون بينهم لأن الكلام حول أن كل دراما مستقلة بذاتها أمر غير منطقي،
والآن
المنتجون يذهبون إلي سوريا ليستفيدوا من الإمكانات المتاحة
هناك فعندما صور يوسف
شاهين فيلم «المصير» في دمشق تم توفير الجنود والخيول مجانا،
واكتشفت أن
هذا يحدث مع كل الأفلام، بينما هنا عندما أردنا تصوير مشهد في مطار القاهرة
في فيلم «حب البنات» وهو إنتاج حكومي طلبوا منا 10
آلاف جنيه في الساعة لدرجة أننا قررنا
السفر إلي مطار شرم الشيخ لتصوير المشهد لأن انتقال فريق العمل
إلي هناك كان أرخص،
والفن يحتاج لتعاون كل الأطراف حتي يقوم بدوره الحقيقي، وطالبت أن يتخطي
الفن
العربي الحدود كما حدث مع الدراما التركية التي وصلت لنا هنا، بينما لا
نريد نحن أن
نحاول الوصول لهم من خلال نفس الطريق وهي الدبلجة، فيما قال
الفنان عابد فهد إن
الدراما التركية دخلت الوطن العربي من خلال فكرة لأحد الأشخاص أقنع بها
مدير إحدي
القنوات بأنه كي يواجه زيادة أسعار المسلسلات المصرية ويتحكم في مضمون
المسلسلات
السورية يجب أن يوفر للجمهور دراما رخيصة الثمن مع حملة دعائية
قوية شملت حتي
المناطق السياحية، لكن الجمهور لن يستمر طويلا في متابعة هذه النوعية،
خصوصا مع
تطور الدراما العربية، مؤكدا أن أزمة الدراما السورية مؤخرا جاءت بسبب
النجاح
الكبير الذي حققه صناعها فتوقفوا عن المذاكرة وكأن النجاح
الدائم أصبح مضمونا، وهذا
غير صحيح علي الإطلاق.
صباح الخير المصرية في
28/09/2010 |