حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

تحتفظ بمكانتها رغم تطور الإعلام المرئي والإلكتروني

صوت يتحدى بريق الصورة

ملف أعده: أحمد مصطفى

رغم تعدد وسائل الإعلام وتنوعها بين مرئية ومسموعة ومقروءة يبقى للإذاعة بريقها الذي لا يخفت بوصفها إعلام الزمن الجميل الذي يرسم خيال المستمع ويحلق به في عوالم مختلفة .

جمهور الإذاعة أساس استمرارها وتطور برامجها ومن دونه لما استطاعت أن تحتفظ بمكانتها في ظل التطورات التي دخلت على وسائل الإعلام الأخرى مثل التلفزيون والانترنت، وأصبحت المادة الإعلامية تنقل بالصورة بدلاً من الصوت وحده، ما جعل المنافسة في ذروتها . والسؤال في ظل هذا التحول، هل يتابع الجمهور البرامج الإذاعية؟ وماذا تعني لهم الإذاعة وهل يفضلها على مشاهدة التلفزيون؟ وما أفضل الأوقات والبرامج التي ينصت فيها للإذاعة؟

طلعت الحلبي 30 عاماً، موظف في أحد بيوت الأزياء بدبي، أكد أن متابعته للإذاعة أمر أعتمد عليه طوال اليوم في المنزل أو العمل أو حتى السيارة  وأتابع المحطات الإذاعية على الفضائيات والستالايت سواء كانت محلية أو عربية، خاصة التي تقدم نشرات الأخبار بصورة دورية، لافتاً إلى أن متابعة الإذاعة مثلها مثل التلفزيون حيث يشاهده في المساء عند العودة من العمل .

وأوضح أن الاستماع إلى الراديو يومياً من الأشياء المحببة إليه، وعادة من الصعب الاستغناء عنه لأنه يقدم برامج تناسب كل الأذواق، ويسهل متابعتها في أي وقت وأي مكان بمختلف الوسائل، مؤكداً أن كثيراً من البرامج والأعمال الإذاعية تعطي نوعاً من الخيال لدى المستمع ليتخيل الموقف الذي يستمع إليه .

يمان عصام 18 عاماً، طالب في جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا، أكد أن متابعته للإذاعة تكون يومية من خلال مذياع السيارة في فترة الصباح وهو في طريقه إلى الجامعة وعند العودة، خاصة محطات الأغاني ونشرات الأخبار .

وأضاف: متابعتي للإذاعة أمر اعتدت عليه وأصبح جزءاً من حياتي اليومية عندما استخدم السيارة أو حتى في المنزل حيث استخدم جهاز الأم بي ثري أو الستالايت في متابعة برامج الراديو في وقت الفراغ، لافتاً إلى أن مشاهدته للتلفزيون تكون في المساء، ولكن ليس بالوقت نفسه الذي يستغرقه في سماع الإذاعة .

إبراهيم حسين عبيد، موظف، 22 عاماً أوضح أن متابعته للإذاعة تتم بصورة غير دورية خاصة أن العمل شغل وقته كثيراً ولذا فالاستماع إلى الراديو يكون بأوقات متفاوتة، وربما يكون وقت الذهاب للعمل فقط أو الخروج بالسيارة مع الشباب .

وأضاف: أفضل دائماً سماع إذاعة أبوظبي للقرآن الكريم، ومحطات الأغاني مثل راديو الرابعة، بالإضافة إلى برنامج “أبو راشد”، وهو من أحب البرامج إليّ، لافتاً إلى أن أكثر الأوقات التي يستمع فيها إلى الإذاعة تكون خلال السفر الطويل حيث يحتاج إلى ما يجعله منتبهاً للطريق .

وعن كيفية المتابعة قال: عندما أكون في المنزل وأريد الاستماع للإذاعة يكون ذلك من خلال التلفزيون عن طريق تشغيل الإذاعة الموجودة على الطبق اللاقط، وغالباً ما استمع إلى محطات القرآن الكريم .

مصطفى أحمد 28 عاماً، موظف في إحدى الشركات العقارية بدبي، قال: أتابع الإذاعة يومياً خاصة في فترة الصباح من الساعة العاشرة صباحاً حتى الواحدة ظهراً من أجل متابعة برنامج “أبو راشد” وهي عادة يومية أحرص عليها خاصة أنها لا تشغلني عن العمل .

ويؤكد أن الإذاعة مهمة بالنسبة له من أجل التسلية خاصة عندما يكون في السيارة، لكن في المنزل يفضل مشاهدة التلفزيون عن الإذاعة خاصة في أوقات المساء حيث يستمتع بمتابعة برامج التلفزيون المختلفة التي تنقل كل شيء بالصوت والصورة، عكس الإذاعة التي يستخدم فيها الصوت فقط لذا يكون لها وقتها .

ويؤكد حامد منصور 40 عاماً، مدرس في منطقة عجمان التعليمية، أن الإذاعة بالنسبة له عادة يومية حرص على عملها من خلال الاستماع لإذاعة القرآن الكريم أثناء الذهاب للعمل في الصباح، وكذلك عند العودة وفي أي وقت يستخدم فيه السيارة، موضحاً أنه نادراً ما يغير المحطة عن إذاعة أبوظبي للقرآن الكريم .

ويضيف: نادراً ما أستمع للإذاعة في المنزل من خلال الطبق اللاقط إلا عندما استخدم جهاز الكمبيوتر فاستمع أيضاً لإذاعة أبوظبي للقرآن الكريم حيث برامجها المميزة طوال اليوم، وعن التفضيل بينها وبين التلفزيون قال: بالطبع كل جهاز له مميزات وفوائد فالتلفزيون يشاهد في مكان ثابت كالمنزل أما الإذاعة فيمكن الاستماع إليها في أي مكان .

عبدالعزيز سعيد النعيمي 19 عاماً، طالب، أكد أن الإذاعة وسيلة تسلية عند الخروج بالسيارة أو الذهاب للجامعة، موضحاً أنه يفضل متابعة برامج البث المباشر عندما تناقش قضايا الشباب واهتمامهم ومن دون ذلك نادراً ما يستمع للإذاعة، لافتاً إلى أن التلفزيون بالنسبة له أهم من الإذاعة في أمور كثيرة لأنه ينقل الأحداث بالصوت والصورة، وكذلك مباريات الكرة ويقدم تحليلات عنها عكس الإذاعة فإنها تهتم كثيراً بمثل هذه الأمور .

عواد مسعد 44 عاماً، موظف في هيئة كهرباء ومياه الشارقة، قال: استمع للإذاعة من خلال جهاز الراديو فهو المفضل دائماً ويعيدني لأيام زمان قبل أن ينتشر التلفزيون بهذه الصورة، ودائماً ما استمع لإذاعة القرآن الكريم في الصباح أثناء الذهاب إلى العمل ومحطات الأخبار المختلفة التي أستمع إليها في فترة المساء .

