اختارت الجمعية المصرية للنقاد والسينما السيناريست مصطفي محرم لتكريمه
خلال مهرجان الاسكندرية السينمائي في دورته الـ 26 كتقدير له، لما قدمه
طوال سنوات عمله ويعتبر محرم واحداً من أهم كتاب السيناريو المصريين عمل مع
أغلب أدباء مصر وحول أعمالهم الي افلام ظلت علامات في تاريخ السينما
المصرية مثل أغنية علي الممر ، الراقصة والطبال وغيرهما، اتجه منذ
التسعينات للدراما ليصنع بعض المسلسلات المتميزة التي حققت نجاحا مبهرا
ومعظم اعماله خليط مدهش من التناقضات الاجتماعية خاصة في قضايا تعدد
الزوجات بالنسبة للرجل، وتعدد الزيجات بالنسبة للمرأة، وهو ما تناوله محرم
في أعماله الاجتماعية التي أثارت ومازالت تثير جدلاً مجتمعيا، بعد أن رصدها
في جميع مسلسلاته وأضاف عليها من إبداعاته.. واخرها «زهرة وأزواجها الخمسة»
الذي تعرض لهجوم عنيف منذ بداية تصويره والإفصاح عن قصته، واتهمه البعض
بمخالفة الشريعة الإسلامية والترويج لإباحة تعدد الأزواج للنساء، والغريب
أنه في أوقات كثيرة تجد لديه وجهة نظر ربما تخالف أعماله كموقفه الرافض
لتعدد الزوجات الذي روج له فنياً في «الحاج متولي» وقدم تفسيرات وتأويلات
لدي المرأة تجعلها تقبل هذا الوضع..!!
·
كيف تري تكريمك من جمعية كتاب
ونقاد السينما بمهرجان الاسكندرية؟
- هذا التكريم بالنسبة لي له قيمة خاصة لأنه من الزملاء الذين عملت معهم
بالجمعية والتي اتشرف بحمل عضويتها.. وطوال مسئوليتي بالمهرجان كنت ارفض
التكريم من المهرجان، وعندما تركت المسئولية لزملائي سعدت بثقتهم في
وتكريمهم لي
·
لماذا تأخر تكريمك؟
- التكريم لم يتأخر لأني كنت من المسئولين علي المهرجان ولو تم تكريمي
اثناء عملي بالمهرجان سيكون هناك نوع من التحيز وهذا ما ارفضه ويرفضه
الزملاء.. والجهة التي لم تكرمني حتي الان هو المهرجان القومي للسينما بسبب
رئيسه الذي لا يعترف بي كأحد فرسان كتابة السيناريو رغم انني من اول ابناء
جيلي الذين برعوا في كتابة السيناريو
·
هل هناك عداوة بينك وبين رئيس
المهرجان القومي للسينما؟
- هو من تصور ان هناك خلافاً وقد ساعد علي ذلك وجود مجموعة حوله لا ترغب
في ترشيحي للتكريم بسبب اوهامهم واختلاف ارائهم، وهذا لا يقلل من قدري
لانني قد تم تكريمي سواء علي المستوي الدولي أو المحلي
·
هل يرجع ذلك الي ان اعمالك تثير
الجدل؟
- طوال عمري واعمالي تثير جدلاً خاصة اعمالي السينمائية وليست التليفزيونية
فقط فعلي سبيل المثال وليس الحصر ستجد هذه الافلام قد اثارت جدلاً كبيراً
اثناء عرضها وهي "لايزال التحقيق مستمراً" و"الباطنية" و"ارجوك اعطني هذا
الدواء"و"الخادمة" فقد اثارت هذه الاعمال جدلاً كبيراً اثناء عرضها بسبب
الجرأة في الحوار، وهذه الاعمال لم تكن تمر من الرقابة بسهولة، بل كان هناك
شد وجذب بيننا وبين الرقابة للموافقة علي سيناريوهات هذه الافلام.
·
مارأيك في ظاهرة تعدد الزوجات،
وهل اختفت الآن؟
هي اصبحت قليلة، لأنه لم يعد حالياً يصلح أن يعيش الرجل عصر سي السيد.
·
هل تقبل امرأة أن يتزوج زوجها
بأخري؟
- نعم هناك الكثير يقبلون لأسباب مختلفة منها علي سبيل المثال الاحتياج
الشديد للزوج، وهناك نساء لو طلقن لن يجدن مورداً للرزق يوفر لهن حياة
كريمة، وأحياناً عدم الإنجاب والمرض، بل قد تقبل المرأة هذا بدافع الحب
بمعني أن المرأة قد تحب رجلاً حباً جارفاً لدرجة أن تلبي كل طلباته، حتي
تصل إلي أن ترضي بأن يستمتع زوجها بغيرها بشرط أن يبقي معها.
·
لكن هذا يعتبر تنازلا من المرأة
عن حقوقها؟
- أي كلام عن حقوق المرأة وحريتها مجرد كلام في الهواء.. فالمرأة لا تريد
سوي أن تعيش في أمان واستقرار وألا تخاف من الغد، وتقبل بأي شروط لو توافر
لها هذا، خاصة وهي تواجه إغراءات عديدة يتعرض لها الرجل في كل شيء، من
اصطياد نساء أخريات له، ووسائل اتصال تعرضه لإغراءات لا تستطيع أي زوجة أن
تتماشي معها، لكن تظل الماديات أيضا تحكم العلاقات بشكل من الأشكال، وهذا
دليل علي أن الوضع الاقتصادي عامل مهم جدا هو الآخر في قبول المرأة لهذا
الوضع.
·
صراحة هل أنت من مؤيدي أن يتزوج
الرجل بأكثر من واحدة؟
- بالتأكيد لا.
·
لكنك روجت لذلك في احد اعمالك
الفنية؟
- لا أطالب بتعميم هذه الصورة.. كل ما أقوله أن الرجل الذي تزوج بأربع نساء
استطاع أن يعاملهن معاملة لائقة قد لا تجدها سيدة أخري من زوجها المتزوج
بها دون سواها.
