حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

في الذكرى العاشرة لإرهاب الحادي عشر من أيلول...

برامج عن «المؤامرة» ومسلمي أميركا

محمد موسى

إذا كانت غالبية القنوات التلفزيونية الاوروبية ستنقل على الهواء مباشرة، الاحتفال الكبير الذي يقام في مدينة نيويورك، يوم الاحد المقبل، بمناسبة مرور عشر سنوات على اعتداءات الحادي عشر من ايلول (سبتمبر)، فإن هيئة الاذاعة البريطانية «بي بي سي» أعلنت أنها ستخصص ساعات تلفزيونية، لتنقل ايضاً، ومباشرة من قلب مدينة لندن، احتفالاً كبيراً، لتتذكر الستّين مواطناً بريطانياً الذين قضوا في الاعتداءات ذاتها. لكن اهتمام «بي بي سي» لن يقتصر على يوم المناسبة فقط، ذلك أن البرامج الخاصة عن تلك الاعتداءات، والعالم الذي تغيّر بعدها، بدأت قبل شهر تقريباً. اذ تعرض قناة «بي بي سي» الثانية منذ اسابيع، برنامجاً ضخماً بعنوان «الحرب السرية على الارهاب»، موضوعه كما يدل عنوانه، الحرب العلنية والسرية التي تخوضها بريطانيا والولايات المتحدة الاميركية ضد التنظيمات الارهابية وأهمها تنظيم «القاعدة»، وهي الحرب التي انطلقت بعد ساعات قليلة فقط على انهيار برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك. وتبدو اليوم، وحتى بعد مقتل زعيم تنظيم «القاعدة» اسامة بن لادن، شديدة البعد عن نهاية سعيدة قريبة.

تكشف حلقات البرنامج عن التجاوزات التي أقدمت عليها اجهزة الاستخبارات البريطانية والاميركية في حربها ضد تنظيم «القاعدة»، كالتعذيب الذي تعرض له اعضاء من التنظيم المذكور في سجون اميركية، او في تلك التي تعود الى دول العالم الثالث، عندما كان اعضاء اجهزة استخبارات الدول العظمى يتفرجون على زملائهم من استخبارات دول شرق اوسطية، وهم ينتزعون الاعترافات من محتجزين، باستخدام اكثر اساليب التعذيب وحشيةً.

يكشف البرنامج ايضاً، والذي قدّم لقاءات تلفزيونية اولى مع مديري اجهزة استخباراتية بريطانية وأميركية سابقين، عن الأخطاء التي ارتكبتها هذه الاجهزة، في ايقاف الارهابيين الذين يقفون خلف اعتداءات الحادي عشر من أيلول وتفجيرات لندن عام 2005. فعلى رغم ان تلك الاجهزة كانت تملك شكوكاً عن بعض هؤلاء الارهابيين، إلا انها اهملت تعقبهم لأسباب تتعلق بعدم جاهزية تلك الاجهزة اللوجستية للتعامل مع ارهاب يضرب المدن الاميركية ذاتها، اذ كشف احد العاملين السابقين في الـ «سي آي إي» أنهم، وبعد الحادي عشر من أيلول، اكتشفوا انهم لم يكونوا يمتلكون محققين يتحدثون بالعربية، للتحقيق مع الأعداد المتزايدة للمعتلقين من اصول عربية، الأمر الذي عقّد تحقيقات الاشهر الاولى، وأدى الى مزيد من الأخطاء.

ومن شاشة القناة البريطانية نفسها، عُرض الاسبوع الماضي فيلم تسجيلي بعنوان «الحادي عشر من سبتمبر... بعد عشر سنوات»، عن نظرية «المؤامرة»، التي ترفض الرواية الرسمية لأحداث الحادي عشر من أيلول، وتتهم اجهزة أميركية بأنها وراء الاعتداءات. لا تكتفي الحلقة بتعداد «الحجج» التي يقدمها انصار هذه النظرية، بل تحاول ان تجد اجابة عن تلك الشكوك، بتقديمها لقاءات مع اختصاصيين وشهود كانوا في نيويورك او قرب مبنى البنتاغون، او قرب البحيرة التي سقطت قربها احدى الطائرات المختطفة في الحادي عشر من أيلول من عام 2001.

