كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

خاص بـ«سينماتك»

 
 
 
 

 

 

عواقب الخيانات في فيلم "باب التوبة"

 

لحسن ملواني ـ المغرب* / خاص بـ"سينماتك"

 

 
 

 

إن الدراما الاجتماعية رغم فلاحها في اجتذاب فئات  كثيرة من الجمهور معروفة بتكرار موضوعاتها، على أن التكرار في الإبداع عموما ليس مذموما فالمواضيع تتكرر والعبرة بالشكل الذي تقدم به والصيغة التي تستند إليها لتؤدي المأمول فيها بطريقة مشوقة وجميلة ، ويعود نجاح الدراما الاجتماعية إلى تطرقها لمواضيع لصيقة بالمجتمع بفئاته المختلفة ، فهي تقدم أعمالا لها علاقة بالتربية الاجتماعية منها عواقب الإجرام ، وعواقب عدم الاهتمام بالتنشئة الاجتماعية ، وكيفية تجاوز الكثير من العقبات المعترضة للكثيرين ضمن سياقات متشابهة ...إلا أن معالجة هذه الموضوعات دراميا ليس بالأمر الهين ، فقد تقدم تقديما يكرس السلبي على حساب الإيجابي ، وقد يحدث العكس وهو المبتغى .

وضمن الدراما الاجتماعية ، قدم التليفزيون المغربي (القناة الأولى)  فيلم "باب التوبة " من إخراج مصطفى فاكر وبطولة عزيز موهوب وأمال صقر و نزهة الركراكي، وفضيلة بن موسى...

وتتمحور قصة الفيلم حول أسرة ثرية يقع ابنها في جريمة حمل غير شرعي يتعلق بفتاة إحدى الأسر الفقيرة، ولم تستطع الضحية التزوج به إذ هرب الى امريكا تاركا أمه وصديقتها تتصرفان بخدعة بصدد مشكلة الفتاة مسخرتين في ذلك السائق "صالح" الذي أخذ من الضحية مولودتها مقابل مال لم تتسلمه لأنها قتلت حين صدمتها سيارة ويبدو أنها مكيدة من والدة المقترف للفعلة "فؤاد" لينتهي الأمر بالسائق إلى عذاب الضمير حين وجد نفسه تتوالى عليه المصائب .

أسر بطموحات متفاوتة

تتقاسم أحداث الفيلم أسرٌ تتناقض مستوياتها الاجتماعية والمادية ، لذا جاءت في الفيلم بطموحات متفاوتة من حيث مستواها الاجتماعي والمادي ، بعضها يطمح إلى تحقيق الكثير بيسر ، وبعضها يحلم بتحقيق أدنى المتمنيات (شغل للاقتيات والعيش العادي فحسب) ، والأسر هي :

ـ أسرة منصف  وزوجته فتيحة وابناهما سليم و فؤاد ، وهي الأسرة الثرية المشغلة لسائق يدعى "صالح" والذي ستسخره مقابل وعود من أجل قضاء مآرب كثيرة ومنها الخطير بخضوع وبصدر رحب خاصة وأن الزوجين وعداه بمنزل بقرب فيلاتهما.

ـ أسرة صالح ،وزوجته هنية وابنهما شكير وأخته نادية إلى تغيير وضعيتها نحو الأفضل ، ولم يتحقق ذلك في الأخير لظروف مدرجة في الفيلم.

ـ أسرة الحسين وزوجته وابنته بهيجة الفتاة الضحية التي وعدها سليم بالزواج  وخالف وعده، حين ستؤول علاقتهما إلى  حمليفضي إلى أمور وأحداث عصيبة لم تكن في حسبانها.

ـ اسرة حليم زوج نعيمة أخت زوجة حليمة ، أسرة غنية لها علاقة مصاهرة مع عائلة منصف.

الخيانات في الفيلم :

إن تقاسم أحداث الفيلم بين الأسر المذكورةُ مُستوياتٌها الاجتماعية والمادية جعل الخيانات الصادرة عنها متفاوتة ويتجلى ذلك فيما يلي :

ـ خيانة سليم التي تخلص من عقوبتها بفعل القدرة المادية والسلطوية لاسرته ، حيث اغتصب " بهيجة" ووعدها بالزواج  و حملت منه ، فتجاهل ذلك رغم تأنيب ضميره إياه في البداية.

ـ خيانة حليم إذ وجدته  نعيمة مع امرأة أخرى على سريرها ، ونعيم امرأة عقيم اشترت بنت بهيجة بمال لم تتسلمه هذه الأخيرة حيث صدمتها سيارة فجأة.

ـ خيانة ابن صالح حين همَّ بمغادرة المغرب إلى أمريكا عبر الزواج بامرأة انجليزية إذ فوجئت الأسرة بكونه مصاب بالسيدا.

ـ خيانة "نادية " التي تصرفت بخبث وجرم حين حاولت التصرف في أموال الشركة التي تعمل بها ، وقد اكتشف أمرها من قبل رئيسها، فطردت من العمل ليقع ذلك على أبويها وقعا صاعقا.

ـ خيانة السائق "صالح" الذي تصرف تصرفا غير إنساني إزاء بهيجة الفتاة الفقيرة المخدوعة الحاملة من سليم.

خيانات توزعت الفيلم فصار مفعما بها عبر تطور الأحداث في سياقات متعددة انتهت بظهور السائق صالح الطامح في توظيف ابنائه وتحسين مستواهم الاجتماعي والاقتصادي لكنه لم يتحقق له ذلك ليهيم متحدثا نفسه متألما، وهو يتذكر أفعاله الشريرة المغلوب على ارتكابها.

تعليق عام

والفيلم تربوي اجتماعي يظهر أنه ينتصر للخير على الشر سواء صدر من الاغنياء أو الفقراء.

وقد قدم الموضوع المحوري فيه تقديم مشوقا ممتعا ، فقد أجادت كل الشخصيات أدوارها المتأرجحة بين الأمل والهواجس والإحباط ، وجاء سيناريو الفيلم مستحسنا متكاملا مبنيا بناء مقنعا يجعل المتتبع ينساق ويتماهى مع الأحداث من بدايتها حتى النهاية، وقد جاء مبنيا على التحديات الفاضة على كل الشخصيات التفكير والتحايل بغية الفكاك منها وتجاوزها دون خسائر.

وقد ساعد الفيلم في بلوغ الهدف منه (تعزيز صفات الخير والتنبيه إلى عاقبة التصرفات اللاإنسانية) موسيقاه التصويرية ولقطاته المختلفة وفق ما تتطلبه مشاهدها المتنوعة.

 

بطاقة تقنية للفيلم :

ـ بطولة: عزيز موهوب ـ نزهة الركراكي ـ عبد الكبير حوزيران ـ فضيلة بن موسى ـ هشام الوالي ـ أمل صقر ـ سحار الصديقي ـ لبنى فاسيكي ـ عبد الله بن سعيد ـ عمر العزوزي.

ـ مدير التصوير: خالد أمغار.

ـ كاميرا: مصطفى الحميدي.

ـ صوت: عبد الله أيوب.

ـ المكلفة بالإنتاج: أمينة فنجيرو.

ـ مونطاج: محمد أحميش.

ـ تأليف: عزيز موهوب.

ـ إخراج : مصطفى فاكر.

 

* كاتب وناقد وتشكيلي وشاعر من المغرب

 

سينماتك في 12 يوليو 2018

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)