ويضيف: إن وجود التلفزيون لم ينه مهمة الإذاعة لأن لها عشاقها ومحبيها كما أنها سهلة الوجود في أي مكان عكس التلفزيون والوسائل الأخرى حيث من الممكن ان تستمع إليها وأنت في السيارة أو في الممنزل خلال رحلة خارجية، مشيراً إلى أن للإذاعة أهميتها كما للتلفزيون أهميته في الوقت الحالي فكل منهما له جمهوره الخاص به، وبالتالي من الصعب أن يحل جهاز محل آخر مع تقدم وتطور العصر والتكنولوجيا .

محمد فيصل 20 عاماً، طالب، في جامعة عجمان قال: متابعتي للإذاعة تكون في فترة العودة من الجامعة، وغالباً ما تكون بعد الواحدة ظهراً وخلال هذه الفترة استمع لإذاعة الأغاني والبرامج التي تقدمها وأستمر في سماعها حتى العودة للمنزل .

وأوضح أن إمكانات التلفزيون سيطرت بشكل أو بآخر على الإذاعة من خلال ما تقدمه من أفلام ومسلسلات والتفاعل مع الجمهور المتابع عكس الإذاعة .

حنا كمال، مصفف شعر، 34 عاماً قال: إن الإذاعة مهمة له، خاصة خلال دوامه اليومي في محل عمله من 12 ظهراً حتى وقت الراحة في الرابعة عصراً ثم العودة في الدوام الليلي حتى 12 مساء، حيث يستمع إلى إذاعات الأغاني والأخبار بصفة منتظمة سواء من خلال الراديو أو من خلال الفضائيات أما مشاهدته للتلفزيون فتكون في المساء .

وأضاف: التلفزيون والإذاعة لهما أهمية كبيرة بالنسبة لي لكن الإذاعة أكثر لأنها لا تشغلني عن متابعة عملي اليومي وتقدم برامج منوعة في مختلف المجالات حيث يمكنني سماعها وليس مشاهدتها مثل التلفزيون حيث يتطلب عملي تركيزاً أكثر .

محمد علي 20 عاماً، موظف، بأحد محال الملابس قال: استمع إلى إذاعة الموسيقا والبرامج الترفيهية خاصة اثناء الدوام وأفضلها أنا والزملاء العاملون معي، وفي فترة الصباح خلال الذهاب للعمل تكون برامج البث المباشر في المقدمة دائماً من خلال سماعها من راديو السيارة .

وأضاف: الإذاعة بالنسبة لي مهمة، خاصة أنها تضيع الوقت أثناء الدوام كما أنها ذات فائدة من خلال بعض البرامج التي تقدمها والأسئلة التي تطرحها على المستمعين، وبذلك أكون حققت فائدة الاستماع ومعرفة المعلومات .

ناصر ربيع، محامٍ، 30 عاماً قال: لا أستمع للإذاعة إلا في فترة قبل النوم من خلال الكمبيوتر المحمول، حيث أستمع لإذاعة أبوظبي للقرآن الكريم بصورة يومية في فترة المساء، أما في فترة الصباح فأستمع إليها أثناء الذهاب للعمل .

وعن تفضيله للإذاعة أم التلفزيون قال: لكل وسيلة عيوبها ومميزاتها، فالإذاعة سهلة الوصول إليها بعكس التلفزيون لا بد أن تكون في مكان ثابت كما أنه من الممكن أن يشغل عن العمل بخلاف الإذاعة فإنها تساعد في كثير من الأوقات على النشاط .

* * *

المذيع الضعيف يلجأ إلى العامية

"لغة الشارع" صداع عبر الأثير

اللغة العربية السليمة من أهم أسس تواصل مقدم البرامج مع المستمعين عبر الأثير وعدد كبير من كبار المذيعين عرفوا من خلال نبرة أصواتهم وقوتهم في الحديث باللغة العربية . لكن في الفترة الأخيرة حاول عدد من المذيعين اللجوء إلى العامية للتغطية على ضعفهم في اللغة العربية، وهو الأمر الذي يفقد الاذاعة واحدة من أهم مميزاتها وهي الاهتمام بلغة الضاد .

بداية يقول سراج كمال 29 عاماً مندوب إعلانات إنه عند سماعه لكثير من برامج الإذاعة يلاحظ عدم دقة المذيعين في استخدام اللغة العربية ومعظمهم يستخدمون لهجات لا أعرف عنها شيئاً ما يجعلني في حيرة وأنصرف عن متابعة المحطة .

ويضيف: انتقل لمحطة أخرى، أو أغلق الإذاعة لأنني لا استطيع فهم لهجات المذيعين وربما يؤدي ذلك إلى التباس في فهم الكلمات، مطالباً بضرورة أن يكون الحديث الإذاعي باللغة العربية الفصحى .

ويوضح حمد خليفة أحمد 22 عاماً خريج كلية الاتصال أن اللغة العربية المستخدمة في الإذاعات غير دقيقة ولا تعبر عن لغتنا العربية خاصة في المحطات التي أصبحت تقدم الأغاني والمسابقات من أجل كسب الجمهور من دون التركيز على اللغة العربية التي يتم الحديث بها حيث يقوم بعض المذيعين في كثير من الأوقات باستخدام ألفاظ وعبارات انجليزية رغم أن برنامجه باللغة العربية .

ويطالب أحمد بضرورة اختيار المذيع بناء على أسس من أهمها أن تكون لديه ثقافة عامة ولغة ونطق صحيحين وهو مايجعل المستمع يقترب منه أكثر ويحترم ما يقدمه من مضمون .

رضا منصور 33 عاماً موظف بإحدى شركات العطور بالشارقة قال: أنا من هواة سماع الإذاعة لكن لي بعض الملاحظات على بعض المذيعين حيث يفتقر معظمهم لمخارج الألفاظ وبحكم أنني خريج كلية اللغة العربية أعرف أن هناك أخطاء فادحة لدى كثير منهم .

ويضيف: لا بد من حسن اختيار المذيعين لأن ما يقوم به كثير منهم يعتبر كارثة على اللغة العربية، بالإضافة إلى بعض المذيعات اللاتي يقدمن البرنامج بطريقة لا توحي أبداً بأن لديهن أي نوع من الثقافة أو الإلمام بالمعلومات .

يسرا أحمد مقدمة برامج على قناة “عرب تي في” تقول: أصبحت الكثير من الإذاعات تتجاهل اللغة العربية الصحيحة التي من المفترض أن يتحدثها كل من يعمل وراء الميكرفون لأن هدفه توصيل رسالة إعلامية حقيقية وبصورة فاعلة للجمهور، لكن الآن أصبحت الكثير من الإذاعات تعتمد على العامية في برامجها بهدف كسب أكبر قدر من الجمهور لكنها بذلك ابتعدت على واجبها الحقيقي .