·
حتي الآن مازالت الجمعيات
النسائية تهاجمك بسبب مسلسل الحاج متولي وتعتبره الأسوأ في تاريخ الدراما؟
- بالعكس معـظم النساء أكدت لي انها علي استعداد لأن يتزوج عليهن أزواجهن
مثل «الحاج متولي» لكن بشرط أن يعاملن هذه المعاملة الرقيقة التي رأينها في
المسلسل.. والهجوم الذي حدث هو نوع من النفاق الاجتماعي والخوف، ولو عملنا
استفتاء بين النساء سنجد أن 95% منهن مع «الحاج متولي».
·
هل تعتقد ان المجتمع سوف يتقبل
فكرة أن تتزوج امرأة بآخر بعد انفصالها عن زوجها أو وفاته وهو ما تناولته
في عملك الأخير زهرة وأزواجها الخمسة؟
- ولماذا لا يتقبل المجتمع الفكرة أليس هذا حقًا إلهيا أو حقًا شرعيا
صريحًا ولا جدال فيه؟، اما بالنسبة للمسلسل فهو يتناول قضايا اجتماعية مهمة
ويعرض علي 14 قناة بالاضافة للتليفزيون المصري، وزهرة غير الحاج متولي الذي
كان يستخدم الشرع في تعدد الزوجات، أما زهرة فهي إمرأة لديها مشاكل مع
القوانين الوضعية أو قانون الأحوال الشخصية. ولا بد ان نكف عن سياسة دفن
رؤسنا في الرمال.
·
يتهمك البعض بمخالفة الشريعة
الاسلامية في مسلسل الحاجة زهرة؟
- لا وجود لأي مخالفة للشريعة الإسلامية كما يتردد، بل علي العكس أنه يحمل
رسالة بضرورة التمسك بشريعتنا حتي لا يحدث في مجتمعنا مثل ما حدث لبطلة
العمل.
·
أحد المواقع الفنية الإلكترونية
أكد أن الرقابة بعد مشاهدتها للمسلسل، تبينت أن هناك 22 مشهداَ لا يصح أن
يتم عرضها في رمضان، فقامت الرقابة بحذفها؟
- لا صحة لهذا الخبر الذي نشر وإذا كان هناك ما يجب حذفه لما كنت كتبته من
الأساس، لانه إذا كانت هناك رقابة علي المحطات الأرضية والتليفزيون المصري،
فإن القنوات الفضائية الأخري لا تخضع للرقابة ذاتها، وكانت ستعرض المسلسل
بدون حذف وكان المشاهد سيشعر بالفارق ويتأثر المسلسل من حذف مشاهده،
ويكفيني أن المسلسل حصل علي المرتبة الأولي في نسبة المشاهدة وهذا أكبر
دليل علي نجاحه.
·
ما سر هجوم النقاد علي المسلسل
واحتوائه علي الكثير من الرقص والعري اللذين لا يتناسبان مع شهر رمضان
الكريم؟
- هذا الكلام غير صحيح، وكيف نطلق احكاما علي المسلسل قبل ان ينتهي
المشاهدين من رؤيته، ومع ذلك فقد اعتدت الهجوم علي كتاباتي حتي قبل عرضها،
كما حدث من قبل في الباطنية العام الماضي، وفي النهاية حقق المسلسل نجاحا
كبيرا.
·
مارأيك في الظاهرة الجديدة
المنتشرة هذه الايام وهي زواج المرأة برجل متزوج حتي لا تحمل لقب عانس؟
- هذه مشكلة كبيرة.. فالعنوسة في مصر ارتفعت بنسبة كبيرة حتي إن لقب عانس
يقال الان علي من تصل لسن 22عاما.. وهذا يرجع الي الظروف الاقتصادية
والبطالة، وهذا موجود في باقي دول العالم وبالنسبة لرأيي الشخصي في الزواج
بأكثر من امرأة سيقلل نسبة العنوسة.. وفي النهاية سوف تستطيع المرأة أن
تواصل حياتها.
·
ما أعمالك القادمة؟
- سنبدأ بعد المهرجان تصوير فيلم «المسطول والقنبلة» للمخرج محمد خان
وبطولة ميرفت امين وفاروق الفيشاوي وروبي بالاضافة الي كوكبة اخري من
النجوم، والفيلم مأخوذ عن قصة نجيب محفوظ، وايضا هناك مسلسل «ميراث الريح»
بطولة محمود حميدة للمخرج مجدي ابوعميرة
جريدة القاهرة في
28/09/2010
نازلي.. وكوكو شانيل.. وبينهما
نادية الجندي
بقلم : ماجدة خير الله
في أحد مشاهد مسلسل ملكة في المنفي الذي يعاد عرضه الآن علي قناة النيل
للدراما، سوف تجد مفتاح الحقيقة التي تؤكد تأثر كاتبة السيناريو راوية راشد
ببعض ماجاء في الفيلم التليفزيوني كوكو شانيل الذي قدمته الممثلة الأمريكية
المخضرمة شيرلي ماكلين منذ ثلاثة أعوام تقريبا، ونالت عنه جائزة الجولدن
جلوب! ففي المشهد الذي استعارته كاتبة السيناريو بحذافيره، تنهض نازلي في
صباح اليوم التالي لوفاة أحمد حسنين باشا، في حادث سيارة، يبدو كأنها اصيبت
بمس من الجنون تسأل المحيطين بها عن مكان الهدية التي احضرتها للرجل الذي
أحبته، عبارة عن ساعة ذهبية مرصعة بالماس، ينظر الجميع اليها في توتر ويرفض
أحدهم أن يخبرها بحقيقة أن الرجل الذي تنتظره قد مات، إنها تعرف ذلك وقد
وصلها الخبر ولكنها
لا تريد أن تصدق!