بفيلمها التسجيلي هذا، تكسر قناة «بي بي سي» محرّماً تلفزيونياً اوروبياً، بمنح نظرية المؤامرة، اهتماماً كبيراً... على الضدّ من مواقف الكثير من المؤسسات الإعلامية الاوروبية الرصينة، التي ترفض الخوض بجدية في هذا الموضوع الحساس، والذي وجد في شبكة الانترنت، المحيط البديل الذي انتعش فيه، لتحصد الافلام التي تكشف تفاصيل هذه «المؤامرة» أرقام مشاهدة عالية جداً على مواقع مشاهدة الفيديو على شبكة الانترنت، رغم بدائية أو دوغمائية غالبيتها.

ومن الولايات المتحدة الاميركية، رصد التحقيق التلفزيوني «المسلمون الاميركيون»، والذي عرض على شاشة القناة الإخبارية للـ «بي بي سي» ايضاً، بعض التغييرات التي طرأت على حياة مسلمي اميركا بعد الحادي عشر من أيلول. وقدم الفيلم مشاهد بعضها مؤثر عن عزلة مسلمي المدن الاميركية الصغيرة، والذين يعاني بعضهم من مناخ الكره والتشكيك والذي بدأ في الحادي عشر من أيلول. اذ يعرض الفيلم، افلاماً صوّرها هواة من طريق الهواتف المحمولة، تظهر اميركيين يقفون امام باب احد الجوامع الصغيرة، مرددين شعارات عنصرية... ليقدم الفيلم بعدها لقاء مع عائلة فتاة صغيرة كانت في الجامع وقت تظاهرة العداء. الفتاة الصغيرة، تحدثت ببراءة للبرنامج عن انها لا تفهم ماذا يعني الشعار العنصري «عودوا الى بلدانكم» والذي تسمعه احياناً، وأنها لا تعرف بلداً آخر غير البلد الذي ولدت فيه وتتكلم لغته. قلق الفتاة، لا يقارن بذلك الذي يحمله كثر من جيل الآباء والامهات المسلمين، والذين يُدفعون منذ سنوات لمراجعة علاقتهم مع أميركا. البلد الذي كان قبل 10 سنوات فقط، بلد الأحلام لغالبيتهم. 

«العربية» تستعيد الذكرى في أسبوع ماراتوني

دبي - «الحياة»

أعلن بيان لقناة «العربية» انها ستطلق في الذكرى العاشرة لأحداث 11 ايلول (سبتمبر)، تغطية مكثفة وخاصة عبر برامجها ونشراتها الإخبارية للإحاطة بتبعات الحدث على المنطقة والعالم. وفي هذا السياق، تعرض «العربية» يومياً وعلى مدى أسبوع، فيلماً وثائقياً حول أحداث 11 أيلول وإرهاصاتها وتبعاتها خلال عقد من الزمن. ويُعرض الفيلم في تمام الساعة 6.00 مساءً بتوقيت المملكة، ويعاد في الـ 1.00 صباحاً.

وفي موازاة ذلك، تعرض «العربية» تقريراً إخبارياً يومياً عن الحدث وأبعاده وتأثيراته في العرب والمسلمين وعلاقتهم بالغرب. كما يستضيف برنامج «نقطة نظام» الذي يقدمه حسن معوض، رئيس الإستخبارات السعودية السابق الذي كان يشغل هذا المنصب الحساس إبّان وقوع الأحداث، للحديث عن بعض الخبايا التي بقيت بعيدة من التداول الإعلامي.

أما برنامج «العربية في أسبوع» فيعرض تغطية خاصة عن الأحداث، قوامها استطلاعات أجرتها «العربية» بالتعاون مع شركة أبحاث متخصصة، حيث تقوم الإعلامية نجوى قاسم بعرض نتائج تلك الاستطلاعات ضمن حلقة نقاش شفّافة تُعرض يوم السبت 10 أيلول في تمام الساعة 3:00 بتوقيت السعودية.