وأضافت: اللهجة العامية هي التي نتحدث بها في ما بيننا وهذا أمر عادي ومسلم به لكن عندما نخاطب الناس من خلال منبر إعلامي مثل الإذاعة يجب وضع ضوابط لذلك لأن بعض المذيعين على سبيل المثال يستخدمون اللغة الانجليزية بجانب العربية عند الحديث في البرنامج، وهذا أخطر من أن نتحدث باللغة العامية لأننا نعمل على اخفاء لغتنا الجميلة في حين أننا لم نسمع من قبل عن مذيع أجنبي أدخل العربية في حديثه سواء بالإذاعة أو التلفزيون .

وتقول ذكريات مصطفى مقدمة برامج بقناة “روتانا خليجية” إنها ضد أن تكون هناك لهجات أو لغة غير منضبطة في العمل الإعلامي سواء كان في الإذاعة أو التلفزيون لأن ذلك ربما يفقد المحتوى الإعلامي قيمته خاصة أن الكثيرين لا يعرفون بعض اللهجات ويستمعون إلى الإذاعة التي أصبحت تصل إلى أي مكان في العالم ومن ثم يبتعدون عنها .

ويضيف: معظم مذيعي الإذاعة لم يحسنوا تقديم برامجهم باللغة العربية الفصحى نتيجة لأسباب متعددة من أهمها عدم ثقافتهم القوية وعدم مقدرتهم على الحديث باللغة العربية أو أنهم يعتبرون أن زمن الفصحى انتهى .

الإذاعي عادل حسين انتقد ما يقوم به كثير من المذيعين في الوقت الحالي من خلال استخدامهم للهجة العامية أثناء حديثهم في الإذاعة حيث طغى كثير من اللهجات والألفاظ والعبارات على العربية التي من المفترض أن يتحدث بها المذيع .

وأضاف: محطات اذاعية كثيرة أهملت اللغة العربية وجعلت العامية اللهجة الرسمية عدا بعض محطات الأخبار والنشرات الرسمية التي تحاول أن تحافظ على اللغة في برامجها أما خلاف ذلك فتغير الوضع إلى الأسوأ .

وقال: أصبحت الإذاعة تستخدم لغة “التيك أواي” السهلة والتي يفضلها الكثير من المذيعين هرباً من ضعفهم في اللغة العربية .

وأوضح أن مهنة المراقب على البرامج اختفت في كثير من المحطات الإذاعية العربية، وهذا أوصل مضمون ولغة الإذاعة إلى مستواها الحالي، لافتاً إلى أن اختيار المذيعين أصبح عاملاً مساعداً في اختفاء اللغة العربية الصحيحة التي يتحدث بها المذيع المثقف والدارس على المذيع الموجود حالياً، وطالب بضرورة اهتمام كليات الاتصال بتخريج طلاب على دراية كاملة بفنون الخطابة والحديث واللغة العربية لمواجهة ما يحدث الآن عبر أثير الإذاعة التي من المفترض أن تكون مصدراً للغة الصحيحة وتعلمها مثلما كان يحدث في الماضي .

الدكتور إبراهيم الحوسني الخبير الإعلامي أوضح أن لغة الإذاعة يفترض أن تكون بسيطة وسهلة ولكن ليست أقرب إلى لغة الشارع وهو ما يحدث الآن حيث فقدنا البرامج الإذاعية التي تعتمد على المهارات اللغوية في مخطابة الجمهور وأصبحت لغة الشارع شعار الكثير من الإذاعات .

وأضاف: للأسف لا توجد لهجة أو طريقة معينة للحديث في الإذاعة وهو ما جعل الكثير من المؤسسات الإعلامية التي تمتلك إذاعات لا تفرض طريقة معينة للحوار على مذيعيها وتركتهم يتحدثون من دون ضوابط مهنية .

وأوضح أن مذيع الإذاعة الناجح يتحدث بلغة عربية صحيحة تعتمد على الخبرات وهو ما يقوم به مجموعة قليلة من المذيعين في الوقت الحالي لاعتمادهم على الأسلوب السهل في التعامل مع الجمهور ومخاطباتهم وليس من خلال التعمق في المواضيع التي تناقش في حلقة البرنامج الإذاعي، لافتاً إلى أن الكثير من الإذاعات تحاول كسب الجمهور بأية طريقة معتمدة على الأسلوب التجاري بعيداً عن المهنة .

الدكتور ممدوح المشمشي أستاذ الإعلام في جامعة الشارقة أوضح أن التطور الإعلامي والتكنولوجي الذي حدث للإذاعة وما وصلت إليه الآن من سهولة في التواصل مع المتلقي جعلها مطالبة بتقديم المزيد من البرامج والأخبار والأعمال الإذاعية في وقت سريع، لذا تساهلت في الإعداد الجيد لها وأصبحت بلا لغة صحيحة .

كما أن الكثير من البرامج الإذاعية في الوقت الحالي اعتمدت على نوعية البث المباشر والحي من أجل التواصل بصورة أكبر من الجمهور وهو ما جعل معظمها يستخدم اللهجات العامية .

وأضاف: على مقدم البرامج الإذاعية عدم التساهل في النطق باللغة العربية الفصحى والبعد عن الألفاظ الشائعة التي ربما تبعد المستمع عن المعنى المقصود وهو ما يقع فيه كثير من المذيعين غير المؤهلين مهنياً .

ويطالب بضرورة تضافر الجهود بين إدارات الإذاعات العربية المختلفة من  أجل الخروج بكيان إذاعي عربي واحد ومحاولة تجويد المضامين التي تقدم وتدريب كثير من المذيعين بالشكل المناسب الذي يعيد للإذاعة العربية هيبتها كما كانت في الماضي بدل ما يحدث الآن من خروج عن المألوف في الحديث .

الدكتور محمد الأمين أستاذ الإعلام في جامعة الشارقة يقول إن التغير الذي حدث لكثير من وسائل الإعلام في السنوات الماضية جعل المنافسة شرسة بين هذه الوسائل وخاصة الإذاعة مع الوسائل الإعلامية الأخرى ولم يعد الإعلام معتمداً على الاحتكار وصارت هناك عشوائية في كل شيء لأنه بإمكان أي فرد العمل في المهنة من دون قيود أو شروط، وهو ما جعل من البرامج الإذاعية سوقاً لمن هب ودب مع إغفال مميزات المذيع الذي تعودنا عليه في الماضي، لكن الآن أصبح يتحدث بلغة الشارع وكأنه في مكان عام ويريد أن يصل صوته بأية طريقة للجمهور لينافس الآخرين، وهذا ما جعل كثيراً من الإذاعات تتنازل عن التقاليد والأعراف الصارمة التي كانت تتبعها في التحدث بلغة صارمة، كما أن الكثير من المذيعين أصبحوا يديرون الحوار بطرائق عشوائية وبلغة دارجة بعيدة كل البعد عن لغتنا العربية السليمة ولا حتى اللغة الفصحى التي تكاد تكون نسيت في كثير من وسائل الإعلام المختلفة وليس الإعلام فقط.

