زياد الخزاعي

 
سيرة كتابة
 
 
 

كتابة

 
 

تحية الى مهرجان الجونة السينمائي (1)

 

أفلام عن الوجدان والحلم والرحمة التي لا تُنتزع

بقلم: زياد الخزاعي

 

لم يتسن لي هذا العام، التواجد في مهرجان الجونة السينمائي ودورته الرابعة (23 ـ 31 أكتوبر 2020). إحترازات "كوفيد 19" هي المانع الأكبر. بيد إن مديره الصديق والزميل إنتشال التميمي، وكعادته منذ أيام مهرجان أبو ظبي السينمائي المُلغى، وضعني في قلب إختياراته وفريقه لأشرطة منتقاة بدقة وحرص فنيين، مكلفاً إياي وعلى منوال السنوات الثلاث الماضية، مع ثلّة من خيرة النقاد السينمائيين العرب، في تقييمها وتقديمها الى مشاهدي الجونة عبر نصوص مكثفة ومنصفة، تنشر خصيصا بين دفتيّ كاتالوغ المهرجان.

هذه النصوص أدناه، بالنسبة لي وهاجسي النقدي، ليست عابرة بل هي رؤى أساسية وتسبيقيّة، ستقود بالضرورة الى مقاربات لاحقة أعمق وأبلغ وأكثر تفرساً، لأفلام شهدت عروضها الأولى في مهرجانات دولية، من بينها "كانّ" الفرنسي وفينيسيا الإيطالي وسان سيباستيان الإسباني، غامرت في تنظيم فعالياتها رغم الجائحة، وشاهدتها قلة من المهتمين. قررت تعمَّيمها هنا، نظراً الى إن المهرجان لا يضع مطبوعاته على موقعه الإلكتروني، ونشر فائدتها على قطاعات واسعة من مهتمين بشؤونه، وهم بعيدون جغرافياً، أو أولئك الذين منعتهم تداعيات الفايروس هذا العام من الوفود الى المنتجع المصري. هنا، دفعة أولى من خمسة نصوص، أوردها كتحية الى الجونة ومهرجانها ومؤسسيه وإدارته وفريق برمجته ومتطوعيه.

 
 
 
 

"ليليَ" للإيطالي جيانفرانكو روزي.. الشريط المُبَجَّل

 
 
 

لَّيْل - جيانفرانكو روسي | إيطاليا، فرنسا، ألمانيا | 2020 |

 
 
 

كُلّ مشهد في جديد الإيطالي جيانفرانكو روزي "نوتورنو"(ليليّ)، المعروض ضمن مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة، يستحق التبجيل. في مجموعها قاربت ما خلفته فظاعات الحروب وجرائمها من لوعات مريرة على ضمائر وذكريات بشر عاديين مكلومين، فقدوا أحبة وخلاناً وأبناء. هذا شريط لن يضم معارك أوعراضات قطع رؤوس في بقاع العراق وسورية ولبنان، حيث قضى روزي ثلاث سنوات مُعايشاً ومصوراً، وإنما يرصد تفتيتاً منظماً ومقصوداً لنسيج إجتماعي ضارب في القدم، مدهش في تطامن أعراقه وطوائفه، ينتهي أهله كمهجرين وقاطني مخيمات وعاطلين عن العمل وهائمين أمام حياة شاقة وعيش مهين ورهاب سفك دماء.

يوثَّق روزي أحوال قطاعات واسعة من أناس يمارسون يوميات هامشية ومستعصية ومذلّة، يحيط بهم ليل دائم(ومنه جاء إختيار عنوان الفيلم بالإيطالية)، يشير الى إن الحروب المتسلسلة في هذه المنطقة، أنتجت وضعاً عسيراً على الحل أو إعادة التنظيم أو التأهيل. وكما في عمله السابق "نار في البحر"، يصبح العراء وفضاءاته بجهامتها وحياديتها وفراغها، بطلاً وإستعارة لإحوال مَنْ إصطفاهم، ضمن فيلم يمتاز بتبصُّره ورويته، فهولاء يرحلون فوق تلك الفلاة، من دون أن يملكوا الحق في أن ينتموا لها أو يستثمروا فيها. نرى سيدة ترعى ثمانية أطفال في غرفة واحدة، يقتاتون على ما يصيده الإبن البكر من عصافير عابرة. نقابل مجموعة من مقاتلات "البيشمركة" السوريات، وهن يحرسن أرضاً مفتوحة. نتعرف على قاطني مستشفى للأمراض العقلية يتدربون على إداء عرض مسرحي "مسيس". نستمع مع سيدة إيزيدية الى صوت بناتها المسبيات لدى "داعش"، ولا تمتلك سوى جرحها ودموعها. يراكم "نوتورنو"(ليليّ) فصولاً من قهر يومي، تشحن مشاهدها بالغضب، مثلما إن رونق صورها لن تمنع من الشعور بالسخط  لمآلات مواطنين وجدوا أنفسهم في هوان لم يكن في الحسبان، لولا ألاعيب السياسة ودنسها.

