حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

دراما رمضان التلفزيونية لعام 2013

سير

وحلقات

يومية

في

رمضان

القصة الكاملة لابن السيدة زينب الذي أصبح كويتياً !

القاهرة - سمير الجمل

نور الشريف.. ملك و4 رؤساء

يضحك نور بطريقته المميزة وترن ضحكته وتجلجل ويقول : ياريت!! الراحل الكبير عندما كلمته عن تلك الشائعة التي انطلقت منذ سنوات.. حول أصله الكويتي وكيف انه احد أبناء «جابر العلي» سبب ضحكة نور انه يحب الكويت ويراه كدولة سباقة في الديموقراطية من اثر الفن بوجود معهد الفنون المسرحية الذي أسسه الراحل الكبير زكى طليمات.. وانعكس ذلك على الحياة الفنية والإعلامية عموما وكانت الكويت متقدمة بخطوات عن باقي دول الخليج.. وثانيا لأنه يحب الكويت على المستوى الشعبي وله فيها صداقات عديدة.

ثالثا : سينال حظه من الميراث.. باعتباره احد أفراد عائله الجابر وهو ما يسعده ويشرفه فالكل في العروبة سواء وعندما تقرأ بطاقة نور سنجد اسمه الحقيقي محمد جابر محمد عبد الله وعمه هو إسماعيل وهو الذي تولى تربيته بعد وفاة والده شابا وعمره ولم يتجاوز الـ26 عاما.. فكيف حصل على الجنسية المصرية وتم تسجيله كمصري في كافه الأوراق.. والقوانين تمنح ذلك إذا كانت جنسية الأب غير مصرية وألوان هذه القوانين تغيرت مؤخرا بصعوبة ونور تجاوز الستين ثم أن والدته تزوجت بعد وفاه والده بسنوات كما ان والدته لم تغادر مصر نهائيا في حياتها.. والشائعة انطلقت بعد بطولته لمسلسل عمر بن عبد العزيز أمير المؤمنين وكان يشبه إلى حد كبير الشيخ جابر.. ومن هنا انطلقت الشائعة واتصلت به أذاعه الكويت وقتها ونفى ذلك ضاحكا كما كرر ضحكته معي ولسان حاله يقول: يا عم سمير كم شائعة انطلقت حول حياتي الفنية والخاصة ومع ذلك أجد شائعة الأصل الكويتي أخفها ضررا بالنسبة لي.. وأنا قبلها وبعدها اعتز بعروبتي وانتمائي بنفسي إلى جميع الأقطار العربية بل الإنسانية عموما.

أبحث عن ناجي

وعندما رجعت اقلب أوراقي بعد كلام نور.. اكتشفت أن سر الشائعة راجع أيضا إلى تجسيد نور شخصيته رسام الكاريكاتير الفلسطيني «ناجي العلي».. فأخذوا من اسم «محمد جابر».. ووضعوا جابر إلى جانب «العلي» كأنها معادلة تم تركيبها خصيصا أو أراء احدهم وتلقاها الناس واحدا بعد الآخر كما هي بدون تفكير أو تدقيق.. ومن باب الصدفة أن الرسام ناجي العلي أمير الرسامين عاش فترة في الكويت وعمل بصحافتها ومن هنا جاء الربط..

(أول الحكاية)

وكان ضروريا أن نبدأ حكاية نور الذي ولد في وجود الملك فاروق.. ثم شب وأحب عبد الناصر.. وحصل على شهرته أيام السادات.. وصادق مبارك.. ثم توارى بعد ثورة يناير خوفا من التأويل والكلام ولم يظهر.. الا بعد انتخاب الرئيس مرسي.. وكانت له أراؤه في كل عصر.. ولكن الواجب يقتضي أن نعود إلى الوراء وتحديدا إلى مدرسه بنبا قادن الإعدادية والتلميذ محمد جابر يتسلل إلى دور العرض الشعبية التي اشتهرت بها منطقة السيدة زينب وما حولها سينما الأهلي ، الشرق. الحوض المرصود وغيرها ونترك نور يحكيى بنفسه عن نفسه في رحلة كل يوم جمعية إلى السينما فيقول

