أمين صالح

كتب السينماجديد أمينجريدة الأيامجريدة الوطنالقديم.. الجديدملفات خاصة 

 

أمين صالح.. صديق الأمل

الوطن البحرينية

 

خاص بـ"سينماتك"

ملفات خاصة

أخبار ومحطات

سينماتك ملتيميديا

إبحث في سينماتك

إحصائيات استخدام الموقع

 

 

مـمـلــكــة الـســمــــاء (1-2)

مع الإسلام.. ضد الإسلام؟

بقلم: حميد داباشي

ترجمة: أمين صالح

 

     
  

في فيلمه المثير للجدل ''مملكة السماء''kingdom of heaven، يتناول المخرج ريدلي سكوت تحرير القدس، بعد تسعة عقود تقريباً من حكم الصليبيين، على يد جيش صلاح الدين الأيوبي في العام .1187 وقد تعرض الفيلم للهجوم بذريعة مناصرته للإسلام و عدائه للإسلام في آن حتى قبل عرضه للجمهور العام أو الخاص.

الباحث الإيراني حميد داباشي، الخبير في التاريخ الإسلامي، والذي استعان به المخرج كمستشار في الشأن التاريخي، قدم وجهة نظره في هذه المسألة عبر مقالة كتبها خصيصاً لمجلة Sight & Sound  البريطانية ونشرت في عددها الصادر في مايو/أيار ..2005 و فيما يلي ترجمة لمعظم ما جاء في المقالة..

في أكتوبر/تشرين الأول 2003 اتصل بي شخص من طرف المخرج البريطاني ريدلي سكوت، طالباً مني أن أقرأ سيناريو فيلمه القادم عن الحملات الصليبية. وكتب السيناريو شخص لا أعرفه اسمه وليام موناهان. وقد سألت المتصل: هل يرغب مني السيد سكوت أن أقرأ السيناريو بسبب تخصصي في التاريخ الإسلامي في فترة القرون الوسطى أم بسبب عملي في السينما؟ فأجاب المتصل: السببان معا.

عندئذ أبديت استعدادي وسروري بفعل ذلك. شخصياً كنت أحد المتابعين عن كثب لأعمال سكوت السينمائية منذ فيلمه المتبارزان Duelists (1977).

خلال أيام تلقيت طرداً بريدياً سميكاً يحتوي على سيناريو الفيلم، وعلى كل صفحة منه كتب اسمي بخط كبير، مع عقد يضمن سرية المادة، كان علي أن أوقعه وأعيده. عند انتهائي من قراءة السيناريو، كانت صفحات النص مكسوة بالملاحظات والخربشات. ومع نهاية أكتوبر ٣٠٠٢ كنت قد جمعت ملاحظات واسعة وشاملة أرسلتها إلى مكتب سكوت بالبريد الإلكتروني.

تلك كانت مهمتي بشأن ''مملكة السماء''، حتى تلقيت في ديسمبر 2004 اتصالاً آخر يشعرني أن سكوت يريد مني أن أشاهد النسخة Cut الأولى الكاملة من فيلمه. قبل أن أسافر إلى لوس أنجليس. قمت ببعض البحوث بشأن ما حدث منذ أن قرأت السيناريو، لأكتشف بأن الفيلم قد أصبح مادة للخلاف والجدل.

في 12 أغسطس/آب 2004  نشرت شارون واكسمان في نيويورك تايمز أول مقالة بارزة عن الفيلم تنشر في الولايات المتحدة، على رغم أن الفيلم الذي لم يكتمل بعد كان قد أثار جدلاً ونقاشا في بريطانيا قبل ثمانية شهور.. ففي 18 يناير/كانون الثاني 2004 نشرت شارلوت إدواردز مقالة في الديلي تلغراف اللندنية تحمل هذا العنوان: ''فيلم ريدلي سكوت الجديد عن الحملة الصليبية ينحاز إلى ابن لادن''.