ويطالب الأمين بوضع شروط صارمة عند اختيار مذيعي الإذاعة كمحاولة لعودة روح الإذاعة القديمة التي كانت تجذب الجمهور بطريقة مبسطة وبلغة  عربية صحيحة تفيد المستمع وتجعله يقترب أكثر من لغته لافتاً إلى هذه الشروط منها تميز نبرة الصوت ومخارج الألفاظ وامتلاك المهارات المعرفية والثقافية الجيدة، إضافة إلى امتلاك مهارات فن إجراء الحوار، وفن التحرير وكل ذلك بجانب الموهبة الموجودة .

ويقول الدكتور أحمد الشيمي أستاذ الدراسات اللغوية في كلية التقنية العليا إنه في المرحلة الحالية حدث نوع من التحول في تقديم البرامج والأعمال الإذاعية وأصبحت تدار بطريقة عشوائية بسبب طغيان التلفزيون ووسائل الإعلام المختلفة عليها بعد أن كانت من أهم الوسائل المنضبطة لغوياً .

وأوضح الشيمي أن التحول تم في دور الإذاعة في تقديم المعلومات إلى الدور الخدمي وانتشرت بعض الإذاعات التي أساءت إلى الإذاعة بصفة عامة لأنها أصبحت تخاطب الجمهور بطريقة عشوائية وتقليدية غير معتمدة على الحرفية أو المهنية الإعلامية التي تضمن خروج ألفاظ وعبارات صحيحة النطق .

ويتساءل الشيمي عن لغة الإذاعة التي أصبحت تتحدث بالعامية وأدخلت علينا ألفاظاً وجملاً لم نكن نسمع بها من قريب أو بعيد في اللغة العربية،  مطالباً المذيع بضرورة العمل على تطوير نفسه لغوياً والمشاركة في التدريب والحصول على دورات عدة في مجال اللغة العربية قبل العمل الإذاعي .

أما بهاء جبر مدرس اللغة العربية في منطقة عجمان التعليمية فأوضح أن لغة الإذاعة أصبحت أشبه بالعامية سواء المحطات المحلية أو العربية وهو ما افقد اللغة الكثير من قيمتها بسبب رغبة أصحاب هذه الإذاعات في الوصول للجمهور بأية طريقة .

وأضاف: ربما تكون إذاعات الأخبار محافظة على اللغة العربية وتحاول الوصول إلى الجمهور بلغة سليمة لكن للأسف الكثير من جمهور الإذاعة نادراً ما يستمع إليها ويبحث عن إذاعات الأغاني والمسابقات التي شوهت اللغة تماماً .

ويطالب جبر بضرورة الاختيار الجيد لمذيعي الإذاعة والعمل على تدريبهم لغوياً من خلال الدورات وورش العمل في اللغة العربية لتعود للإذاعة هيبتها .

أصبح الكثير من المحطات الإذاعية وجهاً سلبياً للإذاعات العربية فما تقدمه من برامج يوحى بأنها تبحث عن الشكل من دون المضمون وتحاول أن تصل للجمهور بأي شكل من خلال لغة ركيكة وبعيدة عن اللغة العربية وكما يقول د . محمد عايش أستاذ الإعلام في جامعة الشارقة فإن الكثير من محطات الإذاعة استغلت جمهورها وحاولت التقرب إليه بأي صورة كانت من أجل وجود أكبر للمساحة الإعلانية التي جعلت من البرامج مجرد أغاني وفواصل إعلانية .

وطالب عايش بضرورة وضع ضوابط لهذه الإذاعات لمراعاة الذوق العام وتقديم خدمة إعلامية شاملة تفيد الجمهور .

* * *

“صوت الساحل” أول إذاعة في الدولة

نجوم الميكرفون يشخّصون أمراض الراديو

بين الماضي والحاضر اختلفت الاذاعة وتنوعت برامجها ومضمونها، تماشياً مع التغيرات التكنولوجية التي أدخلتها في منافسة ضعيفة مع وسائل إعلامية أخرى، كما أن نجومها في الماضي كانوا أكثر قرباً من المستمعين بعكس مذيعيها اليوم .

التقينا عدداً من أصحاب الأصوات البارزة الذين شهدوا انطلاقة الاذاعة في الدولة ليتحدثوا عن الإذاعة بين الأمس واليوم .

كانت إذاعة “صوت الساحل” أول إذاعة في الدولة، وبثت برامجها من الشارقة، وكان ذلك في عام 1966 ثم أصبح اسمها بعد ذلك إذاعة دبي ثم ولدت بعدها إذاعات أخرى كإذاعة “أبوظبي” و”الشارقة” وإذاعة صوت “الإمارات العربية المتحدة” التي انطلقت من أبوظبي عام ،1979 وكانت خطوة أساسية في توحيد وسائل الإعلام في الدولة، وقبلها كانت إذاعة “رأس الخيمة” التي انطلقت عام 1972 ثم إذاعة “أم القيوين” في عام 1978 .

ويقول الإذاعي الإماراتي أحمد سالم، الذي عمل مديراً لإذاعة أبوظبي، ومديراً لتلفزيون وإذاعة الشارقة: الإذاعة في الماضي كانت ذات سمة جذابة تجعل الناس تلتف حولها، وتنتظر برامجها في أي مكان، وكان المذيع قريباً من جمهوره من خلال عمله الذي يحتوي على المضمون الإعلامي السليم بعكس اليوم الذي تغير فيه كل شيء بالنسبة للإذاعة خاصة أن معظم المذيعين يفتقدون الخبرات والمهارات الإذاعية.

وأضاف: عشقي للإذاعة جعلني أترك الدراسة في كلية الطب وأتجه لدراسة الإعلام حيث عملت مراسلاً لإذاعة “أبوظبي” عندما كنت طالباً في كلية الإعلام، وقبلها كنت أعمل وأتدرب في “إذاعة الشارقة” منذ أن كنت طالباً في المرحلة الثانوية حيث وجدت في هذا العمل هدفي .

وبعد العودة من دراستي الجامعية شاركت في تأسيس تلفزيون وإذاعة الشارقة ثم عملت بعد فترة طويلة مديراً له وانتقلت بعدها للعمل كنائب لمدير إذاعة أبوظبي ثم مديراً لها والآن بعد مرور هذه السنوات أسست مؤسسة إعلامية خاصة بي لانتاج الأفلام الوثائقية، وتقديم الخدمات الإعلامية المختلفة .