ووجدت في شخصية الفنان عبدالمنعم إبراهيم أول خيوط المحاكاة والتقمص لأنه صاحب شخصية فيها الكثير من البساطة والتلقائية وانتهزت كل فرصة تتاح لي أقلد عبد المنعم إبراهيم أمام زملاء المدرسة الإعدادية. حتى التقيت الأستاذ حمدي فريد وكان مشرفا على فريق التمثيل وفي نفس الوقت كان يدرس في معهد زكي طليمات لفن المسرح أو المعهد العالي للفنون المسرحية «فيما بعد».. وفي الاستعداد لحفل مدرسي عاجل.. تم اختياري ضمن الفريق الذي سيمثل ويغني ويؤدى بعض الاسكتشات البسيطة في هذا الحفل.. ولأول مرة التقي بالجمهور كممثل وكان اغلبه من أولياء أمور التلاميذ وأقاربهم وأهلهم وكانوا يصفقون بحرارة وحماس ليس من اجل قدراتنا الفنية العالية ولكن لأننا أولادهم وهم يشاهدون من خلالنا بعض أنواع الفن.

كنت اشعر وأنا أتقمص دوري في الحفل انني اشعر بالهروب اللذيذ من ذاتي ومن نفسي ومن مواجعي ومن غياب أبى الذي كنت انتظره في الحفل وأمي أيضا واه من هذا الغياب.. على الفور كنت التقي مع الأستاذ حمدي : كيف يمكنني الالتحاق بمعهد المسرح ؟ هل أعجبتك لعبه التمثيل.. إلى حد كبير ولكني أريد أن العبها بأصول.. اسمع يا محمد.. أنت مازلت صغيرا و أمامك سنوات المرحلة الإعدادية ثم الثانوية وبعدها تفكر في الالتحاق بالمعهد لماذا تتعجل الأمور.

وفجأة توقف الأستاذ حمدي عن حواره معي.. وظننت أنني تطاولت عليه بكلمة زائدة وقبل أن استفسر منه.. كان يستطرد قائلا : للأسف المعهد مستقبله غير مضمون صدقني.. أنا طالب فيه وأقول لك هذا وستعرف أن كلامي لا مبالغة فيه فيما بعد.

طوال الطريق إلى البيت كنت العن الأستاذ حمدي الذي ألقى بكرسي في كلوب فرحي بليلة التمثيل الأولى.. أحسست من كلماته انه يكره التمثيل وانه يأخذه كحرفه أدركت انه يمضي في عكس الاتجاه الذي أريده لنفسي أحسست بطعنه قاتلة في صدر الحلم رقم واحد في حياتي كانت كلماته ثقيلة كأنها مطرقة هوت على جسر مرتفع من الوهم اللذيذ صنعته لنفسي.

لم أكن أدرك تفسيرا حقيقيا لهذا الشعاع الذي يربط بين من يقف على المسرح وبين من يجلس في صالة العرض.. كنت انتقل لأول مره من مقعد المتفرج المتلقي.. إلى مكان الممثل الفاعل أو الصانع للفعل مع الفارق بين السينما والمسرح لان المسافة ليست بعيده إلى هذا الحد.. في الصباح كنت التقى بخالي وكان هو الأخر مدرسا بمدرسه محمد على الإعدادية..

وبالصدفة مشرفا على فريق التمثيل ألقيت إليه بحمولي وألقى إلى بيده ينتشلني من هذه البئر التي سقطت فيها عن طريق حمدي أفندي وكانت يد خالي الشاب قوية وواقعية.. فقد اقترح على أن نكون فريقا للتمثيل من أبناء حي السيدة زينب.. ولان العثور على مسرح بالمقاييس المتعارف عليها كان مستحيلا.. فكرنا في استثمار عربات «الكارو» التي تجرها الخيل وتحمل البضائع.. كانت عربات الكارو يتم تخزينها ليلا في مكان قريب من قسم شرطة السيدة زينب... وذهبنا إلى أصحاب العربات «العربجية» نستأذنهم في استخدامها وكان الأمر معتادا في الأفراح أن يتم تحويل هذه العربات إلى مسارح تجلس فوقها الفرقة التي تحيي الليلة وهي غالبا طبال وعازف أكورديون وعازف كمنجة وعازف ناي... وراقصة درجة عاشرة قادرة أن تتحرك في مساحة لا تزيد عن متر في متر وغالبا هي لا تتحرك.. لأنها فقط تهتز على أنغام الموسيقى و منتهى أملها أن تجمع اكبر قدر من النقوط «المال» من المعازيم الذين يتبادرون في الرقص معها أو حولها.. ولمده 15 يوما كاملة كنا قد أعلنا حاله الطوارئ القصوى حتى يوم الافتتاح.. كانت التجربة ساذجة لكنها في نفس الوقت مدهشة ومشجعة.. كنا نتوقع أن يستمر العرض المسرحي ليلة واحدة فإذا بنا نكرره لعدة ليال أخرى وهكذا طرقت أبواب المسرح مبكرا مثلما كان يوم الجمعة هو يوم السينما بالنسبة لي.. وقتها فقط أدركت أنني في حاله عطش ونهم لا يقاوم من اجل التعرف على الوجه الحقيقي للمسرح وأيضا للسينما ولانني محظوظ اسكن في منطقة تمثل قلب التفاعلات والأحداث في القاهرة كان من السهل أن اخطف رجلي كل يوم إلى دار الكتب في باب الخلق ابحث عن المفهوم العلمي للمسرح.. ذلك المفهوم الذي يعوضني مؤقتا عن دخول معهد المسرح.. يعوضني عن طعنه الأستاذ حمدي مشرف التمثيل الذي يكره التمثيل وحاول أن يجبرني على كراهيته بحسن نيه.