ومن غرفة أخبار «العربية»، يقدّم طاهر بركة حلقة نقاش خاصة يوم الأحد 11 أيلول، يتطرّق خلالها إلى تنظيم القاعدة، ونشاطاته والتغيرات التي طاولت بنيته وانتشاره حول العالم. هذا اضافة الى مواصلة «العربية» يومي 10 و11 أيلول، عبر نشراتها نقل النشاطات والفعاليات الخاصة بذكرى 11 أيلول مباشرةً من الولايات المتحدة - نيويورك.

الحياة اللندنية في

09/09/2011

 

الطفل العربي ضحية نشرات الأخبار الدموية:

قنــاة «الجــزيــرة» نمــوذجــاً

سامر محمد اسماعيل 

تقتحم الصورة الإعلامية اليوم عالم الصغار قبل الكبار، ولم يعد خافياً على أحد أن الأسرة العربية أمست تعايش الأحداث التي تمر بها المنطقة العربية لحظة بلحظة، من خلال ما تتعرض له من سيل إعلامي عارم عبر القنوات الإخبارية الرأسمالية. ولم يعد الطفل في أحيان كثيرة معزولاً عن اهتمام والديه. خاصة أن نشرات الأخبار عن أحداث تونس ومصر وليبيا واليمن والبحرين وسوريا جعلت منها طبقاً شبه يومي على مائدة الأسرة العربية؛ يتعرض عبرها الطفل لخطاب إعلامي يطفح بالعنف، سواء من خلال النص الكلامي الصوتي لمذيعي الأخبار؛ أو حتى من خلال الصورة الدموية، وغالبا ما تكون بالغة القسوة، ما يشكل خطرا على التكوين النفسي والعقلي لدى الطفل. ولا تقتصر فرجة الطفل العربي على ما تبثه الفضائيات الإخبارية، بل يتعداه إلى بقية وسائل الميديا، وفي مقدمتها المواقع الإلكترونية التي لا تفرق ـ للأسف ـ بين شرائح جمهورها كباراً أم صغاراً.

ويرى بعض المتخصصين أن ما يتعرض له الطفل العربي في هذا الإطار، له عظيم الأثر على تركيبة شخصية الناشئة وتوجهاتهم المستقبلية. ويجدر حمايته من عواقبها، ولا سيما تلك الناجمة عن قسوة الصورة الإعلامية العربية المراد منها تعبئة الرأي العام، موظفة الأطفال كشواهد على مجازر وضحايا الأنظمة وأجهزتها الباطشة. وينتج من ذلك تدمير لمفاهيم أساسية لدى الطفل العربي، ربما كان أبرزها اليوم طغيان العنف كوسيلة للتعبير عن ذاته، من خلال المحاكاة اللاواعية للصورة وأبطالها وشعاراتها، وتهشيم قيم الرأفة الإنسانية، وتعزيز قيم الحياد واللامبالاة عبر تكرار صور القتل والعنف اليومية.

إن المتابع لما تقوم به قناة «الجزيرة» وشقيقتها «الجزيرة مباشر» يمكنه ملاحظة الكم المتزايد من صور الأطفال التي تبثها على مدار الساعة، محاولتين اللعب على حساسية خاصة لدى المشاهد الصغير، قوامها التغني بحقوق الطفل، متجاهلة أنها تساهم بتشويه بصري ممنهج لذائقة المشاهد الصغير، ومشاعره الغريرة، خصوصاً في تركيزها على وجوه الضحايا، متذرعةً بنقل الحقيقة.

ومع أن الأمم المتحدة حظرت مشاركة الأطفال في التظاهر، وحملت أهلهم مسؤولية ما قد يتعرض له أبناؤهم من مخاطر لمشاركتهم في أنشطة الشارع، إلا أن القناة القطرية ما زالت تركز في تقاريرها اليومية على صور لضحايا المتظاهرين الصغار، وكأنها تقوم بتحريض ما لجمهور الأطفال للمشاركة في الاحتجاجات العربية. كما تشارك في تكريس صور الضحايا الصغار «كأيقونات ثورية» دافعةً بأعداد إضافية من هؤلاء إلى مصيرهم المجهول. فالقناة القطرية لم تشر ولو مرة في نشراتها إلى ضرورة إبعاد الأهل لصغارهم عن رؤية ما تبثه، بل على العكس تماماً فإنها تشرك الأطفال في جميع تقاريرها، وتستخدمهم كمادة دعائية لتبرير سلم أولوياتها في صياغة الخبر وتحريره، مساهمةً في إبعاد الصغار يوماً بعد يوم عن برامجهم المخصصة لهم، ناقلةً إياهم إلى حيز المسؤولية.