ويعود ليتحدث عن الإذاعة في الماضي قائلا: بعد أن كانت اذاعة “صوت الساحل” هي البداية في الدولة ظهرت إذاعة “أبوظبي” وبعدها “الشارقة” ثم باقي إذاعات الدولة وكانت تبث برامجها وأخبارها المحلية ثم تطورت بعد ذلك لتقدم خدمات للمستمعين من خلال التطور الذي بدأ يحدث لها بالتدريج .

وحول الفارق بين مذيع اليوم والأمس قال: كانت خبرات العاملين في إذاعات الدولة في الماضي كبيرة ومميزة، ورغم قلة الإمكانات إلا أنها لم تقف عائقاً أمام تقديم الإذاعة خدماتها للجمهور وتفاعلهم معها من خلال برامجها اليومية التي كانت تبثها، حيث كانت الاستوديوهات غير مجهزة ولم تكن هناك وسائل الاتصال الحديثة الموجودة في الوقت الحالي، وكنا نعمل على مدار الساعة لنوفر للجمهور أفضل البرامج الإذاعية ورغم أننا كنا الوسيلة الإعلامية المتاحة إلا أن حبنا لها كان عاملاً في التطوير الذاتي وتوسيع دائرة ثقافتنا ومعرفتنا لنقدم أفضل ما لدينا من مهارات وموهبة إذاعية تصل العمل لأكمل وجه .

وعن الإذاعة اليوم قال: معظم الإذاعات اليوم لم تكن مثل الماضي رغم توفر كل الامكانات إلا أن دورها تراجع بسبب القائمين عليها والذين أصبحوا يبحثون عن المادة والعائد الإعلاني قبل مضمون ما تقدم إذاعتهم فالمذيع في الوقت الحالي نادراً ما تكون لديه الثقافة ومن الصعب مقارنته بمذيع الماضي .

وأضاف: اختيار المذيع الآن أصبح بناء على الشكل وليس الأداء فلم يعد هناك المحاور الجيد الذي يستعد للضيف قبل الحوار، ويعرف كل المعلومات عنه، ويشارك في وضع الأسئلة .

وعن رأيه في طغيان التلفزيون على الإذاعة قال: قوة التلفزيون طغت على الإذاعة وأدت إلى تراجع دورها إلا أنه مع التطورات التي أدخلت على العمل الاذاعي جعلته ينافس التلفزيون خاصة سهولة التواصل مع المذياع في أي وقت وأي مكان سواء في السيارة أو العمل .

الإذاعي صفوت زكي رئيس قسم الصوت في تلفريون الشارقة يقول: كنت أحد العاملين والمؤسسين لإذاعة الشارقة منذ بدايتها في عام ،1972 وكان ذلك في مراحل البث التجريبي للإذاعة وكانت تضم كادراً كبيراً من الاذاعيين العرب الذين شاركوا في التأسيس مثل أحمد حمزة، ومأمون النجار من إذاعة صوت العرب، وعاصم دنانه من الإذاعة السودانية، وفي عام 1978 أغلقت الإذاعة وانضمت لإذاعة أبوظبي لفترة طويلة وبقينا معها حتى وقت الحريق الذي حدث لإذاعة الشارقة وأتى على ما فيها من أجهزة، وفي هذا الوقت كنا نعمل على تقوية إرسالنا لمسافات أطول واستمررنا كأستوديو تابع لإذاعة أبوظبي حتى بدايات عام ،1989 وبعدها عادت الإذاعة في شكلها الجديد تبث من الشارقة، وكان ذلك بعد افتتاح التلفزيون .

ويتابع: كانت الإذاعة حينها مسموعة في جميع أماكن كثيرة من العالم كانت أول إذاعة في المنطقة تذيع الصلاة ومباريات الكرة عن طريق التلفزيون من خلال معلقين إماراتيين من بينهم فاروق راشد، ومحمد صفر، وبالنسبة للبث التجريبي للإذاعة بدأت لمدة ثلاثة أشهر على فترتين صباحية ومسائية وبعد ذلك أصبحت فترة واحدة من الواحدة والنصف مساء .

وفي بدايتنا كانت البرامج كلها تتحدث عن الشأن المحلي والمشكلات الاجتماعية التي تهم الأسرة والطفل ثم انتقلنا بعد ذلك لعمل مسلسلات إذاعية مثل “بشار بن برد” بطولة الفنان المصري الراحل عبدالله غيث، ومسلسل “أميرة الجبل” بطولة الراحلين توفيق الدقن، ومحمود المليجي، و”عمر بن عبدالعزيز” للفنانة سميرة عبدالعزيز، والفنان أنور إسماعيل إضافة لعدد آخر من الأعمال الإذاعية .

وبعد ذلك بدأنا في عمل برامج رياضية والاهتمام بالفنون الأخرى الموجودة من خلال كادر من المواطنين تم تدريبهم على العمل الإذاعي وتأهلنا للمشاركة في عدد من المسابقات على مستوى العالم العربي، وحصدنا عدداً من الجوائز في إحدى المسابقات التي أقيمت في الجزائر .

وبناء على توجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة بتقديم إعلام هادف، والدخول إلى كل بيت طورنا في برامجنا التي تهدف لخدمة الأسرة والمجتمع، وبدأنا في تقديم برامج البث المباشر والبرامج التي تعالج قضايا الوطن مثل برنامج “صدى الواقع” وبرامج دينية، وبرامج عن لغتنا العربية وتعد من أهم التي أوليناها الاهتمام الكبير بجانب البرامج الأخرى، وكان ذلك إحدى السبل التي جعلت من اختيارنا لمذيعينا أن يكونوا مؤهلين ثقافياً ولديهم قدرات على التعامل مع الجمهور .

ويضيف: من أجل إيجاد قاعدة جماهيرية للاذاعة حاولنا بقدر الإمكان أن تكون برامجنا عبارة عن بث مباشر، ومن خلال الاتصالات الهاتفية لكسب قاعدة جماهيرية عريقة وهو ما تحقق بالفعل، إضافة لتنوع البرامج المقدمة التي تجذب كلها الآراء والأفكار والثقافات من خلال تقديم برامج في الفقه، وأخرى في القانون وثالثة في الرياضة وتغطية الفعاليات التي تقام في الشارقة .

وتحدث ذكي عن الإذاعة الآن مقارنة بما كانت عليه في الماضي قائلا: الاختلاف كبير، وهناك متغيرات أدت إلى تطوير الإذاعة، وأحدثت فيها نقلة كبيرة لم تكن معروفة من قبل، وأصبح التواصل معها في غاية السهولة من خلال أكثر من وسيلة حديثة وأكثر من مكان، اضافة لزيادة جمهورها رغم كونها كانت المصدر الوحيد للمعلومات في الماضي .