أنا لن أفرط في حلمي.. أنا لن أتنازل عن رغبتي في دخول عالم المسرح بشكل عميق ومنهجي.. أنا لن اقبل السينما على علاتها.. أنا أحب السينما والمسرح.. ولكنى أعلن تمردي و عصياني عليهما ولحين أشعار أخر !! ومازال «نور» يبحث عن «نور»!!

مأساتي

«مأساتي العامة هي مأساة الإنسان العاقل فقبل خلق العقل كان الإنسان منسجما مع ذاته و حياته ، حياه صراع قاسيه ولكن يبدو لا حيله له فيها.. مثله مثل أي حيوان آخر.. فلما أن وهب العقل وشرع يخلق الحضارة حمل أمانه جديدة.. مسؤولية لا مفر منها.. وفى الوقت نفسه هو غير أهل لتحملها بدأ يدرك النظرة الشاملة وان حياته على الأرض هي حياه رجل واحد رغم التناقض الظاهري ولكنه كان ومازال يمر بفترة انتقال تتواجد فيه الغرائز والعقل معا.. فما يقول به العقل تعارضه الغرائز وما يزال النصر مقررا حتى اليوم للغرائز.

على الأقل في الحياة العامة لم يظفر العقل بالسيادة المطلقة ألا في العلم فيما عدا ذلك فهو يخضع للغرائز حتى ثمار العلم نفسه تلتهمها الغرائز..وعلى حين يحتفظ العقل بلغته الخاصة في مجال البحث فاللغة التي تستجيب لها الملايين ما تزال هي لغة العواطف و الغرائز.. اغتنى الجنس والوطن والعنصرية والأحلام السخيفة والأضاليل. هذه هي المأساة العامة.

لم أكن هذه المأساة تخص «نور الشريف».. لأنها في الحقيقة جزء من اعترافات (جعفر الراوي) بطل رواية (قلب الليل) للأستاذ نجيب محفوظ تلك الروايات التي قرأها نور الشريف فقلبت رأسه وكيانه ووجد في شخصيه جعفر الراوي المتقلبة المتمردة الكثير ليجسده على شاشة السينما ، عندما أصبح واحدا من أبطالها. كان يبحث عن هذه الراوية مثل المجنون وازداد جنونه عندما اكتشف أن المنتج جمال الليثى قد اشتراها من نجيب محفوظ.. وكان قد أرسل زوجته (بوسي) إلى الإسكندرية خصيصا لتشتري القصة.. ولكنها عادت بهذا الخبر المزعج.. وذهب نور إلى الليثي يتوسل إليه ويرجوه أن يترك الرواية مقابل أي مبلغ يطلبه وأمام هذا الإلحاح طلب الليثى رقما خرافيا وجد فيه نور نوعا من التعجيز.. ولكن الليثي وعده بأن يكون بطلا لهذا الفيلم إذا قدمه في السينما و لكن حلم اللقاء مع جعفر الراوي ظل يطارد نور الشريف خاصة انه عرف فيما بعد أن حق إنتاج القصة انتقل من جمال الليثي إلى المنتج مطيع زايد وأنا بالفعل قد بدأ الخطوات التحضيرية لتقديم القصة سينمائيا ولكن بطولة عمر الشريف.. وأمام هذا الإحباط ظهر مارد التحدي في وجدان نور الشريف وعرض على مطيع زايد أن يمثل نفس القصة من بطولته هو ولتكن مباراة بينه وبين عمر الشريف الجمهور هو الحكم الوحيد فيها ووافق مطيع زايد على هذا الجنون الفريد من نوعه احتراما لرغبة فنان مثل عمر الشريف ولكن جاء اعتذار عمر الشريف عن بطوله الفيلم ليحسم الأمر نهائيا لصالح نور الشريف.. الذي جسد القصة وتوغل في أعماق جعفر الراوي ليصبح هذا الفيلم محطة هامه من محطات ممثل صلب مثل نور الشريف.. لا يترك الفرصة تذهب من يبكى عليها ندما وألما.. وقد قيل الكثير عن هذا الفيلم وعن دور جعفر الراوي الذي جسده نور.