** جيانفرانكو روزي هو مخرج ومصور سينمائي وكاتب سيناريو ومنتج إيطالي. ولد في عام 1964 في إريتريا، وعاش في اسطنبول ولوس أنجيليس وروما. درس في مدرسة السينما بجامعة نيويورك. حازت أفلامه على جوائز في مهرجانات سينمائية عدّة، منها جائزة الأسد الذهب لأفضل فيلم في مهرجان فينيسيا السينمائي عن "سكارو جي أر أي"(2013)، وجائزة الدب الذهب في مهرجان برلين السينمائي عن شريطه "نار في البحر"(2016). من أعماله  الأخرى نذكر، "النوتي"(1993)، "التوابع"(2001)، "تحت مستوى سطح البحر"(2008)، "غرفة السيكاريو164"(2010).

 
 
 
 

"أسمع" للبرتغالية أنا روشا دي سوزا.. عقيدة القسوة

 
 
 

استمع - آنا روشا دي سوسا | المملكة المتحدة، البرتغال | 2020 |

 
 
 

دراما إجتماعية جارحة حول عائلة برتغالية مهاجرة تعيش في ضواحي لندن، تواجه محنة تفكَّك صادم ومصير جماعي مظلم، بسبب تغيير الحكومة البريطانية قوانين رعاية الأطفال، منذ العام 2014. تبدأ الممثلة والمخرجة البرتغالية دي سوزا باكورتها الروائية الطويلة بمشهديات طبيعية تعريفية، تُشير الى إن فتنة الكون وعظمته لن تخفي ظلماً إجتماعياً وإدارياً يخترق، مشهداً بعد أخر، كينونة أسرة فقيرة تقطن في شقة حكومية بائسة، وتهدد مصائر أفرادها بعزلهم عن بعض. ترى دي سوزا، عبر حكاية مريرة تحتاج الى صبر كبير وتعاطف أكبر، إن الرحمة لا تُنتزع، وإن "القدرة على وضع أنفسنا في مكان شخص أخر، يتعرض الى الجور واللا إنصاف، تمهد الطريق الى التغيير، وتترك مساحات إنسانية أرحب لتقييم الأخطاء"، حسب بيانها.

 تشعّ عقيدة سينما المخرج البريطاني كِن لوتش وواقعيته المسيّسة ضد نظام رأسمالي جائر، في فصول نصّ "أسمع"، المعروض ضمن مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، وتقوده نحو مقاربة تفاصيل قانونية معقدة وإلزامية، مثلما تُحرضه على فضح موظفين يطبقون الأوامر بلا مرحمة، وأعوان شرطة يقتحمون الغرف بقساوة قلب. يوميات غليظة ومضنية، مصوّرة بكاميرا ثابتة، ومشاهد داخلية باردة المعالم والألوان، تضيق خناقها حول الزوجين بيلا وغوتا، وتسقط أيّ مناورة منهما للحفاظ على حضانة إطفالهما الثلاثة، من بينهم الصغيرة الصماء لو، التي تتعرض الى سوء تفاهم  مع إدارة مدرسة، تظن إنها ضحية تعنيف منزلي، حين تكتشف معلمتها رضوضاً على ظهرها. مع تدخل مفتشي الخدمات الإجتماعية البريطانية، تصبح المعركة مفتوحة ودؤوبة للأم بيلا داخل نظام قضائي بيروقراطي وجامد وحيادي، لتعلن بمرافعة حازمة وشجاعة أمام القاضي العجوز الصموت، المكلف بمصيرهم جميعا: "أولادي ليسوا للبيع". شريط "أسمع" قد يبدو صغيراً وميلودرامياً رهيفاً، لكنه يشعّ بضمير سينمائي مقدام، يستحق التقدير.

