تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

 

 

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

خاص بـ"سينماتك"

ملفات خاصة

جديد السينما

سينماتك ملتيميديا

 

 

 

الناقد فهد حسين يكتب عن النقد السينمائي في البحرين

 

 

النقد السينمائي في البحرين

بقلم: فهد حسين

 

 

ومن المحاسن في البحرين أن هناك تنوعًا واضحًا في مجالات الكتابة والتخصصات الإبداعية والفنية والنقدية، ففي الوقت الذي نقرأ عبر الصحف والدرويات أو الكتب ما يكتبه النقاد في مجال النقد الأدبي، أو النقد الثقافي أو التشكيلي أو المسرحي، فإن المشهد الثقافي البحريني يفتخر بوجود ناقدين سينمائيين بحرينيين، حاولا أن يكرسا جهدهما في مجال السينما، وصناعتها، وما يرتبط بها كتابة وتمثيلاً وتكنيكًا وإخراجًا وغيرها، والناقدان هما الكاتب المتعدد المواهب والحقول الإبداعية والجمالية والفنية أمين صالح الذي قال عن الفنان عباس يوسف ما كنا نكنّه لهذا المبدع، »... فما بالي إذا كان هذا الشخص أمين صالح، هذا الأمين علينا جميعًا بتواريه الحاضر.. الساطع الجميل بعالمه الإبداعي المخيف.. الأنيق الباذخ.. هذا المشروع الخرافي.. الترف دومًا هو فنار بحرنا.. دليل فتنتنا« (عباس يوصف، بلون ماء النار برذاذ حليب المعدن، ص33).

إذن هذا هو أمين صالح الناقد السينمائي الذي عرفناه كاتبًا سرديًا قاصًا وروائيًا، وعرفناه شاعرًا وكاتب سيناريو، وعرفناه من خلال تلك المقالات والتحليلات في عالم السينما العالمية ناقدًا سينمائيًا يعرف مهارات النقد السينمائي وكأنه أستاذ أكاديمي، حيث استطاع طوال فترات عمله في الكتابة والاطلاع المستمرين والترجمة أن يقدم إلى المكتبة العربية وليست البحرينية فحسب كتبًا مرتبطة بعالم السينما والسينمائيين مباشرة سواء تلك التي ترجمها أو دونها بفكره وتحليلاته وإبداعاته، إذ ترجم كتاب السينما التدميرية، وكتاب الوجه والظل في التمثيل السينمائي، وكتاب النحت في الزمن، وكتاب حوار مع فلليني، وكتاب عالم ثيو أنجيلوبولوس السينمائي.

وأعتقد أن أمين صالح لم ينقل هذه المادة الدسمة الضخمة على اختلافها وتنوعها إلا بغية إعطاء القارئ العربي عامة، والبحريني على وجه الخصوص، والمهتم بصناعة السينما تحديدًا، أن يعطي كل هؤلاء فرصة الإبحار في عيون هذه الكتب من أجل تطوير الذوات والذائقة والرؤية والبحث عن الأسئلة التي ينبغي أن تطرحها السينما البحرينية، ففي كتاب الوجه والظل في التمثيل السينمائي الصادر في عام 2002، يشير إلى أنه ترجم مجموعة من الدراسات الخاصة بعالم السينما لمعرفة آراء وشهادات السينمائيين من ممثلين ومخرجين وفنيين، لذلك من يقرأ الكتاب سيجد تناول العديد من القضايا والمفاهيم المرتبطه بهذا الحقل الفني من حوار وتمثيل وكاميرا وإضاءة وعلاقة كل هذا بأداء الممثل نفسه.

وهذا ما أكده في ترجمته لكتاب النحت في الزمن لأندريه ثاركوفسكي وأصدره في عام 2006، من خلال تلك الرؤية التي أراد أن ينقلها لمجاميع المهتمين بعالم السينما، منطلقًا بقناعة ما قاله أندريه في الكتاب: »بقراءة وإعادة قراءة العديد من المؤلفات حول نظرية السينما توصلت إلى نتيجة مؤسفة، وهي أن هذه الكتب لم تقنعني ولم تشبع حاجتي، بل جعلتني أرغب في تقديم ومناقشة رؤيتي الخاصة لمعضلات صنع الفيلم وأهدافه« (أندريه ثاركوفسكي، النحت في الزمن؛ ترجمة أمين صالح، ص5)، الأمر الذي يعني أن أمين صالح حين يترجم أعمال هؤلاء العظام من السينمائيين فهو محق لكي يعرف المجتمع العربي والبحريني كيف تتم عملية البناء الفني لصناعة السينما الطالبة للرؤية والهدف والاتساع في الأفق الفني.