وأخيرا تنهار باكية في لوعة وتدخل في حالة حزن عميق!الفرق بين مسلسل ملكة
في المنفي وبين الفيلم التليفزيوني كوكو شانيل، هو مراعاة سن بطلة العمل،
الذي لم يكن يزيد علي 36 عاما علي الأكثر، ولذلك فضل مخرج فيلم كوكو شانيل
"كريستيان دوجاي" أن تقدم الممثلة الشابة "باربورا بوبلوفا "المرحلة الاولي
من حياة أسطورة عالم الازياء والموضة كوكو شانيل، وهي سنوات الصبا والشباب
والانوثة الصارخة، أما مرحلة الشيخوخة وبداية الانهيار فقدمته شيرلي ماكلين
! والغريب أن التي فازت بكل الجوائز التي حصل عليها الفيلم كانت شيرلي
ماكلين التي قدمت بعبقرية السنوات الأخيرة في حياة المرأة التي شغلت العالم
طوال ستة عقود وماتت عن خمسة وثمانين عاما، تاركة ثروة تقدر بمئات الملايين
من الدولارات ومملكة للأزياء والعطور مازالت تدار حتي اليوم، وتشكل حجر
اساس في صناعة الموضة في العالم!
أصول الحلقات
وفي السيناريو الأصلي الذي كتبته راوية راشد"وحلقاته في حوزتي"، تبدأ
الاحداث كما بدأت مع فيلم كوكو شانيل، أي من سنوات الشيخوخة، حيث تمر
اسطورة عالم الازياء كوكو شانيل بأزمة طاحنة بعد فشل أحدث عروضها وتدرك أن
ثمة خطأ قد حدث في تقديرها للأمور، وإنها لم تعد قادرة علي منافسة خطوط
الموضة الحديثة، وهو الامر الذي يعرضها لحالة من الغضب والعصبية، ولكنها
بعد أن تهدأ تجمع شتات نفسها، وتفكر في تخطي المحنة، والبحث عن أفكار جديدة
لعرضها التالي، وبعد أشهر من التفكير والسهر في دراسة أحوال واحتياجات
المرأة العصرية تنجح في إعداد مجموعة من الازياء التي تناسب
العصر"السبعينات" وتستعيد عرشها علي قمة ملوك الموضة في العالم!
شيخوخة الملكة
أما مسلسل ملكة في المنفي فيبدأ أيضا من سنوات شيخوخة الملكة نازلي، حيث
كانت تعاني حالة من الخرف وتنادي علي ابنتها الأميرة فتحية التي لقيت
مصرعها بعدة رصاصات أطلقها زوجها رياض غالي علي رأسها ففجرت مخها وحولته
الي اشلاء، نازلي في حالة من الضعف والوهن وقد تركت شعر رأسها يغزوه الشيب،
تنادي ابنتها المدللة والاقرب الي قلبها ولكن الابنة لا تجيب لأنها كانت قد
دفنت قبل عامين! ثم تعود الاحداث إلي سنوات العشرينات من القرن العشرين
عندما كانت نازلي فتاة يافعة في السادسة عشرة من عمرها «نو نو» تحضر حفلا
في دار الأوبرا "القديمة" وهو الحفل الذي حضره الملك فؤاد، ووقعت عيناه علي
نازلي وهي في صحبة أسرتها فقرر أن يتزوجها، ويبدو أن نجمة الجماهير نادية
الجندي التي لعبت دور الملكة نازلي ، لم توافق علي أن تبدأ احداث المسلسل
وهي في سن الشيخوخة، فطلبت إجراء بعض التغييرات، لتمنحها الاحداث فرصة أن
تبدو أصغرسنا من عمرها الحقيقي "70 سنة"! وهو ما ضرب الموضوعية في مقتل،
لأن نازلي كانت في نهاية الثلاثينات عندما جلس ابنها فاروق علي عرش مصر،
أما نادية الجندي فبدت رغم كل محاولات عناد الزمن، وتجميل الواقع ضعف سن
الملكة نازلي! ومع ذلك فلم تستطع إخفاء ارتعاش صوتها نتيجة تقدم السن
وللأسف فإن فن التجميل لم ينجح حتي الآن في اختراع وسيلة جراحية تعيد للصوت
المرتعش شبابه ! وفي مشهد آخر من مسلسل ملكة في المنفي يبدي محمود قابيل
الذي أدي شخصية رجل سياسة أمريكي إعجابه بنوع البارفان الذي تضعه الملكة
العجوز نازلي"نادية الجندي" فتجيبه بثقة إنه "شانيل 5ط وهو العطر المميز
الذي أطلقته كوكو شانيل وحقق نجاحا كبيرا وأصبح المفضل لدي نساء الطبقات
الارستقراطية في اوروبا وحقق لها ثروات ضخمة ولايزال يحتل مكانة مميزة بين
العطور الباريسية! واصرار نادية الجندي علي ارتداء كما هائلا من البرانيط
التي اشتهرت بصناعتها كوكو شانيل يعكس إعجابها الشديد بالفيلم التليفزيوني
الذي يروي قصة حياتها!
اقتباس في المنفي
يهوي بعض النجوم في مصر اقتباس أجزاء من اعمال فنية أجنبية، دون الاهتمام
بالسياق العام الذي جعل تلك الاعمال مميزة، وقد حرصت نادية الجندي وكاتبة
السيناريو راوية راشد علي اقتباس بعض أجزاء من فيلم كوكو شانيل، ولكن هذا
الاقتباس لم يرفع قيمة المسلسل الذي هاجمته صحافة العالم العربي قبل
الصحافة المصرية وبلغ عدد المقالات التي استهجنت مستوي العمل ما يزيد علي
سبعين مقالا، ومع ذلك تصر نادية الجندي علي أن مسلسلها قدد حقق نجاحا غير
مسبوق!وكنت قد تلقيت عرضا للظهور في برنامج بدون رقابة الذي تقدمه وفاء
الكيلاني علي قناة إل بي سي، التي سوف تستضيف نادية الجندي لأطرح رأيي في
مسلسل ملكة في المنفي، ولكني أدركت ان مذيعة البرنامج تريد الاجهاز علي
نجمة الجماهير، كما تفعل مع من تسضيفهن من ممثلات مصر، فرفضت العرض، لأن
الضرب في الميت حرام، وقد يكون ملكة في المنفي هو آخر عمل فني تشارك فيه
نادية الجندي، وحرام أن نحملها وحدها سوء المستوي الفني الذي ظهر عليه
المسلسل ، فالمسئولية موزعة علي كل من شارك فيه خاصة مخرج العمل وكاتبة
السيناريو التي واضح أنها استجابت كثيرا لرغبات بطلة العمل فاساءت الي
عملها الذي كان يمكن أن يظهر بصورة افضل كثيرا مما خرج بها للناس! وعلي كل
الأحوال فقد وضعت نادية الجندي خاتمة لحياتها الفنية مع نازلي، التي عاشت
عمرها تتحدي كل الاعراف والتقاليد وتستجيب فقط لرغباتها وعنادها ولا تستجيب
مطلقا لصوت العقل، ونداء الضمير، فماتت وحيدة وغريبة، وانتهت سيرتها في
مقبرة حقيرة، ولم يترحم عليها أحد!