** أنا روشا دي سوزا هي مؤلفة وممثلة مسرحية وصانعة أفلام، ولدت في العاصمة البرتغالية في عام 1978. برزت كمخرجة أفلام بعد مسيرة مهنية ناجحة كممثلة في بلادها. درست الرسم في كلية الفنون الجميلة ـ جامعة لشبونة(2007)، حيث طورت شغفها بالصورة المرئية. حازت مشاريعها الفوتوغرافية على جوائز عدة.

إنتقلت الى لندن في عام 2010، لتلتحق بـ"مدرسة لندن للسينما" لدراسة الإخراج السينمائي التي أكملتها بعد ثلاث سنوات. في عام 2012، أخرجت فيلمها الوثائقي "الغسالة" الذي ترشح الى جائزة أفضل فيلم في المهرجان الدولي لأفلام الطلاب بلندن، وتبعته بشريطها القصير"مينا ألما وأنت"(2013) الذي  شاركت به في "ركن الفيلم القصير" في مهرجان كانّ السينمائي(2013).

 
 
 
 

"عام الغضب" للإسباني رافا روسو.. عبء القهر

 
 
 

عام الغضب - رافا روسو | أوروجواي، إسبانيا | 2020 |

 
 
 

يشير المخرج رافا روسو الى إن نصّه، المعروض ضمن مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، لا يسعى أن يكون فيلماً عن الديكتاتوريات العسكرية، إنما هو قصة حب وصداقات وخيانات خلال عهد توتاليتاري قمعي. إنها حكاية عن كرامة الإنسان، تطرح سؤالاً شائكاً حول الحب وقدرته على أن يكون ملاذاً محتملاً ضد خزي سياسي، يقود أورغواي عام 1972 نحو حقبة دموية. يطغي الخوف على عصب الشريط ونبرته الأخلاقية، ويقربه من دراما ممسرحة محكمة، مركزها صداقة تجمع بين كاتبين شابين بنوازع متضاربة، موهوبين في كتابة نصوص كوميدية تلفزيونية. تعمد إدارة المحطة الى محاصرة هجائهما السياسي في فقراتهما الشعبية. يعي دييجو وليوناردو إن الرقابة أمر محتوم، والخضوع للأوامر قضية وقت. يهتز عالمهما وألفتهما، فيدخل الفيلم في متاهة علاقات ثنائية، موقعها بانسيون تديره سيدة إسبانية مهاجرة، ويقطنه شباب يساريون، تدور بينهم لوعات حب وفورات نضال سياسي. على الضفة الأخرى، يكون الملازم روجاس الوجه المظلم، في صورة ستفيض لاحقا بالدم واللا عدالة. رجل كتوم يهرب من زيجة قاتمة ليتعلق ببائعة هوى، يطرد خلال مواقعاتهما الجنسية شياطينه التي تسود روحه، إثر كل جلسة تعذيب يمارسها ضد معارضين شباب، قبل أن يصبح هدفاً لمحاولة تصفية فاشلة على يد مقاتلي حركة "توباماروس" المعارضة.

يواري الشريط مقاصده الإيديولوجية ضمن حوارات كثيرة وسريعة، لكنه يتخلى عنها لصالح مشهديات وجدانية هادئة، تجمع أحبتها على عهود مودات وولاءات وخطط مشتركة لحيوات أفضل، يختزلها مشهد ختامي يعيد صداقة الشابين عند حافة محيط، ينتظر مغامرتهما الجديدة. لن يترك "عام الغضب"حكايته من دون أن يعمدها بمشهد بطولي تاريخي، لسكان العاصمة مونتفيديو يعلنون مساندتهم لحركة "لا" السياسية المناهضة للطغمة الفاشية، بإسلوب مبتكر، يستأهل مشاركة مشاهديه وجدانياً في فعل سياسي نادر غير وجه البلد اللاتيني نهائياً. 

