الأكثر دخلاً في تاريخ السينما الإسرائيلية
فيلم «مكتوب» يسخر من المعتقدات اليهودية
عبدالستار ناجي
يعتبر فيلم «مكتوب» اكثر الافلام دخلا في تاريخ السينما الاسرائيلية بالذات
عام 1986 وقد ظل هذا الفيلم محافظا على تصدره لقائمة الافلام الاسرائيلية
الاكثر دخلا في صالات العرض في اسرائيل. معتمدا على كم من المشهديات التى
تذهب الى نقد وتحليل الكثير من المعتقدات اليهودية في اطار من السرية
العالية المستوى.
وهذا الفيلم يذهب الى مدينة القدس كخلفية اساسية وارضية للنسبة الاكبر من
احداث هذا العمل السينمائي العامر بالكوميديا الرشيقة.
محور الفيلم يعتمد على حكاية «ستيف» و «تشوما» مجرمان هما الناجيان
الوحيدان من هجوم ارهابي في مطعم بمدينة القدس. بعد نجاتهما يقرر هذا
الثنائي ان يغيرا حياتهما وطريقة عيشهما. فبعد ان كانا يمتهنان الجريمة
والسرقة يتحولان الى ملائكة من خلال عملهم علة تحقيق الرغبات للاشخاص الذين
يكتبون طلبات على ورق ويضعون تلك الطلبات بين الحجارة المقدسة في حائط
المبكى.
هكذا هو المحور الذى يأخذنا الى كم من الحكايات بين النقد تارة والسخرية
تارات اخرى. في مشهديات تظل عامرة بالكوميديا والارتجالات التي تعاون في
كتابتها ثنائي الفيلم الاسرائيليان غاي امير وحنان سافيون اللذين انتقلا من
عالم الدراما والمسلسلات التلفزيونية الكوميدية الى عالم السينما. وهما
كالعادة يذهبان الى السينما عبر قصة كوميدية ومضحكة.. بل هى في الحقيقة
مجموعة من المشاهد الكوميدية.
ثنائي كانا يقومان بعمليات النصب والاحتيال التى تمارس السلب والنهب على
اصحاب المطاعم والاعمال الصغيرة. حتى يقودهما القدر الى احد المطاعم حيث
يرفض صاحبة دفع الاتاوة لتعرضه الى الضرب على يد ذلك الثنائي. ولكن القدر
لا يلبث ان يرد لهما الصاع صاعين حيث يتعرض ذلك المطعم في مدينة القدس الى
انفجار ينجوان منه بأعجوبة.
عندها يقرر هذا الثنائي ان يغيرا مسار حياتهما ويبتعدان عن تلك المهنة التى
كادت ان تودي بحياتهما وتحولان الى ملائكة تعمل على تلبية رغبات واحلام
الكثير من الفقراء والبائسين الذين يمارسون معتقداتهم بوضع بعض الاوراق
المكتوب عليها بين احجار حائط المبكى في مدينة القدس.
ويقترن الاسم العربي لمفردة «مكتوب» بالقدرية التى حالت دون ان يلقى هذا
الثنائي حتفهم دون بقية المتواجدين في المطعم. هذا «القدر» او «المكتوب»
وهى مفردة عربية يتم اعتماد استخدامها في هذا الفيلم الاسرائيلي ضمن احداث
تجري جميعها في مدينة القدس المحتلة.
ويقرر هذا الثنائي ان ينتقلا من عالم الجريمة الى عالم الايثار والتضحية.
ولكنهما يصادفان كما من الحكايات التى تعكس جوانب من المعتقدات في الدين
اليهودي والمجتمع الاسرائيلي عبر سخرية عالية المستوى.
ولكن تحقيق امنيات الاخرين رغم ما تحملة من بهجة ومتعة لهذا الثنائي الا
انهما يجدان انفسهما بانهما بحاجة الى المزيد من الوقت والجهد وايضا القوة
ولربما السلاح من اجل تحقيق احلام الكثيرين الذين يظلون ينتظرون ذلك الامل
المرتقب.