جريدة القاهرة في
28/09/2010
منتجو مسلسلات رمضان:
عودة الدراما
المصرية إلي مسارها الصحيح رهن توجهات النجوم
ووكالات الإعلان
بقلم : هاجر صلاح
بمجرد انتهاء "الماراثون" الرمضاني الاخير، حتي بدأت تهل أخبار الموسم
الرمضاني القادم، ويبدو أن المنافسة ستكون اكثر شراسة مع انضمام المزيد
من نجوم السينما مثل عادل إمام ومحمود حميدة وكريم عبد العزيز وأحمد حلمي
وتامر حسني وغيرهم، وإذا كانت تكلفة المسلسلات المصرية بلغت هذا العام
نحو750 مليون جنيه، فمن المتوقع -بوجود الأسماء السابقة- أن تقفز التكاليف
قفزة غير مسبوقة، والتي بدورها تنعكس علي أسعار بيع المسلسلات والاعلانات،
ليطغي الجانب التجاري علي صناعة الدراما بامتياز.. في حوارات قصيرة مع عدد
من المنتجين، عرفنا أهم الظواهر والسمات التي ميزت سوق الدراما المصرية هذا
العام، و نقاط القوة والضعف، وتوقعاتهم للعام المقبل، كما حرصنا علي أن
نخرج منهم باقتراحات لمواجهة عدد من المشكلات المزمنة،علي رأسها تحكم
"النجم" و" الإعلان" في صناعة العمل الدرامي بدءا من مرحلة" الفكرة" حتي
مرحلة "التسويق"..
دفع الفاتورة
يقول أحمد نور- منتج مسلسل القطة العميا لحنان ترك بالمشاركة مع قطاع
الإنتاج- " أبرز ملمح إيجابي لهذا العام هو الطفرة في التسويق الخارجي، حيث
اشتري سوق الخليج نحو 34 مسلسلا مصريا، صحيح أن الأسعار التي يعرضونها ليست
مرضية، لكن قدر لنا كمنتجين أن ندفع فاتورة من سبقونا ممن تسببوا في
الهبوط بمستوي الدراما المصرية،وها نحن نحاول أن نضع أقدامنا في السوق
الخارجية من جديد، وقد قامت قنوات الخليج بشراء العمل المصري، بعد أن وجدت
أن قناة مثل "الحياة" تحتل المرتبة الرابعة في نسب المشاهدة في الخليج، من
ناحية أخري توجد جودة عالية في شكل ومضمون الدراما المصرية، فكان علي
المشاهد هذا العام- وحتي في العام الماضي - المفاضلة بين أكثرمن عمل جيد،
وسعي المخرجون لتقديم أعمال جيدة وبتكنيك مختلف واجتهدوا ونجحوا خاصة
المخرجين الشباب الذين يخوضون العمل التليفزيوني لأول مرة مثل سامح عبد
العزيز ومحمد علي ومحمد ياسين، ووائل فهمي عبد الحميد الذي عاد من الخارج،
حتي المخرجين الكبار امثال مجدي أبوعميرة وإسماعيل عبد الحافظ، قدموا
أعمالا جيدة، فأصبح وسط هذا الكم الهائل أعمال كثيرة جيدة. سمة إيجابية
اخري تتمثل في التعددية في شاشات العرض المصرية، فتليفزيون الحياة أصبح
ينافس القنوات الخارجية، واسترد التليفزيون المصري مكانته". ويتحدث نور عن
الجوانب السلبية، فيقول" مازالت القنوات تطلب النجوم، وليس الموضوع، رغم أن
المسلسل قد يكون به نحو 15 فنانا ليس من بينهم"سوبر ستار" لكنه مسلسل جيد
جدا، من جهة أخري اعتقد أن وكالات الاعلان تلعب الدور الأكبرفي هذه
المشكلة، فهي لاتطرح اعلاناتها الا في رمضان، فاذا كانت مثلا تخصص ميزانية
سنوية تعادل10 ملايين جنيه، فإن 8 ملايين جنيه منها لرمضان، وينبغي أن تقنع
عملاءها أن يطرحوا اعلاناتهم علي مدار العام، لكن العميل تكون عينه علي
النجم الذي لا يظهر إلا في رمضان، وعندما نسأل النجم ما اذا كان يعترض علي
عرض عمله خارج رمضان، ينفي، لكنه يعترض بعد ذلك! لهذا يجب أن يتكاتف جميع
الاطراف من نجوم ووكالات اعلان، حتي نخلق مواسم جديدة للدراما علي مدار
العام".
صورة رائعة
جمال العدل-أنتجت شركته هذا العام مسلسلي" «بالشمع الاحمر» ليسرا و«قصة حب»
لجمال سليمان- يري أن أبرز سمات الإنتاج الدرامي المصري والتي بدأت خلال
السنوات الاربع الاخيرة هي الاعتماد علي كاميرا واحدة في تصوير العمل، وذلك
بعد اتجاه نجوم ومخرجي السينما للدراما، وهو ما نتج عنه صورة سينمائية
"رائعة"، ويضيف" العدل جروب أدخلت هذا التكنيك من 2006 ولحقتها بعد ذلك عدد
من شركات الإنتاج، كذلك استفدنا من خبرات مديري الإضاءة والتصوير العاملين
أصلا في السينما في الحصول علي هذه الصورة المميزة، مثل طارق التلمساني".
يؤكد العدل أن "العدل جروب" لم تواجه أية مشاكل في تسويق اعمالها هذا
العام، لكن هذا لايمنع أن هناك بالفعل من لم يتمكن من تسويق أعماله، وقال"
من الطبيعي أن يقل الطلب عندما يزيد المعروض، ولهذا اعتقد أن الإنتاج سيقل
العام الماضي من ناحية الكم، ومن الطبيعي ألا يكررمن لم يحالفه الحظ هذا
العام التجربة مرة أخري".