سر الليل

الحقيقة إنني عندما قرأت الرواية اكتشفت لماذا أحبها نور.. لان فيها الكثير من تمرده وطموحه... مثل جعفر الراوي ينزل إلى بحر الحياة وحيدا ألا من سلاح الإصرار وحب المغامرة والعشق المجنون للحياة.. بحثا عن موقع تحت الشمس.. بحثا عن حقيقة هذه الحياة.. أنها قصه أودعها فيها الأديب الكبير نجيب محفوظ الكثير من فلسفته وأفكاره ولو عدنا إلى الوراء سنجد أن (نور) عندما أحب التمثيل في المرحلة الإعدادية ووقف على المسرح لأول مره في الفرقة (العيالى) التي كونها مع خاله الشاب... أراد المزيد من المعرفة.. فبدأ يذهب الى باب الخلق حيث تقع دار الكتب المصرية بكل ما فيها من كنوز. ويقول نور: كان أول كتاب أطالعه في المسرح هو ( الفن المسرحي) تأليف ادوار كريك، كان الكتاب صعب ومعقدا ولم افهم الكثير منه لصغر سني وارتفاع أسلوبه الفني.. وازدحامه بالمصطلحات التي تحتاج منى إلى بحث وتنقيب.. ولكنه فتح أفاق البحث.. فوقع في يدي كتاب أعداد الممثل ستانسلافسكى.. وهو الكتاب الذي يعتبر بكل المقاييس المرجع الأساسي لكل ممثل ومخرج وكما عرفت فيما بعد عندما التحقت بمعهد الفنون المسرحية.. ومعنى هذا أنني بالفطرة كنت اهتدى إلى منهجي و أمامي دار الكتب بكل ما فيها.. كأنني في بحر عظيم هائل يحملني الموج من واحدة إلى أخرى حتى أصل إلى البعيد في هذه الفترة أعلن المنتج الكبير رمسيس نجيب رحمه الله عن حاجته إلى طفل أو صبي يقوم بتمثيل فتره الطفولة في حياه الفنان الكبير احمد مظهر في فيلم واسلاماه.

الشرط الوحيد

كان الصبي نور محمد جابر يلتهم الإعلان المكتوب في جريدة الأخبار لهفه ووقف عند الشرط الوحيد طويلا.. أن يكون هذا الطفل شبيها بالفنان احمد مظهر.. وعلى الفور ألقى الجريدة جانبا وذهب إلى المرأة يتطلع إلى وجهه من كل الزوايا.. وينظر إلى صوره الفنان احمد مظهر في الجريدة يحاول أن يقنع نفسه بأنه احمد مظهر.. سأل أخته وسأل كل من حوله وكانت النتيجة كلها ضد هذا التشابه ألا قراره هو: أنا احمد مظهر فولة وانقسمت نصفين.. كان هذا صحيحا إلى حد كبير فأنت تستطيع أن تقنع نفسك داخليا إذا أردت بأنك تشبه ماري منيب المهم أن تعمل أجهزة الإحساس الداخلي في هذا الاتجاه كما فعل نور الشريف.