ويأتي كتاب عالم ثيو أنجيلوبولوس السينمائي براءة التحديق الأولى الصادر مترجمًا في عام 2009، ليعطينا مجالاً واسعًا لمعرفة عالم هذا المخرج اليوناني من خلال مجموعة لقاءات ومقابلات أجريت مع المخرج وكتبت باللغة الإنجليزية، حيث في الكتاب سيرة ذاتية وعوامل التأثير التي أسهمت في تكوين شخصية هذا المخرج السينمائية، ورؤاه تجاه العالم والحياة والإنسان والكون، وبخاصة أن أعماله فيها من الجرأة والاستفزاز والسؤال الحائر، وكأن أعمال المخرج تدعو كما يقول أمين صالح نحو: «التأمل لا الإثارة والتشويق، كما تمتلك الجرأة على عبور عدد من التخوم، بين الأمم، بين التاريخ، بين الأسطورة، الماضي والحاضر، السفر والبقاء، الانتماء والخيانة، المصادفة والقدر، الواقعية والسريالية، الصمت والصوت، المرئي واللامرئي....» (ثيو أنجيلوبولوس، براءة التديقة الأولى ترجمة: أمين صالح، ص11-12).

أما الناقد السينمائي الثاني فهو صاحب موقع سينماتك المتألق دومًا حسن حداد، صاحب التجربة الفنية في عالم النقد السينمائي عامة والعربي بشكل خاص، بعد تجربة ودراية وخبرة أسهمت في إنتاج مجموعة من الكتب تناول فيها الحال السينمائية، وبعض مخرجيها، وهي: ثنائية القهر والتمر في أفلام المخرج عاطف الطيب الذي تناول فيه بالرؤية النقدية والتحليلية، هادفًا تسليط الضوء على أعمال المخرج السينمائية، ودراسة تجربته الإخراجية، مع البحث عن الرؤية الإبداعية التي جسدها في أفلامه، منطلقًا الناقد من رؤيته الخاصة تجاه أعمال المخرج، وبالتحديد حين أشار إلى ان فيلم سواق الأتوبيس يمثل نقلة نوعية تبشر بولادة فن سينمائي يستطيع محاربة العادات والأساليب الاستهلاكية في السينما المصرية.

وجاءت رؤية الناقد تجاه أعمال الطيب من خلال المقالات والموضوعات التي كان قد نشرها في الصحافة المحلية من مجلة البحرين وجريدة الأيام، تلك الرؤية التي دخل بها إلى عالم المخرج وفق تعاطي الأخير لبعض مكونات العمل السينمائي، وهي الموضوع الذي كان يدور في فلك الثنائية الضدية، والصراع بينهما، بين القهر والتمرد، بين القبول والرفض، بين العلو والهبوط، بين السعادة والشقاء، وما كان يبرز في عناوين أفلام المخرج، وبالإضافة إلى الموضوع ركز الناقد على ثيمة السيناريو والحوار التي يرى أنها لم تستطع في كل الأفلام تجسيد رؤية المخرج وما يطمح له.

أما المكان الذي عادة كان يوظفها المخرج في أفلامه فهي القرية والمدينة وإن كانت كما يلاحظ الناقد لم تؤدِ الدور الفاعل مع أحداث العمل وأثر ذلك على الشخصيات داخل الفيلم، وما يخص الزمن فإن الفترة التي تعامل معها وبها المخرج كانت كما يشير الناقد بين عقد السبعينيات وعقد التسعينيات من القرن العشرين، وعلى الرغم من تاريخ المخرج، وأعماله الفنية فإن حسن حداد يرى أن »المخرج لم يبنِ رؤية سينمائية فنية محددة وواضحة يحملها جميع أفلامه« (حسن حداد، ثنائية القهر/ التتمرد، ص87).