ويعترض العدل علي فكرة "تحكم " النجم في عملية التسويق، وقال" ليس بالضرورة
أن يتحكم النجم الممثل، فنحن كشركة نجم في مجال الإنتاج، وأحيانا يكون
المخرج أو مؤلف العمل هو نجمه"، اما عن سبب اصرار المنتجين علي عمل مسلسلات
الـ30 حلقة رغم استياء المشاهدين من"المط والتطويل" يري العدل أنه ليس
بالضرورة أن يكون مسلسل 30 حلقة يعاني التطويل وقال" هذا العام كانت هناك
مسلسلات 15 حلقة بها مط وتطويل، لقد أصبح الحديث في هذا الامر مثل
"اللبانة"، الامر يعتمد علي الموضوع والاحداث،ولو لاحظنا سنجد أن المنتج
الذي يقدم تجربة الـ 15 حلقة يقدم مسلسلين ليكون في النهاية وكأنه مسلسل 30
حلقة فيحقق نفس العائد".
موضوعات متكررة
د.أحمد أبو بكر-صاحب شركة التيسير للإنتاج الفني وقدم هذا العام مسلسل
«بفعل فاعل» للفنانة تيسير فهمي- يري أن أبرز سمة لهذا العام هو تحول معظم
العاملين في السينما للعمل في الفيديو، بسبب حالة الركود الكبير الذي
تعانيه السينما، ويري أن ذلك له آثار ايجابية وسلبية علي السواء، فيقول" من
الناحية الايجابية، فزنا بعدد من مخرجي السينما الشباب في مجال الفيديو مثل
محمد علي"اهل كايرو" ومحمد ياسين" الجماعة"، وسامح عبد العزيز" الحارة"،
حيث أدخلوا طابع الاخراح السينمائي، بعد أن كنا نعاني نمطية مخرجي الفيديو،
وظهرت صورة جيدة، حيث تفعيل تقنية الـHD او الهاي ديفينيشين، أما من الناحية
السلبية، فقد زاد عدد الاعمال بصور كثيفة، وأصبحت الموضوعات مكررة، فلدينا
أكثر من 50 مسلسلا تدور في خمس أو ست تيمات، وهذا أمر طبيعي بعد أن اتجه
نجوم السينما للعمل في التليفزيون باي طريقة، رغم انه كان مغضوبا عليه من
قبل، لكنهم اضطروا الان والهدف هو المادة، من ناحية أخري ارتفعت الأجور
بشكل جنوني وهذا أمر ملاحظ خلال السنوات الأخيرة بشكل عام،ولعل الارقام
الخيالية التي تم اعلانها لنجوم الدراما في رمضان القادم تبشر بالمزيد،
وانعكس ذلك علي زيادة تكلفة المسلسل بشكل عام، وللأسف لا توجد زيادة في
أسعار البيع، بل إن القنوات الآن تريد شراء المسلسلات المصروف عليها
بالملايين، بـ"ملاليم".
لا ينكر د.أبوبكر أن النجم الممثل هو المتحكم الرئيسي في عملية صناعة
الدراما، وأن الدراما من غير نجوم إعلانات تسبب خسارة للمنتج، و اللوم يوجه
بالفعل للمنتجين لأنهم السبب في ارتفاع أسعار النجوم من خلال موافقتهم علي
ما يطلبونه من أجور، ووافق أبو بكر علي أن فكرة بيع المسلسل باسم النجم وهو
لايزال مجرد فكرة أمر لا يتناسب مع تاريخ الدراما المصرية، وانه ليس
بالضرورة أن يقدم النجم مسلسلا جيدا، وهو يعتقد أن مدينة الإنتاج هي التي
تسببت في رفع أسعار النجوم،عندما أتت بهم للمشاركة في الأعمال التي تنتجها
وهذا الأمر بدأ تقريبا منذ اربع سنوات، ولهذا يعتبرها في النهاية قطاعا
خاصا بروح القطاع العام.
يعتقد د.أبو بكر أن م/ أسامة الشيخ يقوم بدور كبير لصالح الدراما
المصرية،من خلال شعاره "كله حصري علي التليفزيون المصري"، وأن الشراكة
الإنتاجية نجحت في تقديم أعمال جيدة للدراما المصرية.
حول مسألة عدد حلقات المسلسل وتحديدها مسبقا فيراه د. أبوبكر كلاما غير
علمي، فموضوع العمل هو الذي يفرض ذلك، لكنه مع ذلك يعترف أن عين المنتج
دائما علي المكسب، ومن مصلحته زيادة عدد الحلقات.
لا يعتقد د. أبو بكر وجود اختلاف بين معايير القطاع العام أو الخاص عند
شراء الأعمال، مشيرا الي أنه لم يغضب لعرض مسلسل"بفعل فاعل" في الثالثة
صباحا، لأن في النهاية سيعرض عمله علي قنوات التليفزيون المصري، وسيشاهده
الجمهور والنقاد.
يعتبر د.أبو بكر أن اتحاد المنتجين العرب بلا دور، واعتبره اسما علي ورق،
وقال" المنتجون متنافسون فكيف يتحدون؟! لابد أن يكون الإنتاج الدرامي
صناعة، وصناعة تصديرية، فالأعمال يصرف عليها بالعملة المحلية وتجلب أرباحا
بالدولار، كما في هووليود ومومباي"بوليود"، وعندما تولي طلعت حرب الإنتاج
السينمائي كانت السينما المصرية في أزهي عصورها، فلماذا لا يكون هناك بنك
للاستثمار الدرامي، تكون مهمته "التمويل" وتكون معاييره معتمدة علي الجودة
والقيمة والمنتج والفنان الجاد- فالآن دخل المجال من لاعلاقة له بالفن،
ويصرف أموالا باهظة لا نعرف مصدرها- علي أن تعاون البنك شركات تسويقية علي
مستوي عال، الأمر يتطلب الاعتماد علي رجال الاقتصاد والاستثمار، ونحن لدينا
كل المقومات لعمل دراما جيدة سواء كتاب أو مخرجين أو ممثلين".