على نحو معاكس، شارون واكسمان اتهمت الفيلم بتبني موقف معاد للإسلام. معتمدة في اعتراضاتها على نسخة من السيناريو تمكنت من الحصول عليها، بدأت واكسمان مقالتها بالإيحاء بأن: ''مع الصور الدموية للمسلمين والغربيين وهم يتقاتلون في العراق وأماكن أخرى ضمن نشرات الأخبار المسائية، قد يبدو توقيتاً غريباً أن يكشف النقاب عن ملحمة هوليوودية ذات ميزانية ضخمة تصور الحرب الضارية بين المسيحيين والمسلمين للسيطرة على القدس في الحملة الصليبية في القرن ''.12

المقالة تقيم روابط  صريحة بين الأحداث المصورة في الفيلم والعلاقات الراهنة بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي. إنها أيضاً تثير أسئلة بشأن قرار عدد من الاستوديوهات الرئيسية عدم تمويل المشروع، على رغم إصرار رئيس شركة وارنر، ألان هورن، على أن رفضه للفيلم لا علاقة له بموضوعه وقال:''إني أعتقد بأن السيناريو متوازن، بآراء سياسية مختلفة، وليس هناك أسود و أبيض، طيب وشرير''.

مقالة واكسمان تستمر في ذكر سلسلة من ردود الأفعال السلبية التي من المفترض أن تكون مستنبطة من نسخة السيناريو التي بحوزتها. الاستجابة الأولى جاءت من باحث قانوني بارز ومسلم، يدرّس في UCLA : ''خالد أبو الفضل.. يختلف بشدة مع السيد هورن، ويعتبر السيناريو مثيراً للغضب ويحتذي بالأنماط التاريخية الهوليوودية عن العرب والمسلمين''. وقال: ''أعتقد بأن هذا الفيلم يحرض الناس على كراهية المسلمين. هناك نمط للمسلم تظهره على الدوام بوصفه غبيا، متخلفاً، رجعياً، وغير قادر على أن يفكر ضمن أشكال مركبة''.

الاستجابة السلبية الثانية جاءت من ليلى القطامي، الناطقة باسم اللجنة الأمريكية- العربية المناهضة للتمييز، إذ تقول: ''قلقي الحقيقي سيكون مقتصراً على الفكرة التي يطرحها الفيلم عن الحملات الصليبية.''

مقالة واكسمان المهيجة على نحو كامن تستنتج أن فيلم ''مملكة السماء'' جاء في توقيت خطير من أجل جرح مشاعر المسلمين والعالم العربي معاً، وأن هذا على الأرجح من الأسباب التي أدت بكثير من الاستوديوهات إلى رفض تمويله.

في غضون ذلك، وعلى الجانب الآخر من الأطلسي ( في أمريكا)، افتتحت شارلوت إدواردز مقالتها في التلغراف بالزعم أن: ''ريدلي سكوت، المخرج الذي ترشح للأوسكار، تعرض ليلة أمس لهجوم عنيف من قبل الأكاديميين البريطانيين بسبب فيلمه القادم الذي يقولون إنه''يحرّف'' تاريخ الحملات الصليبية في سبيل محاباة المسلمين ومن أجل تصوير العرب بإيجابية''.

ليس واضحاً ما إذا كانت حجة شارلوت إدواردز مبنية على أساس نسخة أخرى من السيناريو أم أنها نتيجة تخمين محض. إنها تعتمد على معرفة و خبرة جوناثان رايلي-سميث، الباحث المتميز والبارز في الحملات الصليبية، والذي ينظر إلى الفيلم بوصفه ''خيالاً صرفاً'' و''يمثّل خطورة على العلاقات الغربية-العربية'' وهو مجرد ''هراء عمل سخيف''. ويمضي سميث ليصرح بأن الفيلم يبدو ''خاويا تماما'' أشبه بالفقاعة. ويصف الفيلم بالنفاية، وبأنه لا يتمتع بأي صحة ودقة تاريخية على الإطلاق. ويقرر بأن صانعي الفيلم متأثرون برواية والتر سكوت ''الطلسم''، التي تظهر المسلمين في صورة جماعات متحضرة ورفيعة الثقافة بينما تظهر الصليبيين كمتوحشين وهمجيين'' وهي صورة تخالف الواقع ولا تتصل بالحقيقة''.

وتقول شارلوت إدواردز إن ''رايلي سميث أضاف بأن جهود ريدلي سكوت كانت مضللة ومحابية للأصولية الإسلامية، وتتبنى ترجمة أسامة بن لادن للتاريخ''.

مؤرخ الحملات الصليبية الثاني د. جوناثان فيليبس يعبّر عن رؤية مماثلة و إن كانت أكثر اعتدالا. وأمين معلوف، مؤلف الحملات الصليبية من وجهة نظر العرب، صرح - كما قيل- بأنه ''ليس من المفيد تحريف التاريخ. الوحشية لم يتسم بها طرف واحد بل شملت الجميع''.

الوطن البحرينية في 26 أبريل 2006