وتمضي لعبة ذلك الثنائي الذي يظل يتردد على حائط المبكى من اجل جمع العديد
من الاوراق التى حملت الكثير من الاماني حيث يتم جمع الكثيرين وتنفيذ طلبات
ورغبات الكثيرين تارة عبر القوة وتارة من خلال التحديات الانسانية
والاجتماعية.
ويظل الفيلم يعتمد على المفارقات في حل الكثير من الاماني وسط مشهديات
كوميدية تحمل السعادة للعديد من الشخصيات التي تعيش على هامش الحياة
اليومية في المجتمع الاسرائيلي.
اهم ما يميز هذا الفيلم المقدرة العالية في الكتابة وايضا الارتجالات التي
قام بها ثنائي الفيلم غاي امير وحنان سافيون وضمن ايقاع يجعل الفيلم عامراً
بالكوميديا والمواقف الضاحكة.
تصدى لاخراج الفيلم عوديد راز الذي قدم افلاماً مثل «سبعة ايام» و«جيلز»
كما انتج فيلم «فوبدليا».
كان هذا الفيلم يدور حول القدر أو سيتم الرد على مدرسة الحياة بشكل مختلف
اعتمادًا على المشهد المحدد. تحقق من ذلك.
نجاح أمير وسافيون في إسرائيل - كتب الزوجان أكثر من 280 حلقة لسبع سلاسل
مختلفة والتي شوهدت أكثر من 80 مليون مرة - يمكن أن تمتد إلى الولايات
المتحدة. قام المنتج «أوري سينجر» باستغلالها لإنشاء دراما باللغة
الإنكليزية حول الصراع في الشرق الأوسط من خلال عيون والد أميركي يبحث عن
ابنته المفقودة. ورغم عدم ذهاب هذا الثنائي الى المعادلات السياسية الا ان
في الفيلم الكثير من الاشارات وان ظلت بعيدة عن المباشرة لانشغالها في منح
الفيلم جرعات من الكوميديا الاجتماعية الساخرة.
سينما اجتماعية بحتة ولكن تظل تتوقف بكثير من الاجلال والتقدير لمدينة
القدس بكل ابعادها الروحانية والاجتماعية في تجربة سينمائية قد نختلف معها
شكلا ومضمونا الا انها من الاعمال السينمائية العامرة بالخصوصة والتى لا
تعزف على اوتار الكوميديا على حساب القدس ومكانتها الروحانية المشتركة بين
الاديان السماوية الثلاثة.
الفيلم ينتهي بطريقة تقليدية ولكنه يؤسس لاكثر من حل مشرع صوب انجاز اكثر
من جزء جديد. عبر تلك الاوراق الكثيرة التى يظل يزدحم بها حائط المبكى
المليء بالطلبات والرغبات..ثنائي كان يمتهن الجريمة يتحولان إلى لحم
وملائكة دماء، يسرقان الملاحظات من حائط المبكى ويؤديان صلوات الناس
بطريقتهما الفريدة. على طول الطريق يجدون أنفسهم يتعاملون مع أسرارهم
وصلواتهم ورغباتهم..
احداثيات الفيلم بالذات في المشاهد الاخيرة تفتح مجموعة من الابواب
والنوافذ صوب كم اخر من الحكايات تؤشر بل تمهد الطريق لاكثر من جزء جديد.
يظل محورها المدينة المقدسة وايضا العلاقات الاجتماعية التى تربط ابناء تلك
المدينة المقدسة من جميع الاديان والشرائح الانسانية والاجتماعية..
ونشير هنا الى ان السينما الاسرائيلية لطالما قدمت العديد من الاعمال
السينمائية الكوميدية ولكم ليس على حساب المدينة المقدسة او العلاقة مع
الاديان الاخرى. وهكذا افلام الرعب التى انتجتها السينما الاسرائيلية والتى
رغم ذهابها في اتجاهات فنية متعددة الا انها ظل امينة على قدسية ومكانة
المدينة المقدسة كمظلة للاديان السماوية الثلاثة.
وحتى لا نطيل نشير الى ان الفيلم يظل عامرا بالمشاهد الكوميدية على خلفية
مدينة القدس مع كم من المشهديات التى تجوب المدينة المقدسة بجميع ابعادها
الدينية. |