**رافا روسو هو مؤلف قصص وكاتب أغاني شعبية "تروبادور" وعازف غيتار ذائع الصيت وسيناريست ومخرج إسباني. ولد في مدينة مدريد(1962) لأبوين أرجنتينيين. عزف موسيقاه في النوادي الليلية بنيويورك ولندن التي أقام فيها لمدة تسعة أعوام، وأصدر خلالها أول ألبوماته "غابة حجرية"(1990)، أما أخر مجموعاته فأنتجها تحت عنوان "هذا المكان الغريب"(2019). كتب أول نصوصه السينمائية "الرجل الذي في نعليه مطر"(1997)، وفاز عنه بجائزة أفضل سيناريو في مهرجان مونتريال السينمائي. في العام 2006، أخرج باكورته الروائية الطويلة "حب في حالة الدفاع عن النفس". من أعماله الأخرى نذكر، "المجاملة"(2000)، "لا شيء نخسره"(الفائز بجائزة غويا لإفضل فيلم قصير،2002)، و"أنت وأنا"(2013).

 
 
 
 

"لن أبكي مطلقاً" للبولندي بيوتر دومالايفسكي.. أوزار أوروبا

 
 
 

لا أبكي أبدًا - بيوتر دومالفيسكي | بولندا، أيرلندا | 2020 |

 
 
 

في شريطه الثاني، المعروض ضمن خانة "الإختيار الرسمي ـ خارج المسابقة"، يُحمل البولندي دومالايفسكي أوروبا أوزار عنصريتها وأنانيتها و"عبوديتها" لمواطني أصقاعها المتنقلين من ديار الى أخرى، سعياً وراء مدخول لإبناء وأحفاد، بيد إن هؤلاء من"عمال سخرة"، يواجهون إرتهاناً إجتماعياً وبيروقراطياً، يجعلهم أُضحيات لرأسمالية وحشية، وعزلات تفني أعمارهم، تاركين سؤالاً معلقاً وجارحاً حول مستقبل مَنْ إِتمنوهم يوما ما، على ضمان حياة عفيفة لهم. الصبية أُولا(17 عاماً) القاطنة في بلدة صغيرة، هي أحدى ضحايا هذه الغُربات الشائعة بين عمالة بولندية، "تبيع" قوتها في بلدان غنية بأقل الحقوق. تنتظر الفتاة تحقيق حلم، وعدها به والدها العامل في ميناء دبلن بإيرلندا، وشراء سيارة ألمانية فارهة، علامتها وجاهة، وطرازها مفاخرة. بيد إن تعرضه الى حادثة مميتة، يرغمها على السفر الى أرض غريبة، يصفها عنوان الشريط بالبولندية كـ"أبعد بقعة ممكنة من هنا"، لإعادة جثمانه. تتعرف على عالم مختلف، وتلتقي بأشخاص يغيرون نهجها في الحياة. بعيداًعن التكليف العائلي، تحاول البطلة ـ التي لا تتوقف عن التدخين ـ معرفة ما إذا وفر الراحل مال السيارة الموعودة، ما يقودها الى سلسلة طويلة من صدود وسوء ظنون وتخابث وتآمر ومكر، مكتشفة في نهاية المطاف إن جوهر رحلتها لم يكن "وفاء بوعد" بل التعرف على رجل، بقي لغزاً حتى وهو في وعاء يحفظ رماده!.

تشعّ دراما دومالايفسكي بروح المعلّم البريطاني كِن لوتش وسينماه الإجتماعية الإنتقادية، وهي غامرة بعواطف وتحنُّن وأسى، كما هي مشحونة بغضب مستتر حول حيف عائلي، يحاصر أفراده بالعوز، ويشعل فيهم الغضب، تجاهد البطلة اليافعة(إداء قوي من صوفيا ستافيي) في صدهما وإنقاذ أسرتها، والحفاظ على أنفتها الشخصية التي تتفجر، في وجه مجاملة صديقتها: "ستكونين بخير. لا تبكي"، متعهدة بحسم: "لن أبكي مطلقاً". فهل تفي بوعدها؟.  

**بيوتر دومالايفسكي هو مخرج سينمائي وكاتب سيناريو وممثل. ولد (1983) في مدينة وومشا. حائز على جائزة "مونك إستوديو"، ضمن منصته العالمية والمختصة بدعم صانعي الأفلام الشباب الموهوبين، التي تحمل عنوان "30 دقيقة". نالت أشرطته القصيرة مثل "الغريب"(2013)، و"60 كيلو من اللا شيء"(2017) جوائز في مهرجانات أوروبية وعالمية عدّة. فازت باكورته الروائية الطويلة "ليل صامت"(2017) بالجائزة الكبرى في مهرجان جدينيا السينمائي، وأيضا جوائزه لأفضل فيلم وأفضل مخرج وأفضل سيناريو، كما تم تكريم الفيلم بجائزة "إكتشاف العام" في جوائز الأفلام البولندية. يمارس بيوتر الكتابة المسرحية، وفاز نصه "خمسة أمتار مربعة" بجائزة الجمهور في المسابقة البولندية للكتاب المسرحيين، المعروفة محلياً بإسم "مجازات الواقع".