وعلى الفور كان يستقل الأوتوبيس إلى شارع رمسيس حيث يقع مكتب رمسيس نجيب وهي صدفة أن يحمل الشارع اسمه فالحقيقة أن الشارع يقع به تمثال رمسيس.. في منتصفه.. والحقيقة أيضا أن رمسيس نجيب منتج يستحق شارعا في مدينه السينما لأنه اخلص إلى هذه المهنة إلى حد العبادة.. ويحكى نور كيف دخل إلى مكتب المنتج وماذا حدث فيقول: بكل الارتباك دخلت المكتب والجريدة في يدي ولم أكن احتاج إلى الكلام فالأمر يفسر نفسه بنفسه. تطلع الرجل طويلا إلى وهو يبتسم وكنت أبادله النظرات بنفس التحدي.. طلب منى أن انظر إليه فنظرت.. وأمام إصراري طلب مني أن اترك عنواني وصورتين شخصيتين لي كنت قد حملتها معي بناء على الإعلان المكتوب في الجريدة.. فشلت هذه الخطوة.. ولكنها أوصلتني للذهاب بقلب جريء إلى مكاتب المنتجين الآخرين بحثا عن فرصه.. ذهبت إلى مكتب السينمائيين المتحدين وكان يديره المنتج المعروف تاكفور انطونيان.. وكان يرافقني دائما صديق عمري محمود الجوهري. كنت أتصرف كممثل محترف وفى نفس الوقت كنت امضي في دراستي بكل نجاح حتى لا أتحول إلى عبء ثقيل على كاهل عمي الذي تحول إلى راهب في محراب يعيش فيه أنا وأختي فقط.. عمي إسماعيل هذا هو الذي ترك الحياة الزوجية حتى يتفرغ لنا بعد وفاه والدي الشاب الصغير 26عاما وبعد زواج أمي وسفرها إلى السعودية.. عمى إسماعيل هو الذي نهض من نومه ذات صباح يستغفر الله العظيم ويسأله ألا يرد القضاء بل يسأله اللطف فيه.. كان قد رأى في المنام أن والدي قد جاء إليه وهو يعطيه حمامتين ويطلب منه أن تكونا أمانه في عنقه وألا يفرط فيهما أبدا وان يحافظ عليهما.. كان التفسير كئيبا بكل معنى الكلمة... فصاحب الحمامتين الذي هو أبي ينوي السفر الطويل ولهذا يوكل إلى عمي شأنهما فأي رحيل هذا والحمامتان ما هما ألا أنا وأختي عواطف. وصدقت الرؤيا وياهول الرؤيا ذهب أبى إلى السفر البعيد الأبدي وتسلم عمى أمر الحمامتين البائستين الصغيرتين والحمد لله على كل حال.. في مكتب تاكفور انطونيان كان اللاء وديا أبويا وقال الرجل بكل هدوء: أنتما مازلتما صغيرين عودا إلى البيت وحين تكبران يمكنكما العودة مرة ثانية. كنت اعرف أن الرجل لصبغة لطافة يريد أن يقول لي انتبه إلى دراستك أولا يا صغير وبعدين فكر في التمثيل وعدت إلى مدرستي لأحصل على الشهادة الإعدادية.. كنت في هذا الوقت أحب كره القدم وأمارسها بجنون وكنت أتطلع إلى اللاعب الكبير صالح سليم كابتن الأهلي كنموذج مثالي بالنسبة إلى صغير مثلي ومع ذلك أنا زملكاوي من ساسي إلى راسي ومثلما عرفت الطريق إلى مكتب رمسيس نجيب عرفت الطريق إلى حي ميت عقبه حيث يقع نادي الزمالك .. أعددت لنفسي( فانلة وشورت وحذاء كوتشوك) وذهبت أخوض اختبارات القبول كناشئ جديد من حبي للزمالك رفضت دخول المدرسة الخديوية التي تقع في حي السيدة زينب وقدمت أوراقي إلى المدرسة الإبراهيمية في جاردن سيتى وهى مسافة ليست بعيده حيث يكفى أن تعبر شريط مترو حلوان لتصل إلى الناحية الأخرى..

كأني أعبر من حلم إلى حلم.. أقول لكم سر التحاقي بمدرسه الإبراهيمية.. لقد عرفت أن بها بعض نجوم الزمالك أمثال نبيل نصير وعلى محسن.. وكان هذا يكفى في نفس الفترة التحقت بفريق التمثيل بمركز شباب الجزيرة وكان يشرف عليه شاب مثقف وطموح وعاشق للمسرح هو صلاح هنداوى الذي عمل فيما بعد في السلك الدبلوماسي ومعه اكتسبت حرفيات جديدة كممثل.. ونجحت في اختبارات نادي الزمالك وشغلت ليلى ونهاري بالدراسة والتمثيل وكره القدم كأنني صاحب خطة طموحه.. من اجل البحث عن نور.

النهار الكويتية في

11/07/2013

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2013)