دوره رأس المال
أحمد الجابري- منتج مسلسل «شيخ العرب همام» والذي باعه حصريا لقناة الحياة
بنحو 35 مليون جنيه- أشار إلي مشاكل واجهتهم هذا العام في التسويق، فيقول"
سوق شمال أفريقيا" المغرب تونس الجزائر" أغلقت أبوابها أمام الدراما
المصرية بعد المشاكل التي وقعت بين مصر والجزائر بسبب الخلاف في تصفيات كأس
العالم، أيضا سوق الخليج أصبحت تتعامل مع الدراما المصرية علي انها رقم 2
والاولوية للدراما الخليجية، وهذا من حقه ولا نلومه، وهو يدفع فيها أكثر،
بينما يعرض أسعارا غير مرضية مقابل الدراما المصرية، لاتغطي تكلفتها، والآن
لم يعد النجم الأول وحده السبب في رفع تكلفة المسلسل بل حتي نجوم الصف
الثاني يطلبون أرقاما غير طبيعية، ويوافق المنتج، لأنه يريد أن يعمل".
يضيف الجابري في هذا العام انتج 58 عملا، لكن ليست جميعها عرضت، فمنتج
مثل محمد فوزي، فضل عدم عرض أعماله في رمضان لأنها لم تبع بالسعر الذي
يرضيه، وسيعرضها بعد رمضان، ولو نجحت التجربة ربما يتشجع المنتجون لحذو
حذوه،ونبدأ بالفعل في خلق مواسم جديدة، فيكون هناك موسم كل شهرين أو كل
ثلاثة أشهر، ولو تكاتف المنتجون مع المحطات ستنجح التجربة، أما عن توقعي
للعام القادم فسيكون الامر أصعب مع دخول مزيد من نجوم السينما للعمل في
الدراما، ومن سيتمكن من تسويق مسلسله هو الذي سيعمل".
يعتقد الجابري أن تجربة الإنتاج المشترك جيدة، ولو أنه لم يفكر فيها،
والأمر يتوقف علي موضوع العمل وتكلفته وقد انتقد مسألة التأخير في تصوير
الأعمال وقال" للأسف أصبح عرفا لدينا أن يستمر تصوير العمل حتي قبل عيد
الفطر مباشرة، وهذا قد يسيء لسمعة الدراما المصرية، عندما يتأخر تسليم
الحلقات إلي القنوات الفضائية الخارجية، وقد تحدث مشاكل في التصوير يترتب
عليها توقف العمل رغم بيعه، وهو ما حدث هذا العام بالفعل.
وبسؤاله عن سبب عدم اتخاذ المنتجين لموقف جدي إزاء كل تلك المشاكل أجاب
بأسي " لا اعلم ربما عندما تنهار صناعة الفيديو مثلما انهارت السينما!! لا
أحد يطرح حلولا جدية، نحتاج تعاون الجميع فعلي النجوم أن يخفضوا أجورهم
قليلا، وأن تطرح القنوات أسعارا معقولة، ولا يتمسك كل طرف برأيه".
مسألة أخري فجرتها المبالغ الضخمة التي تكلفتها المسلسلات حتي أن بعض
الصحفيين قد ألمح إلي أن هذه العملية تدخل في إطار "غسيل الاموال" وهنا يرد
الجابري قائلا" هذه المبالغ نتاج لدورة رأس المال، ليس المنتج الطرف الوحيد
بها، فهناك الاعلان والقنوات الفضائية، فمصر أكبر سوق اعلانية في المنطقة
العربية ونصيبها 50 % من إعلانات المنطقة العربية، وأضاف "وضع طبيعي أن
يكون الاعلان متحكما في صنع الدراما، وأن يهدف المنتج للربح، ويسترد ما
انفقه، وطبيعي أن تكون فرص الأعمال بلا نجوم ضعيفة، مثل السينما التي يعتمد
شباكها علي النجم، لكن مع ذلك من يدخل المهنة وكل همه الربح، ولايفقه شيئا
في فن الإنتاج لن يكمل وسيتعثر في منتصف الطريق. "
الهرم المقلوب
محمود شميس- صاحب شركة عرب سكرين التي أنتجت هذا العام"العار" و"زهرة
وأزواجها الخمسة" و"كليوباترا"- أكد أن الدراما المصرية هذا العام فازت
بالبطولة الجماعية وظهر ذلك في "العار" و"زهرة وأزواجها الخمسة "، ويضيف"
وصلتنا نتائح دراسة تجريها شركة أمريكية مهمة وفرعها في لبنان متخصصة في
البحوث المتعلقة بالدراما ونسب المشاهدة - ونحن مشتركون بها- أرسلت إلينا
نتائجها و سنقوم بنشرها لاحقا،حيث احتل مسلسل "العار" المركز الثالث علي
مستوي الوطن العربي، وجاءت «زهرة» رقم 2، والاول "طاش ما طاش" وهو أمر مشرف
للدراما المصرية التي كانت آخر مرتبة وصلت اليها هي رقم 7 من خلال مسلسل
"حدائق الشيطان" .
يفسر شميس زيادة الإنتاج بزيادة عدد القنوات، وارتفاع حجم الشراء، وأصبحت
المحطات المصرية تغطي الإنتاج المصري، وقال" هذه أفضل سنة في البيع للخليج
ووصل عدد الأعمال المباعة إلي 18 مسلسلا".
يري شميس أن هذا الكم له ايجابيات حيث الخروج في نهاية الحصاد بـ 10
مسلسلات جيدة، لكن في المقابل هناك مسلسلات أخري ظلمت، اما عن تحكم الإعلان
في الدراما فيراه شميس أمرا طبيعيا، ويقول "الإعلان يتحكم في كل شيء علي
مستوي العالم وليس في الدراما فقط، واذا كانت بورصة النجم في السينما
شباكه، ففي الدراما التليفزيونية تقاس قيمة النجم بدقائق الإعلان التي
يجلبها، فغادة عبد الرازق حققت أعلي نسبة هذا العام وهي 132 دقيقة، أما
الجانب السلبي الوحيد فهو ملل المشاهد".