 
 
 
 

"تيار سائد" للإميركية جيا كوبولا.. ضحايا الزيف الشائع

 
 
 

تيار سائد - جيا كوبولا | الولايات المتحدة الأمريكية | 2020 |

 
 
 

ما "السائد" في حياة البطلة فرانكي؟. إنها العثرات الشخصية. هذه الشابة، كائن وحيد ومجبول على خسارات متوالية، منذ مقتل والدها في حادث سيارة. ما "السائد" حول عالم فرانكي؟. إنه جنون الأنترنت ووسائطه الإجتماعية وأذرعها، حيث الجميع ضحايا غرور عام، وطموح شهرة كاذبة، وزيف شائع، وخضوع مستتر لدعايات منظمة ووحوشها. نقابل فرانكي، كنادلة في حانة تدعى "الزقاق السحري"، حيث يحمل هذا الأسم دلالة سينمائية لوهم يقودها في إتجاه عثرتها الكبرى والنهائية، المتمثلة بلقائها العابر مع الشاب المدعو "لينك"، وهو ترميز لكلمة "توصيلة" الخاصة بالأنترنت والهواتف النقالة. شخص  غريب وغامض لكنه حيوي ومتألق، يرتدي أزياء حيوانات وحشرات سعياً الى تسليع بضاعة بائرة، تصفه البطلة بتساؤل يشبه التمني:"هل هذا فأر، أم أمير ينتظر أن تقبله إحداهن؟". فرانكي التي تعيش في لوس أنجيليس بغرائبياتها وفردوسها الكاذب، هي ساندريلا سائدة بين قريناتها اللواتي يبحثن عن موقع إجتماعي أو عاطفي أو ـ على الأقل ـ تحقيق إنتصار في جذب إهتمام الجنس الأخر، ولكن عبر قنوات سايبيرية بلا روح أو وازع إعتباري. تخلق كوبولا في "تيار سائد"، المعروض ضمن خانة "الإختيار الرسمي ـ خارج المسابقة"، الذي يأتي بعد 7 سنوات من باكورتها الشهيرة "بالو ألتو"، عالماً أثيرياً مفعماً بالسرعة والموسيقى والإستعراض وتداخل المشاهد والصور والأصوات، إضافة الى حشد كبير من التأويلات الحوارية بشأن إبتذالات العالم الرقمي وتجاوزاته الأخلاقية، ومحتواه التدميري والإستحواذي الذي يسوّق دعوات "يسوع ألكتروني"، يستضيف أمام كاميرته طموحين بلا أفق، معمماً خداعه بشأن مقايضة ظالمة: "هاتفك النقال أم سمعتك؟. نصّ كوبولا شديد الطموح ومغرق بتهكميته وتحاملاته. يحتاج الى صبر مشاهدة، وتحفز معلوماتي في ما يتعلق بإسماء مشاهير، تشعّ على الشاشة قبل أن تختفي، أو صنائع الـ"هاشتغات" والـ"أميغوات" ومفرداتها المرئية. 

**جيا كوبولا، كاتبة سيناريو ومخرجة سينمائية أميركية، ولدت في لوس أنجيليس في عام 1987. هي إبنة المنتج السينمائي جيان كارلو كوبولا، وجدها هوالمخرج فرانسيس فورد كوبولا، صاحب فيلم "العراب"(1972). درست التصوير في كلية بارد في نيويورك. بدأت مشوارها السينمائي، بأخراج أفلام قصيرة. في العام 2013، أنجزت باكورتها الروائية "بالو ألتو"، الذي أقتبسته عن مجموعة قصص قصيرة تحمل الإسم نفسه للممثل والكاتب جيمس فرانكو. نال الشريط مديحاً نقدياً معتبراً عند عرضه في خانة "أفاق" في مهرجان البندقية السينمائي الدولي الـ70، ولاحقاً في كل من مهرجاني تورنتو الكندي وتيلورايد الأميركي.

 
 

سينماتك في ـ  30 أكتوبر 2020

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004