كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

خاص بـ«سينماتك»

 

يوميات الجونة السينمائي الرابع (1)

الجونة الرابع وحلم السينما

فيلم الافتتاح والمصري القصير 16

بقلم: صفاء الليثي/ خاص بـ«سينماتك»

 
 
 
 
 

ينصح أطباء علم النفس بألا تكون أفعالك رد فعل لاستفزاز الآخرين، في فترة أحسست بالرغبة لمراجعة طبيب نفسي وكان سؤاله الأول هل تخضعين لابتزاز الآخرين؟ لا من أجل سلامتك النفسية خذ قراراتك بنفسك ولا تمضي خلف القطيع، ولهذا كان قراري بعدم مقاطعة مهرجان الجونة لأني اخترت أن أخوض التجربة وألمس بنفسي حقيقة موقف المهرجان من قضايانا السياسية ومن الفن والحياة. 

 

"الرجل الذي باع ظهره"

تونسي روائي طويل 104 ق

بداية من المؤتمر الصحفي تم توزيع دليل المهرجان وكان به معلومات كافية عن الأفلام المشاركة، بعضها آت من مهرجانات كبرى برلين وفينيسيا وسانسباستيان، والأهم أن أهم الأفلام العربية متاحة ويبدأ الافتتاح بفيلم كوثر بن هنية (الرجل الذي باع ظهره) وكان فكرة تم تطويرها قبل عامين في منصة الجونة التي يتقدم إليها صناع الأفلام بمشاريعهم، تناقش مع منتجين وموزعين، ثم يتم الاختيار من بينها، عن طريق هذا الدعم ومنح أخرى تمكنت المخرجة التونسية من تحقيق فيلمها الذي شارك فينيسا 77 الذي أقيم وسط اجراءات احترازية في أجواء الجائحة العالمية فيروس كوفيد 19. حصل ممثل الفيلم على جائزة أفضل ممثل من فينيسا. لم أشاهد الفيلم في الافتتاح وشاهدته ومعي زملاء من النقاد في عرضه بقاعة الأوديماكس بالجامعة الألمانية حيث تقام عروض الأفلام بعد عرضها في قصر المهرجان الذي افتتح جزئيا هذا العام. أجمل ما يحدث أننا في جلسة حرة نتناقش حول الفيلم الذي شاهدناه بشوق، أولا لاهتمامنا بالسينما العربية التي تشهد نجاحات منذ عدة سنوات، وثانيا لسمعة الفيلم بعد مشاركته فينيسا وحصوله على جوائز. اتفقنا على أن الفكرة لامعة، وعرفت أن محمد سعد تناول شبيها لها في فيلم (محمد حسين) قبل عامين، دائما الأهم من الفكرة كيفية تناولها، في رأي أن فيلم كوثر بن هنية مضى متسقا ومؤثرا وأصيلا حتى ثلثيه، هذا السوري الذي يطمح في السفر إلى أوربا ليلحق حبيبته التي تزوجت رجلا تابعا للنظام السوري، فيزا شنجن بوابة العبور لجنة أوربا، ثم عرض فنان بوهيمي على الشاب السوري أن يرسم على ظهره، وتحول إلى لوحة عرض حية حققت صدى إعلامي واعتبرها السوريون إهانة لهم. ثم بالغت صاحبة الفيلم فتحول الرجل بظهره إلى سلعة معروضة بالمزاد، وقد بلغ إحساسه بالإهانة مداه فصرخ في المزايدين في مشهد يكاد يكون إعادة لفيلم (المربع) الذي حصد السعفة الذهبية منذ عدة أعوام ومنحناه أفضل فيلم أجنبي عرض بمصر في جمعية نقاد السينما المصريين. الثلث  الأخير من فيلم (الرجل الذي باع ظهره) تحول إلى عمل ميلودرامي يفتقد المنطق، وتغير رسم شخصية الفنان ليصبح متعاطفا ويقرر مساعدة السوري. تظهر داعش وقتل الرجل للحصول على اللوحة من على جلده، رجلا آخر وضحية مجهلة، ويمضي بطلنا واللوحة على ظهره بعد اقتسام بيعها. تهافت الحل الأخير جعلنا نفكر، ألم يكن من الممكن أن يتم محو اللوحة بطريقة ما!!. سوريا وداعش وشنجن، الثوار والنظاميون، مجموعة من الأفكار تم طحنها وكانت لجنة التحكيم الرسمية عادلة في حكمها فلم يحصل الفيلم سوى على جائزة أفضل فيلم عربي وخرج من المنافسة مع أفلام من كل بلاد العالم، أفلام لا تتسم بخلل في البناء أو انحراف عن الهدف، أو مزايدات من أجل إرضاء جميع الأطراف. أعجبني أداء الممثل يحي مهايني وحرفية المخرجة، ووجدت السيناريو قد انحرف عن مساره وسقط في الميلودراما.