يؤكد شميس أن الهرم لابد أن يعود مرة أخري لوضعه السليم وهو أن تبحث شركة
الإنتاج عن السيناريو ثم تبدأ في البحث عن الأبطال والمخرج، لا أن تبدأ
العملية من النجم، وهو مع ذلك يري أن لكل عصر أسلوبه، فعندما تبيع "عرب
سكرين" اعمالها دون وجود عمل منفذ، فهذا يعود الي اسم الشركة والثقة
بأعمالها من قبل الموزعين والقنوات الفضائية. يتمني شميس خوض تجربة مسلسلات
الـ15 حلقة وقال" المسلسل الشهير "الشهد والدموع" كان 13 حلقة فقط وحقق
نجاحا غير مسبوق، وهناك مسلسلات لا تحتمل أكثر من ذلك، لكن للأسف النجوم
يطالبون بنفس أجر المسلسل 30 حلقة."، أما عن سبب التأخير في التصوير، أكد
شميس أن هذا الأمر سيتكرر في العام المقبل والسبب عدم جاهزية السيناريوهات،
وإلا سيضطرون للتوقف عن العمل لمدة عام.
مسلسل النصف ساعة
من ناحية أخري استطلعنا رأي وائل حمدي أحد كتاب "السيت كوم" منذ بدايته من
خلال مسلسل"تامر وشوقية" وعرض له هذا العام الجزء الثاني من "بيت العيلة"،
والذي فسر حصر الدراما في 30 يوماً، بـ"كسل المنتج أو الموزع التليفزيوني،
الذي يعتبر أن الموسم الرمضاني مضمون، بعكس ما إذا حاول تسويق مسلسله في
توقيت آخر، فقد يتطلب ذلك مجهودا إضافيا، ويضيف" كل عام يقول المنتجون إن
هناك مشاكل في التسويق ومع ذلك يتزايد الإنتاج كل عام".
ويفسر حمدي تراجع عدد أعمال السيت كوم بشكل ملحوظ هذا العام فيقول"
الافراط الشديد في إنتاج هذه النوعية بعد النجاح الذي لاقته التجارب الاولي
منذ سبع سنوات أدي إلي ظهور أعمال ذات مستوي رديء كتابة وإخراجا وإنتاجا،
فتراجع الإقبال عليها، مع ذلك أعتقد أن هذا النمط لن يتوقف، فمسلسل النصف
ساعة اصبح جزءا أساسيا علي شاشة عرض اي قناة، لكنه قد يتخذ أشكالا اخري مثل
مسلسل "الكبير قوي" لأحمد مكي. يعتقد حمدي أن وكالات الاعلان هي المنتج
الفعلي للاعمال الدرامية، وقال"ليس عيبا أن يبحث المنتج عن الربح، لكن
عندما تتداخل الوظائف ويصبح المنتج هو المعلن وهو نفسه صاحب المحطة لابد أن
تحدث مشاكل، تماما مثلما يكون منتج الفيلم السينمائي هو نفسه صاحب دار
عرض".
لا يعتقد حمدي هو الآخر وجود اختلاف في معايير قبول تليفزيون الدولة
للأعمال الدرامية عن القطاع الخاص، ويقول" التليفزيون اختار أن يدخل حلبة
المنافسة، فلا نلومه بعد ذلك اذا عمل بمقاييس السوق، لأنه في النهاية يبحث
عن الربح، وعموما ربما تحتاج فكرة "تليفزيون الدولة" إلي إعادة نظر، خاصة
بعد أن تخلي عن وجود خط مميز له يتناسب مع رسالته المنوطة به".
أما حسني صالح- مخرج شيخ العرب همام- فيعتقد أيضا أن هذا الكم الكبير ظهرت
منه عدة اعمال جيدة، لكن بالطبع هناك اعمال لم يتمكن منتجوها من تسويقها،
ولذا فهو يتوقع أن تقل عدد الأعمال في العام المقبل، ويشير حسني إلي "
ظاهرة مؤسفة " وهي دخول عدد ممن لا علاقة لهم بالإنتاج الدرامي في المجال
لأول مرة املا في "جمع الغلة" ويراها كارثة . حسني عبر عن استيائه أيضا من
هجوم البعض المستمر علي الدراما المصرية رغم الجودة التي تميزت بها أعمالها
مؤخرا، ويقول" أين المط والتطويل الذان يتحدثون عنهما؟ لماذا لا نريد
النجاح لأنفسنا وندخل في حرب مع الذات؟؟ ولماذا نردد عبارات دون أن نعيد
النظر فيها ونظل نرددها كالببغاوات؟!"
جريدة القاهرة في
28/09/2010
مؤامرة درامية علي العقل العربي!
بقلم : سمير الجمل
في زحمة مسلسلات رمضان المصرية منها والخليجية والشامية والمغربية..
ما الأعمال التي ركزت علي قضايا عربية تهم الأمة كلها؟ بعيدا عن العزف
المحلي لكل دولة علي حدة.. والعجيب ان المسلسلات إلي حد كبير في أسلوب
انتاجها وليس في موضوعاتها حاولت كسر حاجز المحلية.. وسنجد أن عدداً لا بأس
به من فناني وفنانات سوريات شاركوا في أعمال مصرية.. ولم يقتصر الأمر علي
التمثيل فقط والإخراج بل امتد إلي الإنتاج والتأليف والديكور والموسيقي ومع
ذلك حاول الإنتاج المصري رغم هذا المزج ان يحتفظ بصورته الأعلي بحكم شعار
الريادة والسيادة الذي تواري في السنوات الأخيرة.
ونعود لنسأل مجدداً أين البعد القومي العربي في دراما يفترض فيها كلها
علي اختلافها.. انها عربية.. ويفترض أيضاً أن هناك عدة هموم مشتركة يجب علي
صناع الدراما الخوض فيها.. بعيداً عن دائرة الزواج والطلاق والخيانة
والعرفي والمخدرات والفساد والثأر والميراث.
