جديد الموقع

 
 
 
ملف خاص عن 6 أكتوبر .. السينما والحرب، في «سينماتوغراف»
 
 
   

سامح فتحي

 

سامح فتحى يكتب لـ"سينماتوغراف"

«أطول يوم فى التاريخ».. فيلم مدهش عن معارك الحرب العالمية الثانية

   
 
 
 
 
 

أخرجت السينما العالمية سلسلة من الأفلام الحربية رصدت لها ميزانيات ضخمة مثل "جسر على نهر كوين" 1957، و"مدافع نافرون" 1961، و"أطول يوم فى التاريخ" 1962، و"الهروب الكبير" 1963. وهذه الأعمال تمثل تراث السينما العالمية فى نوعية الأفلام العسكرية المتميزة، خاصة فيلم "مدافع نافرون"، الذى يعد طبقا لبعض المواقع السينمائية العالمية أعظم فيلم مغامرات حربية تم إنتاجه حتى الآن، وكان من بطولة جريجورى بيك، وأنتونى كوين، وديفيد نيفن، وستانلى بيكر، وجيمس دارين. لكن يظل فيلم "أطول يوم فى التاريخ" من أهم تلك الأفلام التى حملت روح الحرب العالمية الثانية، وصورتها تصويرا دقيقا يكاد يجعل الفيلم أقرب للسينما الوثائقية التسجيلية من سينما الدراما، وقدم بعض الوقائع التاريخية كما حدثت تماما مثل حادثة تعلق جندى من جنود المظلات طوال الليل ببرج كنيسة قرية "سان مير لإيجليز" الفرنسية، مما جعل منه فيلما يقترب كثيرا من روح العملية الحقيقية. وقد استند سيناريو الفيلم لكتاب عن تلك الوقائع قام بتأليفه كورنيليوس ريان 1959 وهو أيضا الذى قام بكتابة سيناريو الفيلم، بالإضافة إلى رومان جارى، وجيمس جونز، ديفيد بورسالا، وجاك سيدون، وذلك عن عمليات الإنزال فى نورماندى شمال فرنسا فى السادس من يونيو 1944، خلال الحرب العالمية الثانية. وقدم الفيلم بالأبيض والأسود، وقام ببطولته مجموعة ضخمة من ممثلى السينما العالمية منهم: جون واين، وهنرى فوندا، وروبرت ميتشوم، وشون كونرى، وإدى ألبرت، وريتشارد تود، وريتشارد بيرتون، وبيتر لوفورد، ورود ستيجر، وأدمون أوبراين. والفيلم من إخراج المخرج الأمريكى درايل زانوك، وقد فاز بجائزة الأوسكار لأفضل تصوير سينمائى، وجائزة الأوسكار لأفضل مؤثرات خاصة، ورشح لجوائز الأوسكار لأفضل إخراج فنى، وأفضل مونتاج، وأفضل فيلم. وقد عمد صناع العمل إلى الاستعانة بالعديد من المستشارين العسكريين لدول المحور والحلفاء الذين كانوا مشاركين بالفعل فى تلك الحرب، وكانوا على قيد الحياة فاستطاعوا أن يوجهوا العمل إلى الطريق الفعلى والحوادث الحقيقية التى حدثت، حيث ركز العمل على يوم الإنزال الذى أطلق عليه أطول يوم فى التاريخ، فأظهر الأيام التى كانت قبل هذا اليوم من خلال إظهار وجهة نظر الألمان المتحصنين فى شمال فرنسا مانعين قوات الحلفاء بقيادة أيزنهاور من النزول ووطء الأراضى الأوروبية، والحلفاء الذين يريدون النزول لتحطيم ألمانيا والزحف نحو برلين،. وأعطى الفيلم اهتماما خاصا بقرار القائد الجنرال أيزنهاور بضرورة الإنزال فى ذلك اليوم رغم سوء الأحوال الجوية. وقد تم تصوير الفيلم فى عدة مواقع فرنسية حيث الحوادث الواقعية، وبعض المشاهد كانت فى استوديوهات دى بولون فى بولونى، وتم استخدام مؤثرات بصرية وسمعية ضخمة لإعطاء الجو الحربى، مما جعل الفيلم يصبح أغلى فيلم فى التكلفة بالأبيض والأسود فى وقته. وقد كان من المقرر أن يقوم تشارلتون هيستون بدور فى هذا العمل لكن شارك بدلا منه جون واين، وكان هذا الفيلم آخر ظهور لشون كونرى قبل أن يقوم بأدوار جيمس بوند. وتم عرض الفيلم لأول مرة فى فرنسا فى 25 سبتمبر عام 1962، تليها الولايات المتحدة فى 4 أكتوبر و23 أكتوبر للمملكة المتحدة. وقد أظهر الفيلم