 

"أخشى أن أنسى وجهك"..

16 مصري قصير 15 ق

العروض التي نتابعها في أربع صالات مغلقة بالإضافة لعروض البلازا المفتوحة هذا العام وسوف يستكمل البناء ليضم صالة مغطاة ومسارح للعروض بنيت بشكل معماري رائع يجمع بين الشكل الهرمي للعمارة الفرعونية وبين أقواس العمارة الإسلامية مع بحيرة صناعية تحيط الموقع، إنجاز كبير وصرح حضاري على أرضنا. البرنامج اليومي يرسل لنا كل ليلة، نستعد ونختار ما سوف نشاهده، قد نلتقى كصديقات وأصدقاء في مجمع سي سينما "سينما البحر" ويكون كل منا قد اختار فيلما مختلفا ونلتقي بعد العرض نتبادل الآراء وقد نختار فيلما فاتنا في عرضه الثاني أو الثالث، أو نحضره في المكتبة التي توفر حوالي 25 جهازا يمكننا استخدامه لتعويض ما فاتنا. غالبا أترك عروض الأفلام القصيرة لمشاهدة مكتبية، وفيها ركزت على الأفلام العربية المشاركة منها الفيلمين المصريين (ستاشر) و(الخد الآخر) واللبناني (شكوى). مشكلة قمع النساء ومحاربة الحب في (ستاشر) وعنوانه الثاني "أخشى أن أنسى وجهك" بسينما بسيطة ولكنها تركز على مشاعر الشاب الذي استمع الى رسالة عبر الموبيل من حبيبته تقول "انت وحشتني.. وهتوحشني على طول".. بإيجاز في الحكي نعرف أنها انتحرت بعد أن حبسها أهلها لشهرين، يصعد الفتى على سطح البيت، يسرق عباءة سوداء وطرحة النقاب، في الخلفية لوحة قديمة لسينما الكورسال، يذهب لبيت الحبيبة بنقابه فيدخل بين الحريم، يفسحون له، لها مكانا يسألون عمن يريد وداعها، يدخل عليها هي في الكفن ووجهها مكشوف، كفن أبيض ووجه الفتاة في شحوب الموت. يقترب ويرى وجهها للمرة الأخيرة، بالتأكيد سيبقى عمره دون أن ينسى وجهها، ينتهي الفيلم به وقد أزال غطاء رأسه باكيا في صمت الممثل "سفالدين حميدة" ودموع صامتة. الفيلم من إخراج سامح علاء، قام محمد فوزي مع المخرج بتطوير الفكرة في سيناريو اعتمد على الحكي دون ثرثرة حوارية. وجدت السينما المصرية الشابة طريقا مختلفا عن منافذ الإنتاج التقليدية، لا مؤسسة سينما ولا دعم حكومي، ولا إنتاج الشركات الخاصة التي تعتمد على نظام النجوم وما كان يسمى بسلف التوزيع، في الأعوام الأخيرة تكونت كيانات إنتاجية مستقلة منها فيج ليف، مارك لطفي ومجموعة من شباب اسكندرية أنتجوا هذا الفيلم مع محمد تيمور ومارتن جيروم. المخرج المصري سامح علاء درس الأدب الألماني، ثم انتقل إلى براغ وتعلم فنون الأداء في التشيك، ثم درس صناعة السينما في مدرسة إيكار بباريس، عرض فيلمه الأول (خمستاشر) في تورنتو السينمائي الدولي، وعرض فيلمه الثاني (ستاشر) في مهرجان كان مشاركا المسابقة الرسمية للفيلم القصير وحصل على السعفة الذهبية لأفضل فيلم قصير، أعلنت الجائزة أثناء تواجد الفيلم في الجونة، بعدها حصل على نجمة الجونة لأفضل فيلم غي مسابقة شارك فيها مع ثلاثة أفلام أخرى. رحلة المخرج سامح علاء تلخص الطريق الصحيح الذي يسلكه الفنان السينمائي لكي يقدم أعمالا يمكنها المنافسة مع أفضل إنتاجات العالم، دراسة للسينما والعمل مع مجموعة تتشارك في الحلم بسينما مصرية بلغة عالمية.

 

 

(الخلاصة الاحتفاء بالسينما العربية والسينما المصرية الجديدة والمختلفة ـ يستكمل)

سينماتك في ـ  02 نوفمبر 2020

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004