ليس هذا وحسب، بل تعرض قناة «الرأي والرأي الآخر» جثثا لأطفال صغار تضعهم كما تريد في سياقات إخبارية عجيبة، ولا تتورع عن تقديم أقسى المشاهد عنفاً ودموية، عبر تكرارها عرض صور فيديو مأخوذة بكاميرا هواتف محمولة لأطفال سوريين في درعا وجسر الشغور للتأثير على الرأي العام السوري!

بات ملحا اليوم أن تراقب الأسرة ما يعرض في النشرات الإخبارية ودون استثناء، لما أصبحت تحويه من كمية عنف كبيرة على صغارها، مع الحفاظ على ساعات مشاهدة الأبناء لرسومهم الكرتونية المصورة، ولبرامجهم الخاصة. فمن الملاحظ أن الوقت المخصص لجمهور المشاهدين الصغار بدأ يتراجع أمام التغطيات المطولة للأحداث العربية المتسارعة، لا سيما أن أطفال اليوم لم يخالطوا نمورهم الوردية، ولم يتعرفوا إلى «توم سوير» بل هم في الأصل ضحية لبرامج كرتون غالباً ما تكون مليئة هي الأخرى بأجواء العنف. وعليكم أن تتخيلوا جيلاً كاملاً يتفرج عليها، جيلا يتم تشويهه ما لم يتم إعادة التوازن النفسي إلى برامج هذا الطفل المغرم مسبقاً بالرجل العنكبوت كمثال عن فرسان عالمه المعاصر!

السفير اللبنانية في

09/09/2011

 

«وادي السايح»: ضعيف درامياً وغير دقيق توثيقياً

نضال بشارة 

يؤخذ على مسلسل «وادي السايح» الذي عرض مؤخرا، تأليف حسن الحكيم، وإخراج محمد بدرخان، إغراقه في التوثيق على حساب الجانب التخييلي، وعدم توافق المكان الذي صوّرت أحداث العمل فيه مع البنية المعمارية للحي الذي حمل المسلسل اسمه. فلا يمكن أن تكون أبنية الحي وأزقته من الحجارة السوداء كما شاهدنا، لأنه يقع خارج حمص القديمة، بحسب كتاب للدكتور منذر الحايك ومحمد فيصل شيخاني (حمص درّة مدن الشام). فالعمارة الطينية لغالبية بيوته نقيض هذا التوثيق، الذي حرص عليه المؤلف لجهة ذكره أسماء عائلات وشخصيات ( فنية، وحقوقية، وطبية، وأصحاب مهن...) ومساجد ومحال وطقوس واحتفالات تعود للحقبة التي امتدت عليها أحداث العمل (1968- 1970)، محاولا من خلالها تقديم ملامح من الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والفنية. والمخرج في هذه النقطة يتحمّل جانباً من المسؤولية مع الكاتب.

ولكن قد يتوقف أيضا المشاهدون العارفون بعائلات حمص أمام النظرة العدائية التي قدّمها المسلسل تجاه عائلات هذه المدينة الأصليين، الذين تضرر بعضهم من التأميم. فالمسلسل قدّمهم إما غير فاعلين في الحياة، أو كنماذج للفسق والجريمة! في حين أن رئيس الجمهورية طوال فترة أحداث المسلسل كان من تلك العائلات وهو نور الدين الأتاسي، فضلاً عن عائلات أخرى قدمت وزراء في حكومات متعاقبة في الفترة ذاتها، الى جانب رئيس جمهورية سابق هو هاشم الأتاسي.