ويضيف: اشتعلت المنافسة في الوقت الحالي مع التلفزيون والوسائل الإعلامية الحديثة، لكن جمهور الإذاعة لم يتراجع بناء على استطلاعات الرأي التي أكدت أن متابعة البرامج الإذاعية لاتزال كما هي لافتاً إلى أن بريق الإذاعة لن يختفي .

أما البرامج التي يحرص على متابعتها في الإذاعة فأكد أنه متابع جيد للإذاعات المحلية والعربية والعالمية خاصة برامج البث المباشر، كما يحب أن يستمتع إلى البرامج ذات العمق الثقافي والأدبي مثل “لغتنا الجميلة” الذي كان يقدمه في الماضي الأديب فاروق شوشة، مؤكداً أنه نادراً ما يشاهد التلفزيون .

محمد رافع البشتاوي مقدم برنامج “البيئة والحياة” الذي استمر لفترة طويلة على إذاعة الشارقة يشير إلى أن بدايته كانت في إذاعة أبوظبي عام 1991 وبعدها انتقل إلى إذاعة رأس الخيمة واستمر فيها لمدة عامين منتدباً من إذاعة أبوظبي لتقديم برنامج عن البيئة .

وأضاف: هذه كانت بدايتي في الإذاعة والتي قدمت فيها برنامج “البيئة السليمة” الذي استمر منذ بداية إذاعة الشارقة في فترة بداية التسعينات حتى عام 2000 ثم تم إيقافه بعد فوزه مرتين في مهرجان القاهرة للاذاعة والتلفزيون ثم حصل على أفضل برنامج عن البيئة يقدم في المنطقة عام 2000 .

ويتحدث البشتاوي عن تاريخ الإذاعة في الإمارات قائلا: بدأت من وقت متقدم مع بداية الاتحاد وكانت إذاعة الشارقة من أوائل الإذاعات بالدولة والتي انضمت إلى أبوظبي في إحدى الفترات واندمجت معها ثم تم بثها مجدداً من خلال إذاعة جديدة .

وعن الفارق بين الإمكانات الإذاعية في الماضي قال: والآن كانت الإمكانات ضعيفة جداً بالنسبة للوقت الحالي حيث كنا نعمل في ظروف صعبة وكانت الإمكانات المادية قليلة جداً وكذلك التكنولوجيا حيث كان الشعار السائد حينها أعمل على ضوء المتاح من الإمكانات أما الآن فأصبحت الإذاعات تبث من خلال “الأقمار الصناعية” والانترنت، وأصبحت الأخبار والمعلومات التي تقدمها تصل في حينها عكس الماضي الذي كنا ننتظر فيه أن يصل الخبر إلى الإذاعة ثم نقوم ببثه مجدداً .

ووصف البشتاوي حال الإذاعة الآن بغير المرضي بسبب ما تقدمه من برامج غير جادة وهزيلة لا تمت بصلة لهدف الإذاعة التي كانت أنشئت للتوعية والتثقيف إلا أن معظمها الآن أصبح لمجرد التسلية عبر برامج الأغاني والمسابقات لكسب أكبر قدر من الجمهور لافتاً إلى أن كثيراً من الإذاعات أصبحت متلفزة في الوقت الحالي وتقدم برامجها على التلفزيون من أجل كسب أكبر قدر من الجمهور ومحاولة للمنافسة مع طغيان التلفزيون عليها .

وأضاف رغم التقدم التكنولوجي الذي حدث إلا أن سطوة التلفزيون لم تصل إلى الإذاعة بالدرجة الكبيرة خاصة أن جمهورها موجود ولا يزال يتابعها .

* * *

“البث المباشر” أفضل ما يقدم حالياً

البرامج الإذاعية ثرثرة على الهواء

يتهم البعض البرامج الإذاعية بأنها أصبحت بلا شكل أو مضمون ولا تقدم ما يخدم الجمهور بقدر ما تخدم صاحب المحطة وتحقيق أرباح مادية في ظل غياب الدور التوجيهي والتثقيفي وأصبحت بعض الإذاعات أشبه بالدكاكين التي لها أهداف تجارية بحتة .

الإعلامي محمد خالد مقدم برامج على تلفزيون الشارقة والذي تنوعت تجاربه بين العمل الإذاعي والتلفزيوني أوضح أن الحديث عن البرنامج الإذاعي لا بد أن يتمثل في الحديث عن تفاصيله وهي الاسم والشكل والمضمون والمؤثرات والإخراج وللأسف معظم أسماء البرامج لا يفي بغرضها وكلها ألقاب شائعة ودارجة بين الناس ولا توحي بأي عمق للعمل الاذاعي وأصبحت الإذاعة مجرد برامج توك شو مثل التلفزيون لتلقي شكاوى الجمهور وحلها علي الهواء من خلال المذيع .

أما مضمون البرنامج فانحصر في الأغاني والموسيقا أو شكاوى من الجمهور وابتعد عن ثالوث العمل الاعلامي وهو الإعلام والتثقيف والترفيه واصبحت معظم البرامج تميل للترفيه فقط دون النظر للجوانب الأخرى وتناقش قضايا بعيدة عن الواقع أو لا تفيد الجمهور بقدر ما تفيد صاحب المحطة الاذاعية الذي يبحث عن المكسب المادي قبل توجيه رسالة إعلامية هادفة لجمهوره، وهو ما جعل الكثير من البرامج الاذاعية مخصصة للفضفضة وابتعدت عن دورها نهائياً وإذا سألت أحداً عن السبب يقول المستمع يريد ذلك .

ويضيف: طريقة إخراج البرنامج الاذاعي أصبحت عشوائية وتعتمد على القص واللصق ويضع المخرج كلمتين وفاصل به فقرات غنائية ويسير البرنامج في هذا الاتجاه دون أدنى محاولة منه لتقديم شكل اذاعي جديد أو البحث عن أسلوب مميز يرجع للإخراج الاذاعي مكانته .

ويطالب خالد بضرورة اختيار المذيع المناسب على أسس عدة أهمها الثقافة العامة والموضوعية وهي التي تسبق الشكل وكذلك صوت المذيع وطريقة تعامله مع الموضوع واهتماماته الفكرية والثقافية وعدم الانحصار في معايير شخصية عند اختيار المذيع لأن الساحة الإعلامية تحولت إلى عمل لمن لا عمل له .

وبالنسبة للإذاعة يطالب خالد بضرورة أن تكون لها رؤية إعلامية واضحة وألا يوافق عليها إلا بعد دراسات مختلفة عن المضمون الذي تريد تقديمه للجمهور ودراسة الأهداف، اضافة إلى شغل خريطة البرامج الإذاعية ببرامج تعمل على جذب المشاهد وإعطائه جرعة من الثقافة والفكر وكذلك عدم البحث عن المال وتحقيق الأرباح في أقرب وقت لأن ذلك يعمل على تفريغ البرنامج من محتواه وعدم التقيد بوجود راع للبرنامج وجعله يتحكم في سير العملية الإعلامية، مطالباً المؤسسات الإعلامية بأن تخرج الميثاق الخاص بها وأن تبتعد عن الكلام العائم والسطحي .