وإذا تناول حداد في كتاب محمد خان.. سينما الشخصيات والتفاصيل الصغيرة تجربة خان السينمائية الإخراجية، فإن سار بالمنهج الذي تعاطى معه في رؤيته إلى التجربة عند المخرج ورؤيته لما يقدمه. وجاء تناول في كتاب تعال إلى حيث النكهة.. رؤى نقدية في السينما، ليتحدث عن عالم السينما من خلال الندوات والدراسات لثلاثة أفلام أمريكية اعتبرها من أهم الأفلام التي تمثل أمريكا لما تتصف به من الجودة والعمق، وفي الإطار نفسه تحدث حول بعض تجارب الفنانين السينمائيين من العرب وغير العرب، وعن المهرجانات التي تقام في العالم العربي، بالإضافة إلى قراءات لكتب وموضوعات أخرى ذات الارتباط نفسه، ومع هذه الكتب له مشاركات سينمائية بمهام مختلفة في المهرجانات السينمائية، وكذلك كان له سابقًا برنامج إذاعي في إذاعة البحرين بعنوان أفلام وأفلام، وبرنامج مشاهير، وبرنامج مجلة السينما، وله من المقالات التي كان ينشرها في الصحف المحلية، ومجلة هنا البحرين.

وفي المجال ذاته حضر على المشهد السينمائي شاب له طموح فني، دخل من باب النقد هو علي مدن الذي كتب مجموعة من المقالات عن السينما جمعها في كتاب عنونه بـــ(زيارة إلى صالة فارغة) وهو الإصدار الأول له بالتعاون مع مركز الشيخ إبراهيم للثقافة والبحوث في عام 2007، مشيرًا إلى أن جل هذه المقالات تتمحور في طبيعة تناولها للسينما حول الدلالات النفسية للصورة وعناصر الكادر الفني، والعلاقة التي تتبرعم وتنمو بين السينما والفنون الأخرى، وكذلك التماهي مع رؤية المخرج أو السيناريست، معتمدًا الناقد الشاب على لغة جميلة في العرض والتوصيل والتحليل، وعلي مدن يملك رؤية ناقدة في مجال السينما إذا كتب لها الاستمرار، وبخاصة أن لدينا من التجارب الشابة في عالم الإخراج السينمائي يمكن لعلي مدن الوقوف عند هذه التجارب وقراءتها قراءة نقدية.

وقد أكد قدرة علي مدن في الكتابة النقدية السينمائية الناقد والكاتب أمين صالح الذي قدم للكتاب بقوله: «علي مدن، ذو العشرين ربيعًا، اختار بوعي وبحساسية مرهفة، وبذائقة تحسن انتقاء مكامن الجمال والروعة،... علي مدن لا يجيد المشاهدة والإصغاء فحسب، بل يرغب في التعبير عن نفسه، عن أفكاره، عن عشقه للسينما... هذا الكتاب جدير بالتأمل»، وهو الأمر الذي يراه القارئ في تناوله وفي عرضه وفي تلك العناوين التي كان يختارها بجدارة وفنية، بالإضافة إلى مساهمات منصورة الجمري بين الحين والآخر في الصحافة المحلية قراءة لبعض الأعمال السينمائية ومغطية لبعض الفعاليات ذات الارتباط.

والسؤال الذي ينبغي أن يطرح على المهتمين بالشأن السينمائي، والحريصين على صناعة السينما في البحرين، كم من الجهد بذل لقراءة تلك التي ترجمها أمين صالح، وكتبها حسن حداد، وعلي مدن، أليس نحن في هذا الوقت العصيب والطموح بحاجة ليس إلى قراءة هذه المادة المهمة، بقدر ما أنتم أيها السينمائيون بحاجة إلى إقامة العديد من الورش واللقاءات والحوارات والمناقشات في بطون هذا النتاج، وفي تفكيك وتحليل تلك الأفلام التي تعرض بين الحين والآخر في نادي السينما أو في دور السينما البحرينية. لا ينبغي أن نقول إنه يتم نقاش بعد كل فيلم، هذا لا يجدي المتخصص في السينما، وإنما الأهم من ذلك الجلسات الورشية والتدريبية في مجالات متعددة بإصراركم أيها المهتمون بعالم الفن السابع، لما تتكشف بعد ذلك قدرة الفنان على التمثيل والأداء، والحوار الكاشف لثقافته الفنية والسينمائية، والرؤية التي ينبغي أن يبني عليها تاريخه الذي ينمو تدريجيًا.

 أخبار الخليج البحرينية في 16 فبراير 2013

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)