لكن من تحدث عنهم المسلسل زعم أن معظمهم ليسوا من حمص، بل وفدوا إليها من قرى تابعة لها ومن مدن أخرى، فضلاً عن تغييبه لوناً دينياً ثالثاً هو من مكونات سكان «وادي السايح»، ونسبتهم لا تزال حتى الوقت الحالي تشكّل أكثر من 40 بالمئة، بما أن المسلسل قدم لونين دينيين (إن صحت التسمية).

وإذا قاربنا المسلسل من الجهة الدرامية، فإنه يضم خيوطا درامية لم يستطع الكاتب شبكها بالخيط الدرامي الأساسي المتعلق بالطبيب علي (حسام عيد) الذي يفترض أن يحمل العمل كله، في حين أنه جاء ضعيفاً، لأنه يفتقد خيالاً أرحب. ففي ظل ما عرض يمكن حذف أي خيط درامي دون أن يتأثر السياق، وبعض هذه الخيوط لم يتطور. كما افتقد العمل عناصر الجذب والتشويق. رغم تجسيد شخصياته من قبل ممثلين بارزين أمثال فايز قزق، عبد الحكيم قطيفان، جيانا عيد، عبير شمس الدين، زهير عبد الكريم، فاديا خطاب، محمد حداقي، أحمد منصور، وممثلين من هواة المسرح في حمص في مقدمتهم محمد أحمد الأحمد.. إلا أن ضعف الخيوط الدرامية جعل حضورهم خافتاً.

السفير اللبنانية في

09/09/2011

 

الدراما العراقية تحاصر نفسها بعيدا عن مشاهديها

تدور في إطار السياسة والعنف ونبش الماضي القريب

لندن: حميدة العربي 

ما زالت الدراما العراقية منذ 2003 تدور بنفس الدائرة التي حصرت نفسها بداخلها وهي السياسة والعنف ونبش الماضي القريب، وكأن الحاضر خال من المشاكل والأحداث غير السياسية، وبدأت الأعمال الاجتماعية تختفي تدريجيا من دائرة الاهتمام. وصارت الدراما تنتهج نقل الواقع بطريقة الاستنساخ وتنزل إلى مستوى المشاهد البسيط لتستعير لغته وطريقة تفكيره وتساير ثقافته الاجتماعية، بعيدا عن متطلبات العصر ومغذياته الثقافية والفكرية والحضارية التي ترتقي بالوعي وتؤدي إلى التجديد والإبداع وبالتالي التغيير والتطور. وبسبب هذا النهج والإصرار عليه صار المشاهد العراقي يعرف ما ستقدمه له الفضائيات، وهي جهات الإنتاج الوحيدة، فاتسعت المسافة بينهما وبدأ بالعزوف عنها إلى الأعمال العربية والأجنبية.

وكما في كل رمضان فإن أعداد المسلسلات تجاوز الحد المعقول مما أدى إلى تأجيل البعض منها. وكان العنف والسياسة ومساوئ النظام السابق من القواسم المشتركة بين كل الأعمال التي عرضت هذا العام، باستثناء ما قدمته قناة «الشرقية» التي تميزت بنهجها الواضح في الدراما وهو التركيز على الحاضر، العراقي، ونقده بأعمال، جادة أو كوميدية، بالإضافة إلى تناول سيرة بعض الشخصيات أو الرموز العراقية. فقدمت هذا العام مسلسل «الباب الشرقي» حول الشباب المحتجين في ساحة التحرير ببغداد. والمسلسل الكوميدي «سايق الستوتة» للفنان قاسم الملاك الذي يكرر فيه أسلوبه، تأليفا وأداء، في نقد بعض الظواهر الاجتماعية. أما مسلسل «فاتنة بغداد» فقد تناول حياة المطربة الرائدة عفيفة إسكندر. ورغم إيقاعه الرتيب وتحريف بعض الأحداث والاهتمام بالخط السياسي، فإنه يظل ذا نكهة مختلفة وسط فوضى السياسة والعنف.