وينتقد خالد بعض الإذاعات التي تسمي نفسها بالإذاعات الشاملة التي تقدم كافة أنواع البرامج سواء دينية أو رياضية أو اقتصادية أو فنية دون أن تعرف ماذا تريد ما يجعلها لا تقدم أي شيء ملموس وواع من هذه الاشياء ويكون الضحية هو الجمهور المستمع لها .

عمر الحلبي مقدم برنامج “على ضوء القمر” على إذاعة راديو الرابعة قال: أصبحت الكثير من الاذاعات تعتمد على الجانب التجاري في تقديم برامجها وهو ما جعل البرامج خاوية بلا مضمون يقدم للمستمع الذي اصبح يعاني من ضعف الثقافة والمعلومات في كثير من الأحيان .

وعن الانتقادات التي توجه لبرنامجه بأنه لا يقدم جديداً وأصبح عبارة عن فضفضة قال: برنامجي يستفيد منه المستمع بصورة كبيرة بدليل الاتصالات التي تأتي إليه طوال الحلقة .

وتابع: نحن لا نريد أن نعود لأسلوب كان يقال في الماضي “هنا إذاعة صوت العرب من القاهرة” لأن هذا العصر انتهى واصبحت الإذاعة تصل للمستمعين في أي وقت وأي مكان وبالتالي فالجمهور بحاجة إلى شيء مختلف ومميز .

ويرى أن مساوئ البرامج التلفزيونية أكثر من الاذاعية تصل إلى كل بيت دون استئذان ويستطيع أي فرد من العائلة تشغيل التلفاز والتنقل بين محطاته في وقت قليل عكس الراديو حيث يمكنك تحديد الوقت أو المكان الذي تريد أن تسمعه فيه لأن حجمه ليس بحجم التلفزيون فمن الممكن أن يكون بالهاتف المتحرك أو السيارة .

وتقول جنان مهرج مذيعة بإذاعة أم القيوين إف إم إن الكثير من البرامج الإذاعية أصبحت تقدم لتكمل ساعات البث الإذاعي ولا يهمها أن تقدم مضموناً إعلامياً هادفاً يخدم المستمعين من خلال برامج توعية وتثقيف تقدم خدمات الإعلام الهادف للجمهور .

وتضيف: بالنسبة لنا في إذاعة “أم القيوين” نعمل على تحقيق ذلك وخلال هذا العام لدينا خطة برامج من أجل المستمع أولاً وليس من أجل أحد آخر حيث نقدم خلال الدورة البرامجية عدداً من الأعمال الوثائقية المهمة التي تفيد الجمهور .

وتؤكد مهرج على أن مهارات المذيع المختلفة يجب أن تعود ولا يعتمد على الصوت فقط بل يجب أن يكون لديه مهارات لغوية وثقافة عامة ومضمون إعلامي مميز يقدمه للناس .

الدكتورة هبة الله السمري أستاذ الإعلام في جامعة الإمارات أوضحت أن المستمع في الوقت الحالي لا بد أن يكون على دراية كاملة بما يستمع إليه في البرنامج الاذاعي وأن يوازن ويختار الأفضل لديه وهو ما يجعله يحقق الفائدة من سماع الإذاعة .

وتضيف: أصبحت كثير من الاذاعات في الوقت الحالي بلا مضمون ولا تقدم أية مادة إعلامية مفيدة وكلها تقدم برامج تسلية ومسابقات وأغاني وهذا لا ينطبق على كل الاذاعات حيث توجد اذاعات أخرى كالتي تقدم الأخبار تلتزم بما تقدمه من مضمون .

وتؤكد على أن مضمون كثير من الإذاعات اصبح بلا هدف ولا قيمة مثلما كانت تبحث عنه الإذاعة في الماضي لترضي جمهورها أما الآن فأصبحت من أجل الربح عن طريق الإعلانات .

* * *

بحثاً عن المال والشهرة

الشاشة تخطف مشاهير الإذاعة

أصبحت نجومية الكثير من مذيعي الإذاعة مرهونة بظهورهم في التلفزيون من خلال الوصول إلى جمهور أكبر بالصوت والصورة وليس بالصوت فقط، وهو ما جعل معظمهم يتنقلون بين الميكرفون والشاشة لتحقيق المزيد من الشهرة .

تقول لجين عمران المذيعة بقناة إم بي سي، إن كل مذيع له هدفه من خلال عمله الإعلامي سواء في الراديو أو التلفزيون وعملية الانتقال إلى التلفزيون من الإذاعة تتطلب مهارات إضافية لأنه من خلال هذه الوسيلة سيحقق نجومية أكبر ويصل إلى شريحة واسعة من الجمهور .

وتضيف: يجب على المذيع الراغب في ذلك أن يستشير أهل الخبرة في مجاله، وأن يجري الكثير من الاختبارات حتى لا يفشل في تقديم رسالته الإعلامية من خلال التلفزيون، رغم أنه ناجح وله جمهوره في الإذاعة .

صبا عودة المذيعة بقناة “العربية” تؤكد أن العمل التلفزيوني أصعب من الإذاعي، لأنه يتطلب مهارات وقدرات خاصة، لكن لو توافرت في مذيع الإذاعة فلا مانع من انتقاله من وراء الميكرفون إلى الشاشة، خاصة أن من يريد العمل التلفزيوني من مذيعي الإذاعة يبحث دائماً عن الشهرة والنجاح الأكبر وهذا حق له، لكن لا بد أن يستعد أولاً لهذه الخطوة .

وتضيف: ليس معنى أن ينتقل المذيع من الراديو إلى التلفزيون أن الأول فقد أهميته، فطالما لها جمهوره والمذيع نفسه يريد أن يغير ويطور من حياته، فلا مشكلة، كما أن جمهور الإذاعة لم يختف بدليل انتقال كثير من مذيعي الإذاعة إلى التلفزيون في كثير من دول العالم العربي .

أما محمد سالم مدير البرامج في إذاعة “الخليجية” ومقدم الأخبار بتلفزيون دبي فأوضح أن الكثير من المذيعين يفضلون ترك الإذاعة والانتقال إلى التلفزيون لتحقيق المزيد من الشهرة والتفاعل مع الجمهور .

ويضيف: بالنسبة إليّ بدأت في الإذاعة وهي بيتي الأول والأخير، ولا أستطيع الاستغناء عنها في يوم من الأيام مهما كانت مغريات العمل التلفزيوني، لكن على المذيع الذي يريد ذلك أن تتوافر لديه شروط العمل الاذاعي والتلفزيوني من خلال الملامح واللغة والتواصل مع الناس، كما أن انتقال المذيع للتلفزيون لم لا يقلل من هيبة ومكانة الإذاعة، بل من الممكن أن يزيد من جمهورها الذي سيستمع إلى المذيع الناجح في الوسيلتين .