أن الألمان لم يكونوا يتوقعون أن الإنزال سيبدأ فى شهر يونيو لسببين الأول: هو أن المنطقة شديدة التجمد وكانوا متوقعين أن الهجوم سيبدأ فى الصيف، والسبب الثانى هو أن جبهة الاتحاد السوفيتى كانت هادئة نسبيا، حيث نصت المعلومات الاستخباراتية الألمانية أن إنزال النورماندى لن يحدث ما لم يقم السوفييت بهجوم مماثل وكبير من جهة الشرق، من أجل الضغط على الجيش الألمانى فى الجبهتين. وكانت خطة الجنرال رومل فى مواجهة الإنزال فى النورماندى هى مواجهة الإنزال عن طريق سرعة تحرك خمس فرق مدرعة، وافترض أن تكون قادرة على الوصول إلى نقطة الإنزال أينما حصلت خلال مدة لا تزيد على ثلاث ساعات من بدء الإنزال لمواجهة العدو وقذفه إلى البحر، لكن وبناء على أوامر هتلر تمركزت هذه الفرق بعيدا عن الشاطئ، وربط أمر تحركها بهتلر مباشرة، مما جعل رومل يردد عبارته الشهيرة عن هتلر: "مع هتلر يكون الحق دائما إلى جانب الذى يقول الكلمة الأخيرة". وقد أجل الحلفاء برنامج العمليات الضخم الذى كان مقررا فى يوم 5 يونيو 1944 لمدة يوم واحد، وذلك بسبب سوء الحالات الجوية، ومع أن التوقعات الجوية فى اليوم التالى أبعد من أن تكون مثالية، إلا أن أى تأجيل آخر قد يتطلب ما لا يقل عن أسبوعين كى تتوفر أفضل الظروف، إلى جانب العواقب المحتملة من تأجيل المهمة مرة أخرى التى قد تؤدى إلى إلغائها فى حالة كشف الألمان لأسرار العملية. لذا أعطى الفيلم أهمية خاصة لقرار الجنرال أيزنهاور بالإنزال مهما كانت العواقب. وقد كانت الدفاعات الألمانية على شواطئ نورماندى قد عهدت إلى القائد الألمانى رومل كما أشرنا الذى قام بإنشاء خط الدفاع الساحلى ولكن هتلر لم يقدم له كل الدعم المطلوب لاستكمال الاستحكامات الدفاعية اللازمة لصد أى هجوم محتمل. وبعد أن اتخذ الجنرال دووايت آيزنهاور القائد العام لقوات الحلفاء قرار الإنزال، وأن يتم الاجتياح كما قدر له فى يوم 6 يونيو من عام 1944، بدأ الأسطول الضخم تحركه فى مياه القنال، وأظهر الفيلم روعة ذلك الإنزال ومدى ما لاقاه الحلفاء من شدة ووعورة من دفاع الألمان. وقد تقدم أكبر حشد عسكرى فى التاريخ إلى الشواطئ الفرنسية، ورغم أن القوات الألمانية لم تكن متهيئة لهذا الإنزال، ولم تدخل فى حالة إنذار، وأصبحت فى وضع لا تحسد عليه، إلا أنها أبدت شراسة غير معهودة فى القتال إلى درجة أن الفيلق الأمريكى السابع ولمدة يوم كامل من القتال المتواصل لم يستطع التقدم أكثر من 1500 متر عن الشاطئ فى منطقة أوماها. وتعد هذه المعركة بداية الزحف نحو أوروبا وتحريرها من القوات الألمانية، وخلال 12 يوما تدفق إلى الشاطئ ما يزيد على 600000 جندى وأكثر من 90000 مركبة استعدادا للهجوم العنيف نحو الداخل. وقد أبرز الفيلم صعوبات العملية، والضحايا من الجنود فى تلك العملية، وجو الدماء والحديد والنار، الذى لاقوه من النيران الكثيفة للقوات الألمانية، وكذلك أوضح أن الكثير من الجنود مات قبل حتى أن تطأ قدماه أرض الشاطئ، حيث وصلت له النيران وهو داخل القوارب. كذلك فإن الفيلم كما يقول المؤرخ الفرنسى "مارك فيرو" كان يسعى لتقديم صورة للجيش الأمريكى مكونة من خليط من الأفراد، لهم أصول مختلفة وأعراق مختلفة وديانات مختلفة مثل الجنود من أصل أيرلندى وإيطالى وبولندى، ومن السود والبيض والصفر، ومن مختلف الديانات بغرض إظهار أن الغرب الديمقراطى الذى يحتوى كل الاختلافات يواجه العنصرية النازية.

 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)