وقدمت قناة «العراقية»، الرسمية، إضافة إلى مسلسل ريفي، ثلاثة أعمال، تعرف ماهيتها ومحتواها من عناوينها، فهي تدور في زمن النظام السابق، وهي غربة وطن، والهروب المستحيل، وسنوات تحت الرماد. ورغم أن هذا الأخير يدور في الوقت الحاضر فإن أبطاله يعانون من تبعات ما تعرضوا له أيام النظام السابق. وتميز السيناريو بالتقليدية في الطرح والمعالجة ومحاولة النقر على السطح دون الغوص قي الأعماق، فقد جعل الفاسدين تجارا من خارج المؤسسة الرسمية والمديرين هم الشخصيات الإيجابية، النزيهة! وبذا أفقد العمل ميزة الصراع، فلو جعل المنافسة، داخل المؤسسة، بين المديرين أنفسهم، النزيه منهم والفاسد، وكل له شبكة من العلاقات خارجها، لساهم في تأزيم هذا الخط وأذكى حدة الصراع فيه. لذا اضمحل هذا الخط في النهاية وتم التركيز على اكتشاف الأصدقاء لحقيقة كل واحد منهم وصدمتهم ببعضهم البعض. ويظل إخراج فارس طعمة التميمي وحركة كاميراته المدروسة، وكوادره الجميلة واختياره لمواقع التصوير الأصلية في بغداد، وكذلك حضور نخبة متميزة من الفنانين، المخضرمين والشباب، أهم ما ميز العمل. وقد ساهم قيام القناة بتنفيذ الإنتاج بنفسها، دون اللجوء إلى المنتج المنفذ، إلى إظهار القيمة الجمالية للمكان وتأثيره الدرامي على مجمل العمل. وبهذا أنهت القناة حقبة من الإنتاج الهزيل، حين كانت مواقع التصوير عبارة عن دكاكين أو خانات تغطيها الستائر.

قناة «البغدادية» قدمت، إضافة إلى عمل كوميدي، لا يعرف له معنى أو هدف، أربعة أعمال يدور بعضها في الماضي القريب، وهي «وكر الذيب»، «أبو طبر»، وبعضها عن الحاضر السياسي مثل، «طيور فوق أجنحة الجحيم» و«أيوب».. وفي هذا الأخير يعود الكاتب صباح عطوان، بعد انقطاع لسنوات، لينقل للمشاهد العملية السياسية في العراق منذ مارس (آذار) 2003 وما جرى بها من أحداث وصراع بين الساسة حول المناصب والنفوذ والاستيلاء على عقارات الدولة والأموال.. إلخ، وبطريقة حرفية تقريبا، فبدا العمل وكأنه فيلم وثائقي أعيد تجسيد الأحداث فيه، تمثيلا، مع تغيير الأسماء فقط! أما مسلسل «أبو طبر» والذي أثار جدلا واسعا، قبل إنتاجه وعرضه، فالبعض يرى أنه جنائي بحت والآخر يرى أنه سياسي وأن شخصية أبو طبر من صنع النظام، لإثارة البلبلة وإشغال الناس عن ممارسات النظام بتصفية خصومه. ولأن كل حدث قابل للتأويل وعرضة للإشاعات والتفسيرات، فقد حظي أبو طبر بالكثير من هذا وذاك، وهذا ما طرحه المسلسل، إلا أنه ركز على الجانب السياسي والصراع بين أجهزة الأمن وادعاء كل منهم بقدرته على إنهاء ملف أبو طبر بأسرع وقت!.. والمسلسل من إخراج سامي الجنادي وتأليف حامد المالكي الذي يطرح في أعماله مواضيع مهمة إلا أنه غالبا ما يعالجها بطريقة بعيدة عن السياق المنطقي للأحداث، ويذهب بها في تفريعات جانبية لا تخدم الحدث الرئيسي في كثير من الأحيان كما حدث في أبو طبر. فهذه شخصية حقيقية وأحداثها واقعية أرعبت أهالي بغداد بجرائمها بين عامي 73 - 74 ولأن حيثياتها، في ملفات الشرطة، ثابتة ومحددة والضحايا معروفون، لذا لجأ المؤلف إلى ابتكار شخصيات افتراضية يدعم بها عمله، لكنه اختار هذه المرة الشخصيات الخطأ، التي لا علاقة لها بـ«أبو طبر» ولا بضحاياه، مما أضعف الجانب الدرامي في هذا الخط.. مثل شخصية فتاح اللص وعائلته وصديقه وبائع الطيور. وكان الأجدى، دراميا وإنسانيا، أن يركز على الضحايا، حياتهم، اهتماماتهم، أحلامهم.. قبل أن يأتي أبو طبر ويغتالها. إلا أنه انشغل بالشخصيات الهامشية وجعل المشاهد يتعاطف مع اللص فتاح بجعله ضحية السلطات التي أجبرته أن يدعي، أمام الرأي العام، أنه أبو طبر بعد عجزها عن إلقاء القبض على المجرم الأصلي. وركز كذلك على بيت الدعارة، ومشاكل النساء بداخله، والذي لا علاقة له بالحدث سوى أن بعض ضباط الاستخبارات يترددون عليه، فلو جعل أبو طبر يتردد عليه، أيضا، ويلتقي هؤلاء الضباط دون أن يعرفه أحد، لمنح الأحداث تشويقا وإثارة وأظهر هشاشة الخطط الأمنية المتبعة في البحث عنه.. خصوصا أن أبو طبر له مغامرات من هذا النوع. وكذلك شخصية طبيب رئيس الجمهورية، ليس لها تأثير درامي على الأحداث سوى ليخبر المشاهد أن الرئيس بلا سلطة فعلية ولا يعرف شيئا مما يحدث.