فأين الأعمال التي حاولت الإمساك بهذا الخيط العربي..؟
«فلسطين.. أولا وأخيرا»
ينبغي أن نعترف هنا.. بأن الدراما السورية كانت الأكثر اهتماماً
بالقضية الفلسطينية منذ سنوات وقدمت في هذا الاطار عدة مسلسلات مهمة منها «التغريبة
الفلسطينية» والشتات «مع لبنان».. وسبقها محمد صبحي بمسلسل «فارس بلا جواد»
وقدمت نبيلة عبيد «البوابة الثانية» وهذا العام قدمت سوريا «تخت شرقي» -
تأليف ريم مشهدي وإخراج رشا شربتجي.. وتناول القضية الفلسطينية بمنظور جديد
من خلال قصة شاب من أهالي الجولان يحب فتاة دمشقية.. وله جذور فلسطينية
ويعاني طوال الوقت من عقدة النظر إليه كنازح.. والغريب هنا ان العمل تناول
حق العودة للاجئين بمنظور ساخر.. يري ان معالجة العرب عموماً للأزمة
الفلسطينية لم تتجاوز حدود الكلام التقليدي العتيق الذي عفي عليه الزمن.
وتخرج علينا الدراما الإيرانية بالدوبلاج الشامي مجدداً.. بعمل آثار
الكثير من الجدل.. لأنه يقدم المسيح عليه السلام من زاوية إسلامية وهو أمر
مثير للدهشة بالفعل.. لان الجناح المسلم السني يرفض تماما تجسيدالأنبياء..
بينما الجناح الشيعي لا يري بأسا في ذلك وقد قدم لنا مريم ثم يوسف والحسن..
واكتسب مسلسل «الجماعة» بعدا عربيا إسلاميا تجاوز نطاقه المحلي.. بما
حققه «الإخوان المسلمون» من انتشار وبما لهم من علاقات واجنحة عربية ودولية
وأظن أن هذا هو محور الجزء الثاني الذي وعد وحيد حامد مؤلف العمل بكتابته.
وسنجد أن الدراما المصرية كشفت عن وجهها العربي بعملين في غاية
الأهمية.. غاب الأول عن العرض لأسباب تجارية بحتة وهو «أنا القدس» وقد ضم
عناصر من مصر وسوريا تحت قيادة مؤلف ومخرج العمل باسل الخطيب.. والعمل
الثاني هو «سقوط الخلافة» للكاتب يسري الجندي والمخرج محمد عزيزية وقد
تناول فترة مهمة من التاريخ العربي وتشابكه مع التاريخ التركي.. وقد ألقي
المسلسل.. بظلاله علي الوقت الحالي.. بعد تنامي صعود الهلال التركي علي
الساحة السياسية العربية والدولية وبعد أن نجحت حكومة اردوغان بامتياز في
كسب ثقة أوروبا.. وابعاد الجيش والقضاء عن دائرة الحكم.. لصالح توجهها
الإسلامي علي حساب علمانية زرعها «أتاتورك» وحولها إلي نبات مقدس لا يجوز
المساس به.
وفي ظل غياب المسلسل الديني.. مع سبق الإصرار والترصد قدمت الدراما
السورية «القعقاع» وهو أيضاً من الأعمال التي أثارت الكثير من الجدل لانه
اقترب بشكل أو آخر من اشكالية السنة والشيعة وما فيها من حساسيات..
لذلك أري أن الأمانة الوطنية والدينية والإنسانية تقتضي البحث عن
موضوعات مشتركة خالصة.. وفي ذلك تعاونت سوريا ومصر في العام الماضي من خلال
مسلسل «صدق وعده».. والأمة بأكملها التي ينظر إليها بمسلميها وأقباطها علي
انها من الدرجة الثالثة في دوائر العولمة.. ويتم تشويه ديانتها ورموزها
واهانتها ليل نهار.. يقتضي الواجب ان تتحول الدراما في يدها إلي سلاح فضائي
في عصر الصورة.. وفي وقت هجمت فيه قنوات أمريكية وفرنسية وإيرانية وتركية
وانجليزية وصينية وكورية.. تتحدث إلي الأمة بلسانها العربي.. تخاطب ودها..
وتلاغيها.. بينما العرب في مجمل انتاجهم الدرامي والبرامجي.. ينشدون
الفضائح والسطحي والساذج وكل ما من شأنه تغييب الوعي وإحالة العقل خارج
نطاق الخدمة.
كم عمل تحدث عن الاتهام الدولي الذي ربط بين الإسلام والارهاب.. بل
الأدهي والأمر ان مسلسلاتنا ترسخ المعني وتؤكده من خلال دراما الجلاليب
واللحية التي نقدمها بأسلوب أقرب إلي «العبط» منه إلي الجدية في مناقشة مثل
هذه الأمور الاستراتيجية.
نعم كل العقلاء في بلادنا العربية ضد الارهاب.. والإسلام نفسه ضد
الإرهاب بأشكاله وألوانه حتي ضد الحيوان وليس الإنسان.. والنبي الكريم صلي
الله عليه وسلم له حديث شريف صحيح.. عن امرأة دخلت النار لانها عذبت قطة
وأخري كانت بائعة هوي وستدخل الجنة لانها سقت كلبا في حذائها وانقذته من
العطش.. وإذا لم نتبني مثل هذه المفاهيم والأسس الأخلاقية الإنسانية
السليمة فماذا نقدم؟.. المرأة متعددة النشاط الزوجي؟.. أم تجار العار؟
وإذا لم نطرح صورة الإسلام الصحيح الذي لجأ في مستهل دعوته إلي
المسيحية عندما هاجر المسلمون الأوائل إلي الحبشة للاحتماء بملكها النصراني
العادل النجاشي.. ونقدم صورة وفد نجران أن المسيحي وقد افسح له النبي محمد
صلي الله عليه وسلم في مسجده الشريف لكي يؤدي صلواته بكل الحب والتسامح..
وإذا لم نقدم الدراما التي تجمع العرب ولا تفرقهم وتضعنا في الصورة
الإنسانية العالمية مع سائر خلق الله.. وكلهم من أبناء آدم وحواء.. إذا لم
نقدم هذا؟ فماذا يقول أهل الدراما الذين انفقوا الملايين علي أعمال في
مجملها فارغة وجوفاء.. فهل هي مؤامرة علي العقل العربي؟
جريدة القاهرة في
28/09/2010 |