ويقول: شهرة المذيع من الممكن أن تتحقق في الإذاعة أكثر من التلفزيون، لكننا الآن أصبحنا في عصر مختلف يتطلب من مذيع الإذاعة الظهور في الاثنين معاً إذا أراد تحقيق الشهرة .

ويشير إلى أن المال ربما يكون أحد الأسباب التي تجعل مذيع الإذاعة ينتقل إلى التلفزيون لأنه بالتأكيد له عائد مادي أكبر وأفضل . لكن، في رأيي، شهرة المذيع الإذاعي على المستوى المحلي أفضل بكثير، خاصة أن سماع الإذاعة زاد بنسبة مرتفعة .

محمود الرشيد المدير العام لشبكة الإذاعة العربية أوضح أن انتقال المذيع بين الإذاعة والتلفزيون أمر طبيعي في ظل تعدد وسائل الإعلام وتنوعها، وهو أمر يرضي طموح الكثير من المذيعين والمذيعات، خاصة أننا أصبحنا في عصر إعلامي لا يعرف القيود .

ويقول: ربما تكون الأمور المادية أحد العوامل الرئيسة في ذلك، إضافة إلى عامل الشهرة الذي يبحث عنه كل من يعمل في مختلف الوسائل الإعلامية، وإضافة إلى ذلك فالمذيع الإذاعي الناجح لا بد أن يتنقل بين الاثنين، وعمله في التلفزيون لا بد أن يكون على أساس نجاحه في الإذاعة وهذا أحد أهم العوامل التي تسهل انتقاله إلى التلفزيون أو الجمع بين الاثنين .

ويضيف: المذيع الذي ينتقل إلى التلفزيون مطالب بمجهود أكبر في كل شيء سواء في تحسين مستواه الثقافي والعملي واللغوي، لافتاً إلى أن الإذاعة لها خصوصيتها عن التلفزيون حيث يمكن لمذيعها أن يرتدي أي شيء داخل الاستوديو ويجلس على راحته، لأن الجمهور يستمع إليه دون أن يراه عكس مذيع التلفزيون .

وبالنسبة إلى قدرة مذيع الإذاعة على النجاح في التلفزيون قال: يعتمد ذلك على الشخص نفسه وقدرته على التواصل مع الجمهور من خلال الصوت والصورة وليس الصوت فقط، لافتاً إلى أن جمهور الإذاعة موجود وفي تزايد بسبب التطورات التي أدخلت عليها .

المذيع المصري أسامة منير الذي جمع بين العمل الإذاعي والتلفزيوني أكد أن العمل الإذاعي يختلف عن التلفزيوني، لكن مهارات المذيع الناجح تجعله يوفق بين الاثنين ويجذب أكبر قدر من الجمهور، كما أن الرهبة والخوف من الكاميرا ربما تكون أحد عوامل إخفاق مذيع الإذاعة لأنه تعود العمل بحرية في الاستوديو، عكس مذيع التلفزيون الذي يعتمد على مظهره الآن قبل كل شيء .

وأضاف: على المذيع الذي يرغب في الجمع بين الاثنين أو الانتقال إلى التلفزيون من الإذاعة أن يتابع قدراته بينه وبين نفسه حتى لا يفشل في العمل التلفزيوني وربما يؤثر ذلك في مستقبله الإذاعي في ما بعد، موضحاً أن تجربته في العمل التلفزيوني جاءت بعد الشهرة التي حققها في العمل الإذاعي، ولكنه أراد أن يضع لنفسه ضوابط حتى يستمر على النجاح نفسه .

أما راشد عتيق المذيع بإذاعة أبوظبي للقرآن الكريم الذي يشارك في تقديم عدد من البرامج على تلفزيون سما دبي فيقول: إن عملية الانتقال بين الراديو والتلفزيون عملية إيجابية وصحية بالنسبة إلى المذيع فهي تنوع من خبراته وتزيد من مهاراته ونجوميته، وبالنسبة إلى الإذاعة لا تنقص من أهميتها كما يرى البعض، لكن كل ذلك يتطلب مهارات وقدرات أكبر لدى المذيع ليظهر بالشكل المهني الذي تعود عليه جمهوره في الإذاعة .

إذاعات إلكترونية

في عام 1895 تمكن المخترع الإيطالي ماركوني الجمع بين عدد من الأفكار والنظريات المختلفة عن مرور التيار الكهربائي في الأسلاك، وتمكن من إرسال أول  إشارة اتصال بموجات الراديو عبر الهواء، وفي هذا العام استعمل الموجات الكهرومغنطيسية لإرسال شفرات برقية لمسافة تزيد على 1،5 كم . وفي عام 1901 حقق ماركوني أول إرسال للإشارات الشفرية عبر المحيط الأطلسي بين إنجلترا ونيوفاوندلاند .

وفي بدايات القرن العشرين طور المهندسون الكهربائيون أنواعاً مختلفة من الصمامات المفرغة التي استعملت في كشف وتضحيم إشارات الراديو، وتمكن الأمريكي لي دي فورست، عام 1907 من تضخيم إشارات الراديو، وأصبح العنصر الأساسي في مستقبل المذياع، ثم تطورت بعد ذلك إشارات أشكال الراديو وبدأت الإذاعات في تطوير الترددات الخاصة بها ومعها تطور شكل الراديو وتعددت إمكاناته حتى وصل إلى مستواه الحالي .

وكما يقول الدكتور عمار بكار مدير الإعلام الجديد في مجموعة إم بي سي، إن الإذاعة منذ نشأتها حتى ظهور وسائل الإعلام الأخرى طورت نفسها مهنياً وتكنولوجياً من أجل المنافسة مع الوسائل الأخرى، حيث جعلت لمستمعيها القدرة على سماعها من مختلف وسائل الاتصال الحديثة كالهاتف المتحرك والكمبيوتر الشخصي والتلفزيون .

وأضاف، هناك توجه ليكون لوسائل الإعلام الجديدة دور في الريادة الإعلامية والتواصل مع الجمهور بشتى الطرق المتاحة، ومنها الراديو، وهذا ما ظهر من خلال الآي بود، وهو برنامج حديث يمكن تحميل كل المحتويات التي تبث على محطات الراديو على الهاتف المتحرك أو على جهاز الكمبيوتر الخاص، بالإضافة إلى “البودت كاستنغ” وهو بث الإذاعة على شبكة الإنترنت من أي مكان، وهذا ما شجع كثيراً من الشباب في العالم العربي على إنشاء إذاعات خاصة بهم على شبكة الإنترنت.

الخليج الإماراتية في

01/12/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)