وحاول المؤلف دعم شخصية أبو طبر بجعلها أداته، غير الاعتيادية، لتعرية ومحاسبة الوضع القائم. وعاملته الشرطة كسجين فوق العادة، وميزته على بقية السجناء، فهو الوحيد الذي يرتدي بيجامة نظيفة براقة! ويسخر من الضباط ويكيل لهم الإهانات ولبعضهم الضربات، دون أن يرد عليه أحد أو يعاقبه، بل يستمعون إليه بإصغاء لا يخلو من إعجاب، وهو يلقي عليهم محاضراته الفلسفية! وكان المفروض أن ينتهي المسلسل عند الحلقة 22 بعد إلقاء القبض على أبو طبر واعترافه بجرائمه وعرضه أمام الناس على شاشة التلفزيون، وينتهي أيضا دور اللص فتاح بعد التأكد من أنه ليس أبو طبر. إلا أن المؤلف ظل يتابع علاقاته وتصرفاته السيئة دون أن يربطه بالحدث الرئيسي أو بشخصية أبو طبر.. وأراد، بعملية السطو الأخيرة التي قام بها فتاح مع رفاقه على بيت يحوي جثة طبيب الرئيس، تقديم دلالة صارخة على أن هناك أكثر من أبو طبر ما زال يسرح في بيئة يهيمن عليها الخوف والموت! وتميز الإخراج بحرفية عالية، خصوصا مشاهد ارتكاب الجرائم باعتماد اللقطات القصيرة المتلاحقة والإيقاع السريع والزوايا المبتكرة لكاميرا لاهثة، تسندها موسيقى تصويرية معبرة وموائمة للحدث.. لكريم هميم.

وفيه تحدى الفنان كاظم القريشي نفسه وكسر قالب الإنسان الطيب الذي عرف أو وضع به، وقدم واحدا من أهم أدواره، أبو طبر، وتألق به خصوصا في الحلقة الأخيرة وهو ينتظر مصيره المحتوم. ومشهد وداعه لأمه، الفنانة سليمة خضير، من أجمل المشاهد، إخراجا وأداء وحوارا، توازنت فيه، دراميا وعاطفيا، مكابرة المجرم وادعاؤه مع عذوبة الأمومة وهيبتها.

وشهدت دراما هذا العام دخول الأكراد على الخط، فبعض الأعمال جرت أحداثها في المناطق الكردية واشترك فيها فنانون أكراد، تحدثوا بلغتهم الخاصة، وهي التفاتة إيجابية لترسيخ العمل المشترك بين الفنانين العراقيين.. على أمل أن لا يقتصر الموضوع على الأحداث التي تدور في زمن النظام السابق فقط! فقد ملّ المشاهد العراقي من العنف والسياسة ومن الاستهانة بذوقه ودوره!

الشرق الأوسط في

09/09/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)